الرد على المخصصين للحكم وابطال حججهم
و قالوا : النبيذ ماء بلا شك خالطه غيره ، فاذ هو كذلك فالوضوء به جائز قال أبو محمد : هذا كل ما يمكن أن يشغبوا به ، و لا حجة لهم في شيء منه .و لله الحمد أما الخبر المذكور فلم يصح ، ( 1 ) لان في جميع طرقه من لا يعرف ، أو من لا خير فيه ، و قد تكلمنا عليه كلاما مستقصى ( 2 ) في هذا الكتاب ، ثم لو صح بنقل التواتر لم يكن لهم فيه حجة ، لان ليلة الجن كانت بمكة قبل الهجرة و لم تنزل آية الوضوء الا بالمدينة في سورة النساء و في سورة المائدة ، و لم يأت قط أثر بأن الوضوء كان فرضا بمكة ، فاذ ذلك كذلك فالوضوء بالنبيذ كلا وضوء ، فسقط التعلق به لو صح و أما الذي رووه من فعل الصحابة رضي الله عنهم فهو عليهم لا لهم ، لان الاوزاعي و الحسن بن حى و أبا حنيفة و أصحابه كلهم مخالفون لما روى عن الصحابة في ذلك ، مجيزون للوضوء بماء البحر ، و لا يجيزون الوضوء بالنبيذ ، ما دام يوجد ماء البحر ، وكلهم - حاشا حميدا صاحب الحسن بن حى - لا يجيز الوضوء البتة بالنبيذ ما دام يوجد ماء البحر ، و حميد صاحب الحسن يجيز الوضوء بماء البحر مع وجود النبيذ ، فكلهم مخالف ( 3 ) لما ادعوه من فعل الصحابة رضي الله عنهم في ذلك ، و من الباطل أن يرى المرء حجة على خصمه ما لا يراه حجة عليه و أما الاثر عن على رضى الله عنه فلا حجة في أحد رسول الله صلى الله عليه و سلم و أيضا فان حميدا صاحب الحسن بن حي يخالف الرواية عن على في ذلك ، لانه يرى الوضوء بنبيذ التمر مع وجود الماء ، و هذا خلاف قول على ، و يرى سائر الانبذة لا يحل بها الوضوء أصلا ( 4 ) ، و هذا خلاف الرواية عن على و أما قولهم : إن في النبيذ ماء خالطه غيره ، فهو لازم لهم في لبن مزج بماء ، و في الحبر لانه ماء مع عفص و زاج ، و في الامراق لانها ماء وزيت و خل ، أو ماء1 - في اليمنية ( فلا يصح ) ( 2 ) في اليمنية ( متقصى ) ( 3 ) في المصرية مخالفون 4 - في اليمنية ( و يرى أن سائر الانبذة لا يحل منها الوضوء أصلا )