بيان بعض ما يجب انكاره من أقوال الائمة الذين ادعوا تخصيص هذا الحكم
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات فان الشيطان يبيت على خيشومه ( 1 ) ) حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيي الساجي ( 2 ) ثنا محمد بن زنبور المكي ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ثنا يزيد ابن الهاد أن محمد بن إبراهيم حدثه عن عيسى بن طلحة عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنشق ثلاث مرات ( 3 ) فان الشيطان يبيت على خيشومه ) قال أبو محمد : أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم على الفرض .قال الله تعالى : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم ) و من توضأ بغير أن يفعل ما أمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يفعله فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به ، و من لم يتوضأ كذلك فلا صلاة له ، لا سيما طرد الشيطان عن خيشوم المرء ، فما نعلم مسلما يستسهل الانس بكون الشيطان هناك و قد أوجب المالكيون متابعة الوضوء فرضا لا يتم الوضوء و الصلاة إلا به ، و أوجب الشافعي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرضا لا تتم الصلاة إلا به ، و أوجب أبو حنيفة الاستنشاق و المضمضة في غسل الجنابة فرضا لا يتم الغسل و الصلاة إلا به ، و كل هذا لم يأمر الله تعالى به و لا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فهذا الذي يجب أن ينكر ، لا فعل من أوجب ما أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لم يقل فيما قال له نبيه عليه السلام : افعل كذا1 - في مسلم ( ج 1 ص 48 ) ( على خياشيمه ) ( 2 ) الساجي بالسين المهملة و الجيم نسبة إلى صنع الساج أو بيعه ، و هو نوع من الخشب ، و وقع في المصرية ( أبو يحيى بن زكريا بن يحيى الباجى ) و هو خطأ في الموضعين ، و الساجي هذا له كتاب جليل في علل الحديث ، مات سنة 307 و قد قارب التسعين ، و ترجمته في تذكرة الحفاظ ( ج 2 ص 250 ) و لسان الميزان ( ج 2 ص 288 ) ( 3 ) في اليمنية ( ثلاثا ) و بحذف ( مرات )