رأي أبى حنيفة الوضوء من الرعاف وملء الفم من القلس والرد عليه
و قال بعضهم : هذا مما تعظم به البلوى ، فلو كان لما جهله ابن مسعود و لا غيره من العلماء قال أبو محمد و هذه حماقة ، و قد غاب عن جمهور الصحابة رضى الله عنهم الغسل من الايلاج الذي لا إنزال معه ، و هو مما تكثر به البلوى ، ورأى أبو حنيفة الوضوء من الرعاف و هو مما تكثر به البلوى و لم يعرف ذلك جمهور العلماء ورأى الوضوء من ملء الفم من القلس و لم يره من أقل من ذلك ، و هذا تعظم به البلوى ، و لم يعرف ذلك أحد من ولد آدم قبله ، و مثل هذا لهم كثير جدا ، و مثل هذا من التخليظ لا يعارض به سنن رسول الله صلى الله عليه و سلم الا مخذول .و بالله تعالى التوفيق قال أبو محمد : و الماس على الثوب ليس ماسا ، و لا معنى للذة ، لانه لم يأت بها نص و لا إجماع ، و انما هي دعوى بظن كاذب ، و أما النسيان في هذا فقد قال الله تعالى : ( ليس عليكم جناح فيما أخطاتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم ) ، و هذا قول ابن عباس ، و روينا من طريق وكيع عن خصيف عن عكرمة عنه أنه قال : مس الذكر عمدا ينقض الوضوء و لا ينقضه بالنسيان ( 1 ) 164 مسألة و أكل لحوم الابل نيئة و مطبوخة أو مشوية عمدا و هو يدرى أنه لحم جمل أو ناقة فانه ( 2 ) ينقض الوضوء ، و لا ينقض الوضوء أكل شحومها محضة و لا أكل شيء منها لحمها ، فان كان يقع على بطونها أو رؤوسها أو أرجلها اسم لحم عند العرب نقض أكلها الوضوء و إلا فلا ، و لا ينقض الوضوء كل شيء مسته النار ذلك ، و بهذا يقول أبو موسى الاشعرى و جابر بن سمرة ، و من الفقهاء أبو خيثمة زهير بن حرب و يحيى بن يحيى و أحمد بن حنبل و اسحق بن راهوية1 - هذا الاثر لم أجده في شيء من الروايات الاخرى .و لا أعرف اسناده إلى وكيع ، و أما خصيف بضم الخاء المعجمة و فتح الصاد المهملة فهو ابن عبد الرحمن الجزري ضعفه احمد بن حنبل و غيره ، و هو ثقة الا أنه كان كثير الخطأ في حديثه ، و إذا حدث عنه ثقة فلا بأس بحديثه ( 2 ) في اليمنية بحذف ( فانه )