المسألة لايحل الحكم بالظن أصلا ورد العلامة الامير صاحب سبل السلام على المؤلف اطلاق هذه الجملة
و لا يحل الحكم بالظن أصلا ( 1 ) لقول الله تعالى ( ان يتبعون الا الظن و ان الظن لا يغني من الحق شيئا ) و لقول رسول الله صلى الله عليه و آله ( إياكم و الظن فان الظن أكذب الحديث ) و بالله تعالى التوفيق1 - أقول هذا النفي في انه لا يحل الحكم بالظن مشكل غاية الاشكال و قد آن أن نحقق البحث للناظرين دفعا للاغترار بكلام هذا المحقق رحمه الله فنقول : الظن لفظ مشترك بين معان يطلق على الشك كما صرح أئمة اللغة ففى القاموس : الظن التردد و الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم انتهى فهذان اطلاقان .و يطلق على اليقين كما في قوله تعالى ( الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم و انهم اليه راجعون ) مع قوله في صفة المؤمنين ( و هم بالآخرة هم يوقنون ) لانه لا بد من اليقين في الايمان بالآخرة و يطلق على التهمة كما في قوله تعالى ( و ما هو علي الغيب بظنين ) فيمن قرأه بالظاء المشالة اي بمتهم كما قال أئمة التفسير .و إذا عرفت هذا عرفت ان المذموم من الظن هو ما كان بمعنى الشك و هو التردد بين طرفي الامر ، فطرفاه مستويان لازاجح فيهما ، فهذا يحرم العمل به اتفاقا و هو الذي هو اكذب الحديث ، و هو الذي لا يغني من الحق شيئا ، و هو بعض الاثم الذي أراد تعالى ( ان بعض الظن اثم ) و ذلك لما تقرر في الفطرة و قررته الشريعة ان لا عمل الا براجح يستفاد من علم أو ظن .و اما الظن الذي بمعنى الطرف الراجح فهو متعبد به فطعا بل أكثر الاحكام الشرعية دائرة عليه : و هو البعض الذي ليس فيه اثم ، المفهوم من قوله تعالى ( ان بعض الظن اثم ) فان خبر الآحاد معمول به في الاحكام و هو لا يفيد بنفسه الا الظن .و المصنف ( ابن حزم ) تقدم له ان الجاهل يسال العالم عن الحكم فيما يعرض له فإذا افتاه و قال هذا حكم الله و رسوله عمل به أبدا ، و معلوم ان هذه رواية آحادية من العالم بالمعني و لا تفيد الا الظن و قد أوجب قبولها ، و كذلك امر الله باشهاد ذوى عدل فان شهدا وجب على الحاكم الحكم بما شهدا به ، و شهادتهما لا تفيد الا الظن ، بل كونهما ذوي عدل لا يكون الا بالظن ، بل قال صلى الله عليه و سلم ( انكم تختصمون الي ) إلى قوله ( فانما اقطع له قطعة من نار ) و هذا صريح انه صلى الله عليه و آله حكم بالظن الحاصل عن البينة ، اذ لو كان بالعلم لما كان المحكوم به قطعة من نار ، لانه يجوز ان البينة التي حكم بها باطلة في