ألا ترى أنه إذا عاد لا يمكن أن يجعل كالمنشئ للاحرام الآن لان ما تقدم من الطواف محسوب له و كيف يجعل كالمنشئ الآن و طوافه قبل ذلك محسوب فلهذا لا يسقط عنه الدم و الله أعلم بالصواب باب التلبية ( قال ) و بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول لبيك أللهم لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك اتفق على هذا رواة نسك رسول الله صلى الله عليه و سلم و رضى الله عنهم في نقل تلبيته فان اقتصر عليه فحسن و ان زاد على هذا فحسن أيضا عندنا و بعض أصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى يقولون يباح له الزيادة و أكثرهم على ان ذلك مكروه لحديث سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أنه سمع رجلا يقول في تلبيته لبيك ذي المعارج لبيك فقال مه ما كنا نلبي هكذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و لانه ذكر منظوم فلا يزاد عليه كالاذان و التشهد و حجتنا في ذلك حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في تلبيته لبيك اله الحق لبيك و عن ابن مسعود أنه خرج من مسجد الحيف يلبى فقال قائل لا يلبي هنا فقال ابن مسعود رضى الله عنه أجهل الناس أم طال بهم العهد لبيك عدد التراب لبيك و عن ابن عمر رضى الله عنهما انه كان يقول في تلبيته لبيك مرهوب منك و مرغوب إليك و النعمى و الفضل و الحسن لك لبيك لبيك و تأويل حديث سعد رضي الله عنه ان ذلك الرجل كان ترك التلبية المعروفة و اكتفى بذلك القدر فلهذا أنكر عليه و هكذا نقول إذا ترك التلبية المعروفة كان مكروها فاما إذا أتى بالمعروف ثم زاد كان ذلك حسنا لان المقصود هو الثناء على الله تعالى و إظهار العبودية من نفسه و قد نقل من طريق أهل البيت عليهم السلام تلبية طويلة من ذلك و الجاريات في الفلك على مجاري من سلك ثم الحاج و القارن في قطع التلبية سواء لانه لا يحل من النسكين قبل يوم النحر و قطع التلبية حين يرمى جمرة العقبة و قد بينا وقت قطع التلبية في حق فائت الحج و المحصر و من أفسد حجه و انما يصير محرما بالتلبية إذا نوى الاحرام فأما بدون النية لا يصير محرما و ان لبى كما لا يصير بالتكبير شارعا في الصلاة إذا لم ينو و التهليل و التسبيح بنية الاحرام به بمنزلة التلبية كما عند افتتاح الصلاة و قد بينا الفرق بينه و بين الصلاة لابي يوسف رحمه