كتاب اللقيطة
بسم الله الرحمن الرحيم ( كتاب اللقيطة ) ( قال ) الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى الفضل السرخسي اختلف الناس فيمن وجد لقطة فالمتفلسفة يقولون لا يحل له أن يرفعها لانه أخذ المال بغير اذن صاحبه و ذلك حرام شرعا فكما لا يحل له أن يتناول مال الغير بغير اذن صاحبه لا يحل له إثبات اليد عليه و بعض المتقدمين من أئمة التابعين كان يقول يحل له أن يرفعها و الترك أفضل لان صاحبها انما يطلبها في الموضع الذي سقطت منه فإذا تركها وجدها صاحبها في ذلك الموضع و لانه لا يأمن على نفسه أن يطمع فيها بعد ما يرفعها فكان في رفعها معرضا نفسه للفتنة و المذهب عند علمائنا رحمهم الله و عامة الفقهاء ان رفعها أفضل من تركها لانه لو تركها لم يأمن أن تصل إليها يد خائنة فيكمتها عن مالكها فإذا أخذها هو عرفها حتى يوصلها إلى مالكها و لانه يلتزم الامانة في رفعها لانه يحفظها و يعرفها و التزام أداء الامانة يفرض بمنزلة الثواب لانه يثاب على أداء ما يلتزمه من الامانة فانه يمتثل فيه الامر قال تعالى ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها و امتثال الامر سبب لنيل الثواب ثم ما يجده نوعان ( أحدهما ) ما يعلم ان مالكه لا يطلبه كقشور الرمان و النوى ( و الثاني ) ما يعلم ان مالكه يطلبه فالنوع الاول له أن يأخذه و ينتفع به إلا أن صاحبه إذا وجده في يده بعد ما جمعه كان له أن يأخذه منه لان إلقاء ذلك من صاحبه كان إباحة الانتفاع به للواحد و لم يكن تمليكا من غيره فان المليك من المجهول لا يصح و ملك المبيح لا يزول بالاباحة و لكن للمباح له أن ينتفع به مع بقاء ملك المبيح فإذا وجده في يده فقد وجد عين ملكه قال صلي الله عليه و سلم من وجد عين ماله فهو أحق به و ان وجد ذلك مجتمعا لم يحل له أن ينتفع به لان الظاهر ان المالك ما ألقاه بعد ما جمعه و لكنه سقط منه فكان هذا من النوع الثاني و روى بشر عن أبى يوسف رحمهما الله ان من ألقى شاة ميتة له فجاء آخر و جز صوفها كان له أن ينتفع به و لو وجده صاحب