و ان لم يحتج من بقي منهن كان ذلك ميراثا على فرائض الله تعالى ) و لكن هذا الشرط يجوز عند أبى يوسف رحمه الله في الحياة و الموت لما بينا أنه يتوسع في أمر الوقف فلا يشترط التأبيد و اشتراط العود إلى الورثة عند زوال حاجة الموقوف عليه لا يفوت موجب العقد عنده فأما عند محمد رحمه الله التأبيد شرط للزوم الوقف في الحياة فاشتراط العود إلى الورثة يعدم هذا الشرط فيكون مبطلا للوقف الا أن يجعل ذلك وصية من ثلثه بعد موته فحينئذ يجوز ذلك بمنزلة الوصية المعلوم بسكنى داره بعد موته مدة معلومة فان ذلك جائز من ثلثه و يعود إلى الورثة إذا سقط حق الموصى له فكذلك في حق أمهات الاولاد إذا سماهن و ان كتب انه جعل لهن في حياته و أوصى لهن من بعد وفاته لكل واحد منهن بخدمها و متاعها و حليها و ثيابها و جوهرها و سمي ما جعل لكل واحدة منهن من ذلك و بين قيمته و وزنه و أنه قد جعل لها في حياته و صحته ذلك و دفعه إليها و أوصى لها بعد وفاته فانه تجوز الوصية من الثلث و لا تجوز في الحياة عندهم جميعا و أما عند محمد رحمه الله لا يشكل و عند أبى يوسف رحمه الله لانه يملكهن الاعيان هنا و المملوكة ليست من أهل التمليك فلا يصح التمليك منهن الا باعتبار حريتهن و ذلك بعد وفاته فعرفنا أنه تمليك مضاف الي ما بعد الموت فيكون وصية من الثلث و فيما سبق لا يملك بالوقف احد شيئا و لكن يخرج العين عن ملكه فيجعله موقوفا عليهن لحاجتهن إلى السكنى و ذلك يتم منه في الحال فإذا كان صحيحا حين أخرج الوقف من ملكه تم ذلك معتبرا من جميع ماله و محمد رحمه الله هكذا يقول فيما لا يعود اليه و إلى ورثته بعد ذلك بحال بأن جعل آخر وقفه على جهة لا تنقطع فان كان بحيث يعود اليه و إلى ورثته بعد وفاته لا يتم زواله عن ملكه فانما يبقى تمليكه منهن و ذلك لا يجوز في حياته و انما يجوز بعد وفاته فيكون بمنزلة الوصية بالسكنى تعتبر بالثلث من ماله و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب كتاب الهبة قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الائمة و فخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبى سهل السرخسي رحمه الله تعالى املاء : أعلم بأن الهبة عقد جائز ثبت جوازه بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالى و إذا حبيتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها و المراد بالتحية العطية و قيل المراد بالتحية السلام و الاول أظهر فان قوله أو ردوها يتناول ردها بعينها و انما يتحقق ( 4 ثاني عشر مبسوط )