يسلم النصف الاول حتى وهب النصف الثاني للثاني ثم سلم الدار إليهما جازت الهبة لهما عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله بمنزلة ما لو وهب الدار لهما جملة ( و ان وهب لرجل نصفها ثم قسمها و دفع النصف اليه جاز ) لان المعتبر عند القبض و لا شيوع عند ذلك و الله سبحانه و تعالى أعلم باب العوض في الهبة قال ( و إذا عوض الموهوب له الواهب من هبته عوضا و قبضه الواهب لم يكن للواهب .ان يرجع في هبته و لا للمعوض أن يرجع في عوضه ) و الحاصل ان العوض في الهبة نوعان متعارف و مشروط فبدأ الباب ببيان ما هو متعارف من العوض مشروط و الاصل أن المعوض بمنزلة الواهب حتى يشترط في العوض ما يشترط في ابتداء الهبة فلا يحصل الملك للواهب الا بالقبض بعد القسمة لان المعوض متبرع مختار في هذا التمليك كالواهب و بعد وصول العوض إلى الواهب لا رجوع له في الهبة لقوله صلى الله عليه و سلم ما لم يثب منها و حكم ما بعد الغاية بخلاف ما قبله و لان حق الرجوع له في الهبة كان لخلل في مقصوده و قد انعدم ذلك لوصول العوض اليه فهو كالمشتري يجد بالمبيع عيبا فيزول العيب قبل ان يرده و لا يرجع المعوض في عوضه أيضا لان مقصوده بالتعويض إسقاط حق الواهب في الرجوع و قد نال هذا المقصود و لانه مجازي في التعويض و بقاء جزء الشيء ببقاء أصله فإذا كان الموهوب سالما له فينبغي أن يكون الجزء سالما لصاحبه أيضا .قال ( و ان وهب عبدا لرجلين فعوضه أحدهما من حصته كان له أن يرجع في حصة الآخر ) لانه لم يصل اليه العوض عن حصة الآخر و الجزء معتبر بالكل و الرجوع في النصف شائعا صحيح بخلاف ابتداء الهبة لان الراجع ليس يتملك بالرجوع بل يعيده إلى قديم ملكه و الشيوع من ذلك لا يمنع و بالرجوع في النصف لا تبطل الهبة فيما بقي لانه شيوع طرأ بعد تمام الهبة فلا يكون مؤثرا فيه فان ما يتمم القبض معتبر بأصل العقد و عود الموهوب إلى يد الواهب لا يمنع بقاء الهبة فالشيوع كذلك فان عوضه أحدهما عن نفسه و عن صاحبه لم يكن للواهب أن يرجع في شيء من العبد لانه في نصيب صاحبه أجنبي و التعويض من الاجنبي صحيح و ان كان بغير أمر الموهوب له لانه تصرف في المعوض في ملكه و انما يسقط به حق الواهب في الرجوع و مثل هذا التصرف يصح من الاجنبي كصلح الاجنبي مع صاحب الدين من دينه على مال