( فان قيل ) هذا أن لو ثبت الايداع ( قلنا ) لا حاجة إلى ذلك بقبض مال الغير لنفسه علي وجه التملك موجب للضمان الا أن يثبت تمليك من صاحبه إياه و لم يثبت ذلك و الله سبحانه و تعالى أعلم باب الصدقة قال ( الصدقة بمنزلة الهبة في المشاع و غير المشاع و حاجتها إلى القبض ) و قد بينا اختلاف ابن أبى ليلي فيها الا أنه لا رجوع في الصدقة إذا اتمت لان المقصود بها نيل الثواب و قد حصل و انما الرجوع عند تمكن الخلل فيما هو المقصود و يستوى ان تصدق علي غنى أو فقير في انه لا رجوع له فيها .و من أصحابنا رحمهم الله من يقول الصدقة على الغنى و الهبة سواء انما يقصد به العوض دون الثواب ألا ترى ان في حق الفقير جعل الهبة و الصدقة سواء في ان المقصود الثواب فكذلك في حق الغنى الهبة و الصدقة سواء فيما هو المقصود ثم له أن يرجع في الهبة فكذلك في الصدقة و لكنا نقول ذكره لفظ الصدقة يدل على انه لم يقصد العوض و مراعاة لفظه أولى من مراعاة حال المتملك ثم التصدق على الغنى يكون قربة بستحق بها الثواب فقد يكون غنيا يملك نصابا و لكن عيال كثيرة و الناس يتصدقون على مثل هذا لنيل الثواب ألا ترى ان عند اشتباه الحال يتأدى الواجب من الزكاة بالتصدق عليه و لا رهن و لا رجوع فيه بالاتفاق فكذلك عند العلم بحاله لا يثبت له حق الرجوع عليه .قال ( رجل تصدق على رجل بصدقه و سلمها اليه ثم مات المتصدق عليه و المتصدق وارثه فورثه تلك الصدقة فلا بأس عليه فيها ) بلغنا في الاثر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن رجلا تصدق بصدقة ثم مات المتصدق عليه فورثه النبي صلي الله عليه و سلم من تلك الصدقة و الحديث فيه ما روى ان طلحة رضي الله تعالى عنه تصدق على أمه بحديقة ثم ماتت قال صلي الله عليه و سلم ان الله تعالى قبل منك صدقتك ورد عليك حديقتك و في المشهور ان النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تحل الصدقة لغنى الا بخمسة و ذكر من جملتها رجلا تصدق بصدقة ثم مات المتصدق عليه فورث ثلث الصدقة .قال ( رجل قال في صحته جعلت غلة داري هذه صدقة للمساكين ثم مات أو قال داري هذه صدقة في المساكين ثم مات قال هى ميراث عنه ) لانها صدقة لم تتصل بهذا القبض و لان هذا اللفظ منه بمنزلة النذر سواء التزم الصدقة بعينها أو بغلتها و المنذور لا يزول