كالبيع و غيره .و وجه الاستحسان أن قصده بالهبة من الفقير الثواب دون العوض اذ لو كان قصده العوض لاختار للهبة من يكون أقدر على أداء العوض و لما اختار الفقير مع عجزه عن أداء العوض عرفنا ان مقصوده الثواب و قد نال ذلك .قال ( و كذلك ان أعطى سائلا أو محتاجا علي وجه الحاجة ) فان العطية بمنزلة الهبة و انما قصده بفعله سد خلة المحتاج و ذلك يفعل لا بتغاء مرضاة الله تعالى و نبل ثوابه و هو معنى ما روي عن عمر رضى الله عنه من وهب هبة لصلة رحم أو علي وجه الصدقة لم يكن له أن يرجع فيها .قال ( رجل جعل في داره مسجدا يصلى فيه الناس ثم مات قال هو ميراث لورثته ) لانه لم يميزه عن ملكه فيكون هذه بمعنى صدقة المشاع .ثم الاصل في المساجد المسجد الحرام و هذا ليس في معنى ذلك لان ذلك يدخله من شاء من كل جانب و هذا ملكه محيط بكل جانب منه فلا يتمكن أحد من الدخول فيه بغير اذنه .فان كان أخرجه من داره و عزله و جعله مسجدا و أظهره للناس ثم مات فهو مسجد لا يورث و قد بينا تمام هذا الفصل في كتاب الوقف .قال ( و ان بني على منزله مسجدا و سكن أسفله أو جعله سردابا ثم مات فهو ميراث ) و كذلك ان جعل أسفله مسجدا و فوقه مسكنا لان المسجد ما يحرز أصله عن ملك العباد و انتفاعهم به على قياس المسجد الحرام و ذلك موجود فيما اتخذه حين استثنى العلو او السفل لمنفعة نفسه و عن محمد قال ان جعل السفل مسجدا جاز و ان جعل العلو مسجدا دون الفسل لا يجوز لان المسجد ماله قرار و تأبيد و ذلك في السفل دون العلو و عن الحسن بن زياد رحمه الله أنه إذا دخل العلو مسجدا و السفل مستغلا للمسجد فهذا يجوز استحسانا و عن أبى يوسف أن ذلك كله جائز رجع اليه حين قدم بغداد ورأى ضيق المنازل بأهلها فجوز أن يجعل العلو مسجدا دون السفل و السفل دون العلو و هو مستقيم على أصله و قد بينا أنه يوسع في الوقف فكذلك في المسجد .قال ( رجل وهب لمسكين درهما و سماه هبة و نواه من زكاته أجزأه ) لما بينا ان في حق المسكين لفظة الهبة كلفظة الصدقة و لانه لا معتبر باللفظ في أداء الزكاة انما المعتبر الاعطاء بنية الزكاة ألا ترى أنه لو أعطاه و لم يتكلم بشيء كان ذلك زكاة له فلا يتغير ذلك الحكم بذكر الهبة و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب باب العطية ( و إذا قال الرجل لغيره قد أعمرتك هذه الدار و سلمها اليه فهي هبة صحيحه ) لحديث ابن