يجوز للفقير من أهل البيوتات الذين لم تجر عادتهم بالتكسب أن يأخذ من مال الزكاة
فهم الحاجة إلي الكتاب فالكتاب يحتاج اليه لثلاثة أغراض التعليم و التفرج بالمطالعة و الاستفادة فالتفرج لا يعد حاجة كاقتناء كتب الشعر و التواريخ و نحوهما مما لا ينفع في الآخرة و لا في الدنيا فهذا يباع في الكفارة و زكاة الفطر و يمنع اسم المسكنة ( و أما ) حاجة التعليم فان كان للتكسب كالمؤدب و المدرس بأجرة فهذه آلته فلا تباع في الفطرة كآلة الخياط و إن كان يدرس لقيام فرض الكفاية لم تبع و لا تسلبه اسم المسكنة لانها حاجة مهمة حاجة و أما الاستفادة و التعلم من الكتاب كادخاره كتاب طب ليعالح نفسه به أو كتاب وعظ ليطالعه و يتعظ به فان كان في البلد طبيب واوأعظ فهو مستغن عن الكتاب و إن لم يكن فهو محتاج ثم ربما لا يحتاج الي مطالعته الا بعد مدة قال فينبغي أن يضبط فيقال ما لا يحتاج اليه في السنة فهو مستغن عنه فتقدر حاجة أثاث البيت و ثياب البدن بالسنة فلا يباع ثياب الشتاء في الصيف و لا ثياب الصيف في الشتاء و الكتب بالثياب أشبه و قد يكون له من كتاب نسختان فلا حاجة له إلا إلي أحدهما فان قال احداهما أصح و الاخرى أحسن قلنا اكتف بالاصح و بع الاحسن و إن كانا كتابين من علم واحد أحدهما مبسوط و الآخر وجيز فان كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالمبسوط و إن كان قصده التدريس احتاج إليهما هذا آخر كلام الغزالي و هو حسن الا قوله في كتاب الوعظ انه يكتفى بالواعظ فليس كما قال لانه ليس كل أحد ينتفع بالواعظ كانتفاعه في خلوته و علي حسب ارادته و قال أبو عاصم العبادي في كتابه الزيادات لو كان له كتب علم و هو عالم جاز دفع سهم الفقراء اليه قال و لا تباع كتبه في الدين و الله أعلم ( فرع ) سئل الغزالي عن القوي من أهل البيوتات الذين لم تجر عادتهم بالتكسب بالبدن هل له اخذ الزكاة من سهم الفقراء و المساكين فقال نعم و هذا صحيح جار علي ما سبق ان المعتبر حرفة تليق به و الله أعلم ( المسألة الثانية ) في قدر المصروف الي الفقير و المسكين قال أصحابنا العراقيون و كثيرون من الخراسانيين يعطيان ما يخرجهما من الحاجة إلى الغنى و هو ما تحصل به الكفاية علي الدوام و هذا هو نص للشافعي رحمه الله و استدل له الاصحاب بحديث قبيصة بن المخارق الصحابي رضى الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه و سلم قال " لا تحل المسألة الا لاحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك و رجل أصابته جائحة أجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش و رجل اصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوى الحجى من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش فما سواهن