قال المصنف ولا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء
فرع في مذاهب العلماء في حقيقة القبض
( فرع ) في مذاهب العلماء في حقيقة القبض قد ذكرنا أن مذهبنا أن القبض في العقار و نحوه بالتخلية و فى المنقول بالنقل و فى المتناول باليد التناول و به قال أحمد و قال مالك و أبو حنيفة القبض في جميع الاشياء بالتخلية قياسا على العقار دليلنا حديث زيد بن ثابت الذي ذكره المصنف و المعنى الذي ذكره المصنف ( فان قيل ) فحوزه إلى الرحال ليس بشرط الاجماع ( قلنا ) دل الحديث على أصل النقل و أما التخصيص بالرحال فخرج على الغالب ودل الاجماع أنه ليس بشرط في أصل النقل ( و الجواب ) عن القياس على العقار أنه لا يمكن فيه إلا التخلية و لانها قبض له في العرف بخلاف المنقول و الله سبحانه أعلم و احتج البيهقي للمذهب بحديث ابن عمر قال ( كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم نبتاع الطعام فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه ) رواه مسلم رحمه الله و فى رواية ( كنا نشترى الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ) رواه البخارى و مسلم و فى رواية عنه ( قال رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون في أن يبيعوه مكانهم حتى يؤوه إلي رحالهم ) رواه البخاري و مسلم رحمهما الله تعالى قال المصنف رحمه الله ( و لا يجوز بيع ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء أو السمك في الماء و الجمل الشارد و الفرس العائر و العبد الآبق و المال المغصوب في يد الغاصب لحديث أبى هريرة رضى الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الغرر ) و هذا غرر و لهذا قال ابن مسعود ( لا تشتر و السمك في الماء فانه غرر ) و لان القصد بالبيع تمليك التصرف و ذلك لا يمكن فيما لا يقدر على تسليمه فان باع طيرا فى برج مغلق الباب أو السمك في بركة لا تتصل بنهر نظرت فان قدر على تناوله إذا أراد من تعب جاز بيعه و إن كان في برج عظيم أو بركة عظيمة لا يقدر على أخذه إلا بتعب لم يجز بيعه لانه مقدور عليه في الحال و ان باع العبد الآبق ممن يقدر عليه أو المغصوب من الغاصب أو ممن يقدر على أخذه منه جاز لانه لا غرر في بيعه منه )