( فرع ) و من كانت له بئر فيها ماء فجاء آخر فحفر قريبا منها بئرا فليس له منعه من ذلك ، و إن نقص ماء البئر الاولى أو انسرب الماء إليها لانه تصرف مباح في ملكه ، و يحتمل أن يمنع من ذلك من حفر بئرا في موات إلى جوار بئر مثلها و جعلها أعمق منها بحيث تجتذب ماء الاولى إليها ، لانه ليس له أن يبتدئ ملكه على وجه يضر بالملك قبله ، و هو مذهب أحمد و قول للشافعي رضى الله عنهما ، و القول الاظهر و هو المذهب : له ذلك لانه تصرف مباح في ملكه فجاز له كتعلية داره .و هكذا الخلاف في كل ما يحدثه الجار مما يضر بجاره ، مثل أن يجعل داره مدبغة أو حماما يضر بعقار جاره برائحته أو غيرها ، أو يجعل داره مخبزا في وسط العطارين و نحو ذلك مما يؤذى الجيران فمذهب أحمد : المنع من ذلك ، و مذهب الشافعي : له ذلك كله ، لانه تصرف مباح في ملكه أشبه ببناء و نقضه .و أما إذا ألصق الحائط بالحائط بغير مسافة و لو يسيرة منع من ذلك .أما إذا طرح في أصل حائطه فضلات عفنة تسرى في مسام الارض فتحدث في البناء العطب و التلف منع من ذلك قولا واحدا ، لانه تصرف بأشر ملك غيره بما يضره .أما إذا حفر في أصل حائطه حشا فقولان .أحدهما : لم يمنع من ذلك و الثاني : يمنع لانه يضر بالحاجز الذي بينهما و الله تعالى أعلم .قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فصل ) و ان تحجر رجل مواتا و هو أن يشرع في إحيائه و لم يتمم صار أحق به من غيره لقوله صلى الله عليه و سلم ( من سبق إلى ما لم يسبق اليه فهو أحق به ، و ان نقله إلى غيره صار الثاني أحق به ، لانه آثره صاحب الحق به ، و ان مات انتقل ذلك إلى وارثه ، لانه حق تملك ثبت له فانتقل إلى وارثه كالشفعة ، و ان باعه ففيه وجهان .( أحدهما ) و هو قول أبى إسحاق : أنه يصح لانه صار أحق به فملك بيعه .( و الثاني ) أنه لا يصح ، و هو المذهب ، لانه لم يملكه بعد فلم يملك بيعه كالشفيع قبل الاخذ ، و ان بادر غيره إلى إحيائه نظرت ، فان كان ذلك قبل أن تطول المدة ففيه وجهان .