بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
و دليلنا على أبى حنيفة قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) فكان عموم هذا الامر يوجب الوفاء بكل عقد ما لم يقم دليل بتخصيصه ، و لان كل عقد لزم العاقدين مع سلامة الاحوال لزمهما ما لم يحدث بالعوضين نقص كالبيع ، و لان كل عقد لزم العاقد عند ارتفاع العذر لم يحدث له خيار بحدوث عذر كالزوج ، و لان كل سبب لا يملك المؤجر الفسخ لم يملك المستأجر به الفسخ كالاجرة لا يكون حدوث الزيادة فيها موجبا لفسخ المؤجر كما لم يكن حدوث النقصان فيها موجبا لفسخ المستأجر ، لان نقصانها في حق المستأجر كزيادتها في حق المؤجر و لانه عقد إجارة فلم يجز فسخه بعذر كالمؤجر ، و لان العقود نوعان ، لازمة فلا يجوز فسخها بعذر كالبيع ، و غير لازمة فيجوز فسخها بغير عذر كالقراض .فلما لم يكن عقد الاجارة ملحقا بغير اللازم في جواز فسخه بغير عذر وجب أن يكون ملحقا باللازم في إبطال فسخه بعذر .فأما الجواب عن قياسه على الوكالة فهو أن الوكالة لازمة يجوز فسخها بعذر و غير عذر ، و ليس كذلك الاجارة ، و أما استدلاله بأن للاعذار تأثيرا في عقود الاجارات كالضرس المستأجر على قلعه إذا بري ، فالجواب عنه هو أن من ملك منفعة بعقد إجارة فقد استحقها ، و ليس يجب عليه استيفاؤها ، ألا ترى أن من استأجر سكنى دار فله أن يسكنها ، و لا يجبر على سكناها ، فإن مكن من سكناها فلم يسكن فعليه الاجرة ، هذا أصل مقرر في الاجارة ، و إذا كان كذلك - فإن كان الضرس على حال مرضه و ألمه - فقلعه مباح ، و للمستأجر أن يأخذ الاجير بقلعه إن شاء ، فإن أبى المستأجر أن يقعله من ألمه لم يجبر عليه .و قيل له : قد بذل لك الاجير القلع و أنت ممتنع ، فإذا مضت مدة يمكن فيها قلعه فقد استحق أجرته كما لو مضت مدة السكنى ، و ان بري الضرس في الحال قبل إمكان القلع بطلت الاجارة ، لان قلعه قد حرم ، و عقد الاجارة انما يتناول مباحا لا محظورا ، فصار محل العمل معدوما ، فلذلك بطلت الاجارة كما لو استأجر لخياطة ثوب فلف ، إذ لا فرق بين تعذر العمل بالتلف و بين تعذره بالحظر .