إذا قال أنت طالق أنت طالق أنت طالق كم يقع ؟
في القديم فإنما حكى مذهب مالك .
و وجهه ما روى عن عمر و على و ابن مسعود و زيد بن ثابت أنهم قالوا يقع عليها طلقة واحدة و لا يقع ما بعدها ، و لا مخالف لهم ، و قد استدل القائلون بأنه لا يقع من المتعدد إلا واحدة بما وقع في حديث ابن عباس عن ركانة " أنه طلق إمرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا ، فسأله النبي صلى الله عليه و سلم كيف طلقتها ؟ فقال ثلاثا في مجلس واحد فقال له صلى الله عليه و سلم : إنما تلك واحدة فارتجعها " أخرجه احمد و أبو يعلى و صححه .
و قد أجيب عن ذلك بأجوبة ، منها أن في إسناده محمد بن إسحاق .
ورد بأنهم قد احتجوا في واحد من الاحكام بمثل هذا الاسناد .
و منها معارضته لفتوى ابن عباس ، ورد بأن المعتبر روايته لا رأيه .
و منها أن أبا داود رجع أن ركانة إنما طلق إمرأته البتة و يمكن أن يكون من روى ثلاثا حمل البتة على معنى الثلاث ، و فيه مخالفة للظاهر و استدلوا بحديث ابن عباس " أن الطلاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله إلى آخر الحديث الذي سبق إيراده .
و قد اختلف الناس في تأويله فذهب بعض التابعين إلى ظاهره في حق من لم يدخل بها كما دلت عليه رواية ابى داود ، و تأوله بعضهم على صورة تكرير لفظ الطلاق ، بأن يقول : أنت طالق أنت طالق أنت طالق ، فإنه يلزمه واحدة إذا قصدت التوكيد ، و ثلاث إذا قصد تكرير الايقاع فكان الناس في عهد النبي صلى الله عليه و سلم و أبى بكر على صدقهم و سلامتهم و قصدهم في الغالب الفضيلة و الاختيار و لم يظهر فيهم خب و لا خداع فكانوا يصدقون في إرادة التوكيد .
و القائلون بالفرق بين المدخولة و غيرها أعظم حجة لهم حديث ابن عباس الذي لفظه عند أبى داود " أما علمت أن الرجل كان إذا طلق إمرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة " الحديث .
و وجهوا ذلك بأن المدخول بها تبين إذا قال لها زوجها أنت طالق ، فإذا قال ثلاثا لغا العدد لوقوعه بعد البينونة .
و يجاب بأن التقييد بقبل الدخول لا ينافى صدق الرواية الاخرى الصحيحة على المطلقة بعد الدخول ، و غاية ما في هذه الرواية أنه وقع فيها التنصيص على بعض أفراد مدلول الرواية الصحيحة المذكورة في الباب ، و ذلك لا يوجب الاختصاص