و انما سقط القصاص في أحد القولين ، و مذهب كمذهبنا في كل ما مضى من أوجه و أقوال و تأويلات .و الله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فصل ) و ان ولوا فيما استولوا عليه قاضيا نظرت ، فإن كان ممن يستبيح دماء أهل العدل و أموالهم لم ينفذ حكمه لان من شرط القضاء العدالة و الاجتهاد ، و هذا ليس بعدل و لا مجتهد ، و ان كان ممن لا يستبيح دماءهم و لا أموالهم نفذ من حكمه ما ينفذ من حكم قاضى أهل العدل ، ورد من حكمه ما يرد من حكم قاضى أهل العدل ، لان لهم تأويلا يسوغ فيه الاجتهاد ، فلم ينقض من حكمه ما يسوغ فيه الاجتهاد .و إن كتب قاضيهم إلى قاضى أهل العدل استحب أن لا يقبل كتابه استهانة بهم و كسرا لقلوبهم ، فإن قبله جاز ، لانه ينفذ حكه فجاز الحكم بكتابه كقاضي أهل العدل .( فصل ) و ان استولوا على بلد و أقاموا الحدود و أخذوا الزكاة و الخراج و الجزية اعتد به ، لان عليا كرم الله وجهه قاتل أهل البصرة و لم يلغ ما فعلوه و أخذوه ، و لان ما فعلوه و أخذوه بتأويل سائغ فوجب إمضاؤه كالحاكم إذا حكم بما يسوغ فيه الاجتهاد ، فإن عاد البلد إلى أهل العدل فادعى من عليه الزكاة أنه دفعها إلى أهل البغى قبل قوله ، و هل يحلف عليه مستحبا أو واجبا ؟ فيه وجهان ذكرناهما في الزكاة .و إن ادعى من عليه الجزية أنه دفعها إليهم لم يقبل قوله ، لانها عوض فلم يقبل قوله في الدفع كالمستأجر إذا ادعى دفع الاجرة ، و ان ادعى من عليه الخراج أنه دفعه إليهم ففيه وجهان ، أحدهما يقبل قوله ، لانه مسلم فقبل قوله في الدفع كما قلنا فيمن عليه الزكاة ، و الثاني لا يقبل لان الخراج ثمن أو أجرة فلم يقبل قوله في الدفع كالثمن في البيع و الاجرة في الاجارة ( الشرح ) قال الشافعي رضى الله عنه في الام في الامان ( و قال بعض الناس : لا ينبغى لقاضي أهل البغى أن يحكم في الدماء و الحدود و حقوق الناس