وجه لا يحتاج ثانيا إلى استعمال المستعمل بان يبلل يده و يمسح بها سائر جسده على وجه يحصل به اقل مسمى الغسل المعتبر عنه بالاذهان و عليه ينزل صدر الرواية لا المسح الحقيقي حتى يخالف النصوص و الفتاوى و لا شبهه في ان الماء الذي يصرف في الغسل بهذه الكيفية اقل مما يصرف فيه بالكيفية المذكورة في الرواية فليس المراد من عدم الكفاية لا بحسب المتعارف لا الضرورة التي تبيح المحظور هذا مع انه لم ينقل التفصيل في المسألة الا عن ظاهر الصدوق و الشيخ عند تعرضه للجمع بين الاخبار بل عن بعض المستدلين بالصحيحة دعوى عدم القول بالفصل و مما يؤيد القول بالجواز ما عن الغوالي عن ابن عباس قال اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه و آله في جفنة فاراد رسول الله صلى الله عليه و اله ان يتوضأ منها فقالت يا رسول الله انى كنت جنبا فقال ( ع ) ان الماء لا يجنب و عن الامالي عن ميمونة قالت اجتنبت فاغتسلت من جفنة و فضلت فيها فضلة فجاء رسول الله فاغتسل منها قلت يا رسول الله صلى الله عليه و آله انها فضلة منى أو قالت اغتسلت فقال صلى الله عليه و آله ليس للماء جنابة و هذه الرواية و ان كان موردها الفضلة بحسب الظاهر لكن التعليل لو لم نقل بالدلالة فلا اقل من اشعاره بان الماء لا يتأثر من مباشرة الجنب و قد استدل للجواز ايضا بالاخبار الكثيرة التي لا يخلو دلالتها عن نظر و كيف كان فقد اتضح لك ان الجواز هو الاقوى ( و ) لكن الاحوط المنع من استعماله عند التمكن من غيره و اما عند الانحصار فمقتضى الاحتياط الجمع بينه و بين التيمم و الله العالم ( تنبيه ) لا ينبغى الاشكال على القول بالمنع في القطرات المنتضحة من بدن المغتسل أو الارض في الانآء بل في كل سير من الماء المستعمل الممتزج بما يضمحل فيه بحيث لا يصدق عليه الماء المستعمل عرفا و ليس العبرة هنا بالاستهلاك المرادف للاستحالة حتى يدعى استحالته في المتجانسين بل المدار على ذهاب الاسم الموجب لعدم شمول ادلة المانعين له و يدل على نفى البأس عما يستهلك مضافا إلى الاصل و إطلاقات الادلة الصحاح المستفيضة ( منها ) صحيحة الفضيل قال سئل أبو عبد الله ( ع ) عن الرجل يغتسل فينتضح من الارض في الانآء قال ( ع ) لا بأس هذا مما قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج و صحيحة شهاب بن عبد ربه عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال في الجنب يغتسل فيقطر عن جسده في الانآء و ينتضح الماء في الارض فيصير في الانآء انه لا بأس بهذا كله ( و ) صحيحة عمرو بن يزيد قلت لابى عبد الله ( ع ) اغتسل في مغتسل يبال فيه و يغتسل من الجنابة فيقع في الانآء ما ينزو من الارض فقال لا بأس به ( و ) في ما رواه سماعة عن ابى عبد الله عليه السلام في كيفية الغسل بعد ان امره بغسل كفيه و فرجه و غيرهما من التفاصيل قال ( ع ) فما انتضح من مائه في إنائه بعد ما صنع ما وصفت لك فلا بأس و قد استدل المجوزون بهذه الاخبار ايضا لمذهبهم و فيه ان المانعين بحسب الظاهر يلتزمون بمفادها فلا تكون حجة عليهم ( و ) لكن الانصاف انها من المؤيدات القوية لهذا القول خصوصا الاخيرة منها فانها تصلح قرينة لتعيين ما أريد من الاخبار التي استدل بها المانعون و الله العالم الطرف الثالث في الاسئار بالهمزة بعد السين جمع سور و هو لغه الفضلة و البقية كما عن القاموس و عن الجوهرى البقية بعد الشرب و في المجمع عن المغرب و غيره هو بقية الماء التي يبقيها الشارب في الانآء أو الحوض ثم استعير لبقية الطعام ( و فيه ) ايضا و قد يقال في تعريفه السؤر ما باشره جسم حيوان و بمعناه رواية و لعله اصطلاح و عليه حملت الاسئار كسؤر اليهودي و النصراني و غيرهما انتهى و قيل انه في عرف الفقهاء ماء قليل لاقى جسم حيوان و لعله أراد بيان مرادهم من لفظ السؤر الواقع في باب المياه قال شيخنا المرتضى ] ره [ و الاولى ابقاء السؤر حتى في هذا المقام على معناه العرفي و اشراك غيره معه في الحكم الثابت له شرعا و ظاهرهم اعتبار العلة في الماء و الذى يستفاد من الاخبار إطلاقه على الكثير مثل قوله ( ع ) و لا يشرب سؤر الكلب الا ان يكون حوضا كبيرا استسقى منه و هو ايضا ظاهر التذكرة و المحكي عن الهداية ( انتهى ) قول دعوى انصراف ما يدل على كراهة استعمال بعض الاسئار عن الكثير الجارى بعيدة و مما يدل على ان السؤر في الاخبار يطلق على الاعم من تعبية الشراب ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام في سؤر الهرة ان الهر سبع و لا بأس بسؤره وانى لا ستحى من ربي ان ادع طعاما لان الهر أكل منه ( و عن ) النبي صلى الله عليه و آله في حديث المناهي انه صلى الله عليه و آله نهى عن أكل سؤر الفأرة و الظاهر من بعض الاخبار عدم اختصاصه بمباشرة الفم كموثقة العيص عن الصادق ( ع ) عن سؤر الحايض قال توضأ منه و توضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة و تغسل يديها قبل ان تدخلهما الانآء ( و هي ) اى الاسئار الحيوانات كلها طاهرة عدا سؤر ما كان نجس العين اى الكلب و الخنزير و الكافر اما طهارة سؤر ما عدا المذكورات فهي التي يقتضيها القواعد الشرعية من دون فرق بين كونه مما يؤكل لحمه أولا يؤكل و يدل عليها مضافا إلى الاصول المعتبرة جملة من الاخبار الاتية التي يفهم منها طهارة سؤر كل ما كان ظاهر الجسد و اما نجاسة سؤر الكب و أخويه فلانها من اثار نجاستها شرعا كما ورد التعليل بها في سؤر الكلب في بعض الاخبار الاتية ( و في ) نجاسة سؤر المسوخ تردد منشأه التردد في نجاستها و لكنك ستعرف ] انش [ في مبحث النجاسات ان الطهارة أظهر و من عدا الخوارج و الغلات من أصناف المسلمين إذا لم ينكر شيئا من ضروريات الدين طاهر الجسد و السؤر و سيأتي في محله انشأ الله و عن المبسوط و السرائر و المهذب إنكار
(71)
كراهة سؤر الجلال وما اكل الجيف
الملازمة بين طهارة الحيوان و جواز استعمال سوره حيث منعوا استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان الحضر الادمي و الطيور الا ما لا يمكن التحرز عنه كالهرة و الفارة و الحية بل عن الحلى التصريح بنجاسته و مستند هم في المنع مفهوم رواية عمار بن موسى عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئل عما تشرب فيه الحمامة فقال ( ع ) كل ما أكل لحمه يتوضأ من سؤره و يشرب ( و يؤيده ) مفهوم صحيحة ابن سنان لا بأس ان تتوضأ مما شرب منه ما يؤكل لحمه فان البأس و ان كان اعم من الحرمة الا انها أظهر الافراد فتسبق إلى الذهن ( و فيه ) أولا منع دلالتهما على المفهوم اعنى الانتفاء عند الانتفاء و لذا لم يفهم السائل من كلامه ( ع ) حكم كل ما لا يؤكل لحمه فسئله بعد ذلك عن ماء شرب منه بازا و صقر أو عقاب فأجابه بقوله كل شيء من الطير يتوضأ من سؤره ] الخ [ فلو كان لجوابه الاول مفهوم عام لكن بين الجوابين معارضة مع ان الناظر إليهما لا يلتفت إلى المعارضة أصلا فهذا دليل على انه ليس شيء من الجوابين مسوقا لبيان الانتفاء عند الانتفاء نعم يفهم من تقييد الموضوع في مقام إعطاء القاعدة ان جواز التوضى و انتفاء الباس في افراد المأكول مطرد لان هذا هو النكتة الظاهرة التي تنسبق إلى الذهن في مثل المقام و اما ظهورهما في كون علة نفى البأس هى كونه مأكول اللحم لا كما عليه يبتنى استفادة المفهوم فلا ( و ثانيا ) انه لا يمكن الاخذ بعموم المفهوم للزوم تخصيصه بالنسبة إلى الطيور و الوحوش و السباع و حشرات الارض كالفارة و العقرب و الحية و نحوها لوقوع التصريح بنفي البأس عن هذه الامور في الجملة في الاخبار الخاصة و لذا التزم المانعون باستثنائها و من المعلوم انه بعد إخراج هذه الامور لا يبقى تحت العام الا اقل قليل و لا يمكن ارتكاب هذا النحو من التصرف في المفاهيم التي هى من الادلة اللبية فيتعين حمل الروايتين على إرادة الكراهة كما يؤيدها مرسلة الوشا عن ابى عبد الله ( ع ) انه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه ( و ) ثالثا انه يعارضهما صحيحة الفضل قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الابل و الخيل و البغال و الوحش و السباع فلم اترك شيئا الا سئلت عنه فقال لا بأس به حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضاء بفضله فاصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء فان هذه الرواية كالصريح في ان علة ثبوت البأس في الكلب نجاسته لا كونه مأكول و ان ما عداه مما ليس بنجس فلا بأس بسؤره و نظيرها ما رواه معوية بن شريح قال سئل عذافر ابا عبد الله ( ع ) و انا عنده عن سؤرالسنور و الشاة و البقرة و البعير و الحمار و الفرس و البغل و السباع يشرب منه أو يتوضأ منه فقال نعم اشرب منه و توضأ منه قال قلت له الكلب قال لا قلت أ ليس هو سبع قال لا و الله انه نجس لا و الله انه نجس فانه يفهم من هذه الرواية ايضا ان علة نجاسة سؤر الكلب نجاسته لا كونه سبعا أو مأكول اللحم و كيف كان فلا ينبغى الارتياب في انه لا يجب التجنب عن سؤر ما ليس بنجس مطلقا نعم يكره سؤر كل ما لا يؤكل لحمه ] مط [ طيرا كان أو غيره للمرسلة المتقدمة المعتضدة بمفهوم الروايتين المتقدمتين لكن لا يبعد دعوى انصرافها إلى ما لا يحل أكله ذاتا لا بالعرض الا ان التعميم أوفق بظاهر اللفظ و أنسب بالمسامحة في ادلة السنن ( و ) لعله لذا افتى المصنف و غيره بانه يكره سور الجلال من كل حيوان و هو المتغذي بعذرة الانسان إلى حد يحرم أكله على الوجه المذكور في باب الاطعمة و الاشربة و عن السيد و الشيخ و ابن الجنيد النجاسة و استدل لهم بعدم خلو لعابه عن النجاسة و بان لعابه ينشأ منها و أورد بالنقض ببصاق شارب الخمر وحله انه لا حكم للنجاسة بعد استهلاكها أو استحالتها و كذا سؤر ما أكل الجيف ان لم يكن مأكول اللحم كما هو الغالب و الا يشكل الحكم بكراهة سؤره اذ الظاهر ان أكل الجيفة لا يوجب حرمة اللحم حتى يستفاد كراهة سؤره من المرسلة و لعل وجه قولهم بكراهته على الاطلاق هو الخروج من شبهة الخلاف لحكاية المنع عن بعض و كيف كان فانما يكره السؤر اذا خلا موضع الملاقاة من عين النجاسة و الا ينجس السؤر و يجب التجنب عنه بلا اشكال اذ لا دليل على اختصاص حكم النجاسات بما عدا هذا الفرد و يدل عليه بالخصوص رواية عمار المتقدمة عن ابى عبد الله ( ع ) حين سئله عن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال ( ع ) كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رايت في منقاره دما فلا تتوضاء منه و لا تشرب ( و عنه ) ايضا انه سئل ابا عبد الله عليه السلام عن ماء شربت منه الدجاجة قال ان كان في منقارها قذر لم يتوضأ و لم يشرب و ان لم تعلم ان في منقارها قذرا توضأ منه و اشرب و ظاهر هاتين الروايتين بل صريحهما على ما يقتضيه القرائن الداخلية و الخارجية دوران المنع مدار وجود عين القذر في منقارها فلو لم يكن في منقارها قذر فلا بأس بسؤرها مطلقا سواء علم ملاقاته للقذر في السابق ام لم يعلم و سواء علم زواله بمطهر شرعي ام لم يعلم بل و ان علم عدمه كما هو ظاهر المشهور بل الظاهر عدم الخلاف فيه نعم عن النهاية اعتبار احتمال حصول الطهارة بوروده على كثير مطلق أو ورود المطر او القليل عليه و لكنه في غاية الضعف اذ لو لا طهارة بدن الحيوان بزوال عين النجس عنه لما افاد احتمال التطهير الحكم بطهارته لمخالفته للقاعدة المغروسة في اذهان أهل العرف التي أمضاها الشارع في ضمن اخبار كادت تكون متواترة من ان اليقين لا ينقضه الاحتمال و رفع اليد عن هذه القاعدة للاجماع و السيرة و غيرهما من الادلة الخاصة ليس بأولى من الالتزام باختصاص قاعدة كل نجس منجس بغير هذا الفرد أو الالتزام بان زوال العين مطهر شرعي تعبدا بل الالتزام بأحد هذين الامرين أولى بل هو المتعين بالنظر
(72)
كراهة سؤر البغال والحمير والفارة
كراهة سؤر الحائض والمتهمة بالنجاسة
إلى ما يقتضيه اخبار الباب مضافا إلى إعتضاده بالشهرة بل الاجماع فانهم صرحوا كما عن المبسوط و السرائر و التذكرة و غيره بانه لو أكلت الهرة فارة ثم شربت من ماء قليل لم ينجس غابت الهرة ام لم تغب و مما يحقق الشهرة بل يظهر منه الاتفاق ان الاصحاب بين مفت بكراهة سؤر الجلال و اكل الجيف و مانع منه و لم يستند المانع في منعه الا إلى وجود اجزاء النجاسة في لعابه أو بالحاق سؤر بعرقه ببعض الاعتبارات و كيف كان فاتفق المانعون و المجوزون على ان ملاقاة فمه للنجاسة مع العلم العادي غالبا بعدم ملاقاة المطهر الشرعي بعد أكل العذرة و الجيفة لا تؤثر في الحكم بالتنجيس و كيف لا و لا يظن بأحد ان يلتزم بنجاسة ما يقع فيه الفأرة و تخرج حية مع ان العادة قاضية بانه لا يمر عليها ساعة الا و يلاقى بدنها شيئا من النجاسات فهل تستنجى بعد البول أو تسبح في الشطوط و الانهار حتى يتحقق احتمال المطهر الشرعي بالنسبة إليها و قد نفى البأس في واحد من الاخبار عن سؤرها و عما تقع فيه و تخرج حية ففى رواية هرون بن حمزة الغنوي عن ابى عبد الله ( ع ) قال سئلته عن الفأرة و العقرب و أشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء و يتوضأ به قال يسكب منه ثلاث مرات و قليله و كثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه و يتوضأ الوزغ فانه لا ينتفع بما يقع فيه و عن على بن جعفر عن اخيه موسى ( ع ) في حديث قال و سئلته عن فارة وقعت في حب دهن قبل ان تموت أ يبيعه من مسلم قال نعم و يدهن و حكى عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع عليه مستكشفا ذلك من ان الاصحاب حكموا بطهارة سؤر الهرة على الاطلاق و دعوى ورودها في مقام بيان حكم سؤر الهرة من حيث الطهارة و النجاسة مع غلبة ملاقاتها للنجاسة بل كونها محكومة بالنجاسة دائما و لو بحكم الاستصحاب مسموعة خصوصا مع عدم تنبيهم عليها في كتبهم و بهذا ظهر لك الوجه في استدلالهم لاثبات المطلوب بالاخبار النافية للبأس عن سؤر الهرة و غيرهما مما يباشر النجاسات غالبا و احتمال كونها مسوقة لبيان طهارته الذاتية مما لا ينبغى ان يلتفت اليه بعد ندرة انفكاك هذه الجهة عن الجهة العارضية تقتضيه لنجاسته مضافا إلى اباء أكثر الاخبار عن مثل هذا الحمل حيث انها كالصريح في كونها مسوقة لبيان الحكم الفعلى كروايتى عمار المتقدمتين قال الاستثناء دليل على ان المراد نفى البأس عن سؤر الطير و الدجاجه ] مط [ لامن حيث ذاتهما كمالا يخفى و مما يدل على طهارة بدن الحيوان بزوال عين النجاسة مضافا إلى الاخبار الكثيرة التي يمكن استفادتها منها ما استقر عليه سيرة المتشرعة من عدم تحرزهم عن الحيوانات التي يعلم بنجاستها عند تولدها بدم الولادة و لا عن سؤر الهرة و أشباهها مع علمهم غالبا بمباشرتها للنجس و لو في بعض الازمنة و اطمينانهم بعدم ملاقاتها للمطهر الشرعي بل لو غسل واحد منهم فم الهرة التي أكلت الفأرة أو شربت ماء نجسا مع علمه عادة بانها تأكل من طعامه و شرابه يعد عندهم من المجانين و كيف كان فالحكم من الوضوح بمكان لا يحوم حوله الارتياب و انما الاشكال في انه هل يتنجس بدن الحيوان عند تلوثه بالنجاسة فيطهر بزوال العين أو انه لا ينفعل أصلا كالبواطن التي لا تتاثر بما فيها من النجاسات و سيتضح لك تحقيقه ] انش [ في محله و لا يترتب على تنقيحه فائدة مهمة الا في صورة الشك في بقاء العين فانه لا يجوز الحكم بنجاسة ملاقيه على الثاني فانها من اثار ملاقاة النجس و هي مشكوكة في الفرض و استصحاب بقاء النجس لا يجدى في الحكم بنجاسة الملاقى الا على القول باعتبار الاصول المشتبه و لا نقول بقه و اما على الاول فيستصحب نجاسة الحيوان ويحكم بتنجيس ملاقيه لكونه من اثارها و ملخص الفرق بينهما ان الشك في الاول مسبب عن الشك في بقاء موضوع المستصحب و قد تقرر في محله ان إحراز الموضوع من مقومات الاستصحاب و اما على الثاني فالموضوع انما هو نفس الحيوان الذي علم نجاسته سابقا و شك في ارتفاعها في الزمان اللاحق و الشك انما نشأ من الشك في زوال العين الذي هو مطهر شرعي على الفرض فيجب الحكم ببقاء نجاسته إلى ان يعلم بتحقق المزيل و لكنه يمكن ان يقال انه يظهر من رواية عمار اناطة الحكم بالعلم بوجود القذر في منقارها بالفعل حيث قال و ان لم تعلم ان في منقارها قذرا توضأ منه فعلى هذا ينتفى هذه الثمرة ايضا ] فليتأمل [ و يكره سؤر الحايض مطلقا كما عن الشيخ في المبسوط و علم الهدى في المصباح أو التي لا تؤمن على المحافظة عن مباشرة النجاسات كما في المتن و غيره و ربما قيدها بعضهم بل أكثرهم بالمتهمة و اعترض عليهم بخلو الاخبار عن التقييد بالمتهمة و هي اخص من المتهمة ؟ التي وقع التقييد بها في اخبار الباب لان من لا يعرف حالها مأمونة و هي متهمة و الانصاف ان المتبادر إلى الذهن من المأمونة في قبل المقام هى المتهمة فلا يبعد ان يكون مقصود الجميع من التقييد التحرز عن سؤر المرأة التي لا تبالي بدينها من حيث التحرز عن النجاسات و اما مجهولة الحال فالظاهر عدم ملحوظيتها لديهم حين الاطلاق لندرة الابتلاء بمساورة من لا يعرف حالها و لو اجمالا كمعرفته على سبيل الاجمال بان أهل البوادى نوعا لا يهتمون بالتحرز عن النجاسات و الظاهر كفاية هذا المقدار من الاتهام في كراهة السؤر و كذا كفاية وثوقه اجمالا بان أهل البلاد يتحرزون نوعا عن مثل دم الحيض و غيره من النجاسات العينية في نفى الكراهة ما لم يظن في خصوص الشخص خلافه و لكن التقييد بغير المأمونة أنسب بظواهر النصوص و أسلم من المناقشة بل الاوفق بالظواهر ان يقال و يكره سؤر الحائض الا إذا كانت مأمونة و كيف كان فمستند القول بكراهة سؤرها على الاطلاق
(73)
بحسب الظاهر إطلاقات الاخبار المعتبرة المستفيضة الناهية عن الوضوء من سؤر الحائض مثل صحيحه العيص قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن سؤر الحائض قال لا توضأ منه و توضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ثم تغسل يديها قبل ان تدخلهما الانآء و قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله يغتسل هو و عايشة في إناء واحد و يغتسلان جميعا و رواية عنبسه عن ابى عبد الله ( ع ) اشرب من سؤر الحائض و لا تتوضأ منه و رواية ابى بصير هل يتوضاء من فضل وضوء الحائض قال لا و في رواية ابى هلال المرأة الطامث اشرب من فضل شربها و لا احب ان اتوضأ منه و رواية ابن ابى يعفور قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) أ يتوضاء الرجل من فضل المرأة قال إذا كانت تعرف الوضوء و لا تتوضأ من سؤر الحائض و مستند القول باختصاص كراهة السؤر بالمتهمة أو المأمونة الاخبار المستفيضة النافية للبأس عن الوضوء من سؤر الحائض إذا كانت مأمونة فيتقيد بها الاخبار المطلقة منها صحيحة العيص المتقدمة على ما رواها في التهذيب و الاستبصار باسقاط لفظة لا من أولها فيكون قوله ( ع ) إذا كانت مأمونة قيدا للجنب و الحائض و منها صحيحة رفاعه عن ابى عبد الله ( ع ) قال ان سؤر الحائض لا بأس به ان تتوضأ منه إذا كانت تغسل يديها و صحيحة على بن يقطين عن الرجل يتوضأ بفضل الحائض قال إذا كانت مأمونة فلا بأس و هذه الاخبار و ان أمكن الجمع بينها بحمل المقيدات على الكراهة الشديدة و إبقاء المطلقات على اطلاقها الا ان دلالة الاخبار المقيدة على إرادة نفى البأس على الاطلاق أظهر من الادلة المطلقة على ثبوت البأس بالنسبة إلى المأمونة لكون البأس المنفي نكرة في سياق النفي التي يدعى دلالتها على العموم بالوضع مضافا إلى المناسبة الظاهرة بين نفى البأس و كونها مأمونة و استبعاد كون الحكم تعبديا محضا حتى يكون المراد من المطلقات اطلاقها بل لا يبعد دعوى انصرافها في حد ذاتها إلى المأمونة للمناسبة الظاهرة بين ثبوت البأس و كونها مأمونة فالجمع بين الاخبار بتقييد المطلقات بغير المأمونة كما عليه المشهور أولى من تقييد البأس المنفي في الاخبار المقيدة بكونه بأسا شديدا نعم ربما يأبى عن التقييد صحيحة العيص على ما رواها في الكافى حيث نهى عن سؤر الحائض مطلقا و رخص في سؤر الجنب إذا كانت مأمونة فان التفصيل بين الجنب و الحائض مع تقييد الجنب بكونها مأمونة قاطع للشركة الا انك عرفت معارضتها بما في التهذيب و الاستبصار من روايتها باسقاط كلمة لا فتخرج عن صلاحيتها للاستدلال مضافا إلى ما أشرنا اليه من إمكان ان يكون حكمة إطلاق النهى في الحائض غلبة اتهامها لطول مدة ابتلائها بدم الحيض بخلاف الجنب فارتكاب التقييد فيها ايضا بعيد و لاجل ما اشرنا اليه من وضوح المناسبة بين الكراهة و كونها مأمونة استفادة الشهيد و غيره من اخبار الباب ما هو مناط الحكم فألحقوا بالحائض النفساء و المستحاضة المتهمة بل كل متهم و ألحقوا الجنب ايضا بالحائض لا لتنقيح المناط بل لاجل التنصيص عليه في الجملة في صحيحة العيص المتقدمة ثم ان مقتضى إطلاق المصنف ره كغيره كراهة سؤر الحائض مطلقا و عدم اختصاصها بالوضوء بل عن الوحيد البهبهانى ان الاقتصار على الوضوء لم يقل به فقيه و الظاهر ان التعميم محل وفاق انتهى و لكنك خبير بما في التعميم من الاشكال لما في أكثر الاخبار الناهية عن الوضوء من التصريح بنفي البأس عن الشرب فان تم الاجماع فلا بد من حمل الاخبار المفصلة بين الوضوء و الشرب على تفاوت مراتب الكراهة و لكن الشان في إثباته نعم يمكن الاستدلال لاثبات مرتبة من الكراهة بالنسبة إلى الشرب و سائر الاستعمالات على وجه لا ينافي الاخبار السابقة بإطلاقات أوأمر الاحتياط و التورع في الدين لو لا كون التجنب عن المشتبهات في باب النجاسات مثار اللوسوسة التي علم مبغوضيتها لدى الشارع و الله العالم و يكره استعمال سؤر البغال و الحمير كما عن المشهور و في المدارك المراد بالحمير الاهلية اذ الوحشية لا كراهة في سؤرها و الحق بهما الدواب الكراهة لحم الجميع و نحن نطالبهم بإثبات الكبرى انتهى أقول ربما قيل في توجيه الكبرى ان السؤر انما يكون غالبا بالفم فلا ينفك عن لعابه و هو يتبع الحيوان في الكراهة و فيه بعد الاغماض عن كونه اخص من المدعى و تسليم تبعية اللعاب اللحم انه لا حكم له بعد استهلاكه فلا يكون كراهة اللعاب مقتضية لكراهة السؤر الذي يستهلك فيه نعم ربما يستشعر التبعية من بعض الاخبار المتقدمة التي علق نفى البأس بحلية الاكل و النهى عنه بعدمها و لكنك خبير بانه لا يلتفت إلى مثل هذه الاشعارات في الاحكام التعبدية لو لا البناء على المسامحة و ربما يستدل الكراهة سؤر البغال و الحمير بل الخيل بمفهوم مضمرة سماعة هل يشرب سؤر شيء من الدواب أو يتوضاء منه قال اما الابل و البقر فلا بأس و استدل ؟ ؟ بالمرسلة المتقدمة كان ( ع ) يكره سؤر كلما لا يؤكل لحمه بناء على إرادة الاعم مما لا يتعارف أكله و عمم جماعة الكراهة في سؤر الدواب مطلقا في واحد من الاخبار المتقدمة نفى البأس عن سؤر الحمار و الفرس و البغل لكن الظاهر منها إرادة نفى الحرمة في مقابل سؤر الكلب فلا تنافي الكراهة و الله العالم و يكره ايضا سؤر الفأرة كما عن المشهور بل قيل انه المعروف من المذهب ففى حديث المناهي نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن أكل سؤر الفأرة و ربما يناقش في دلالتها على حكم الماء من حيث الشرب و التوضى و لعلها بالنسبة إلى الشرب في محلها و اما حكم الوضوء فيمكن دعوى استفادته بالاولوية المستفادة من تتبع الاخبار السابقة و غيرها و يمكن الاستدلال لها برواية هرون بن حمزة المتقدمة فان ؟ بان يسكب من الماء ثلث مرات بحسب الظاهر بيان لما يرتفع به الكراهة و عن نهاية الشيخ ان الفأرة كالكلب إذا أصابت ثوبا برطوبة
(74)
حكم سؤر الحيوان الذى معه عين النجاسة
كراهة مامات فيه الوزغ والعقرب
وجب غسل موضع الاصابة و لعل قوله مبنى على نجاستها لكونها من المسوخات و كيف كان فلا شبهة في شبهة في ضعفه و قد ورد التصريح بنفي البأس عن سؤرها في واحد من الاخبار منها رواية هرون بن حمزة و رواية على بن جعفر المتقدمتان و خبر اسحق بن عمار عن ابى عبد الله ( ع ) ان ابا جعفر ( ع ) كان يقول لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الانآء ان يشرب منه و يتوضأ منه و عن ابى البخترى عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا ( ع ) قال لا بأس بسؤر الفأرة ان يشرب منه و يتوضأ و ربما نزل كلام الشيخ على إرادة الاستحباب المؤكد و الله العالم و يكره ايضا سؤر الحية لرواية ابى بصير عن ابى عبد الله ( ع ) في حية دخلت حبا فيه ماء و خرجت منه قال إذا وجد ماء غيره فليهرقه و في صحيحة على بن جعفر ( ع ) عن اخيه موسى ( ع ) نفى البأس عنه قال سئلته عن الغطابة و الحية و الوزغة يقع في الماء فلا يموت أ يتوضأ منه للصلوة قال لا بأس به و كذا يكره ما مات فيه الوزغ و العقرب و يدل على كراهة ما يموت فيه الوزغ بل ] مط [ و لو خرج حيا ما في ذيل رواية هرون بن حمزة المتقدمة من قوله ( ع ) الوزغ فانه لا ينتفع بما يقع فيه و يدل على حكم ما يموت فيه العقرب رواية سماعة عن جرة وجد فيها خنفساء قد مات قال ألقه و توضأ منه و ان كان عقربا فارق الماء و توضأ من ماء غيره و عن نهاية الشيخ الافتاء بنجاسة الماء الذي يموت فيه الوزغة و العقرب استنادا إلى ظاهر الروايتين بل ربما استظهر منه القول بنجاسة سؤرهما مط و ان خرجتا حيتين و لعله مبنى على القول بنجاسة المسوخات و سيأتي ضعفه في محله انش و اما الاستدلال بالروايتين ففيه انه لابد من حملهما على الكراهة و استحباب التنزه جمعا بينهما و بين غيرهما من الادلة ففى صحيحة على بن جعفر ( ع ) المتقدمة نفى البأس عن الماء الذي يقع فيه الوزغة فلا تموت و هذا الفرض هو المراد برواية هرون بن حمزة بقرينة السوأل فلا بد من حملها على الكراهة بقرينة الصحيحة التي هى نص في الجواز و كذا رواية سماعة معارضة بما هو نص في عدم الحرمة و هو رواية قرب الاسناد عن على بن جعفر عن اخيه موسى ( ع ) قال سئلته عن العقرب و الخنفساء تموت في الجرة أو الدن يتوضأ منه للصلوة قال لا بأس و سيتضح لك في مبحث النجاسات انش انه انما ينجس الماء بموت الحيوان ذي النفس السائلة دون ما لا نفس له كالعقرب و الوزغ و الخنفساء و نحوها فكل ما يدل بظاهره على نجاسة الماء بشيء منها لابد من تأويله و الله العالم تنبيه قد عرفت ان الكلام في طهاره السؤر و عدمها انما هو على تقدير خلو بدن الحيوان من عين النجاسة و الا فلا كلام عند القائلين بانفعال الماء القليل في انفعاله لو كان في بدنه من النجاسة ما يدركه الطرف و ان كان ما لا يكاد يدركه الطرف من الدم أو غيره من النجاسات فهل تؤثر في تنجيس السؤر ام لا وجهان مبنيان على الخلاف الذي عرفته في مبحث انفعال الماء القليل حيث حكى عن الشيخ ان ما لا يدركه الطرف من الدم أو من مطلق النجاسات لا ينجس الماء و قد عرفت في محله ان الاقوى ما قيل بل هو المشهور انه ينجسه و لا اقل من انه هو الاحوط غالا فرع لو طارت الذبابة عن العذرة أو غيرها من النجاسات إلى الثوب أو الماء فان لم يحمل رجلها من النجاسة الا مجرد تداوة جففها الهواء قبل وصولها إلى الماء أو غيره فلا اشكال و ان كان قبل جفافها و لكن لم يكن ما تحملها بحيث يكون بحياله ملحوظا لدى العرف على وجه يصدق عليه اسم النجس أو يعد لديهم في حد ذاته من اجزائه المائية بان يكون كصبغ الدم أو كالاجزاء المائية أو الترابية المتصاعدة عن النجس في ضمن البخار و الدخان فلا اشكال فيه ايضا و ان حملت منها ما يصدق عليه اسم النجس فأصابت الماء فلا تأمل في نجاسته سواء كانت قبل جفافه أو بعده و ان أصابت الثوب بعد الجفاف أو اصابته قبل الجفاف برطوبة مسرية فحكمه واضح و لو اصابته في حال شك في كون النجس المعلوم وجوده مشتملا على رطوبه مسرية فالظاهر طهارته و استصحاب بقاء الرطوبة المسرية لا يجدى في الحكم بنجاسة الثوب الا على القول بالاصول المثبتة و ان شك في ان الذبابة حملت من عين النجاسة ما ينجس الماء أو الثوب فالكلام فيه ما عرفت فيما سبق من عدم جريان استصحاب بقاء العين و لا استصحاب النجاسة السابقة الا على القول بنجاسة بدن الحيوان حال تلطخه بعين النجاسة و كون زوالها من المطهرات على اشكال و الله العالم الركن الثاني و الطهارة المائية و هي وضوء و غسل و في الوضوء فصول الفصل الاول في الاحداث الموجبة للوضوء الحدث قد يطلق في عرف الفقهاء و يراد منه حدوث الاشياء التي يترتب عليها فعل الطهارة و قد يطلق على الاثر الحاصل من ذلك و قد يطلق على نفس تلك الاشياء مسامحة و الاول هو المراد هنا و هذه الاشياء قد يعتبر عنها بالاسباب لكونها مؤثرات في مطلوبية الطهارة و قد يعبر عنها بالموجبات نظرا إلى ترتب الوجوب عليها عند وجوب الغاية و يمكن ان يراد من الوجوب معناه اللغوي و هو الثبوت فيكون مراد فاللسبب و قد يعبر عنها بالنواقض باعتبار طروها على الطهارة و إطلاق هذه العناوين على الاشياء المعهودة انما هو باعتبار اقتضائها في حد ذاتها للاثار المذكورة على تقدير قابلية المحل فهي متساوية في الصدق و المراد بالاحداث الموجبة للوضوء هى الاحداث المقتضية لخصوص الوضوء فيخرج ما يقتضيه مع الغسل و ربما يناقش في إطلاق السبب و الموجب على النواقض لان مطلوبية الوضوء و وجوبه المقدمى مسببة عن مطلوبية الغايات لا عن وجود النواقض و يدفعها ان وجوب ذي المقدمة انما يقتضى وجوب إيجاد المقدمة على
تقدير فقدها فوجوب الصلوة لا يقتضى وجوب فعل الوضوء الا في حق الفاقد لان طلبه من الواجد طلب تحصيل الحاصل فحدوث الحدث من المتطهر سبب لحصول التقدير و تنجز الطلب فلا منافاة بين كون وجوب الوضوء و مطلوبيته مسببا عن مطلوبيته غايته و عن وجود الحدث لان السببان ليسا في مرتبة واحدة بل الحدث هو السبب القريب اذ لولاه لما وجب اعادة الوضوء الا ان سببيه للوجوب مسببة عن وجوب الغاية اذ لولاه لما وجب الوضوء بحدوثه فكل منهما سبب لوجوب الوضوء على سبيل الحقيقة و لا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يكون الحدث قذارة معنوية مانعة من الدخول في الصلوة أو يكون الطهارة امرا وجوديا يجب تحصيلها مقدمة للصلوة لان الحدث على كل تقدير يؤثر في ان يتولد من ذي المقدمة امر متعلق بالمكلف اما بإزالة الحالة المانعة أو بتحصيل الشرط بفعل الوضوء و بهذه الملاحظة يصح إطلاق السب و الموجب عليه نعم قضية حصرهم موجبات الوضوء و أسبابه بالاشياء المعهودة انه لو وجد مكلف لم يصدر عنه شيء من تلك الاشياء كالمخلوق دفعه مثل ادم ( ع ) يجوز له الدخول في الصلوة من دون وضوء الا ان كلماتهم كاطلاقات الاخبار منصرفة عن مثل الفرض لكونه مجرد فرض فلا يعلم ان مرادهم الحصر حتى بالنسبة إلى هذا الفرد لكن مقتضى تفسيرهم للحدث بانه حالة مانعة من الصلوة جواز الدخول في الصلوة في الفرض المزبور لان الشيء لا يوصف بالمانعية الا ان يكون وجوده مؤثرا في عدم الممنوع بان يكون مقتضى الوجود موجودا و منعه المانع من التأثير فلازمها لعدم الحدث و الا لكان عدم جواز الدخول في الصلوة مسببا عن فقد المقتضى لا وجود المزاحم فالطهارة عن الحدث على هذا التقدير من الاعدام المقابلة للملكات نظير الطهارة المقابلة للخبث أو الطهارة المقابلة للقذارات الصورية و قد يقال ان الطهارة ايضا امر وجودي كالحدث فهما متضادان و المكلف الذي فرضنا وجوده دفعة لا يوصف بشيء منها فلا يجوز له فعل الصلوة و نحوها من الامور المشروطة بالطهور و يجوز له فعل ما يكون الحدث مانعا منه كما لو نذر ان لا يدخل المسجد و هو محدث و استدل لذلك بإطلاق قوله تع إذا قمتم الصلوة فاغسلوا وجوهكم و قوله صلى الله عليه و آله إذا دخل الوقت وجب الصلوة و الطهور فانهما يعمان الشخص المفروض و مقتضى عمومهما له كون الطهارة امرا وجوديا و استدل ايضا بحكمهم ان من يتقن الحدث و الطهارة و شك في المتأخر منهما يتوضاء فلو كانت الطهارة امرا عدميا موافقا للاصل لكان حكمه كالشاك في المتأخر من الخبث و الطهارة في بنائه على اصالة الطهارة و في الجميع ما لا يخفى اما الاية فمع قطع النظر عما ورد في تفسيرها من ان المراد بها القيام من النوم ففيها انها مخصوصة بما عدا المتطهر اذ لا يجب عليه الوضوء نصا و إجماعا و كون الشخص المفروض متطهر أول الكلام مضافا إلى انصرافها عن مثل الفرض و بهذا ظهر لك الجواب عن الرواية ايضا مع ان الطهور فيها اعم مما هو قسيم للحدث الاكبر مع انه لا مجال لتوهم كونه امرا وجوديا و الا لوجب الغسل على من لم يحدث منه سببه فتامل و اما مسألة من يتقنهما و شك في المتأخر فليست شاهده للمدعى لان الاصل الذي يرجع اليه بعد تعارض الاصلين هو الاصل العملي المجعول للشاك و هو اصالة الطهارة في المثال و قاعدة الاشتغال فيما نحن فيه لا الحالة الاصليه كما سيتضح لك في محله انش هذا و لكن الانصاف ان ما يشهد من الاخبار يكون اثر الوضوء امرا وجوديا أكثر مما يشهد يكون اثر الحدث كذلك كما يعضده مشروعية التجديد و قد ورد التعبير عنه في الاخبار بانه نور على نور و وقع التعبير عن الاحداث في النصوص و الفتاوى بالنواقض و مقتضاها كون المنقوض امرا وجوديا و الا لكان إطلاق النقض مسامحة بل كان الوضوء ناقضا للحدث و حيث لا يترتب على تنقيح المقام فائدة مهمة لا يهمنا الاطالة في تحقيقه و الله العالم بحقايق احكامه و هي الاحداث الموجبة للوضوء ستة خروج البول و ما بحكمه من البلل المشتبه و الغائط و هو معروف و مع الشك يرجع إلى الاصل و الريح المسماة لدى العرف بالضرطة والفسوه من الموضع المعتاد خروجها منه بمقتضى الخلقة الاصلية لنوع الانسان اى القبل و الدبر إجماعا كتابا و سنة و لا يعتبر اعتياد خروجها منهما في خصوص الشخص بلا خلاف فيه ظاهرا كما يدل عليه إطلاق النصوص و الفتاوى و معاقد إجماعاتهم و عن جملة منهم التصريح بذلك و دعوى انصراف الاطلاقات عما يخرج من الموضع الطبيعي مع عدم الاعتياد مما لا ينبغى الالتفات اليه هذا إذا خرج شيء من الثلثة من مخرجه الطبيعي و لو خرج شيء منها من مخرجه الطبيعي فكا الطبيعي نقض مط و ان لم يضر مخرجه معتادا في قول محكي عن صريح الحلى و التذكرة و ظاهر كل من أطلق الثلثة و قواه واحد من متأخري المتأخرين و لو خرج الغائط مما دون المعدة دون ما فوقها نقض مطلقا في قول محكي عن الشيخ و القاضي استنادا في عدم ناقضية ما خرج مما فوقها بعدم تسميته غائطا و مرجعه إلى قول الحلى لان ذكر الغائط بحسب الظاهر من باب المثال و منع التسمية في بعض الفروض كلام في الصغرى لا انه خلاف في الحكم الشرعي و لو اتفق المخرج خلقة أو لاجل انسداد الطبيعي في الموضع المعتاد المتعارف للنوع نقض بعد صيرورته معتادا بلا خلاف يعتد به فيه ظاهرا بل عن واحد دعوى الاجماع عليه و كذا لو خرج الحدث من جرح ثم صار معتادا و لو لم ينسد الطبيعي على المشهور بخلاف ما لو لم يصر معتادا و عن بعض انه لا ينقض الا مع انسداد الطبيعي و لقد أعجب في الحدائق حيث اختار عدم ناقضية الخارج من السبيلين مطلقا و لو مع الانسداد فلا يكون
(76)
لما عدا النوم من النواقض اثر في حق فاقد السبيلين و كيف كان فمستند القول بنا قضيتها على الاطلاق من دون فرق بين المخرج الطبيعي و غيره عموم قوله تعالى أو جاء احد منكم من الغائط و رواية زكريا بن ادم قال سئلت الرضا ( ع ) عن الناصور أ ينقض الوضوء قال انما ينقض الوضوء ثلت البول و الغائط و الريح و رواية الفضل قال سئل المأمون الرضا ( ع ) عن محض الاسلام فكتب اليه في كتاب طويل و لا ينقض الوضوء الا غائط او بول أو ريح أو نوم أو جنابة و في صحيحة زرارة عن ابى عبد الله ( ع ) قال لا يوجب الوضوء الا من الغائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها و نوقش فيها أولا بانصرافها إلى المعتاد و ثانيا بلزوم تقييدها بالاخبار المستفيضة الحاصرة للناقض فيما يخرج من طرفيك مثل صحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر ( ع ) و أبى عبد الله ما ينقض الوضوء فقالا مايخرج من طرفيك الاسفلين من الذكر و الدبر من الغائط أو البول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل و كل النوم يكره الا ان تكون تسمع الصوت و في صحيحة اخرى لزرارة لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم و موثقة اديم بن الحر انه سمع ابا عبد الله ( ع ) يقول ليس ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الاسفلين الذي أنعم الله عليك بهما و في صحيحة ابن بزيع عن ابى الحسن الرضا ( ع ) في حديث طويل قال قال أبو جعفر ( ع ) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الذين جعل الله لك أو قال الذين أنعم الله بهما عليك إلى ذلك من الاخبار و يمكن الخدشة في دعوى الانصراف أولا بان مقتضاها الالتزام بعدم استفادة حكم ما عدا الافراد المتعارفة من حيث المخرج و كيفية الخروج و مقدار الخارج من تلك المطلقات فيجب ان يلتزم بعدم ناقضيتها في المتعارف بحسب النوع مطلقا و ان صار متعارفا في خصوص شخص و هو في اغلب فروضه مخالف للاجماع أللهم الا ان يتشبث في إثبات الناقضية في الافراد الغير المتعارفة في موارد الاجماع بالاجماع أو الاخبار الخاصة و لكنه يتوجه عليه ح ان انعقاد الاجماع في هذه الموارد و كذا ورود الادلة الخاصة المطابقة للعمومات كاشف عن عدم مدخلية العوارض المشخصة في موضوع الحكم و ان المراد منه في الادلة الشرعية مطلق طبيعة الحدث من دون ملاحظة خصوصية من الخصوصيات كما يفصح عن ذلك ملاحظة وجه الحكم في النصوص الخاصة و كيفية استدلال العلماء في فتاويهم و ثانيا ان انصرافها عن الافراد الخارجة عن مخرج طبيعي انصراف بدوي منشأه ندرة الوجود و قد مر مرة ان الانصراف الناشئة عن ندرة الوجود أو انس الذهن ببعض الافراد لبعض العوارض مما لا يلتفت اليه في صرف المطلقات نعم لمانع ان يمنع ظهور الاخبار المتقدمة في إرادة الاطلاق بإدعاء ورودها في مقام بيان حكم آخر و هو حصر النواقض في هذه الاشياء لاكون هذه الاشياء ناقضة على الاطلاق فلا يجوز الاخذ بإطلاقها من هذه الجهة لان من شرط التمسك بالاطلاق ان لا يكون مسوقا لبيان حكم آخر و لكن يرد عليه ان المتامل في الاخبار خصوصا في صحيحة زرارة المتقدمة التي وقع التعرض فيها لبيان الريح الناقضة لا يكاد يرتاب في عدم انحصار المقصود بالروايات في بيان عدم ناقضية ما عدل المذكورات بل المراد منها بيان ناقضية هذه الاشياء و عدم ناقضية غيرها و لذا لم يناقش احد في اطلاقها من هذه الجهة هذا مع ان في إطلاق الاية مضافا إلى ما يستفاد من بعض الروايات الاتية غنى و كفاية و اما الاخبار الحاصرة للناقض فيما يخرج من طرفيك فلا تصلح التقييد المطلقات لان انحصار طريق الاشياء المعهودة عادة في السبيلين يمنع ظهور هذه الاخبار المقيدة في إرادة التقييد و التحرز عن نفس هذه الاشياء على تقدير خروجها من مخرجها المعتاد هذا مضافا إلى عدم ظهور هذه الاخبار في حد ذاتها في إرادة التخصيص اذ ليس المراد منها ان خروج الشيء من السبيلين من حيث هو سبب للنقض و الا للزم تخصيص الاكثر بل المراد منها ان الشيء الذي صفته انه يخرج من السبيلين بمقتضى العادة ناقض و المراد منه الاشياء المعهودة و لا تتوهم ان مقتضى ما ذكرنا ناقضية الثلثة مط و ان اصابته من خارج و لم تكن خرجت من نفسه لان اعتبار خروجها منه في الناقضية يفهم عرفا من نسبة النقض إليها نظير قولنا البول ناقض للوضوء و المذي ليس بناقض و مما يؤيد عدم ظهور هذه الاخبار في إرادة التقييد عدم استفادة المشهور منها ذلك و لذا التزموا بناقضية الخارج من السبيلين بشرط الاعتياد و استدل لهم بإطلاقات الادلة و عدم صلاحية المقيدات للتقييد لورود القيد مورد الغالب وح يتوجه عليهم سؤال الفرق بين الاعتياد و عدمه و لا يسمع منهم دعوى انصراف البول و الغائط و الريح المذكورة في الروايات إلى الافراد الخارجة من مخرجها المتعارف لكل شخص بحسبه لانها مجازفة من القول فان المتبادر منها اما صرف هذه الطبايع من حيث هى اوما خرج منها من مخرجها المتعارف بحسب النوع و اما الواسطة بين الامرين فلا تكاد تخطر في اذهان المخاطبين هذا كله مع ان في بعض تلك الاخبار المقيدة ما يدل على عموم الحكم و عدم اختصاصه بما يخرج من المخرج المتعارف مثل ما عن العلل و عيون الاخبار عن الفضل بن شاذان عن الرضا ( ع ) قال انما وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة و من النوم دون سائر الاشياء لان الطرفين هما طريق النجاسة و ليس للانسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه الا منهما فامروا عندما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم الحديث و عن محمد بن سنان في جواب العلل عن الرضا ( ع ) قال و علة التخفيف في البول و الغائط