إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا ] الخ [ و قوله ( ع ) إذا دخل الوقت وجب الصلوة و الطهور اذ لم يعلم خروج المفروض من إطلاقهما و بقوله ( ع ) في موثقة ابن بكير إذا استيقنت انك أحدثت فتوضأ لان المفروض انه استيقن انه أحدث و في الجميع ما لا يخفى اما الاية فلانها مخصصة نصا و إجماعا بغير المتطهر و الشك فيما نحن فيه انما هو في كون الكلف من مصاديق عنوان المخصص اعنى المتطهر أو من مصاديق العنوان الذي أريد من العام اعنى المتطهر و لا يجوز التمسك في مثل المقام بأصالة العموم أو الاطلاق لان التمسك بالعموم و الاطلاق انما يصح فيما إذا كان الشك في تعيين المعنى الذي أريد من اللفظ لافي تطبيق المعنى المعين المعلوم ارادته على الموضوع الخارجي ( توضيح ) المقام انه إذا قال المولى لعبده اكرم العلماء الا فساقهم و شك في ان زيدا من فساق العلماء أو من عدو لهم ليس له ان يتمسك لمعرفة حكم زيد بأصالة العموم اذ لا دلالة في الكلام الصادر من المولى على ان زيد الفاسق أو عادل فلا بد في معرفة حكم زيد من الرجوع إلى الامور الخارجية و الاصول الموضوعية كاستصحاب العدالة أو الفسق أو غيره من القواعد لا إلى العموم لان الرجوع إلى العموم مدركه ظهور اللفظ نوعا في ارادته فيختص مورده بما إذا استلزم خروج الفرد المشكوك تصرفا في الظاهر كما فيما لو شك في أصل التخصيص أو كون الفرد المشكوك خروجه على تقدير الخروج تخصيصا مغايرا للتخصيص المعلوم لا فيما إذا علم أصل التخصيص و شك في كون الفرد مصداقا للمخصص المعلوم كما فيما نحن فيه اذ لا ظهور لاكرم العلماء في ان زيدا ليس بفاسق و قد علم من دليل التخصيص ان الفاسق لا يجب اكرامه فلم يبق لاكرم العلماء ظهور في وجوب اكرام زيد حيث ان كونه من مصاديق عدول العلماء ليس بأولى من كونه من مصاديق فساقهم بالنظر إلى ظاهر الدليل ( نعم ) لو كان الشك في خروج زيد مسببا عن الشك في اجمال مفهوم المخصص و تردده بين الاقل و الاكثر بان شك في ان الفسق هل يتحقق بارتكاب مطلق المعصية ام لا يتحقق الا بارتكاب الكبيرة فالأَظهر جواز الرجوع إلى اصالة العموم لان مرجع الشك في هذا الفرض إلى الشك في أصل التخصيص و لتمام التحقيق مقام اخر و كيف كان فقد ظهر لك ضعف الاستدلال بالاية لوجوب الطهارة فيما نحن فيه و اما قوله ( ع ) إذا دخل الوقت وجب الصلوة و الطهور ( ففيه ) انه ان أريد من الطهور نفس الوضوء أو الغسل أو التيمم لا بوصف رافعيتها للحدث فيتوجه على الاستدلال به ما عرفته في الاية لكونه كالاية مخصصا بما عدا للمتطهر نصا و إجماعا و ان أريد منه الفعل الرافع للحدث فالرواية بنفسها مخصوصة بالمحدثين لان الامر بإزالة الحدث لا يتنجز الا في حقهم فالشك فيما نحن فيه انما هو في تحقق موضوع الحكم و معه كيف يتمسك بإطلاق الدليل ( و اما ) الموثقة فهي بحسب الظاهر مسوقة لبيان انه لا يجب الوضوء الا بعد اليقين بالحدث كما يدل عليه التفريع المذكور بعد هذه الفقرة و هو قوله ( ع ) فاياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك أحدثت و ليست مسوقة لبيان انه إذا حصل له اليقين بالحدث يجب عليه الوضوء ما لم يقطع بارتفاعه حتى يستفاد منها حكم صورة الشك هذا مع معارضتها على هذا التقدير فيما نحن فيه بما يستفاد من ذيلها و أضعف من الادلة المذكورة ما قد يتوهم من إمكان الاستدلال للمطلوب بعموم وجوب الوضوء عند حصول أسبابه بدعوى ان مقتضى إطلاقات ادلة الاسباب سببية كل حدث الوجوب الوضوء غاية الامر انه علم ان الشارع اقتصر في صورة العلم بتعاقب الاحداث في إمتثال الواجبات المتعددة بوضوء واحد و اما فيما نحن فيه فلم يعلم ذلك فمقتضى العموم وجوب الوضوء للحدث المتيقن ( توضيح ) ضعفه بعد الاغماض عن بطلان أصل الدعوي لما عرفت في محله من ان الوضوء لا يتعدد وجوبه بتعدد أسبابه و ان السبب المؤثر في وجوبه هو الحدث الغير المسبوق بحدث آخر و كون ما نحن فيه من هذا القبيل معلوم انه يتوجه عليه انه لا اثر للعمومات فيما نحن فيه بعد القطع بوجوب الوضوء عليه عقيب الحدث المتيقن و القطع بسقوط هذا الواجب على تقدير تحقق الوضوء عقيبه لان الكلام في المقام انما هو في تكليف من شك في ان الوضوء الذي تحقق في الخارج هل وقع عقيب الحدث حتى يرفع اثره ام وقع قبله و من المعلوم ان الادلة المثبتة للاحكام الواقعية لا تدل على ما هو وظيفة المكلف في مقام الشك لان مفادها ليس الا بوجوب الوضوء عقيب الحدث و هو مما لا كلام فيه ( و اما ) وجوب تحصيل الجزم بحصول الواجب في الخارج الذي هو محط كلامنا فانما يستفاد من حكم العقل لا إطلاقات الادلة فتلخص لك ان عمدة المناقشة في الاستدلال بمثل هذه الادلة لمثل ما نحن فيه كما صدر عن واحد من الاعلام في كثير من الموارد امران أحدهما عدم جواز التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية و الثاني عدم دلالة الاوامر الواقعية على وجوب تحصيل القطع بتفريغ الذمة فلا وجه للاستدلال بها لاثبات الوجوب في مثل المقام و بما ذكرنا ظهر لك ضعف الاستدلال بالادلة المذكورة لاثبات وجوب الوضوء في الفرع الاول ايضا اعنى ما لو يتقن الحدث و شك في الطهارة كما توهم ( و ليعلم ) ان في المسألة أقوالا اخر ( منها ) ما عن بعض متأخري المتأخرين من التفصيل بين ما لو جهل تأريخهما فكالمشهور أو علم تاريخ الحدث دون الطهارة فانه متطهر عكس ما لو علم تاريخ الطهارة دون الحدث فانه محدث لاصالة تأخر الحادث ( و فيه ) ان وصف المتأخر كالمتقدم امر حادث مسبوق بالعدم فلا يمكن إثباته بالاصل نعم ما هو المطابق للاصل عدم وجود ما جهل تاريخه إلى زمان حصول الاخر و لكنه لا يجدى في إثبات كونه متأخرا عنه لما عرفت
(204)
فيما سبق من عدم الاعتداد بالاصول المثبتة ( و منها ) ما يظهر من المصنف ] ره [ في المعتبر و تبعه جماعة ممن تأخر عنه بل عن شارح الجعفرية نسبته إلى المشهور بين المتأخرين من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة على الحالتين فكالمشهور و بين صورة العلم بها فيؤخذ بضدها لان تلك الحالة ارتفعت يقينا و ارتفاع ذلك الرافع مشكوك فليستصحب الحالة الطارية التي لم يعلم زوالها قال في محكي المعتبر بعد حكاية وجوب التطهير عن الثلاثة و اتباعهم و توجيه مقالتهم بان يقين الطهارة معارض بيقين الحدث و لا رجحان فتجب الطهارة لعدم التيقن بوجودها ألان لكن يمكن ان يقال بنظر إلى حاله قبل تصادم الاحتمالين فان كان حدثا بني على الطهارة لانه يتقن انتقاله عن تلك الحال إلى الطهارة و لم يعلم تجدد الانتقاض فصار متيقنا للطهارة و شاكا في الحدث فيبنى على الطهارة و ان كان قبل تصادم الاحتمالين متطهرا بني على الحدث لعين ما ذكرنا من التنزيل ( انتهى ) و عن الذكرى ان هذا التفصيل ان تم فليس خلافا فيما نحن فيه لرجوعه إلى مسألة يقين الحدث و الشك في الطهارة و عكسها انتهى الظاهر ان غرضه ان البحث في هذه المسألة انما هو في حكم من تيقنهما و شك في المتأخر و ما ذكر من التفصيل ليس خلافا في حكم هذا الموضوع من حيث هو لابتنائه على دعوى ان الملحوظ انما هو اليقين با لطهارة لو كان في السابق محدثا و وجود الحدث عقيب الطهارة المتيقنة معلوم و من المعلوم ان تمامية هذا الكلام موقوف على عدم ملحوظية اليقين الاخر في عرض هذا و حينئذ يخرج للفروض عن موضوع المبحوث عنه و يدخل في موضوع المسألة السابقة فالنزاع يومل إلى النزاع في تشخيص الصغرى فتامل و عن كاشف اللثام الجزم بالتفصيل المذكورة و تنزيل إطلاقات الاصحاب الحكم بوجوب التطهير على من لم يعلم بحالته قبل الزمانين و فيه من البعد ما لا يخفى لندرة صورة الجهل بالحالة السابقة رأسا فكيف ينزل إطلاقات الاصحاب عليها و كيف كان يتوجه على ما ذكروه من استصحاب الحالة الطارية انها معارضة بالمثل مثلا إذا يتقنهما و علم انه كان في الزمان السابق على الزمانين محدثا كما يصح ان يقال زوال هذا الحدث بالطهارة المتيقنة معلوم و انتقاض الطهارة بالحدث المتيقن معلوم لاحتمال عروضه عقيب الحدث السابق قبل الطهارة المتيقنة كذلك يصح ان يقال ان كونه محدثا حال خروج الحدث المتيقن معلوم و زوال هذا الحدث المتيقن معلوم لجواز وقوع الطهارة قبله و ما يقال من ان مجرد العلم بحدوث الحدث لا يكفى في جواز استصحاب اثره و معارضته لاستصحاب الطهارة المتيقنة لانه انما يصح استصحاب اثره اعنى المنع من الدخول في الغايات المشروطة بالطهارة إذا علم بكونه مؤثرا في ذلك و كونه كذلك فيما نحن فيه معلوم لاحتمال وقوعه عقيب الحدث السابق فاستصحاب الطهارة سليم عن المزاحم اذ لم يعلم للحدث المعلوم بالاجمال اثر حتى يستصحب مدفوع بان المستصحب ليس خصوص الاثر الحاصل من الحدث المتيقن حتى يقال ان كونه مؤثرا معلوم بل المستصحب هو الاثر الموجود حال حدوث الحدث المتيقن و ان لم يعلم بكونه مسببا عنه إذا لعلم بسببه معتبر في قوام الاستصحاب نظير ما لو انتبه من نومه و شك في انه تطهر عقيبه ام لا فانه يستصحب حدثه الذي يعلم يتحققه بعد النوم و لو لم يعلم باستناده إلى النوم أوالى سبب آخر و ما يقال ان الحالة المانعة المعلوم تحققها عند الحدث المتيقن مرددة بين حالة معلومة الارتفاع و اخرى مشكوكة الحدوث فالشك في بقائها مسبب عن الشك في حدوث الحالة الاخرى و الاصل عدم حدوثها ( و بعبارة ) اخرى الحالة المانعة المعلومة عند الحدث يحتمل ان تكون عين الحدث الذي كان متحققا قبل الوضوء الذي علمنا بارتفاعه و يحتمل ان تكون حالة اخرى حادثة بعد الوضوء و الاصل عدمه و لا تعارضه اصالة عدم وجودها قبل الوضوء لان تحققها قبل الوضوء متيقن و حدوثها بعده مشكوك و الاصل ينفيه نظير ما لو راى في ثوبه جنابة و احتمل كونها اثر الاحتلام الذي اغتسل منه أو جنابة جديدة حاصلة بعد الاغتسال فلو جاز ان يقال فيما نحن فيه ان وجوب الغسل و وجود الحالة المانعة عند عروض السبب الثاني معلوم و سقوط هذا الواجب بالغسل المعلوم تحققه غير معلوم فليستصحب لجاز ان نقول في المثال المذكور بان وجوب الغسل و وجود الحالة المانعة عند خروج هذا المنى معلوم و سقوط هذا الواجب بالغسل المعلوم تحققه معلوم فليستصحب اذ لافرق بينهما الا في القطع بتعدد السبب فيما نحن فيه و احتمال الاتحاد في المثال فلو فرض في المثال قطعه بحدوث جنابة اخرى الاولى و شك في كونها عقيب الغسل أو قبله يصير مثالا لما نحن فيه و هذا الفرق بعد القطع بان تعدد السبب على تقدير تعاقبهما لا يؤثر في تعدد التكليف و تكرر الحالة المانعة لا يصلح فارقا بين المقامين لان المستصحب انما هو اثر الاسباب الذي لا يتكرر بتكررها لانفس الاسباب كما هو ظاهر ( مدفوع ) بان رفع اليد عن اليقين بالحالة المانعة المعلوم تحققها عند خروج البول مثلا بمجرد احتمال اتحاد الحدث السابق المعلوم ارتفاعه معها في الوجود الخارجي نقض لليقين بالاحتمال فلا بد في رفع اليد من تلك الحالة المعلومة في ذلك الحين من القطع بوقوع طهارة بعدها و أصالة عدم تجدد الحدث لا تجدى في إحراز ذلك الا على القول بالاصل المثبت الذي لا نقول به هذا مع ان الشك في بقاء الحدث المعلوم تحققه عند خروج البول ليس مسببا عن تردده بين الفرد الزائل و الفرد الباقى لان ذلك الحدث امر معين مشخص علم من حالة شرعا انه لا يرتفع الا بالوضوء سواء اتحد مع الفرد الاول ام لا فالشك في بقائه مسبب عن الشك في ان الطهارة المعلومة بالاجمال هل
(205)
وقعت قبله ام بعده كما ان تردده بين الفرد الزائل و الباقى ايضا مسبب عن ذلك فالشكان كلاهما مسببان عن الجهل بتاريخ الحدث المتيقن فليس ما نحن فيه مثل المثال الذي أوردناه نقضا في كون الشك فيه مسببا عن الشك في حدوث جنابة جديدة و ليس المقصود في المقام استصحاب جنس الحدث بملاحظة القطع بوجوده في ضمن الفرد الذي كان قبل الوضوء حتى يقال انه من قبيل استصحاب الكلى كيف و اجراء الاستصحاب بهذه الملاحظة غير معقول للقطع بارتفاع الطبيعة بعد الوضوء فكيف يمكن إبقائها إلى زمان الشك بل المستصحب انما هو خصوص الفرد الذي علم تحققه حين حدوث السبب الثاني المردد بين كونه قبل الوضوء أو بعده و كيف كان فنقول في توضيح المقام ببيان أو في ان وجود الحدث عند حصول السبب الثاني معلوم فلا يجرى بالنسبة اليه أصل العدم فإذا فرضنا وقوع الحدث المتيقن أول الظهر يجب علينا تحصيل الجزم بحصول الطهارة بعد الظهر و أصالة عدم وجود حالة اخرى مجدية في إثبات وقوع الوضوء عقيب الظهر حتى نرفع اليد بسببها عن التكليف الذي علمنا ثبوته في أول الظهر كما هو ظاهر فالفرق بين ما نحن فيه و بين مسألة من راى بثوبه جنابة و لم يدر انها جنابة جديدة بعد اشتراكهما في ان مرجع الشك فيهما إلى الشك في وحدة التكليف و تعدده هو ان مرجع الشك في تلك المسألة إلى الشك في ثبوت التكليف وراء ما علم سقوطه و فيما نحن فيه في سقوط تكليف علم ثبوته فاحتمال تعدد التكليف فيما نحن فيه أورث الشك في إمتثال ما علم وجوبه و احتمال وحدته في الاول أوجب الشك في أصل التكليف مثلا إذا فرضنا انه اصبح جنبا ثم عرضه جنابة اخرى في اثناء اليوم و شك في كونها قبل الاغتسال ام بعده نقول ثبوت التكليف بالاغتسال عند عروض الجنابة الثانية معلوم و سقوطه غير معلوم لاحتمال وقوع الغسل قبله و اما لو لم يعلم بعرض جنابة اخرى بل راى منيا في ثوبه و احتمل كونه من الجنابة الاولى فنقول سقوط الجنابة التي علم ثبوتها أول الصبح معلوم و ثبوت جنابة اخرى غيرها معلوم ( لا يقال ) ان وجوب الاغتسال عند خروج هذا المنى المشاهد معلوم و سقوط هذا الواجب بالغسل الصادر منه معلوم فهذا الفرض ايضا كسابقه في كونه شكا في سقوط ما وجب لانا ( نقول ) مغائرة زمان هذا المنى للزمان الاول معلومة و سقوط التكليف الثابت فيه معلوم و ثبوت تكليف اخر في ذلك الزمان معلوم فالأَصل ينفيه ( ان قلت ) ما ذكرت انما يتم فيما إذا كان زمان طرو الحالتين التين علمهما بالاجمال مغائرا للزمان الذي علم تكليفه فيه مفصلا كما لو اصبح جنبا فعلم اجمالا بحصول غسل و جنابة في اثناء اليوم و شك في المتأخر منهما و اما لو رأى ثبوبه مينا و علم بانه من جنابة مستقلة غير ما اغتسل منها و لكنه احتمل حدوثها في الليل الذي كان يعلم جنابته فيه بالتفصيل فلا لانه بمنزلة ما لو احتمل كونه من الجنابة السابقة حيث لا يؤثر علمه الاجمالى في إحراز تكليف وراء ما علم سقوطه ( قلت ) ليس المدار في الاستصحاب على إحراز تكليف وراء ما علم سقوطه حتى ينافى كون احد طرفي المعلوم بالاجمال معلوما بالتفصيل و انما المناط في الاستصحاب صيرورة ما علم ثبوته مشكوك الارتفاع فحيث علم ثبوت الجنابة حال حدوث السبب الثاني لا يجوز رفع اليد عن هذا اليقين الا بالعلم بوقوع الغسل عقيبه و اما لو لم يحرز تعدد السبب و احتمل كون المنى المشاهد من الجنابة السابقة فلا يتحقق ركن الاستصحاب اعنى اليقين السابق حيث لم يعلم لخروج هذا المنى واقعا مغائر للخروج الذي علم بزوال اثره فلم يثبت لديه جنابة غير ما علم زوالها حتى يستصحبها فاصالة عدم حدوث جنابة اخرى في هذا الفرض حاكمة على استصحاب التكليف و قاعدة الاشتغال لان الشك في بقاء التكليف مسبب عن احتماله و اما على تقدير العلم بتعدد السبب فجنابته عند السبب الثاني معلومة و ارتفاعها معلوم فليستصحب و ليس في هذا الفرض أصل حاكم على استصحاب الحدث لما عرفت فيما سبق من ان الشك في بقاء التكليف في هذه الصورة مسبب عن الجهل بتاريخ الغسل و لا يمكن تعيينه بالاصل و قد تقدم شطر من الكلام فيما يتعلق بالمقام في فروع الشبهة المحصورة في مبحث ما لو اشتبه الانآء الطاهر بالنجس فراجع و لقد أطلنا الكلام في النقض و الابرام لكون المقام من مزال الاقدام و الله مقيل العثرات و قد حكى عن العلامة في بعض كتبه قولا ثالثا في المسألة و هو الاخذ بالحالة السابقة على الحالتين و هو بظاهره كما تراه و لكن الظاهر على ما صرح به بعض مشايخنا ] قده [ بعد التأمل و الجمع بين شتات كلماته في المختلف و غيره عدم مخالفته للمشهور و ان تصريحه بهذا القول انما هو بعد اختياره مذهب المشهور في مفروض مسئلتنا و ان غرضه التنبيه على حكم فرع آخر و هو انه لو علم اجمالا بوقوع كل من طبيعة الطهارة و الحدث بوصف كونها مؤثرة في رفع ما كان قبلها و لم يعلم بانحصار كل من تينك الطبيعتين في فرد أو ازيد فشك في حالته فعلا في انه متطهر أو محدث فعليه ان يأخذ بمثل حالته السابقة على زمان الشك لان علمه الاجمالى ينحل إلى علم تفصيلي و شك بدوي حيث انه في السابق لو كان محدثا يعلم تفصيلا بارتفاع هذا الحدث بطهارة و كذلك يعلم تفصيلا بانتقاض الطهارة الرافعة للحدث الاول لان المفروض علمه بتأثير الحدث المعلوم بالاجمال فلا يكون الا بعد الطهارة الاصلى و ارتفاع هذا الحدث الجديد معلوم لعدم علمه بحصول طبيعة الطهارة في ضمن أكثر من فرد فليستصحب الحدث لرجوع المسألة بعد التحليل إلى مسألة من تيقن الحدث و شك في الطهارة قال في محكي المختلف إذا تيقن عند الزوال
(206)
حكم الشك في شئ من الوضوء قبل الفراغ
انه نقض طهارة و توضأ عن حدث و شك في السابق فانه يستصحب حالة السابق على الزوال فان كان في تلك الحال متطهرا بني على طهارته لانه تيقن انه نقض تلك الطهارة ثم توضأ و لا يمكن ان يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة و نقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك و ان كان قبل الزوال محدثا فهو ألان محدث لانه تيقن انه انتقل عنه إلى طهارة ثم نقضها و الطهارة بعد نقضها مشكوك فيها انتهى كلامه رفع مقامه و هذه العبارة كما تراها ظاهرة الانطباق على ما وجهنا به مقالته و كيف كان فان أراد ما يوافق المشهور فنعم الوفاق ( و الا ) ففيه ما لا يخفى فقد تقرر لك ان الاقوى ما ذهب اليه المشهور من انه لو تيقنهما و شك في المتأخر كمن تيقن الحدث و شك في الطهارة يتطهر مطلقا سواء علم تاريخ أحدهما ام لم يعلم أصلا و سواء علم بحالته قبل الحالتين ام جهلها و لكنه ينبغى ان يعلم انه يتطهر لما يوجده من الافعال بعد الشك لا لما أوجده قبل ذلك فلو شك في طهارته بعد ما فرغ من صلوته مضت صلوته لاصالة الصحة الحاكمة على قاعدة الاشتغال و استصحاب الحدث و مقتضاها عدم الاعتناء بالشك بالنسبة إلى ما مضى و اما بالنسبة إلى ما يأتى فليتطهر لما عرفت ( و لو ) ارتبط اللاحق بالسابق كما لو شك و هو في اثناء الصلوة ( فالأَقوى ) وجوب التطهير و الاستيناف لتوقف إحراز الطهارة للاجزاء اللاحقة على ذلك و ما يدل على مضى الاعمال الماضية و صحتها لا يدل على حصول الشرط في الواقع بحيث لا يحتاج المكلف إلى تحصيل الجزم بحصوله للاعمال الاتية كما لا يخفى وجهه على المتامل و كذا لو تيقن ترك عضو أو جزء منه قبل ان يجف وضوئه اتى به و ما بعده بلا اشكال و لا خلاف محكي الا عن الاسكافى حيث فرق بين ما إذا كان المتروك دون سعة الدرهم فيجزيه ان يبله فحسب و بين غيره فيجب الاتيان به و بما بعده و قد تقدم الكلام في تحقيق المقام سابقا في بحث الترتيب و ان يتقنه بعد ان جف البلل استأنف الوضوء لفوات الموالاة التي قد عرفت انها عبارة عن عدم الجفاف نعم لو كان الجفاف لشدة الحر أو البرد أو نحوهما و أمكن تداركه من دون ان يفوت المتابعة العرفية تداركه لما عرفت فيما سبق من كفاية احد الامرين من عدم الجفاف و المتابعة العرفية و الله العالم و ان شك في شيء من افعال الوضوء بل مطلق الطهارة الشاملة للغسل و التيمم و هو على حاله التي كان عليها من التلبس الاشتغال بالطهارة اتى بما شك فيه ثم بما بعده بلا خلاف في الوضوء ظاهرا بل نقل الاجماع عليه مستفيض و اما إلحاق الغسل بالوضوء فهو المشهور على ما يظهر من طهارة شيخنا المرتضى ] قده [ و عن جماعة من الاساطين كالعلامة و الشهيدين و المحقق الثاني و السيد الطباطبائي قدس الله أسرارهم التصريح باتحاد حكمهما بل ربما يستظهر من عبائرهم كونه من المسلمات و عن بعض منهم التنصيص على التيمم ايضا فالعجب من شيخنا الاكبر في جواهره حيث انه تخيل اختصاص هذا القول بصاحب الرياض ] قده [ فتعجب منه و كيف كان فالمتبع هو الدليل و يدل عليه في الوضوء مضافا إلى الاجماعات المستفيضة صحيحة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر اغسلت ذراعيك ام لا فاعد عليهما و على جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت من الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال اخرى في الصلوة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوئه لا شئ عليك فيه فان شككت في مسح رأسك فاصبت في لحيتك بلة فامسح بها عليه و على ظهر قدميك و ان لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك و امض في صلوتك و ان تيقنت انك لم تتم وضوئك فاعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء الحديث و الظاهر ان قوله ( ع ) فان شككت في مسح رأسك إلى آخره بيان لما أجمله في صدر الرواية و يحتمل ان يكون المراد منه الامر بالمسح بعد ان صار في حال اخرى من صلوة و غيرها فيكون للاستحباب لعدم وجوبه عليه إجماعا و كيف كان فهذه الصحيحة كما تريها كادت تكون صريحة في المطلوب و بها يرتفع الاجمال عن موثقة ابن ابى يعفور عن ابى عبد الله ( ع ) قال إذا شككت في شيء من ناحية قد دخلت في غيره فليس شكك بشيء انما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه فان الصحيحة السابقة كاشفة عن ان ضمير في غيره يرجع إلى الوضوء لا إلى الشيء الذي شك فيه و كذا تدل على ان المراد من الشيء في ذيل الرواية هو العمل الذي وقع الشك فيه لاجل احتمال الاخلال بشيء من اجزائه و شرائطه لا الشيء الذي شك في وجوده بل هذه الفقرة بنفسها ظاهرة في ذلك لان ظاهر قوله ( ع ) إذا كنت في شيء انك إذا كنت متشاغلا بعمل متجاوز عنه فيجب ان يكون ذلك العمل مركبا ذا اجزاء و شرائط حتى يعقل تعلق الشك به ما دام الانسان فيه و ارتكاب الاضمار في الرواية بحمل الشيء على إرادة محله مما لا دليل عليه فظاهرها ان المراد من الشيء هو العمل المركب الذي يتعلق به الشك و ظهورها في ذلك رافع لاجمال مرجع الضمير في صدرها لكون القاعدة المذكورة في الذيل بمنزلة البرهان لاثبات الحكم المذكور في الصدر فيجب ان يكون الموضوع المذكور في الصدر من جزئيات ما هو الموضوع في تلك القاعدة حتى يستقيم البرهان فتلخص لك انه يستفاد من هذه الموثقة امران أحدهما انه لو تعلق شك بصحة عمل مركب بعد الفراغ منه لا يعتد بالشك و الثاني ان عدم الاعتداد بالشك بعد الفراغ من الوضوء انما هو لكونه من جزئيات هذه القاعدة و هذه القاعدة بنفسها من القواعد الكلية المسلمة المعمول بها في جميع أبواب الفقة و هذه هى القاعدة التي يعبر عنها بأصالة الصحة و يدل على صحتها في الجملة مضافا إلى الموثقة المتقدمة و الاجماع و سيرة المتشرعة بل و غيرهم ايضا
(207)
قاعدة الفراغ وموردها
قول الباقر ( ع ) في موثقة سماعة كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو و يدل عليها ايضا في خصوص باب الطهارة و الصلوة قول الصادق ( ع ) في خبره الاخر كلما مضى من صلوتك و طهورك فذكرته تذكر فامضه و لا اعادة عليك فيه و لكنك خبير باختصاص موردها بما إذا تلبس المكلف بعمل يصلح ان يتصف بالصحة و الفساد فشك في صحته بعد الفراغ منه و القدر المسلم الذي يمكن إثبات اعتبارها فيه ما إذا تحقق الفراغ من العمل الذي يعد في العرف عملا بان يكون له نحو استقلال و ملحوظية في العرف لو كان بنظر الشارع جزء من عمل آخر أو شرطا له كالسعي و الطواف و غيرهما من اعمال الحج و كالوضوء و الغسل و التيمم التي هى مقدمة للصلوة اما اجزاء الاعمال التي ليس لها استقلال كغسل الوجه و اليدين و أشباههما فلا لان مدرك هذه القاعدة اما الاجماع و السيرة أو الاخبار اما الاولان فلا يستفاد منهما الا اعتبارها في الجملة و اما الاخبار فهي قاصرة عن إثبات اعتبارها في مثل الفرض لان ظاهر الروايتين الاخيرتين إرادة مضى الاعمال الماضية المنصرفة عن مثل الفرض جزما و اما قوله ( ع ) في موثقة ابن ابى يعفور انما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه فيتعين حمله ايضا صرفا أو انصرافا على إرادة الاعمال المستقلة كالوضوء و نحوه لعدم جريان هذه القاعدة بالنسبة إلى اجزاء الوضوء إجماعا و نصا فيلزم من حمله على العموم عدم اطراد القاعدة التي سيقت لبيان حكم الوضوء بالنسبة إلى بعض مصاديقها في خصوص الوضوء و هو بعيد هذا مع ان الامر دائر بين التخصيص و التخصص الذي لا شبهة في أولويته مضافا إلى ان صدر الرواية يمنع من حمل لفظ الشيء المذكور في ذيلها على هذا النحو من العموم اذ كما ان ذيل الرواية يرفع اجمال الصدر و يعين المراد من الضمير كذلك يرتفع به الاجمال عن الذيل حيث انه يفهم من سياق الرواية ان مفهوم الصدر من مصاديق منطوق الذيل فتكون الرواية بمنزلة قولك إذا شككت في شيء من الوضوء و لم تدخل في الوضوء فشكك معتبر لان الشك انما يلغى إذا كان بعد الفراغ من الشيء لا قبله فيعلم من ذلك ان الشك في الوضوء مطلقا ما دام الاشتغال شك في الشيء قبل الفراغ منه فظهر لك مما ذكرنا قصور الادلة المتقدمة عن إثبات جواز التمسك بأصالة الصحة فيما لو شك في جزء عمل بعد دخوله في الجزء الاخر إذا كان المجموع كالوضوء في كونه عملا واحدا في العرف و قد يستدل لذلك بعموم بعض الاخبار الواردة في الصلوة الدالة على ان الشك في الشيء بعد تجاوز محله ملغى كخبر اسماعيل بن جابر عن ابى عبد الله ( ع ) في حديث قال ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شيء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه ( و صحيحة ) زرارة قال قلت لابى عبد الله ( ع ) رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال يمضى قلت رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبر قال يمضى قلت الرجل شك في التكبير و قد قرء قال يمضى قلت شك في القرائة و قد ركع قال يمضى قلت شك في الركوع و قد سجد قال يمضى على صلوته ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شيء و دخلت في غيره فشككت فليس بشيء و فيه ان مفاد الروايتين على ما يقتضيه ظاهرهما عدم الاعتناء بالشك في وجود شيء بعد تجاوز محله لافي صحته فهي قاعدة اخرى قاعدة الصحة نعم يستفاد حكم ما لو شك في صحة الشيء السابق من هذه القاعدة ايضا اما بالفحوى او بارجاع الشك في وصف الصحة إلى الشك في وجود الشيء الصحيح و كيف كان فالظاهر ان هذه القاعدة مخصوصة بالصلوة لا انها كقاعدة الصحة سارية جارية في جميع أبواب الفقة لقصور الروايتين عن إثبات عمومها حيث ان سوق هذه القاعدة بعد ذكر الشكوك المتعلقة بجملة من اجزاء الصلوة خصوصا في جواب سؤال السائل حيث سئل عن حكم الاجزاء واحدا بعد واحد يوهن ظهورها في العموم بل يصلح ان يكون قرينة لارادة اجزاء الصلوة من إطلاق الشيء بل لعل هذا هو المتبادر من إطلاقه في مثل المقام فكيف يمكن إثبات مثل هذا الاصل بمثل هذا الظاهر ( و كيف ) كان فان قلنا ان هذه القاعدة مخصوصة بالصلوة بل هى قاعدة عامة مخصصة في خصوص الوضوء بالادلة المتقدمة يشكل رفع اليد عنها بالنسبة إلى الغسل و التيمم اذ لا معارض لها عدا ما يتوهم من دلالة ذيل موثقة ابن ابى يعفور على ان الشك في اثناء العمل معتبر مطلقا ( و يدفعه ) عدم كون الموثقة في مقام بيان حكم المنطوق حتى يصح التمسك بالاطلاق و إطلاق الحكم في الوضوء ثبت من مفهوم الصدر و غيره لامن إطلاق الذيل فالشأن انما هو في إثبات عموم القاعدة الثانية و هو في غاية الاشكال فالأَظهر كون الغسل و التيمم كالوضوء في الحكم المذكور كاهو مقتضى الاصل ( و لكن ) الانصاف ان منع جريان قاعدة الصحة في بعض موارد الشك في الاجزاء السابقة في الغسل لا يخلو عن مجازفة كما لو فرق بين الاجزاء بفصل يعتد به في العرف كان عقل رأسه في الصبح ثم شك في الظهر عند إرادة غسل سائر جسده في انه اسبغ غسل رأسه في الصبح ام لا فان الظاهر مساعدة العرف في مثل الفرض على اجزاء اصالة الصحة حيث ان التفكيك بين الاجزاء يجعل كل جزء بنظر العرف عملا مستقلا فلو أمكن التفصيل بان يقال لو أتى باجزاء الغسل متوالية كالوضوء فكالوضوء في الحكم و الا فكل جزء بنفسه موضوع مستقل لقاعدة الصحة لكان وجيها و ما يقتضيه الاحتياط في جميع موارد الشك قبل الفراغ من الغسل و كذا التيمم مما لا ينبغي تركه و الله العالم و لا فرق في الحكم المذكور بين الشرط و الجزء فلو شك في طهارة ماء الغسلات السابقة أو إطلاقه أو الترتيب بين الاجزاء أو التوالى قبل الفراغ من الوضوء يجب إعادتها تحصيلا للجزم بفراغ الذمة من الواجب المعلوم هذا إذا لم يكن في المقام أصل موضوعى رافع للشك
(208)
من تيقن الطهارة وشك في الحدث
حكم كثير الشك في الطهارة والقطاع
كاستصحاب طهارة الماء أو إطلاقه و الا فهو المرجع كما هو ظاهر و من هذا القبيل ما لو شك في عروض الحدث في اثناء الوضوء فانه لا يلتفت اليه لاصالة عدمه ( تنبيه ) صرح واحد من الاعلام في المقام تبعا لما عن الحلى في السرائر بانه لا عبرة بشك من كثر شكه فانه يمضى على شكه و يبنى على صحة عمله كما في الصلوة ( و ) في الجواهر بعد ان حكى ذلك عن جملة من اصحابنا قال بل لا اجد فيه خلافا كما في الصلوة انتهى و ربما المستدل له بان اعتنائه بشكه حرج منفى في الشريعة و في كفايته لعموم المدعى تأمل و يدل عليه ايضا ما يستفاد من الاخبار الواردة في الصلوة الدالة على ان كثرة الشك من الشيطان مثل صحيحة زرارة و أبى بصير الواردة فيمن كثر شكه في الصلوة بعد ان امر بالمضي في الشك قال ( ع ) لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلوة فتطيعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرن نقض الصلوة فانه إذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم و قوله ( ع ) إذا كثر عليك السهو فامض على صلوتك فانه يوشك ان يدعك فانما ذلك من الشيطان ( و ) في صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال قلت له رجل مبتلى بالوضوء و الصلوة و قلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد الله ( ع ) واى عقل له و هو يطيع الشيطان فقلت له و كيف يطيع الشيطان فقال شكه هذا الذي يأتيه من اى شيء هو فانه يقول لك من عمل الشيطان و ربما يظهر من بعض الاخبار انه يعمل ببعض الامارات كرواية الواسطي قلت لابى عبد الله ( ع ) جعلت فداك اغسل يدى فيشككنى الشيطان انى لم اغسل ذراعي و يدي قال إذا وجدت برد الماء على ذراعيك فلا تعد قال شيخنا المرتضى ] ره [ بعد نقل الرواية و يؤيدها رفع الحرج و لكن القول بها مفقود ( أقول ) و لعل الامام ( ع ) أراد بذلك حسم مادة مرضه حيث انه ( ع ) علم ان شكه غالبا يحصل بعد صدور الفعل منه كما هو الغالب في كثير الشك و الوسواس فإذا رجع إلى الامارات و وجد إمارة الغسل مرات يزول مرضه و كيف كان فالمراد بكثير الشك بمقتضى معناه اللغوي و العرفي كثير الاحتمال في مقام لا يحتمله غيره راجحا كان ام مرجوحا ام مساويا ( و العجب ) ممن وجه كون كثير الظن ككثير الشك بانصراف ما دل على اعتباره فيما كان من متعارفه الموافق للحاصل لا غلب الناس و فيه انه لا دليل على اعتبار الظن في الوضوء حتى يدعى انصرافه إلى المتعارف ( و دعوى ) الانصراف على تقدير وجود الدليل انما تنفع بعد إثبات ان المراد من الشك الذي اخذ موضوعا للحكم المستفاد من الادلة المتقدمة مطلق الاحتمال الشامل للظن الغير المعتبر و الا فالمرجع اصالة عدم حصول الفعل في الخارج فالشأن انما هو في إثبات ذلك لا عدم حجية ظنه حتى يدعى انصراف ادلة الاعتبار كما لا يخفى ( و أعجب ) من ذلك ما ذكره بعد ذلك بقوله و اما كثير القطع فان كان متعلق قطعه الترك فلا يلتفت ايضا لنظير ما ذكر الا إذا تبين نشائه مما يفيد القطع لصحيح المزاج و ان كان الفعل فهو معتبر الا إذا تبين نشائه مما لا يفيد القطع لسليم المزاج و فيه ما لا يخفى لان وجوب متابعة القطع انما هو بإلزام العقل فلا يعقل دعوى الانصراف في دليله و علم القاطع بانه لم يتوضاء عقيب الحدث أو لم يغسل يديه بعد غسل وجهه علة تامة لالزام عقله بوجوب إيجاد المأمور به و ليس لخصوصية الاشخاص و أسباب القطع مدخلية في موضوع حكم العقل بوجوب ترتيب اثار الامر المقطوع به لان ملاك إلزام العقل انما هو إدراك الواقع و القطع بذاته طريق لادراك متعلقة فالقطاع بعد ان راى الواقع باعتقاد بحيث لا يحتمل الخطاء في حقه في خصوص هذا المورد الشخصي يرتب على ما أدركه جميع اثار الواقع بإلزام عقله و يرى منع الشارع من اتباع قطعه مناقضا لامره الواقعي و ترخيصا في ارتكاب المعصية فلا يحتمل صدوره من الشارع الحكيم و اما ما ذكره من التفصيل بين ما إذا تبين ان قطعه نشأ مما يفيد القطع لصحيح المزاج دون غيره ففيه مضافا إلى ما عرفت من عدم إمكان التصرف في طريقية القطع انه لا يرجع إلى محصل اذ غاية الامر ان القطاع يقطع بحصول قطعه من سبب عادي أو بحصوله من سبب عادي الا ان اعتبار هذا القطع ايضا مشروط بكونه من سبب عادي و هكذا فيتسلسل و كيف كان فضعف هذا الكلام بمكان و ان صدر من واحد من الاعلام و لتمام الكلام مقام آخر و الله مقيل العثرات و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث اى لم يستيقن الحدث بعدها لم يعد الوضوء بلا خلاف فيه نصا و فتوى نعم يظهر من المحكي عن شيخنا البهائي ] ره [ خلافه فيما لو ظن بالحدث حيث قال فيما حكى عن حبله المتين بعد ان صرح أولا بان ما ذكروه من ان اليقين لا يرفعه الشك يرجع إلى استصحاب الحال إلى ان يعلم الزوال فان العاقل إذا التفت إلى ما يحصل بيقين و لم يعلم و لم يظن ما يزيله حصل له الظن ببقائه ما صورته ثم لا يخفى ان الظن الحاصل بالاستصحاب فيمن تيقن الطهارة و شك في الحدث لا يبقى على نهج واحد بل يضعف بطول المدة شيئا فشيئا بل قد يزول الرجحان و يتساوى الطرفان بل ربما يصير الطرف الراجح مرجوحا كما إذا توضاء عند الصبح مثلا و ذهل عن التحفظ ثم شك عند الغروب في صدور الحدث منه و لم يكن من عادته البقاء على الطهارة إلى ذلك الوقت و الحاصل ان المدار على الظن فما دام باقيا فالعمل عليه و ان ضعف انتهى و يدفعه مضافا إلى عدم القول باناطة اعتبار الاستصحاب بالظن الشخصي و لو من القائلين باعتباره من باب الظن كما تقرر في الاصول الاخبار المستفيضة ( منها ) قوله ( ع ) في ذيل موثقة عبد الله بن بكير و اياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك أحدثت ( و منها ) صحيحة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) قال قلت له الرجل ينام و هو على وضوء
(209)
ما يعتبر في جريان قاعدة الفراغ
حكم الشك في شئ من الوضوء بعد الفراغ
توجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد تنام العين و لا ينام القلب و الاذن و إذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء قلت فان حرك إلى جنبه شيء و لم يعلم به قال لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك امر بين و الا فانه على يقين من وضوئه و لا ينقض اليقين ابدا بالشك و انما ينقضه بيقين آخر و كذا لو شك في الحدث في اثناء الوضوء مطلقا أو شك في شيء من افعال الوضوء أو الشرائط المعتبرة فيها بعد انصرافه عن حالة الوضوء لم يعد الوضوء اما الاول فلما اشرنا اليه فيما سبق من حكومة الاصل الموضوعي و هو اصالة عدم خروج أسباب الحدث كاستصحاب طهارة الماء و إطلاقه على قاعدة الشغل و استصحاب الحدث الذي توضأ عنه و اما الثاني فلقاعدة الصحة و عدم الاعتناء بالشك في الشيء بعد الفراغ منه كما يدل عليها في خصوص المورد مضافا إلى الاجماع و غيره من الادلة الاخبار المستفيضة التي تقدم بعضها فيما سبق ( تنبيهات ) الاول هل يكفى في عدم الالتفات إلى الشك مجرد الفراغ من الوضوء ام يعتبر انصرافه عن حال الوضوء و اشتغاله بما عداه و لو حكما فيه وجهان من إناطته في صحيحة زرارة بالقيام من الوضوء و الفراغ منه و صيرورته في حال اخرى من صلوة و غيرها و كذا في موثقة ابن ابى يعفور بالدخول في الوضوء و من تعليق الاعتناء بالشك في ذيل الموثقة المسبوق لبيان ضابط الحكم بكونه في الشيء الذي يشك فيه و عدم تجاوزه عنه من دون تقييده بالدخول في غيره فيحتمل قويا جرى القيد في صدر الموثقة و كذا في الصحيحة مجرى العادة الا انه يمكن ان يقال ان ترك التقييد في ذيل الموثقة انما هو لجرية مجرى العادة اذ الغالب ان المتوضئ بعد فراغه من الوضوء ينتقل عن حالة إلى حالة اخرى ( و ) لكن الانصاف ان ظهور الذيل في اناطة الحكم وجودا وعد ما بكونه مشغولا بالعمل و فراغه منه أقوى و يعضده إطلاق قوله ( ع ) كلما مضى من صلوتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه كما هو و قوله ( ع ) في خبر بكير بن اعين في الرجل يشك بعد ما يتوضأ هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك بل و لعله يمكن استفادة ذلك من صحيحة زرارة ايضا حيث ان المنسبق إلى الذهن من قوله ( ع ) فإذا قمت من وضوئك و فرغت منه و صرت في حال اخرى ان هذه الجمل المتعاطفة المترادفة عبارات مختلفة عن المعنى الذي أنيط به الحكم فاول الوجهين أظهرهما و لكن الثاني احوط و لا فرق في عدم الالتفات إلى المشكوك بمجرد الفراغ بين الجزء الاخير و غيره الا ان إحراز الفراغ في الجزء الاخير يتوقف على تخلل فصل يعتد به بحيث تنتفى الموالاة أو دخوله في الوضوء مما هو مترتب عليه شرعا أو عادة و هذا هو السر في تفصيل جماعة من الاساطين بين الجزء الاخير و غيره و الا فليس قولهم تفصيلا في المسألة ( و ) لو راى المتوضئ نفسه فارغا من الوضوء قبل انتقاله من حاله ثم شك فيه و هو قاعد على وضوئه فمقتضى الادلة المتقدمة وجوب تدارك المشكوك و الالتفات إلى شكه لان عدم الالتفات موقوف على إحراز الفراغ و هو مشكوك و مجرد الاعتقاد لا ينفع في ذلك خلافا للمحكي عن جماعة من عدم الالتفات إلى شكه و يمكن الاستدلال لهم ببعض الاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك مثل ما عن الخصال بسنده عن محمد بن مسلم عن ابى عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من كان على يقين ثم شك فليمض على يقينه فان الشك لا ينقض اليقين و في رواية اخرى من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع بالشك فان ظاهر هاتين الروايتين عدم جواز رفع اليد عن اليقين السابق بمجرد زوال الاعتقاد و صيرورة المتيقن مشكوكا فمفادهما اعتبار قاعدة اليقين ( و دعوى ) ان المراد بهما ان الشيء الذي احرز وجوده باليقين في الزمان السابق لا يرفع اليد عنه بصيرورته مشكوكا في الزمان اللاحق يعنى انه لا يرفع اليد عن الموجود السابق الذي شك في بقائه فيكون مفادهما حجية الاستصحاب و يكون ذكر لفظ اليقين في القضيه على هذا التقدير لاجل كونه طريقا محضا لاحراز متعلقة من دون ان يكون له مدخلية في الحكم ببقاء المتيقن و عدم انتقاضه بالشك ( مدفوعة ) بمخالفتها لظاهر الروايتين من وجوه كما لا يخفى على المتامل و حمل بعض الاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك على إرادة المعنى المنطبق على الاستصحاب لبعض القرائن المحفوفة بها المستلزمة لارتكاب التأويل في بعض ألفاظ الرواية كحمل اليقين على اليقين التقديري أو التصرف في متعلقة بتجريده عن التقييد بالزمان حتى يعقل تعلق الشك و اليقين به إلى ذلك من المحتملات لا يقتضى حمل الاخبار التي لا قرينة فيها عليه هذا و لكن الذي يوهن ظهور الروايتين ان هذه القاعدة بعمومها مما لا يمكن الالتزام به اذ لا يظن بأحد القول بعدم الاعتناء بالشك في وجود شيء بمجرد كونه في الزمان السابق متيقن الوجود فلا يبعد ان يكون المراد من الروايتين انه إذا شك في صحة شيء بعد ان كان على يقين من صحته فليمض على يقينه لا الشك في أصل وجوده فلا يبعد الالتزام بمفادهما على هذا التقدير و ان كان اعم من مجرى قاعدة الصحة فلو تمت هذه القاعدة يكون دليلها حاكما على جميع الادلة المثبتة للشاك حكما شرعيا كما لا يخفى وجهه فلا يعارضها ظهور الادلة المتقدمة في وجوب الالتفات إلى الشك في المقام الثاني لا فرق في جريان قاعدة الصحة بعد الفراغ من العمل بين ما لو احتمل الاخلال بشيء من اجزائه و شرائطه نسيانا أو عمدا لاطلاق الاخبار المتقدمة ( و دعوى ) الانصراف إلى الاول مسموعة و اما لو احتمل ترك شيء جهلا بان نشأ شكه عن الجهل بالحكم أو موضوعه كما لو شك في انه غسل المرفقين من الذراعين ام لا لعدم علمه بوجوبه أو عدم