المجلد الثاني من كتاب مصباح الفقية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين ( و اما الغسل ) ففيه الواجب و المندوب فالواجب منه على الاصح ستة اغسال غسل الجنابة و الحيض و الاستحاضة التي تثقت الكرسف و النفاس و مس الاموات من الناس قبل تغسيلهم و بعد بردهم و غسل الاموات بلا خلاف ظاهرا في شيء منها عدا غسل المس فعن المرتضى ] ره [ القول باستحبابه و ستعرف ضعفه في محله ] انش [ و الظاهر انحصار الاغسال الواجبة في الستة المذكور خلافا لما حكى عن بعض فاضافوا إليها غيرها مما سيأتي التعرض له عند بيان الاغسال المندوبة ( و ) ينبغى ان يكون بيان ذلك اى الاغسال الواجبة في طى ستة فصول و لكن المصنف قدس سره لم يذكر لغسل مس الميت فصلا مستقلا لقلة مباحثه و انما تعرض له اجمالا في الاحكام الميتة و بين ما عداه من الاغسال الواجبة في ضمن خمسة فصول ( الفصل الاول ) في غسل الجنابة و النظر فيه في بيان امور ثلثة السبب اى الامور المؤثرة في حدوثها و الحكم اى الاثر الشرعي المترتب عليها عند تحققها و كيفية الغسل المؤثر في ازالتها اما سبب الجنابة فأمران أحدهما الانزال الذي هو عبارة عن خروج المنى إلى ظاهر الجسد ] مط [ فيثبت به الجنابة إذا علم ان الخارج منى سواء قارنته الشهوة أو الدفق أو فتور الجسد ام لا و المناقشة بعدم انفكاكه عادة عن جميع هذه الاوصاف أو تعذر حصول العلم بكون الخارج منيا عند فقدها بعد التسليم خارجة من دأب المناظرة لان صدق الشرطية لا يتوقف على تحقق الشرط و المقصود بيان ان خروج المنى بذاته سبب للجنابة و هذه الاوصاف معرفات لا ان لها مدخلية في التأثير بلا خلاف فيه ظاهرا بل في الجواهر ان حكاية الاجماع عليه تقرب ( من ) إلى التواتر بل عن ظاهر بعضهم دعوى إجماع المسلمين عليه عدا ابى حنيفة على ما نقل عنه من اعتبار مقارنة الشهوة التلذذ في وجوب الغسل فان أراد المناقشة في الصغرى بدعوى توقف تحقق المنى على الشهوة ( ففيه ) مضافا إلى ما عرفت منع ظاهر خصوصا لو أراد توقفه على الشهوة عين الخروج إلى ظاهر الجسد و ان أراد المخالفة في الحكم الشرعي كما هو الظاهر فكفى مخالفته دليلا على صدق من خالفه ( و يدل ) على المدعى مضافا إلى الاجماع الاخبار الكثيرة التي يستفاد منها سببية الانزال من حيث هو لوجوب الغسل من دون تقييده بكونه مع الشهوة مثل الاخبار المستفيضة المعلقة وجوب الغسل في بعضها بخروج الماء الاعظم و في بعضها بالمنى و في بعضها بالانزال إلى ذلك من الاخبار التي سيمر عليك بعضها ] انش [ و لا يعارضها ما ورد في بعض الاخبار الاتية في حكم المرئة من تعليق وجوب الغسل عليها بانزالها من شهوة لان كونه كذلك هو السبب العادي الذي به يعرف المنى عن غيره عند الملاعبة و التفخيذ و نحوهما كما هو مورد الاخبار فلا يدل التعليق في مثل المقام على التقييد حتى ينافى المطلقات ( و لا ) فرق في سببية الانزال بين الرجل و المرئة بلا خلاف فيه ظاهرا بل حكى عليه دعوى الاجماع عن جماعة بل عن المصنف في المعتبر و العلامة في المنتهى و عن غيرهما ان عليه إجماع المسلمين نعم حكى عن ظاهر الصدوق في المقنع خلافه لكن ذيل عبارته المحكية عنه في الحدائق ربما يعطى عدم مخالفته قال ان احتلمت المرئة فانزلت فليس عليها غسل و روى ان عليها الغسل إذا أنزلت و هو في الرجل مجمع عليه رواية و اما في المرئة فعلى أشهرها و كيف كان فمما يدل على وجوب الغسل عليها مضافا إلى الاجماع و الادلة المطلقة النصوص الخاصة المستفيضة التي كادت تكون متواترة منها صحيحة محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السلام في الرجل يجامع المرئة فيما دون الفرج و تنزل المرئة هل عليها غسل قال نعم ( و ) صحيحة عبد الله بن سنان قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن المرئة ترى ان الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل قال تغتسل ( و عن ) إسمعيل بن سعد الاشعرى قال سئلت الرضا ( ع ) عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى تنزل الماء من ان يباشر يعبث بها بيده حتى تنزل قال إذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل ( و ) عن محمد بن الفضيل قال سئلت ابا الحسن ( ع ) عن المرئة تعانق زوجها من خلفه فتحرك على ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها الغسل أولا يجب عليها الغسل قال إذا جائتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها الغسل ( و عن ) الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) قال سألته عن المرئة ترى في المنام ما يرى الرجل قال ان أنزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها الغسل ( و عن ) محمد بن الفضيل ايضا بسند آخر عن ابى الحسن ( ع ) قال قلت له تلزمني المرئة أو الجارية من خلفى و انا متكى على جنب فتتحرك
(219)
ما يكفى في المريص من العلائم
على ظهري فتأتيها الشهوة و تنزل الماء ا فعليها غسل ام لا قال نعم إذا جائت الشهوة و أنزلت الماء وجب عليها الغسل ( و عن ) معوية بن حكيم قال سمعت ابا عبد الله ( ع ) يقول إذا امنت المرئة و الامة من شهوة جامعها الرجل أو لم يجامعها في نوم كان ذلك أو في يقظة فان عليها الغسل و عن ابى طلحة انه سئل عبدا صالحا عن رجل مس فرج إمرأته أو جاريته يعبث بها حتى أنزلت عليها غسل ام لا قال أ ليس قد أنزلت من شهوة قال بلى قال عليها غسل ( و عن ) محمد بن اسماعيل قال سئلت ابا الحسن ( ع ) عن المرئة ترى في منامها فتنزل عليها غسل قال نعم إلى ذلك من الاخبار التي تدل على وجوب الغسل على المرئة بالانزال لكن في بعضها نهى عن تحديثهن بذلك كى لا يتخذنه علة مثل صحيحة اديم بن الحر قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن المرئة ترى في منامها ما يرى الرجل عليها غسل قال نعم و لا تحدثوهن بذلك فيتخذنه علة و لا يبعد ان يكون النهى عن تحديثهن مع وجوب اعلامهن عند الحاجة ندرة ابتلائهن بذلك مع ما في تعليمهن من خوف المفسدة ( و اما ) ندرة ابتلائهن بذلك فلما قيل من ان منى المرئة قلما يخرج من فرجها لانه يستقر في رحمها و لعله لذا نفى الامام ( ع ) وجوب الغسل عليهن في عدة اخبار ففى رواية عمربن يزيد قال اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة و ليست ثيابي و تطيبت فمرت في وصيفة لي ففخذت لها فأمذيت انا و امنت هى فدخلني من ذاك ضيق فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال ليس عليك وضوء و لا عليها غسل ( و في ) روايته الاخرى قال قلت لابى عبد الله ( ع ) الرجل يضع ذكره على فرج المرئة فيمنى عليها غسل فقال ان اصابها شيء من الماء فلتغسله و ليس عليها شيء الا ان يدخله قلت فان امنت هى و لم يدخله قال ليس عليها الغسل ( و ) خبر ابن اذينة قال قلت لابى عبد الله عليه السلام المرئة تحتلم في المنام فتهريق الماء الاعظم قال ليس عليها غسل ( و ) صحيحة ابن مسلم قال قلت لابى جعفر ( ع ) كيف جعل على المرئة إذا رات في النوم ان الرجل يجامعها في فرجها الغسل و لم يجعل عليها الغسل إذا جامعها دون الفرج في اليقظة فامنت قال لانها رات في منامها ان الرجل يجامعها في فرجها فوجب عليها الغسل و الاخر انما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لانه لم يدخله و لو كان أدخلت التفطة وجب عليها الغسل امنت أو لم تمن ( و خبر ) عبيد بن زرارة قال قلت له هل على المرئة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل قال لا و أيكم يرضى أو يصبر على ذلك ان يرى بنته أو اخته او زوجته أو واحدة من قرابته قائمة تغتسل فيقول مالك فتقول احتلمت و ليس لها بعل ثم قال لا ليس عليهن ذلك و قد وضع الله ذلك عليكم فقال و ان كنتم جنبا فاطهروا و لم يقل ذلك لهن و لكن الانصاف ان تنزيل هذا الاخبار على كثرتها و تظافرها على إرادة نفى الغسل إذا تحقق الانزال و استقر المنى في الرحم و لم يخرج إلى ظاهر الجسد بعيد جدا أللهم الا ان يكون خروج منى المرئة في غاية الندرة و يكون حكمة اخفاء الحكم مخافة الفتنة ( و الاولى ) رد علمها إلى أهله و أحسن محاملها في مقام التوجيه حملها على التقية كما في الوسائل و الحدائق و غيرهما احتمالها و لا ينافيه دعوى المصنف و العلامة إجماع المسلمين على الوجوب لا لمجرد إمكان اظهار الحكم المخالف للواقع تقية لبعض المصالح و لو لم يكن مذهب لاهل الخلاف بل لامكان ان يكون مقصودهما الاجماع في عصرهما الذي انحصر فيه اراء المخالفين في المذاهب الاربعة و انقرض عصر من خالفهم من سابقيهم و قد صرح في الوسائل بتحقق الخلاف بينهم في ذلك و ناقش بذلك في دعوى المصنف إجماع المسلمين و لكنك عرفت اندفاعها لعدم منافاة الخلاف في الاعصار السابقة لدعوى الاجماع بعد انقراض عصر المخالفين و كيف كان فمما يؤيد صدورها تقية بل يدل عليه صحيحة ابن مسلم و خبر عبيد بن زرارة اما صحيحة ابن مسلم فتقريب دلالتها ان ظاهر السوأل و صريح الجواب كون رؤية الجماع في الفرج في النوم مطلقا كاليقظة سببا لوجوب الغسل امنت أو لم تمن و هذا الحكم كما تراه مخالف لضرورة المذهب مع ان سوق كلام السائل يعطى كونه من المسلمات في عصره و ذلك لا يكون بحسب الظاهر الا لاجل معروفيته لديهم من قبل المخالفين فيستكشف من ذلك شيوع هذا القول بين المخالفين في زمان الباقر عليه السلام كما يستشعر ذلك من تعليل الامام ( ع ) بما يناسب مذهبهم مما لا حقيقة له حيث علل وجوب الغسل عليها ] ح [ بكونه إدخالا في الفرج و هو كما تراه توجيه صوري المطلب ظاهري فما الجائه إلى ان يعلل لوجوب الغسل بالاحتلام و لو لم تمن هو الذي الجائه إلى التعليل لعدم الوجوب إذا امنت بغير الجماع و اما خبر عبيد فمفاده سببية إنزال المرئة كالرجل للجنابة و لكن الله ] تع [ وضع عنها التكليف و لم يكلفها بالتطهر عنها حيث وجه الخطاب بالتطهر عن الجنابة إلى خصوص الرجال و هذا المعنى بإطلاقه مخالف للسنة القطعية و الاستشهاد بظاهر الاية بحسب الظاهر استدلال صوري إقناعي بمقتضى مذاق القوم و الا فالظاهر ان المقصودين بالخطاب بالوضوء و الغسل و التيمم في الاية جميع المؤمنين لا خصوص الرجال منهم و مما يؤيد كون الاستدلال صوريا استشهاده ( ع ) أولا بعدم رضائهم باغتسالها فان هذا النحو من التعبير و الاستدلال اشبه شيء بمذاق من يعمل بالاستحسانات في معرفة الاحكام الشرعية التعبدية و كيف كان فهذه الرواية كسابقتها مع قطع النظر عن شذوذها و اعراض الاصحاب عنها و معارضتها بالاخبار المعتبرة المشهورة المعمول بها عند الاصحاب من الروايات التي يشكل الاعتماد عليها بل لا يبعد دعوى كونها مما امرنا بطرحها خصوصا بملاحظة ما في بعض الروايات من قوله ( ع ) ما سمعت
(220)
من وجد على ثوبه او جسده المنى
منى يشبه قول الناس ففيه التقية و ما سمعته منى لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه ( و بما ) ذكرنا اتضح لك فساد ما حكى عن بعض متأخري المتأخرين الذي لا يعتنى بفتاوى الاصحاب و لا يبالي مخالفة إجماعهم حيث مال أو قال باستحباب الغسل و عدم وجوبه عليهن لكثرة الاخبار النافية صراحتها و تأكد دلالتها بالتعليل في بعضها بانه أيكم يرضى ان يرى ] الخ [ و بالتعليل بان الله ] تع [ وضعه عليكم فقال و ان كنتم جنبا فاطهروا و لم يقل ذلك لهن إلى ذلك توضيح ما فيه ان هذه المؤكدات التي اعتمد عليها في ترجيح الدلالة اوهنتها على وجه يشكل الاعتماد عليها على تقدير سلامتها من المعارض و مخالفة الاصحاب فضلا عن اعراض الاصحاب عنها و معارضتها بما هو ارجح منها بوجوه من الترجيحات المنصوصة و ليست المعارضة بين الاخبار من قبيل النص و الظاهر حتى يمكن الجمع بينها بتأويل الظاهر بالنص كما تخيله هذا البعض اذ لو بني على الجمع بين قوله ( ع ) في عدة من الاخبار وجب عليها الغسل و في بعضها فانما عليها الغسل أو عليها غسل و بين قوله لم يجب عليها الغسل أو ليس عليها الغسل مع كونهما من قبيل المتناقضين في الظاهر فعلى اى مورد ينزل الاخبار الكثيرة الا مرة بالرجوع إلى المرجحات عند تعارض الخبرين فالمتعين في مثل المقام هو الرجوع إلى المرجحات هذا على تقدير حجية مثل هذه الاخبار الشاذة و عدم سقوطها عن مرتبة الحجية باعراض الاصحاب عنها و الا فالكلام ساقط عن اصله ثم انه لا ريب و لا اشكال كما هو ظاهر النصوص و الفتاوى بل صريح بعضها في ان وجوب الغسل معلق على خروج المنى إلى خارج الجسد و الظاهر عدم الفرق بين خروجه من الموضع المعتاد و غيره انسد الطبيعي ام لا لاطلاقات الادلة بل قوة ظهورها في اناطة الحكم بخروج الماء الاعظم من حيث ذاته من دون اعتبار وصف فيه ( و ) قيل باعتبار الاعتياد بدعوى انصراف المطلقات إلى المتعارف المعتاد فالأَصل برائة الذمة فيما عداه من وجوب الغسل و ليس بشيء لان الانصراف لو سلم فهو بدوي منشائه انس الذهن اذ ليس انصراف الموضع المعتاد من مثل قوله ( ع ) إذا امنت المرئة أو إذا جائتها الشهوة فانزلت الماء أو انما الغسل من الماء الاكبر إلى ذلك من العبائر المطلقة الواردة في النصوص الا كانصراف ذهن المخاطب المأمور بشراء اللحم بدينار إلى الدينار الموجود في كيسه بالفعل لانس ذهنه اليه و لا إعتداد بمثل هذه الانصرافات أصلا ( و قد ) عرفت في مبحث الحدث الاصغر ان الاقوى عدم اعتبار الاعتياد هناك مع كثرة الاخبار الواردة المقيدة للناقض بما يخرج من طرفيك الاسفلين الذين أنعم الله بهما عليك ففى المقام أولى بعدم اعتبار الاعتياد و لعله لذا أطلق المصنف ] قده [ كغيره القول بسببية الخارج في المقام مع تقييده بالاعتياد هناك و احتمال كون إطلاقهم منزلا على ما بينوه في الحدث الاصغر بعيد في الغاية فما صدر من بعض من نسبة هذا القول إلى المشهور استنباطا من مقالتهم في الحدث الاصغر ليس على ما ينبغى الجواز التفصيل بين المسئلتين ( و ) ليت شعري هل القائل باعتبار الاعتياد في المخرج الطبيعي اعتبر العادة في خصوص المنى أو اكتفى باعتياد خروج ما من شانه ان يخرج من الفرج فكونه معتادا للبول يكفى في ذلك و لا يظن بهم إرادة المعنى الاول و ان كان أوفق بظاهر كلامهم ( اذ ) من المستبعد جدا ان لا يقولوا بجنابة من خرج منيه في ابتداء بلوغه من المخرج الغير الطبيعي الذي صار معتاد البوله من حداثة سنه و كيف كان فيتفرع على الخلاف حكم الخنثى المشكل فيجب عليه الغسل بخروج المنى مطلقا على الاول و لا يجب على الثاني الا إذا خرج من كلا المخرجين المعلوم كون أحدهما طبيعيا أو من أحدهما بشرط الاعتياد هذا كله فيما إذا علم بان الخارج منى فان اشتبه ذلك فلا شيء عليه كما لو اشتبه نفس الخروج لان اليقين لا ينقضه الشك لكن لا يعد من موارد الاشتباه ما إذا حصل ما يشتبه كونه منيا و كان واجدا للاوصاف الملازمة له عادة بان كان رافقا يقارنه الشهوة و فتور الجسد فانه إذا اجتمع فيه هذه الاوصاف فقد وجب الغسل و الامتناع من دخول المساجد و قراءة العزائم و غيرها من الاحكام التي سيأتي تفصيلها لقضاء الوجدان بشهادة العرف و العادة مضافا إلى تصريح جل الاعلام لو لا كلهم بان ما اجتمع فيه الاوصاف هو الماء الاعظم الذي رتب الشارع عليه احكامه و يفصح عن ذلك مضافا إلى ما عرفت صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى ( ع ) قال سئلته عن الرجل يلعب مع المرئة و يقبلها فيخرج منه المنى فما عليه قال إذا جائت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس و ما استشكله بعض في مفاد الرواية لاجل موافقته لمذهب العامة من حيث اعتبار مقارنة الشهوة في وجوب الغسل ( مدفوع ) بان الشرطية جارية مجرى العادة و مسوقة لبيان تحقق الموضوع كما نبه عليه في التهذيب حيث قال ان قوله ( ع ) و ان كان انما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس معناه ان لم يكن الخارج الماء الاكبر لان المستبعد من العادة و الطبايع ان يخرج المنى من الانسان و لا يجدله شهوة و لا لذة انتهى و فرض السائل كون الخارج منيا لا ينافي إرادة تشخيص ماهيته بذكر أوصافه المختصة به في طى الجواب بحيث ينجسم به مادة الاشكال في موارد الاشتباه هذا مع انه حكى في الوسائل عن كتاب على بن جعفر انه قال في سؤاله فيخرج منه الشيء فعلى هذا يكون الامر أهون و على تقدير تسليم ظهوره في إرادة التقييد فلا بد من صرفه عن هذا الظاهر بقرينة الادلة المتقدمة ( و كيف ) كان فقد نسب إلى العلماء في المقام أقوال متكثرة فعن بعضهم اعتبار اجتماع الاوصاف الثلثة السابقة و كفايتها في الحكم بالجنابة كظاهر المتن و غيره و صريح بعض متأخري المتأخرين ( و عن ) ظاهر
(221)
حصول الجنابة بالدخول في القبل
من علم الجنابة وشك انها قبل الغسل او بعده
بعضهم اعتبار كون رائحته كرائحة الطلع و العجين رطبا و بياض البيض جافا مع الاوصاف السابقة و عن ظاهر بعض الاكتفاء بالدفق و الشهوة ( و ) عن بعض آخر الاكتفاء بالدفق و فتور البدن و عن ظاهر آخرين اعتبار الدفق خاصة ( و ) عن صريح جماعة الاكتفاء بحصول واحد من الاوصاف الثلثة ( و ) عن بعض الاكتفاء بالرائحة فقط مع نفى الخلاف عنه و الذى يقوى في نفسى ان أكثر من تعرض لذكر الاوصاف لم يتعلق غرضه الا بذكر أوصاف المنى بحيث يمتاز به عن غيره و يرتفع بملاحظتها الشك في موارد الاشتباه لا انه يجب الالتزام تعبدا يكون ما وجد فيه الاوصاف منيا و لو لم يحصل الوثوق بذلك فلا يتوجه عليهم الاعتراض بعدم الدليل على اعتبار الرائحة أو اللون أو كفاية بعض الاوصاف فمقصودهم ان هذه الاوصاف لما كانت من أوصاف المنى التي لا تنفك عنه عادة ربما يحصل الوثوق عند إحساس شيء منها بكونه منيا و كيف كان فالأَقوى انما هو اعتبار العلم اوما هو بمنزلته ( و اما ) اجتماع الاوصاف الثلاثة فهو طريق علمي بشهادة العرف و الشرع و معه لا إعتداد بالترديد الشخصي الحاصل ممن يتردد نعم كل واحد من الاوصاف حتى الرائحة و اللون ربما يورث الوثوق و الاطمينان بكون الخارج منيا لو لم يعلم بانفكاكه عما عداه من الاوصاف بل الانصاف انه فلما ينفك خروجه من شهوة يقارنها الفتور عن الجزم بكون الخارج منيا و لذا لا ينبغى ترك الاحتياط بالغسل عند عدم العلم بالانفكاك خصوصا بالنظر إلى ما في واحد من الاخبار الدالة على وجوب الغسل عند إنزال الماء من شهوة ( بل ) لو لا ورود هذه الاخبار مورد العادة القاضية بحصول العلم غالبا بان ما ينزل من شهوة هو الماء الاعظم الذي تعلق به الحكم و عدم انفكاك إنزاله من شهوة من ساير الاوصاف في معتدل المزاج لكان ظاهرها كفاية الخروج من شهوة و لو مع الانفكاك عن ساير الاوصاف في الحكم بالجنابة تعبدا لكن جريها مجرى الغالب منعها من هذا الظهور ( و مما ) يشهد بورودها مورد الغالب صحيحة على بن جعفر التي هى أظهر في كونها مسوقة لبيان الضابط الدالة على اعتبار مجموع الاوصاف في تشخيص موضوع الحكم و ذيلها يشهد بالملازمته بين الاوصاف حيث اعتبر في موضوع الشرطية الثانية التي هى في الحقيقة تعبير عما يفهم من الشرطية الاولى عدم وجدان شيء من الاوصاف و هذا لا يستقيم الا بملاحظة الملازمة الغالبية ( ثم ) لو قلنا بظهور هذه الاخبار في كفاية الشهوة المجردة و عدم صلاحية الصحيحة لتقييدها لجريها مجرى الغالب يجب رفع اليد عن هذا الظاهر للاخبار المستفيضة الدالة منطوقا و مفهوما على انه لو كان صحيحا اعتبر الدفق في وجوب الغسل و لو كان مريضا كفت الشهوة و فتور الجسد الذي لا ينفك عنها عادة خصوصا في وجوبه ففى صحيحة ابن ابى يعفور عن ابى عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يرى في المنام و يجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوين بعد فيخرج قال ان كان مريضا فليغتسل و ان لم يكن مريضا فلا شيء عليه قلت فما فرق بينهما ( قال ) لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية و ان كان مريضا لم يجئى الابعد و صحيحة معوية بن عمار قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل احتلم فلما أنبته وجد بللا قليلا قال ليس بشيء الا ان يكون مريضا فانه يضعف فعليه الغسل ( و ) صحيحة زرارة قال إذا كنت مريضا فاصابتك شهوة فانه ربما كان هو الدافق لكنه يجئى مجيئا ضعيفا ليس له قوة لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه ثم ان مفاد هذه الاخبار انه يجب على المريض ترتيب اثر المنى على الماء الخارج الذي يقارنه الشهوة و لو لم يعلم بكونه ميتا عملا بظاهر حاله الذي يقتضيه مرضه فيكون خروج الماء من شهوة طريقا شرعيا تعبديا في حق المريض لمعرفة المنى فيكون هذه الاخبار حاكمة على قاعدة عدم نقض اليقين بغير اليقين بل ربما يظهر من صحيحة ابن مسلم كفاية مجرد الاحتلام في وجوب الغسل على المريض و لو لم ير في ثوبه شيئا قال قلت لابى جعفر ( ع ) رجل راى في منامه فوجد اللذة و الشهوة ثم قام فلم ير في ثوبه شيئا قال فقال ان كان مريضا فعليه الغسل و ان كان صحيحا فلا شيء عليه ( و لكنه ) لابد من حملها على ما لا ينافى اعتبار العلم بخروج شيء منه في الحكم بالجنابة لعدم إمكان الاخذ بظاهرها كما صرح به في الحدائق حيث قال ان هذه الرواية لا تخلو من اشكال لتضمنها وجوب الغسل على المريض بمجرد وجود اللذة و الشهوة مع عدم رؤية شيء بعد انتباهه و لم يذهب اليه ذاهب من الاصحاب و لم يرد به خبر آخر في الباب بل ربما دلت الاخبار بخلافه انتهى أقول لا يبعد ان يكون المراد بالرواية ما لو احس وجود شيء في المجرى بحيث يعلم عادة بانه يخرج فيما بعد و لو مع البول كما هو الغالب في مفروض السائل اذ قلما ينفك وجدان اللذة و الشهوة ما لم يخرج الماء عن إحساس انتقاله إلى محل سيخرج بالبول و نحوه و يمكن حمل الرواية على الاستحباب و الله العالم ( و قد ) ظهر مما تقدم انه لو تجرد الماء الخارج عن الشهوة و الدفق في الصحيح و عن خصوص الشهوة في المريض مع اشتباهه لم يجب الغسل و الظاهر عدم الفرق بين الرجل و المرئة في الاحكام المذكورة ففى حال صحتها لا يجب عليها الغسل مع الاشتباه الا إذا اجتمعت الاوصاف الثلاثة المذكورة التي هى طريق علمي لمعرفة المنى بشهادة الشرع و العرف فلا يلتفت معه إلى التردد الشخصي الذي مرجعه إلى التشكيك في الموضوع العرفي الذي يشهد بتحققه جميع أهل العرف و في حال مرضها كفت الشهوة للاخبار المتقدمة و اختصاص موردها بالرجل لا يوجب قصر الحكم عليه خصوصا مع عموم العلة المنصوصة المقتضية لعموم الحكم ( بل ربما ) يقال بكفاية الشهوة في حقها مطلقا تعبدا و لو في حال صحتها الاستفاضة الاخبار بانه إذا أنزلت المرئة من شهوة فعليها الغسل و لكنك عرفت ان هذه الاخبار مسوقة لبيان وجوب الغسل
(222)
عليها بالانزال و ان تقييد الموضوع بما أنزلته من شهوة انما هو لكونها طريقا عاديا للعلم بتحقق الموضوع و كونها كذلك مانع من ظهورها في إرادة التعبد بطريقية الشهوة في الافراد النادرة التي لا يحصل بسببها العلم بكونه هو الماء الاعظم و لكن الاحتياط في حقها مما لا ينبغى تركه و الله العالم ( و ) ان وجد على جسده أو ثوبه أو فراشه أو غيرها مما يخصه منيا وجب عليه الغسل إذا اطمئن بانه منه و لم يحتمل كونه من الجنابة التي اغتسل منها و لا كونه من شخص آخر كما هو الغالب فيما إذا لم يشاركه في الثوب أو الفراش و نحوه غيره ليتحقق احتمال كونه من ذلك الغير و الا فلا يجب لاستصحاب الطهارة المتيقنة و لا يعارضه في الفرض الاول استصحاب بقاء الجنابة و وجوب الغسل المعلوم تنجزه في حقه حال حدوث المنى و عدم اغتساله من هذا المنى عند احتمال كونه من الجنابة التي اغتسل منها لان الشك في بقاء الوجوب و عدم الاغتسال منه مسبب عن الشك في حدوث جنابة جديدة منتفية بالاصل و كذا لا يعارضه في الفرض الثاني استصحاب عدم كونه من الغير الذي يشاركه في الثوب لما عرفته في مسألة الانائين الذين اشبه طاهرهما بنجسهما ان العلم الاجمالى انما يمنع من اجراء الاصول في اطراف الشبهة إذا كان مؤثرا في تنجيز التكليف على كل تقدير فحيث لا يجب عليه الغسل على تقدير كون الجنب غيره لا يمنع علمه الاجمالى بالجنابة المترددة بينه و بين الغير من استصحاب الطهارة و البناء على عدم وجوب الغسل عليه ( نعم ) لو كان الجنابة الغير بالنسبة اليه اثر فعلى من بعض الجهات كما لو أراد ان يصلى معه جمعة أو يقتدى به جماعة أو أراد ثالث ان يقتدى بهما أو بواحد منهما على تقدير كون الاخر ايضا في عرض هذا الشخص من موارد ابتلائه بالفعل يتعارض الاصلان بالنظر إلى هذا الاثر كما تقدم تحقيقه في الشبهة المحصورة ( و يدل ) على عدم وجوب الغسل عند عدم العلم بكونه منه أو احتمل كونه من الجنابات السابقة التي اغتسل منها رواية ابى بصير عن ابى عبد الله ( ع ) عن الرجل يصيب ثبوبه منيا و لم يعلم انه احتلم قال ليغسل ما وجد بثوبه و ليتوضأ و قوله ( ع ) و ليتوضأ بحسب الظاهر مسوق لبيان عدم وجوب الغسل و كفاية الوضوء لاجل صلوته لا انه يجب عليه الوضوء بسبب رؤية المنى في ثوبه ( و كيف ) كان فالرواية كادت ان تكون صريحة في عدم وجوب الغسل بمجرد رؤية المنى في الثوب لو لم يعلم بانه احتلم و حيث ان ظاهر اضافة الثوب اليه في كلام السائل اختصاصه بعد يتعذر حمل جواب الامام ( ع ) على إرادة نفى وجوب الغسل عليه إذا شاركه في الثوب غيره لا مطلقا كما عن الشيخ قدس سره جمعا بينها و بين الروايتين الأَتيتين ( نعم ) المتبادر من قول السائل و لم يعلم انه احتلم عدم علمه بكون المنى من احتلام حادث يوجب عليه الغسل بالفعل و غرضه بحسب الظاهر بيان كونه شاكا في جنابته الفعلية بحيث يكون مكلفا بالغسل ( و انما ) عبر بعدم علمه بانه احتلم لان احتمال الاحتلام هو السبب العادي للشك في الجنابة و احتمال حصولها في حال اليقظة و غفلته عنها ليس احتمالا عقلائيا يوجب تردده فيدل جواب الامام ( ع ) على عدم وجوب الغسل عليه ما لم يعلم بالجنابة سواء نشأ شكه من احتمال كون المنى الذي أصاب ثوبه من الغير أو من بقية جناباته السابقة الصادرة منه في نومه أو يقظته التي اغتسل منها و خرجت من مورد تكليفه الفعلى اما لو نشأ شكه في جنابته بالفعل عن علمه اجمالا بحصول جنابته مستقلة مرددة بين كونها قبل الغسل أو بعده فهو مع انه فرض نادر التحقق لا يلتفت اليه الذهن خلاف ظاهر السوأل حيث لا يعبر في الاستفهام عن حكم مثل هذا الفرض بمثل هذه العبارة فلا يفهم حكمه من إطلاق الجواب و كيف كان فالرواية في اعلى مراتب الظهور في ان وجدان المنى في ثوبه مختصا كان ام مشتركا لا يوجب الغسل ما لم يتقن بالجنابة و لا يعارضها موثقة سماعة قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل ينام و لم ير في نومه انه قد احتلم فوجد في ثوبه و على فخذه الماء هل عليه غسل قال نعم ( و ) موثقته الاخرى عن ابى عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصبح و لم يكن راى في منامه انه قد احتلم قال فليغتسل و ليغسل ثوبه و يعيد صلوته اما أولا فلحصول الجزم في مورد السوأل غالبا بكون المنى منه و حصوله في نومته كما نجده من أنفسنا حيث نصبح كثير اما و نجد المنى في ثوبنا و لا نتردد في حدوثه في النوم خصوصا لو وجدناه رطبا على الفخذ كما هو ظاهر سؤاله الاول حيث عبر عنه بالماء و ثانيا ان المسئول عنه في الموثقتين انما هو حكم من وجد المنى و لم ير في نومه انه قد احتلم لاحكم المتردد في أصل الاحتلام كما في الرواية السابقة و ظاهر سؤاله فيهما كون خروج المنى منه مفروعا منه عنده و لا اقل من إهماله من هذه الجهة فلا يستفاد من الجواب الا وجوب الغسل عليه في الجملة في مقابل ما حكى عن بعض العامة من اشتراط تذكر احتلامة في النوم و ما هو لازم مذهب ابى حنيفة القائل باشتراط خروجه من شهوة المقتضى للرجوع إلى البرائة في مثل الفرض من حيث الشك في تحقق شرط الوجوب و حيث ان الموثقتين مسوقتان لبيان عدم اشتراط وجوب الغسل عليه برؤيته الاحتلام في النوم لا يجوز التشبث بإطلاقهما لنفي شرطية العلم بخروجه منه في تنجز التكليف لان من شرط التمسك بالاطلاق عدم وروده لبيان حكم آخر و على تقدير تسليم ظهورهما في وجوب الغسل عليه بمجرد الرؤية و لو مع الشك في كونه منه أو من الجنابة السابقة يتعين صرفهما عن هذا الظاهر و تخصيصهما بغير الشاك جمعا بينهما و بين الرواية السابقة التي عرفت انها نص في عدم وجوب الغسل على العالم ( و دعوى ) ان النسبة بينهما العموم من وجه لظهور الموثقتين في من راى المنى في ثوبه بعد الانتباه بلا فصل و
(223)
حصول الجنابة بالدخول في الدبر
هذا بخلاف رواية ابى بصير فان موردها مطلق الشاك في الاحتلام بعد تسليمها و الاغماض عن ان الامر بإعادة الصلوة في الجواب يدل على إرادة إطلاق الحكم محديه لكون الرواية أقوى ظهورا في الاطلاق من الموثقتين ( فظهر ) لك ان القول بان رؤية المنى في الثوب المختص ] مط [ أو بعد الانتباه من النوم إمارة شرعية تعبدية حاكمة على قاعدة عدم نقض اليقين بالشك ضعيف جدا خصوصا لو كان وجه تخصيص الثوب بالمختص الجمع بين الروايات لعرائه عن الشاهد ( و ) العجب ممن ادعى الاجماع عليه نظرا إلى تعرض العلماء لذكر هذا الفرع بالخصوص فلو لا انها إمارة تعبدية لكان ذكره بعد بيانهم وجوب الغسل بخروج المنى مطلقا مستدركا ( و فيه ) ان كثيرا منهم بل جل اساطينهم كالسيد و الشيخ الحلى و العلامة و غيرهم فيما حكى عنهم عللوا وجوب الغسل عليه عند رؤيته المنى في الثوب المختص بعدم احتمال كونه من غيره فهو منه و الاعتبار بالعلم بالخروج في وقته فهذا التعليل منهم يدل على كون الحكم لديهم على القاعدة كما يؤيده تعليلهم عدم الوجوب في صورة الاشتراك و احتمال كونه من الغير بقاعدة عدم نقض اليقين بالشك من دون ان يكون في كلامهم اشعار بكون الحكم الاول على خلاف القاعدة ( و اما ) تعرضهم لذكر هذا الفرع بالخصوص فمن الجائز كونه لمكان تعرض الروايات له و وقوع الخلاف فيه بين أهله و الله العالم ثم انه بعد ان راى المنى بثوبه و حصل له العلم بجنابته يعيد بعد الغسل من صلوته ما علم وقوعها حال الجنابة و اما ما احتمل سبقها عليها فلا لقاعدة الصحة و استصحاب الطهارة السابقة التي لم يعلم بارتفاعها حين الاتيان بالصلوات التي احتمل سبقها على الجنابة ( و ) ليس هذه المسألة من جزئيات مسألة من عليه فرايض لم يحص عددها حيث نسب إلى المشهور انه يقضيها حتى يحصل له القطع بالبرائة أو الظن بها على الخلاف فان موضوع تلك المسألة ما لو علم بفوت بعض صلوته أو بطلانها على سبيل الاجمال لا ما لو علم تفصيلا ببطلان بعضها بالخصوص و شك في بطلان الزائد على ما يعلمه بالتفصيل كما فيما نحن فيه هذا مع انه قد يمنع وجوب الاحتياط في تلك المسألة ايضا بدعوى انحلال علمه الاجمالى إلى علم تفصيلي و شك بدوي فيكون بعد التحليل نظير ما نحن فيه فيرجع فيما زاد على المتيقن إلى البرائة لرجوعه إلى الشك في أصل التكليف لا في المكلف به لكنه لا يخلو عن تأمل و تحقيقه موكول إلى محله و الله العالم و لو راى بثوبه منيا و علم انه منه و لم يحتمل كونه من الجنابة التي اغتسل منها لكن شك في حدوثه قبل الغسل أو بعده وجب عليه الغسل لما يصلى فيما بعد و اما ما صلاها فقد مضت و لا اعادة عليه لقاعدة الصحة ( و اما ) وجوب الغسل عليه لما يصلى فلقاعدة الاشتغال القاضية بوجوب تحصيل القطع بالطهارة التي هى شرط في الصلوة و لا يتمشى استصحاب الطهارة المتيقنة الحاصلة بالغسل لمعارضته باستصحاب الحدث المتيقن عند خروج المنى الموجود في الثوب و عدم العلم بكونه مؤثرا في إثبات التكليف لاحتمال حدوثه قبل الغسل ضائر لان المناط في الاستصحاب إحراز وجوده في هذا الحين سواء حدث التكليف به أو بسبب سابق و لا شبهة في ثبوت الجنابة حال خروج هذا المنى و وقوع الغسل عقيب الجنابة المعلوم ثبوتها في هذا الحين معلوم و الفرق بين هذه المسألة و مسألة من راى بثوبه منيا و احتمل كونه من الجنابة التي اغتسل منها مع اشتراكهما في كون الشك في البقاء مسببا عن الشك في وحدة التكليف و تعدده هو ان رؤية المنى في تلك المسألة لا توجب العلم بثبوت التكليف في زمان مغاير للزمان الذي علم ثبوته فيه تفصيلا و علم وقوع الغسل عقيبه و هذا بخلاف ما نحن فيه فان الرؤية موجبة للعلم بثبوت التكليف في زمان لم يحرز وقوع الغسل عقيبه فاحتمال وحدة التكليف في تلك المسألة أورث الشك في ثبوت تكليف وراء ما علم سقوطه و احتمال تعدده فيما نحن فيه أوجب الشك في سقوط ما علم ثبوته ففى الاول يرجع إلى قاعدة البرائة و في الثاني إلى الاشتغال و قد تقدم الكلام في توضيح المقام بإيراد ما يتوجه عليه من النقض و الابرام بما لا مزيد عليه في باب الوضوء في مسألة من يتقنهما و شك في المتأخر فراجع و الامر الثاني الجماع فان جامع إمرئة في قبلها وجب عليهما الغسل و ان لم يتحقق الانزال بلا خلاف فيه فتوى و نصا بل النصوص عليه لو لم تكن متواترة ففى اعلى مراتب الاستفاضة لكن الاخبار الواردة في الباب في جملة منها علق الحكم على الادخال و الايلاج ( ففى ) صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ( ع ) قال سئلته متى يجب الغسل على الرجل و المرئة قال إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم و عن نوادر البزنطى صاحب الرضا ( ع ) قال سئلته ما يوجب الغسل على الرجل و المرئة فقال إذا اولجه وجب الغسل و المهر و الرجم ( و ) هذه الطائفة من الاخبار لا تخلو عن شوب من الاجمال و الاهمال لامكان ان يراد منها إدخال جميع الذكر في الفرج أو إدخاله في الجملة و لو ببعضه اى بعض أو إدخال البعض المعتد به الذي أقله مقدار الحشفة ( و لا ) يبعد دعوى ان الاخير هو الذي يتبادر إلى الذهن و ينصرف اليه الاطلاق و على تقدير منع الانصراف يتعين صرفها اليه بقرينة غيرها من الاخبار المعتبرة المستفيضة الدالة على عدم اعتبار إدخال الكل و عدم كفاية مطلقه بل انما يجب الغسل إذا التقي الختانان ( ففى ) صحيحة على بن يقطين إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل ( و في ) صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ( و ) صحيحة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) قال جمع عمربن الخطاب اصحاب النبي صلى الله عليه و آله فقال ما تقولون في الرجل اتى أهله فيخالطها و لا ينزل فقالت