الانصار الماء من الماء و قال المهاجرون إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل فقال لعلى ( ع ) ما تقول يا ابا الحسن ( ع ) فقال على عليه السلام أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من الماء إذا التقي الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر القول ما قال المهاجرون ودعوا ما قالت الانصار إلى ذلك من الاخبار ( و اما ) ما عن نوادر محمد بن على بن محبوب قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) متى يجب على الرجل و المرئة الغسل فقال ( ع ) يجب عليهما الغسل حين يدخله و إذا التقي الختانان فيغسلان فرجيهما فلا بد من تأويله بما لا ينافى الاخبار المعتبرة المستفيضة المعمول بها و يحتمل قويا ان يكون المراد من التقاء الختانين يلاقيهما من الظاهر من دون إدخال بقرينة صدره فيكون غسل الفرجين مستحبا و كيف كان فربما اشكل تصور ما أريد من التقاء الختانين نظرا إلى ما قيل من ان موضع ختان المرئة من اعلى الفرج و مدخل الذكر أسفله و هو خرج الولد و الحيض و بينهما ثقبة البول فالختانان لا يتلاقيان فلذا حملوا التلاقى و التماس على إرادة المحاذاة و شدة المقاربة مجازا و في الحدائق قال و لعل توسط ثقبة البول بين الموضعين المذكورين لا يكون مانعا من المماسة و الملاصقة و انضغاطها بدخول الذكر فتحمل الاخبار كلها على ظاهرها انتهى و لا يهمنا تحقيق ما استعمل فيه اللفظ من إرادة معناه الحقيقي أو المجازي بعد وضوح المراد و ورود تفسيره في صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع قال سئلت الرضا ( ع ) عن الرجل يجامع المرئة قريبا من الفرج فلا ينزلان منى يجب الغسل فقال ( ع ) إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل فقلت التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم فالمدار على غيبوبة الحشفة في الفرج بل الظاهر عدم الخلاف فيه هذا فيمن له الحشفة ( و اما ) من لا حشفة له كما إذا قطعت جميعها أو بعضها فالمدار على غيبوبة مقدارها كما عن المشهور بل عن بعض عدم الخلاف فيه لا لدعوى ان المراد من التقاء الختانين التقاء موضعها المقدر و من غيبوبة الحشفة غيبوبة مقدارها حتى يتوجه عليها انها مخالفة للظاهر بل لما اشرنا اليه من انه يستفاد من هذه الاخبار ان المراد من إدخال الذكر في الاخبار المطلقة ليس إدخال جميعه و لا مطلق الادخال بحيث يصدق بإدخال جزء منه بل المراد منها إدخال مقدار معتد به يتحد ذلك المقدار في المصاديق الخارجية بالنسبة إلى الافراد المتعارفة مع غيبوبة الحشفة ( نظير ) ما لو قيل في جواب أهل البلاد التي لها سور إذا سئلوا عن الحد الذي يقصر فيه المسافر إذا خفى عليكم سور البلد يجب القصر فيهم من هذا الجواب اعتبار تقدير هذا المقدار بالنسبة إلى أهل القرى و البوادى و غيرهم ممن ليس لبلدهم سور حيث يستفاد منه عدم إرادة إطلاق وجوب القصر على المسافر من الادلة المطلقة بحيث يجب عليه بمجرد الاخذ في السير بل لابد من اشتغاله بالسير اشتغالا يعادل هذا المقدار و كيف كان فاستفادة التقدير في مثل هذه الموارد يساعد عليه الفهم العرفي فما عن بعض من احتمال تحقق جنابته بمطلق الادخال نظرا إلى الاخبار المطلقة المقتصر في تقييدها بالاخبار المقيدة فيمن له الختان كاحتمال توقف جنابته على إدخال تمام الذكر بدعوى كونه هو المتبادر من قوله في بعض تلك الاخبار إذا أدخله و في آخر إذا اولجه ضعيف و أضعف منهما احتمال القول بعدم تحقق الجنابة فيه أصلا اخذا بمفهوم قوله إذا التقي الختانان الصادق بسلب الموضوع ( و فيه ) ان الشرطية بمنطوقها تدل على وجوب الغسل على من له الختان بشرط ان يمس ختانه ختانها و اما من لا ختان له فهو خارج من موضوع المنطوق فلا يفهم حكمه من المفهوم لان قضية التعليق على الشرط ليس الا عدم ثبوت الحكم المذكور للموضوع المذكور عند انتفاء شرطه ( نعم ) لو لا ان الغالب المتعارف تحقق الجماع ممن له الختان لكان مقتضى الجمع بين الاخبار الدالة على سببية التقاء الختانين للوجوب و الاخبار الدالة على سببية مطلق الادخال بعد العلم باتحاد السببين تقييد المطلقات بها و مقتضاه عدم وجوب الغسل على من لا ختان له لاصالة البرائة لا لمفهوم الشرط لكن جرى المقيدات مجرى العادة منعها عن الظهور في إرادة التقييد ( و الحاصل ) انه يستفاد من الاخبار المطلقة الاطلاق من جهتين احديهما العموم الا حوالى لو سلم و اخريهما العموم بحسب الاشخاص اما اطلاقها من الجهة الاولى فلا بد من تقييده بمنطوق الاخبار المقيدة فضلا عن مفهومها و اما من الحيثية الثانية و ان كان مقتضى القاعدة تقييدها بمنطوق هذه الاخبار بان يقيد سبب الغسل بالادخال الذي يتحقق به التقاء الختانين الا انها لورودها مورد الغالب لا يستفاد منها التقييد خصوصا في مثل المقام الذي هو بمنزلة التخصيص كما هو ظاهر و الغرض من إطالة الكلام التنبيه على ان ما قيل في تضعيف الاحتمالات المذكورة بان الشرطية في مثل قوله ( ع ) إذا التقي الختانان لورودها مورد الغالب لا ظهور لها في الاشتراط ليس على ما ينبغى كيف و قد التزمنا بمفهوم الشرط و قلنا بعدم كفاية مطلق الادخال و انما منعنا اختصاص الحكم بمن له الختان بدعوى ان التحديد بالتقاء الختانين انما هو بملاحظة الغالب فلا يستفاد منه مدخلية الحد في موضوع الحكم كما يشهد به الفهم العرفي في كثير من المقامات التي هى من هذا القبيل و لذا لا ينبغى الارتياب في وجوب الغسل لوطى المرئة في قبلها لو لم يكن لها ختان لانها ] ح [ كالرجل الذي قطعت حشفة بل الامر فيها أوضح بالنظر إلى ما ستعرف من وجوب الغسل بالوطي في دبرها ثم انه لا فرق في سببية الجماع لوجوب الغسل بين كونه صغيرا أو كبيرا عاقلا أو مجنونا مختارا أو مكرها و لا بين كون الموطوئة
(225)
وجوب غسل الجنابة على الكافر وان لم يضح منه
عدم وجوب الغسل لوطى البهيمة
كذلك لعموم السببية المستفادة من نحو قوله ( ع ) إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل و لا ينافي عدم وجوب الغسل على الصبي و المجنون بالفعل عموم سببيته لان مقتضاه وجوبه عليهما كغيرهما عند اجتماع شرايط التكليف كساير الاسباب الشرعية التي لا يختص سببيتها بالبالغين ( بل ) لا فرق في سببيته بين كون الموطوئة حية أو ميتة فيجب عليه الغسل و ان كان الموطوئة ميتة بلا خلاف فيه ظاهرا بيننا حيث نسب الخلاف فيه إلى الحنفية الظاهر في اختصاصهم به بل عن الرياض دعوى الاجماع عليه الاطلاقات الادلة و دعوى انصرافها إلى وطي الاحياء مسموعة بعد عدم الخلاف فيه مع إمكان ان يدعى ان انصرافها بدوي منشائه ندرة الوجود و الا فعلى تقدير الوجود لاخفاء في الصدق بل و كذا يجب على المرئة الغسل لو استدخلت حشفة الميت لصدق التقاء الختانين و ما في بعض الاخبار من تعليق إيجاب الغسل بالادخال و الايلاج الظاهر في استناد الفعل إلى الفاعل دون القابل جار مجرى العادة و الا للزم ان لا يجب عليهما الغسل باستدخال حشفة النائم و المغمى عليه مع انه يجب إجماعا كما عن بعضهم التصريح به فهذا كاشف عن إطلاق موضوع الحكم في النصوص و الفتاوى من دون تقييده بعرف او عادة كما يفصح عن ذلك تصريحهم بوجوب الغسل عليهما لو لف ذكره بخرقة و نحوها تشبثا بصدق غيبوبة الحشفة في الفرج عرفا مع انه من المصاديق الخفية التي يمكن دعوى انصراف الادلة عنها لو لا اعتضاد اطلاقها بفهم الاصحاب الكاشف عن قرينة داخلية أو خارجية ارشدتهم اليه نعم لا يكفى استعمال الاله المنفصلة عن الحى أو الميت الانصراف الادلة عنها جزما ( و ) هل يعرض وصف الجنابة للميت كالحي فيلحقه احكامه مثل حرمة مس القرآن على بدنه و إدخاله في المسجد ان قلنا بهما في غيره وجهان من عموم سببية الجماع للجنابة و من قصور الادلة عن إثبات تأثيره في حق من ليس من شانه ان يجب عليه الغسل لو معلقا على البلوغ و العقل و القدرة ( و ) هذا هو الاشبه خصوصا لو لم نقل بان الجنابة قذارة معنوية بل هى منتزعة من الاحكام التكليفية ( و ) ربما يستدل له بان الجنابة معروضها النفس الناطقة فلا يتصف بها الميت و فيه انه مجرد دعوى لا دليل لان عليها من الجائز ان يكون معروض الحدث كالخبث جسدا لمكلف لا روحه و ربما يستدل للاول بما روي في نباش نبش قبرا من قبور بنات الانصار و سلبها اكفانها فجامعها فسمع قائلا يقول من ورائه بعد ان فارقها يا شاب ويل لك من ديان يوم الدين يوم يقضى و اياك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى نزعتنى من حضرتى و سلبتني اكفانى و تركتني أقوم جنبة إلى حسابى فويل لشبابك من النار ( و فيه ) على تقدير صحة الرواية انه لا يصح الاستناد إلى مثل هذا الصوت الذي أنشأه الله في جماد لان يهدى به هذا الشاب في إثبات الحكم الشرعي و ترتيب اثار الجنب عليها في الظاهر ثم ان قلنا بصيرورة الميت جنبا فلا يجب غسله على الاحياء اذ مع انه لا دليل عليه لا دليل على تأثيره في رفع الجنابة و الله العالم ( و ) ان جامع إمرئة في الدبر و لم ينزل وجب الغسل على الاشهر بل المشهور على ما نسب إليهم بل عن ابن إدريس انه إجماع بين المسلمين و عن السيد انه قال لم أعلم خلافا بين المسلمين في ان الوطي في الموضع المكروه من ذكر و أنثى يجرى مجرى الوطي في القبل مع الايقاب و غيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل و المفعول به و ان لم يكن إنزال و لا وجدت في الكتب المصنفة لاصحابنا الامامية الا ذلك و لا سمعت ممن عاصرنى منهم من الشيوخ نحوا من ستين سنة يفتى الا بذلك فهذه مسألة إجماع من الكل و لو شئت ان أقول معلوم ضرورة من دين الرسول صلى الله عليه و آله انه لا خلاف بين الفرجين في هذا الحكم فان داود و ان خالف في ان الايلاج في القبل إذا لم يكن معه إنزال لا يوجب الغسل فانه لا يفرق بين الفرجين كمالا يفرق باقى الامة بينهما في وجوب الغسل بالايلاج في كل واحد منهما و اتصل لي في هذه الارنان من بعض الشيعة الامامية ان الوطي في الدبر لا يوجب تعويلا على ان الاصل عدم الوجوب أو على خبر يذكر انه في منتخبات سعد أو غيرها فهذا مما لا يلتفت اليه اما الاول فباطل لان الاجماع و القران كقوله تعالى أو لمستم النساء يزيل حكمه و اما الخبر فلا يعتمد عليه في معارضة الاجماع و القران مع انه لم يفت به فقيه و لا اعتمده عالم مع ان الاخبار تدل على ما أردناه لان كل خبر تضمن تعليق الغسل بالجماع و الايلاج في الفرج فانه يدل على ما ادعيناه لان الفرج يتناول القبل و الدبر اذ لا خلاف بين أهل اللغة واهل الشرع في ذلك انتهى و استدل له ايضا مضافا إلى نقل الاجماع و عدم الخلاف فيه بين المسلمين من السيد و ابن إدريس و ظاهر الاية و الاخبار التي تشبث بها السيد بقوله ( ع ) أ توجبون عليه الحد و لا توجبون عليه صاعا من ماء و مرسل حفص بن سوقة قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل يأتى أهله من خلفها قال هو احد المأتيين فيه الغسل و يمكن المناقشة في الجميع اما في نقل الاجماع فبعدم الحجية كما تحقق في الاصول خصوصا مع معلومية المخالف و لا سيما مع تصريح التأمل بسماع الخلاف من بعض أهل عصره و اما الاخبار التي علق الغسل فيها بالجماع و الايلاج في الفرج ففيها ان الفرج و ان عم الدبر بمقتضى تصريح اللغويين لكنه منصرف عنه في مثل هذه الاخبار لان الفرج الذي يتعارف وطئه القبل مضافا إلى شيوع إطلاقه عليه و اما الاية فظاهرها مراد قطعا و قد ورد في تفسيرها عن الباقر ( ع ) انه ما يريد بذلك الا المواقعة في الفرج و قد عرفت انصرافه
(226)
إلى القبل و اما الرواية الدالة على الملازمة بين الحد و الغسل فليس المراد منها الملازمة بين الغسل و مطلق ما عليه الحد كما هو ظاهر بل المراد منها بحسب الظاهر ان مجامعة المرئة التي هى مورد الرواية ملزوم لامرين أحدهما استحقاق حد الزنا على تقدير الحرمة و الاخر وجوب الغسل فلا وجه للتفكيك و إيجاب الحد مع انه يدرء بالشبهة و عدم إيجاب الغسل الذي هو أهون مع انهما محمولان على موضوع واحد ( و اما ) الرواية الاخيرة فمع ضعف سندها بالارسال معارضة بما سيأتي و لكن الانصاف انه لا ينبغى الالتفات إلى دعوى الانصراف في الروايات بعد فهم المشهور منها العموم و تصريح اللغويين بذلك و اما الاية فظاهرها بعد العلم بعدم إرادة مطلق الملامسة هى الملامسة المعهودة التي يكنى عنها اعنى الوطي في الموضع المستهجن ذكره من القبل و الدبر و كون الاول متعارفا لا يمنع ظهور هذا النحو من التعبير في إرادة العموم و اما ما ورد في تفسيرها فلا نسلم ظهورها في إرادة خصوص القبل فان لفظ الفرج لو سلم انصرافه إلى القبل يمكن منعه فيما إذا ورد تفصير المثل الاية الظاهرة في الاطلاق هذا مع إمكان ان يقال بعد تسليم الانصراف ان كون المتعارف من المس المعهود وقوعه في القبل مانع من ظهوره في إرادة التخصيص بل الحصر منه انما هو بالنسبة إلى ما عدا المجامعة لا بالنسبة إلى ما يعم الوطي في الدبر و اما الخدشة في الرواية الاخيرة بضعف السند فهي مخدوشة بانجباره بفتوى الاصحاب و نقل إجماعهم و لا يعارضها صحيحة الحلبي قال سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يصيب المرئة فيما دون الفرج عليها غسل إذا أنزل هو و لم تنزل هى قال ليس عليها غسل و ان لم ينزل هو فليس عليه غسل لعدم انسباق إرادة الوطي في الدبر من هذه الصحيحة بل انصرافها عنه و لو لم نقل بكون الفرج حقيقة فيه كمالا يخفى نعم يعارضها مرفوعة البرقى عن الصادق ( ع ) قال إذا اتى الرجل المرئة في دبرها فلم تنزل فلا غسل عليها و ان أنزل فعليه الغسل و لا غسل عليها ( و ) مرفوعة بعض الكوفيين عنه ايضا في الرجل يأتى المرئة في دبرها و هي صائمة لم ينقض صومها و لا غسل عليها و نحوه مرسل على بن الحكم لكن اعراض المشهور عنها مضافا إلى ما في اسنادها من الضعف أخرجها من صلاحية تقييد المطلقات بها فضلا عن معارضتها للرواية المتقدمة المجبورة بعمل الاصحاب فالقول بوجوب الغسل هو الاصح و لكن الاحتياط بالجمع بين الطهارتين مما لا ينبغى تركه و اولى بمراعاة الاحتياط ما لو وطي غلاما فاوقبه و لم ينزل فقد نسب إلى المشهور ما قال به المرتضى من انه يجب الغسل عليهما معولا على الاجماع المركب مدعيا ان كل من قال بوجوبه بوطي دبر المرئة قال به بوطي دبر الغلام بل ربما يقال ان اعتماده على الاجماع البسيط ايضا نظرا إلى عدم الاعتداد بمخالفة داود و نظرائه من أهل الخلاف في انعقاد الاجماع الكاشف عن راى المعصوم و انما الاعتماد بأقوال من عداهم و قد نص في عبارته المتقدمة بإجماعهم على وجوب الغسل بالوطي من الموضع المكروه من الذكر و الانثى ( و كيف ) كان فما ادعاه من الاجماع بسيطا كان ام مركبا لم يثبت و لذا تردد المصنف فيه في النافع و اختار العدم في ظاهر المتن و صريح المحكي عن المعتبر و ما يقال من انه إذا كان ناقل الاجماع مثل المرتضى و الحلى يجب تصديقه ما لم يثبت خلافه و لا يجوز رد قوله بعدم الثبوت ( مدفوع ) بان غاية ما يمكن دعويه انما هو حجية قول العادل أو مطلق الثقة فيما يخبر عن حس او حدس ملزوم لامر حسى كالاخبار بالعدالة و الفسق و الشجاعة من المسلكات المستكشفة من اثارها و اما اخباره في الحدسيات المستندة إلى اجتهاده فليس بحجية قطعا و الا لوجب تصديق جل من فقهائنا الاخباريين الذين يدعون القطع بصدور جميع ما يفتون به عن الامام ( ع ) فيكون قولهم حجة في جميع فتاويهم و هو بديهي الفساد ( و ) من المعلوم ان الاجماع انما يكون حجة عندنا لاشتماله على قول المعصوم ( ع ) و العادة قاضية بان ناقل الاجماع لا ينقله الا عن حدس و اجتهاد و مستند حدسه بمقتضى ظاهر عبارته بل صريح العبارة المتقدمة عن السيد ليس الا استكشاف قول الامام ( ع ) من اتفاق ساير العلماء و اتفاق جميع العلماء على حكم تعبدي من صدر الاسلام و ان كان عادة موجبا للقطع بموافقة المعصوم و وصول الحكم إليهم يدا بيد ا و اطلاعهم على دليل معتبر الا ان الاطلاع على ذلك ايضا بطريق الحس ممتنع و ما يمكن الاطلاع عليه حسا لا يستلزم القطع بموافقة الامام ( ع ) عادة و ان كان ربما يحصل القطع بالموافقة من كثرة التتبع و لكنه ليس حصول القطع ملزوما عاديا حتى يكون اخبار العادل بموافقة الامام ( ع ) نظير الاخبار بالعدالة و الشجاعة و الحاصل ان اخباره بقول الامام ( ع ) و كذا باتفاق جميع العلماء بحسب العادة لا يكون الاحدسيا مبنيا على اجتهادات الناقل ( و قد ) عرفت انه لا دليل على حجية هذا النحو من الاخبار بل الادلة قاضية بعدمها نعم اخبار السيد و الحلى بالاجماع و اشتهار القول بوجوب الغسل بين العلماء خلفا عن سلف خصوصا بين القدماء الذين هم اسبق من السيد ] قده [ في مثل هذه المسألة التعبدية يورث الظن القوي بعثورهم على مدرك صحيح أو معروفية عصر الائمة ( ع ) بين اصحاب الائمة ( ع ) بحيث وصل إلى علمائنا يدا بيد ا و انهم علموا بسبب القرائن ان موضوع الحكم في الاخبار المتقدمة هو مطلق الجماع في الفرج و ذكر المرئة فيها لخصوصية المورد و لكنه لا دليل على اعتبار مثل هذا الظن الناشي من الحدس و الاجتهاد ( فالقول ) بعدم الوجوب أوفق بالقواعد و ان كان الاحتياط مما لا ينبغى تركه و ربما يستدل للوجوب
(227)
وجوب غسل على الكافر اذا اسلم
بأولويته من وجوب الحد عليه كما استدل بها على عليه السلام و باطلاق قوله ( ع ) أدخله و اولجه و غيبة الحشفة و إطلاق حسنة الحضرمي المروية في الكافى عن الصادق ( ع ) قال قال رسول الله صلى الله عليه و اله من جامع غلاما جاء جنبا يوم القيمة لا ينقيه ماء الدينا و في الجميع نظرا ما الاولوية فقد عرفت ما فيها في الفرع السابق و اما الاخبار فهي بأسرها على ما يشهد به مواردها ليست مسوقة الا لبيان وجوب الغسل على الرجل و المرئة عند اجتماعهما و غيبوبة الحشفة فالتسرية منها إلى الغلام قياس محض و اما الحسنة ففيها أولا انها منصرفة عن الجماع الذي لا يتحقق فيه الانزال لكونه من الافراد النادرة و ثانيا ان الجنابة التي لا ينقيها ماء الدينا الجنابة التي هى موضوع مسئلتنا اعنى الحالة المانعة من الدخول في العبادات المشروطة بالطهور كيف و لو كان المراد منها تلك الجنابة لدلت الرواية على بطلان الغسل الواقع عقيبها و عدم ترتب الاثر المقصود منه عليه فتامل ( و ) لا يجب الغسل بوطي البهيمة في القبل و الدبر إذا لم ينزل كما عن المشهور للاصل السالم عن المعارض و قيل يجب بل عن ظاهر صوم المبسوط و العبارة المحكية عن المرتضى دعوى عدم الخلاف فيه و استدل له بجميع الادلة المتقدمة لوجوبه بوطي الغلام عدا حسنة الحضرمي و قد عرفت ما في جميعها من الضعف و الله العالم بحقايق احكامه تفريع الغسل من الجنابة و غيرها يجب على الكافر عند حصول سببه مقدمة للواجبات المشروطة بالطهور كما يجب على المسلم لعدم اختصاص أحكام الله تعالى فرعية كانت ام اصولية بالمسلمين بل يجب على عامة المكلفين عقلا القيام بوظائف العبودية و الايتمار بأوامر الله ] تع [ الانتهاء بنواهية فكما ان الكفار مكلفون بالاصول كذلك مكلفون بالفروع فيستحق الكافر بترك الواجبات التي أهمها الصلوة و بارتكاب المحرمات كقتل النفس و إيذاء المؤمن و شرب الخمر و غيرها عقابا زائدا على ما يستحقه بأصل الكفر و لكنه بمقتضى الاخبار الكثيرة المعتبرة لا يقبل الله تعالى منه شيئا ما لم يؤمن بالله و رسوله و اوصيائه صلوات الله عليهم أجمعين و لذا قيل بل نسب إلى المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه انه لا يصح منه شيء من العبادات المشروطة بقصد القربة في حال كفره و استدل له ايضا بانه لا يتإتى منه قصد التقرب و في الغسل و نحوه ايضا مضافا إلى ذلك باشتراطه بطهارة الماء المتعذرة في حقه و قد يناقش في الجميع ( اما ) في الاخبار المتظافرة فبان المراد بها على الظاهر عدم كون اعمالهم مقبولة على وجه تؤثر في حصول القرب و استحقاق الاجر و الثواب و هذا اخص من الصحة المبحوث عنها التي هى عبارة عن موافقة انه ؟ للمأمور به الموجبة لسقوط التكليف و اما قصد التقرب فربما يحصل من جملة من أصناف الكفار المعتقدين بالله خصوصا من منتحلى الاسلام الذين أنكروا بعض ضروريات الدين كالخوارج و النواصب و اما نجاسة الماء فنفرض اغتساله في ماء عاصم ( و لو قيل ) انه يشترط طهارة المحل المتعذر في حقه قلنا المسلم خلوه عن نجاسة عارضة و اما النجاسة الذاتية فاشتراط خلوه عنها أول الكلام فالإِنصاف ان القول ببطلان عمله على الاطلاق يحتاج إلى مزيد تتبع و تأمل في الاخبار و في كلمات الاصحاب و لكنه لا يترتب على تحقيقه ثمرة مهمة و اما أصل وجوب الغسل عليه و كذا غيره من التكاليف الواجبة في الشريعة فلا اشكال بل لا خلاف فيه على الظاهر عندنا فانه لم ينقل الخلاف فيه من احد من الخاصة و العامة الا من ابى حنيفة ( نعم ) اختار الخلاف صاحب الحدائق وفاقا لما حكاه عن المحدث الكاشاني و استظهره من المحدث الامين الاسترابادى و ان كان في ظهور ما حكاه عنه فيما ادعاه تأمل و قد اعترض على المشهور بعد اعترافه بعدم نقل الخلاف فيه ممن عدا ابى حنيفة بوجه من النظر الاول عدم الدليل و هو دليل العدم ( و فيه ) بعد النص عن الاجماع انه يدل عليه في الجملة من آيات الكتاب الدالة على مؤاخذة الكفار بظلمهم و قبائح اعمالهم قال الله تبارك و تعالى فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون فلو لا انهم مكلفون بالفروع و كانوا مرفوع القلم بالنسبة إليها كالبهائم و المجانين و كانت المحرمات و الواجبات مباحة في حقهم لما صح مؤاخذتهم و مسئلتهم عن اعمالهم فوجب ان يكون لهم بالنسبة إلى اعمالهم تكاليف و لازمه على قواعد العدلية ان يكون ما فيه حسن ملزم واجبا عليهم و ما فيه قبح ملزم محرما في حقهم و يدل عليه ايضا أما في الاحكام التي يدرك العقل حسنها أو قبحها كوجوب رد الوديعة و حرمة أكل مال الغير فالعقل يحكم بعمومها لكل مكلف و عدم اختصاصها بشخص دون شخص ( و فى ) معظم الاحكام التوصلية فيستفاد العموم من معلومية كون المقصود من الطلب صرف حصول متعلقه في الخارج من عامة المكلفين و في الاصول الضرورية مثل الصلوة و الصوم و الحج و الزكوة فيستفاد ذلك من الاخبار المستفيضة الدالة على انها مما افترضه على كافة عباده مثل رواية ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السلام قال جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترضه الله على العباد ما لا يسعهم جهله و لا يقبل منهم غيره ما هو فقال ( ع ) أعد على فأعاد عليه فقال شهادة ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله و اقام الصلوة و إيتاء الزكوة و حج البيت من استطاع اليه سبيلا وصوم شهر رمضان ثم سكت قليلا ثم قال و الولاية مرتين ] الخ [ إلى ذلك من الاخبار و الامارات التي يستفاد منها استفادة ضرورية ان مثل هذه الفرائض من الامور المهمة المعتبرة في الشريعة و قد أوجبها الشارع على كل من امره بالاسلام و مقتضى وجوب هذه الفرائض على عامة المكلفين وجوب مقدماتها عليهم كالغسل و الوضوء و غيرهما كمالا يخفى و ملخص الكلام ان من تأمل في الاخبار و الشواهد العقلية و النقلية لا يكاد يرتاب في ان معظم
(228)
احكام الجنابة حرمة قرائة سور الغرائم على
الاحكام المقررة في شريعة خاتم النبيين صلى الله عليه و اله مما احب الله تعالى ان يتادب بها كافة عباده المكلفين و لا يرضى لاحد ان يتعدى عنها فلو فرض ظهور بعض الاخبار في ما ينافى ذلك لتعين تأويله ( هذا ) مع انه يستفاد عموم الحكم في كثير من الاحكام من إطلاقات أدلتها حيث لم يقيد الاوامر و النواهي الواردة فيها بالاسلام حتى يكون الاسلام قيدا لطلباتها ( نعم ) لو احتمل في شيء من الواجبات ان يكون للاسلام مدخلية فيما يقتضيه من الحسن و الطلب كما في وجوب حفظ الفرج عن النظر لو احتمل كونه لشرافة الاسلام و لم يفهم من دليله عموم لا تجه فيه ما ذكره صاحب الحدائق و لكنه فرض نادر ينصرف عنه كلمات الاعلام هذا كله بالنسبة إلى الاحكام الاولية ( و اما ) الواجبات التعبدية التي شرعت تداركا لما فات فيما سلف كالقضاء و الكفارة فيمكن منع كونهم مكلفين بها لان صحتها مشروطة بالاسلام و هو يجب ما قبله فكيف يؤمر بها مع توقفها على ما يقتضى عدمها ( فتامل ) الثاني من وجوه النظر ما ادعاه من دلالة الاخبار الكثيرة على توقف التكليف على الاسلام ( منها ) صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام فانه قال بعد ان سئل عن وجوب معرفة الامام على من لم يؤمن بالله و رسوله كيف يجب عليه معرفة الامام و هو لا يؤمن بالله و رسوله قال فان هذه الرواية صريحة الدلالة على خلاف ما ذكروه فانه متى لم تجب معرفة الامام قبل الايمان بالله و رسوله فبطريق أولى لا تجب معرفة سائر الفروع التي هى متلقاة من الامام ( ع ) ( و فيه ) ان المنفي في الصحيحة انما هو وجوب تحصيل معرفة الامام ( ع ) على من لم يعرف الله و رسوله في حال جهله بالله و الرسول و هو محال كما يدل عليه تعجب الامام ( ع ) و لا يدعيه احد من العدلية و انما المدعى انه يجب على من لا يعرف الله و رسوله ان يعرف الله و من هو منصوب من قبله تعالى في تبليغ احكامه و يجب عليه ان يطيعه في جميع أوامره و نواهيه و هذا من المستقلات العقلية التي لا تقبل التخصيص و موضوع الوجوب بنظر العقل ليس الا نفس المكلف و قد حمل وجوب معرفة النبي صلى الله عليه و آله و الامام ( ع ) في الاخبار المتواترة على أشخاص المكلفين و لم يوخذ وصف الاسلام في شيء منها قيد الوجوب معرفة الامام ( ع ) كمالا يخفى على من راجعها ( و قد ) استشهد على ما ادعاه بروايات اخر يجب على تقدير تسليم ظهورها في مدعاه صرفها عن ظاهرها لانه يدفع بالقاطع الثالث لزوم تكليف ما لا يطاق فان تكليف الجاهل بما هو جاهل تصورا أو تصديقا تكليف بغير المقدور ( و فيه ) أولا النقض بتكليفه بالاسلام فانه جاهل به تصديقا وحله انه ان أريد من قبح تكليف الجاهل قبح توجيه الخطاب اليه و الطلب منه ففيه ان الخطاب أولا و بالذات انما يوجه إلى الجاهل فان علم منه تكليفه تفصيلا أو اجمالا يتنجز الطلب في حقه و يجب عليه الخروج من عهدته عقلا و الا فهو معذور ما لم يكن مقصرا فلا يعقل ان يكون توجيه الخطاب اليه مشروطا بعلمه ( و ) ان أريد قبح تنجيزه عليه بمعنى مؤاخذته على مخالفة ما امره به و لو لم يعلم حكمه من الخطاب أو لم يصله الخطاب الموجه اليه ( ففيه ) انه انما يقبح بالنسبة إلى القاصر دون المقصر الذي يجب عليه الفحص و السؤال و لذا لم يقل احد بمعذورية الجاهل بالاحكام الشرعية إذا عمل بالبرائة قبل الفحص عن الطرق الشرعية نعم هيهنا كلام و هو ان الجاهل المقصر اذا اغفل و وقع في مخالفة الواقعيات في زمان غفلته هل يعاقب لاجل مخالفته للاحكام الواقعية كما عن المشهور أو بسبب تركه للتعلم حين التفاته إلى الحكم و تردده كما عن الاردبيلي و صاحب المدارك ] قده [ و هذا أجنبي عما نحن فيه لان المقصود لثبات مشاركة الكفار مع المسلمين في الاحكام الواقعية و استحقاقهم للعقاب بمخالفتها في الجملة و اما تعيين ما هو سبب للاستحقاق بالنسبة إلى ما يصدر منهم في زمان غفلتهم فلسنا في مقام بيانه و قد تقرر في محله ان الاقوى ما عليه المشهور و سيأتي بعض الكلام فيه في المرتد الفطري ] انش [ و ربما يتوهم استحالة تكليف الكافر بالعبادات لعدم صحتها منه ( و فيه ) ان الممتنع انما هو امره بإيجادها صحيحة في حال كفره و لا يدعيه احد و انما المدعى انه يجب عليه في حال كفره ان يوجدها صحيحة كما انه يجب على المحدث بعد دخول الوقت ان يصلى صلوة صحيحة و لا استحالة فيه كما هو ظاهر ( الرابع ) الاخبار الدالة على طلب العلم كقولهم طلب العلم فريضة على كل مسلم فان موردها المسلم دون مجرد العاقل البالغ ( و فيه ) ما لا يخفى ( الخامس ) انه لم يعلم ان النبي صلى الله عليه و آله امر احدا ممن اسلم بالغسل من الجنابة بعد الاسلام مع انه قلما ينفك احد منهم من الجنابة في تلك الازمنة المتطاولة و لو امر بذلك لنقل و فيه بعد توجيه الاستدلال بان عدم وجوب الغسل عليه بعد ان اسلم لصلواته الا حقة كاشف عن عدم كون جنابته مؤثرة في وجوب الغسل عليه في حال كفره و الا لبقى اثرها بعد الاسلام يتوجه عليه بعد تسليم الملازمة انه لو تم لجرى مثله بالنسبة إلى الوضوء و تطهير ثيابه و اوانيه عن النجاسة الخارجية التي لا ينفك عادة ما يستعمله الكافر عنها بل جرى مثله بالنسبة إلى سائر الفروع كالصلوة و نحوها وحله ان كل من يسلم يحكم عقله بديهة بانه يجب عليه ان يتعلم أحكام المسلمين و العمل بها فإذا رجع إلى المعلم يرشده إلى شرايع الاسلام و يعرفه أحكام صلوته و صومه و يبين له انه ان كان جنبا فليتطهر و الا فليتوضأ و ليغسل ثوبه و بدنه عن النجاسات عند الصلوة و اوانيه عند الاستعمال فيما هو مشروط بطهارتها إلى ذلك مما هو مقرر في شريعة الاسلام و لا يجب امره بهذه الامور مفصلا عند اسلامه كما هو ظاهر هذا مع انه روى امر النبي صلى الله عليه و اله
(229)
حرمة مس اسماء الله تعالى
الجنب وابعاضها حرمة مس كتابة القرآن
بالغسل بعض من اسلم عند إرادة اسلامه بل ربما يظهر من بعض الاخبار ان الغسل عند إرادة الاسلام كان معروفا عندهم فلعله كان هذا الغسل كغسل الجنابة مجزيا عن كل غسل و ان كان إثباته محتاجا إلى الدليل و الله العالم ( السادس ) اختصاص الخطاب القرانى بالذين امنوا و ورود يا أيها الناس في بعض و هو الاقل يحمل على المؤمنين حملا للمطلق على المقيد و العام على الخاص كما هو القاعدة المسلمة بينهم ( أقول ) ان هذا النحو من التقييد و الحمل منه لعجيب فقد اتضح لك ان الكافر مكلف بالغسل و لكنه لا يصح منه في حال كفره فإذا اسلم وجب عليه الغسل لصلوته و نحوها و صح منه ] ح [ كما هو ظاهر بل لا ينبغى الارتياب في وجوب الغسل عليه بعد ان اسلم و ان لم نقل بكونه مكلفا به حال كفره اذ غايته انه يكون كالنائم و المغمى عليه و غيرهما ممن لا يكون مكلفا حين حدوث سبب الجنابة و لكنه يندرج في موضوع الخطاب بعد اجتماع شرائط التكليف فيعمه قوله ] تع [ و ان كنتم جنبا فاطهروا و قوله عليه السلام إذا دخل الوقت وجب الصلوة و الطهور و لا ينافي ذلك ما ورد من ان الاسلام يجب ما قبله لان وجوب الغسل لصلوته بعد ان اسلم من الامور اللاحقة فلا يجبه الاسلام و حدوث سببه قبلة لا يجدى لان الاسلام انما يجعل الافعال و التروك الصادرة منه في زمان كفره في معصية الله تعالى كان لم تكن لا ان الاشياء الصادرة منه حال كفره يرتفع آثارها الوضعية خصوصا إذا لم يكن صدورها على وجه محرم كما لو بال أو احتلم فانه كما لا ترتفع نجاسة ثوبه و بدنه المتلوث بهما بسبب الاسلام كذلك لا ترتفع الحالة المانعة من الصلوة الحادثة بسببهما خصوصا لو لم نقل بان الاثار الوضعية من المجعولات الشرعية كما هو التحقيق و انما هى امور واقعية كشف عنها الشارع أو انتزاعية من الاحكام التكليفية فكون من خرج منه المنى جنبا معناه انه يجب عليه الغسل عند وجوب الصلوة و نحوها و كيف كان فلا مجال لتوهم ارتفاع الحدث بالاسلام كمالا يتوهم ذلك بالنسبة إلى التوبة التي روى فيها ايضا انها تجب ما قبلها و لو اغتسل بعد ان اسلم أو توضاء أو تيمم ثم ارتد لم ينتقض طهارته ثم ان عاد قبل حدوث شيء من النواقض جاز له فعل ما هو مشروط بالطهور بلا اشكال و لا خلاف ظاهرا فيما عدا التيمم لانحصار النواقض فيما عداه و اما التيمم فعن المنتهى انه ينتقض بالارتداد لان الفرض منه الاباحة و قد ارتفعت و فيه ان الارتداد كنجاسة البدن بعد التيمم مانع من تأثير التيمم فعلا فيما يقتضيه فإذا ارتفع المانع اثر المقتضى اثره و الحاصل ان عدم جواز الدخول في الصلوة اعم من انتقاض التيمم فليستصحب اثره فالأَصح ان التيمم ايضا لا يبطل كما لم يبطل غسله و وضوئه و الله العالم ( و لو ) ارتد عن فطرة فان بنينا على قبول توبته و لو باطنا و كونه مكلفا بأحكام المسلمين فيما بينه و بين الله ] تع [ فحكمه ما عرفت و ان قلنا بعدم قبول توبته لا ظاهرا و لا باطنا فلا مجال للبحث عن انتقاض غسله و وضوئه لخروجه من زمرة المكلفين بالعبادات التي يتوقف صحتها على الاسلام حيث امتنع منه فلا يصح تكليفه بها لان القدرة على الامتثال شرط في صحة التكليف فالقول من ان الكفار مكلفون بالفروع في حال كفرهم انما هو فيما أمكنهم الخروج من عهدتها لا في مثل الفرض الذي تعذر صدورها منه و كونها مقدورة له قبل ارتداده لا يصحح بقاء التكليف بعد ان ارتد و تعذر منه صدور الفعل لان قبح تكليف العاجز لا يقبل التخصيص ( نعم ) قدرته السابقة تصحح تكليفه في زمان القدرة بإيجاد العبادات المشروطة بالاسلام في أوقاتها و تحسن عقابه على ما يصدر منه من مخالفتها في زمان ارتداده لا انها تصحح بقاء الطلب و جواز التكليف بعد ان تعذر و ما شاع في الالسن من ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار حتى تشبث به بعض لاثبات تكليف العاجز فيما نحن فيه و نظائره ففيه انه ان أريد منه عدم منافاة الامتناع المسبب عن اختيار المكلف للاختيار الفعلى الذي هو شرط لجواز التكليف و حسن الطلب عقلا فهو مناقضة صرفة و ان أريد عدم منافاته لاتصاف الفعل الصادر منه اضطرارا بكونه فعلا اختياريا له قابلا للاتصاف بالحسن و القبح و تعلق الامر و النهى به في الجملة فهو حق لا محيص عنه اذ يكفى في اختيارية الفعل و اتصافه بالحسن و القبح و صحة تعلق الطلب به فعلا أو تركا قدرته عليه في الجملة و لا يشترط بقاء القدرة إلى زمان حصول الفعل كما هو الشان في التكليف بالحج و نحوه و لكنه انما يقتضى هذا النحو من القدرة جواز التكليف بالفعل في زمان استطاعته و اما بعد ان صيرة ممتنعا على نفسه بان تخلف عن الرفقة فقد انقطع الخطاب و ارتفع التكليف و اندرج المكلف في الموضوع الذي استقل العقل بقبح توجيه الطلب اليه فكما ان التكليف يرتفع بالعصيان كذلك يرتفع بالامتناع لكن إذا كان الامتناع اختياريا للمكلف يكون المخالفة المسببة عنه مخالفة اختيارية فيعاقب عليها ( و هل ) يستحق العقاب من حين ترك المقدمة أو في زمان حصول المعصية وجهان أوجههما الثاني كما عن المشهور و اختار شيخ مشايخنا المرتضى ] ره [ الاول نظرا إلى انه لاوجه لترقب حضور زمان المخالفة في حسن العقاب بعد انقطاع التكليف و صيرورة الفعل مستحيل الوقوع لاجل ترك المقدمة و استشهد لذلك بشهادة العقلاء قاطبة بحسن مؤاخذة من رمى سهما لا يصيب زيدا و لا يقتله الا بعد مدة بمجرد الرمى ( و فيه ) انه لا يعقل ان يتقدم عقاب المخالفة على نفسها لان المعلول لا يتقدم على علته و ان ابيت الا عن ذلك فليلتزم بان علة الاستحقاق انما هى ترك المقدمة الذي هو سبب الترك ذيها لاترك ذي المقدمة من حيث هو غاية الامر ان حكمة سببيته ترتب ترك ذيها عليه و هذا هو القول بالعقاب على ترك المقدمة ( و قد ) تقرر في محله اما الاستشهاد له بمذمة العقلاء قاطبة و اتفاقهم بحسن المؤاخذة في المثال ففيه ان مذمة العقلاء و مؤاخذتهم انما هى على تجربة و إيجاده سبب القتل و لذا يذمونه بعد ان عرفوا ذلك
(230)
الحاق اسماء الانبياء والائمة عليهم السلام باسمه تعالى
من نيته و ان اخطأ سهمه نعم ربما يذمونه و يلومونه على إيجاده سبب استحقاق عقوبة القتل عند حصوله لا انهم يعاقبون عقوبة القتل بمجرد حصول السبب كيف مع ان القصاص واخذ الدية التي هى عقوبة القتل قبل حصوله من المستنكرات لدى العقلاء بحيث صار مثلا ثم انه ربما يستشكل في صحة عقاب تارك المقدمة بالنسبة إلى التكاليف المؤقتة التي لم تحضر أوقاتها و لكنك عرفت حله في صدر الكتاب عند البحث في وجوب الغسل لصوم اليوم فراجع و لو اغتسل المخالف غسلا صحيحا على وفق مذهبه ثم استبصر لا يعيد غسله للنص و الاجماع انه لا يعيد شيئا من عباداته ما عدا الزكوة و ربما يتأمل في شمولهما للطهارات نظرا إلى انها ليست من العبادات المحضة و انما يدور وجوبها مدار بقاء الحدث و هو لا يرتفع الا بالغسل أو الوضوء الصحيح المتعذر حصوله منه بناء على اشتراط صحة عباداته بالايمان كما ادعى عليه الاجماع و النصوص المتواترة خصوصا إذا اخل بساير الشرايط كاغتساله بعكس الترتيب أو بالمايع المضاف كالنبيذ و نحوه فان وجوب اغتساله بعد استبصاره ليس لكونه اعادة لما مضى حتى ينافيه النص و الاجماع على عدم اعادة عباداته بل لكون الطهارة من الحدث شرطا لصلوته فيما بعد فرفع حدثه بالغسل بالنبيذ ليس الا كتطهير ثوبه المتخذ من جلد الميتة بالدباغة فما دل على صحة عباداته السابقة من الصلوة و الصوم و نحوهما لا يدل على كون ثوبه الذي صلى فيه طاهرا و حدثه مرفوعا حتى لا يحتاج إلى الاعادة لما يستقبل و يمكن التفصيل بين ما لو كان البطلان ناشيا من عدم الايمان أو من الاختلال بسائر الشرائط فلا يعيد في الاول و يعيد في الثاني بدعوى انه يستفاد من النص و الاجماع الدالين على عدم اعادة عباداته و لو مع بقاء الوقت كون ايمانه اللاحق كإجازة الفضولي مصححا لاعماله السابقة المشروطة بالايمان فتكون شرطية الايمان للاعمال كشرطية طيب نفس المالك لمضى التصرفات الواقعة في ملكه فليتأمل ( فرع ) لو جامع الصبي ثم اغتسل قبل بلوغه فان قلنا بشرعية عبادته كما هو الاظهر لا يعيد و الا اعاده بعد البلوغ لاطلاق سببية التقاء الختانين لوجوب الغسل و عموم قوله تعالى و ان كنتم جنبا فاطهروا و عدم شموله له قبل البلوغ ضائر فانه يندرج في موضوع الحكم بعد ان بلغ و هو جنب كما لو أجنب في نومه فانه يعمه الخطاب بالغسل بعد انتباهه اما الحكم فيحرم عليه اى على الجنب قرائة كل واحدة من سور العزائم الاربع و هي سورة اقرأ و سورة النجم و سورة حم السجدة و سورة السجدة الواقعة عقيب سورة لقمان و لعله لعدم معروفية هذه السورة بإسم مخصوص اشتهر التعبير عنها بين علمائنا بسجدة لقمان و في الحدائق نسبه إلى غفلتهم و هو بعيد و كيف كان فلا اشتباه في المراد كما انه لاخفاء في أصل الحكم بل لا خلاف فيه و عن واحد دعوى الاجماع عليه و عن المصنف في المعتبر انه قال يجوز للجنب و الحائض ان يقرأ ما شاءا من القرآن الا سور العزائم الاربع و هي اقراء بإسم ربك و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة و روى ذلك البزنطى في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن ابى عبد الله ( ع ) و هو مذهب فقهائنا اجمع انتهى و لكنه عبر كثير من الاصحاب عنها بلفظ العزائم من دون ذكر لفظ السورة و لذا احتمل بعض ارادتهم خصوص اى السجدة و الظاهر ان مرادهم من العزائم مجموع السؤر كما يدل عليه بعض القرائن المنقولة عن كلماتهم و يؤيده دعوى الاجماع عليه عن واحد من الاساطين كالمصنف و العلامة و الشهيد و نظرائهم ممن يبعد ان يشتبه عليه مراد الاصحاب و في المدارك ان الاصحاب قاطعون بتحريم السؤر كلها و نقلوا عليه الاجماع و كيف كان يدل عليه مضافا إلى ما رواه المصنف عن البزنطى المعتضد بفتوى الاصحاب و نقل إجماعهم موثقة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) في حديث قال قلت له الحائض و الجنب هل يقرأن من القرآن شيئا قال نعم ما شاء الا السجدة و يذكر ان الله على كل حال و عن حماد بن عيسى مثله و عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر ( ع ) الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرأن من القرآن ما شاءا الا السجدة ( و نوقش ) في دلالتهما باحتمال ان يكون المراد من السجدة خصوص اياتها و احتمال إرادة السؤر المشتملة على الامر بالسجدة و ان كان قريبا خصوصا بالنظر إلى اسامى السؤر القرأنية كالبقرة وال عمران و لقمان و غيرها و لكنه ليس بحيث يحمل عليه اللفظ في مقابل الاصل و العمومات و لذا تردد بعض المتأخرين بل قوى بعض اختصاص الحرمة بقرائة الايات دون مطلق السؤر و يدفعها استثناء سور العزائم باساميها فيما رواه المصنف ] ره [ عن جامع البزنطى فانه مع إعتضاده بفتاوى الاصحاب و نقل إجماعهم قرينة لتعيين المراد من هاتين الروايتين كما انه بنفسه دليل لاثبات المطلوب ( و عن ) الفقة الرضوي ما هو بمضمونه فالقول بالاختصاص نظرا إلى ما عرفت ضعيف ثم ان مقتضى إطلاق النصوص و الفتاوى و معاقد إجماعاتهم بل تصريحات جملة منهم عدم الفرق بين قرائة مجموع السورة و قراءة بعضها حتى البسملة و الكلمات المفردة و الايات المشتركة إذا نوى بها أحدها دون ما إذا لم ينو لا عميتها ] ح [ عما هو موضوع الحكم فلا يعمه الحرمة و اما الايات المختصة فلا تحتاج إلى النية لان تعينها الواقعي يكفى في حرمة قرائتها و هل قرائة البسلمة و الايات المشتركة في المصحف و نحوه بمنزلة النية و لو لم يقصد الا قرائة خصوص البسملة وجهان أظهرهما ذلك لان كتابتها جزء من السورة يعينها في الجزئية فقرائتها ليست الا قرائة ما هو الجزء من السورة و كونها مشتركة في حد ذاتها لا يجدى بعد ان تعلق القصد بقرائة المكتوب نعم لو قصد من لفظه الاتيان بما ينطبق على المكتوب من دون ان ينوى قرائته كما لو قال مثلا بسم الله يكت هكذا فلا بأس به كما هو ظاهر و كيف كان فقد نوقش بعد الغض عن الاجماع في استفادة عموم الحكم من إطلاق الاخبار بدعوى ان المتبادر من النهى عن قرائة السورة قرائة مجموعها لان السورة اسم للمجموع فلا يستفاد منه حرمة قرائة البعض ( و فيه ) ان المتبادر من النهى عن قرائة السورة كقرائة القرآن انما هو قرائة أبعاضها كلا أو بعضا بل