عن الفراء لا ينبغي الشك في عدم كون المقصود من هذه الرواية افهام هذا الحكم اذ من المستبعد جدا بل المستحيل عقلا ان يكون غرض الامام بيان وجوب الفراغ من الجانب الايمن حتى باطن الرجلين ثم الشروع في الجانب الايسر و يعبر بمثل هذه العبارة التي أنكر ظهورها في المدعى اغلب من تصدى للاستدلال بها مع كون ما أريد منها من الافراد النادرة التي لا تكاد تتحقق في الخارج ممن يريد غسل جسده الا بملزم تعبدي و لا ينصرف الذهن اليه الا بالتنصيص عليه نعم إرادة الترتيب بين الرأس و الجسد من مثل هذه الاشعارات بل من مطلقات الاخبار ] أيضا [ امر ممكن و كذا لو كان مطلق الابتداء بالشق الايمن واجبا لا الفراغ منه أو كان الحكم مستحبيا قابلا لان يتسامح فيه لامكن ارادته من مثل الاشعارات بل لا يبعد القول باستحبابه بناء على عدم وجوب الترتيب تأسيا بالنبي صلى الله عليه و آله على ما في بعض الروايات العامية من انه صلى الله عليه و آله كان إذا اغتسل بدأ بالشق الايمن ( و كيف ) كان فالاستدلال بهذه الرواية للمدعى ضعيف في الغاية ( و قد ) يستدل له بالاخبار المستفيضة الواردة في كيفية غسل الميت الظاهرة في وجوب الترتيب بين الجانبين بضميمة الاخبار الكثيرة المصرحة بان غسل الميت بعينه هو غسل الجنابة و انما وجب تغسيله لصيرورته جنبا عند الموت و في بعض الروايات انه مثله مثل ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام انه قال غسل الميت مثل غسل الجنابة و ان كان كثير الشعر فرد عليه الماء ثلاث مرات و مقتضى عموم التشبيه كونهما متماثلين من جميع الجهات ( و فيه ) ان كون غسل الميت بعينه هو غسل الجنابة كما هو مقتضى اغلب الاخبار لا يقتضى الا اعتبار جميع ما يعتبر في غسل الجنابة فيه بان يكون غسل الميت من مصاديق غسل الجنابة و اما انه يعتبر في جميع مصاديق غسل الجنابة كل ما يعتبر في غسل الميت فلا الا ترى انه يجب في غسل الميت تثليث الغسلات و استعمال السدر و الكافور و لا يجب ذلك على الجنب فمن الجائز ان يكون إلزام الشارع بهذا القسم من الغسل اعنى مرتبا بالنسبة إلى الميت مسببا عن خصوصية فيه ككونه افضل الافراد فاوجبه الشارع تعظيما للميت أو كون ساير الاقسام موجبا لتوهين الميت بإقامته على قدميه أو إقعاده أو إلقائه على وجهه أو ذلك من الخصوصيات التي يعلمها الشارع و التخطى عن المورد المنصوص لا يجوز الا بعد القطع بإلغاء الخصوصية و غاية ما يمكن دعوى استفادته من الاخبار ليس الا ان وجوب غسل الميت لصيرورته جنبا و اما ان إيجاده بهذه الكيفية ايضا مسبب عن كونه جنبا فلا و اما التشبيه في رواية محمد بن مسلم و ان كان مفتضى إطلاقه ما ذكر و لكن العرف لا يساعد على استفادة إرادة عموم المنزلة من الطرفين في اغلب موارد استعمالاته فانه لا ينسبق إلى الذهن في مثل المقام الا إرادة تشبيه غسل الميت بغسل الجنب في الكيفيات المعهودة المعتبرة دون العكس و على تقدير تسليم الظهور في المدعى فليس على وجه يوجب التصرف في ظواهر الادلة الواردة في بيان كيفية غسل الجنابة الدالة على عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين كما سيتضح لك فيما بعد ] انش [ ( و احتج ) في محكي الروض على وجوب الترتيب بين الجانبين بعدم القول بالفصل قال فيما حكى عنه ان هذه الروايات و ان دلت صريحا على تقديم الرأس على غيره لعطف الايمن عليه بثم الدال على التعقيب لكن تقديم الايمن على الايسر استفيد من الخارج ان لم نقل بإفادة الواو الترتيب كما ذهب اليه الفراء بل على مطلق الجمع اعم من الترتيب و عدمه كما هو راى الجمهور اذ لا قائل بوجوب الترتيب في الرأس دون البدن و الفرق احداث قول ثالث و لان الترتيب قد ثبت في الطهارة الصغرى على هذا الوجه فكل من قال بالترتيب في غسل الجنابة فالفرق مخالف للاجماع المركب فيهما و ما ورد من الاخبار اعم من ذلك يحمل مطلقها على مقيدها انتهى ( أقول ) يظهر من جملة من المتأخرين و غير واحد من قدماء اصحابنا على ما حكى عنهم اختيار التفصيل فيشكل الاعتماد على ما ادعاه من الاجماع المركب كما انه يضعف بذلك الاستدلال بالاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة هذا مع ان حجية الاجماع المحصل فضلا عن منقولة منوطة بحصول القطع بحكم الله الواقعي الذي هو راى المعصوم ( ع ) أو الجزم بعثور المجمعين على دليل معتبر و لو ظنيا بحيث لو وصل إلينا لرأيناه دليلا تام الدلالة و كيف يمكن في المقام حصول القطع بذلك مع ظهور جل اخبار الباب بل كلها في خلافه نعم لو كان الحكم الذي ذهب اليه المشهور مخالفا للاحتياط لامكن حصول الاطمينان بعثورهم على دليل معتبر و اما في مثل المقام يشكل الجزم بذلك و غايته الظن الذي لم يقم دليل على اعتباره ( بل ) الانصاف عدم حصول الظن ايضا مع خلو جميع الاخبار الواردة في بيان كيفية الغسل عن التعرض للترتيب الذي كان احوج إلى البيان من ساير الخصوصيات التي وقع التنصيص عليها في الاخبار بل ظهور اغلبها في عدمه كالاخبار الا مرة بغسل الجسد كله بعد غسل الرأس الظاهرة في كفاية مطلقه بل لا يبعد دعوى ان القدر المتيقن الذي ينسبق إلى الذهن من مثل هذه الاخبار انما هو ما لو غسل من كتفيه إلى رجليه بحيث ينتهى الغسل إلى الرجلين فكيف يمكن تنزيل الاطلاقات الواردة في مقام البيان على إرادة غسل الجانب الايسر بعد الفراغ من الجانب الايمن مع كونه من الافراد النادرة التي لا يلتفت الذهن إلى ارادتها بالخصوص من الاطلاق أصلا ( و ) دعوى إهمال الادلة من هذه الجهة و كون الامر بغسل الجسد اشارة إلى الغسل على الوجه المعهود لديهم يبعدها سياق اغلبها و التعرض فيها لبيان الترتيب بين الرأس و الجسد مع كون الترتيب بين الجانبين على تقدير وجوبه إلى البيان هذا مع انه ربما يظهر من بعض الاخبار بالخصوص عدم اعتبار الترتيب بين الجانبين منها موثقة سماعة عن ابى عبد الله ( ع ) قال إذا أصاب الرجل جنابة فاراد الغسل فليفرغ على كفيه فليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده في إنائه
(246)
الغسل الارتماسى وكيفيته كفاية الغسل ارتماسيا في غير غسل الميت
ثم يغسل فرجه ثم ليصب في رأسه ثلاث مرات ملاكفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كله الحديث و حمل الامر بضرب كف من الماء على الصدر و بين الكتفين على الاستحباب أو كونه توطئة لوصول الماء إليهما عند الافاضة خلاف الظاهر هذا مع ان إطلاق الامر بإفاضة الماء على الجسد يدل على المدعى من حيث إطلاق الامر بإفاضة الماء على جسده كله من دون مراعاته الترتيب ( و منها ) صحيحة حكم بن حكيم قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال افض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك و افض على رأسك و جسدك فاغتسل فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجلك و ان كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك فان ظاهرها إرادة غسل الرجلين بعد الفراغ من غسل ساير الجسد فيدل على عدم اشتراط الترتيب بين الجانبين و لا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يراد بغسل الرجلين غسلهما جزء من الغسل أو لازالة القذارة التي يتوقف عليها الغسل ( و منها ) صحيحة زرارة عن ابى جعفر ( ع ) في حديث قال قلت له رجل ترك بعض ذراعه أو جسده من غسل الجنابة فقال إذا شك و كانت به بلة و هو في صلوته مسح بها عليه و ان كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلة فان دخله الشك و قد دخل في صلوته فليمض في صلوته و لا شيء عليه و ان استيقن رجع فأعاد عليه الماء و ان راه و به بلة مسح عليه و أعاد الصلوة باستيقان و ان كان شاكا فليس عليه في شكه شيء فليمض في صلوته فان ظاهرها بمقتضى ترك الاستفصال كفاية غسل خصوص الموضع المتروك و ان كان في الطرف الايمن و هذا ينافى اشتراط الترتيب بل ظاهرها كفاية مسح الموضع بالبلة التي رأها فيه من دون حاجة إلى ماء خارجى و من المعلوم عدم كفايتها على وجه يحصل معه الترتيب على تقدير كونه في الطرف الايمن لكن يمكن حمل الامر بالمسح على الاستحباب و تنزيله على صورة الشك و هذا و ان كان بعيدا حيث انه ( ع ) صرح بعد ذلك بانه ان كان شاكا فليس عليه شيء لكنه يقربه كون رؤية البلة إمارة الغسل فيورث الشك كما يؤيده قوله ( ع ) و أعاد الصلوة باستبيان ( و كيف ) كان فالقول بعدم الترتيب بين الجانبين قوى جدا لكن مخالفة المشهور مشكلة خصوصا مع استمرار سيرة المتشرعة عليه بل ربما يستدل بها لهم و لكنه ضعيف لاحتمال حدوث السيرة و نشأ ها من فتاوى الاصحاب اذ لا وثوق بان اصحاب الائمة عليهم السلام لم يكونوا يبتدؤون بالشق الايسر الا بعد الفراغ من مجموع الايمن حتى باطن الرجلين و على تقدير العلم بذلك لا يستكشف منه في مثل المقام الوجوب لكفاية مجرد الرحجان في مثل هذه الاشياء التي لا تحتاج إلى كلفة زائدة في استقرار السيرة عليها نظير غسل اليدين امام الوضوء و كيف كان فالاحتياط مما لا ينبغى تركه ثم لا يخفى انه على القول بالترتيب يجب غسل جزء من الطرف الايسر عند غسل الايمن و كذا جزء من الايمن عند غسل الايسر بحيث يحصل القطع بحصول غسل مجموع اجزاء الطرف الايسر بعد الفراغ و غسل مجموع الطرف الايمن و ينبغي غسل مجموع العورتين و نحوهما من الاجزاء الواقعة في الحدود المشتركة مما يعد بنظر العرف جزء مستقلا مع كل من الجانبين و يحتمل كفاية غسلها مرة واحدة مع احد الجانبين لعدم مساعدة العرف على استفادة إرادة التنصيف الحقيقي بالدقة الحكمية من الامر بغسل الطرف الايمن ثم الايسر فلا يبعد دعوى انه لا يستفاد من ذلك عرفا الا وجوب تقديم ما يعد بنظر العرف نصف الجسد الايمن و لو بنحو من المسامحة العرفية فتامل و كيف كان ففى الحدود المشتركة التي حكمنا بوجوب غسلها مع كل من الجانبين لاجل المقدمة العلمية يمكن الاجتزا فيها بغسلة واحدة عند انتهاء غسل الطرف الايمن بإجراء الماء عليها من جانبها الايمن إلى الايسر ناويا وقوع غسل ما هو جزء من الايمن للايمن و ما هو جزء الايسر للايسر و لا يخفى عليك ان هذا انما يمكن تحققه في الخارج عادة بالنسبة إلى بعض الاجزاء المشتركة في كل غسل لا بالنسبة إلى جميعها دفعة واحدة في غسل واحد مثلا إذا حصل له الفراغ من غسل مجموع الطرف الايمن مع ما يتوقف عليه من المقدمة العلمية الا من جزء منها كالسيرة مثلا يجوز الاقتصار فيها بغسلة واحدة للطرفين بالكيفية المذكورة و اما الاقتصار على غسلة واحدة في جميع الحدود المشتركة على وجه يتحقق معه الترتب فهو متعذر بمقتضى العادة ( و قد ) اتضح مما ذكرناه حكم الحد المشترك بين الرأس و الجانبين فانه يجب غسل مجموعه مع الرأس و النصف الايمن مع الايمن و الايسر مع الايسر ان اعتبرنا الترتيب بين الجانبين و الا فلا يعتبر التنصيف بل يجزى غسل مجموعه مقدمة للعلم بغسل الجسد بعد الفراغ من غسل ساير الجسد كما هو ظاهر و المراد من الفصل المشترك بين الرأس و الجسد انما هو أصل العنق لان الرقبة يجب غسلها مع الرأس بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن واحد دعوى الاجماع عليه ( و ما ) عن بعض المتأخرين من التشكيك في ذلك نظرا إلى عدم ثبوت كون الرأس حقيقة فيما يعمها فيحتمل وجوب غسلها مع الجانبين ضعيف لان عدم ثبوت كون الرقبة من الرأس حقيقة كعدم ثبوت كون الوجه منه لا يمنع من ظهور اخبار الباب في إرادة غسلها مع الرأس فان المتبادر من قوله ( ع ) ثم صب على رأسه ثلاث أكف ثم على منكبه الايمن مرتين و على منكبه الايسر مرتين ليس الا إرادة غسل ما فوق المنكب بالماء الذي يصب على الرأس و غسل ما تحت المنكب بالماء الذي يصب على المنكب فكما لا يمنع عدم صدق المنكب على ما عدا الخبر المعهود من الاستفادة المذكورة كذلك لا يمنع عدم صدق الرأس حقيقة على الوجه و الرقبة سينا و حيث ان الامام ( ع ) امر بصب الماء على المنكب لغسل الجزء
(247)
اشتراط طهارة محل الغسل
الثاني و الثالث من اجزاء الغسل يعلم من ذلك ان ابتدائهما انما هو المنكب لان إرادة غسل الجزء العالي بالماء الذي امر بصبه على الجزء السافل صحيحة ما لم ينصب قرينة لكونه خلاف المتعارف فلا ينسبق إلى الذهن فيقبح ارادته من ذلك و هذا بخلاف إرادة غسله بالماء الذي يصب على الرأس و كيف كان فلا خفاء في ظهور مثل هذه الرواية في كون المنكب و ما يسامته ابتداء الجزء الثاني و كذا لا تأمل في انصراف مجموع الرأس و الوجه و الرقبة إلى الذهن من إطلاق الرأس عند جعله قسيما للجسد و الجانبين و لذا فهم الاصحاب من اخبار الباب وجوب غسل الرقبة مع الرأس دون المنكبين ( و ) يسقط الترتيب بارتماسة واحدة نصا و إجماعا ففى صحيحة زرارة المتقدمة و لو ان رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزاه ذلك و ان لم يدلك جسده و في حسنة الحلبي إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة اجزاه ذلك من غسله و في رواية السكوني عن ابى عبد الله ( ع ) قال قلت له الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله قال نعم و في مرسلة الحلبي قال حدثني من سمعه يقول إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة اجزاه ذلك من غسله و هذه الاخبار حاكمة على ما دل على اعتبار الترتيب في الغسل ثم ان المتبادر من الارتماسة الواحدة ما يتصف في العرف بكونه كذلك بان يرتمس في الماء دفعة عرفية من دون تراخ لا الواحدة الحقيقية التي يتعذر تحققها عادة فحدوث الارتماس لا محالة تدريجي بمقتضى العادة نعم بقائه مرتمسا في الماء بعد الحدوث يتحقق في زمان واحد حقيقى و القدر المتيقن ارادته من الاخبار بحيث لا يعتبر به شبهة انما هو كفاية احداث الارتماس بان كان خارج الماء فاحدث هذا الفعل التدريجي الحصول و لذا خص بعضهم كفايته بمثل الفرض لا إذا نوى الغسل و هو في الماء و لو في الجملة و لكنك ستعرف ضعفه و كيف كان إذا أوحد هذا الفعل في الخارج يكون هذا الفعل الخارجي مجموعه غسلا و ابتدائه الذي ينوى فيه انما هو أول الاخذ في الرمس كما عن المشهور لا انه إذا ارتمس في الماء و استوعب الماء على جميع بدنه تحقق الغسل دفعة في هذا الحين كما عن بعض القول به و مقتضاه بطلان الغسل لو نواه بوقوعه في الماء لا ببقائه و ان قلنا بكفاية الداعي و عدم اعتبار القصد التفصيلى المقارن للعمل في صحة العبادة لان هذا انما يؤثر فيما لو كان الباعث على الفعل قصد القربة و لو اجمالا لا في مثل الفرض الذي نوى الامتثال بمقدمات العمل و اتى بنفس المأمور به من باب الملازمة الاتفاقية ( نعم ) لو أتى بمجموع الفعل الذي يصدر منه في الخارج بقصد الغسل على وجه لم ينحل عزمه إلى البناء على عدم مدخلية البقاء في صحة غسل الاجزاء التي اصابها الماء قبل الاستقرار لا تجه القول بالصحة بناء على عدم اعتبار القصد التفصيلى المقارن للفعل لانه اتى بنفس العبادة لله تعالى غايته انه زعم ان المقدمات ايضا داخلة في المأمور به و هو ضائر في صحة العبادة على الاظهر و كيف كان فهذا القول ضعيف مخالف لظاهر النصوص و الفتاوى و يتلوه في الضعف ما احتمله في الجواهر بل قواه من كون ابتداء الغسل أول انات التغطية و مستورية الجسد في الماء و اخره آخر جزء الغسل في تلك التغطية فلا عبرة بما يغسل قبلها كمالا عبرة بما يغسل بعدها و انما العبرة بانغسال جميع جسده في تلك التغطية طالت مدته ام قصرت و مقتضاه كون الغسل دفعي الحصول ان لم يكن في بدنه مانع بحيث يحصل الماء إلى كل جزء منه عند صيرورته مغطى و تدريجي الحصول ان لم يكن كذلك فله الاشتغال بإزالة المانع في تلك التغطية ما لم يتحقق الفراغ منها و ان طالت مدتها ( و مستند ) هذا الوجه هو ان الارتماس مأخوذ من الرمس و هو التغطية و الكتمان فما دام لم يستتر بالماء لم يتحقق الارتماس و مهما ستره الماء فهو مرتمس إلى ان يخرج فالموجود الخارجي مصداق واحد لطبيعة الارتماس طال زمانه ام قصر ( و فيه ) ان المتفاهم من الادلة انما هو كفاية انغسال الجسد بالكيفية التي تسمى ارتماسا و ابتداء زمان حدوث الفعل ليس الا أول انات الشروع فيه لا أول انات تحقق الرمس اذ ليس الارتماس الا كالتكلم في عدم توقف جزئية الجزء الاول على تحقق الوصف العنواني فان العبد المأمور بالتكلم إذا شرع في التلفظ فقد اشتغل بالاطاعة و ان لم يصدق الكلام على الجزء الاول مما يتلفظ به إذا لو حظ بانفراده و لا ينافي ذلك كونه من اجزاء الفعل المأمور به و المنساق إلى الذهن من قوله ( ع ) إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة انما هو إرادة غسل الجسد دفعة واحدة بالارتماس كما يشهد لذلك فهم الاصحاب لا مطلق غسله في تغطية واحدة كيفما اتفق بحيث عم ما لو كان على جسده حاجب فازاله في الماء بعد فصل معتد به فلا يجديه الاشتغال بالتخليل بعد حصول الفصل الطويل نعم لا بأس بالتخليل في زمان يتوقف غسل مجموع الجسد عليه في الافراد المتعارفة و نسب إلى بعض متأخري المتأخرين موافقة المشهور في كون الارتماس متدرج الحصول من أول انات الاخذ في الرمس إلى ان ينغمر في الماء لكنه لم يعتبر الدفعة العرفية فاجتزء بما لو نوى الغسل فوضع رجله مثلا ثم صبر ساعة بحيث نافى الدفعة العرفية فوضع عضوا آخر و هكذا إلى ان ارتمس اجزائه نظرا إلى خلو الاخبار عن اعتبار الدفعة و انما دلت على الارتماسة الواحدة في مقابل الترتيب و هي صادقة في الفرض ( و فيه ) ان المتبادر من الارتماسة الواحدة ليس الا الوقوع في الماء دفعة لا تدريجا كما يشهد به الفهم العرفي ( و كيف ) كان فان اغتسل ارتماسا و بقيت من جسده لمعة لم يصلها الماء أعاد الغسل ( و قيل ) يكتفى بغسلها مطلقا و ربما احتمل
(248)
بعض جريان حكم الترتيب عليها فان كانت في الايمن غسلها و أعاد الايسر و ان كانت في الايسر اكتفى بغسلها ( و عن ) بعض التفصيل بين طول الزمان و قصره فيجب الاعادة في الاول دون الثاني و يمكن إرجاعه إلى الاول و كيف كان فالقول بوجوب الاعادة ] مط [ هو الاظهر لاناطة الحكم في النصوص و الفتاوى بغسل جميع بدنه بارتماسة واحدة و هو متحقق في الفرض و ربما يستشهد للقول بكفاية غسلها مطلقا بعموم قوله ( ع ) في صحيحة زرارة المتقدمة و كل شيء أمسسته الماء فقد أنقيته ( و فيه ) ان موردها الغسل الترتيبى كيف و لو أريد منها العموم لنا في اعتبار الوحدة العرفية في الغسل الارتماسي ( و اما ) الاستدلال لهذا القول بصدق غسل الجميع عرفا خصوصا لو كانت اللمعة قليلة فمما لا ينبغى الالتفات اليه بعد العلم بإرادة غسل الجميع حقيقة من دون مسامحة و الا لما وجب غسلها فيما بعد كمالا يخفى و اما ما احتمله البعض من جريان حكم الترتيب فهو مبنى على القول بالترتيب الحكمي في الغسل الارتماسي كما حكى عن بعض اصحابنا و عن الاستبصار احتماله في مقام الجمع بين الاخبار الدالة على اعتبار الترتيب في الغسل و الاخبار الدالة على كفاية ارتماسة واحدة ( و فيه ) ما لا يخفى من الضعف و مخالفته لظواهر النصوص و الفتاوى و قد اشرنا فيما سبق إلى ان اخبار الارتماس حاكمة على ما دل على اعتبار الترتيب فيخصص بها اطلاقها بل الانصاف انه لو أريد الجمع بين الاخبار لا على وجه التخصيص لكان رفع اليد عن ظواهر ما دل على اعتبار الترتيب بدعوى ورودها مورد الغالب أو كون الامر المتعلق بإيجاد الغسل مرتبا لكونه افضل افراد الواجب أهون من التصرف فيما دل على كفاية الارتماس من دون مراعاة الترتيب ثم انا قد اشرنا إلى ان القدر المتيقن الذي ينسبق إلى الذهن من مثل قوله ( ع ) إذا ارتمس الجنب في الماء ] الخ [ انما هو إرادة ما لو كان خارج الماء فارتمس فيه ارتماسة واحدة و لذا ربما يستشكل في صحة الغسل لو نواه و هو في الماء و لكن الاظهر كفايته خصوصا على تقدير خروج معظم اعضائه من الماء لان المعتبر في مهية الغسل على ما يتفاهم من النصوص و الفتاوى ليس الا غسل الجسد اما مرتبا أو برمسه في الماء و لا يتوقف حصول هذه الطبيعة على خروجه من الماء قبل الرمس بل كما يتحقق غسل الجسد بإيجاد الارتماس ابتداء كذلك يتحقق ببقائه مرتمسا فله البناء على وقوع البقاء مرتمسا إمتثالا للامر المتعلق بطبيعة الغسل نظير ما لو امر بالمشي على الارض أو اكرام زيد أو غسل الثوب أو ذلك من الافعال فانه و ان انسبق إلى الذهن انسباقا بدويا إرادة إيجاد هذه الافعال ابتداء من الامر المتعلق بها و لكنه بعد الالتفات إلى ان مدلول الطبيعة ليس الا إرادة حصول هذه الافعال لا حدوثه و ان الاستمرار على هذه الافعال كايجاد ابتداء مما يتحقق به هذه البايع يعلم كفاية الاستمرار عليها في إمتثال الامر المتعلق بها و عدم توقفه على إيجادها ابتداء و انما ينسبق إلى الذهن خصوص الايجاد الابتدائى لبعض المناسبات المغروسة في الذهن المقتضية للصرف لا على وجه يتقيد به المراد و الموضوع الذي تعلق به الطلب كما لا يخفى على من تأمل في نظائر المقام و لا يتوقف صحتا لغسل لو نواه و هو في الماء على تحريك الاعضاء بعد النية حتى ينفرد الفرد الذي يقع إمتثالا للامر المتعلق بالطبيعة عن غيره لان المدار في تحقق الامتثال على حصول الطبيعة بقصد الاطاعة سواء تحققت في ضمن فرد مستقل أو في ضمن ما يصير جزء من الفرد المتحقق فيما سبق ببعض الاعتبارات العرفية ( نعم ) لو اعتبرنا الجريان الفعلى أو ما هو بمنزلته في تحقق مفهوم الغسل لا تجه اعتبار تحريك الاعضاء أو نحوه مما يوجب تحرك الماء تحقيقا المهية الغسل و لكن الاظهر عدم اعتباره في الغسل المعتبر في مهية الغسل و الوضوء لدلالة واحد من الاخبار على انه إذا مس جلدك الماء فحسبك فعلى هذا لا ينبغي الاستشكال في كفاية البقاء تحت الماء بنية الاغتسال و لكن الاحتياط مما لا ينبغى تركه بل الاحوط خروجه من الماء و لو في الجملة ثم الانغماس بنية الغسل هذا بالنسبة إلى الغسل الارتماسي ( و اما ) الترتيبى فيشكل الاكتفاء فيه بمجرد النية و قصد وقوع غسل الاعضاء مرتبا بل الظاهر انه يجب عليه عند إرادة غسل الايمن و كذا الايسر من تحريك الاعضاء أو الدلك أو نحوه بحيث يستقل غسله بالفردية حتى يصح اتصافه بوقوعه بعد غسل الرأس أو الايمن و مجرد إرادة وقوعه مرتبا لا يؤثر في صيرورته كذلك كما مر توضيحه في مبحث الوضوء و الله العالم ( و اعلم ) انه لا فرق بين الاغسال واجبها و مسنونها من حيث اعتبار الترتيب و كفاية الارتماس بلا خلاف فيه ظاهرا بل في الحدائق نسبته إلى ظاهر الاصحاب و عن الذكر في انه لم يفرق احد بين غسل الجنابة و بين غيره من الاغسال في ذلك و لكن الانصاف ان القول بكفاية الارتماس في غسل الميت لا يخلو عن اشكال و ان ورد فيه انه كغسل الجنابة لعدم انسباق إرادة ذلك من التشبيه فيشكل رفع اليد عن ظواهر الاخبار الكثيرة الواردة لبيان كيفية غسل الميت الدالة على اعتبار الترتيب منه ( و اما ) ساير الاغسال فلا ينبغى الارتياب في كفاية الارتماس فيها كما انه لا ينبغي التأمل في لزوم مراعاة الترتيب فيها ما لم يرتمس ارتماسة واحدة كما في غسل الجنابة ضرورة ان كيفية الغسل و كذا الوضوء و التيمم بل اغلب العبادات مثل الصلوة و الصوم و غيرها من المهيات المخترعة التي يتوقف معرفتها على بيان الشارع متى بين الشارع شيئا من هذه الاشياء في مورد من الموارد لا ينسبق إلى الذهن من الامر به في سائر الموارد الا إرادة إيجاده بالكيفية المبنية ما لم يصرح بإرادته على حق خاص كصلوة جعفر مثلا الا ترى انه لو قال المفتى لمقلديه اغتسل لرؤيه المصلوب أو صل ركعتين عند طلب الحاجة أو قيل للجنب توضاء أو تيمم
(249)
البول امام الغسل والاستبراء
تخليل ما يصل اليه الماء استظهارا
امرار اليد على الجسد
سنن الغسل تقديم النية عند غسل اليدين
عدم وجوب الموالاة
عند إرادة النوم لا يفهم الا إرادة إيجاد هذه الافعال بالكيفية المعروفة عندهم و مما يدل على اتحاد كيفية الاغسال مغروسيته في اذهان المتشرعة قديما و حديثا و لذا لم يسئل احد من الرواة عن كيفية سائر الاغسال عدا غسل الجنابة الذي هو اعم ابتلاء و لم يتعرض الائمة ( ع ) لبيان شيء منها و لم يكن ذلك الا المعروفية كيفية الغسل لديهم ( و اما ) غسل الميت فحيث ان متعلقه نفس المكلف ليس على حد ساير الاغسال بحيث يغنى معرفة كيفية الغسل في الجملة عن معرفته بالخصوص الا ترى انه لو قيل للعامي اغسل الميت يسئل لا محالة عن كيفيته بخلاف ما لو قيل له اغتسل لرؤية المصلوب و لذا أكثر الرواة في المسألة عن كيفية غسل الميت دون غيره من الاغسال مع كثرتها و حيث انه ورد التصريح في جملة من الاخبار بكيفية لا يجوز التخطى عن الكيفية المنصوصة الا بدليل معتبر و لذا استشكلنا في جوازه ارتماسا و الله العالم ثم انك قد عرفت ان الاقوى ما عليه المشهور من ان الغسل الارتماسي تدريجي الحصول و ان ابتدائه أول انات الاخذ في الرمس ( و لكنه ) لا يخفى عليك ان جزئية الجزء الاول مشروطة بصيرورته جزء من المركب الذي يصدق على مجموعه الارتماس فغسل الرجل مثلا يتحقق بوصول الماء إليها لكن صحته مشروطة بان يتعقبه غسل ساير الجسد على وجه يتحقق به الارتماس الدفعى عرفا بان يبقى في الماء إلى ان يرتمس جميع بدنه فلو خرج بعض بدنه من الماء قبل ان يرتمس جميعه بطل غسله اذ لا يسمى مثله ارتماسا و اما لو دخل في طين و نحوه أو اصابه في الماء مانع عارضي منعه من الاتصال بالماء قبل ان يتحقق الانغماس التام فالظاهر عدم منافاته للصدق العرفي الذي هو شرط للصحة خصوصا إذا كان الجزء الممنوع يسيرا فما قيل من انه يشترط اتصاله بالماء إلى ان الغسل ( ففيه ) انه ان كان لتوقف صدق الارتماس فقد عرفت عدم المنافاة للصدق العرفي على الاطلاق و ان كان لدليل اخر تعبدي فلم نعثر عليه و الله العالم ( ثم ) انه حكى عن الشيخ في المبسوط انه الحق في سقوط الترتيب بالارتماس الجلوس تحت المجرى و المطر و عن التذكرة إلحاق الميزاب و شبهه به ايضا و عن بعض إلحاق الصب بالاناء دفعة به ايضا ( و لعل ) مستند الكل تنقيح المناط بدعوى القطع بعدم مدخلية الرمس في الماء في صحة الغسل و انما المناط احاطة الماء بالبدن دفعة عرفية ( و فيه ) مضافا إلى منع تحقق الاحاطة دفعة في مثل المطر و نحوه الا إذا كان المطر غريزا فجرى على جميع البدن ثم نوى الغسل ان دعوى القطع بذلك في مثل هذه الاحكام التعبدية عهدتها على مدعيها و لا يمكن لنا الجزم بذلك ( نعم ) في نفسى شيء و هو احتمال عدم اعتبار الترتيب في الغسل و رأسا و كون الاخبار الدالة عليه جارية مجرى العادة أو محمولة على بيان افضل الافراد و لكنك عرفت فيما سبق انه خلاف ما يقتضيه الجمود على ظواهر الادلة التعبدية فلا ينبغى الالتفات اليه فالأَظهر هو الاقتصار في تخصيص ما دل على اعتبار الترتيب بالغسل الارتماسي أللهم الا ان يتشبث في خصوص الوقوف تحت المطر بصحيحة على بن جعفر عن اخيه ( ع ) قال سئلته عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل الجنابة ان يقوم في المطر حتى يغسل رأسه و جسده و هو يقدر على ما سوى ذلك فقال ان كان يغسله اغتساله بالماء اجزاه ذلك و مرسلة محمد بن ابى حمزه عن الصادق ( ع ) في رجل اصابته جنابة فقام في المطر حتى سأل على جسده أ يجزيه ذلك من الغسل قال نعم ( و فيه ) ان حمل هاتين الروايتين على إرادة ما لو نوى الغسل عند احاطة الماء بالبدن و جريانه بعيد فلا بد من حملها على ما لا ينافى ادلة الترتيب بل الظاهر عدم كون الروايتين مسوقتين الا لبيان كفاية المطر عن الماء فلا يجوز التشبث بإطلاقهما لاثبات المطلوب و الله العالم ( و هل ) يشترط في صحة الغسل بنوعيه ازالة النجاسة عن محال الغسل عينية أو حكمية قبل الشروع في أصل الغسل ( أو ) يعتبر جريان ماء الغسل على محل طاهر فيكفى ازالتها قبل غسل المحل الذي هى فيه ( أو ) يعتبر عدم بقائه نجسا بعد الغسل فيكتفى بغسل واحد لهما أو يفرق في ذلك بين الاغتسال في الماء الكثير و ما إذا كانت في آخر العضو و بين غيرهما فيكتفى بالغسل الواحد لهما في الاولين أو انه لا يشترط شيء من ذلك ( نعم ) يعتبر ان لا تمنع عين النجاسة وصول الماء إلى البشرة فيكتفى به و ان بقي المحل نجسا وجوه بل أقوال كما في الجواهر أوجهها الثاني و هو اعتبار طهارة المحل حين غسله كما يدل عليه الاخبار المستفيضة الواردة في كيفية الغسل الا مرة بغسل الفرج و اليدين قبل الغسل و في صحيحة حكم بن حكيم قال ( ع ) ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك و افض على ساير جسدك فاغتسل إلى ذلك من الاخبار الكثيرة التي تقدم بعضها في مطاوي المباحث المتقدمة و هذه الاخبار و ان كان مفادها وجوب تطهير البدن قبل الشروع في الغسل لكن شدة المناسبة بين تطهير الموضع النجس مقدمة لغسل نفس هذا الموضع و بعد مدخلية تطهيره في صحة غسل ساير الاجزاء مانعة عن استفادة التقييد فلا يفهم منها الا وجوب تطهير المحل قبل غسله و انما تعلق الامر به قبل الشروع في الغسل جريا مجرى العادة كما يؤيده مضافا إلى الفهم العرفي الناشي من المناسبة المغروسة في الاذهان ما في صحيحة حكم بن حكيم عن الصادق عليه السلام في حديث كيفية غسل الجنابة قال فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجليك و ان كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك و هذه الصحيحة كما تريها صريحة في عدم اعتبار طهارة الرجل حال غسل ساير الاعضاء فا لقول باعتبار تطهير البدن قبل الشروع في الغسل ضعيف ( و ) اضعف منه القول بعدم اعتبار طهارة المحل حين غسله سواء اعتبر عدم بقائه نجسا بان تحقق الغسل و التطهير بغسلة واحدة ام لم يعتبر ذلك ايضا لما عرفت من دلالة الاخبار المستفيضة على اشتراط طهارة المحل
(250)
كيفية الاستبراء
مضافا إلى انصراف ادلة الغسل إلى إرادة الغسل بالماء الطاهر بل الاجماع على ان النجس لا يكون مطهر أولا يقاس رفع الحدث بإزالة الخبث في عدم المنافاة بين انفعال الماء بملاقاة النجس و حصول التطهير به لما عرفت في مبحث نجاسة الغسالة من عدم شمول القاعدة المسلمة المستفادة من النصوص و الفتاوى من ان النجس لا يكون مطهرا للماء الطاهر الذي تنجس استعماله في ازالة النجاسة بالنسبة إلى هذه النجاسة التي استعمل الماء في ازالتها و اما من حيث استعماله في رفع الحدث فليست النجاسة الموجودة في البدن بالنسبة اليه الا كالنجاسة الخارجية الملاقية للماء حين الاستعمال فلا مانع من كونه مشمولا للقاعدة المسلمة ( نعم ) لو كانت نجاسة الماء من لوازم الاغتسال كما في غسل الميت و غسالة الجنب على القول بنجاستها لامتنع اندراجه بالنسبة إلى هذه النجاسة الملازمة له تحت تلك القاعدة و اما بالنسبة إلى النجاسة العارضية التي يمكن حفظ ماء الغسل عن الانفعال بها كما فيما نحن فيه فلا و الحاصل انه لا ينبغى الارتياب في بطلان الغسل بالماء النجس سواء كان مسبوقا بالنجاسة أو عرضه النجاسة حين الاغتسال من دون فرق بين كون النجاسة الطارية في الا ثناء مسببة عن ملاقاة نجاسة خارجية أو ملاقاة النجاسة الموجودة في بدن المغتسل و كونه مؤثرا في زوال النجاسة في الفرض الاخير لا يصلح فارقا بالنسبة إلى رفع الحدث الذي هو مفهوم مغاير لازالة الخبث ( ثم ) ان قضية اشتراط صحة الغسل بطهارة الماء انما هو اشتراط طهارة البدن عند غسله بالماء القليل دون ما إذا اغتسل بالماء العاصم كالكر و الجاري و لعله لذا فصل بعضهم بين الاغتسال بالماء الكثير و بين غيره الا انه نسب إلى هذا المفصل كما عرفت عدم اشتراط الطهارة فيما إذا كان الموضع النجس آخر العضو و لعل التفصيل بين كون النجاسة في اخر العضو و بين غيره للبناء على عدم انفعال الغسالة الا بعد الانفصال عن الموضع النجس فان كانت في اخر العضو فلا يتحقق الغسل الا بالماء الطاهر و اما إذا لم تكن في اخر العضو فينجس غسالته عند الانفصال و ينجس ساير الاعضاء فلا يكون مطهرا و يحتمل ان يكون اعتماد في هذا التفصيل على صحيحة حكم بن حكيم المتقدمة الا مرة بغسل الرجلين التين هما آخر العضو فان مقتضى إطلاق الامر بغسلهما كفاية غسلة واحدة لرفع الحدث و الخبث ( و في ) الجميع ما لا يخفى لعدم انحصار المدرك في اشتراط طهارة الماء بل العمدة فيه الاخبار المتقدمة مضافا إلى فساد القول بعدم انفعال الغسالة الا بعد الانفصال كما تحقق في محله و اما الصحيحة فهي مسوقة لبيان حكم آخر اعنى وجوب غسل الرجلين على تقدير نجاستهما لا لبيان كفاية غسلة واحدة للتطهير و الغسل فلا ظهور لها في المدعى فضلا عن إمكان التصرف بها في ساير الادلة ( و ربما ) يستدل لبطلان الغسل لو نواه بغسلة يتحقق بها ازالة النجاسة بلزوم التداخل و هو خلاف الاصل لان كل واحد من الحدث و الخبث سبب لوجوب غسل البدن فإذا تحقق السببان وجب ان يتعدد حكمهما و الا للزم ان لا يكون كل منهما سببا و هو باطل بديهة لا لمجرد مخالفته لاطلاق ما دل على سببيتهما بل للعلم بتأثير كل منهما في إيجاب مسببة ضرورة انه لو تعذر عليه الغسل يجب عليه ازالة النجاسة و كذا لو تعذر عليه الازالة يجب عليه رفع الحدث و لو بالتيمم و مقتضى تعدد الوجوبين تعدد الواجبين لامتناع اجتماع حكمين متماثلين كالمتضادين في موضوع واحد شخصي فلا يعقل ان يكون غسلة واحدة معروضة لوجوبين ( و فيه ) ان المسبب عن كل من السببين لو كان طبيعة غسل الجسد من حيث هى من دون اعتبار قيد زائد في شيء منهما لتم ما ذكر و لكنه ليس كذلك بل المسبب عن نجاسة البدن ليس الا وجوب ازالتها و عن الحدث ليس الا وجوب رفعه و هما مهيتان مختلفتان فان أمكن إيجادهما بغسلة واحدة بان لم يستلزم ذلك الاخلال بشيء من شرائطهما فلا مانع منه أصلا كما سبق تحقيقة في مبحث تداخل الاغسال في باب الوضوء و انما الممتنع تعلق وجوبين بطبيعة الغسل من حيث هى لا بلحاظ افراده المتعددة و مما يدل على عدم كون ما نحن فيه من هذا القبيل مع وضوحه في حد ذاته عدم كون كل غسلة غسلا و عدم اعتبار كون الغسل واجدا للشرايط المعتبرة في ازالة النجاسة فيعلم من ذلك ان المأمور به عند حصول كل من السببين ليس طبيعة الغسل من حيث هى ( و قد ) عرفت فيما تقدم انه إذا تغاير المسببان ذاتا و تصادقا على فرد يجوز إيجاد الفرد الجامع بقصد إمتثال الامر المتعلق بكلتا الطبيعتين نظير إعطاء درهم على ذي رحم عالم فقير هاشمى فانه يتحقق بهذا الفعل الشخصي إمتثال جميع الاوامر المتعلقة بالعناوين الراجحة المقصودة المتحققة به ثم لو تم هذا الاستدلال لكان مقتضاه انه لو اتى بالفعل أولا بقصد الغسل ان يجب إعادته ثانيا لغسل جسده لا بقصد الغسل كما هو مقصود المستدل اذ لا يعقل بقاء الامر الذي نوى إمتثاله و سقوط ما لم ينوه ( و دعوى ) ان الغرض من الامر بغسل الجسد المسبب عن نجاسة البدن يحصل بفعله قهرا و ان لم يقصده فوجب ان يبقى الامر بالغسل لاصالة عدم التداخل ( مدفوعة ) بان اصالة عدم التداخل لا تصير للممتنع ممكنا لان سقوط الامر الذي نوى إمتثاله بعد إيجاد متعلقه بقصد إمتثاله قهرى سواء حصل به المقصود من الامر الاخر ام لم يحصل لان الامر يقتضى الاجزاء عقلا فلا مجال ] ح [ للشك في بقائه حتى يتشبث بأصالة عدم التداخل و انما يشك في بقائه لاحتمال اشتراطه بطهارة البدن و عدم كون المسبب طبيعة الغسل من حيث هى فالمتعين في مثل الفرض على تقدير فقد الادلة
(251)
غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء
الاجتهادية هو الرجوع إلى الاصل المقرر عند الشك في الشرطية من البرائة أو الاحتياط على الخلاف في المسألة لا اصالة عدم التداخل كمالا يخفى ( تنبيه ) لا خلاف ظاهرا في عدم وجوب الموالاة في الغسل بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه ( و يدل ) عليه صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة الواردة في قضية ام اسماعيل و حسنة إبراهيم عن عمر اليماني عن الصادق ( ع ) قال ان عليا ( ع ) لم ير بأسا ان يغسل الجنب رأسه غدوة و يغسل ساير جسده عند الصلوة و في صححية حريز الواردة في الوضوء قال قلت و كذلك غسل الجنابة قال ( ع ) هو بتلك المنزلة ابدء بالرأس و افض على ساير جسدك قلت و ان كان بعض يوم قال نعم ( و عن ) الفقة الرضوي و لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يديك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل ساير جسدك إلى وقت الصلوة ثم تغسل إذا أردت ذلك و قضية الاصل و إطلاق بعض الاخبار المتقدمة و معاقد الاجماعات المنقولة عدم الفرق في ذلك بين الاعضاء و العضو الواحد فلا يعتبر الموالاة في الغسل أصلا نعم يمكن الالتزام باستحبابها مسامحة لما في الحدائق من ان الاصحاب صرحوا باستحبابها ( و ربما ) يستدل له بمواظبة السلف و الخلف من العلماء و الفقهاء بل الائمة عليهم السلام و في دلالتها على المدعى تأمل كما ان في الاستدلال له بعموم آيات المسارعة إلى المغفرة و الاستباق إلى الخيرات مناقشة و الله العالم ( و سنن ) الغسل امور منها تقديم النية عند غسل اليدين بناء على كون غسل اليدين من الاجزاء المستحبة كما سيأتي التعرض لتحقيقه و مرجع استحباب تقديم النية إلى استحباب غسل اليدين قبل الغسل بقصد الجزئية فلو غسل يديه لا لكونه جزء مستحبيا بل لازالة نجاستها أو غيرها من الاغراض لا يستحب التقديم بل لا يجوز ان اعتبرنا مقارنة النية التفصيلية لاول العبادة كما هو المشهور و يتضيق وقت النية عند غسل الرأس الواجب في الغسل الترتيبى و عند الشروع في غسل الجسد في الارتماسي اذ لو اخرها عن ذلك لوقع بعض الاجزاء الواجبة بلانية فلا يصح غسله ( و منها ) امرار اليد على الجسد لو لم يتوقف غسله عليه أو لم يختر في مقام الامتثال إيصال الماء إلى الجسد بإمرار اليد عليه و الا فيجب معينا في الفرض الاول و مخيرا في الثاني و فيما عدا الفرضين ليس بواجب بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه و يدل عليه مضافا إلى الاصل و الاجماع الاخبار المستفيضة التي تقدم اغلبها الدالة على كفاية مس الجلد الماء وصب الماء على الجسد و جريانه عليه و الاجتزاء بالارتماسة الواحدة و ان لم يدلك جسده ( نعم ) يستحب ذلك كما وقع التصريح به في كلام الاصحاب بل عن المعتبر و غيره دعوى الاجماع عليه و يدل عليه ( ما روى ) عن كتاب على بن جعفر عن اخيه ( ع ) في السوأل عن الاغتسال بالمطر قال ان كان يغسله اغتساله بالماء اجزأه الا انه ينبغى له ان يتمضمض و يستنشق و يمر يده على ما نالت من جسده ( و عن ) الفقة الرضوي بعد ذكر صفة الغسل ترتيبا ثم قال تمسح ساير بدنك بيديك ( و في ) خبر عمار بن موسى بن الصادق ( ع ) الواردة في غسل المرئة قال ( ع ) تمر يدها على جسدها كله لكن الاخبار موردها الغسل الترتيبى فيشكل إثبات الاستحباب في الارتماسي لكن قضية إطلاق كلمات الاصحاب في فتاويهم و معاقد إجماعهم المحكي عموم الاستحباب فيمكن الالتزام به مسامحة أللهم الا ان يدعى انصراف كلماتهم إلى الترتيبى و ربما علل استحباب امرار اليد ] مط [ بالاستظهار ( و نوقش ) بانه لا معنى له بعد حصول العلم و قبله يجب ( و فيه ) ان المدار في مقام الامتثال عند العرف و العقلاء ليس على القطع الذي لا يحتمل الخطاء بل على الاطمينان و سكون النفس بحيث لا يلتفت النفس إلى احتمال الخلاف الا ترى انه ربما يحصل الفراغ من الغسل أو الوضوء ثم نجد بعض المواضع جافا نعم يتوجه على هذا النحو من الاستدلال انه لا يثبت به الاستحباب الشرعي بعنوانه المخصوص و لكنه ليس بضائر فيما نحن بصدده من إثبات رجحانه في الجملة و كونه من السنن و الله العالم ( و منها ) تخليل ما يصل اليه الماء استظهارا و اما ما لا يصل الماء اليه الا بالتخليل فقد عرفت وجوبه و المناقشة في استحباب الاستظهار بالتخليل فيما يصل اليه الماء بدونه بما عرفت مدفوعة بما عرفت و منها البول امام الغسل إذا كانت الجنابة بالانزال كما ان من سنن الجنابة بالانزال البول بعده تحرزا عن ان يبقى المنى في المجرى فيورث المرض فانه قد روى عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال من ترك البول على اثر الجنابة أو شك ان يتردد بقية الماء في بدنه فيورثه الداء الذي لا دواء له و يدل على كونه من سنن الغسل صحيحة احمد بن محمد قال سئلت أبا الحسن ( ع ) عن غسل الجنابة قال تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى اصابعك و تبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك في الانآء ] الخ [ و رواية احمد بن هلال قال سئلته عن رجل اغتسل قبل ان يبول فكتب ( ع ) ان الغسل بعد البول الا ان يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل و فائدته عدم انتقاض الغسل بالبلل المشتبه المحتمل كونه من بقية المنى اذ لو لا البول لكان البلل الخارج بحكم المنى كما يدل على كلا الحكمين جملة من الاخبار التي سنذكرها في المسألة الاولى من المسائل الثلث الاتية ] انش [ و اما الاستبراء بالاجتهاد بعد البول فهو من اداب الخلوة و فائدته عدم كون الرطوبة المشتبه بالبول بحكمه كما تقدم في محله و اما بعد إنزال المنى فلم يرد الامر به في شيء من الاخبار و لم يثبت تأثيره في عدم ناقضية البلل المشتبه بالمن بل سيتضح لك فيما سيأتي ان مقتضى إطلاق الاخبار الا مرة بإعادة الغسل بخروج البلل لمن لم يبل وجوب الاعادة عليه مطلقا