كما انه يفهم منها مفهوما و منطوقا عدم وجوب اعادة الغسل على من بال سواء استبرء عقيب البول ام لم يستبرء ( نعم ) إذا لم يستبرء يكون البلل الخارج عند احتمال كونه بولا بحكم البول لا المنى كما ستعرف ( فما ) يظهر من بعض من كون الاستبراء عقيب الانزال بمنزلة البول مطلقا أو عند تعذر البول محل نظر أللهم الا ان يتشبث بعدم ناقضية البلل المشتبه الخارج بعد الاستبراء بالاصل بعد دعوى انصراف الاخبار الا مرة بالاعادة إلى مثل الفرض الذي فيه إمارة نقاء المحل لكن الدعوي مسموعة ( نعم ) لو حصل القطع بنقاء المجرى بسبب الاستبراء خرج البلل المشتبه بالمنى الخارج بعده من مورد الاخبار الا مرة بالاعادة لان موضوعها على ما يتبادر منها ليس الا ما إذا احتمل كون البلل الخارج من بقية المنى السابق و المفروض حصول القطع بعدم بقاء شيء في المجرى فلا يعمه تلك الروايات و لكن الفرض نادر التحقق اذ قلما يحصل اليقين بذلك بل غايته افادة الظن فظهر لك مما ذكرنا ان عد الاستبراء بنفسه من سنن الغسل كما في المتن لا يخلو عن اشكال نعم عد الاستبراء عقيب البول من سننه بالنظر إلى تأثيره في الجملة في عدم انتقاض الطهارة الحاصلة منه بالرطوبة المشتبهة بالبول لا يخلو عن مناسبة ( و كيف ) كان فقد نقل عن الجعفي القول بوجوب البول و الاستبراء كليهما قبل الغسل و عن جملة من الاصحاب القول بوجوب البول فقط و عن بعضهم التصريح بانه عند تعذر البول يكتفى بالاجتهاد اى الاستبراء ( و ) عن المبسوط و الغنيه إيجابهما عليه مخيرا مع زيادة الثاني إيجاب الاستبراء من البول بل ادعى الاجماع على ما ذهب اليه ( و فيه ) انه ان أريد الوجوب الشرطي بمعنى اشتراط صحة الغسل بوقوعه عقيب البول أو الاستبراء ( ففيه ) مع مخالفته للاصل و الاجماع كما ادعاه في محكي المختلف على عدم وجوب اعادة الغسل على من اخل بالبول و وجد بللا يعلم انه ليس بمنى يرده مفهوم قول ابى جعفر ( ع ) في خبر محمد بن مسلم من اغتسل و هو جنب قبل ان يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله و كذا الاخبار المستفيضة المتعلقة اعادة الغسل لمن لم يبل بخروج البلل المشتبه فيفهم منها صحة الغسل لو لا بل يفهم من التعبير بانتقاض الغسل صحته قبل وجدان البلل هذا مع خلو أكثر الاخبار الواردة في كيفية الغسل عن ذكر البول و ما في بعضها من الامر بالبول قبل الغسل كصحيحة محمد بن ابى نصير و رواية احمد بن هلال المتقدمتين ليس الا للارشاد إلى ما هو الاصلح بحال المكلف صونا لطهارته عن الانتقاض و ان ابيت الا عن ظهورها في شرطية البول للغسل فلا بد من رفع اليد عنهما بقرينة الاجماع و غيره من الادلة المتقدمة و ان أريد من وجوب البول أو الاستبراء قبل الغسل وجوبه تعبدا من دون ان يكون له مدخلية في صحة الغسل ففيه ما لا يخفى لان المتبادر من الامر المتعلق به في بعض الاخبار المسوقة لبيان اداب الغسل و كيفية كالصحيحة المتقدمة ليس الا مطلوبيته لاجل الغسل لا الوجوب النفسي كالأَمر بغسل اليد و إدخال اليد في الانآء و غيرهما من التفاصيل المذكورة في الصحيحة و بعد ان علم بواسطة القرائن الداخلية و الخارجية انه ليس للبول كغسل اليد مدخلية في صحة الغسل يفهم من الرواية ان له مدخلية في كماله اما لكون الغسل عقيب البول في حد ذاته هو الفرد الافضل فيكون البول قبل الغسل كغسل اليدين قبله مستحبا غيريا أو لكونه موجبا للاطمينان ببقاء اثر الغسل و عدم كونه في عرضة الانتقاض فيكون الامر به إرشاديا محضا و لعل هذا هو المتبادر منه في مثل المقام لانه بعد ان علم ان بقاء شيء من المنى في المجرى ليس مالنا من صحة الغسل لكن خروجه سبب لانتقاض الغسل لا ينتقل الذهن عند الامر بالبول الذي هو سبب عادي الخروج البقية الا إلى إرادة تنقية المجرى لئلا ينتقض الغسل فيما بعد فعلى هذا يشكل القول باستحبابه قبل الغسل إذا المفروض عدم كون الامر المتعلق به مولويا حتى يثبت به الاستحباب الشرعي و اشكل منه القول باستحباب الاستبراء قبل الغسل و لكنا اشرنا إلى ان عدة من سنن الغسل في الجملة لا يخلو عن مناسبة خصوصا بعد ذهاب جماعة إلى وجوبه و كيف كان ففى كيفيته خلاف أحوطه ان يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلثا و منه إلى رأس الحشفة ثلاثا و ينتره ثلاثا على الترتيب كما هو ظاهر المتن و صريح جملة من اصحاب القول باعتبار التسع و هذه الكيفية و ان لم يرد التنصيص عليها في شيء من الاخبار الباب لكن الاخذ بها لم يترك العمل بشيء من الاخبار و عن الشيخ اختيار هذه الكيفية في المبسوط و لكنه قال في النهاية على ما حكى عنه انه يمسح من عند مخرج النجو إلى أصل القضيب ثلاث مرات و ينتره ثلاث مرات و هذا هو المحكي عن الفقية و ظاهر الوسيلة و المراسم و الغنيه و السرائر و النافع و غيرها و يمكن الالتزام بكفاية هذه الكيفية على القول باعتبار التسع لو لم نعتبر الترتيب بين مجموع النترات و مسحات الذكر و قلنا بكفاية تعقب كل مسحة بنترة لان نتر القضيب لا ينفك عن نتر رأسه فيتحقق به المسح و النتر معا و عن المفيد في المقنعة انه يمسح باصبعه الوسطى تحت انثييه إلى أصل القضيب مرة أو مرتين أو ثلثا ثم يضع مستحبته تحت القضيب و إبهامه فوقه و يمرهما عليه باعتماد قوى من اصله إلى رأسه الحشفة مرة أو مرتين أو ثلاثا ليخرج ما فيه من بقية البول انتهى و ظاهره عدم الاعتبار بالعدد و دوران الحكم مدار الوثوق ببقاء المجرى كما يؤيده ما نقل عنه في حكم الجنب من انه إذا عزم على التطهير بالغسل فليستبرء بالبول ليخرج ما بقي من المنى في مجاريه فان لم يستبرء به فليجتهد في الاستبراء يمسح تحت الانثيين إلى أصل القيب و عصره إلى رأس الحشفة ليخرج ما لعله باق فيه و كأنه قدس سره فهم من اخبار الباب
(253)
أحكام الغسل حكم من اغتسل ثم رأى بللا مشتبها
اناطة الحكم بالوثوق بنقاء المجرى و خروج بقية البول و جرى الاخبار الاتية المقيدة بالثلث مجرى العادة و في كلتا الدعويين نظر ( و عن ) علم الهدى انه اكتفى بنترالذكر من اصله إلى طرفه ثلث مرات و في المدارك ان ما ذكره الشيخ في المبسوط ابلغ في الاستظهار الا ان الاظهر الاكتفاء بما ذكره المرتضى ] ره [ من نتره من اصله إلى طرفه ثلاث مرات لما رواه الشيخ في الصحيح عن حفص بن البخترى عن ابى عبد الله عليه السلام في الرجل يبول قال ينتره ثلاثا ثم ان سأل حتى يبلغ الساق فلا يبالى و ما رواه الكليني في الحسن عن محمد بن مسلم قال قلت لابى جعفر ( ع ) رجل بال و لم يكن معه ماء قال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شيء فليس من البول و لكنه من الحبائل انتهى و يدل عليه ايضا ما روى عن نوادر الراوندي من ان النبي صلى الله عليه و آله كان إذا بال نتر ذكره ثلاثا و ربما يناقش في الاستدلال با - لحسنة له بدلالتها على اعتبار ثلث عصرات و نتر طرف الذكر و لا يقول به السيد و يمكن دفعها بانه لا يستفاد منها الا اعتبار العصرات الثلاث و نتر طرف الذكر و اما كون النتر مستقلا مفصولا عن العصر فلا و يتحقق هذا المعنى بنتر الذكر من اصله حيث يتحقق عصره و نتر طرفه نعم يحتمل قويا ان يكون المراد من أصل الذكر من عند المقعدة فيكون مفادها كفاية مسحات ثلث من عند المقعدة إلى طرف الذكر ناتر اطرافه و لا يبعد التزام القائلين باعتبار ألست مسحات بل التسع ايضا بكفاية هذه الكيفية بناء على عدم اعتبار الترتيب بين النترات و مجموع مسحات الذكر و كذا بينهما و بين مجموع مسحات ما تحت الانثيين كما هو الاظهر لعدم الدليل عليه بل إطلاقات الادلة قاضية بخلافه و يؤيد إرادة هذا المعنى بل يعينه رواية عبد الملك بن عمر و عن ابى عبد الله ( ع ) الرجل يبول ثم يستنجى ثم يجد بعد ذلك بللا قال إذا بال فخرط ما بين المقعدة و الانثيين ثلث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجى فان سأل حتى يبلغ الساق فلا يبالى إذ الظاهر ان ضمير التثنية يرجع إلى الانثيين و المراد مما بينهما هو الذكر و لعل النكتة في التعبير بذلك لبيان اعتبار غمزه من اصله و على تقدير اجماله كاجمال ما روى عن نوادر و الراوندي عن الكاظم ( ع ) عن ابائه ( ع ) عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال من بال فليضع اصبعه الوسطى في أصل العجان ثم يسلها ثلثا يكون الحسنة و غيرها مما دل على اعتبار عصر الذكر و نتره رافعة لا جماله فيكون مفاد كل من الحسنة و هاتين الروايتين و لو بشهادة كل منهما للاخر كفاية عصر قصبة الذكر من عند المقعدة إلى طرفه ناترا له ثلاث مرات و لا يبعد إرادة هذا المعنى من صحيحة حفص لاجمال مرجع الضمير في قوله ( ع ) ينتره بل ظهور عوده إلى البول المتصيد من كلام السائل فيحتمل قويا ان يكون المراد من الامر بنتر البول إخراجه من مجريه بان يجد به بإمرار اليد على قصبة الذكر من عند المقعدة إلى طرفه و على تقدير تسليم ظهور هذه الصحيحة في إرادة نتر الذكر بخصوصه يشكل الاعتماد على هذا الظاهر بعد اشتهار اعتبار مسح ما تحت الانثيين بين الاصحاب و دلالة الروايتين المتقدمتين عليه خصوصا مع ما نشاهد بالوجدان من شدة مدخليته في الاستبراء بل اشديته من نتر الذكر فالاكتفاء بنتر الذكر ثلثا كما عن السيد و اتباعه في غاية الاشكال و لكنه لا ينبغى الارتياب في كفاية ثلاث مسحات من أصل القضيب اى من عند المقعدة إلى طرفه ناترا له فان أراد أرباب القول باعتبار التسع أو ألست ما لا ينافى ذلك كما اشرنا إلى توجيه فيما تقدم فنعم الوفاق و الا فعليهم اقامة الدليل على مدعاهم من اعتبار الترتيب بين المسحات بعضها مع بعض و اعتبار استقلال كل مسحة و انفصاله عن الاخر أو ذلك من التقيدات مع ان ظواهر الاخبار بأسرها شاهدة على خلافهم ( و لا ) يعتبر الموالاة بين المسحات للاصل و إطلاقات الادلة و انصرافها إلى المسحات المتوالية لو سلم فهو بدوي لا يوجب تقييد الاطلاق كما لا يخفى و الظاهر عدم اعتبار المباشرة فيحصل بفعل الغير بل لا يبعد عدم اعتبار كونه باليد فيحصل بكل الة تؤدى حقها لوضوح ان المقصود من الاستبراء تنقية المجرى و إخراج بقية البول فيحصل المقصود بكل ما يتحقق به نتر الذكر أو عصره أو غمزه أو مسحه فان المتبادر من اخبار الباب و ان كان حصول المسح اوما هو بمنزلته بمباشرة يده و لكنه لا يتقيد الحكم بها بعد وضوح المقصود و ما في خبر الراوندي من الامر بوضع اصبعه الوسطى في أصل العجان و سلها و لعله لكونه أمكن في الاستبراء و عليه ينزل ما وقع في عبارات بعض الاصحاب من مسح ما تحت الانثيين بالوسطى و كذا وضع المسبحه تحت القضيب و الابهام فوقه عند مسحه اذ لا دليل على اعتبار الخصوصية و الرواية المتقدمة مع ضعف سندها صالحة لاثباتها على وجه يتقيد بها إطلاق ساير الاخبار نعم لا يبعد الالتزام باستحبابها لاجل هذه الرواية و الله العالم و لا يسقط الاستبراء بقطع الحشفة بل و لا يقطع الذكر من اصله فيمسح من عند المقعدة ثلثا إلى موضع القطع اذ ليس الحكم تعبديا محضا حتى لا يفهم حكم مثل هذه الفروض من أدلته كمالا يخفى و ليس على المرئة استبراء لعدم الدليل عليه و البلل المشتبه الخارج منها بعد البول يحكم بطهارته للاصل و الله العالم ( و من ) الغسل غسل اليدين ثلثا قبل إدخالهما الانآء بلا خلاف فيه ظاهرا بل عن بعض دعوى الاجماع عليه و يدل عليه صحيحة الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) قال سئلته عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل ان يدخلها الانآء فقال واحدة من حدث البول و اثنتان من الغائط و ثلاث من الجنابة و مرسلة الفقية عن ابى عبد الله عليه السلام انه قال اغسل يدك من البول مرة و من الغائط مرتين و من الجنابة ثلثا و رواية حريز عن الباقر عليه السلام قال يغسل الرجل يده من النوم مرة و من الغائط و البول مرتين و من الجنابة ثلثا و عن الرضوي و تغسل يديك إلى المفصل ثلثا قبل ان تدخلها الانآء و قد ورد الامر بغسل الكفين في جملة من
(254)
حكم الحدث الاصغر في اثناء الغسل
الاخبار الواردة في كيفية الغسل و لكن المتبادر منها كون المراد منها الغسل لازالة النجاسة كمالا يخفى على من تأمل فيها ثم ان ظاهر الاخبار المتقدمة كما عن المشهور استحباب غسل اليدين من الزند كما في الوضوء لكن في رواية يونس المتضمنة لغسل الميت انه يغسل يده ثلث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة إلى نصف الذراع و يؤيد ما في هذه الرواية موثقة سماعة عن الصادق ( ع ) قال إذا أصاب الرجل جنابة و أراد الغسل فليفرغ على كفه فليغسلها دون المرفق و في صحيحة يعقوب بن يقطين يغسل إلى المرفقين قبل ان يغمسهما بالاناء ( و في ) صحيحة احمد بن محمد المتقدمة قال تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى اصابعك و تبول ] الخ [ و عن الوافي انه قال بعد نقل هذه الصحيحة و في بعض النسخ تغسل يديك إلى المرفقين و هو الصواب انتهى و في رواية قرب الاسناد عن احمد بن محمد عن الرضا ( ع ) قال في غسل الجنابة تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى اصابعك و مقتضى الجمع بين الروايات كون الغسل من الزند مستحبا و من نصف الذراع افضل و أفضل منه من المرفق كما ان مقتضى إطلاق بعضها الاجتزاء بغسلة واحدة فكونها ثلاث مرات كما هو مفاد بعض آخر افضل و لا مقتضى لصرف المطلقات و تنزيلها على إرادة المقيد في المستحبات كما تقرر في محله ثم ان ظاهر عبارة المصنف كصريح بعض اختصاص الاستحباب المذكور فيما إذا كان الاغتسال بالاغتراف من الانآء الواسع القليل الماء لاما إذا كان من الماء الكثير أو كان الغسل ارتماسيا أو تحت المطر أو من الاوانى الضيقة الرأس خلافا للمنقول عن العلامة فاثبته مطلقا نظرا إلى إطلاق بعض الاخبار الا مرة بغسل اليدين قبل الغسل و فيه نظر لانصراف الاطلاقات إلى إرادة الاغتسال من الماء القليل بل ظاهر اغلبها إرادة الغسل لازالة النجاسة ( نعم ) لا يبعد دعوى عموم الاستحباب فيما إذا كان الاغتسال بالماء القليل مطلقا و لو من الاوانى الضيقة الرأس بدعوى ظهور الاخبار في كون حكمة الحكم صون ماء الطهارة عن الانفعال بالنجاسة الوهمية و هي مقتضية لعموم الحكم بالنسبة إلى كل مورد ينفعل الماء الذي يستعمل في الغسل بملاقاة اليد على تقدير نجاستها و الله العالم ( و منها ) المضمضة و الاستنشاق بلا خلاف فيها ظاهرا بل في المدارك و غيره دعوى الاجماع على استحبابهما و يدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة زرارة قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال تبدء بغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك و تغسل فرجك ثم تمضمض و استنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدمك إلى ذلك من الاخبار الدالة عليه المتقدم اغلبها في مطاوي المباحث السابقة و اما ما أرسله أبو يحيى الواسطي عن بعض اصحابه قال قلت لابى عبد الله ( ع ) الجنب يتمضمض و يستنشق قال لا انما يجنب الظاهر ( و ) في مرسلته الاخرى عمن حدثه قال قلت لابى الحسن ( ع ) الجنب يتمضمض فقال لا انما يجنب الظاهر و لا يجنب الباطن و الفم من الباطن فمحمولان على عدم كونهما من الاجزاء الواجبة جمعا بينهما و بين غيرهما من المعتبرة المستفيضة الا مرة بهما كما يشهد و لهذا الجمع جملة من الاخبار الدالة على انهما من السنة و ليسا من الاجزاء الواجبة مثل ما عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله ( ع ) قال المضمضة و الاستنشاق مما سن رسول الله صلى الله عليه و آله و عن سماعة قال سئلته عنهما فقال هما من السنة فان نسيتهما لم يكن عليك اعادة و في مرسلة الصدوق عن ابى عبد الله ( ع ) انه قال في غسل الجنابة ان شئت ان تتمضمض و تستنشق فافعل و ليس بواجب لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن ( و منها ) كون الغسل بصاع من الماء بلا خلاف بيننا بل في الجواهر إجماعا محصلا و منقولا خلافا لابى حنيفة فاوجبه و يدل عليه اخبار مستفيضة منها صحيحة زرارة عن ابى جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه و آله يتوضأ بمد و يغتسل بصاع و المد رطل و نصف و الصاع ستة أرطال ( و عن ) الشيخ ] ره [ انه قال أراد به أرطال المدينة فيكون تسعة بالعراقي و قد تقدم الكلام في بيان مقداره في الوضوء و الظاهر الاجتزاء بأقل من صاع عند الاشتراك مع الغير في الاغتسال من إناء واحد كما يدل عليه صحيحة زرارة و محمد بن مسلم و أبى بصير عن ابى جعفر ( ع ) و أبى عبد الله ( ع ) انهما قالا توضأ رسول الله صلى الله عليه و آله بمد و اغتسل بصاع ثم قال اغتسل هو و زوجته بخمسة امداد من إناء واحد قال زرارة فقلت كيف صنع هو قال ( ع ) بدء هو فضرب بيده في الماء قبلها و انقى فرجه ثم ضربت هى فانقت فرجها ثم افاض هو و أفاضت هى على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول الله صلى الله عليه و آله ثلثة امداد و الذى اغتسلت به مدين و انما اجزء عنهما لانها اشتركا جميعا و من انفرد بالغسل وحده فلا بد له من صاع يعنى إذا أراد اسباغ الغسل على الوجه الموظف و الا فيجوز الاقتصار بأقل منه بل بمثل الدهن كما عرفته فيما سلف و يستفاد من صحيحة الفضلا ان الماء الذي يستعمل في غسل الفرج محسوب من الصاع و الظاهر كون ماء المضمضة و الاستنشاق و غسل اليدين كلها محسوبا منه و الله العالم ( و منها ) الدعاء بالمأثور ففى رواية عمار الساباطى قال قال الصادق ( ع ) إذا اغتسلت من الجنابة فقل أللهم طهر قلبى و تقبل سعيي و اجعل ما عندك خيرا لي أللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين و إذا اغتسلت للجمعة فقل أللهم طهر قلبى و من كل افة تمحق ديني و تبطل عملي أللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين و عن محمد بن مروان عن ابى عبد الله ( ع ) قال تقول في غسل الجمعة أللهم طهر قلبى من كل افة تمحق ديني و تبطل عملي و تقول في غسل الجنابة أللهم طهر قلبى و زك عملي و تقبل سعيي و اجعل ما عندك خيرا لي ( و منها ) التسمية على ما ذكره جملة من الاصحاب كما في الحدائق و لم نعثر على مستندهم و لكنه لا بأس مسامحة و الله العالم مسائل ثلث الاولى إذا راى المغتسل الذي كانت جنابته بالانزال بللا مشتبها بعد الغسل بان احتمل
(255)
* في الحيض * ما يعرف به دم الحيض
عدم جواز تولى الغير للغسل
كونه من بقية المنى الذي اغتسل منه فان كان المغتسل قد بال قبل الغسل أو بعده قبل ان يخرج منه البلل لم يعد غسله كما يدل عليه مضافا الا الاصل و الاجماع الاخبار الاتية و كذا لو راى بللا مشتبها بعد ان طالت المدة أو استبرء بحيث علم بانقطاع اثر المنى السابق و نقاء المجرى لكنه احتمل كونه منيا حادثا لم يعد بلا اشكال و تأمل لان الاخبار الاتية منصرفة عن مثل الفرض و اليقين لا ينقضه الشك و الا بان لم يحصل له القطع بنقاء المجرى و احتمل كونه من بقية المنى السابق و لم يكن قد بال كان عليه الاعادة سواء استبرء قبله ام لا خلافا لظاهر المتن بل صريحه لاطلاق الاخبار المستفيضة الدالة مفهوما و منطوقا على وجوب الاعادة لمن لم يبل منها صحيحة سليمان بن خالد عن ابى عبد الله ( ع ) قال سئلته عن رجل أجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه شيء قال يعيد الغسل قلت فالمرأة يخرج منها شيء بعد الغسل قال لا تعيد قلت فما الفرق فيما بينهما قال لان ما يخرج من المرئة انما هو من ماء الرجل و صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شيء قال يغتسل و يعيد الصلوة الا ان يكون بال قبل ان يغتسل فانه لا يعيد غسله قال محمد قال أبو جعفر ( ع ) من اغتسل و هو جنب قبل ان يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان قد بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا ( و صحيحة ) الحلبي قال سئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل ان يغتسل قال ليتوضأ و ان لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل ( و ) موثقة سماعة قال سئلته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل ان يبول فيجد بللا بعد ما يغتسل قال يعيد الغسل فان كان بال قبل ان يغتسل فلا يعيد غسله و لكن يتوضأ و يستنجى ( و ) رواية معوية بن ميسرة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في رجل راى بعد الغسل شيئا قال ان كان بال بعد جماعه قبل الغسل فليتوضأ و ان لم يبل حتى اغتسل ثم وجد البلل فليعد الغسل و إطلاق الامر بالوضوء عند خروج البلل بعد البول مقيد بما إذا لم يستبرء و الا فليس عليه شيء و ان بلغ الساق للاخبار المستفيضة التي تقدم بعضها في كيفية الاستبراء الدالة على اختصاص ناقضية البلل بما إذا كان قبل الاستبراء فتلك الاخبار حاكمة على إطلاق هذه الروايات خصوصا مع اعتضادها بالاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك و كيف كان فلا يعارض هذه الاخبار الدالة على وجوب اعادة الغسل بخروج البلة ان لم يبل ما في بعض الاخبار من انه لا شيء عليه مثل رواية عبد الله بن هلال قال سألت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل ان يبول ثم يخرج منه شيء بعد الغسل قال لا شيء عليه ان ذلك مما وضعه الله عنه ( و خبر ) زيد الشحام عن الصادق ( ع ) قال سئلته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل ان يبول ثم راى شئت قال لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي راى شيئا ( و خبر ) جميل بن دراج قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الرجل يصيبه الجنابة فينسى ان يبول حتى يغتسل ثم يرى بعد الغسل شيئا يغتسل ايضا قال لا قد تعصرت و نزل من الحبائل ( و عن ) الصدوق انه قال بعد رواية الحلبي المتقدمة و روى في حديث آخر ان كان قد راى بللا و لم يكن بال فليتوضأ و لا يغتسل انما ذلك من الحبائل لوجوب طرح هذه الروايات أو تأويلها بما لا ينافى الاخبار المتقدمة لقصورها عن مكافئة تلك الاخبار الصحيحة المعمول بها عند جميع الاصحاب و شذوذ هذه الاخبار مع ما فيها من ضعف السند بل لم ينقل العامل بها الا الصدوق حيث جمع بينها و بين الاخبار السابقة بحمل الاعادة على الاستحباب و قد مال اليه بعض المتأخرين فيما حكى عنهم و فيه بعد الاغماض عن شذوذها انه جمع بلا شاهد مع ان حمل الامر بالاعادة في الاخبار الكثيرة على الاستحباب لا يخلو عن اشكال و أضعف من ذلك الجمع بينها بحمل الاخبار الا مرة بالاعادة على ما إذا لم يستبرء بالاجتهاد و هذه الاخبار على ما إذا استبرء و ربما جعل هذا الجمع وجها لشهرة القول بعدم الاعادة إذا كان البلل بعد الاستبراء ] مط [ كما عن بعض أو عند تعذر البول كما عن آخرين و فيه مع انه لا شاهد لهذا الجمع ان تنزيل الاخبار النافية للاعادة على إرادة ما إذا خرج البلل بعد الاستبراء يستلزم حمل المطلقات الواردة في مقام البيان على إرادة خصوص الفرد الغير المتعارف الذي لا يكاد يرتاب في عدم ارادته منها بالخصوص و اما القائلين بعدم انتقاض الغسل بخروج البلل بعد الاستبراء فلم يعلم استنادهم إلى هذه الاخبار حتى يمكن ادعاء انجبار قصور سندها و دلالتها بعملهم بل الظاهر ان مستندهم اما فهم العموم من اخبار الاستبراء و لو بتنقيح المناط أو ادعاء كون الاستبراء موجبا للوثوق بنقاء المجرى فينصرف عنه الاخبار الا مرة بالاعادة كما اشرنا فيما سلف هذا مع ان كون عمل الاصحاب و فهمهم جابرا لقصور الدلالة لا يخلو عن اشكال فالأَولى رد علم هذه الاخبار إلى أهله و اجمل وجوه الجمع في مقام التوجيه بل لا يبعد دعوى شهادة سوق الاخبار به هو ان الاخبار النافية للاعادة ليست مسوقة لبيان حكم البلل المردد بين كونه من بقية المنى السابق أو شيئا آخر بحيث يكون منشأ الشك الشبهة في المصداق كما هو مورد الاخبار السابقة بل هى مسوقة لتحقيق امر واقعي اختفى على السائل لجهله بحقيقته و تخيله ان كلما يخرج بعد الانزال من الرطوبات اللزجة هو الماء الذي يخرج من بين الصلب و الترائب الذي يجب لاجله الغسل فدفع الامام ( ع ) توهمه و بين له ان الرطوبة التي يجدها بعد الانزال تنزل من الحبائل و لا يخرج من بين الصلب الترائب فلا توجب الغسل و لا ينافى ذلك وجوب الغسل عليه عند اشتباه مصداق المنى بمصداق هذا المفهوم الذي بينه له كمالا يخفى ثم ان الاخبار السابقة كفتاوى الاصحاب و ان كان موضوعها البلل المشتبه و لكن الحكم الثابت له ليس محمولا عليه بوصف كونه مشتبها حتى يكون وجوب الغسل قاعدة تعبدية ثابتة بالادلة الخاصة على خلاف الاستصحاب بل انما أوجب الشارع
(256)
مايعرف به دم الحيض والعذره
الغسل لاجله لكونه بحسب الظاهر من بقية المنى السابق فقد رجح الشارع الظاهر على الاصل و جعله طريقا لاثبات متعلقه اعنى كون ما خرج منيا كما لا يخفى على من تأمل فيها و في غيرها من الاخبار الدالة على كون البلل الخارج بعد البول بولا فيكون هذه الاخبار كالاخبار الدالة على اعتبار قول الثقة حاكمة على الاخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك و لذا لا ينبغي الاشكال في وجوب ترتيب جميع اثار المنى عليه من وجوب ازالته و الاغتسال منه و الاكتفاء بغسله للصلوة و نحوها و غير ذلك من الاثار الشرعية الثابتة للمنى و اما لو قلنا بانه لا يفهم من هذه الاخبار الا وجوب الغسل تعبدا فيشكل ترتيب ساير الاثار عليه لمخالفتها للقواعد الشرعية كمالا يخفى ( تنبيه ) لو شك في أصل خروج البلل أو علم بخروج بلل ليس بمنى و لكنه احتمل استصحابه لاجزاء المنى لم يعد غسله للاصل و لا يعمه اخبار الباب لظهورها في إرادة ما لو راى بللا مرددا بين كونه من بقية المنى السابق أو شيئا اخر لا في مثل الفرض بل المتبادر منها ما إذا كان البلل مشتبها لذاته لا ما اشتبه عليه لظلمة و نحوها بحيث لو اختبره تبين حاله فالمرجع في هذه الصورة ايضا استصحاب الطهارة و الاحتياط مما لا ينبغى تركه بل لا يبعد دعوى شمول الاخبار لها و الله العالم ( المسألة الثانية ) إذا غسل بعض اعضائه أحدث بالحدث الاصغر قيل يعيد الغسل من رأس كما عن الهداية و الفقيه و المبسوط و عن جملة من المتأخرين و متأخريهم اختياره بل عن المحقق الثاني في حاشية الالفية نسبته إلى الاكثر و استدل له بعدم ثبوت كون الغسل المتخلل بالحدث رافعا للجنابة فيستصحب اثرها إلى ان يتحقق المزيل و هو الغسل الواقع عقيب الحدث و قضية استصحاب الجنابة الاجتزاء بغسلها عن الوضوء كما لو استصحبها عند الشك في أصل الغسل ( و ) استدل ايضا بما رواه في المدارك من كتاب عرض المجالس للصدوق عن الصادق ( ع ) قال لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلوة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك فان أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو منى بعد ما غسلت رأسك من قبل ان تغسل جسدك فاعد الغسل من أوله ( و ) عن الفقة الرضوي ما يقرب منه و استدل له ايضا بان الحدث لو تأخر عن تمام الطهارة لابطل إباحتها الصلوة فللبعض بطريق أولى و في الجميع نظر اما استصحاب اثر الجنابة فسيتضح لك انه محكوم بالنسبة إلى غيره من الاصول و اما الروايتان فلضعف سندهما لا تصلحان دليلا ( و اما ) الاستدلال بالاولوية فعلى تقدير تماميتها لا يقتضى الا كون وقوع الحدث في اثناء الغسل كوقوعه بعده رافعا لاثره في الجملة لا ابطاله رأسا ( و ) هذا لا يستلزم الا بطلان ما قيل من انه يقتصر على إتمام الغسل كما عن الحلى و المحقق الثاني و بعض متأخر المتأخرين دون القول الاخر الذي نبه عليه المصنف ] ره [ بقوله و قيل انه يتمه و يتوضأ للصلوة كما ذهب اليه جماعة من المتأخرين وفاقا للسيد فيما حكى عنهم هذا مع ان في دعوى الاولوية ما لا يخفى فان القائل بالاقتصار على إتمام الغسل يدعى دلالة الادلة من الاجماع و غيره على ان لا اثر لاسباب الوضوء ما دامت الجنابة باقية و لا ترتفع الجنابة الا بعد ان فرغ من غسلها فكيف يقاس حال الاشتغال بالغسل بما بعده فضلا عن ان يكون أولى منه ( نعم ) يتوجه على هذه الدعوي ان غاية ما دلت الادلة عليه انما هو كفاية غسل الجنابة عن الوضوء بل عن كل حدث فيرتفع بغسل الجنابة جنس الحدث الذي تحقق سببه قبل الاغتسال و اما ما وقع من أسباب الوضوء كاسباب ساير الاغسال في اثناء غسل الجنابة فلا يكاد يستفاد من شيء من الادلة عدم وقوعه مؤثرا أو انه يرتفع اثره بهذا الغسل اما الاجماع فواضح لاختصاصه بغير مورد الخلاف و اما الاخبار الدالة على انه لا وضوء مع غسل الجنابة فلا يتبادر منها الا عدم كون أسباب الوضوء الحادثة قبل الجنابة أو بعدها قبل الاغتسال مؤثرة في إيجاب الوضوء و اما ما صدر منها في اثناء الغسل فالاخبار منصرفة عنه جزما فيكون حاله حال ما لو صدر بعد الغسل في إيجاب ما يقتضيه اعنى الوضوء بمقتضى عموم ما دل على سببيته له و الحاصل انه لا يفهم من الادلة الا كون غسل الجنابة مجزيا عن كل حدث قارن الجنابة التي اغتسل منها بان وقع غسلها عقيب الحدث المقارن و اما الحدث الواقع في الا ثناء فله حكمه الذي اقتضاه عموم دليله فالقول بانه يقتصر على إتمام الغسل ضعيف بل و كذا القول بانه يعيده من رأس و لا يتوضأ استنادا إلى قاعدة الاشتغال أو استصحابه أو استصحاب الجنابة أو اثرها اذ لا يحصل القطع بفراغ الذمة الا بالوضوء بعد استيناف الغسل و اما استصحاب الجنابة بعد الاتيان بالغسل بالمتخلل بالحدث و كذا استصحاب وجوب غسل تام بعد صدور الحدث بعد تسليم جريانهما و الاغماض عن حكومة استصحاب صحة الاجزاء المأتي بها عليهما فلا يترتب عليهما الا وجوب اعادة الغسل أو استينافه من رأس و اما كفاية الغسل المعاد عن الوضوء الذي اقتضاه عمومات الادلة فلا اذ لا يجوز تخصيص العمومات بالاصول نعم لو قلنا بحجية الاصول المثبتة أمكن القول بالاجتزاء فان من لوازم بقاء الجنابة و وجوب الاعادة بطلان الاجزاء المأتي بها قبل الحدث فيندرج في الموضوع الذي علم حكمه بالنص و الاجماع اعنى يثبت به كون الحدث صادرا من الجنب الذي اغتسل من جنابته بعد صدور الحدث فيه فيكون الاصل ] ح [ أصلا موضوعيا حاكما على العمومات لا معارضا لها نظير استصحاب الجنابة عند الشك في أصل الغسل و كيف كان فلا ينبغى التأمل في ان القول بانه يتمه و يتوضأ للصلوة هو الاشبه بالقواعد اما وجوب الوضوء فلما عرفت من عموم ما دل على سببية الاحداث لوجوب الوضوء المقتصر في تخصيصها على ما إذا صدرت قبل غسل الجنابة و اما كفاية إتمام غسله و عدم وجوب استينافه من رأس فلاستصحاب صحة الاجزاء المأتي
(257)
بها الحاكم على استصحاب اثر الجنابة و أصالة الاشتغال فان معنى استصحاب صحة الاجزاء السابقة ترتيب اثارها الشرعية الثابتة لها قبل عروض ما يشك في ناقضيته و هي كونها مؤثرة في حصول الطهارة بشرط لحوق ساير الاجزاء بها فكما انه لا يرفع اليد عن اثر الغسل و الوضوء بمجرد احتمال وجود الناقض أو ناقضية الموجود فيستصحب الطهارة الحاصلة منهما إلى ان يعلم المزيل فكذلك لا يرفع اليد عن اثر أبعاض الوضوء و الغسل بمجرد احتمال وجود الناقض أو ناقضية الموجود بل يستصحب اثرها إلى ان يعلم ارتفاعه و ليس استصحاب صحة الاجزاء عند الشك في ناقضية الحدث الصادر في الا ثناء كاستصحاب صحة الاجزاء عند الشك في مانعية الموجود كما لو شك في اشتراط صحة الصلوة بعدم تخلل الفصل الطويل أو عدم وقوع الكلام في اثنائها فانه ربما يناقش في استصحاب الصحة في مثل هذه الموارد نظرا إلى ان وجود ما يشك في مانعيته يورث الشك في بطلان الاجزاء اللاحقة بمعنى عدم قابليتها للانضمام إلى الاجزاء السابقة فلو صلى مثلا ركعة ثم صدر منه ما يشك في مانعيته فانما يشك في إمكان إتمام الصلوة لافي انقلاب ما وجد عما وجد عليه و لا في ارتفاع اثرها من حيث هى فاستصحاب صحتها لا يجدى في القطع بتفريغ الذمة من المركب و اما ما نحن فيه فليس من هذا القبيل فان الشك فيه ليس الا في ارتفاع اثر الاجزاء السابقة اعنى حصول الطهارة عند الاتيان بساير الاجزاء لافي مانعية الموجود من لحوق اللاحق بسابقة كمالا يخفى هذا مع انا قد وجهنا فيما علقناه على رسائل شيخنا المرتضى ] ره [ التمسك بأصالة الصحة في ساير الموارد ايضا من اراده فليراجع و لو اغمض عن استصحاب الصحة فالأَظهر جريان قاعدة البرائة لا الاشتغال لان الشك في انتقاض الغسل مرجعه إلى الشك في اشتراط الغسل بان لا يتخلل الحدث في أثنائه و هو منفى بالاصل و دعوى كونه من قبيل الشك في المكلف به لان التكليف انما تعلق بالطهارة التي هى شرط في الصلوة و هي مبنية مفهوما و انما الاجمال في مصداقها فيجب فيها الاحتياط قابلة للمنع كما تقدم تحقيقه في مبحث الوضوء و ربما يستدل لكفاية الاتمام بإطلاق الاخبار البيانية الا مرة بغسل الرأس و الجسد فان مقتضى إطلاق الامر فيها حصول الاجزاء لوجود المأمور به في الخارج ] مط [ خصوصا بالنظر إلى إطلاق قوله ( ع ) و كل شيء أمسسته الماء فقد انقية و ما جرى عليه الماء فقد اجزاه و يمكن المناقشة فيه بورود الاطلاق في مقام بيان حكم اخر كمالا يخفى نعم ربما يؤيد القول بكفاية الاتمام الرواية المتقدمة الدالة على عدم اخبار الموالاة الواردة في قضية ام اسماعيل و ما دل على تأخير غسل بعض الاعضاء و لو إلى نصف يوم أو ازيد فانه ربما يستبعد إرادة ما لو لم يصدر الحدث في الا ثناء و الا بينها في مقام الحاجة و كيف كان فهذا القول و ان كان أوفق بالقواعد و لكن الاحتياط باستيناف الغسل ثم الوضوء للصلوة مما لا ينبغى تركه و الله العالم ( المسألة الثالثة ) لا يجوز ان يغسله غيره مع الامكان و يجوز مع الضرورة كما في الوضوء لعين ما تقدم فيه و يكره ان يستعين فيه كالوضوء لعموم العلة المنصوصة في الاخبار المستفيضة الواردة في الوضوء و الله العالم ( الفصل الثاني ) من الفصول الخمسة في تشخيص دم الحيض و ما يتعلق به من الاحكام الشرعية اما دم الحيض فهو دم معروف معتاد للنساء خلق فيهن لحكم كثيرة منها تغذية الولد إذا حملت فإذا وضعت ازال الله عنه صورة الدم و كساء صورة اللبن ليتغذى به الطفل مدة رضاعه فاذا خلت من الحمل و الرضاع بقي الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج غالبا في كل شهر ستة أيام أو سبعة أو اقل أو ازيد على حسب مزاج المرئة حرارة و برودة و هو معروف عند النساء لاخفاء فيه مفهوما كالبول و المنى و ان كان ربما يشتبه مصاديقه بغيره من الدماء و ربما يطلق الحيض في العرف و الشرع و يراد منه هذا الدم مسامحة و الا فحيض المرئة في الحقيقة كما عن تنصيص جماعة من العلماء و اللغويين عبارة عن سيلان دمها لا عن نفس الدم و قد شاعت هذه المسامحة في عرف الفقهاء حتى كان الحيض صار لديهم حقيقه في نفس الدم و لذا عرفه به جملة منهم و كيف كان فدم الحيض هو الدم المعهود المعروف عند النساء الذي علم من بيان الشارع ان له تعلق بانقضاء العدة و ان لقليله حد و هاتان الصفتان من الخواص المركبة التي لا توجد الا في دم الحيض و اما ساير أوصافه كالحرارة و السواد و الحرقة و نحوها فهي أوصاف غالبيتته ربما يتخلف عنها و يكون فاقد الجميعها كما سيتضح لك فيما سيأتي ( ثم ) ان الدم المعهود يعرف غالبا بوقته و اوصافه لان له في اغلب افراده المتعارفة وقت مضبوطا و اوصاف معينة يمتاز بها عن غيره و هو في الاغلب يكون اسود اى مايلا إلى السواد لشدة حرته غليظا حارا يخرج بحرقة حاصلة من دفعه و حرارته و استفيد كونه متصفا بهذه الاوصاف من النص و الحس بشهادة أهله ففى صحيحة حفص بن النتجرى أو حسنته قال دخلت على ابى عبد الله ( ع ) إمرئة سألته عن المرئة تستمر بها الدم فلا تدري حيض هو ام غيره قال فقال لها ان دم الحيض حار عبيط اسود له دفع و حرارة و دم الاستحاضة اصفر بارد فإذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلوة فال فخرجت و هي تقول و الله لو كان إمرأة ما زاد على هذا ( و ) في صحيحة معوية بن عمار قال ان دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد و دم الحيض حار ( و ) موثقة اسحق بن جرير قال سألت إمرئة منا ان أدخلها على ابى عبد الله عليه السلام فأستأذنت لها فاذن لها فدخلت و معها مولاة لها إلى ان قال فقالت له ما تقول في المرئة تحيض فتجوز أيام حيضها
(258)
حكم الله الذى يخرج من الجانب الايمن
عدم كون ماثراه الصبية قبل البلوغ حيضا
قال ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هى مستحاضة قال فان الدم يستمر بها الشهر و الشهرين و الثلثة كيف تصنع بالصلوة قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلوتين قالت له ان أيام حيضها تختلف عليها و كان يتقدم الحيض اليوم و اليومين و الثلثة و يتأخر مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة و دم الاستحاضة دم فاسد بارد قال فالتفتت إلى مولاتها فقالت ا تراه كان إمرأة مرة ثم ان توصيف الدم بهذه الصفات في الاخبار وارد مورد الاغلب و الا فسيتضح لك ان كثيرا ما يحكم بالحيضية على فاقدها و بالاستحاضة على المتصف بها و حيث أمكن تخلف دم الحيض و الاستحاضة عن الاوصاف المذكورة في الروايات ربما لا يحصل الوثوق بكون الموصوف بأوصاف الحيض أو الاستحاضة حيضا أو استحاضة أو كون فاقد أوصاف الحيض أو الاستحاضة الحيض أو الاستحاضة فيشكل الاعتماد عليها في مورد النصوص في تشخيص دم الحيض أللهم الا ان يدعى كما في المدارك و الحدائق و المستند ظهور هذه الروايات في كون هذه الاوصاف إمارة ظنية اعتبرها الشارع طريقا تعبديا لمعرفة موضوع الحيض بحيث يدور الحكم بالحيضية مدارها وجود أو عدما الا في الموارد التي دل الدليل على خلافها قال في المدارك و يستفاد من هذه الروايات ان هذه الاوصاف خاصة مركبة للحيض فمتى وجدت حكم بكون الدم حيضا و متى انتفت انتفى الا بدليل من خارج و إثبات هذا الاصل ينفع في مسائل متعددة من هذا الباب انتهى و لكنك خبير بما في عموم هذه الدعوي من الاشكال اذ لا دلالة في شيء من الاخبار أصلا على انه لا يكون دم آخر بأوصاف الحيض أو الاستحاضة و لذا لا يعتنى بأوصاف الدم عند اشتباهه بدم القروح أو العذرة و منطوق الشرطية في قوله ( ع ) فإذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع الصلوة لا يدل الا على ثبوت الحيضية بتحقق الاوصاف في الموضوع الذي فرضه السائل و هو ما لو استمر بها الدم و اختلط حيضها بالاستحاضة فمرجع الضمير في قوله ( ع ) فلتدع الصلوة ليس الا هذه المرئة المفروضة لا مطلق المرئة التي خرج منها دم موصوف بهذه الاوصاف و ان لم يختلط حيضها بالاستحاضة بل اشتبه بدم العذرة أو القروح مثلا و دعوى ظهور سياق الروايات في كونها مسوقة لبيان إعطاء الضابط لمعرفة دم الحيض مطلقا ( مدفوعة ) أولا بان غاية ما يمكن دعويه ليس الا كونها مسوقة لبيان ما يتميز به دم الحيض عن الاستحاضة عند اختلاط بعضها ببعض و ثانيا ان المتامل في سياق الاخبار لا يكاد يرتاب في عدم كونها مسوقة لبيان ضابطة تعبدية بل هى إرشاد إلى معرفة أوصاف الدم المعهود التي يمتاز بها عن دم الاستحاضة و حيث ان هذه الاوصاف إمارة غالبية لا دائمية يعرف من اعتناء الشارع بها و إرجاعها إليها كونها طريقا تعبديا في موردها و هو ما لو استمر بها الدم و اختلط الحيض بالاستحاضة ( نعم ) لا يبعد دعوى استفادة طريقيتها لتشخيص دم الحيض عن الاستحاضة عند اشتباه أحدهما بالاخر مطلقا ما لم يدل دليل على خلاف ذلك فليتأمل و هل يخرج دم الحيض من الجانب الايسر و الايمن فيه خلاف سيأتي التعرض ] انش [ و قد يشتبه دم الحيض بدم العذرة اى البكارة فيعتبر بالقطنة و نحوها و لا يلتفت ] ح [ إلى أوصاف الدم لما اشرنا فيما تقدم من ان الرجوع إلى الاوصاف انما هو لتمييز الحيض عن الاستحاضة لاعن ساير الدماء فان خرجت القطنة مطوقة فهو دم العذرة و ان خرجت منغمسة فهو الحيض لصحيحة خلف بن حماد قال دخلت على ابى الحسن موسى بن جعفر ( ع ) بمنى فقلت له ان رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سأل الدم فمكث سائلا لا ينقطع نحوا من عشرة أيام و ان القوابل اختلفن في ذلك فقال بعضهن دم الحيض و قال بعضهن دم العذرة فما ينبغى لها ان تصنع قال ( ع ) فلتتق الله فان كان من دم الحيض فلتمسك عن الصلوة حتى ترى الطهر و ليمسك عنها بعلها و ان كان من العذرة فلتتق الله و لتتوضأ و لتصل و يأتيها بعلها ان احب ذلك فقلت له و كيف لهم ان يعلموا ما هو حتى يفعلوا ما ينبغى قال فالتفت يمينا و شمالا في الفسطاط مخافة ان يسمع كلامه احد ثم نهد إلى فقال يا خلف سر الله سر الله فلا تذيعوه و لا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله بل ارضوا لهم ما رضى الله لهم من ضلال قال ثم عقد بيده اليسرى تسعين ثم قال تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها إخراجا رقيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة و ان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض قال خلف فاستخفنى الفرح فبكيت فلما سكن بكائي قال ما ابكاك قلت جعلت فداك من كان يحسن هذا غيرك قال فرفع يده إلى السماء و قال اني و الله ما أخبرك الا عن رسول الله صلى الله عليه و آله عن جبرئيل عن الله عز و جل ( و ) صحيحة زياد بن سوقة قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل افتض إمرأته أو أمته فرات دما كثيرا لا ينقطع عنها يوما كيف تصنع بالصلوة قال تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقة بالدم فانه من العذرة تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلى فان خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث تقعد عن الصلوة أيام الحيض ثم ان المتبادر من الصحيحتين و فتاوى الاصحاب ليس الا إرادة حكم ما إذا تردد الدم بين كونه دم الحيض أو العذرة على سبيل منع الخلو فيكون عدم تطوق الدم ] ح [ دليلا على عدم كونه من العذرة فيتعين كونه حيضا بحكم الفرض و اما لو لم ينحصر الاحتمال فيهما بان احتمل كونه من القرحة أو الاستحاضة