على الكتمان من مصلحتها التي تكتمه لاجلها و ان لم يجب على الزوج تصديقها و بما اشرنا اليه من حصول الوثوق غالبا من قولها ظهر لك مكان الخدشة فيما يقال من ان الحيض مما لا يعرف الا من قبلها و قد علق الشارع عليه أحكاما كثيرة فوجب ان يكون قولها حجة فيه فتامل هذا إذا لم تكن متهمة و اما إذا كانت متهمة ففى وجوب تصديقها و عدمه وجهان بل قولان من إطلاق الادلة المتقدمة و من ان عمدتها الاجماع و الروايتين اما الاجماع فلا يعم مورد الخلاف و اما الروايتان فمنصرفتان عن مثل الفرض لان كون المرئة متهمة في دعويها الحيض فرض نادر و يؤيده بل يدل عليه رواية اسماعيل بن ابى زياد عن جعفر ( ع ) عن ابيه ( ع ) عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في إمرئة ادعت انها حاضت في شهر واحد ثلث حيض فقال كلفوا نسوة من بطانتها ان حيضها كان فيما مضى على ما ادعت فان شهدن صدقت و الا فهي كاذبة و رواه الصدوق مرسلا الا انه قال يسئل نسوة ن بطانتها و نوقش في دلالتها على المطلوب باخصيتها من المدعى الاختصاص موردها إذا ادعت امرا بعيدا خلاف عادات النساء ( أقول ) الظاهر ان المراد بالمتهمة في المقام هى المرئة التي يبعد دعويها العادات و الامارات الخارجية بحيث يكون الزوج منها بمقتضى العادات و الامارات في شك و ارتياب فيظن انها كاذبة كما في مورد الرواية و يشعر بإرادتهم هذا التفسير لا قيل انها هى المرئة المعروفة بتضييع حق الزوج استدلالهم لعدم قبول قولها الرواية و تصريح بعضهم باشتراط قبول قولها بما إذا لم يظن الزوج كذبها قال في الحدائق و اما لو ظن الزوج كذبها قيل لا يجب القبول و اليه مال الشهيد الثاني و قيل يجب و هو اختيار العلامة في النهاية و الشهيد في الذكرى انتهى و الظاهر ان مراد المشترطين بعدم الظن بكذبها ليس مطلق الظن الحاصل للزوج و لو من دون مستند بان كان سيئ الظن بل الظن الحاصل من الامارات الموجبة للارتياب و على هذا فالإِنصاف إمكان الاستشهاد له بالرواية كما انه لا ينبغى الاستشكال في قصور الادلة المتقدمة عن إثبات وجوب تصديقها في مثل الفرض و الاحتياط مما لا ينبغى تركه و الله العالم و يجوز له اى لزوجها الاستمتاع بما عدا القبل اما الاستمتاع بما فوق السرة و تحت الركبة فمما لا خلاف فيه بل في الجواهر إجماعا محصلا و منقولا مستفيضا غاية الاستفاضة كالسنة مما في خبر عبد الرحمن عن الصادق ( ع ) عن الرجل ما يحل له من الطامث قال لا شيء له حتى تطهر يجب تأويله أو طرحه و اما الاستمتاع فيما بينهما حتى الوطي في الدبر فيجوز ايضا على الاظهر الاشهر بل في الجواهر دعوى الشهرة عليه شهرة كادت تكون إجماعا بل عن ظاهر بعض دعوى الاجماع عليه و يدل عليه جملة من الاخبار المعتبرة المستفيضة ففى رواية عبد الملك بن عمر و قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام ما لصاحب المرئة الحائض منها قال كل شيء ما عدا القبل منها بعنيه و رواية اخرى لعبد الملك بن عمر و قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) ما يحل للرجل من المرئة و هي حائض قال كل شيء الفرج قال ثم قال انما المرئة لعبة الرجل و المراد من الفرج خصوص القبل بقرينة الرواية المتقدمة و غيرها مما سيأتي مضافا إلى انه هو المتبادر من إطلاقه ( و ) موثقة عبد الله بن بكير عن بعض اصحابه عن الصادق ( ع ) قال إذا حاضت المرئة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم ( و ) صحيحة عمر بن يزد قال قلت للصادق ( ع ) ما للرجل من الحائض قال ما بين اليتيها و لا يوقب ( و رواية ) معوية بن عمار عن الصادق ( ع ) عن الحائض ما يحل لزوجها منها قال ما دون الفرج ( و رواية ) عبد الله بن سنان قال قلت للصادق ( ع ) ما يحل للرجل من إمرئة و هي حائض قال ما دون الفرج ( و ) موثقة هشام بن سالم عن الصادق في الرجل يأتى المرئة فيما دون الفرج يا حائض قال لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع إلى ذلك من الروايات التي كادت تكون صريحة في المدعى لكن لا يخفى عليك ان استفادة جواز الوطي في الدبر حال الحيض من هذه الروايات مبنية على القول بجوازه حال النقاء كما هو الاشهر بل المشهور عند الخاصة نصا و فتوى عكس العامة ( و اما ) لو لم يثبت ذلك بالنسبة إلى حال النقاء فربما يتأمل في نهو عن هذه الاخبار لاثباته لورودها في مقام بيان حكم آخر اعنى عدم ممانعة الحيض الا من الوطي في القبل دون سائر الاستمتاعات فيكون اطلاقها منزلا على بيان ان له حال الحيض جميع ما كان له حال الطهر ما عدا الوطي في القبل لكن المتامل في الروايات يراها كالصريح في إرادة الوطي في الدبر و ان لم يكن اطلاقها مسوقا لبيان أصل الاستمتاعات الجايزه فان هذا الفرد أظهر افراد الاستمتاع بحيث لا يرتاب السامع في ارادته من قوله في جواب من سئله عما لصاحب المرئة الحائض كل شيء منها ما عدا القبل منها بعينه و كذا من قوله فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم بل لا شبهة في ظهور تخصيص القبل و موضع الدم بالذكر في اختصاص الحكم به دون الدبر الذي هو عديل القبل في هذه الفائدة هذا كله بعد الاغماض عما يدل على جوازه في حد ذاته و الا فيأتى ] إنش [ في محله انه لا مجال للتشكيك فيه فعلى هذا لا ينبغي الاشكال في انه له الاستمتاع حال الحيض بما عدا القبل مطلقا خلافا لما نقل عن المرتضى ] ره [ في شرح الرسالة من تحريم الوطي في الدبر بل مطلق الاستمتاع بما بين السرة و الركبة ( و ) استدل له بالنهى عن القرب في الكتاب العزيز و الامر باعتزالهن في المحيض بناء على ان المراد منه وقت الحيض لا موضع الدم فيقتصر في تخصيص الايتين بما انعقد عليه الاجماع و استفيد من النصوص الاتية التي استدل بها ايضا لمذهبه منها موثقة ابى بصير قال سئل أبو عبد الله ( ع ) عن الحايض ما يحل لزوجها منها قال تترز بازار إلى الركبتين و تخرج ساقها و له ما فوق الازار ( و ) صحيحة الحلبي انه سئل ابا عبد الله ( ع ) عن الحايض و ما يحل لزوجها منها قال تترز بازار إلى الركبتين و تخرج سرتها ثم له
(288)
ما فوق الازار ( و ) رواية حجاج بن الحشاب عن ابى عبد الله ( ع ) عن الحائض و النفساء ما يحل لزوجها منها قال تلبس درعا ثم تضطجع معه ( و فيه ) ان المراد من القرب المنهي عنه ليس معناه الحقيقي و الا يستلزم التخصيص المستهجن و انما المراد المقاربة المعهودة المتعارفة و هي الجماع في الفرج و يدل عليه مضافا إلى انه هو المتبادر منه بعد العلم بعدم إرادة معناه الحقيقي ما عن تفسير العياشي عن عيسى بن عبد الله قال قال أبو عبد الله ( ع ) المرئة تحيض يحرم على زوجها ان يأتيها لقوله تعالى و لا تقربوهن حتى يطهرن فيستقيم للرجل ان يأتى إمرئة و هي حائض فيما دون الفرج و اما الاخبار المزبورة فهي محمولة على الكراهة و نفى الحلية بمعناها الاخص بقرينة الاخبار المستفيضة المتقدمة المصرحة بالجواز هذا مع مخالفتها للمشهور و موافقتها لكثير من العامة كما عن الشيخ التصريح بذلك ( و ربما ) يناقش في دلالتها على المنع بانه لا يفهم منها الا حل الاستمتاع بما فوق الازار ( و اما ) المنع مما دونه فلا اذ لا إعتداد بمفهوم اللقب ( و فيه ) ان ظاهر السوأل هو الاستفهام عن جميع ما يحل له و الجواب مسوق البيان التحديد فلا ينبغى التأمل في ظهوره في المنع لكن يتعين حمل المنع المفهوم منع على الكراهة بقرينة سائر الاخبار و الله العالم فان وطي الزوج زوجته الحائض في القبل عامدا بان كان عالما بالحكم و موضوعه وجب عليه خاصة دونها و ان كانت مطاوعة الكفارة على قول مشهور بين القدماء على ما نسب إليهم بل عن الانتصار و الخلاف و الغنية دعوى الاجماع عليه ( و ) استدل له باخبار كثيرة ( منها ) رواية داود بن فرقد عن الصادق ( ع ) في كفارة الطمث يتصدق إذا كان في أوله بدينار و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار قلت و ان لم يكن عنده ما يكفر قال فليتصدق على مسكين واحد و الا استغفر الله و لا يعود فان الاستغفار توبة و كفارة لمن لم يجد السبيل إلى شيء من الكفارة و نحوها الرضوي و عن المقنع انه قال و روى من جامعها في أول الحيض فعليه ان يتصدق بدينار و ان كان في نصفه فنصف دينار و ان كان في آخره فربع دينار ( و ) عن محمد بن مسلم قال سئلت الباقر ( ع ) عن الرجل اتى المرئة و هي حائض قال يجب عليه في استقبال الحيض دينار و في وسطه نصف دينار ( و ) عن محمد بن مسلم ايضا في الصحيح قال سئلته عمن اتى إمرأته و هي طامث قال يتصدق بدينار و يستغفر الله ] تع [ ( و ) عن ابى بصير في الموثق عن ابى عبد الله ( ع ) قال من اتى حائضا فعليه نصف دينار ( و منها ) حسنة الحلبي عن الصادق في الرجل يقع على إمرأته و هي حائض ما عليه قال يتصدق على مسكين بقدر شبعه فقد حمل الاصحاب إطلاق ما بعد الرواية الاولى على ما تضمنته الرواية الاولى من التفصيل في افراد الكفارة و الخدشة فيها بقصور السند مما لا ينبغى الالتفات إليها بعد استفاضتها و اشتهار العمل بمضمونها و اعتضادها بالاجماعات المنقولة فلا يعارضها بعض الاخبار المنافية لها مثل رواية عبد الملك بن عمر و قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن رجل اتى جاريته و هي طامث قال يستغفر الله ربه قال عبد الملك فان الناس يقولون عليه نصف دينار أو دينار فقال أبو عبد الله ( ع ) فليتصدق على عشرة مساكين و روايته الاخرى عن رجل واقع إمرأته و هي حائض فقال ان كان واقعها في استقبال الدم فيستغفر الله و يتصدق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كل رجل منهم ليومه و لا يعد و ان كان واقعها في ادبار الدم آخر أيامها قبل الغسل فلا شيء عليه ( و عن ) على بن إبراهيم في تفسيره قال قال الصادق ( ع ) من اتى إمرأته في الفرج في أول حيضها فعليه ان يتصدق بدينار و عليه ربع حدا الزاني خمسة و عشرون جلدة و ان اتاها في آخر أيام حيضها فعليه ان يتصدق بنصف دينار و يضرب اثنتي عشر جلدة و نصفا هذا و لكن الانصاف عدم إمكان حمل الاخبار المطلقة الواردة في مقام البيان على ما تضمنته الرواية الاولى لامكان دعوى القطع بعدم إرادة وجوب التصدق على مسكين واحد من الحسنة لخصوص من لم يكن عنده ما يكفر و لا من الموثقة التصدق بنصف دينار لخصوص من وطائها في وسط الحيض و لا من الصحيحة خصوص من وطائها في أول الحيض اذ كيف يعقل ان يكون الواجب على الواطي مراعاة هذا التفصيل و مع ذلك يأمره الامام ( ع ) عند الاستفهام عن حكمه بان يتصدق على مسكني بقدر شبعه و قد تقدم مرة ان ارتكاب هذا النحو من التقييد في الروايات من أبعد التصرفات فيجب اما الاخذ بالرواية الاولى و ما هو بمضمونها و طرح ما عداها بدعوى قصورها عن المكافئة بعد عمل الاصحاب بالرواية و اعراضهم عما عداها ( أو ) القول باستحباب التصدق و تنزيل اختلاف الاخبار على اختلاف مراتب الاستحباب و لا ريب ان حمله على الاستحباب أهون من طرح هذه الاخبار الكثيرة التي يمكن دعوى العلم الاجمالى بصدور اغلبها خصوصا مع معارضتها للمستفيضة المصرحة بعدم الوجوب ( منها ) صحيحة عيص بن القاسم قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن رجل واقع إمرأته و هي طامث قال لا يلتمس فعل ذلك قد نهى الله ان يقربها قلت فان فعل ا عليه كفارة قال لا أعلم فيه شيئا يستغفر الله ( و ) موثقة زرارة عن أحدهما قال سئلته عن الحائض يأتيها زوجها قال ليس عليه شيء يستغفر الله و لا يعود ( و ) خبر ليث المرادي قال قال سئلت الصادق ( ع ) عن وقوع الرجل على إمرأته و هي طامث خطاء قال ليس عليه شيء و قد عصى ربه قال شيخنا المرتضى ] ره [ و الظاهر من الخطاء بقرينة المعصية الخطاء في الفعل و منه الخطيئة أو الخطاء في الحكم مع التقصير في السوأل دون الخطاء في الموضوع انتهى ( و حيث ) انك عرفت تعذر الاخذ بظاهر الرواية الاولى و طرح جميع ما عداها فالمتعين اما حمل الامر بالتصدق في الاخبار على الاستحباب كما يؤيده بل يدل عليه اختلاف الاخبار اختلافا لا يمكن الجمع بينها الا بذلك كما تقدم نظيره في اخبار البئر
(289)
وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلوة
و يشهد له الخبر المروي عن الدعائم من اتى حائضا فقد اتى ما لا يحل له و يستغفر الله و يتوب من خطيئة و ان تصدق مع ذلك فقد أحسن فانه و ان ضعف سنده الا انه يصلح مؤيد لذلك أو الالتزام بصدورها تقية كما يشهد به رواية عبد الملك الدالة على ان القول بالتصدق بدنيارا و نصف دينار كان معروفا بين العامة كما انه يشهد بذلك ايضا تعبير الامام ( ع ) في صحيحة عيص بقوله لا أعلم فيه شيئا فان هذا التعبير يشعر بان القول بان عليه شيئا كان معروفا بين فقهائهم و لم يستطع الامام ( ع ) إنكاره بطريق الجزم فقال ( ع ) لا أعلم اه و بهذا ظهر لك قوة ما قيل قديما و حديثا بل في الحدائق انه هو المشهور بين المتأخرين من انه لا يجب عليه الكفارة و لكنها مستحبة للامر بها في المستفيضة المتقدمة و احتمال حملها على التقية مما لا ينبغى الاعتناء به الا عند تعذر الجمع عرفا و ليس لاخبار الوجوب قوة ظهور في تلك حتى يمتنع عرفا تأويلها و حملها على الاستحباب جمعا بينها و بين الاخبار المصرحة بعدم الوجوب خصوصا مع ما عرفت من وجود الشاهد للجمع هذا كله مع ان احتمال صدور هذه الاخبار الكثيرة تقية مما يبعده كون المسألة على ما نقل منهم خلا فية بينهم فيبعد في مثلها الحكم بالوجوب أو بعدم الوجوب تقية ( نعم ) لا يبعد التعبير بلا أعلم و نحوه مما يكون ظاهره الافتاء عن رأى و اجتهاد و الله العالم ( و ) هل يختص الحكم بوطي إمرأته ام يعم الاجنبية وجهان من إطلاق بعض الاخبار و من إمكان دعوى انصراف المطلقات إلى الوطي المباح ذاتا الذي عرضه الحرمة لاجل الحيض هذا مع ما ربما يخدش في المطلقات بقصور السند و عدم الجابر و كيف كان فلا تأمل في شمولها بل صراحة بعضها كرواية عبد الملك لوطى أمته بل قد يدعى عدم دلالة الرواية الا عليه و فيه نظر لكن المعروف بين الاصحاب على ما في الجواهر انه يتصدق في وطي جاريته بثلثة امداد قال المشهور هنا ايضا وجوبه بل في الانتصار الاجماع عليه و في السرائر نفى الخلاف فيه و هما مع التأييد بالمنقول عن الفقة الرضوي الحجة على ذلك انتهى و أنت خبير بان مثل هذه الحجج لا تصلح حجة الا لاثبات الاستحباب مسامحة فيشكل الالتفات إليها بناء على وجوب الكفارة في رفع اليد عما يقتضيه إطلاق الادلة و اما على المختار من استحبابها فلا مانع من الالتزام بمفاد الجميع و الله العالم ( ثم ) ان الظاهر عدم الفرق بين الزوجة الدائمة و المنقطعة و الحرة و الامة كما صرح به واحد لعموم الادلة و صدق المرئة في الجميع ( و ) هل مختص الحكم بالعامد العالم بالحكم و موضوعه ام يعم ] مط [ أو بالنسبة إلى جاهل الحكم دون موضوعه لا ينبغى الاشكال في عدم الشمول الجاهل الموضوع بشهادة تسمية التصدق كفارة في بعض الاخبار و الامر بالاستغفار في اغلبها بإرادة من عدا جاهل الموضوع الذي لا يكون عمله معصية و اما جاهل الحكم فربما يدعى انصراف الاخبار عنه و فيه تأمل ( و لا ) يخفى عليك انا و ان رحجنا القول بعدم الوجوب بالنظر إلى ما يقتضيه الجمع بين الاخبار لكن التخطى عن القول الاول المشهور بين قدماء اصحابنا المطلعين على غث الاخبار و سمينها مع كون الالتزام بموداه من دون تدين و تشريع احوط في غاية الجرئة فلا ينبغى ترك الاحتياط بمتعابعتهم و قد عرفت فيما سبق ان المعتمد لديهم هو التفصيل المستفاد من رواية داود بن فرقد و هو ان الكفارة في أوله دينار و في وسطه نصف دينار و في اخره ربع دينار لكن نص في الجواهر على اختصاص هذا التفصيل بغير وطي الرجل جاريته و اما فيه فكفارته ثلثة امداد كما تقدمت الاشارة اليه و المراد بالدينار على ما في المدارك و غيره المثقال من الذهب الخالص المضروب و ذكروا ان قيمته عشرة دراهم جياد و المراد من المثقال هو المثقال الشرعي على ما نصوا عليه و هل يتعين التصدق بعين الدينار كما حكى عن جملة من الاصحاب ام يجزى قيمته كما صرح به بعض وجهان أو جههما الثاني فان المتبادر من الامر بإعطاء الاثمان عرفا ليس الا إرادة مقداره من حيث المالية كما يؤيد ذلك الامر بإعطاء نصف دينار أو ربعه فان توهم إرادة تسليط المسكين على نصفه أو ربعه المشاع بمعزل عما يفهم عرفا كما لا يخفى و مصرف هذه الكفارة مصرف غيرها من الكفارات و هو مستحق الزكوة كما عن صريح جملة من الاصحاب و ظاهر غيرهم و لا يعتبر التعدد كما صرح به جماعة تبعا للروض فيما حكى عنهم لاطلاق النص و يحتمل ان يكون المراد من قوله ( ع ) في رواية عبد الملك فليتصدق على عشرة مساكين التصدق بالدينار أو نصف الدينار الذي كان الناس يزعمون انه يجب عليه و على هذا يرتفع التنافي بين هذه الرواية و بين الاخبار الا مرة بالتصدق بدينار أو نصفه و لكن الرواية لا تصلح مستندة للحكم خصوصا على تقدير القول بالوجوب لعدم تعين إرادة هذا المعنى منها مع انه لم يقل احد بمضمونها ثم ان المتبادر من النصوص و الفتاوى كما عن تصريح جل الاصحاب ان كل حيض له أول و وسط و اخر بالنسبة إلى أيامها فالأَول لذات الثلثة يوم واحد و لذات الاربعة يوم و ثلث و هكذا ( و ) عن المراسم ان الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة ( و ) عن الراوندي ] ره [ انه اعتبر الاطراف الثلاثة بالنسبة إلى العشرة التي هى أكثر أيام الحيض و لا يبعد ان يكون مرجع الاول ايضا إلى ملاحظتها بالنسبة إلى العشرة بنحو من المسامحة و على التقديرين فقد يخلو بعض العادات من الوسط و الاخر و لا يخفى ما فيهما من الضعف و لو تكرر منها الوطي بحيث يعد في العرف وطئان أو ازيد ففيه أقوال قيل ان كان العدد المتكرر في وقت لا يختلف الكفارة بان وقع مجموعها في أول الحيض أو وسطه أو اخره لم تتكرر الكفارة بشرط عدم تخلل التكفير كما في المدارك و غيره و قيل بل تتكرر مطلقا كما عن جملة من الاصحاب و عن السرائر انه لا تتكرر مطلقا و ربما استظهر من إطلاقه عدم الفرق بين ما إذا تخلل التكفير أو لم يتخلل لكن التزامه بذلك في صورة التخلل في
(290)
استحباب الوضوء والجلوس ذاكرا وقت كل صلوة للحائض بمقدارها
حكم قضاء ماوجب على الحائض بالنذر وشبهه
غاية البعد اذ لا ينبغي التأمل في كون الوطي المسبوق بالتكفير كالمبتدا في استفادة سببيته للكفارة من عمومات الادلة و عن نكاح المبسوط القول بعدم التكرر مطلقا مع تنصيصه على اختصاص الحكم بما إذا لم يتخلل التكفير حجة القائلين بالتكرر ] مط [ ظهور الادلة في كون وطي الحائض ] مط [ سببا للكفارة و مقتضى إطلاق سببيته تكرر المسبب بتكرره فانه إذا وجد ثانيا فاما ان يكون مؤثرا ام لا و الثاني خلاف ظاهر الدليل و على الاول فاما ان يكون اثره عين ما وجب بالسبب الاول و هو محال أو إيجاب جزاء مستقل و هو المطلوب و قد تقدم تحقيقه و توضيحه في مبحث تداخل الاغسال في باب الوضوء بما لا مزيد عليه ( و ) اتضح لك فيما تقدم انه بعد تسليم ظهور الدليل في إطلاق سببيته الشرط للجزاء بجميع وجوداته لا محيص عن الالتزام بتعدد الاثر و تكرره إذا وجدت الطبيعة في ضمن افراد متعاقبة فللقائلين بعدم التكرر ليس الا منع الظهور ( اما ) بدعوى انه ليس للادلة إطلاق من هذه الجهة و انما المستفاد منها عموم سببية اتيان الحائض من كل احد للكفارة في الجملة و اما سببية الاتيان مطلقا للكفارة فلا فانه لا يفهم من قوله ( ع ) من اتى حائضا فعليه نصف دينار الا عموم الحكم بالنسبة إلى افراد الموصول و هي أشخاص المكلفين لا أحوال الصلة اعنى افراد الاتيان فمن الجايز ان يكون سببيته مشروطة بعدم مسبوقيته بإتيان آخر فعند الشك في ذلك يرجع إلى اصالة البرائة و هذه الدعوي تصلح مستندة للقول بعدم التكرر ] مط [ و ان تخلل التكفير كما عن ظاهر السرائر لكنها بينه الضعف فانه كما ان للموصول عموما كذا للصلة إطلاق إذا كانت القضيه واردة في مقام البيان الا ترى انه لو اتى حائضا اخرى أو اتى هذه المرئة المرئة في حيض آخر يفهم حكمه من هذا الدليل بلا شبهة بل لا ينبغى التشكيك في فهم العرف من هذا الخطاب و كذا من غيره من الادلة المتقدمة حكم ما لو اتيها مكررا مع تخلل التكفير و ليس المنشا لهذه الاستفادة الا فهم الاطلاق من الدليل مع انه هو الذي يقتضيه دليل الحكمة كسائر المطلقات و اما بدعوى ان تعليق الجزاء على طبيعة الشرط لا يقتضى الا سببية مهية الشرط من حيث هى بلحاظ تحققها في الخارج ] مط [ للجزاء من دون ان يكون لافرادها من حيث خصوصياتها الشخصية مدخلية في الحكم و من المعلوم ان الطبيعة من حيث هى لا تقبل التكرر و انما المتكرر افرادها التي لا مدخلية لخصوصياتها في ثبوت الجزاء فيكون تحقق الطبيعة في ضمن الفرد الثاني من الافراد المتعاقبة بمنزلة تحققها في ضمن الفرد الاول بعد حصول المسمى فكما انه لا اثر التحقق الطبيعة في ضمن الفرد الاول بعد حصول المسمى عند استدامته إلى الزمان الثاني كذا لا اثر لتحققها في ضمن الفرد الثاني بعد كونه مسبوقا بتحققها في ضمن الفرد الاول نظير سببيته الحدث للوضوء حيث يجب الوضوء عند تحقق مسماه و لا اثر لاستمراره بعد حصول المسمى و لا لتجدده ثانيا و ليس هذا تقييد الاطلاق ما دل على سببية صرف الطبيعة بلحاظ تحققها الخارجي للوضوء حتى ينفيه اصالة الاطلاق و قد اشرنا إلى انه إذا لم يكن للخصوصيات الشخصية مدخلية في ثبوت الجزاء ليس تحقق الطبيعة في ضمن الفرد الثاني الا كتحققها في ضمن الفرد الاول بعد حصول المسمى و صدق وطئين أو ازيد عند تخلل الفصل المعتد به عرفا دون ما إذا لم يفصل انما يصلح فارقا إذا كان الحكم معلقا على وجودات الطبيعة و تشخصاتها اى افرادها دون ما إذا كان الحكم معلقا على الطبيعة بلحاظ تحققها الخارجي و بينهما فرق بين فعلى الاول لا يتنجز الامر بالجزاء الا بعد ان يتفرد الفرد بالفردية عرفا بان فرغ منه و ان طالت مدته فيكون مجموع اجزائه مؤثرة في إيجاب الجزاء و على الثاني يتنجز التكليف بعد حصول المسمى و لا مدخلية لما زاد عنه في التأثير لكن لا يصح منه الجزاء ما دام الاشتغال بالفعل لا لعدم الامر كما في الاول بل لبقاء علة الوجوب و ان لم يكن الاثر مستندا اليه بالفعل مثلا لو قلنا بان مباشرة ماء البئر لبدن الجنب سبب لوجوب نزح أربعين فلو وقع الجنب في البئر يتحقق الوجوب لكن النزح لا يجدى ما دام الجنب في البئر فبقائه و ان ايكن علة فعلية للنزح لكنه مانع من تأثير النزح في سقوط التكليف كما هو ظاهر ] فح [ يتم النقض على الدليل المذكور فان اتصال ماء البئر ببدن الجنب في ألان الثاني ليس الا كحدوثه ثانيا في سببيته للنزح فلو كان عدم تأثيره ثانيا في الفرض الثاني في إيجاب جزاء مستقل منافيا لظاهر الدليل الدال على سببية طبيعة الشرط للجزاء لكان في الفرض الاول من حيث تحقق الطبيعة في ألان الثاني ايضا كذلك وحله ما عرفته من ان الطبيعة من حيث هى تصدق على القليل و الكثير و الواحد و المتعدد و مقتضى كونها مؤثرة من حيث هى استناد الاثر إليها باعتبار أول انات تحققها و كون ما عداه من وجوداتها أسبابا شأنية من دون فرق بين كون ساير الوجودات متصلة بوجودها الاول بحيث يعد مجموع وجوداتها فردا واحدا مستمرا بنظر العرف أو مفصولة عنه بحيث يتعدد بسببها الافراد نعم لو كان الجزاء مرتبا على وجودات الطبيعة اى افرادها لكان مقتضى القاعدة تكرر الجزاء بتعدد الفرد من دون فرق بين ما لو وجدت الافراد دفعة أو تدريجا و الانصاف ان هذا الكلام قوى جدا و اليه يؤل كلام الحلى و نظرائه ممن أنكر التكرر متمسكا بتعليق الجزاء على طبيعة الشرط و هي امر لا تتكرر و ان تكررت أشخاصه لكن يتوجه على الحلى ان مقتضاه الالتزام بما قواه في المدارك من التفصيل بين ما لو وقع التكرار في وقت لا يختلف فيه الكفارة بشرط عدم تخلل التكفير و بين غيره ضرورة انه على تقدير اختلاف الوقت يختلف الشرط فلا يتمشى هذا الدليل كما انه عند تخلل التكفير يجب الكفارة ثانيا عند حصول سببه الذي هو عبارة عن حصول المسمى نظير أسباب الوضوء و لا يبعد ان يكون مراد الحلى ايضا إنكار التكرر
(291)
* في الاستحاضة * ما يعرف به الاستحاضة
كراهة الخضاب للحائض
استحباب الوضوء للحائض عند الاكل
في خصوص الفرض لا مطلقا و ان أطلق قوله لان تخصيص المدعى بما يقتضيه دليله أولى من نسبة الغفلة البينة اليه خصوصا بالنظر إلى ما تقدمت حكايته عنه في مبحث التداخل من اختياره التفصيل بين ما لو اتحدت الاسباب المتعددة أو اختلفت فالتزم بالتداخل في الاول دون الثاني و قد ظهر مما حققناه ان القول الاول اى القول بعدم تكررها بتكرر الوطي في وقت لا يختلف فيه الكفارة كما قواه المصنف ] ره [ بشرط عدم تخلل التفكير لا يخلو من وجه و ان كان للنظر في دعوى ظهور الشرطية عرفا في المقام في تعلق الحكم على الطبيعة المطلقة بلحاظ تحققها الخارجي لا بلحاظ ما يتحقق منها في الخارج اعنى وجوداتها مجال و على تقدير الشك فالمرجع البرائة عن التكليف الزايد المشكوك و اما مع تخلل التكفير فالتكرار أقوى و ان اختلف تكررت مطلقا على الاظهر كما يظهر وجهه مما مر ثم ان في المقام فروعا كثيرة لا يهمنا الاهتمام في تنقيحها بعد البناء على استحباب الكفارة و الله العالم بحقايق احكامه ( السادس ) لا يصح طلاقها إذا كانت مدخولا بها و زوجها حاضر معها بلا خلاف فيه عندنا كما في الجواهر و غيره قال في المدارك هذا مذهب علمائنا اجمع قال في المعتبر و قد اجمع فقهاء الاسلام على تحريمه و انما اختلفوا في وقوعه فعندنا لا يقع و قال الشافعي و أبو حنيفة و أحمد و مالك يقع و اخبارنا ناطقة بتحريمه و بطلانه و الحكم مختص بالحاضر و في حكمه الغايب الذي يمكنه استعلام حالها أو لم تبلغ غيبته الحد المسوغ للجواز انتهى و تفصيل الكلام موكول إلى محله ( السابع ) إذا طهرت وجب عليها الغسل للغايات الواجبة المشروطة بالطهور اذ لا يحصل الطهارة التي هى شرط للصلوة الا به إجماعا و نصا فيجب مقدمة لها و لا يجب لنفسه للاصل بل عن الروض و غيره دعوى الاجماع عليه لكن في المدارك قوى وجوبه لذاته قال بعد ان حكى عن بعض المحققين انه قال ظاهر انه وجوب الغسل عليها مشروط بوجوب الغاية فانه لا خلاف في ان غسل الجنابة لا يجب لنفسه و إطلاق المصنف ] ره [ الوجوب اعتمادا على ظهور المراد و أقول ان مقتضى عبارة الشهيد ] ره [ في الذكرى تحقق الخلاف في ذلك كما بيناه فيما سبق و يظهر من العلامة ] ره [ في المنتهى التوقف في ذلك حيث قال في هذه المسألة بعد ان ذكر ان وجوب الغسل عليها مشروط بوجوب الغاية و ان كان للنظر فيه مجال إذا لامر فيه مطلق بالوجوب و قوته ظاهرة انتهى و الاظهر خلافه في غسل الجنابة مع وقوع الخلاف فيه فضلا عن المقام الذي لم يتحقق وجود قائل به لان المتبادر من الامر بالغسل من الاحداث المانعة من الصلوة و غيرها من العبادات المشروطة بالطهور كالأَمر بغسل الثوب و البدن الملاقى للنجس و إراقة الانائين المشتبهين و نحوها من الاوامر المتعلقة بشرائط العبادات أو اجزائها ليس الا الوجوب الغيري لان معهودية وجوبها الشرطي قرينة مرشدة اليه هذا مع ان وجوب الغسل مقدمة للصلوة و نحوها من الواجبات المشروطة بالطهور معلوم و ارادة تكليف آخر من الاوامر المطلقة هذا التكليف المقدمى معلوم فالأَصل ينفيه و حيث ان وجوبه الغيري معلوم لا مسرح للتشبث بأصالة الاطلاق التي مرجعها إلى قبح إرادة التكليف الغيري و السكوت عن ذكر الغير و انما ينصرف الامر المطلق إلى الطلب النفسي فيما إذا كان ترك التقييد و التعرض لكونه غيريا منافيا للغرض الباعث على الامر و بعد مساعدة دليل منفصل على وجوبه الغيري لا قبح في ترك التقييد و الاعتماد على القرينة المنفصلة كجميع الاوامر المطلقة المتعلقة بغسل الثوب و البدن و تطهير الانآء و نحوها مما لا تحصى و كيفيته اى غسل الحيض من حيث الشرايط و الاجزاء و جواز كونه ترتيبا و ارتماسا مثل غسل الجنابة بلا خلاف فيه ظاهرا كما يدل عليه ما رواه عبد الله بن على الحلبي عن ابى عبد الله عليه السلام قال غسل الجنابة و الحيض واحد ( و ) خبر ابى بصير عنه ( ع ) قال سئلته عن الحائض عليها غسل مثل غسل الجنب قال ( ع ) نعم ( و ) رواية محمد بن على الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) قال غسل الجنابة و الحيض واحد قال و سئلته عن الحائض عليها غسل مثل غسل الجنب قال نعم هذا كله مضافا إلى انصراف الامر بغسل الحيض كغيره من الاغسال الواجبة و المسنونة إلى إرادة الكيفية المعهوده التي بينها الشارع في غسل الجنابة التي يعم بها البلوى فلو كان مراده من غسل الحيض و كذا ساير الاغسال كيفية اخرى لوجب عليه بيانها الا ترى انه لو امر بصلوة ركعتين تطوعا لا يفهم الا إرادة إيجادها على النحو المعهود في الفريضة الا ان يصرح فيها بكيفية خاصة لكن اثره ليس مثل اثر غسل الجنابة فانه لا يستباح به بمجرده الصلوة و نحوها بل لابد معه من الوضوء على الاشهر بل المشهور بل عن الصدوق في الامالي الاقرار بان في كل غسل وضوء من دين الامامية و حكى عن ابن الجنيد و السيد و جماعة من متأخري المتأخرين كالاردبيلي و أصحاب المدارك و الذخيرة و المفاتيح و الحدائق كفاية كل غسل عن الوضوء و استدل للمشهور مضافا إلى العمومات الدالة على سببية البول و الغائط والنوم و غيرها من النواقض التي يمتنع تخلفها عن الحائض عادة لوجوب الوضوء بمرسلة ابن ابى عمير التي هى كالصحيحة عن رجل عن الصادق ( ع ) قال كل غسل قبله الوضوء الا غسل الجنابة ( و ) رواه الشيخ بطريق صحيح اليه ايضا عن حماد بن عثمان أو غيره عن الصادق ( ع ) قال في كل غسل وضوء الا الجنابة و عن ظاهر المختلف انهما روايتان ( و ) استدل لهم ايضا بخبر على بن يقطين عن ابى الحسن الاول ( ع ) قال إذا أردت ان تغتسل للجمعة فتوضأ و اغتسل مع تتميمه بعدم القول بالفصل و يؤيده المروي عن غوالي اللئالى عن النبي صلى الله عليه و آله كل غسل لابد فيه من الوضوء الا الجنابة و ما عن الفقة الرضوي و الوضوء في كل غسل ماخلا غسل الجنابة لان غسل الجنابة فريضة يجزيه عن الفرض الثاني و لا يجزيه ساير الاغسال عن الوضوء لان الغسل سنة
(292)
كون ماتراه المرئة ولم يكن حيضا ولا نفاسا استحاضة
الضابطة في دم الاستحاضة
و الوضوء فريضة و لا يجزى سنة عن فرض و غسل الجنابة و الوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزى عن أصغرهما فإذا اغتسلت لغير الجنابة فابدء بالوضوء ثم اغتسل و لا يجزيك الغسل عن الوضوء فان اغتسلت و نسيت الوضوء فتوضأ واعد الصلوة ( و ) في الحدائق بعد نقل الرضوي قال و بهذه العبارة بعينها الصدوق في النهاية من استناد إلى الرواية و هو قرينة ظاهرة في الاعتماد على الكتاب المذكور و الافتاء بعبارته كما جرى عليه ابوه قبله في رسالته اليه أقول و هذا التعليل بنفسه مما يورث قوة الظن بكونه من مضامين الاخبار اذ من المستبعد وقوع هذا النحو من التعليل و التعبير من المعصوم و المناقشة في سند المرسلتين و كذا خبر ابن يقطين بقصور السند بعد كونها مقبولة عند الاصحاب مما لا ينبغى الاعتناء بها لكن قد يتأمل في دلالتها على المدعى لا لما قيل من عدم دلالة المرسلتين التين هما العمدة في الاستدلال الا على مشروعية الوضوء مع سائر الاغسال و هي اعم من الوجوب فان المقرر في محله كون الجملة الخبرية كالأَمر ظاهرا الوجوب بل قد يدعى اظهريتها من الامر لكونها إخبارا عن الواقع و ظاهرها عدم الانفكاك و أقرب مجازاته عدم جواز التفكيك بل لان مقتضى هذا الظاهر بعد حمل مطلق الاخبار على مقيدها انما هو وجوب كون كل غسل مسبوقا بالوضوء و ظاهره الوجوب الشرطي و هذا مع مخالفته للمشهور مما لا يمكن الالتزام به اذ لا يمكن ارتكاب التقييد في جميع الاوامر المطلقة الواردة في مقام البيان المتعلقة بالاغسال الواجبة و المسنونة و كذا الاخبار الخاصة الدالة على ان غسل الميت أو غسل الحائض مثل غسل الجنب مع خلو الاخبار المسوقة لبيان كيفية الغسل عن التعرض له بمثل هذا الظاهر مع مخالفته للمشهور و معارضته بالموثقة الاتية التي وقع فيها التصريح بانه ليس على الرجل و لا على المرئة في شيء من الاغسال لا قبله و لا بعده وضوء التي هى نص في نفى وجوبه الشرطي حيث انه هو القدر المتيقن من مفادها فيجب اما حمل الامر بالوضوء قبل الغسل على الاستحباب و الالتزام بكون الوضوء السابق كالمضمضة و الاستنشاق من سنن الغسل أو حمله على الوجوب أو الاستحباب النفسي من دون ان يكون للتقديم مدخلية في صحة الغسل و لا في صحة الوضوء و هذا مع بعده في حد ذاته مما لا يظن بأحد ان يلتزم به أو الالتزام بكون التقديم شرطا في صحة الوضوء و رافعيته للحدث الاصغر و هذا أوضح بطلانا من سابقه أو الالتزام بكون الاخبار مسوقة لبيان ان ما عدا غسل الجنابة مجز عن الوضوء و انما امر بإيجاده قبل الغسل لكونه افضل فردى الواجب المخير و هذا المعنى و ان كان موافقا لما عليه المشهور الا ان حمل الرواية عليه ليس بأولى من حملها على المعنى الاول بل العكس أولى بالنظر إلى ظاهر الرواية حيث ان مقتضاه كون الوضوء السابق شرطا لصحة الغسل و عند تعذر هذا المعنى حمله على إرادة كونه شرطا لكماله أولى من سائر المحامل مع انه أوفق بما يقتضيه الجمع بينها و بين الاخبار الاتية هذا و لكن لمانع ان يمنع تقييد بعض الروايات ببعض و يدعى ان المنساق إلى الذهن من قوله ( ع ) في المرسلة الثانية في كل غسل وضوء الا الجنابة و كذا من رواية الغوالي هو عدم الاجتزاء بالغسل عن الوضوء المعهود للصلوة و لا مقتضى لتقييدها بالمرسلة الاولى لعدم التنافي لامكان ثبوت كلا الحكمين في الواقع بان لم يكن ما عدا غسل الجنابة مجزيا عن الوضوء و كون الوضوء في حد ذاته مستحبا قبل الغسل أو كونه افضل من تأخيره و على هذا يتجه الاستدلال بالروايتين كما انه لو جوزنا الاعتماد على الرضوي و لو بملاحظة انجباره بعبارة الصدوق و فتوى غيره لكان بنفسه حجة كافية لدلالته صراحة على عدم ارتفاع الحدث الاصغر بالغسل وجوب اعادة الصلوة بدونه و لكن الاشكال في جواز الاعتماد عليه بل و كذا في الاعتماد على النبوي المروي عن الغوالي اذ لم يثبت اعتماد المشهور عليه حتى يكون جابرا لضعفه و اما مرسلة ابن ابى عمير فيغلب على الظن اتحادها مع مرسلته الاولى فالإِنصاف ان الاستدلال بهذه الاخبار لمذهب المشهور في غاية الاشكال فالعمدة لاثبات مذهبهم هى العمومات الدالة على وجوب الوضوء عند عروض أسبابه و تتميمه فيما إذا لم يحدث منه شيء من هذه الاسباب بعدم القول بالفصل ان ثبت و فيه تأمل كما سيأتي التكلم فيه في غسل المس ] انش [ ( ثم ) ان الاستدلال بالعمومات كاستصحاب الحدث و قاعدة الشغل انما يتم على تقدير الخدشة في ادلة السيد و اتباعه و هي اخبار مستفيضة ( منها ) صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام قال الغسل يجزى عن الوضوء واى وضوء أطهر من الغسل ( و ) في الصحيح عن حكم بن حكيم قال سئلت الصادق ( ع ) عن غسل الجنابة فقال افض على كفك اليمنى إلى ان قال قلت ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلوة قبل الغسل فضحك فقال اى وضوء انقى من الغسل و أبلغ فان المتبادر من الغسل في مثل المقام مهية دون خصوص غسل الجنابة الذي وقع السوأل عنه ( و ) عن سليمان بن خالد في الصحيح عن الباقر ( ع ) قال الوضوء بعد الغسل بدعة و عن عبد الله بن سليمان قال سمعت الصادق ( ع ) يقول الوضوء بعد الغسل بدعة ( و ) عن محمد بن احمد بن يحيى مرسلا ان الوضوء بعد الغسل بدعة و بهذا الاسناد قال الوضوء قبل الغسل و بعده بدعة ( و ) مكاتبة عبد الرحمن الهمداني إلى ابى الحسن الثالث سئلته عن الوضوء للصلوة في غسل الجمعة فكتب لا وضوء للصلوة في غسل الجمعة و غيره ( و موثقة ) الساباطى عن الصادق ( ع ) في الرجل إذا اغتسل من جنابة أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده فقال لا ليس عليه قبل و لا بعد فقد اجزا عنه الغسل و المرئة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو ذلك فليس عليها الوضوء لاقبل و لا بعد قد اجزئها الغسل ( و ) مرسل حماد بن عثمان عن الصادق ( ع ) في الرجل يغتسل الجمعة أو ذلك أ يجزيه عن الوضوء فقال ( ع ) واى وضوء أطهر من الغسل و يعضدها
(293)
إطلاق الاخبار الا مرة بالغسل الواردة في باب الاستحاضة و الحيض و النفاس مع ورودها في مقام الحاجة و الامر بالصلوة عقيب الغسل في جملة منها فلو كان الوضوء واجبا لوجب الامر به في مثل هذه الموارد ( و ) يعضدها ايضا اخبار التداخل المشعرة باتحاد مهية الاغسال و ما دل على مماثلة غسل الحيض الغسل الجنابة و اتحاده معه ( و ) أجيب عنها اجمالا بان الاخبار كلما كثرت و صحت و صرحت و كانت من الاصحاب بمرئي و مسمع و مع ذلك قد أعرضوا عنها و افتوا بخلافها قوى الظن بعدم الاعتماد عليها و الركون إليها و كيف مع نسبته الصدوق دين الامامية إلى خلافها انتهى و ملخص الجواب ان اعراض الاصحاب عنها مع كثرتها و تظافرها يوهنها و يكشف عن خلل فيها اما من حيث الصدور أو جهة الصدور أو من حيث الدلالة فيسقطها عن درجة الاعتبار هذا مع ان بعض هذه الروايات مما يدل صراحة على عدم شرعية الوضوء قبل الغسل و بعده كمرفوعة احمد الاخيرة أو ظهورا كصحيحة حكم بن حكيم المتضمنة لضحك الامام ( ع ) على قول الناس يتعين صرفه لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى غسل الجنابة بقرينة الاخبار المتقدمة المصرحة باختصاص هذا الحكم بغسل الجنابة و عدم كونه بدعة مع غيره هذا مع ان ما ذكر في تقريب الاستدلال بالصحيحتين من إرادة المهية من الغسل في قوله ( ع ) اى وضوء أطهر من الغسل في حد ذاته مستقيم لان مقتضى كون مهية الغسل من حيث هى أطهر من الوضوء كون هذه المهية في حد ذاتها و لو لم تكن لشيء من غاياتها افضل فردى الواجب المخير مقدمة للصلوة و نحوها و هذا مما لم يقل به احد فوجب ان يكون المراد اما مطلق الاغسال المعهودة الثابتة في الشريعة كما يزعمه المستدل أو خصوص غسل الجنابة و لا أولوية للاول بل الثاني مع كونه هو القدر المتيقن الذي يجب الاقتصار عليه في مثل الفرض هو الاولى لكون غسل الجنابة أشيع الافراد و أظهرها مع كونه بالخصوص موردا للصحيحة الثانية و توهم ان المراد من الغسل مهيته لكن لا يكون الغسل غسلا الا إذا كان صحيحا لان الالفاظ على ما هو التحقيق أسام للصحيحة و لا يكون الغسل صحيحا الا إذا كان مأمورا به لشيء من غاياته مدفوع بان للمهية الصحيحة التي وضعت الالفاظ لها على القول به هى المهية التامة الاجزاء و الشرائط المعتبرة في قوام المهية التي تعلق بها الامر و كونها مأمورا بها من العوارض اللاحقة للمسمى فلا يعقل ان يتحقق به التسمية و بعد فرض ان هذه المهية تعلق بها الطلب في الجملة من حيث هى اشد تأثيرا في حصول الطهارة وجب ان يكون إيجادها لتحصيل شرط الصلوة و نحوها أكمل من الوضوء و كفى بذلك دليلا على صحتها و مشروعيتها و كونها مأمورا بها بالامر المقدمى لاجل الصلوة و نحوها لكنك عرفت انه مما لا يمكن الالتزام به فيكشف ذلك عن بطلان الفرض و عدم إرادة الجنس من قوله ( ع ) اى وضوء أطهر من الغسل فليتأمل و اما موثقة الساباطى فيحتمل قويا إرادة عدم توقف صحة الاغسال من حيث هى على ان يتوضأ قبلها أو بعدها فمعني قوله ( ع ) قد اجزئها الغسل اغناها عما نوته من رفع حدث الحيض و حصول الغرض المطلوب من ساير الاغسال لا انه اغناها عن الوضوء من حيث ارتفاع الحدث الاصغر و هذا المعنى و ان كان خلاف الظاهر لكن لابد من حمل الرواية عليه بعد اعراض المشهور عن ظاهرها و مخالفتها للاصول و القواعد الشرعية المعتضدة بالروايات المتقدمة التي وقع في بعضها التصريح بان كل غسل لابد فيه من الوضوء الا الجنابة و ان ابيت عن هذا التوجيه فالمتعين طرح هذه الرواية ورد علمها إلى أهله كغيرها من الروايات المتقدمة التي يتعذر ارتكاب التأويل فيها بعد ان اعرض الاصحاب عنها هذا و لكن الانصاف ان طرح هذه الاخبار الكثيرة أو تأويلها مع مالها من المعاضدات و معروفية الفتوى بمضمونها قديما و حديثا حتى من مثل السيد الذي لا يعمل الا بالقطعيات من دون معارض معتد به في غاية الاشكال و سيأتي بعض التعرض له في مبحث الاستحاضة ] انش [ لكن مع ذلك رفع اليد عن استصحاب الحدث و قاعدة الشغل فضلا عن عمومات الكتاب و السنة الموجبة للوضوء عند أسبابه بمثل هذه الروايات التي اعرض عنها المشهور اشكل فما عليه المشهور من عدم كفاية ساير الاغسال عن الوضوء لو لم يكن أقوى فلا شبهة في انه احوط و أحوط من ذلك كما انه هو الافضل تقديم الوضوء على الغسل لكن الاقوى عدم وجوبه كما عرفت تحقيقه فيما سبق فللمكلف الخيار في إيجاده قبله أو بعده كما عن المشهور بل عن السرائر نفى الخلاف فيه لكن لا يخفى عليك انه لو اتى به بعد الغسل ينبغى رعاية الاحتياط فيه بان لا ينوى بوضوئه الا الاحتياط رعاية للمستفيضة الدالة على كون الغسل مجزيا عن الوضوء و ان الوضوء بعده بدعة فيقصد بفعله الاحتياط حتى لا يكون على تقدير عدم مشروعيته مشرعا و الله العالم بحقايق احكامه و يجب عللي الحايض قضأ الصوم دون الصلوة كما ورد التنصيص عليه في كثير من الاخبار المشتمل جملة منها على إلزام ابى حنيفة ( و ) في بعضها افحام ابى يوسف و في بعضها التعليل بان الصوم في كل سنة شهر و الصلوة في كل يوم و ليلة فاوجب الله عليها قضأ الصوم و لم يوجب قضأ الصلوة لذلك ( و ) في رواية فضل بن شاذان عن الرضا ( ع ) انما صارت الحائض تقضى الصيام و لا تقضى الصلوة لعلل شتى الحديث ( و ) في خبر حسن بن راشد قال قلت لابى عبد الله ( ع ) الحائض تقضى الصلوة قال لا قلت تقضى الصوم قال نعم قلت من اين جاء هذا قال أول من قاس إبليس و الظاهر عدم اختصاص الحكم بالفرائض اليومية بل يعم نوافلها و غيرها من الفرائض المؤقتة التي تصادق أوقاتها أيام الحيض ( و ) دعوى ان المتبادر من النصوص و الفتاوى خصوص الفرائض اليومية مسموعة و التبادر البدوى لو كان فمنشائه ندرة الوجود و هو ليس بضائر و ما في بعض الاخبار من التعليل لعدم وجوب قضأ الصلوة بعموم الابتلاء بها في كل يوم و ليلة لا يدل على ان الحكم مخصوص باليومية لان التعليل انما هو بلحاظ الجنس فلا يجب الابتلاء