الميال الذي هو إمارة ظنية قد جعله الشارع طريقا تعبديا لاستكشاف الوصول و نجاسة الماء و لما ثبت بالنص و الاجماع ان النجاسة بمعناها المصطلح لا تثبت بهذا الطريق وجب ان يكون المراد منها معنى اخر كمطلق القذارة التي يكره لاجلها الاستعمال فالنجاسة بهذا المعنى هى التي تفهم من الرواية تحققها عند العلم بالوصول لا النجاسة المصطلحة ( و دعوى ) لزوم ابقاء لفظ النجاسة على ظاهرها و ارتكاب التقييد في الرواية بحملها على صورة العلم بالوصول بقرينة الاجماع ( يدفعها ) ان التقييد بصورة العلم يستلزم كون التحديد بثلثة اذرع و تسعة اذرع لغوا لكون الحكم على هذا التقدير دائرا مدار العلم و دعوى ان التحديد بالثلثة و التسعة جار مجرى الغالب إذا الغالب حصول العلم بالوصول إذا كان الفصل ادل منها مجازفة من القول ( و الحاصل ) ان الامر دائر بين رفع اليد عن ظاهر التحديد أو ظاهر لفظ النجاسة و لا أولوية للاول لو لم نقل بان الثاني هو المتعين ( و منها ) رواية ابن مسكانه عن ابى بصير و كل شيء يقع في البئر ليس له دم مثل العقرب و الخنافس و أشباه ذلك فلا بأس ( و فيه ) ان ثبوت البأس اعم من النجاسة ( الامر ) الثاني من ادلة القائلين بنجاسة البئر استفاضة الاخبار بالنزح للنجاهات ؟ و عمل الطائفة بها قديما و حديثا و أجيب عنها بان الامر بالنزح لا يدل على النجاسة لجواز كون النزح مستحبا أو واجبا تعبديا ( و فيه ) ان احتمال الاستحباب لا ينافي الظهور في الوجوب و احتمال كونه واجبا تعبديا بعيد في الغاية كما سيتضح لك فيما بعد ] انش [ فالصواب في الجواب عنها بعد الاغماض عن شهادة القرائن الداخلية الموجودة في نفس هذه الاخبار الدالة على كون النزح مستحبا مثل الحكم بصحة الوضوء و الصلوة الواقعتين قبل النزح كما في موثقة ابى اسامة المتقدمة و كشدة الاختلاف الواقع بينها على وجه يتعذر الجمع بينها الا بالحمل على مراتب الاستحباب اذ لو بني فيها على اعمال قاعدة التراجيح للزم طرح أكثر الاخبار التي يجد المنصف من نفسه القطع بصدور اغلبها ان غاية الامر ظهور هذه الاخبار في نجاسة البئر فلا بد من رفع اليد عن هذا الظاهر بالاخبار المتقدمة الدالة على الطهارة لان الظاهر لا يعارض الاظهر فضلا عما هو نص في الخلاف و بهذا ظهر لك الجواب عن جميع الاخبار التي تمسك بها القائلون بالنجاسة اذ بعد تسليم الدلالة في الجميع غايتها الظهور في نجاسة البئر فيجب رفع اليد عن هذا الظاهر بالنص و اما التشبث بعمل العلماء فان أريد منه إجماعهم على النجاسة فسيأتى الكلام فيه و ان أريد منه ترجيح هذه الطائفة من الاخبار على معارضتها ( ففيه ) ان عمل العلماء بها لا يجعلها نصا في النجاسة حتى تكافئ اخبار الطهارة و قد تقرر في محله ان تأويل الظاهر بالنص من الجمع المقبول و لا يجوز الرجوع مع إمكانه إلى المرحجات الخارجية و عمل العلماء لا يصلح الا لترجيح السند أو جبره او جبر دلالة الخبر لو كان فيها قصور على اشكال في الاخير و لا يجعله نصا بحيث يعارض النص الدال على خلافه نعم لو كان عملهم بهذه الاخبار منشأه عدم الاعتناء بالاخبار المخالفة و اعراضهم عنها لعثورهم على خلل فيها من جهة من الجهات لكان ذلك من الموهنات الموجبة لخروج تلك الاخبار عن مرتبة الحجية بحيث لو لم يكن لها معارض أصلا لما جاز العمل بها و لكن كون المقام من هذا القبيل غيره مسلم كما سنوضحه فيما بعد انشاء الله ( الامر الثالث ) من ادلة القائلين بالنجاسة الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة بين القدماء فعن الامالي انه من دين الامامية و عن الاقتصار و الغنية و ظاهر التهذبين و مصر يات المصنف الاجماع عليه و عن السرائر نفى الخلاف فيه ( و عن ) شرح الجمل الاجماع عليه و عن كاشف الرموز ان عليه فتوى الفقهاء من زمن النبي صلى الله عليه و اله و سلم إلى يومنا هذا و في الروضة كاد ان يكون إجماعا مضافا إلى المؤيدات القوية مثل اعراض القدماء عن اخبار الطهارة مع وجودها فيما بأيديهم و وصولها إلينا بواسطتهم فلو لم يكن فيها خلل لعملوا بها فانهم أبصر بمعاني الاخبار و بالقرائن المقترنة بها فطرحهم هذه الاخبار مع وضوح دلالتها و كونها بمرئي منهم و مسمع كاشف عن قصور فيها خفى على المتأخرين مع ان المتأخرين الذين خالفوهم لم يأتوا بسلطان مبين ما عندهم و اعرضوا عنه ( و يتوجه ) على الجميع ان الاجماع المحصل في مثل المقام مما علم مستند المجمعين و ضعفه مما لا يرجع إلى محصل فكيف الظن بمنقوله أو الشهرة المحققة اذ المدار في حجية الاجماع و الشهرة لدينا على استكشاف قول المعصوم ( ع ) أو دليل معتبر واصل إليهم مختف عنا و اما إذا لم يكشف عن شيء منهما فليس بحجة و احتمال اعتمادهم على دليل آخر واصل إلينا مع بعده في حد ذاته نافع ما لم ينته إلى حد الوثوق كيف و المظنون لو لم يكن مقطوعا به عدمه اذ من الممتنع عادة وجود دليل معتبر أو قرينة معتبرة بحيث يكون حجة عند جميع العلماء فيما بأيديهم واصل إلى جميعهم و اختفى عن جميع المتأخرين مع ان العادة قاضية بانه أو كان لهم دليل آخر ما وصل إلينا لظهر هذا مع معارضة إجماعاتهم المنقولة و الشهرة المحققة بما هو أقوى منها في افادة الوثوق و هي الشهرة بين المتأخرين و نقل إجماعهم عليه لان اعراضهم عن طريقة القدماء و هدمهم ما اسسوه مع شدة اهتمامهم في تصحيح مطالب السابقين كاشف عن ان بنيانهم ليس على أصل اصيل و اما طرحهم الاخبار المعارضة فلم يكن الا عن اجتهادهم فلا يكون حجة على من تأخر عنهم و يكشف من ذلك كونها معمولا بها لدى جملة من القدماء و جميع المتأخرين كيف مع انا نرى ان جملة ممن طرحها تصدى لتوجيهها فهذا يكشف عن صحتها لديهم و اشتهارها فيما بينهم و لكنهم التجأوا إلى تأويلها لارجحية الاخبار المعارضة لديهم أولا عتقادهم كون المسألة إجماعية فلم يستطيعوا مخالفة الاجماع لاجل هذه الاخبار و لعمري لو لا اشتهار القول بالطهارة في هذه الاعصار لكان الالتزام بها مع قوتها من حيث المدرك في غاية الجرئة فشكر الله سعى السابقين حيث انهم
(36)
هونوا الخطب علينا فجزاهم الله عنا خيرا و لعل هذا هو السر في بقاء القول بالنجاسة على شهرتها في الاعصار السابقة في الازمنة المتطاولة لا لاجل تقليد احاد العلماء اسلافهم حتى يكون ذلك قدحا فيهم حاشاهم عن ذلك بل لاجل عدم إعجاب كل منهم برأيه فيرى تطابق اراء الفحول و اتحاد كلمتهم على ترجيح القول بالنجاسة دليلا قطعيا على صحته فيظن ما يسنح بخاطره من ترجيح اخبار الطهارة شبهة في مقابلة الضرورة خصوصا لو كان بنائه على حجية اتفاق العلماء في عصر واحد بقاعدة اللطف كما هو ظاهر كثير من علمائنا فان اتفاق كلمة أهل عصره على هذا التقدير عنده دليل قطعى على وجوب طرح اخبار الطهارة أو تأويلها و يؤيد ذلك انه بعد ان شاع القول بالطهارة لم ينكروا على قائله بل ايدوه إلى ان اتفقت الكلمة و اجتمعت الفرقة على خلاف ما كانوا عليه من قبل و الله العالم بحقايق الامور و مكنونات السرائر ( حجة القول ) باعتبار الكرية في البئر المنقول عن البصروي عموم ما دل على انفعال القليل و لا يعارضه عموم ادلة الطهارة البئر لانصراف الاطلاق فيها إلى ما يبلغ الكر لانه الغالب في الابار و يدل عليه ايضا رواية الحسن بن صالح الثورى عن الصادق ( ع ) قال إذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شيء و في الفقة الرضوي و كل بئر عمق مائها ثلثة اشبار و نصف في مثلها فسبيلها سبيل الجارى ( و قد ) يستدل له ايضا بموثقة ابى بصير قال سئلت الصادق ( ع ) عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة قال لا بأس به إذا كان فيها ماء كثير بحملها على الكثير الشرعي و يؤيده كونه وجها للجمع بين الاخبار و يتوجه عليه بعد تسليم انصراف المطلقات و عدم كون النسبة بينها و بين ما دل على انفعال القليل عموما من وجه حتى يتحقق التعارض بينهما انه انما يمكن دعوى الانصراف فيما عدا صحيحة ابن بزيع الدالة على عدم انفعال البئر معللا بان لها مادة و اما الصحيحة فقد عرفت في مبحث الجارى حكومتها على جميع ادلة الانفعال فراجع ( و اما ) الروايتان فمع ضعف سندهما و دلالتهما و اعراض الاصحاب عنهما يعارضهما صحيحة ابن بزيع التي هى منع صحة سندها أقوى منهما دلالة لان التعليل أظهر في افادة المفهوم من الجملة الشرطية أو الوصفية و لا يبعد ان يكون النكتة في تقييد الموضوع بالكرية التي هى وصف غالبي في البئر دفع استيحاش العامة القائلين بنجاسة البئر فان كون الكرية سببا للاعتصام في الجملة منكر لديهم على الظاهر فحيثما علق الامام ( ع ) عدم انفعال البئر بها لا يستنكرونه بل ربما يلتزمون به هذا مع ما فيه من التنبيه على إطلاق الحكم حتى في صورة الانقطاع عن المادة و اما الموثقة فظاهرها اشتراط الكثرة العرفية و لا قائل به فاعتبارها بحسب الظاهر لاجل صيانة ماء البئر عن التغير بزنبيل من العذرة و اما توهم كون هذا القول جامعا بين الاخبار ( ففيه ) مضافا إلى ما عرفت من عدم انطباق الصحيحة عليه عدم إمكان حل اخبار النجاسة بعد تسليم الدلالة كما هو المفروض على إرادة ما لو كان ماء البئر اقل من كر لكونه الفرد النادر كيف و قد ورد في بعضها الامر بنزح كر من الماء أو خمسين دلوا أو تراوح أربعة رجال ( و قد ) يتوهم إمكان الاستدلال لهذا القول بسقوط الاخبار من الطرفين لاجل التعارض فيرجع إلى القاعدة الشرعية الثابتة في الماء من انفعال قليله بملاقاة النجاسة دون كثيرة ( و فيه ) بعد الاغماض عما عرفته مفصلا من عدم المكافئة بين الاخبار ان النسبة بين ما دل على اعتصام الكر و اخبار النجاسة و بين ما دل على انفعال القليل و اخبار الطهارة انما هى بالعموم من وجه فلا يصلحان للمرجعية و انما يرجع في مثل المقام على تقدير التساقط لو قلنا به إلى عموم خلق الله الماء طهورا و لو اغمض عنه فالمرجع اصالة الطهارة و الله العالم ( و اعلم ) ان المشهور بين القائلين بالطهارة استحباب النزح و قد عرفت فيما سبق ان هذا هو الذي يلتئم به شتات الاخبار و يشهد به القرائن الموجودة فيها بل قد عرفت انه يستفاد منها كراهة الاستعمال قبل النزح فليس استحباب النزح تعبديا محضا بل انما هو لدفع القذارة الحاصلة و ان لم تبلغ مرتبة النجاسة الموجبة لحرمة الاستعمال و قد نسب إلى الشيخ في التهذيب و العلامة في المنتهى القول بالطهارة و وجوب النزح تعبدا فان عنوا به الوجوب النفسي ففيه ما لا يخفى من البعد عن ظاهر الروايات خصوصا ما كان منها مشتملا على ان النزح يطهرها كيف و لو كان واجبا نفسيا لكان على الامام ( ع ) بيان متعلق الوجوب من انه يجب على المالك أو على عامة المكلفين كفاية و كيف كان فلا شبهة في فساد هذا الاحتمال و عدم استفادة الوجوب النفسي من الاوامر في مثل هذه الموارد و لذا لا يتوهم احد بعد استماع تلك الاوامر عدم جواز طم الابار النجسة و وجوب حفظها مقدمة لامتثال الواجب المطلق اعنى النزح و ان أرادوا الوجوب الشرطي لاستعماله فيما يشترط فيه الطهارة من المأكول و المشروب و الطهارة الحدثية و الخبثية فمرجعه إلى القول بالنجاسة الا ان يفرق بينهما فيما يلاقيه بعد الجفاف ( و لكنك ) خبير بعدم إمكان تنزيل اخبار الطهارة النافية للبأس عن مائها على إرادة نفى البأس عن ملاقيه بعد الجفاف و ان أريد اشتراطه لاستعماله في التطهير عن الحدث و الخبث فيرده التصريح في جميع الاخبار المتقدمة الدالة على الطهارة ما عدا صحيحة ابن بزيع بنفي البأس عن الوضوء منها أو عدم وجوب إعادته فراجع ( و هل ) يطهر ماء البئر على القول بنجاسته بمطهر سائر المياه النجسة ام ينحصر مطهره في النزح قولان و لا يهمنا التعرض لتحقيقه بعد البناء على كون البئر كالجاري في عدم الانفعال كما انه لا يهمنا التدقيق في تحقيق مقدار ما يجب نزحه لكل من النجاسات على القول بالوجوب و كذا تنقيح ما يتبع الماء في الطهارة من الالات و حواشي البئر و ما يغتفر من القطرات النازلة من الدلو والرشحات الواقعة في البئر إلى ذلك من الفروع الخفية التي لابد من تحقيقها على القول بالنجاسة و حيث انك عرفت في صدر الكتاب ان ادلة السنن تتحمل من المسامحة ما لا تتحملها ادلة الغرائم فالأَولى على ما اخترناه من استحباب النزح هو الاقتصار في المقام على نقل الروايات الواردة و غيرها مما يصلح ان يكون مدركا لاثبات الاستحباب و قد اشرنا فيما سبق ان أحسن وجوه الجمع بين الاخبار المختلفة حملها على اختلاف مراتب الاستحباب و الله العالم ( و لما رجح ) المصنف ] ره [ القول
(37)
منزحات البئر ما ينزح له جميع الماء
بالنجاسة ( قال ) و طريق تطهيره بنزح جميعه ان وقع فيها مسكر و المراد بالمسكر هنا ما كان مايعا بالاصالة و إطلاق العبارة يقتضى عدم الفرق بين قليله و كثيرة و به صرح المتأخرون على ما في المدارك و يدل عليه صحيحة معوية بن عمار عن ابى عبد الله عليه السلام في البئر يبول فيها الصبي أو يصيب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله و صحيحة عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله ( ع ) قال ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء فان مات فيها ثورا و نحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله ( و صحيحة ) الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) قال إذا سقط في البئر شيء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء قال فان وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء و ان مات بعير أوصب فيها خمر فيلنزح ( و في ) رواية كردويه عن ابى الحسن ( ع ) بعد ان سئله عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكرا و بول أو خمر قال ينزح منها ثلثون دلوا و يمكن الجمع بينهما بحمل الصحاح على إرادة الكثير كما يؤيده التعبير فيها بلفظ الصب ( و روى ) زرارة عن أبي عبد الله ( ع ) في بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر قال الدم و الخمر و الميت و لحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوأ فان غلب الريح نزحت حتى تطيب و هذه الرواية و ان كان مورد السوأل فيها القليل الا ان الجواب بظاهره يعم الكثير ايضا كما لا يخفى و اعلم ان النصوص انما تضمنت نزح الجميع في الخمر الا ان معظم الاصحاب كما في المدارك لم يفرقوا بينها و بين سائر المسكرات محتجين عليه بإطلاق الخمر في كثير من الاخبار على كل مسكر فيثبت له حكمها و فيه تأمل كما قد يتأمل في ثبوت حكم الخمر اعنى نزح الجميع لو وقع فيها عصير عنبى بعد اشتداده ما لم يذهب ثلثاه ان قلنا بنجاسته أو وقع فيها فقاع لو لم نقل ينزح الجميع الغير المنصوص و لكن عن الشيخ و من تأخر عنه إلحاق الفقاع بالخمر في الحكم المذكور بل عن الغنية الاجماع عليه و هو كاف في المقام بعد البناء على المسامحة خصوصا مع إعتضاده بما في الروايات من انه خمرة مجهولة أو خمرة استصغرها الناس و لو لا تبادر الحرمة من وجه الاستعارة لكان ما في الروايات حجة معتبرة ( فليتأمل ) الفقاع في القاموس كرمان هذا الذي يشرب سمى به لما يرتفع في رأسه من الزبد و عن الانتصار انه الشراب المتخذ من الشعير ( أو ) وقع فيها منى من إنسان أو إنسان مما له نفس سائلة و قيل باختصاصه بالانسان و اعترف جماعة بعدم العثور على نص فيه و لكنه قد يحتج عليه بما عن السرائر و الغنية من دعوى الاجماع عليه و قد نص في محكي السرائر بعدم الفرق في معقد إجماعه بين المنى من سائر الحيوانات ( أو ) وقع فيها احد الدماء الثلثة الحيض و الاستحاضة و النفاس على قول مشهور بل عن السرائر و الغنية الاجماع عليه ( و عن المصنف ) ] ره [ في المعتبر بعد نسبة هذا القول إلى الشيخ و اتباعه و اعترافه بعدم الوقوف على نص في هذه الدماء بالخصوص قال و لعل الشيخ نظر إلى اختصاص دم الحيض بوجوب ازالة قليله و كثيره من الثوب فغلظ به حكمه في البئر و الحق به الدمين الاخرين لكن هذا التعليل ضعيف فالأَصل ان حكمه حكم بقية الدماء عملا بالاحاديث المطلقة انتهى ( و ربما ) نوقش في وجود أحاديث مطلقة في حكم الدم لان اغلب اخباره وردت في موارد خاصة مثل دم الطير و الشاة و دم الرعاف و ما عديها يمكن دعوى انصرافها إلى ما عدا الدماء الثلاثة ( أقول ) دعوى الانصراف قابلة للمنع فالقول بالتسوية بين الدماء وجيه و اوجه منه الالتزام يكون نزح الجميع افضل استنادا إلى الاجماعين المنقولين و الله العالم اومات فيها بعير إجماعا كما عن واحد نقله و يدل عليه صحيحة الحلبي المتقدمة بل و كذا صحيحة ابن سنان حيث قال فيها و ان مات فيها ثورا و نحوه أوصب فيها خمر فلينزح لكون البعير نحو الثور فالأَظهر بالنظر إلى هذه الصحيحة كون الثور و أشباهه كالبعير في هذا الحكم و تعبير المصنف ] ره [ كغيره بموت البعير فيها انما هو لاجل متابعة النص و وروده في النص على الظاهر لاجل جريه مجرى العادة فالأَظهر ثبوت هذا الحكم لها لو وقع فيها البعير بعد موته و الله العالم فان تعذر استيعاب مائها الغلبة و كثرته في نفسه أو لتجدد النبع لا لامر اخر اقتصارا على ما يتبادر إلى الذهن من النص تراوح عليها أربعة رجال كل اثنين دفعة يوما إلى الليل بلا خلاف فيه ظاهرا و يدل عليه رواية عمار الساباطى عن الصادق ( ع ) و هي طويلة قال في آخرها و سئل عن بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال تنزف كلها فان غلب عليه الماء فلتنزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل و قد طهرت و عن كاشف اللثام مرسلا إلى ابى الحسن الرضا ( ع ) فان تغير الماء وجب ان ينزح الماء فان كان كثيرا و صعب نزحه فالواجب عليه ان يكترى أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل و نوقش فيهما بضعف السند و في الاول مضافا إلى انها ضعيفة السند متروكة الظاهر متهافتة المتن و مع ذلك فموردها اعيان مخصوصة فلا تصلح مستند الاثبات الحكم على وجه العموم ( أقول ) اما المناقشة في الرواية الاولى بضعف السند فهي مدفوعة بانها موثقة و قد حقق في محله حجية خبر الثقة خصوصا مثل عمار الذي ادعى الشيخ في محكي العدة إجماع الامامية على العمل بروايته و رواية أمثاله و لا سيما في مثل هذه الرواية المشهورة بين الاصحاب و اما تهافت متنها من حيث اقحامه لفظة ثم فهو مقتض لطرح الرواية المعتبرة و ترك العمل بها خصوصا بالنسبة إلى ما لا تهافت فيه و هو كون التراوح موجبا للتطهير في الجملة و ربما وجهوا التهافت بوجوه جلها بل كلها لا يخلو عن بعد كقرائة ثم بفتح الثاء أو تقدير قال بعدها أو كونها للترتيب الذكرى أو انها بمعنى الفآء فيكون تفريعا على الكلام السابق أو كونها من زيادات عمار و كيف كان فلا يهمنا معرفته بعد انعقاد الاجماع على عدم اعتبار امر آخر زائد على التراوح في يوم هذا مع انها على ما رواها في الوسائل خالية عن هذا التهافت فانه رواها هكذا و سئل عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال تنزف كلها قال الشيخ يعنى إذا تغير الماء ثم قال أبو عبد الله ( ع ) فان غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل يقام عليها قوم ] الخ [ ( و اما ) مهجورية ظاهرها من حيث إيجابها نزح الجميع للاشياء المذكورة فيها مع مخالفته
(38)
ماينزلح له مقداركر
للاجماع فغير ضائرة بالنسبة إلى سائر فقراتها خصوصا مع عمل الاصحاب بها و لو نوقش بمثل ذلك في اخبار البئر فلا يكاد يوجد رواية سالمة عنها و هي من أقوى شواهد الاستحباب و قد حملها الشيخ على صورة تغير البئر بالامور المذكورة ( و لكنك ) خبير بان حملها على الاستحباب و الالتزام بمفادها أولى من تقييد إطلاق موت الفأرة بما إذا تغير مثل هذه البئر بها ثم ان مقتضى الجمود على ظاهر النص و فتاوى الاصحاب اعتبار كونه في اليوم فلا يكفى مقداره من الليل أو الملفق منهما و كذا اشتراط كون النازح أربعة رجال دون النساء و الصبيان و الخناثي فضلا عن ان ينزح مائها بالدواب و ان لم يقصر نزحها عن نزح الرجال و اما اشتراط عدم كونهم ازيد من الاربعة فلا يفهم من الرواية و الفتاوى لان الظاهر سوقها لبيان اقل ما يجزى خصوصا مع عدم التنصيص على الاربعة في رواية عمار التي هى عمدة ما يستند إليها في هذا الباب فلا ينافيها قيام قوم كثيرين يشتغلون بالنزح اثنين اثنين بل الظاهر جواز نزحهم ثلثة ثلاثة أو ازيد لو لم يكن كثرتهم موجبة للتعطيل نعم ظاهرها عدم كفاية ما لو تراوح ثمانية رجال في نصف يوم بان يرسل دلوان في البئر و ربما تخطى بعضهم عن مورد النص فقوى عدم اعتبار ما لا مدخلية له في زيادة النزح و ربما صرح بعض بعدم اعتبار بعض هذه الامور ككونهم رجالا لو لم يقصر نزح الرجال عن نزحهم و قال بعض مشايخنا ] قده [ و التحقيق اخذ كل ما يحتمل فيه ان له دخلا في التطهير من زيادة القوة و عدم البطؤ و نحو ذلك دون الباقى للعلم بانه ليس المدار على التعبد المحض ] فح [ يكتفى بالواحد و الاثنين من الرجال أو النساء و الصبيان بل الدواب ايضا لو لم يقصر نزحها عن الاربعة رجال و لا يكتفى مثلا بنزح الثمانية في نصف يوم و ان لم يقصر عن نزح الاربعة لاحتمال المدخلية في طول الزمان في التطهر و لا يخفى عليك ان ما ذكره انما يتم بعد العلم بعدم مدخلية بعض الخصوصيات و كون إخراج هذا المقدار من الماء في طول يوم سببا للتطهير و دعوى العلم بذلك عهدتها على مدعيه و الاحوط هو الاقتصار على أربعة رجال بان تشتغل اثنان منهم بالنزح على سبيل التبادل من أول طلوع الفجر إلى الليل و قيل من أول الشمس إلى الغروب كما يؤيده الرواية الثانية لانه هو يوم الاجير بل لعله هو الذي ينسبق إلى الذهن من الرواية الاولى ايضا و الاول احوط كما ان الاولى و الاحوط تهيئة المقدمات القريبة فضلا عن البعيدة قبل اليوم و كذا إلحاق جزء مما قبل اليوم و ما بعده به من باب المقدمة العلمية و هل يعتبر اشتغال الاثنين بإخراج الدلو من البئر بان يعين كل منهما الاخر في ذلك كما صرح به بعضهم ام يكفى اشتغالهما في الجملة و لو بإخراج أحدهما للدلو و تفريغ الاخر مائه وجهان و لو قيل بلزوم اشتغالهما في كل بئر على ما يتعارف فيها و يناسبها لكان أوفق بإطلاق النص و الفتاوى ( و قيل ) ينزل أحدهما في البئر فيملى الدلو و يخرجها الاخر و فيه انه خلاف المتعارف فلا ينسبق إلى الذهن من الاطلاق و كيف كان فليس لهم ترك النزح و اشتغالهم جميعا بعمل كما هو ظاهر و قيل بجواز اجتماعهم في مثل الصلوة و الاكل مما قضى العادة باجتماعهم فيه ( و فيه ) ان العادة قاضية بالاجتماع في الاكل و الصلوة في مثل المقام مما لابد من اشتغال بعضهم بالعمل و قيل يجوز لهم الصلوة جماعة دون سائر الاعمال أو الصلوة فرادى و لعل وجهه عموم ادلة استحباب الجماعة و فيه ما لا يخفى لان عموم الاستحباب لا ينافي شرطية النزح في يوم كامل لطهارة البئر و لو بني على تخصيصها بمثل هذه العمومات لجاز لهم ارتكاب جميع المستحباب من النوافل و غيرها كتشييع الجنائز و زيارة المؤمنين و قضاء حوائجهم و فساده ظاهر و طريق تطهيره بالمعني الاعم من الطهارة المصطلحة أو النظافة المطلقة حتى يناسب كلا القولين بنزح كران مات فيها دابة و المراد منها هنا على الظاهر خصوص الفرس و البغل لا مطلق المركوب أو مطلق ما يدب على الارض بل يظهر مما حكاه في المجمع عن المصباح ان هذا المعنى هو الذي يراد منها عرفا عند الاطلاق قال و اما تخصيص الفرس و البغل بالدابة عند الاطلاق فعرف طار و تطلق على الذكر و الانثى أو حمار أو بقرة و يدل عليه رواية عمرو بن سعيد بن هلال قال سئلت ابا جعفر ( ع ) عما يقع في البئر ما بين الفأرة و السنور إلى الشاة قال فقال كل ذلك نقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار و الجمل فقال كر من ماء قال و أقل ما يقع في البئر عصفور ينزح منها دلو واحد و عن موضع من التهذيب قال حتى بلغت الحمار و الجمل و البغل فقال كر و يظهر من سوق الرواية كونها مسوقة لبيان حكم أصناف الحيوانات فيستفاد منها حكم كل حيوان هو شبه الحمار و البغل و الجمل من حيث الجثة مثل الفرس و البقرة و الثور و نحوها و لا ينافيها ما تقدم من نزح الجميع للبعير و الثور على المختار من استحباب النزح و تنزيل الاختلافات الواقعة في الاخبار على اختلاف مراتب الفضل نعم على القول بالوجوب لابد من طرح هذه الرواية بالنسبة إلى الجمل و نحوه اعنى الثور لصحيحتى الحلبي و ابن سنان المتقدمتين كما انه على هذا القول لا يمكن الاتكال على ما ادعيناه من الظهور اعنى استفادة حكم أصناف الحيوانات من هذه الرواية لمخالفته لما عليه بناء العلماء و معارضته لكثير من الاخبار التي ستمر عليك مما ورد في السنور و الكلب و شبهه بل الانصاف انه لابد على القول بالنجاسة من طرح هذه الرواية لكونها مع قصور سندها معارضته في جل فقراتها بما هو أقوى منها دلالة و الاقتصار في العمل بها على ما افتى الاصحاب بمضمونه مع انهم طرحوها في أكثر فقراتها ليس في الحقيقة الا الاعتماد على عمل الاصحاب اذ لا يبقى مع هذه الموهنات وثوق بمثل هذه الرواية و في صحيحة الفضلاء عن ابى جعفر ( ع ) و أبى عبد الله ( ع ) في البئر يقع فيها الفأرة و الدابة و الكلب و الطير فيموت قال يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب و توضأ و وجه الجمع على المختار ما عرفت و على القول بالوجوب لابد من الالتزام بإجمال الدلاء و كون سائر الاخبار رافعا لا جمالها و الله العالم ( و عن ) المصنف في المعتبر انه
(39)
ماينزح له سبعون دلوا
استشكل في إلحاق الفرس و البقرة بالحمار و قرب الحاقهما بما لا نص فيه قال فيما حكى عنه بعد ان ذكر الفرس و البقرة و نسب الحاقهما بالحمار إلى المشايخ الثلثة و طالبهم بدليل الالحاق فان احتجوا برواية ابن سعيد قلنا هى مقصورة على الحمار و البغل فان قالوا هما مثلهما في العظم طالبناهم بدليل التخطى إلى المماثل من اين عرفوه و لو ساغ البناء على المماثلة في العظم لكانت البقرة كالثور و لكان الجاموس كالجمل و ربما كان الفرس في عظم الجمل ثم قال و من المقلدة من لو طالبته بدليل المسألة لادعى الاجماع لوجوده في الكتب الثلثة و هو غلط و جهالة ان لم يكن تجاهلا فالأَوجه ان يجعل الفرس و البقرة في قسم ما لم يتناوله نص على الخصوص انتهى و اعترض عليه بظهور رواية ابن سعيد في كون الحيوانات المذكورة فيها من قبيل الامثال بشهادة قوله حتى بلغت الحمار و الجمل و البغل بعد سواء له عما يقع في البئر ما بين الفأرة و السنور و الشاة بان مقصود السائل لم يكن الا معرفة حكم الحيوانات بترتيب جثتها فيفهم منها حكم البقرة و الفرس و فيه ما عرفت من عدم جواز الاعتماد على هذا الظاهر على القول بالوجوب و لذا لم يعتمد العلماء على هذه الرواية بان يجعلوها أصلا كليا في هذا الباب مع انه على هذا التقدير يفهم منها حكى اغلب الحيوانات بل جميعها الا ما شذ و ندر كمالا يخفى و اعترض عليه ايضا بدخولهما في مفهوم الدابة المنصوص على حكمها في صحيحة الفضلاء فلا وجه لالحاقهما بما لا نص فيه و فيه ما عرفت من ان من لوازم القول بالوجوب الالتزام بإجمال الدلاء الواردة في الصحيحة فهي مجدية في عد مطلق ما يعمه لفظ الدابة مما ورد فيه النص بالخصوص اذ ليس المقصود من ورود النص فيه الا استفادة حكمه منه لا مجرد ورود نص مجمل فيه أللهم الا ان يدعى بعد الالتزام بنزح الجميع لما لا نص فيه ظهور الرواية في عدم وجوب نزح الجميع لمطلق الدابة و هذا لا ينافي اجمالها بالنسبة إلى تعيين مقدار النزح فيفهم منها اجمالا انه لا يجب للفرس و البقرة نزح الجميع فيتم القول بنزح الكر لهما بعدم القول بالفصل ان تم ( فتامل ) و بنزح سبعين ان مات فيها إنسان إجماعا كما عن الغنية و المنتهى و ظاهر غيرهما و مستنده رواية عمار الساباطى قال سئل أبو عبد الله ( ع ) عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا و ما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره الانسان ينزح منها سبعون دلوا و أقله العصفور ينزح منها دلو واحد و ما سوى ذلك فيما بين هذين و عن المصنف في المعتبر ان هذه الرواية رواتها ثقات و هي معمول بها بين الاصحاب انتهى و لا يبعد ان يكون مراد الامام ( ع ) من قوله ( ع ) اكبره الانسان ما هو اكبر بحسب الجثة فتكون الرواية منزلة على الغالب اذ وقوع مثل الجمل و أشباهه في البئر نادر فلا ينافيها وجوب نزح الجميع لها و على هذا يستفاد من هذه الرواية حكم كل ما يموت في البئر و لا يكون جثته اكبر من الانسان و يحتمل ان يكون المراد من قوله ( ع ) اكبره الانسان كونه اكبر بالنسبة إلى حكم النزح بمعنى ان مقدره أكثر من غيره لكن يضعفه عدم استفادة الاصحاب منها ذلك كما يفصح عن ذلك نزاعهم في ان الفرس و البقرة و اشباهما مما لا نص فيه فلو فهموا من هذه الرواية هذا المعنى لجعلوه أصلا متبعا في حكم كل ما يموت في البئر بحيث لا يرفع اليد عنه الا بما هو اخص منه كمالا يخفى ثم ان ظاهر الرواية كغيرها من الاخبار الواردة في بيان ما ينزح لموت سائر الحيوانات في البئر في بادى النظر اختصاص الحكم بما لو وقع فيها حيا فمات و لكنه قد اشرنا فيما سبق ان المتفاهم من مثل هذه الروايات بواسطة ما هو المغروس في الاذهان من نجاسة الميتة ليس الا ان هذا المقدار من النزح هو الذي يقتضيه انفعال البئر بملاقاة هذا النجاسة من دون ان يكن لوقوعه حيا و ذهاق روحه فيها مدخلية في الحكم فالتعبير بوقوعه في البئر و موته فيها جارى مجرى الغالب بنظير قوله تعالى و ربائبكم اللاتي في حجوركم فعلى هذا لا فرق بين ما لو مات في البئر أو وقع فيها ميتا نعم يتوجه التفصيل ] ح [ بين المسلم و الكافر لو مات فيها بخلاف ما لو وقع فيها ميتا كما عن المحقق و الشهيد الثانيين فانه لو وقع الكافر فيها حيا فمات ليس انفعال البئر مستندا إلى ميت الانسان لان البئر انفعلت قبل الموت فلا مانع ] ح [ عن الالتزام بوجوب نزح الجميع لو قلنا بذلك فيما لا نص فيه و اما لو وقع فيها ميتا فمقدره سبعون لان الانسان يعم المسلم و الكافر كما يعم الصغير و الكبير و الذكر و الانثى نعم لو قلنا بان الرواية مسوقة لبيان حكم ما لو وقع الانسان في البئر حيا فمات بان يكون وقوعه حيا من قيود الموضوع فالأَوجه عدم التفصيل بين المسلم و الكافر لعموم النص و دعوى انصرافه إلى المسلم ممنوعة و ما يقال من ان وقوع الكافر و خروجه حيا يوجب نزح الجميع لكونه مما لا نص فيه فلا يجوز ان يكون موته بعد الوقوع موجبا لتقليل مقدره يتوجه عليه انه اجتهاد في مقابل النص مع ان المتجة على تقدير تسليم المدعى قلب الدليل بان يقال انه يفهم من عموم الرواية حكم ما لو مات الكافر فيها و لا يجوز ان يكون خروجه حيا موجبا لزيادة مقدره فيخرج بذلك عن كونه مما لا نص فيه ( لا يقال ) ان الرواية مسوقة لبيان ما ينزح لاجل موته فيها فنجاسة كفره ليس الا كنجاسة خارجية ملاصفة بثوبه أو بدنه مما لم يرد فيها نص بالخصوص كالمنى لانا نقول ان نجاسة كفره من الاعراض اللازمة لهذا الصنف فإذا عمه الدليل فكانه نص على انه لو وقع الكافر في البئر فمات ينزح منها سبعون دلوا و حيث ان الجهتين متلازمتان لا يصح تنزيل الحكم على ارادته من جهة دون اخرى نظير ما لو نفى الباس عن الصلوة ناسيا في الثوب المتلطخ بخرء الكلاب فانه لا يمكن ان يدعى ان الحكم بالصحة من جهة نجاسته لا من جهة كونه فضلة الماكول هذا و لكن لقائل ان يقول بوضوح الفرق بين التنصيص على حكم الفرد و بين ارادته في ضمن العالم فان إطلاق نفى البأس عن الصلوة في عذرة الكلب المنسية و ارادة نفى الباس من حيث نجاستها قبيح و اما ارادته في ضمن العالم كما لو قيل لا بأس بالصلوة في النجاسة المنسية فلا قبح فيها أصلا و لتمام الكلام مقام اخر
(40)
ما ينزح له سبع دلاء
ما ينزح لع عشر دلاء
ما ينزح له اربعون دلوا
ما ينزح له خمسون دلوا
و الله العالم و يطهر بنزح خمسين ان وقعت فيها عذرة فذابت هى فضلة الانسان قيل سميت بذلك لانها كانت تلقى في العذرات و هي افنية الدور و المراد بالذوبان تفرق الاجزاء و شيوعها في الماء و مستنده رواية ابى بصير قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشر دلاء فان ذابت فأربعون أو خمسون ( و انما ) أوجب الخمسين مع ان المروي أربعون أو خمسون لاحتمال كون الترديد من الراوي فلا يحصل اليقين بزوال اثر الملاقاة الا بالخمسين فيستصحب و لكن احتمال كونه من الامام ( ع ) أوفق بظاهر الرواية فالقول بكفاية الاربعين و حمل الزائد على الفضل أظهر و في صحيحة على بن جعفر المتقدمة نفى اخوة الباس عن الوضوء بماء بئر وقع فيه زنبيل عذرة رطبة أو يابسة و هي عادة لا تنفك عن الذوبان و يطهر ايضا بنزح خمسين ان وقع فيها كثير الدم كدم ذبح الشاة على المشهور على عن الغنية دعوى الاجماع عليه و لم يظهر مستنده و المروي صحيحا عن على بن جعفر عن اخيه موسى ( ع ) في رجل ذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء و أوداجها تشخب دما قال ينزح منها ما بين الثلثين إلى الاربعين و عن جملة من القدماء و المتأخرين العمل بما في الصحيح فهو الاقوى و المتبادر من مثل هذا التجديد دخول الطرفين في المحدود كما يتبادر ذلك من قوله ( ع ) في الرواية الاتية سئلته عما يقع في البئر ما بين الفأرة و السنور إلى الشاة فالخدشة فيما ذكره المصنف ] ره [ في معنى الرواية من ثلثين إلى أربعين في محلها و عن المفيد انه ينزح للدم الكثير عشر دلاء و استدل له بصحيحة ابن بزيع عن البئر تكون في المنزل فتقطر فيها قطرات من بول أو دم إلى ان قال فوقع بخطه في كتابه ينزح منها دلاء بتقريب ان أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب ان يؤخذ بها اذ لا دليل على ما دونها و فيه بعد الاغماض عن ان موردها قليل الدم مناقشة ظاهرة و روى زرارة عن ابى عبد الله ( ع ) في بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر قال الدم و الخمر و الميت و لحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا فان غلب الريح نزحت حتى تطيب و ظاهر الجواب عدم الفرق بين قليله و كثيره و الله العالم ( و يطهر ) بنزح أربعين ان مات فيها ثعلب أو ارنب أو خنزير أو سنور أو كلب و شبهه و استدل له برواية سماعة عن الصادق ( ع ) قال و ان كان سنورا أو اكبر منه نزحت ثلثين دلوا أو أربعين و رواية القسم عن على عن ابى عبد الله ( ع ) قال و السنور عشرون دلوا أو ثلثون أو أربعون دلوا و الكلب و شبهه و عن المعتبر انه نقل الرواية عن كتاب الحسين بن سعيد من ترديد هكذا سئلته عن السنور فقال أربعون دلوا و للكلب و شبهه و روى في الصحيح عن زرارة و محمد بن مسلم و يزيد بن معوية العجلي عن ابى عبد الله و أبى جعفر عليهما السلام في البئر تقع فيها الدابة و الفارة و الكلب و الخنزير و الطير فتموت قال تخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب و توضأ و في الصحيح عن على بن يقطين عن ابى الحسن موسى ( ع ) قال سئلته عن البئر تقع فيها الحمامة و الدجاجة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها ] انش [ ( و ) في الصحيح عن ابى اسامة عن ابى عبد الله ( ع ) في الفأرة و السنور و الدجاجة و الكلب و الطير قال إذا لم تتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء فان تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح و في رواية ابى عمر المتقدمة ما بين الفأرة و السنور إلى الشاة سبع دلاء و عن ابى مريم قال حدثنا جعفر قال كان أبو جعفر ( ع ) يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت و قال أبو جعفر ( ع ) إذا وقع فيها ثم أخرج منها حيا نزح منها سبع دلاء و في رواية ابى بصير فان سقط فيها كلب فقدرت ان تنزح مائها فافعل و هذا ظاهره الاستحباب و في رواية اسحق بن عمار فإذا كانت شاة و ما اشبهها فتسعة أو عشرة و الانصاف انه لو لم يكن القول بالطهارة دليل الا اختلاف الاخبار لكفاهم شاهدا اذ كيف يعقل الطرح أو التأويل في مجموع هذه الاخبار التي نقطع اجمالا بصدور اغلبها مع وضوح دلالتها على المراد بحيث لا يتطرق فيها شائبة اجمال و إهمال حتى يرتكب فيها التأويل فلا بد من ان يكون منشأ الاختلاف اما التقية و نحوها أو كون الحكم مستحبا قابلا للاختلاف باعتبار المراتب أو الموارد و الله العالم و البول الرجل ايضا أربعون دلو الرواية على بن ابى حمزة عن ابى عبد الله ( ع ) في بول الرجل قال ينزح منها أربعون دلوا و عن الحلى في السرائر دعوى تواتر الاخبار عن الائمة الطاهرين ( ع ) بان ينزح لبول الانسان أربعون دلوا و في رواية كردويه المتقدمة ينزح منها لقطرة بول أو دم ثلثون دلوا و في صحيحة ابن بزيع المتقدمة ينزح منها القطرات البول دلاء و في رواية عمار عن ابى عبد الله ( ع ) في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول او خمر قال ينزح الماء كله و يطهر بنزح عشر دلاء للعذرة الجامدة اى ما لم تتفرق اجزائها رطبة كانت ام يابسة و مستنده رواية ابى بصير المتقدمة و لقيل الدم كدم ذبح الطير و الرعاف اليسير ايضا عشر دلاء و في محكي السرائر حد أكثر القليل ما نقص عن دم الشاة و لم يعلم مستنده كأصل الحكم بالعشرة فيه نعم عن الحلى نسبته إلى روايات اصحابنا و لا ببعد ان يكون منشأ النسبة استفادته ذلك من المروي مستفيضا في الصحيح و غيره في البئر الواقع فيها الطير المذبوح أو قطرة دم أو قطرات من الدم انه ينزح منها دلاء اما بدعوى عدم كون مثل هذه الصيغة حقيقة فيما دون العشرة فيحمل على اقل مابه يتحقق الطبيعة و ينفى الزايد بالاصل أو بتقريب ان العشرة أكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع فيجب ان يؤخذ بها اذ لا دليل على ما دونه و يتوجه على التقريب الاول عدم التسليم و على الثاني انه لا مجال للتمسك بالاصل مع إطلاق الدليل المقتضى لكفاية المسمى في الامتثال خصوصا مع انه ( ع ) في رواية على بن جعفر قال ينزح منها دلاء يسيرة ففى التوضيف تنصيص على عدم إرادة أكثر ما يمكن ارادته من هذه الصيغة و يطهر بنزح سبع دلاء لموت الطير للاخبار المستفيضة منها مضمرة سماعة عن الفأرة نفع في البئر و الطير قال ( ع ) ان أدركته قبل ان ينتن نزح منها سبع دلاء و في رواية يعقوب بن عيثم إذا وقع في البئر الطير و الدجاجة و الفارة فانزح منها سبع دلاء و روى عن ابى عبد الله ( ع ) في بعض الصحاح المتقدمة للطير و الدجاجة
(41)
ما ينزح له ثلاث دلآء
ما ينزح له خمس دلآء
خمس دلاء و عن اسحق بن عمار عن ابى عبد الله ( ع ) عن ابيه ( ع ) ان عليا ( ع ) كان يقول الدجاجة و مثلها تموت في البئر ينزح منها دلوان أو ثلثة فإذا كانت شاة اوما اشبهها فتسعة أو عشرة و كذا يطهر بنزح سبع دلاء لموت الفأرة إذا تفسخت على المشهور أو انتفخت بناء على كون الانتفاخ من مراتب التفسخ لان الانتفاخ يوجب تفرق الاجزاء و ان لم تنقطع في الحس و فيه نظر و لكنه عن الغنية دعوى الاجماع على كونه بحكم التفسخ و كيف كان فمستند أصل الحكم رواية ابى سعيد المكارى إذا وقعت الفأرة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء و في خبر ابى عينيه إذا خرجت فلا بأس و ان تفسخ فسبع دلاء فيقيد بمفهوم هاتين الروايتين إطلاق الامر بالسبع لموت الفأرة لمضمرة سماعة و رواية يعقوب المتقدمتين كما انه يتقيد بمنطوقهما رواية عمار عن ابى عبد الله ( ع ) عن الفأرة و الوزغة تقع في البئر قال ( ع ) ينزح منها ثلث دلاء فيحمل هذه الرواية على ما إذا لم تتفسخ و في رواية ابى خديجة عن ابى عبد الله ( ع ) في الفأرة تقع في البئر قال ( ع ) إذا ماتت و لم تنتن فأربعين دلوا و إذا انتفخت فيه أو نتنت نزح الماء كله ( و عن ) مسائل على بن جعفر ينزح عشرون إذا تقطعت و في موثقة عمار المتقدمة نزح الجميع و في واحد من ( الاخبار ) الصحيحة المتقدمة يجزيك ان تنزح منها دلاء و في بعضها التصريح بان ذلك يطهرها ] انش [ و كذا يطهر بنزح سبع دلاء لبول الصبي الذي يأكل الطعام و لم يبلغ الرواية منصور بن حازم عن عدة عن ابى عبد الله ( ع ) قال ينزح منه سبع دلاء إذا بال فيها الصبي أو وقعت فيها فارة أو نحوها و انما قيدوا الصبي بأكل الطعام لرواية على بن ابى حمزة الاتية المحمولة على الصبي الذي لم يأكل الطعام و في رواية معاوية بن عمار ينزح الماء كله لبول الصبي و قد حملها الشيخ على حصول التغير به و فيه من البعد ما لا يخفى و لاغتسال الجنب الخالي بدنه عن النجاسة فيه اى ماء البئر للاخبار المستفيضة التي تقدم بعضها و هل يختص الحكم باغتساله فيها كما هو ظاهر المتن و غيره أو يعم مطلق مباشرة الجنب كما هو صريح المحكي عن جماعة وجهان من إطلاق بعض الاخبار كصحيحة ابن مسلم إذا دخل الجنب البئر ينزح منها سبع دلاء و رواية عبد الله بن سنان ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب فانزح منها سبع دلاء و من إمكان دعوى انصراف الاطلاق إلى الاغتسال فيها ثم ان مقتضى إطلاق النصوص عدم الفرق بين ما لو اغتسل ارتماسا أو ترتيبا و دعوى انصرافها إلى الاول عرية عن الشاهد بل ربما يظهر من السوأل في رواية ابى بصير إرادة الغسل الترتيبى قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الجنب يدخل البئر فيغتسل قال ينزح سبع دلاء ( ثم ) على القول بنجاسة البئر بملاقاة النجس هل النزح في المقام لنجاسة البئر تعبدا ام السلب الطهورية ام انه تعبد شرعي صرح الشهيد الثاني بالاول و نفى عنه البعد بعد ورود النص و انفعال البئر بما لا ينفعل به غيرها و عن ظاهر المعتبر و المختلف الثاني و عن بعض الثالث و يضعف الاول بانه لا يمكن استفادة مثل هذا الحكم الذي يستبعده الذهن من مجرد الامر بالنزح الذي لم يعلم انحصار سببه في النجاسة و انما يفهم النجاسة في سائر الموارد لاجل القرائن الخارجية و المناسبات المغروسة في الاذهان المنتقية كلها في فرض طهارة الملاقى و لذا لا يظن بأحد من القائلين بالنجاسة ان يقول بنجاسة البئر بموت العقرب و الوزغة وسام أبرص مع ورود الامر بالنزح لها و الحاصل انه لا يمكن إثبات هذا الحكم الا بنص صريح في ان البئر تنجس بهذا الشيء الذي ليس بنجس و الا فلو ورد التنصيص على النجاسة من دون ان يصرح بكونها مسببة عن نفس الاغتسال لا ينسبق إلى الذهن الا نجاستها لاجل ملاقاة ما في بدن الجنب من النجاسة العرضية كما هو الغالب نظير الامر بإراقة الانآء الذي ادخل الجنب يده فيه قبل غسلها فانه لا يفهم من إطلاق ذلك نجاسة يد الجنب قبل الغسل تعبدا أو نجاسة الماء الملاقى لها بالتعبد الشرعي بل المناسبات المغروسة في اذهان المتشرعة تصرف الاطلاق إلى ما لو كانت اليد قذرة و قد تقدم نظير ذلك في مبحث انفعال الماء القليل ( و ) بذلك ظهر لك ضعف الاستدلال لهذا القول بقوله ( ع ) في رواية ابن ابى يعفور المتقدمة في ادلة القول بالنجاسة و لا تقع في البئر و لا تفسد على القوم مائهم اذ بعد تسليم ظهور الافساد في إرادة النجاسة و الاغماض عما ذكرناه فيما سبق ان الرواية على هذا التقدير متصرفة إلى ما إذا اشتمل بدنه على النجاسة فالأَوفق بالقواعد كون النزح لسلب الطهورية ان قلنا به في الماء المستعمل في رفع الحدث و لم نقل بالتفصيل بين القليل الراكد و غيره ما لم يستهلك و لو لم نقل بذلك فالأَوفق هو الالتزام بكراهة الاستعمال و كون النزح مستحبا في خصوص المقام و نظائره مثل موت العقرب و الوزغة وسام أبرص و ان قلنا بنجاستها في سائر الموارد اذ لا ملازمة بين المقامين و الله العالم و لوقوع الكلب و خروجه حيا كما عن المشهور لرواية ابى مريم قال حدثنا جعفر قال كان أبو جعفر ( ع ) يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت و قال ( ع ) إذا وقع فيها ثم خرج حيا نزح منها سبع دلاء و بنزح خمس دلاء لذرق الدجاج الجلال كما عن المفيد و الديلمى و الحلى و عن الشيخ في جملة من كتبه إطلاق لفظ الدجاج و لعله بناء منه على نجاسته و كيف كان فلم يظهر لنا مستندهم في الحكم و الله العالم و بنزح ثلث دلاء لموت الحية على المشهور بل عن السرائر نفى الخلاف فيه و في محكي المعتبر انه يمكن الاستدلال عليه برواية الحلبي إذا مات في البئر حيوان صغير فانزح دلاء و لكنه في رواية ابن سنان للدابة الصغيرة سبع دلاء و عن ابن بابويه انه افتى بذلك و حكى عنه ايضا انه أوجب دلوا واحدا و عن المفيد إلحاق الوزغة بالحية في نزح الثلث كما عن الشيخ ايضا إلحاقها مع العقرب و عن ابى الصلاح إلحاق العقرب حسب و في الوزغة دلو واحد و مستند الثلث للوزغة صحيحة معاوية بن عمار الاتية و اما العقرب ففى رواية منهال انه ينزح لها عشر دلاء قال قلت لابى