مثل هذه القواعد بالظواهر المنافية لها فلا محيض عن الالتزام بكون التخصيص مبينا على رعاية الاولوية و الفضل و الله العالم ثم انا و ان جوزنا للمحدث بذل مائه المختص به إذا تعلق به غرض صحيح أخرجه من عنوان كونه بمنزلة الاراقه و نحوها لكن الاحوط تركه بل لا يبعد دعوى انصراف اخبار الباب عن فرض الاختصاص و لعله لذا خص المصنف ره الحكم بأفضلية التخصيص بغير هذا الفرض و أطلقه بالنسبة إلى ما عداه من الصور من ان يقيده بعدم تمكن المحدث من الوضوء بالمبادرة إلى المباح أو وفاء سهمه في صورة الاشتراك كما هو الغالب و أحوط منه عدم التخطى عما ذكروه من ملاحظة كل منهما ما يقتضيه تكليفه بملاحظة نفسه من تحصيل الطهارة المائية مع القدرة عليهما بالمبادرة إلى حيازة المباح و المداقة في استيفاء حقه عند وفائه بما يحتاج اليه بل تملك سهم الميت و غيره لدى القدرة عليه و ان كان مقتضاه حمل الصحيحة على ما لا يكاد يتحقق له مورد كما اشرنا اليه انفا لكن لا بأس به بعد موافقتة للاحتياط و ابتناء السوأل في الرواية على مجرد الفرض و الجواب على الاولوية و الاستحباب و الله العالم تنبيه لو أمكن الجمع بان يتوضا المحدث مثلا و يجمع ماء الوضوء في إناء ثم يغتسل الجنب الخالي بدنه من النجاسة و يجمع مائه في الانآء و يغسل به الميت فقد صرح واحد من الاصحاب بوجوبه و لا ريب في انه احوط و اوفق بالقواعد و لو منعنا من استعمال المستعمل في الحدث الاكبر يجمع بين الوضوء و غسل الجنب أو الميت فان المستعمل في الوضوء يجوز استعماله ثانيا بلا خلاف فيه على الظاهر الا من بعض أهل الخلاف و فى محكي الذكرى بعد الاشارة إلى خبر عبد الرحمن بن ابى بحران قال و فيه اشارة إلى عدم طهورية المستعمل و الا لامر بجمعه انتهى أقول و لو قيل بان فيه اشارة إلى عدم كون الامر في التيمم بهذه المكانة من الضيق و العجز عن تحصيل الماء بالمعالجات الغير المتعارفة لكان سليما من جملة من الاعتراضات التي يمكن ان يورد عليه من جرى الرواية مجرى الغالب من عدم خلو بدن الجنب عن النجاسة غالبا و عدم تيسر الجمع في مثل الفرض بقدر ان يكفى غيره و عدم صلاحية ما ذكر وجها لعدم الجمع بين الوضوء و الغسل تقديم الوضوء على الغسل و ان أمكن التفصى اما عن الاخير فلابتنائه على الاهتمام في امر الغسل برعاية الاحتياط فيه خوفا من ان ينقص مائه اما ما عداه من الدعاوي المتقدمة فاما مجدية مسموعة فان الغالب سهولة الاخذ مما ينفصل من غسالته بعد تطهير بدنه بقدر ان يتحقق اقل ما يجتزى به في الوضوء بمثل الدهن و كيف كان فطريق الاحتياط في جميع الفروض خفى و الله العالم السابع الجنب اذا تيمم بدلا من الغسل ثم أحدث أعاد التيمم بدلا من الغسل سواء كان حدثه اصغر أو اكبر فلو أحدث بالاصغر و وجد ماء بقدر ان يتوضأ لم يعتد به بل يتيمم بدلا مما وجب عليه من الغسل على المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا بل لم ينقل الخلاف فيه الا من السيد في شرح الرسالة و بعض المتأخرين كصاحبى المفاتيح و الذخيرة و فى الحدائق ايضا تقويته قال السيد في محكي شرح الرسالة ان المجنب إذا تيمم ثم أحدث حدثا اصغر و وجد ما يكفيه للوضوء توضأ لان حدثه الاول قد ارتفع و جاء ما يوجب الصغرى و قد وجد من الماء ما يكفيه لها فيجب عليه استعماله انتهى و اعترض عليه بالاجماع المستفيض نقله بل المتواتر على ان التيمم لا يرفع الحدث بل يستباح به الصلوة فالجنابة باقية و الاستباحة قد زالت بالحدث الاصغر و الذى يجب على الجنب على ما نطق به الكتاب و السنة و الاجماع انما هو الغسل فما دام العجز يأتى بما هو بدل منه و قد استدل في محكي المعتبر على بقاء الجنابة بعد ان ادعى إجماع العلماء كافة على انه لا يرفع الحدث بان التيمم يجب عليه الطهارة عند وجود الماء بحسب الحدث السابق فلو لم يكن الحدث السابق باقيا لكان وجوب الطهارة لوجود الماء اذ لاوجه غيره و وجود الماء ليس حدثا بالاجماع و لانه لو كان حدثا لوجب استواء المتيممين في موجبة ضرورة استوائهم فيه لكن هذا باطل لان المحدث لا يغتسل و الجنب لا يتوضأ انتهى أقول هذا هو عمدة ما يستدل به للمشهور و يرد عليه أولا النقض بالطهارة العذرية اى طهارة اصحاب الجبيرة و نحوها على القول بوجوب إعادتها بعد زوال السبب لجريان هذا الدليل فيها حرفا بحرف و مقتضاه وجوب اعادة الغسل على صاحب الجبيرة إذا اغتسل من الجنابة ثم أحدث بالاصغر مع انه لا يظن بأحد من القائلين به الالتزام بذلك وحله ما عرفته في محله من انه ان أريد بقولهم ان التيمم لا يرفع الحدث انه ليس كالوضوء و الغسل مزيلا لاثره بالمرة بحيث لا يحتاج بعد تجدد القدرة من الماء إلى استعماله كما زعمه بعض العامة على ما قيل فهو حتى لا ريب فيه و ان أريد به انه لا يفيد الطهارة التي هى شرط للصلوة و نحوها بل يؤثر في سقوط شرطية الطهارة لتلك الغايات بالنسبة إلى من عجز من استعمال الماء فهو مما لا يمكن الالتزام به لمخالفته لجميع ما دل على شرعية التيمم و بد ليتة من الوضوء و الغسل و كونه احد الطهورين و لا يظن بأحد من العلماء ان يرضى بذلك حيث انه يتضمن مفاسد و مناقضات لا يمكن توجيهها كما اشرنا إلى جملة منها فيما تقدم فألحق انه طهور و هو نور لكن لمن لم يقدر على استعمال الماء ما دام كونه كذلك فإذا قدر عليه عاد محدثا بالسبب السابق حيث انه صدق عليه مثلا انه رجل اتى أهله و هو قادر على استعمال الماء و لم يغتسل فهو جنب و اما
(512)
قبل ان يقدر عليه فقد كان مندرجا في موضوع العاجز الذي كان طهوره التراب فإذا تيمم فهو ما دام مندرجا في هذا الموضوع كانه اغتسل من غدير ماء فهو متطهر و قد تقدم توضيحه و تصويره في محله فبذلك ينحل الاشكال المتقدم في عبارة المعتبر الذي أوقعهم في الالتزام بعدم طهورية التيمم من استلزام كون وجدان الماء حدثا فانه بعد اخذ العجز قيدا في طهورية التيمم لا يحتاج عود الجنابة بعد طرق القدرة إلى سبب جديد كما هو واضح و على هذا يتجه استدلال السيد على مدعاه بان حديه الاول قد ارتفع اذ لم يقصد بذلك انه قد ارتفع على وجه لا يحتاج بعد طرو القدرة إلى الغسل حتى يرد بمخالفته للاجماع بل الضرورة و كيف كان فمقتضى طهورية التيمم للعاجز و بدليته من الغسل عدم تأثير البول و غيره من موجبات الوضوء بعد ان تيمم بدلا من غسله الا فيما يقتضيه تلك الموجبات لا عود الجنابة السابقة و صيرورتها مؤثرة بعد ان زال اثرها بالتيمم الا ان يدل دليل تعبدي عليه فيكون ذلك حاكما على إطلاق ما دل على ان التيمم لمن لم يجد الماء بمنزلة غسله و وضوئه و سيأتي التكلم فيه فان أراد المشهور من استدلالهم ببقاء الجنابة كونه ما دام موصوفا بالعجز متصفة بصفة الجنابة الفعلية ففيه منع خصوصا لو قلنا بانها صفة منتزعة من الاحكام التكليفية و ليست قذارة معنوية متأصلة و ان أرادوا صحة إطلاق الجنب عليه بملاحظة بقاء اثر الجنابة في الجملة المقتضى لوجوب الغسل عليه عند تجدد القدرة فهو مسلم لكنه لا يقتضى وجوب التيمم ثانيا بدلا من الغسل بل لنا ان نقول سلمنا انه جنب بالفعل لكن لا دليل على انه يجب على الجنب اعادة تيممه بعد البول فان الجنب القادر على الغسل فرضه الغسل و العاجز عنه فرضه التيمم بدلا من الغسل فإذا تيمم بدلا من الغسل عند إرادة الصلوة فقد سقط ما وجب عليه من البدل فإذا بال لا يؤثر بوله الا فيما يقتضيه من الوضوء أو التيمم منه لا من الغسل و ان شئت قلت ان التيمم السابق رفع مانعية الجنابة من اتيان الغايات المشروطة بالطهور و الا لم يجز فعلها قبل البول و حدوث البول ليس مقتضاه الا وجوب الوضوء لا عود مانعية الجنابة و دعوى ان التيمم لا يقتضى الا رفع مانعيتها قبل ان يحدث حدث مسموعة الا ان يقوم عليها بينة بالخصوص و الا فهي مخالفة لاطلاق ما دل على كونه بمنزلة الوضوء و الغسل للعاجز و سيأتي التكلم فيه و بما ذكرنا ظهر لك ضعف الاستدلال للمشهور بإطلاق الجنب على التيمم في بعض الاخبار مثل المرسل المروي عن الغوالي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال لبعض اصحابه الذي تيمم من الجنابة وصلى صليت بأصحابك و أنت جنب فانه بعد الغض عن ضعف الرواية و معارضتها بما دل على ان الله تعالى جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا فإذا تيمم فقد فعل احد الطهورين فهو طاهر و ليس بجنب بالفعل و ان صح إطلاقه عليه في الجملة يتوجه عليه انه لا اثر للجنابة بعد فعل بدلا من الغسل و دعوى ان كل من قال ببقاء الجنابة قال بالتيمم بدلا من الغسل دون الوضوء فالقول بخلافه خرق للاجماع المركب مما لا ينبغي الالتفات إليها ضرورة عدم استكشاف رأى المعصوم بمثل هذه الدعاوي التقديرية المتفرعة على الجمود على الظواهر و أضعف منه الاستدلال لهم بمفهوم قول ابى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة متى اصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا و الوضوء ان لم تكن جنبا حيث شرط الوضوء بعدم الجنابة فيبطل مقالة السيد القائل بوجوب الوضوء على الجنب على تقدير عدم كفاية الماء لغسلة و فيه ان المراد بإصابة الماء ما كان وافيا بما يحتاجه من الوضوء أو الغسل فالمتيمم الذي أحدث ان لم يجد ما يكفى لغسله فهو مراد بالرواية و ليس بجنب عند السيد اما حقيقة أو حكما بل هو محدث وجد الماء بقدر وضوئه فعليه ان يتوضأ و اوهن من ذلك الاستشهاد بالمعتبرة المشتملة على امر الجنب بالتيمم و ان كان عنده من الماء ما يكفيه للوضوء و فيه ما لا يخفى فانه لا ينكر احد ان الواجب على الجنب أولا هو الغسل أو التيمم بدلا منه فلا عبرة بوجود الماء الغير الكافى للغسل و لا وجدانه بعد التيمم الذي هو بمنزلة الغسل في الاثر و انما الكلام في انه إذا أحدث بالاصغر بعد هذا التيمم هل يجب عليه اعادة التيمم عملا بما يقتضيه الجنابة أولا يجب الا العمل بما يقتضيه الحدث من فعل الوضوء لدى القدرة و التيمم بدلا منه لدى العجز فهذه الاخبار أجنبية عن المقام و استدل لهم ايضا بصحيحة زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السلام يصلى الرجل بتيمم واحد صلوة الليل و النهار كلها فقال نعم ما لم يحدث أو يصب ماء و خبر السكوني عن جعفر بن محمد عن ابيه عن ابائه ( ع ) قال لا بأس بان تصلى صلوة الليل و النهار بتيمم واحد ما لم تحدث أو تصب الماء حيث يفهم منهما ان مطلق الحدث كوجدان الماء ناقض لمطلق التيمم و فيه ان غاية ما يفهم من الروايتين انما هو عدم جواز الصلوة بذلك التيمم بعد حدوث الحدث كما انه لا يجوز فعلها بعد الحدث لو كان اتيا بمبدله من الوضوء أو الغسل فقوله ( ع ) لا بأس بان تصلى ] الخ [ بمنزلة ما لو قلنا لا بأس بان تصلى لغسل الجنابة ما لم تحدث فلا اشعار فيه أصلا فضلا عن الدلالة بان الحدث يؤثر في صيرورة التيمم كعدمه و صيرورة الجنابة السابقة مؤثرة بعد ان زالت أو زال اثرها بل لو كان الوارد في الاخبار ان كل تيمم يستباح به الصلوة ينتقض بمطلق الحدث لم يكن يفهم منه الا تأثير الحدث في رفع الطهارة و الاستباحة الحاصلة بفعل
(513)
حكم رجيع مالا نفس له
حكم ما عرض له التحريم كالجلال
حكم بول الرضيع
التيمم كما انه لا يفهم من إطلاق النواقض على موجبات الوضوء و الغسل في عبارة العلماء الا ذلك لا عود الحدث السابق الذي تطهر منه و صيرورته مؤثرا بعد ان زال فان الزائل لا يقبل الانتقاض و انما القابل له الطهارة الحاصلة باستعمال الطهور فقولنا الوضوء أو غسل الجنابة ينتقض بالبول معناه انه لا يبقى له اثر بعد الحدث فلو أراد الاتيان بشيء مشروط بالطهور فعليه ان يتطهر لا انه يعود جنبا أو محدثا بالسبب الاول الا ترى انا لو بنينا على ان كل غسل يجزى عن الوضوء و قلنا بشرعية التيمم بدلا من كل غسل و كونه كمبدله رافعا للحدث لا نقول بجواز اعادة التيمم بدلا من ذلك الغسل بعد انتفاء مسوغه فالاشكال في المقام انما نشأ من بقاء اثر الجنابة الموجب للغسل حيث أوجب التخير في انه كما يقتضى وجوب الغسل عند القدرة عليه كذلك يقتضى وقوع التيمم دائما بدلا من ذلك الغسل ام لا يقتضى بعد الاتيان بتيمم واحد بدلا من ذلك الغسل الا نفس الغسل فلا يجب عند حدوث الحدث الا ما يقتضيه ذلك الحدث فما زعمه بعض من ابتناء الخلاف في المسألة على ان المطلق الحدث هل هو ناقض لمطلق التيمم أو لا ينتقض التيمم الواقع بدلا من غسل الجنابة مثلا الا بالجنابة في محله و كيف كان فقد ظهر لك ان الاقوى بالنظر إلى ما دل على طهورية التيمم للعاجز و عموم تنزيله منزلة الوضوء و الغسل ما ذهب اليه السيد و اتباعه من وجوب الوضوء بعد الحدث أو التيمم بدلا منه لا من الغسل لكن الجزم بذلك مشكل و عمدة ما يوجب التردد و الوسوسة فيه نقل الاجماع على خلافه و اعتضاده بالشهرة المحققة قديما و حديثا بل شدوذ المخالف فمن هنا قد يقوى في النظر خلافه فانا و ان جزمنا بطهورية التيمم و كونه بمنزلة الوضوء و الغسل لمن لم يجد الماء لكن مع ذلك لا يبعد الالتزام بمقالة المشهور في المقام بدعوى انه يستفاد من الادلة الشرعية ان الطهارة التي هى شرط في الصلوة بل مطلق الطهارة و ان لم تبلغ مرتبة يستباح بها الصلوة صفة وجودية تحصل بأسبابها كما قوينا ذلك في محله و ان الحدث قذارة معنوية حادثة بأسبابها مخالفة للاصل مانعة من الدخول في الصلوة كما نفينا البعد عن ذلك بل قويناه بالنسبة إلى الحدث الاكبر فنلتزم بعدم المضادة بين ذاتيهما بل التنافي انما هو بين اثريهما من جواز الدخول في الصلوة و الامتناع منه كما اليه يؤل ما هو المشهور من ان التيمم مبيح للصلوة و ليس برافع لما اشرنا اليه من انهم لم يقصدوا بذلك على الظاهر استباحتها بلا شرط فان من المستبعد التزامهم بذلك و كيف كان فمنع المضادة بين الوصفين و قياسهما على النظافة و القذارة الصورية فاسد لم لا يجوز ان يكون المستحاضة التي اغتسلت و كذا المسلوس و المبطون واجدة للحدث و الطهارة التي هى شرط في الصلوة حقيقة و إذا جاز ذلك فنقول اما غسل الجنابة مثلا فهو رافع للقدرة الحادثة بالجنابة و مفيد للطهارة التي هى شرط في الصلوة و اما سائر الاغسال فان قلنا بالاجتزاء بها عن الوضوء فكغسل الجنابة و الا فهي مع كونها مزيلة للحدث تفيد مرتبه في الطهارة لا تبلغ هذه المرتبة و كيف كان فالتيمم انما يقوم مقام الوضوء و الغسل في الطهورية المسوغة لاستباحة الغايات اى المجامعة مع عدم المانع بصفة المانعية و اما كونه بمنزلتهما في ازالة ذات المانع من حيث هى فالأَدلة قاصرة عن إثباته اما ما دل على انه طهور و انه احد الطهورين فواضح و اما ما دل على ان التراب بمنزلة الماء و ان التيمم غسل المضطر و وضوئه و نحو ذلك فهو و ان اقتضى عموم المنزلة خصوصا مع كون الازالة من أظهر وجوه المشبه به لكن العلم ببقاء الاثر في الجملة المقتضى لوجوب الغسل لدى القدرة عليه موجب لصرف الذهن عن إرادة ازالة ذاته بالتشبيه و لذا لا يستنكر العرف إطلاق الجنب عليه حين العجز بل لم يسعنا فيما سبق عند تقرير مذهب السيد إنكار هذا المعنى و انما تكلفنا في توجيهه و قلنا بعد التسليم بعدم اقضتاء الجنابة الا تيمما واحدا بدلا من الغسل لكنك خبير بانه لا يسمع منا هذا القول بعد فرض دلالة الادلة على اقتضاء حدث الجنابة من حيث هو للمنع من الصلوة و عدم ارتفاعه بالتيمم كما هو مقتضى الاصل مضافا إلى الاجماعات المحكية و غيرها و عدم اقتضاء طهورية التيمم الا مزاحمتها للتأثير ما دام بقاء اثره فمتى انتقض عادت الجنابة مانعة بالفعل و لا يزول ماريتها الابالتيمم الذي هو بدل من الغسل كما هو واضح هذا غاية ما أمكننا من التوجيه لمذهب المشهور و اليه يئول دليلهم الاول الذي اشرنا إلى انه هو عمدة أدلتهم و بعد المتامل فيه مجال و المسألة موقع تردد و مقتضى الاصل الاحتياط لكون الشك في المكلف به فيجب بعد الحدث بين الجمع بين التيمم بدلا من الغسل و من الوضوء ان وجد ماء بقدره و التيمم بدلا منه ان لم يجد و يجزيه في هذا الفرض تيمم واحد بدلا مما وجب عليه في الواقع بناء على اتحاد كيفية التيمم و الا فلا بد من التعدد ثم لا يخفى عليك ان ما ذكرناه في توجيه مقالة المشهور الذي اليه يئول دليلهم الاول الذي هو عمدة ما ركنوا اليه بل لم يستند عامتهم على الظاهر الا اليه من ان الجنابة باقية و الاستباحة قد زالت فعليه اعادة التيمم بدلا من الغسل انما يتجه في التيمم الواقع بدلا من غسل يستباح به الصلوة مثل غسل الجنابة و اما غسل الحيض و نحوه لو لم نقل بانه يجزى عن الوضوء فلا فإذا تيممت الحائض بدلا من الغسل يستباح بتيممها دخول المساجد و قراءة العزائم و نحوهما كمبدله سواء
(514)
حكم المتردد بين كونه خرء او بولا من مأكول اللحم او غيره
حكم ذروق الدجاج
تيممت معه بدلا من الوضوء ايضا ام لا و هذه الاستباحة تجامع الحدث الاصغر و الا لم تحصل بتيممها الواقع بدلا من الغسل الا كانت محدثة بالاصغر ايضا فالحدث الاصغر لا يؤثر في ازالة هذه الاستباحة حتى تيمم به الاستدلال بل ربما يتأمل في اقتضاء ذلك الدليل منع الجنب من دخول المساجد بعد الحدث نظرا إلى عدم اقتضاء الحدث رفع استباحة الدخول و ان أمكن التفصى عن ذلك ببعض الوجوه الغير الخالية عن التأمل بالاجماع المنقول على انتقاض تيمم الجنب بمطلق الحدث فالالتزام بانتقاض تيمم الحائض بمطلق الحدث مع الالتزام بجواز تلك الغايات قبل حدوثه مع كونها محدثة بالاصغر في غاية الاشكال و لعله لذا خص المصنف ( ره ) كغيره موضوع الحكم في المتن و غيره بالجنب فما جزم به واحد من انتقاض كل تيمم بمطلق الحدث و اسناده إلى المشهور مع خلو كلام المشهور عن التصريح بالتعميم بل اشعاره بعدمه و اقتضاء دليلهم عدم الاطراد لا يخلو عن تأمل لكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط فيه بل لا يجوز بناء على ما نفينا عنه البعد بل قويناه في محله من الاجتزاء بغسلها عن الوضوء فحكمها حينئذ حكم الجنب الذي مقتضى القاعدة فيه الاحتياط و الله العالم ( الثامن ) إذا تمكن المتيمم من استعمال الماء لما هو بدل منه و لم يكن له عذر عقلي أو شرعي في تركه انتقض تيممه بلا شبهة كما يدل عليه جميع ما دل على اختصاص طهورية التيمم بالعاجز مضافا إلى خصوص المعتبرة بالمستفيضة المصرحة بذلك مثل صحيحة زرارة و رواية السكوني المتقدمين و صحيحة الاخرى عن ابى عبد الله عليه السلام في رجل تيمم قال يجزيه ذلك إلى ان يجد الماء و قد عرفت عند التكلم في الحكم الرابع ان المراد بوجدان الماء انما هو وجدانه على وجه يتمكن من استعماله و يكون وافيا بمقصوده فما زعمه بعض من انتقاض التيمم بمجرد الوجدان ضعيف و لو فقده بعد ذلك افتقر إلى تجديد التيمم لان الزائل لا يعود بلا سبب و توهم اقتضاء طهورية التيمم للعاجز عوده مؤثرا باندراجه ثانيا في موضوعه كصيرورة الجنابة الزائلة على القول برافعية التيمم مؤثرة عند تجدد القدرة ( مدفوع ) بقصور الادلة عن إثبات هذا النحو من الاثر للتيمم بل ظهورها في كونه ظهورا لمن عجز عن استعمال الماء ما دام باقيا عجزه هذا مضافا إلى عدم الخلاف فيه على الظاهر و دلالة النص عليه بالصراحة كما عرفته فيما تقدم ( فروع ) الاول لو تيممت الحائض أو المستحاضة و نحوهما يتيممن بدلا من الوضوء و الغسل فوجدت ما يكفى للوضوء خاصة انتقض ما هو بدل من الوضوء لا غير و لو وجدت ما يكفى لكل منهما لا كليهما قال في الجواهر ففى انتقاضهما معا بذلك أو ما يختار المكلف منهما أو القرعة أوجه اقويها الاول لصدق الوجدان في كل منهما و عدم الترجيح انتهى أقول اما بناء على أهمية الغسل كما لعله المسلم عندهم خصوصا على القول بالاجتزاء به عن الوضوء و كون الوضوء معه مستحبا تعبدا فالترجيح محقق و المنتقض هو التيمم الواقع بدلا من الغسل حيث يتعين على المكلف صرف الماء فيه لكن لو خالف تكليفه و توضأ صح وضوئه بقاعدة الترتب التي حققناها مرارا و مقتضاها انتقاض ما هو بدل من الوضوء ايضا على تقدير ترك الغسل فلو أتلف الماء انتقض التيممان و على تقدير عدم الاهمية ايضا ينتقضان معا ان ترك استعمال الموجود في شيء من الوضوء أو الغسل إلى ان يمضى زمان يتمكن فيه من فعل كل من الطهارتين لصيرورته عند اصابة الماء قادرا على كل من الوضوء و الغسل على تقدير ترك الاخر و قد تحقق التقدير في الفرض بالنسبة إلى كل منهما فانتقضا معا و اما على تقدير استعماله في أحدهما فالظاهر عدم انتقاض ما هو بدل من الاخر لعدم قدرته على الاتيان بمبدله على تقدير صرف الماء فيه استعمله بمقتضى تكليفه و لكن الاحوط اعادة التيمم خصوصا مع احتمال أهمية أحدهما في الواقع و جهله بواقعه بل لا يخلوا لقول بوجوب الاحتياط في الفرض من وجه منظور فيه و احتمال وجوب تشخيصه في الفرض بالقرعة مدفوع بانه لا يعمل بها في تشخيص الاحكام الشرعية و موضوعاتها و قد تقدم عند البحث عن مسوغات التيمم ما يقرر بعض الدعاوي المتقدمة فراجع الثاني لو وجد جماعة ماء يباح لهم التصرف فيه فان تمكن كل منهم من التصرف فيه على وجه سائغ من ان يزاحمه غيره انتقض تيمم الجميع و الا انتقض تيمم المتمكن خاصة الثالث لو تيمم تيممات متعددة بدلا من اغسال متعددة فوجد ماء لا يكفى الا لغسل واحد انتقض الجميع فان له ان يأتى بذلك الغسل بنية الجميع و ان منعنا التداخل لحكمه ما عرفت في الفرع الاول الرابع لو لم يجد الماء الا في المسجد و كان جنبا جاز له الدخول واحد الماء منه بل و لبثه فيه حتى في المسجد الحرام و مسجد النبي صلى الله عليه و آله بل وجب عليه ذلك عند توقف الغايات الواجبة المشروطة بالطهور عليه و لا ينتقض في الفرض تيممه الا بعد استعمال الماء لا حين الوجدان كما أقمنا عليه البرهان في مبحث الجنابة و أثبتنا وجوب الدخول عليه في المسجدين بالتيمم عند انحصار الماء الواجب الاستعمال فيهما عند البحث عن عدم جواز مرور الجنب في المسجدين الا بالتيمم فراجع ما اسلفناه تجده وافيا بجملة من الفروع المرتبطة بالمقام تنبيه حكى عن بعض الجمهور القول بانتقاض التيمم بخروج الوقت و عن الشافعي القول باختصاص اثر التيمم لصلوة واحدة قياسا على وضوء المستحاضة بجامع اضطرارية الطهارتين و قد اجمع اصحابنا على انه لا ينتقض التيمم بخروج الوقت و لا يختص اثره بصلوة واحدة و اخبارنا ناطقة بذلك مصرحة بجواز ان يصلى الرجل صلوة الليل و النهار كلها بتيمم واحد ما لم يحدث أو يجد الماء كما سمعته في المستفيضة المتقدمة و قد نطق بذلك ايضا ما رواه حماد بن عثمان في
(515)
حكم ما يخرج من المخرجين عدالا خبقين والمنى والدم
نجاسة المنى من كل حيوان ذى نفس
الصحيح قال سئلت أبا عبد الله ( ع ) عن الرجل لا يجد الماء يتيمم لكل صلوة فقال ( ع ) لا هو بمنزلة الماء و يدل عليه ايضا سائر الاخبار الدالة على انه احد الطهورين و انه بمنزلة الماء فما فى خبر ابى همام عن الرضا ( ع ) قال يتيمم لكل صلوة حتى يوجد الماء و رواية السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال لا يتمتع بالتيمم الا صلوة واحدة و نافلتها اما مطروح و اما مأول التاسع من كان بعض اعضائه مريضا لا يقدر على غسله بالماء للوضوء و الغسل و لا مسحه ان كان مما يجب مسحه في الوضوء بل مطلقا حتى في المواضع التي يجب غسلها إذا لم يقدر على مسحه بالماء على وجه يتحقق به اقل ما يجزى مثل الدهن بل مطلقا في وجه قوى جاز له التيمم و كذلك لو كان بعض اعضائه نجسا يتعذر تطهيره و لا يتبعض عندنا الطهارة كما شهد بذلك مضافا إلى عدم الخلاف فيه بيننا على الظاهر ما في صحيح ابى بصير ان الوضوء لا يبعض و ما دل على وجوب التيمم على الجنب الذي معه من الماء الغير الكافى لغسله و ما ورد في حكم صاحب الجروح و القروح إلى ذلك مما يفهم منه وجوب التيمم في مثل هذه الفروض و عدم شرعية تبعيض الطهارة المائية الا تلفيقها مع الترابية فما عن الشافعي من ان من كان هذا شانه يغسل الاعضاء التي يقدر على غسلها و يتيمم من العضو المريض فيتلفق طهارته من المائية و الترابية باطل و قد تقدم تفصيل الكلام و ما يتعلق به من النقض و الابرام في مبحث الجبيرة في باب الوضوء و عرفت في ذلك المبحث عدم المناقضة بين حكم الاصحاب في باب الوضوء و الغسل بوجوب الجبيرة على صاحب الجروح و القروح و المكسور و إطلاق حكمهم بجواز التيمم في المقام فراجع العاشر المشهور بين الاصحاب استحباب التيمم للنوم و لو مع التمكن من الماء بل في الحدائق الظاهر انه لا خلاف في استحباب التيمم للنوم و لو مع وجود الماء ( أقول ) و كفى بكونه كذلك دليلا على استحبابه بعد البناء على المسامحة و يدل على ايضا ما رواه الصدوق و الشيخ مرسلا عن الصادق ( ع ) قال من تطهر ثم اوى إلى فراشه بات و فراشه كمسجده فان ذكر انه على وضوء فتيمم من دثاره كائنا ما كان فان فعل ذلك لم يزل في صلوة و ذكر الله و ضعفه بالارسال مجبور بعمل الاصحاب كما ان قصوره عن الوفاء بعموم المدعى من حيث وروده في المحدث بالاصغر و ظهوره في المعتمد ترك الوضوء مجبور بفهمهم مع إمكان ان يدعى مساعدة العرف على التعميم بعد الالتفات إلى ابتناء الحكم على التوسعة و التسهيل بإلغاء مثل هذه الخصوصيات كما يفصح عن ذلك منهم الاصحاب و كيف كان فمفاد هذه الرواية كفتاوى الاصحاب كون التيمم المأتي به لغاية النوم بعينه هو التيمم الذي جعله الله احد الطهورين لامهية اخرى أجنبية عنه مشابهة له في الصورة و لكن الشارع سهل الامر فيه بالتوسعة فيما يتيمم به و فيها يسوغه بالاجتزاء بأدنى عذر مثل الخروج من الفراش و نحوه فكانه أراد به صورة العبادة لكونها نحوا من الانقياد و ان لم يحصل به الطهارة الحقيقية التي يستباح بها الصلوة و نحوها و كيف كان فلا ينافى ذلك ما دل على اختصاص شرعية التيمم بغير المتمكن من الماء و خصوص ما رواه ابن بصير عن الصادق عليه السلام عن ابائه عن أمير المؤمنين عليه السلام لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الا على طهور فان لم يجد الماء فليتمم بالصعيد فان روح المؤمن تروح إلى الله عز و جل فيلقاها فان كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمتة و ان لم يكن اجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من الملائكة فيردها في جسده لكون المرسلة حاكمة على مثل هذه الادلة و كذلك يجوز التيمم لصلوة الجنازة مع وجود الماء المتمكن من استعماله على المشهور بل عن الشيخ في الخلاف دعوى الاجماع على جوازه كذلك و احتج عليه بموثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن رجل مرت به جنازة و هو على وضوء كيف يصنع قال يضرب بيده على الحائط اللبن يتيمم و قيده ابن الجنيد بخوف فوت الصلوة و عن ظاهر المرتضى في الجمل و الشيخ في التهذيب و المبسوط و النهاية و الاقتصار و أبى على و سلار و القاضي و الراوندي و الشهيد في الدروس موافقته و عن المصنف في المعتبر تقويته فانه بعد ان نقل قول الشيخ بالجواز قال و فيما ذكره الشيخ اشكال اما الاجماع فلا نعلمه كما علمه و اما الرواية فضعيفه من وجهين أحدهما ان زرعة و سماعة واقفيان و الثاني ان المسئول في الرواية مجهول فان التمسك باشتراط عدم الماء في جواز التيمم أصل و لان الرواية ليست صريحة في الجواز مع وجود الماء لا كن لو قيل إذا فاجائه الجنازة و خشي فوتها مع الطهارة تيمم لها كان حسنا لان الطهارة لما لم تكن شرطا و كان التيمم احد الطهورين فمع خوف الفوت لا بأس بالتيمم لان حال التيمم اقرب إلى شبه المتطهرين من الخالي منه انتهى أقول بعد البناء على المسامحة فلا اشكال بعد اشتهاره و نقل الاجماع عليه لكونه بنفسه حجة كافية حاكمة على ما دل على اشتراط عدم الماء في شرعية التيمم و اما لو اغمضنا عن قاعدة التسامح فالأَشبه ما ذكره ابن الجنيد من اختصاص شرعية بما إذا خاف فوت الصلوة و اما الرواية فالمتبادر من موردها ليس الا ارادته عند خوف فوت المشايعة و الصلوة عليها بتحصيل الوضوء لا لمجرد كونه هو الغالب في فرض المفاجئة بل لكون المنساق من السوأل ارادته في هذا الفرض و يدل على شرعيتة عند خوف فوات الصلوة مع الطهارة ايضا مضافا إلى كونها من الغايات المستحبة التي يقتضيها عموم البدلية خصوص حسنة الحلبي أو صحيحتة سئل أبو عبد الله ( ع ) عن رجل يدركه الجنازة و هو على وضوء فان ذهب يتوضا فاتته الصلوة عليها قال يتيمم و يصلى و كيف كان فلا ينبغي الاستشكال في استحبابه و لو مع التمكن من استعمال الماء لكن لا يشرع في هذا الفرض ان يقصد بفعله استباحة سائر الغايات المشروطة بالطهور بل يأتى للغاية الخاصة بنية الندب و لا يجوز له الدخول به في ذلك من أنواع الصلوة و غيرها من الغايات المشروطة بالطهور كما هو واضح بعد ما عرفت من ان عمدة مستنده المسامحة بل و كذلك إذا تيمم للنوم مع تمكنه من استعمال الماء و الله العالم قد فرغت من كتابة الركن الثالث من كتاب الطهارة في يوم الاحد رابع جمادى الثانية من سنه 1299 و انا العبد الاثم الجاني محمد رضا الهمداني عفى عنه مصنف هذا الكتاب وفقه الله تعالى بجاه محمد و اله
(516)
نجاسة الميتية
هذا هو الجزء الاخير من كتاب الطهارة من الكتاب المسمى بمصباح الفقية من تأليفات العالم الفاضل الرباني الحاج اقا محمد رضا الهمداني رحمة الله عليه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطاهرين و لعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين ( الركن الرابع ) من كتاب الطهارة في النجاسات و احكامها اما النجاسة فهي لغة القذارة و فى عرف الشارع و المتشرعة قذارة خاصة مجهولة الكنة لدينا اقتضت وجوب هجرها في امور مخصوصة فكل جسم خلى عن من تلك القذارة فهو طاهر نظيف شرعا و هل هم صفة متأصلة مقتضية لايجاب الهجر أو انها منتزعة من حكم الشارع بالهجر في تلك الامور لمصلحة رأها الشارع وجهان بل قولان اشبههما بظواهر الادلة الاول و كيف كان يقع القول في هذا الركن في مقامين ( الاول ) في تشخيص اعيان النجاسات و هي عشرة أنواع على ما في المتن و غيره من جملة من الكتب بل و لعله هو المشهور الاول و الثاني ما يستحق إطلاق اسم البول و الغائط عليه عرفا و لا يصح سلب الاسم عنه حقيقه فمثل الدود و الحب الخارج من المحل صحيحا مستحيل خارج من الموضوع من كل حيوان مما لا يجوز ان يؤكل لحمه ادميا كان ام غيره إذا كان للحيوان نفس سائلة و البحث عن نجاسة فضلات المعصومين المنزهين عن الرجس اسائة الادب و الذى تقتضية القواعد التعبدية التجنب عنها في المأكول و المشروب و الصلوة و نحوها من الامور المشروطة بالطهارة فلعل حكمته الاطراد في الحكم أو غيره من الحكم المقتضية للاجتناب لا الاستقذار فليس علينا البحث عن تحقيق السبب بعد إطلاق الامر بإزالة البول عن الثوب عند إرادة الصلوة و النهى عن شربه و لم يثبت ما يقتضى التقييد بالنسبة إلى احد و ان روى ان ام ايمن شربت بول النبي صلى الله عليه و اله فقال لها النبي صلى الله عليه و آله اذن لا تلج النار بطنك فلذلك قال الشافعي بطهارة بوله على ما قيل لكن الرواية لم تثبت ( و كيف ) كان فلا شبهة و لا خلاف في نجاسة البول و الغايط من كل حيوان ذي نفس سائلة لا يوكل لحمه عدا ما سيأتي التكلم فيه بل عن المعتبر اجمع علماء الاسلام على نجاسته البول و الغايط مما لا يؤكل لحمه سواء كان ذلك من الانسان أو غيره إذا كان ذا نفس سائلة انتهى و المراد بالنفس السائلة على ما نسب إلى أهل اللغة و الاصحاب الدم الذي يجتمع في العروق و يخرج عند قطعها بقوة و دفق لا كدم السمك بل هذا هو المتبادر من توصيف النفس بالسائلة في مقام التحديد لا مطلق الجريان كما قد يتوهم و كيف كان فمراد الاصحاب بالسائلة على الظاهر ليس الا ما عرفت و ان اختلف عبائر بعضهم اذ لا خلاف عندهم على الظاهر في كون السمك و نحوه مما يخرج دمه بالرشح من ذي النفس مع جريان دمه عند الخروج و بعده فمناقشة بعض في تفسير مرادهم بما عرفت نظرا إلى كون السيلان عرفا مساوقا للجريان الذي هو اعم من ذلك في محلها ثم لا يخفى عليك ان نجاسة البول و العذرة من الانسان بل و بعض صنوف الحيوانات كالهرة و الكلب و نحوهما كادت تكون ضرورية كطهارة الماء بل قد اشرنا إلى انعقاد الاجماع على نجاستهما في ما سيأتي الكلام فيه فلا ينبغى إطالة الكلام بذكر الاخبار الخاصة المتظافرة الدالة على نجاستهما من الانسان أؤمن غيره مما لا شبهة فيه و انما الاشكال في تشخيص الحكم في المورد الذي وقع الخلاف فيه و هو في مقامين أحدهما في خرء الماكول من الطير و بوله و قد نسب إلى المشهور القول بنجاستهما و عن بعض دعوى الاجماع و عليه عليها صريحا كما هو ظاهر غيره ممن ادعى الاجماع على نجاستهما من مأكول اللحم مطلقا لكن تصريح بعضهم بعد ان ادعى الاجماع على الاطلاق بوقوع الخلاف في الطير ربما يشهد بإرادته من معقد إجماعه ما عداه و كيف كان فقد حكى عن الصدوق و العماني و الجعفى القول بطهارتهما و عن الشيخ في المبسوط موافقتهم الا انه استثنى منه الخشاف و عن العلامة في المنتهى و شارح الدورس و كاشف الاسرار و الفخرية و شرحها و شرح الفقية للمجلسي
(517)
و حديقته و المفاتيح كما في كشف اللثام و المدارك و الحدائق و المستند متابعتهم لكن في المدارك بعد جزمه بطهارة الخرء تردد في البول نوع تردد الا انه قوى طهارته ايضا و حكى عن البحار و الذخيرة القول بطهارة الذرق مع التردد في البول حجة القول بالطهارة مطلقا بعد الاصل و عموم كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر خصوص موثقة ابى بصير بل مصححته عن ابى عبد الله عليه السلام قال كل شيء يطير فلا باس بخرئه و بوله و استدل له ايضا في المدارك بصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى ( ع ) انه سئل عن الرجل يرى في ثوبه خرء الطائر و غيره هل يحكه و هو في صلوته قال لا بأس فان ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يفيد العموم و فيه ان الجواب مسوق لنفي الباس عن الحك الذي استفهم السائل عنه في الصلوة و احتمل كونه منافيا للصلوة لا عن خرء الطائر و غيره الذي جرى ذكرهما في السوأل من باب المثال فلو كان ترك الاستفصال مقتضيا للعموم في الخرء لكان في غيره ايضا كذلك و هو كما ترى و أجاب العلامة في محكي المختلف عن موثقة ابى بصير بانها مخصوصة بالخشاف إجماعا فيختص بما شاركه في العلة و هو عدم كونه مأكولا انتهى فكانه أراد بهذا الجواب إبطال استدلال الشيخ با لرواية لمذهبه فمراده بالاجماع موافقة الخصم لا الاجماع المصطلح حتى يورد عليه بمناقضته لما حكاه في صدر المسألة عن ابن بابويه و ابن ابى عقيل من القول بالطهارة مطلقا و اما ما فرعه عليه من إلحاق ما شاركه في العلة فهو بظاهره قياس محض في مقابل النص حتى انه اعترضه واحد بذلك لكنه على الظاهر أراد بذلك تحكيم ما دل على نجاسة البول و العذرة من المأكول مطلقا على هذه الرواية في مورد الاجتماع بجعل الخشاف شاهدا عليه حيث يختل به عموم الرواية و يتقوى به ادلة المشهور و كيف كان فستعرف ما في هذه المحاكمة و استدل للمشهور بالاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحققة و حسنة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله ( ع ) اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه و فى رواية اخرى عنه اغسل ثوبك من بول ما لا يؤكل لحمه و المناقشة فيهما بان وجوب الغسل لازم اعم لامكان كونه واجبا تعبديا أو لازالة اجزاء المأكول مما لا ينبغي الالتفات إليها بعد معهودية نجاسة البول في الجملة من الصدر الاول و كون المقصود بالحكم في الاخبار المتظافر الواردة في مطلق البول بيان حكمه من حيث النجاسة كما يشهد بذلك مضافا إلى التدبر في الاخبار فهم الاصحاب النجاسة من الامر بالغسل في مثل هذه الموارد بل المتبادر عرفا من الامر بغسل الثوب من البول ليس الا إرادة تنظيفه منه فيفهم من ذلك ان البول لدى الشارع من القذارات التي يجب ازالتها و هذا معنى النجاسة و استدل لهم ايضا بمفهوم الوصف الوارد في مقام بيان الضابط في موثقة عمار عن ابى عبد الله عليه السلام قال كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه و حسنة زرارة انهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شيء يوكل لحمه و المروي عن قرب الاسناد عن ابى البخترى عن جعفر عن ابيه عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه و آله قال لا بأس ببول ما أكل لحمه و فيه انها مسوقة لبيان ضابط الطهارة فلا يستفاد منها الانتفاء على الاطلاق نعم قد يستشعر منها ذلك استشعارا ضعيفا لا يعتد به كاستشعار النجاسة في الطير من قوله ( ع ) الذي يطير فلا بأس بخرئه و بوله نعم لا بأس بعد مثل هذه الامور مؤيدات للمشهور كما انه يؤيدهم ايضا معروفية الملازمة بين حلية الاكل و طهارة البول عند الرواة كما يفصح عن ذلك خبر زرارة عن أحدهما في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهه فقلت أ ليس لحومها حلالا فقال بلى و لكن ليس مما جعله الله للاكل فيظن بمثل هذه المؤيدات ثبوت الملازمة بين الحرمة و النجاسة ايضا و ان كان قد يوهن بمثل هذه الرواية اشعار الروايات السابقة ايضا حيث ظهر منها اناطة نفى البأس بكون الحيوان معدا للاكل فيكون المراد بالبأس الثابت بالمفهوم ما يعم الكراهة كما يؤيد هذا المعنى رواية عبد الرحمن عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل يمسه بعض أبوال البهايم أ يغسله ام لا قال يغسل بول الفرس و الحمار و البغل فاما الشاة و كل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله و كيف كان فغاية ما يمكن استفادته من الاخبار المتقدمة نجاسة بول المأكول و اما نجاسة خرئه مطلقا فربما يستدل لها بالاجماع المركب و بالاخبار الدالة على نجاسته العذرة مطلقا مثل مرسلة موسى بن اكيل عن بعض اصحابه عن ابى جعفر عليه السلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت فقال يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به و كذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم تكن جلاله و رواية الحلبي عن ابى عبد الله ( ع ) في الرجل يطاء في العذرة و البول أ يعيد الوضوء قال لا و لكن يغسل ما اصابه فان ترك الاستفصال في مثل هذه الروايات يفيد العموم و العذرة على ما يظهر من واحد من اللغويين مرادفة للخرء فيتم الاستدلال و لا إعتداد بما يظهر من بعضهم من اختصاصها بفضلة الانسان و فيه بعد تسليم كونها حقيقة في الاعم فلا ينبغي التأمل في انصرافها في مثل هذه الاخبار إلى عذرة الانسان خصوصا بملاحظة استلزام التعميم ارتكاب التخصيص بإخراج ماكول أللهم و لا أقل من انصرافها عن رجيع الطير كفضلات ما لا نفس له فعمدة المستند للتعميم هو الاجماع و عدم القول بالفصل المعتضد ببعض المؤيدات المورثة للوثوق بعدم الفرق بينها و بين البول من كل حيوان من حيث النجاسة و الطهارة و ما سمعته من بعض المتأخرين من الترديد فيه لا يوجب الوسوسة في الحكم بعد احتفاف نقل الاجماع بامارات الصدق فالشأن انما هو في إثبات نجاسة بول الطير فان عمدة مستندها حسنة ابن سنان المتقدمة و اما نقل الاجماع فلا إعتداد به بعد تحقق الخلاف قديما و حديثا و تصريح واحد من ناقليه بذلك