عبد الله ( ع ) العقرب تخرج من البئر ميتة قال استق منها عشر دلاء قال قلت فغيرها من الجيف قال الجيف كلها سواء الا جيفة قد أجيفت فان كانت جيفة قد أجيفت فاستق مأة دلو فان غلب عليها الريح بعد مأة دلو فانزحها كلها و كذا ينزح الثلث لموت الفأرة إذا لم تتفسخ أو تتنفخ لصحيحة معوية ابن عمار قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الفأرة و الوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلث دلاء و قيدوها بغير المتفسخة جمعا بينها و بين الاخبار السابقة و حكى القول بوجوب السبع لها عن بعض لبعض الاطلاقات المتقدمة و عن ابن بابويه دلو واحد و بنزح دلو واحد لموت العصفور و شبهه القول الصادق ( ع ) في رواية عمار المتقدمة و أقله العصفور ينزح منها دلو واحد و يستفاد حكم ما هو شبه العصفور بالتقريب المتقدم و بول الصبي الذي لم يغتذ بالطعام كما عن الشيخين و ابن البراج و استدل عليه في محكي التهذيب برواية على بن ابى حمزة عن ابى عبد الله ( ع ) قال سئلته عن بول الصبي الفطيم يقع في البئر قال دلو واحد و الاستدلال بها مبنى على حملها على المشرف على الفطام لعدم العامل بها في ذلك و عن المهذب البارع ان الرضيع هو المعبر عنه في الروايات بالفطيم و ربما وجه الاستدلال بدلالة الرواية على المدعى بالاولوية و نوقش بعدم جواز الاخذ بالمفهوم بعد كون المنطوق معمول به عند الاصحاب و عن ابى الصلاح و ابن زهرة وجوب الثلث و لم يظهر مستندهما و في رواية منصور بن حازم المتقدمة إطلاق نزح السبع البول الصبي كما انه ورد الامر بنزح الجميع ] مط [ لبول الصبي في رواية معاوية بن عمار و الله العالم و في رواية كردويه عن ابى الحسن ( ع ) في بئر يدخلها ماء المطر و فيه البول و العذرة و أبوال الدواب و أرواثها و خرء الكلاب قال ينزح منها ثلثون دلوا و قد اشتهر الرواية بين الاصحاب و افتوا بمضمونها بحيث عبروا في فتاويهم بالفاظ الرواية فلا يلتفت إلى ضعف كردويه لجهالته خصوصا على المختار من استحباب النزح و الله العالم ( و اعلم ) ان مقتضى إطلاقات الاخبار ان الدلو التي ينزح بها ليس لها حد مضبوط بل المدار فيها على ما جرت العادة باستعمالها في الابار اعنى الدلاء المتعارفة التي يبيعونها في الاسواق للاستقاء و لم تكن من المصاديق التي يندر استعمالها صغرا أو كبرا و دعوى انصراف إطلاقات الاخبار إلى ما كانت متعارفة في عصر الائمة و بلدهم عليهم السلام مسموعة لو لا قضأ العادة بكثرة الاختلاف بين الدلاء المتعارفة في كل عصر و كون مثل هذه الدلاء المتعارفة في هذه الاعصار متعارفة في الاعصار السابقة ايضا و كون أهالي الاعصار السابقة نوعا اشد قوة و أعظم جثة لا يقتضى عدم كون مثل هذه الدلاء التي يقتضى بها عامة حوائجهم متعارفة لديهم بل الاعتبار يقتضى تعارفها فيفهم من الاطلاق و ترك التعرض لبيان مقدار الدلو في شيء من الاخبار مع شدة اختلاف الدلاء ان المدار على العدد المعين لا على مقدار الماء الذي ينزح من البئر نعم قد يتوهم انسباق الدلو المتعارفة المعتادة في كل بئر بالنسبة إلى خصوص هذه البئر من الاطلاقات ( و ) يدفعه ان الانصراف في مثله بدوي منشأه انس الذهن و الا فبعد الالتفات إلى ان الدلو ربما تتبدل أو تنخرق أو تنعدم لا يبقى في الذهن خصوصية للدلو التي جرت العادة باستعمالها في خصوص البئر التي ينزح منها و لذا لا يتوهم احد حال اشتغاله بنزح المقدر عدم كفاية إتمام المقدار بدلو اخرى لو تلفت دلوه في الا ثناء ا ترى هل يتوقف احد بعد ان سمع من الامام ( ع ) انه ينزح سبع دلاء لموت الفأرة في حكم البئر التي حفرها فوجد فيها فارة قبل ان يستعملها أو انه ينزج منها سبع دلاء باى دلو تحصل مده نعم الاحوط في زماننا هذا اختيار ما كان من الدلاء المتعارفة أكبرها و لعله لا يخلو عن قوة اذ لا وثوق بكون الصغار المتعارفة في هذه الازمنة متعارفة في عصرهم و الله العالم ( فروع ) ثلثة الاول حكم صغير الحيوان في النزح حكم كبيره بعد صدق الاسم الذي تعلق به الحكم في عناوين الادلة و انسباق كبيره إلى الذهن عند الاطلاق ليس على وجه يعتد به في صرف الادلة عن اطلاقها الثاني إذا وقعت في البئر أسباب متعددة للنزح فهل يوجب تعددها تضاعف النزح مطلقا ام لا ] مط [ فيتداخل الكل في فرض اتحاد مزيلها و يدخل الاقل تحت الاكثر في فرض الاختلاف أو يفصل بين اختلاف اجناس النجاسة و تماثلها فيقال بان التعدد في الاول موجب التضاعف النزح وجوه بل أقوال اقويها على ما يقتضيه الجمود على ظواهر الادلة التعبدية هو الاول لان مقتضى دليل كل نوع سببية وقوعه لانفعال البئر و إيجاب نزح المقدر أو استحبابه و تقييد سببية بما إذا لم يكن مسبوقا أو مقارنا لسبب آخر تصرف في ظواهر الادلة التعبدية من دون دليل و دعوى انصراف ادلة كل نوع في حد ذاتها إلى ما لو حدث انفعال البئر بذلك النوع دون ما لو وقع في البئر بعد انفعالها بسبب آخر مع اخصيتها من المدعى اذ الاسباب المتعددة قد توجد دفعة يدفعها ان مقتضاها عدم ثبوت الحكم المقدر لهذا النوع لو سبقه نجاسة اخرى مقدرها اقل من مقدره مع انه لا يقول به احد أللهم الا ان يدعى ان مغروسية أحكام النجاسات الخبيثة و اتحاد اثارها في الجملة و تداخل اخفها في اشدها تصرف هذه الاطلاقات إلى ما لا ينافيها و فيها تأمل ( و الحاصل ) ان مقتضى إطلاق دليل كل نوع عموم تأثيره في جميع مصاديقه و توقف زوال اثره على نزح مقدره المنصوص نعم مقتضى الاصول العملية عند الشك في تأثير السبب الثاني في إيجاب النزح عدمه الا ان إطلاقات الادلة حاكمة على الاصول و بعد إحراز التأثير بالاطلاقات فالأَصل ايضا يقتضى بقاء ذلك الاثر إلى ان يحصل القطع بالمزيل مثلا لو قال المولى لعبده ان جائك زيد فاعطه درهما و ان صلى ركعتين فاعطه درهما فاتفق حصول السببين في الخارج فمقتضى إطلاق القضيتين وجوب إعطاء درهمين اذ لو لم يجب الا درهم واحد للزم ان لا يكون كل منهما سببا مستقلا بان يكون مجموعهما سببا واحدا على تقدير وجودهما دفعة أو يكون الاول سببا لا على تقدير ترتبهما في الوجود و هو
(43)
خلاف ظاهر القضيه الشرطية لان ظاهرها كون الشرط سببا مستقلا للجزاء فلا يعقل تواردهما على معلول واحد شخصي و ما يقال من ان العلل الشرعية معرفات فلا يمتنع تواردها على معلول واحد مما لا ( محصل ) له و لا يقاس المقام بما لو اختلفت الجزاءات مهية و تصادقت على فرد حيث نلتزم بكفاية إيجاد الفرد الجامع للعناوين في إمتثال الجميع كما لو قال ان جآءك زيد فاكرم فقيرا و ان جآءك عمرو فاكرم هاشيما فانه يجوز له في الفرض الاقتصار في إمتثال كلا الامرين على اكرام فقير هاشمى لان اختلاف الطبيعتين ذاتا كاف في إمكان كون كل منهما معروضا للوجوب في حد ذاته و إطلاق الطلب في كل منهما يقتضى جواز إمتثاله في ضمن اى فرد من افراد كل من الطبيعتين فلا مانع من إيجاد كلتا الطبيعتين بوجود واحد في ضمن الفرد الجامع بقصد إمتثال الجميع و اما بعد فرض اتحاد مهية الجزاء كما فيما نحن فيه فيمتنع تعلق حكمين متضادين أو متماثلين بها الا بلحاظ وجوداتها المتكثرة و سيجيء للمقام مزيد توضيح و تحقيق في مبحث الوضوء عند تعرض المصنف ] ره [ لتداخل الاغسال و كذا لا يقاس بما لو قال القائل ان زنى زيد فاقتلوه و ان سرق فاقتلوه و ان ارتد فاقتلوه في ان توارد الاسباب لا يوجب الا تأكد الوجوب لا تعدد الواجب لان عدم تأثير كل من الاسباب في إيجاب مستقل في المثال منشأه عدم قابلية المحل للتاثر لا قصور السبب عن التأثير و من المعلوم ان قابلية المحل من شرايط التأثير عقلا فالكلام في مسألة التداخل انما هو فيما إذا أمكن التأثير نعم نظيره فيما نحن فيه ما إذا توارد أسباب متعددة لنزح الجميع و هذا خارج عن موضوع المبحوث عنه و انما الكلام فيما إذا أمكن تضاعف النزح بتعدد أسبابه و حيث ان المفروض إمكان تضاعف النزح و تمامية السبب في إيجابه بمقتضى ظواهر الادلة فيجب ان يتعدد بتعدده الاثر و يتضاعف النزح فعلى الخصم اما اقامة الدليل على ان الاثر الحاصل من هذه الاسباب المختلفة المقتضية لايجاب النزح اعنى انفعال البئر بهذه الامور امر وحداني بسيط قابل للتعدد و الاشتداد كالحدث الاصغر الحاصل من أسباب مختلفة و كنجاسة الثوب الحاصلة من ملاقاة البول أو غيره فلا يكون تعدد الاسباب الا مؤكدا لوجوب نزح المقدار المعين المزيل لهذا الاثر الخاص بحكم العقل و اما إثبات ان نزح الاربعين مثلا رافع لمطلق الاثر الحاصل في البئر مما لا يزداد نزحه على الاربعين واحدا كان الاثر ام متعددا لا سبيل له إلى الاول خصوصا بعد ملاحظة اختلاف المقدرات الكاشف عن مغائرة مقتضياتها ( و اما الثاني ) فقد يستدل له بإطلاق الامر بالجزاء لانه إذا قال الشارع إذا اغتسل الجنب في البئر فانزح سبع دلاء و إذا مات الفأرة فيها فانزح سبع دلاء فمقتضاه كفاية نزح السبع مطلقا لكل من السببين و الا للزم تقييد إطلاق السبع بما عدا السبع التي نزحتا و لا من دون دليل ( و فيه ) ان كونه تقييدا في الجملة مسلم و لكن الدليل عليه هو إطلاق الشرط بضميمة حكم العقل باستحالة تعلق وجوب آخر بتلك الطبيعة الا بلحاظ تحققها في ضمن فرد آخر فمعني التشبث بإطلاق الجزاء رفع اليد عن إطلاق الشرط و تقييد سببيته بما إذا لم يسبقه سبب اخر فاين يبقى ] ح [ جزاء حتى يتشبث بإطلاقه و تمام التحقيق في مسألة التداخل نعم للخصم ان ينكر إطلاقات الادلة بان يقول عمدة المستند في الباب هى الاجماعات المحكية أو المحققة و من المعلوم انها في محل الكلام مجدية ( و اما ) الاخبار فاغلبها وردت جوابا عن الاسئولة التي ظاهرها الاستفهام عن حكم البئر التي تجددت نجاستها بما وقع فيها و ما عداها من الاخبار المطلقة فاغلبها معمول بها بظاهرها فلا يبقى فيها ما يمكن الاستدلال بإطلاقها الا اقل قليل و قد اشرنا فيما سبق إلى ان دعوى الانصراف فيها ايضا بعيدة الا انه لابد من التأمل التام في كل واحد واحد من اخبار الباب و حيث انا قوينا طهارة البئر و استحباب النزح فلا يهمنا مثل هذه التدقيقات بعد البناء على المسامحة و وضوح رجحان الاحتياط فتلخص لك ان الاوفق بالقواعد مع وجود دليل لفظى صالح لان يتملك بإطلاقه انما هو تضاعف النزح و لكن مع ذلك ايضا في تضعيفه مع التماثل بان يقع في البئر افراد متعددة من نوع واحد من النجاسات و لو تدريجا بحيث يعد في العرف كل وقعة مصداقا مستقلا للطبيعة تردد لامكان دعوى القطع بانه لا يفهم عرفا من إطلاقات الاخبار و لو لاجل الامور المغروسة في اذهانهم الا كونها مسوقة لبيان كيفية تطهير البئر إذا انفعلت بملاقاة النجاسة الموجودة فيها من دون ان يكون لكيفية حدوثها في البئر كوقوعها دفعة أو دفعات مدخلية في الحكم فمعني قوله إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء على ما يساعد عليه الفهم العرفي ان البئر المنفعلة بهذه النجاسة مطهرها عشر دلاء و هذا المعنى و ان كان مقتضاه تخصيص التأثير بالفرد الاول و إلغاء الشرطية بالنسبة إلى ما عداه من الافراد الا انه لا ضير فيه بعد مساعدة العرف عليه بل لنا ان نقول ان المتبادر من قوله إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء او اذا اغتسل الجنب فانزح سبع دلاء انما هو سببية طبيعة الشرط اعنى ملاقاة العذرة أو اغتسال الجنب من حيث هى بلحاظ تحققها في الخارج لثبوت الجزاء من دون ان يكون لخصوصياتها الشخصية مدخلية في ثبوت الحكم و معلوم ان الطبيعة من حيث هى لا تقبل التكرر و انما المتكرر افرادها التي لا مدخلية لخصوصياتها في الحكم و قضية كون السبب هى الطبيعة عند تحققها في ضمن افراد متدرجة انما هى حصول المسبب بتحققها في ضمن الفرد الاول و كون سائر الافراد أسبابا شأنية فيكون تحققها في ضمن الفرد الثاني بمنزلة بقائها في ضمن الفرد الاول بعد حصول المسمى فكما عدم تأثيرها ثانيا في الفرض الثاني ليس منافيا لظاهر الدليل كذلك في الفرض الاول و اتصاف ملاقاة العذرة مثلا التي هى السبب بالوحدة عند استدامتها إلى الزمان الثاني و بالتعدد عند تجددها في ضمن الفرد الثاني انما يصلح فارقا إذا كان الحكم
(44)
معلقا على الافراد دون الطبيعة ضرورة ان المؤثر في الفرض الثاني انما هو حصول المسمى سواء تفرد الفرد بالفردية ام لا فعند تحقق مسمى الطبيعة يتنجز التكليف بالجزاء و يكون بقاء الطبيعة في ضمن الفرد الاول كحدوثها في ضمن الفرد الثاني مما لا مدخليه له في التأثير نعم هى سبب شأني فائدتها منع النزح عن التأثير في التطهير ما دام وجودها فظهر لك ان عدم التضاعف هو الاقوى و ان كان أحوطه التضعيف و لو حصل من تعاقب الافراد عنوان مقدره أكثر من مقدر العنوان الذي حصل أولا كما إذا وقع في البئر دمان قليلان متعاقبان بحيث صدق على المجموع الدم الكثير يجب نزح مقدر الكثير بلا اشكال على القول بعدم التضاعف لاطلاق ما دل على سببية الدم الكثير لنزح خمسين و دعوى انصراف دليله إلى ما لو وقع المجموع دفعة مسموعة بعد ما اشرنا اليه مرارا من ان المدار على ما يتفاهم عرفا من هذه الادلة انما هو على وجود كل من هذه النجاسات في البئر و ملاقاة مائها لها من دون ان يكون لكيفية حدوثها مدخلية في الحكم و لذا لم تفرق بين ما لو مات حيوان في البئر أو وقع فيها ميتا و اما لو قلنا بالتضاعف ففى وجوب أكثر الامرين أو الجمع بين مقدر الجميع و المجموع من حيث المجموع أو ضم مقدر ما عدا الجزء الاخير الموجب لحدوث العنوان الطاري وجوه لا يخلو ا خيرها عن قوة و لكنه صرح شيخنا المرتضى ] ره [ بان الاقوى هو الاول و لم يتعرض للوجه الاخير أصلا قال في توضيح ما قواه ان الوقوعين بملاحظة مجموعهما سبب واحد للخمسين و بملاحظة كل منهما منفردا سببان للعشرة يوجبان عشرين و لا يحكم هنا بالسبعين يتوهم اقتضاء المجموع خمسين و كل منهما عشرة لان مغايرة المجموع لكل واحد مغايرة اعتبارية فلا تعدد في الخارج فالمؤثر الوقوعان بأحد الاعتبارين فالموجود في الخارج على سبيل البدل اما أسباب متعددة للعشرة و اما سبب واحد للخمسين فلا وجه لالغاء تأثير مصداق السبب الموجب للاكثر و اما الموجب للاقل فلا ينتفى تأثيره لكنه يتداخل في الاكثر لما ذكرنا من عدم الجمع بين مقتضاهما ليحكم بالسبعين و الحاصل انه بعد البناء على تداخل مقتضى المصداقين لوجودهما على سبيل البدل بأحد الاعتبارين فلا معنى لتداخل الاكثر في الاقل الا إسقاط الزائد مع وجود سببه و هو طرح لاطلاق دليله من تقييد بخلاف تداخل الاقل في الاكثر فانه لا يوجب الغائه فلو فرضنا ان التعدد يقتضى ازيد من خمسين كما إذا وقع القليل سبع مرات فصار بالثامن كثيرا فانه و ان صدق على المجموع وقوع الدم الكثير الا انه يصدق ايضا وقع فيه الدم سبع مرات بل ثمانية دماء قليلة فلا معنى لالغاء ما يوجبه كل مرة و ليس في ذلك الغاء لمقتضى مصداق الدم الكثير انتهى كلامه رفع مقامه ( أقول ) ما ذكره انما يتم بالنسبة إلى الجزء الاخير الذي هو سبب لحدوث عنوان الكثير فهذا الجزء من حيث ذاته مقتض لايجاب عشرة و من حيث انه سبب لحدوث عنوان الكثير سبب لايجاب خمسين و تأثيره في إيجاب خمسين ينافى استقلاله في إيجاب العشرة لان الاول موقوف على عده جزء مما وقع و الثاني على كونه فردا بانفرادة و الحاصل انه لا يجوز ان يكون هذا الجزء سببا لايجاب ستين عشرة لذاته و خمسين للعنوان الطاري لما عرفت من تنافي الاعتبارين و اما ما عدا هذا الجزء فقد وجد مؤثرا في إيجاب العشرة فلا ينقلب عما وجد عليه مثلا إذا كان ما وقع أولا موجبا للعشرة ثم ضم اليه ما يوجب كثرته فهذا الجزء الثاني المؤثر في طرو عنوان الكثير سبب لايجاب خمسين فوجب ان يكون الخمسون العشرة التي وجب بالسبب السابق و الا للزم تقديم المسبب على سببه و ليس بقاء اثر السبب الاول دائرا مدار بقاء ( عينه حتى يق ) بعد صيرورته كثيرا انه لابد و ان يكون تأثيره بأحد الاعتبارين فوقوعه في البئر سبب تام لا يجاب العشرة من دون ان يكون لبقائه مدخلية في ذلك نعم لبقائه دخل في حدوث العنوان الموجب للخمسين بالسبب الثاني و بعد حدوث هذا العنوان يتبدل الموضوع الاول فكانه وقع في البئر دم قليل و اخرج عينه ثم وقع فيه دم كثير فيجب الجمع بين مقتضاهما على القول بالتضاعف و لكنك عرفت ان الاقوى في المتماثلين خلافه و اولى بعدم التضاعف ما لو وقع نجس واحد شخصي مكررا فانه لا ينبغى التردد في حكمه لا بمجرد دعوى القطع بان النجاسة الواحدة لا يتعدد اثرها حتى يقبل المنع بل لما عرفت من عدم مساعدة العرف على استفادة التضاعف مثل الفرض من إطلاقات الادلة و المناقشة في عمومها الا حوالى خصوصا بالنسبة إلى أحوال نفس الفرد و بحكمه ما لو وقع أبعاض حيوان له مقدر منصوص دفعة أو تدريجا لان كل جزء على تقدير انضمامه لسائر الاجزاء في كل وقعة لم يكن مؤثرا في تضاعف النزح لكونه ] ح [ من قبيل ما لو تكرر الواحد الشخصي فمع عدم الانضمام أولى بعدم التأثير و لذا لم يتردد المصنف ] ره [ في حكم هذا الفرض و استثناه من مطلق المتماثلين بقوله الا ان يكون بعضا من جملة لها مقدر فلا يزيد حكم أبعاضها عن جملتها و قد عرفت انه لو وقعت جملتها مكررة لا ينبغى التردد في عدم التضاعف و لكن يمكن المناقشة فيه بان غاية ما يمكن استفادته من الادلة بالدلالة التبعية انما هو عدم زيادة حكم جزء الحيوان عن جملته و هذا لا يقتضى إلحاق أبعاضه مع تخالفها نوعا و عدم صدق اسم ذلك الحيوان عليها بالمتماثلين فضلا عن جعلها بمنزلة تكرر شخص الحيوان فإلحاقها بالمتخالفين اشبه و يدفعها ان تخالف الابعاض نوعا لا يقتضى إلحاقها بالمتخالفين بعد اشتراكها في الجهة الموجبة للتنجيس لان نجاسة اجزاء الكلب مثلا انما هى باعتبار كونها بعضا من الكلب و هذه الجهة مشتركة بين الكل فنجاستها متماثلة نعم في كون وقوع الابعاض مترتبة بمنزلة تكرر شخص الحيوان تأمل
(45)
حكم مآء البئر المتغير بالنجاسة
حكم مالا نص فيه على مقدار النزح
و لكنه لا تأمل في عدم التضاعف ( و ) قلنا به في المتماثلين ايضا اذ ليس لنا في خصوص الاجزاء دليل لفظى حتى يمكن التمسك بإطلاقه لاثبات التضاعف و قد عرفت فيما سبق ان مقتضى الاصول العملية عدمه و في المقام فروع كثيرة ليس في التعرض لها كثيرة فائدة على المختار و الله العالم ( الفرع الثالث ) إذا لم يقدر فيما بأيدينا من الادلة الشرعية للنجاسة منزوح نزح جميع مائها على الاشهر الاظهر استصحابا لنجاسة البئر أو قذراتها المعنوية التي نلتزم بتحققها على القول بالطهارة و لا يعارضه اصالة البرائة عن التكليف بنزح الجميع لحكومة الاستصحاب عليها نعم لو قيل بان النزح واجب نفسى مستقل من دون ان يتوقف عليه جواز الاستعمال ( أو قيل ) بانه مستحب كذلك لا تجه القول بعدم لزوم الزائد عن القدر المتيقن لان الاصل برائة الذمة عن المشكوك هذا و لكن لمانع ان يمنع انفعال البئر بالنجاسات الغير المنصوصة كما احتمله في المعتبر بل حكى قولا في المسألة بدعوى دلالة اخبار الطهارة على طهارتها مطلقا على انه يجب تخصيصها بما ورد فيه نص بالخصوص و حيث ان المختار عدم نجاسة البئر و استحباب النزح بالمعني الذي عرفته فيما سبق فلا يهمنا الاطالة في تضعيف هذا الاحتمال أو تحقيقه ضرورة إمكان إثبات استحباب النزح في الجملة في المنصوص بعد ذهاب المشهور اليه و لو لاجل المسامحة في ادلة السنن كما انه لا يهمنا الفحص عما يصلح ان يكون مستند القولين اخرين محكيين في المسألة و هو نزح أربعين و نزح ثلثين و قد صرح شيخنا المرتضى ] ره [ بانه لم يعلم المستند لهما ثم لو قلنا بنزح الجميع كما هو الاظهر فان تعذر نزحها لم يطهر بمقتضى الاستصحاب الا بالتراوح فيطهر به بلا خلاف فيه ظاهر أو لعله لفهم التعدي من حديث التراوح و فيه مناقشة لو لا المسامحة و الله العالم ( و ) إذا تغير احد أوصاف مائها بالنجاسة الواقعة فيها ينجس إجماعا و يطهر على المختار بزوال تغيره بشرط امتزاجه بماء عاصم حسب ما مر تفصيل القول فيه في الجارى المتغير و اما على القول بالنجاسة ففيه احتمالات بل أقوال قيل ينزح حتى يزول التغير فيطهر عملا بظاهر ما دل على كفاية زوال التغير في طهارته مثل رواية ابى بصير قال سئلت ابا عبد الله عليه السلام عما يقع في الابار فقال اما الفأرة و أشباهها فينزح منها سبع دلاء الا ان يتغير الماء فينزح حتى يطيب و موثقة سماعة عن ابى عبد الله ( ع ) عن الفأرة تقع في البئر أو الطير قال ان أدركته قبل ان ينتن نزحت منها سبع دلاء و ان كان سنورا أو اكبر منها نزحت منها ثلثين دلوا أو أربعين و ان انتن حتى يوجد النتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء و صحيح الشحام عن ابى عبد الله ( ع ) في الفأرة و السنور و الدجاجة و الكلب و الطير قال إذا لم تتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء و ان تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح و في خبر زرارة فان غلب الريح نزحت حتى يطيب و المناقشة في هذه الاخبار بعدم كونها مسوقة الا لبيان عدم كفاية المقدرات المنصوصة كخمس دلاء أو سبع دلاء عند التغير لا لبيان كفاية زوال التغير في الطهارة حتى يتمسك بإطلاقها ( مدفوعة ) بشهادة العرف على انه كما يفهم من هذه الروايات ان نزح خمس دلاء و سبع دلاء أو غيره موجب الطهارة البئر ما لم تتغير كذلك يفهم منها ان ازالة التغير بالنزح ايضا موجب لطهارتها ( فدعوى ) الاهمال فيها مسموعة نعم لا يحسن الاستدلال لهذا القول بصحيحة ابن بزيع المتقدمة في ادلة القول بالطهارة فانها و ان كانت واضحة الدلالة على المدعى الا ان القول بالانفعال مبنى على طرح هذه الصحيحة أو تأويلها بحمل الافساد على معنى اخر النجاسة ككونها مما لا ينتفع بمائها أصلا الا بعد استهلاكه بماء طاهر كأعيان النجاسات و غير ذلك من التوجيهات و من المعلوم انه بناء على عدم إرادة النجاسة من الافساد لا تدل الرواية الا على ترتب زوال الفساد بالمعني الذي أريد منها على زوال التغير لا الطهارة و هل يكفى على هذا القول ازالة التغير ] مط [ أو بشرط ان لا يزول قبل استيفاء المقدر فالمدار على أكثر الامرين من نزح المقدر و مزيل التغير وجهان بل قولان من إطلاق الاخبار فيخصص بها مطلق الاخبار الواردة في أنواع النجاسات و من إمكان دعوى انصرافها إلى ما يزول تغيره قبل استيفاء المقدر كما هو الغالب في مواردها بل ربما يستشعر من سياقها ان الحكم في صورة التغير اشد و ان المراد منها بيان عدم كفاية المقدرات المنصوصة عند التغير و اعتبار امر زائد عليها و الله العالم ( ثم ) على القول بوجوب أكثر الامرين فلو لم يكن للنجاسة المغيرة مقدر منصوص فهل يكفى فيه زوال التغير لاطلاق ما دل على كفايته ام يجب نزح الجميع وجهان بل قولان اقويهما الثاني لاحتمال ان يكون مقدرها في الواقع نزح الجميع و مع قيام هذا الاحتمال لا مجال للتمسك بالاطلاق بعد البناء على انصراف المطلق إلى مثل الفرض كما عليه ابتناء هذا القول و قيل يجب ازالة التغير أولا ثم نزح المقدر ان كان له مقدر و الا فنزح الجميع ( و فيه ) ما عرفت من دلالة الاخبار السابقة على الطهارة بعد زوال التغير نعم لو قيل بذلك فيما لو ازيل تغيرة قبل استيفاء المقدر بناء على التفصيل السابق فيما إذا كان التغيير مستندا إلى بقاء عين النجاسة كلون الدم لا كرائحة الجيفة لكان و جبها كمالا يخفى وجهه ( و قيل ) ينزح جميع مائها و استدل بالاخبار المستفيضة الا مرة بنزح الجميع عند التغير ففى رواية معاوية بن عمار لا تعاد الصلوة و لا يغسل الثوب مما يقع في البئر الا ان ينتن فان انتن غسل الثوب و أعاد الصلوة و نزحت البئر ( و في ) رواية ابى خديجة عن ابى عبد الله ( ع ) في الفأرة تقع في البئر و إذا انتفخت فيه أو نتنت نزح الماء كله ( و ) في خبر منهال فان كانت جيفة قد أجيفت فاستق منها ماة دلو فان غلب الريح عليها بعد ما دلو فانزحها كلها ( و فيه ) ان مقتضى الجمع بينها و بين الاخبار السابقة حملها علما إذا لم يزل التغير الا بنزح الجميع كما لعله الغالب فيما إذا كان التغير برائحة الجيفة كما هى مورد الروايات و رواية المنهال ايضا تشهد بهذا الجمع و كيف كان فان تعذر نزح الجميع لغزارته فعلى القول به
(46)
استحباب التباعد بين البئر والبالوعة
تراوح عليه أربعة رجال كما عن الشيخ و الاسكافى و الصدوقين و ابن حمزة لرواية عمار الواردة في التراوح عند غلبة الماء و تعذر نزح الجميع و قد حملها الشيخ على ما إذا تغير الماء و قيل انه يكتفى ] ح [ بزوال التغير و لعل وجهه حمل اخبار زوال التغير على ما إذا تعذر نزح الجميع و الاول اى القول بنزح الجميع مع الامكان و مع عدمه فالتراوح هو الاولى بمراعاة الاحتياط من سائر الاقوال و الاحتمالات المتقدمة و الله العالم ( فرع ) على القول بنجاسة ماء البئر بالملاقاة و كفاية ازالة التغير بالنزح في طهارته فلو زال التغير من قبل نفسه أو بعلاج لا يطهر للاصل ] وح [ فهل يجب نزح المقدر و نزح الجميع أو نزح ما يزول به التغير التقديري وجوه قد يقال بالاول لعموم ادلة المقدرات المتقصر في تخصيصها على المتغير ما دام متغيرا ( و فيه ) ان العموم مخصص بهذا الفرد فلا يصح التمسك لحكمه بعموم الحكم و ليس زوال التغير موجبا لحدوث فرد اخر لان التغير و عدمه من أحوال الفرد الخارج لا يتعدد بتعددها افراد العام حتى يقتصر في تخصيصه على القدر المتيقن فلا بد ] ح [ من الرجوع إلى الاستصحاب إلى ان يعلم المزيل و هو نزح ما يزول به التغير لو قلنا بان به طهارته بهذا المقدار من النزح لو لم يكن متغيرا بالفعل أولى من طهارته مع التغير و ان منعنا الاولوية فنزح الجميع لقاعدة ما لا نص فيه أللهم الا ان يقال انه يستفاد من ادلة المقدرات مثل ما دل على انه ينزح للفارة سبع دلاء ان نزح السبع مقتض لازالة النجاسة المكتسبة بملاقاة الفأرة الا ان يمنعه التغير الفعلى عن التأثير فإذا زال المانع اثر المقتضى اثره فتامل و الله العالم و ( أعلم ) انه يستحب ان يكون بين البئر و البالوعة و المراد بها على الظاهر مجمع نجاسات مايعة نافذة لا خصوص ماء النزح خمس اذرع بذراع اليد إذا كانت الارض المتوسطة بينهما صلبة مثل ارض الجبل و شبهها أو كانت البئر فوق البالوعة قرارا و ان لم يكن كذلك بان كانت البالوعة فوق البئر قرارا أو مساوية و كانت الارض سهلة فسبع فالصور المتصورة في المقام ست يتباعد في الصورتين المتقدمتين منها بسبع و في اربع منها بخمس و هي ما إذا كانتا في ارض سهله و كانت البئر فوق البالوعة هذا هو المشهور بين الاصحاب كما عن واحد نقله و استدل عليه برواية قدامة بن ابى زيد الجمار عن الصادق ( ع ) قال سئلته كم ادنى ما يكون بين البئر بئر الماء و البالوعة فقال ان كان سهلا فسبع اذرع و ان كان جبلا فخمس اذرع ثم قال ان الماء يجرى إلى القبلة إلى يمين القبلة و يجرى عن يمين القبلة إلى يسار القبلة و يجرى عن يسار القبلة إلى يمين القبلة و لا يجرى من القبلة إلى دبر القبلة و رواية الحسن بن رباط عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن البالوعة تكون فوق البئر قال إذا كانت فوق البئر فسبعة اذرع و إذا كانت أسفل من البئر فخمسة اذرع من كل ناحية و ذلك كثير وجه الاستدلال بهما لمذهب المشهور ان كلا من الروايتين فيها إطلاق من وجه تقييد من اخر فيجمع بينهما بحمل مطلقهما على مقيدهما بمعنى ان إطلاق الحكم بالسبع في رواية الحسن مقيد بما إذا لم يكن الارض جبلا بقرينة الرواية الاولى و كذا إطلاق الحكم بالسبع في الرواية الاولى مقيد بما إذا لم تكن البالوعة أسفل من البئر بقرينة الرواية الثانية و اعترض على هذا الجمع واحد من الاعلام قال شيخ مشايخنا ] قده [ في جواهره لا يخفى عدم جريان مثل ذلك على القواعد بل المستفاد من مجموع الروايتين ان السبعة لها سببان السهولة و فوقية البالوعة و الخمسة ايضا لها سببان الجبلية nو أسفلية البالوعة و يحصل التعارض عند تعارض الاسباب كما إذا كانت الارض سهلة و البالوعة أسفل من البئر فلا بد من مرجح خارجى ] ح [ و كذلك لو كانت الارض جبلا و البالوعة فوق البئر و لعله بالنسبة إلينا تكفى الشهرة في المرحجية فيكون تحكم كل منهما على الاخر بمعونتها و بالنسبة إليهم لا نعلم المرجح و لعله دليل خارجى انتهى كلامه رفع مقامه و حاصل الاعتراض ان الروايتين من قبيل العامين من وجه فلا وجه لتخصيص أحدهما بالاخر من دون مرجح خارجى ( و يدفعه ) ان ظهور حكمه الحكم و مناسبة الحكم موضوعه يجعلهما في مورد المعارضة بمنزلة النص و الظاهر و يعطى ظهورهما فيما ذهب اليه المشهور بيان ذلك انه لا يخفى على الناظر في اخبار الباب ان حكمة الحكم بالتباعد صيانة ماء البئر عن الاختلاط بماء البالوعة فإذا قال الامام ( ع ) في مقام تحديد مقدار البعد ان كان سهلا فسبع اذرع و ان كان جبلا فخمس اذرع يفهم من إطلاق كل من الفقرتين امر ان أحدهما ان السبع اذرع مطلقا في الارض السهلة كافية في صيانة الماء من الاختلاط بالنجس و كذا الخمسة اذرع في الارض الصلبة ] مط [ كافية في حفظ الماء فكانه قال الماء النجس لا يسرى في الارض السهلة سبعة اذرع و في الصلبة خمسة اذرع فيكفى السبع في الاول و الخمس في الثاني و يتأكد إطلاق الكفاية في الفقرة الثانية بسبب المناسبة الموجودة بين الموضوع اعنى جبلية الارض و صلابتها مع الحكم اعنى كفاية ما دون السبع فتكون هذه الفقرة بمنزلة القضيه المعللة من حيث الكفاية ( و ثانيهما ) اعتبار السبعة اذرع في الارض السهلة ] مط [ و عدم كفاية الاقل منها في شيء من مصاديقها و كذا اعتبار الخمسة اذرع في جميع مصاديقها و عدم كفاية الاقل منها في شيء من المصاديق و لكن إطلاق كل من الفقرتين من هذه الجهة بعد ظهور حكمة الحكم و وضوح اختلاف المصاديق من حيث سراية النجس و عدمها موهون جدا للعلم بانه على تقدير كون البئر اعلى قرارا من البالوعة أو واقعة في جهة الشمال التي تجري منها العيون لا تحتاج صيانة مائها إلى البعد الذي تحتاجه في فرض اسفلية البئر أو مساواتها أو وقوعها في جهة الشمال فينبغي ان يختلف مقدار البعد في هذه الصور و لا يكون مقدارا خاصا معينا حدا للجميع و لكنه لما لم يجب الاطراد في الحكمة خصوصا مع تعذر تعيين اقل ما يجزى في كل واحد واحد من المصاديق بعد اختلافها في الرخاوة و الصلابة و الفوقية و التحتية يجوز ان يعين الشارع مرتبة خاصة
(47)
حكم المآء النجس
كافية على الاطلاق و ان كانت فوق الكفاية في بعض الموارد فحيثما ورد دليل مطلق كما فيما نحن فيه وجب التعبد بمضمونه و الالتزام باستحباب هذا المقدار الخاص من باب التعبد و التسليم لامر الشارع الا ان هذا المعنى يصحح التمسك بأصالة الاطلاق لا انه يقويها و هكذا الكلام في الرواية الثانية حرفا بحرف إذا عرفت ذلك علمت ان في مورد تعارض الروايتين اعنى ما إذا كانت البالوعة أسفل و الارض سهلة أو اعلى و الارض صلبة يدور الامر بين رفع اليد عن إطلاق السبع من الحيثية الثانية التي قد عرفت ان الاطلاق بالنسبة إليها في غاية الوهن و بين رفع الريد عن إطلاق الخمس من الحيثية الاولى التي هى في غاية القوة فرفع اليد عن الاول كما عليه المشهور هو المتعين و الله العالم ( ثم ) لا يخفى عليك ان استحباب السبع في الارض السهلة مع تساوي القرارين كما عليه المشهور انما يفهم من إطلاق الرواية الاولى السالمة في هذه الصورة عما يزاحمها فالمناقشة فيه بانه لا مستند له مما لا وجه لها و هل يلحق بفوقية القرار فوقية البئر من حيث الجهة ام لا قد يستشعر ذلك من ذيل الرواية الاولى و قد يستانس له بنفس الروايتين من حيث ملاحظة كون صلابة الارض و علو قرار البئر منشأ لكفايه الخمس فينبغي ان يكون كل ما هو مانع عن اختلاط الماء النجس منشأ لكفاية الخمس و قد يستظهر ذلك اى الفرق بين الجهات من بعض الروايات المصرحة بالفرق بينها كرواية سليمان الديلمي و ان كان التحديد الواقع فيها مغاير لما في هاتين الروايتين الا ان الاختلاف منزل على مراتب الاستحباب قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف فقال ان مجرى العيون كلها من مهب الشمال فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال و الكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما اذرع و ان كان الكنيف فوق النظيفة فلا اقل من اثنى عشر ذراعا و ان كانت تجاها بحدا القبلة و هما مستويان في مهب الشمال فسبعة اذرع و في رواية الجمرى عن قرب الاسناد عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئلته عن البئر يتوضأ منها القوم و إلى جانبها بالوعة قال ان كان بينهما عشرة اذرع و كانت البئر التي يستقون منها تلى الوادي فلا بأس ( في ) الحدائق و الظاهر كونها تلو الوادي يعنى كونها في جهة الشمال بناء على ان مجرى العيون منها و يظهر الفرق بين الجهات ايضا من حسنه الفضلاء المتقدمة في ادلة القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة و قد حكى عن الاسكافى انه قال في مختصرة ما لفظه لا استحب الطهارة من بئر تكون بئر النجاسة التي تستقر فيها النجاسة من اعلاها في مجرى الوادي الا إذا كان بينهما في الارض الرخوة اثنى عشر ذراعا و في الارض الصلبة سبعة اذرع فان كانت تحتها و النظيفة اعلاها فلا بأس و ان كانت محاذيتها في سمت القبلة فان كان بينهما سبعة اذرع فلا بأس تسليما لما رواه ابن يحيى عن سليمان الديلمي عن ابى عبد الله ( ع ) انتهى ( و ) نوقش بعدم انطباق الرواية على مدعاه و يمكن تطبيقها على مذهبه بالجمع بينها و بين رواية ابن رباط المتقدمة على وجه لا يخلو عن تكلف و لا يحكم بنجاسة البئر بمجرد قربها من البالوعة الا ان يعلم وصول ماء البالوعة إليها فيحكم ] ح [ بنجاستها على القول بانفعال البئر بالملاقاة و اما على المختار فيعتبر العلم بتغير مائها بأوصاف عين النجاسة الواصلة إليها و لا يكفى الظن بالوصول أو التغير و ان استحب التنزه عنه و ترك التوضى منه لحسنة الفضلاء المتقدمة و يدل عليه مع موافقته للاصل رواية محمد بن القسم عن ابى الحسن ( ع ) في البئر يكون بينها و بين الكنيف خمس اذرع أو اقل أو أكثر قال ( ع ) ليس يكره من قرب و من بعد يتوضا منها و يغتسل ما لم يتغير الماء و اعتبار التغير على القول بكفاية مجرد الوصول في الانفعال لكونه السبب العادي للعلم بالوصول فإذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة اى لا يجوز التطهير به ] مط [ عن الحدث و الخبث و لو مع الضرورة و لا استعماله في الاكل بجعله جزء من المأكول و لا استعماله في الشرب بشربه أو جعله جزء من المشروب الا عند الضرورة فانه مأمن حرام الا و قد احله الله لمن اضطر اليه و المراد بعدم جواز استعماله في الطهارة فسادها لا الحرمة فان الاظهر انه ليس للتطهير بالنجس حرمة ذاتية و اما عدم جوازه في الاكل و الشرب فالمراد به حرمتهما لا بمعنى ان اللفظ استعمل في معينين كما قد يتوهم فان المراد بعدم جواز هذه الاستعمالات عدم مضيها في الشريعة و عدم شرعيتها اعم من ان يكون عدم إمضاء الشارع لها لمفسدة فيها أو لعدم ترتب الاثار المقصودة منها عليها لكن عدم إمضاء الشارع للاكل و الشرب مساوق لحرمتهما و الا فلا معنى له فارادة الحرمة بالنسبة إليهما لخصوصية المورد لا لارادتها من اللفظ بعنوان الخصوصية ( فليتأمل ) و قد ] يق [ ان المراد من نفى الجواز في المقام خصوص الحرمة و ارادتها في الطهارة مما لاخفاء فيها و اما فيها فلان الاستعمال في الطهارة لا يتحقق الا بقصد التطهير لان الافعال الاختيارية انما يعرضها العناوين المقصودة للفاعل و هو من هذه الجهة محرم لكونه تشريعا و من خير هذه الجهة محرم و لكنه لا يسمى استعمالا في التطهير ( و كيف ) كان فظاهر ] المط [ و غيره ممن تأخر عنه كصريح بعض اختصاص الحرام بالمذكورات دون غيرها من الاستعمالات كسقى الدواب و الاشجار وبل الطين و الحص و نحوها و عن ظاهر جماعة من القدماء كالمفيد و السيد و الشيخ و الحلى عدم جواز الانتفاع بالمتنجس ] مط [ بل ربما يستظهر ذلك من المشهور بينهم و لا يظن بهم إرادة الاطلاق و قد تخيل بعض من ملاحظة ظواهر كلمات القدماء و ظواهر بعض الاخبار ان الاصل في المتنجس حرمة الانتفاع به الا ما خرج بالدليل و سيتضح لك ] انش [ ان الاقوى خلافه كما صرح به المصنف ] ره [ و غيره قال في محكي المعتبر الماء النجس لا يجوز استعماله في رفع حدث و لا ازالة خبث ] مط [ و لا في الاكل و الشرب الا عند الضرورة و أطلق الشيخ ] ره [ المنع من استعماله الا عند الضرورة لنا ان مقتضى الدليل جواز الاستعمال فترك العمل به فيما ذكرنا بالاتفاق
(48)
اشتراط كون الاطراف مورد الابتلآء
حكم الشبهة المحصورة
و النقل و بقى الباقى على الاصل انتهى و لو اشتبه الانآء النجس ذاتا أو بالعرض بالطاهر وجب الامتناع منهما و عدم استعمال شيء منهما في شيء مما يشترط بطهارة الماء فان لم يجد ماء غيرهما يتمم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن جماعة من الاعلام دعوى الاجماع عليه لموثقة سماعة عن الصادق ( ع ) في رجل معه إناء ان وقع في أحدهما قذر و لا يدرى أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيرهما قال يهريقهما و يتيمم و موثقة عمار الساباطى عن ابى عبد الله ( ع ) مثلها و في محكي المعتبر نسبهما إلى عمل الاصحاب و عن المنتهى ان الاصحاب تلقت هذين الحديثين بالقبول و يدل عليه مضافا إلى النص و الاجماع قضأ العقل بحرمة المعصية و وجوب الاجتناب عن النجس الواقعي المعلوم بالاجمال المردد بين الانائين فيجب التحرز من كل من المحتملين تحرزا عن العقاب المحتمل ( توضيح ) هذا الدليل بحيث يتضح الاستدلال به لوجوب الاجتناب في كل شبهة محصورة هو ان إطلاق الاوامر الواردة في الشريعة بالاجتناب عن النجاسات أو المحرمات مقتض لوجوب الاجتناب عن الافراد الواقعية و لا يقبح عقاب من ارتكب المحرم الواقعي المردد بين الانائين بعد علمه به حتى يكون جهله التفصيلى عذرا في حقه كما في الشكوك البدوية و لم يرد من الشرع ما يدل على جواز الارتكاب حتى يكون عذرا شرعيا بل لا يجوز عقلا ترخيص الشارع ارتكابه و جعل الجهل عذرا في حقه لاستلزامه الترخيص في المخالفة العمدية و هو ممتنع لان مخالفة الشارع في حد ذاتها كالظلم قبيحة بالذات فإذا كان الفعل بهذا العنوان فعلا اختياريا للمكلف امتنع ان يعرضه جهة محسنته له حتى يتبعها الرخصة الشرعية هذا مع انه متى علم المكلف بوجود خمر مثلا بين الانائين و أدرك العقل حرمتها على الاطلاق و عدم رضاء الشارع بشربها استقل بوجوب التجنب عنها فلا يعقل ان يصدر من الشارع ما يناقضه اذ ليس للشارع ان يتصرف في موضوع حكم العقل بوجوب الاطاعة نعم له ان يتصرف في موضوع حكمه الشرعي بان يخص الحرمة بالخمر المعلومة بالتفصيل لا مطلق الخمر الا انه خلاف ظواهر الادلة المطلقة و اما الاخبار الدالة على حلية ما لم يعلم حرمته فلا تنهض دليلا على تقييد المطلقات لكونها مسوقة لبيان الحكم الظاهرى المغيا بالعلم فهي بنفسها لاجل جعل العلم غاية فيها مما يؤكد إطلاق المطلقات كمالا يخفى و الحاصل ان العلم بالموضوع المحرم و ان كان شرطا في تنجز التكاليف الواقعية عقلا و نقلا و لكن الذي اخذ شرطا في موضوع حكم العقل بالتنجز اعم من الاجمالى و التفصيلى بل كل طريق معتبر فإذا علم المكلف بنجاسة احد الانائين فقد تنجز في حقه الامر بالاجتناب عن النجس الواقعي فيجب عليه بحكم العقل الاجتناب عن كل من الانائين دفعا للعقاب المحتمل و قد يتوهم جواز ارتكاب بعض الاطراف أو جميعها في التدريجيات بدعوى ان العقل لا يحكم الا بحرمة المخالفة القطعية و اما وجوب الموافقة القطعية فلا و من المعلوم ان العبد لا يعتقد المخالفة بارتكاب البعض و كذا في التدريجيات لا يعتقد المخالفة الا بعد الارتكاب و لا دليل على حرمة تحصيل العلم بالمخالفة أو بدعوى عدم شمول الخطابات الا لما علم نجاسته أو حرمته أو بدعوى ثبوت الرخصة من الشارع بجواز ارتكاب كل مشكوك النجاسة أو الحرمة و هي بعمومها تشمل الشبهة المسبوقة بالعلم الاجمالى و لكن العلم الاجمالى مانع عن ارتكاب الجميع دون البعض فيحكم بجواز الارتكاب فيما عدا مقدار الحرام و في الجميع ما لا يخفى اما الاول فلاستقلال العقل بوجوب و الموافقة القطعية للاوامر الشرعية كحرمة المخالفة القطعية و يستكشف ذلك من حكم العقلاء بحسن واحدة العبد الذي امره سيده بالتحرز عن الخمر المردد بين الانائين لو شرب أحدهما و صادف الواقع و من المعلوم انه لو جاز مؤاخذته على تقدير المصادفة يجب الاجتناب عن جميع المحتملات عقلا دفعا للضرر المحتمل و اما الثاني فلانه ان أريد دعوى ان الالفاظ موضوعة للمعاني المعلومة بالتفصيل فالنجس أو الحرام و كذا الدم أو الخمر اسم لما علم انه نجس أو حرام أو دم او خمر مفصلا ( ففيه ) بعد الاغماض عن عدم معقولية انه خلاف المتبادر منها و ان أريد دعوى انصراف الخطابات إلى المصاديق المعروفة بعناوينها الخاصة مفصلا ففيه منع ظاهر مع ان مقتضاه عدم نجاسة الخمر المرددة بين إنائين و كذا عدم حرمتها في الواقع و لا يلتزم به احد و اما الثالث فلما اشرنا اليه من منع العموم أولا و وجوب ارتكاب التأويل بعد تسليم ظهورها فيه ثانيا لاستقلال العقل بقبح الترخيص في المعصية ( فتامل ) و لتمام التحقيق مقام اخر و ( ينبغى ) التنبيه على امور الاول ان الحكم بوجوب الاجتناب في الشبهة المحصورة انما هو فيما إذا كان العلم الاجمالى مؤثرا في ثبوت خطاب منجز بالاجتناب عن النجس المشتبه على كل تقدير بمعنى انه يعتبر في وجوب الاجتناب ان يكون كل واحد من الاطراف بحيث لو علم تفصيلا كونه هو النجس المشتبه لتوجه إلى المكلف بالنسبة اليه خطاب منجز بالاجتناب عنه فلو لم يكن بعض الاطراف كذلك بان لم يكن طرو النجاسة عليه موجبا لحدوث تكليف منجز بالنسبة اليه كما إذا كان مما لا يتنجس بملاقاة النجس أو كان مما اضطر المكلف إلى ارتكابه بسبب سابق على العلم الاجمالى أو كان خارجا عن مورد ابتلاء المكلف فعلا بحيث يستهجن عرفا توجيه خطاب منجز بالنسبة اليه و ان صح توجيه خطاب معلق بالابتلاء و الوجه في ذلك كله سلامة الاصل في مورد الابتلاء في جميع هذه الصور عن معارضة جريانه في الطرف الاخر لا يقال هذا انما يتم لو كان المانع عن جريان الاصول معارضتها في موارد الابتلاء بالمثل و اما لو قلنا باختصاص أدلتها بغير ما لو علم التكليف اجمالا فلا فرق بين كون جميع اطراف المعلوم بالاجمال موردا للابتلاء ام لا لانا نقول مرجع دعوى الاختصاص إلى انه لا يفهم من مثل قوله ( ع ) كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر حكم الشبهة المقرونة بالعلم حيث ان النجاسة فيها معلومة و هذه الدعوي مسلمة فيما إذا كان العلم الاجمالى مانعا من استفادة حكم