مورد الشبهة من عمومات الادلة و هذا لا يكون الا إذا كانت الاطراف بأسرها موردا للابتلاء الا ترى انه لو كان اوان متعددة في مورد الابتلاء المكلف فاشتبه طاهرها بنجسها لظلمة و نحوها لا يلتفت ذهنه إلى ملاحظة كل واحد واحد منها على سبيل الاستقلال حتى يحمل عليه حكم الشبهة بل يرى نفسه عالما بنجاسة مرددة بين الاوانى و اما إذا لم يكن بعض الاطراف موردا لابتلائه فلا يعتنى بعلمه أصلا بل ربما لا يلتفت اليه و انما يلاحظ ما هو محل حاجته فيريه شبهة و يتمسك في تشخيص حكمه بعموم قوله ( ع ) كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر فما ادعيناه من سلامة الاصل في هذه الموارد عن المعارض هو التحقيق الذي لا محيص عنه كما يشهد به ما استقر عليه سيرة المتشرعة على ما هو المغروس في اذهانهم المجبول عليه طباعهم هذا كله فيما إذا كان خروج بعض الاطراف عن مورد التكليف المنجز قبل حصول العلم الاجمالى و اما لو خرج بعد العلم كان اريق احد الانائين في موضع نجس أو اضطر إلى ارتكابه بعد العلم فلا لتنجز الخطاب بالاجتناب بمجرد حصول العلم فلا بد من ترك جميع المحتملات تحصيلا للقطع بالفراغ عن عهدة التكليف و مجرد اراقة بعض الاطراف و خروجه عن مورد الابتلاء لا يوجب رفع اليد عن التكليف المنجز لا لاستصحاب وجوب الاجتناب كما توهم بل لحكومه العقل بوجوب الاجتناب بعد الاراقة كحكمه به قبلها ضرورة ان المناط في حكم العقل بوجوب الاجتناب عن كل من الاطراف بعد العلم بأصل الخطاب انما هو احتمال كون كل طرف هو النجس المعلوم و هذا المناط موجود بعد الاراقة ايضا بالنسبة إلى الطرف الباقى و انما المرتفع هو نفس العلم لا اثره و كيف لا و الا لجاز ارتكاب اطراف الشبهة بإراقة مقدار الحرام اختيارا مع ان من المعلوم بديهة عدم مدخلية اراقة البعض في جواز ارتكاب الباقى و عدم الفرق بين الاراقة أو العزم على ترك الارتكاب و قد بينا عدم جواز الارتكاب في الصورة الثانية فكذا الاولى نعم لو حصل له العلم التفصيلى أو دل دليل معتبر بعد ان علم اجمالا بطرو نجاسة في احد الاوانى بكون بعض الاطراف حين حصول العلم خارجا عن مورد التكليف المنجز كما لو علم تفصيلا أو شهدت البينة على ان هذا الانآء الذي علم اجمالا بوقوع قطرة بول فيه أو في غيره خمر يلغو اثر العلم الاجمالى و ان اعتقد حال حصوله تنجز التكليف لان العلم اللاحق كاشف عن خطائه في اعتقاد التنجز و بما اشرنا اليه ظهر لك ان المناط في ارتفاع اثر العلم الاجمالى انما هو قيام الطريق على كون بعض الاطراف خراجا عن مورد التكليف المنجز سواء ارتفع بذلك العلم الاجمالى ام بقي على اجماله كما في المثال لا على ارتفاع نفس العلم الاجمالى كما قد يتوهم و الا لا شكل الامر في كثير من الموارد التي ليس التعرض لها مناسبا للمقام فليكن على ذكرك كى ينفعك في تلك الموارد ( و قد ) ظهر بما ذكرنا ما في كلام السيد في المدارك بعد قول المصنف ] ره [ و لو اشتبه الانآء النجس بالطاهر وجب الامتناع منهما قال هذا مذهب الاصحاب و المستند فيه ما رواه عمار الساباطى عن ابى عبد الله عليه السلام قال سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدرى أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيره قال ( ع ) يهريقهما و يتيمم و هي ضعيفة السند بجماعة من الفطحية و احتج عليه في المختلف ايضا فان اجتناب النجس واجب قطعا و هو لا يتم الا باجتنابهما معا و ما لا يتم الواجب الا فهو واجب و فيه نظر فان اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه الا مع تحققه بعينه لامع الشك فيه و استبعاد سقوط حكم هذه النجاسة شرعا إذا لم تحصل المباشرة بجميع ما وقع فيه الاشتباه ملتفت اليه و قد ثبت نظيره في حكم و اجدى المنى في الثوب المشترك و اعترف به الاصحاب في المحصور ايضا ( و الفرق ) بينه و بين المحصور واضح عند التأمل و يستفاد من قواعد الاصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء و خارجه لم ينجس بذلك الماء و لم يمنع من استعماله و هو مؤيد لما ذكرناه فتامل انتهى ( توضيح ) ما فيه اما أولا فما ذكره من ان الرواية ضعيفة السند ففيه انه أو بني على طرح مثل هذه الرواية التي هى من الموثقات المعمول بها عند الاصحاب من استثناء كما اعترف به في صدر كلامه و صرح به المحقق و العلامة في محكي المعتبر و المنتهى فقلما يبقى لنا في الفقة مدرك سليم كمالا يخفى ( و ) ثانيا فما أورده على العلامة من عدم القطع بوجوب الاجتناب عن النجس ما لم يكن معلوما بعينه ( ففيه ) ما عرفت من استقلال العقل بوجوب الاجتناب بعد تسليم كون الحكم مطلقا على النجس الواقعي كما هو مقتضى ظواهر الادلة بل قد عرفت عدم إمكان ترخيص الشارع بالارتكاب الا بعد التصرف في موضوع حكمه الشرعي نعم له الترخيص في ارتكاب بعض المحتملات و الاقتصار على الموافقة الاحتمالية في مقام الامتثال و لكنه لابد في الاقتصار عليه في مقام الامتثال من ثبوت الرخصة من الشارع و هي ممنوعة في الشبهات المحصورة و قد بين ذلك مستقضى لا الاصول و اما ثالثا فما ذكره من النقض بواجدى المنى ففيه ما عرفت من عدم تنجز التكليف بالنسبة إلى كل منهما في مثل هذا الفرض الخروج الطرف الاخر في حق كل منهما عن مورد ابتلائه فالأَصل في حق كل منهما سليم عن المعارض و اما تشبيهه بالشبهة الغير المحصورة مع عدم ظهور الفرق بينهما ( ففيه ) ان الفرق بينهما في غاية الوضوح من وجوه ( منها ) ان كثرة المحتملات تورث الوهن في احتمال مصادفة كل فرد من افرادها للحرام الواقعي المانع من استقلال العقل بوجوب الترك مراعاة لهذا الاحتمال ما نشاهد بالوجدان من عدم استقلال العقل بلزوم التحرز عن أطعمة بلد يعلم بإصابة سم قاتل لفرد من افرادها بخلاف ما لو تردد السم بين إنائين أو ثلثة أو أربعة فكثرة المحتملات توجب خروج العلم الاجمالى عن صلاحية كونه بيانا للحرام المحتمل الا ترى انه لو نهى المولى عبده عن شرب مايع معين و اشتبه في ألف إناء من الماء فشرب العبد أحدها و صادف الحرام لو عاتبه المولى
(50)
تشخيص مورد الابتلآء
بقوله لم عصيتني للعبد ان يعتذر بجهله فلو احتج المولى عليه بعلمه الاجمالى له ان يقول امن اجل إناء واحد حرم على جميع ما في الارض و هذا الجواب منه مرضى عند العقلاء بخلاف ما لو اشتبه في إنائين فلا يقبل عذره بالجهل و يرشدك إلى ما ذكرناه ما عن محاسن البرقى عن ابى الجارود قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) عن الجبن فقلت أخبرني من رأى انه يجعل فيه الميتة فقال امن اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الارض فما علمت انه فيه الميتة فلا تأكله و ما لم تعلم فاشتر و كل و بع الخبر فانه كالصريح في كون الجهل عند كثرة المحتملات عذرا و ان الالتزام بالتحرز عن جميعها من المستنكرات عند العقلاء و خروج بعض اطراف الشبهة في مورد الرواية عن محل الحاجة لا ينافي ظهورها في المطلوب كمالا يخفى على التأمل و منها خروج أكثر افرادها في كثير من مصاديقها عن مورد ابتلاء المكلف و قد عرفت عدم وجوب الاجتناب على هذا التقدير في المحصور فيمكن تنزيل كلام الاصحاب على هذه الافراد الغالبة و على تقدير ارادتهم العموم فالإِجماع هو الفارق بين المقامين و قد عرفت إمكان الترخيص في البعض الذي لا يستلزم ارتكابه مخالفة قطعية و هذا المعنى يستفاد من الاجماع في المحصور دون غيره و اما جواز ارتكاب الجميع فلا نسلمه خصوصا مع العزم عليه من أول الامر نعم مقتضى الوجه الاول جواز ارتكاب الجميع في الجملة لا عن قصد سابق و كيف كان فالفرق بين الشبهتين في غاية الوضوح ( و اما ) ما استفاده من قواعد الاصحاب ] الخ [ ففيه ان مورد كلامهم ما إذا كان خارج الماء خارجا عن مورد الابتلاء و الا فلو كان مما يبتلى به المكلف كما إذا كان الخارج موضع سجوده فلا ريب في ان المستفاد من قواعدهم وجوب الاجتناب لا عدمه و بما ذكرناه ظهر ايضا ان ما ذكره صاحب الحدائق ردا على ما استنهضه صاحب المدارك مؤيد المختارة بقوله ( أقول ) وجه الفرق بين ما نحن فيه و ما فرضه ] قده [ ممكن فان مقتضى القاعدة المستفادة من الاخبار بالنسبة إلى الاشتباه في المحصور ان يكون افراد الاشتباه أمورا معلومة معينة بشخصها و بالنسبة إلى المحصورة ان لا يكون كذلك و ما ذكر من المشار إليها انما هو من الثاني لا الاول على ان القاعدة المذكورة انما تتعلق بالافراد المندرجة تحت مهية واحدة و الجزئيات التي تحويها حقيقة واحدة فإذا اشتبه ظاهرها بنجسها و حلالها بحرامها فيفرق فيها بين المحصور و غير المحصور بما تضمنه تلك الاخبار لا وقوع الاشتباه كيف كان انتهى لا يخلو عن نظر توضيحه ان ما ذكره فارقا بين المقامين أولا بتنزيل حكم الاصحاب على الشبهة الغير المحصورة ( ففيه ) ان مورد حكم الاصحاب اما اعم أو مخصوص بالشبهة المحصورة لان اطراف الشبهة في مفروضهم عادة لا تتعدى عما يقرب من الانآء و في مثله لا تندرج الشبهة في المحصورة و ما ذكره ثانيا من اختصاص الحكم بوجوب الاجتناب فيما إذا كانت الافراد مندرجة تحت مهية واحدة ( ففيه ) مع انه لا انضباط لها في حد ذاتها اذ لم يعلم وحدتها نوعا أو صنفا أو جنسا قريبا أو بعيدا ما عرفت من ان المناط صحة توجيه الخطاب المنجز لا و لعل الذي حمله على هذا الفرق هو خروج المتشابة غالبا من مورد التكليف المنجز فبعد ان راجع وجدانه و لم ير استقلال العقل بوجوب الاجتناب في مثله زعم ان المناط تغاير المهيتين غفلة عن صورة الابتلاء و تنجز الخطاب و الا فلا يظن به تجويزه الارتكاب فيما لو سئل عن حكم ما لو تردد الامر بين وقوع القطرة من البول في الماء الذي يتوضأ منه أو ثوبه الذي يصلى فيه و كيف كان فلا يخفى ما فيه بعد وضوح المناط ( الامر الثاني ) انك قد عرفت فيما سبق تلويحا و تصريحا ان المعيار في الابتلاء و عدمه استهجان توجيه الخطاب المنجز عرفا بالنسبة إلى المكلف و عدمه و كذا الكلام في كون الشبهة محصورة أو محصورة كون المحتملات من الكثرة بمكان لا يلتفت العقل بالنسبة إلى كل واحد من الاطراف إلى العلم الاجمالى و لا يعتنى بالنظر اليه إلى احتمال كونه هو المحرم الواقعي في الالزام بالتحرز عن المضرة المحتملة و لكنك خبير بان موارد الاشتباه في كلا الموردين في غاية الكثرة الا ان الوجدان التسليم و الطبع المستقيم أعدل شاهد في تشخيص المصاديق و لعله كثيرا ما يرتفع الاشتباه بمراجعة الوجدان الا ترى ان المغروس في اذهان عوام المتشرعة عدم وجوب الاجتناب عن الشبهات ما لم يعلم نجاستها فلا يلتفتون إلى الشكوك البدوية أصلا و مع ذلك لو وقعت قطرة بول بين المايعات الموجودة بين أيديهم في معرض ابتلائهم فانهم لا يبادرون إلى تناول شيء منها حتى يسئلوا عن حكمها ففى مثل هذه الموارد يعلم ان للعلم اثرا بالنسبة إلى الاطراف و هذا بخلاف ما لو كان بعض الاطراف خارجا عن مورد تكليفهم المنجز كما لو دار الامر بين وقوعه في إنائه أو على ارض نجسة أو على ثوب شخص اخر فانهم لا يلتفتون إلى العلم الاجمالى أصلا و لا ينظرون الا إلى الطرف الذي هو مورد ابتلائهم و يقنعونه في دفع التكليف عن أنفسهم بمجرد ابداء الاحتمال بوصول القطرة الواقعة على مورد ابتلائهم و يمكن ان يفرق بين الشبهة المحصورة و غيرها ببيان آخر ربما يلوح من كلام صاحب الحدائق في عبارته المتقدمة و هو انه إذا كان الحرام المحتمل مرددا بين امور معينة متعارضة كهذا و ذاك و ذاك و هكذا فهي محصورة محدودة و ان لم يكن كذلك بان يكون احتمال حرمة كل من الاطراف معارضا لدى العقل في بادى رأيه باحتمال حرمة ما عداه على سبيل الاجمال من دون التفاته إلى سائر الافراد مفصلا على وجه يكون الحرام المحتمل مرددا بين هذا و هذا و ذاك فهي محصورة ( و كيف ) كان فان ارتفع الشك بمراجعة الوجدان فهو و الا فهل يجب الاجتناب لثبوت المقتضى للعقاب و عدم استقلال بالعقل بالمعذورية فيجب التحرز دفعا للعقاب المحتمل ام لا لان الشك فيه يرجع إلى الشك في التكليف المنجز الاصل عدمه عقلا و نقلا وجهان ( اقويهما ) الاول لما ذكرنا من وجود المقتضى و هي إطلاقات الادلة الواقعية و عدم المانع
(51)
وجوب التيمم مع انحصار المآء في المشتبهين
( ان قلت ) انها مقيدة بالابتلاء فالتمسك بها في مورد الشك من قبيل التمسك بعموم العام في الشبهات المصداقية و هو جائز ( قلت ) التقييد بالابتلاء في مقام التنجز من القيود العقلية فلا بد من الاقتصار في التقييد على ما يستقل به العقل و ليس لنا عنوان لفظى حتى يؤخذ بعموم اللفظ ويحكم في مصاديقه بنفي الحكم و بعبارة اخرى العقل لا يخرج عن تحت العمومات الادوات المصاديق و اما العناوين العامة فلا حكم لها في حكمه حتى يؤخذ بعمومها و تفحص عن مصاديقها ففى موارد الشك لابد من الرجوع إلى حكم العام فلو قال الشارع حج ان استطعت و شك في الاستطاعة يرجع إلى أصل البرائة للشك في حصول شرط الوجوب و هذا بخلاف القدرة التي هى شرط عقلا فانه لو شك في حصولها لا يرفع اليد عن عموم الادلة بل لابد من السعي في مقدما به حتى يظهر العجز و سره ما اشرنا اليه من ان الخارج عن تحت ادلة التكاليف الواقعية انما هو العاجز الواقعي باشخاصه لا بعنوانه و لا يحكم العقل بالمعذورية الا بعد إحرازه العجز و ما لم يحرزه فالمرجع اصالة العموم و مجرد احتمال كونه من المصاديق التي يكون فيها معذورا بكحم العقل لا يوجب رفع اليد عن المقتضيات الثابتة بالادلة العامة هذا مع ان التقييد فيما نحن فيه ليس بالنسبة إلى الادلة الواقعية حتى يتوهم كونه من قبل الشبهات المصداقية بل مرجعه إلى كون الجهل عذرا في مقام الامتثال فلا بد من إحراز المعذورية و الا يجب الاجتناب عقلا تحرزا عن العقاب المحتمل ( فلاحظ ) و تدبر فيما ذكرناه فانه دقيق نافع جدا ( الامر الثالث ) مقتضى إطلاق النص و معاقد الاجماعات وجوب التيمم مع انحصار الماء في المشتبه بين سواء أمكن الجمع بينهما بحيث يقطع بوقوع صلوته مع الطهارة الواقعية حدثا و خبثا ام لا فهل هذا الحكم بإطلاقه على وفق القاعدة ليتعدى إلى ما لا يشمله النص ام لا و التحقيق انه ان قلنا بحرمة الطهارة بالنجس حرمة ذاتية فلا تأمل في وجوب التيمم مطلقا لا لمجرد تغليب جانب الحرمة كما حكى عن واحد حتى يتكلف في توجيهه في خصوص المقام على المختار من لزوم تغليب ما هو الاهم شرعا لا خصوص جانب الحرمة بل لان ارتكاب المحرم محظور شرعا و المانع الشرعي كالعقلي فينتقل الفرض إلى التيمم و الوضوء انما وجب في حال الاختيار فلا يزاحم تكليفا اخر محرما كان ام واجبا الا ان يكون ذلك الواجب ايضا كالوضوء مما له بدل اضطرارى فيتزاحمان و ان قلنا بان حرمتها تشريعية لا ذاتية كما هو الظاهر فمقتضى القاعدة وجوب الطهارة بهما كالمشتبه بالمضاف فيجب عليه الاحتياط بان يتوضأ بأحدهما و يصلى عقيبه ثم يتوضأ بالماء الاخر بعد غسله ما اصابه الماء الاول بالثاني فيصلى صلوة اخرى احتياطا فيقطع بذلك بصدور صلوة مقترنة بالطهارة الواقعية عن الحدث و الخبث و يمكن الاقتصار على صلوة واحدة عقيب الطهارتين لان البدن محكوم بالطهارة شرعا لما سيأتي تحقيقه من ان الجسم الملاقى لاحد المشتبهين طاهر و من المعلوم انه لا اثر للملاقاة الحاصلة في ضمن الطهارة الاولى بعد غسل موضع الملاقاة بالماء الثاني و تأثير الماء الثاني في نجاسته مشكوك و الاصل عدمها هذا إذا لم نقل باستصحاب النجاسة المتيقنة الحاصلة بملاقاة النجس اما لسقوطه رأسا في مثل المقام أو لمعارضته باستصحاب الطهارة المتيقنة الثابتة حال الوضوء بالماء الطاهر و الا فلو بيننا على استصحاب النجاسة في مثل المقام عكس المسألة الاتية فلا بد من الاحتياط بفعل الصلوة عقيب كل وضوء و لا ينافى الحكم بنجاسة بدنه شرعا بعد الوضوء الثاني جواز إتيانه بالصلوة عقيبه من باب الاحتياط لانه لا يحتمل اشتغال ذمته بالصلوة الا على تقدير طهارة بدنه و حيث يحتمل طهارة بدنه و اشتغال ذمته له ان يأتى بها بقصد الاحتياط اذ يكفى في حسن الاحتياط مجرد الاحتمال و بعد ان اتى بها احتياطا يقطع بصحة احدى الصلوتين و كونها واجدة لشرائطها المعتبرة فيها ( إذا عرفت ) ذلك علمت انه يمكن تنزيل النص و معاقد الاجماعات لاجل تطبيقها على القاعدة على ما إذا تعذر أو تعسر عليه الاحتياط كما هو الغالب في موارد الانحصار فلا ينبغى ترك الاحتياط بالجمع بين الطهارة بالمائين بالكيفية المذكورة و التيمم و الله العالم ( الامر الرابع ) لو غسل ثوب نجس بأحدهما فالأَقوى بقاء نجاسته للاصل و اما لو غسل بهما متعاقبا فالأَظهر طهارته للقطع بزوال نجاسته السابقة و تنجسه بالماء النجس معلوم لاحتمال غسله به أولا فلا يؤثر فيه فالماء المتنجس مردد بين وقوعه على محل نجس فلا حكم له و بين وقوعه على محل طاهر فيؤثر فيه النجاسة ( و قد ) عرفت انه لا اثر للعلم الاجمالى إذا كان بعض اطرافه خارجا عن مورد التكليف المنجز فحاله كحال ما لو غسل بماء معلوم الطهارة و علم اجمالا بوصول قطرة بول اليه اما قبل الغسل أو بعده و من المعلوم انه لا يلتفت إلى هذا العلم أصلا فكذا فيما نحن فيه هذا ( و لكن ) الانصاف ان استصحاب الطهارة في مثل المقام مشكل لامكان ان يقال ان الطهارة و ان كانت معلومة اجمالا و لكن النجاسة الثابتة له عند ملاقاة الماء النجس ايضا معلومة فكما ان الطهارة معلوم زوالها فكذا هذه النجاسة المتيقنة ايضا معلوم زوالها و لا تتوقف معارضة الاصلين على كون العلم بالنجاسة مؤثرا في تنجيز خطاب جديد بل يكفى فيها كون المعلوم بالاجمال موجبا لاحراز تكليف محقق حال ملاقاة النجس اذ المدار في وجوب الامتثال على ثبوت التكليف لا على حدوثه و لا يقاس ما نحن فيه بما إذا علم بوقوع قطرة بول على احد ثوبين يعلم بنجاسة أحدهما تفصيلا لان تعدد الموضوع موجب لسلامة الاصل في الثوب النجس عن المعارض و هي سبب السقوط اثر العلم
(52)
ملاقى احد المشتبهين
حكم غسل النجس باحد المشتبهيز
و هذا بخلاف ما نحن فيه فان المفروض فيه انه نعلم بطرو حالتي الطهارة و النجاسة على الثوب الواحد الشخصي فكما انه يصح ان يقال ان هذا الثوب علم بحصول طهارة له و لم يعلم زوالها كذلك يصح ان يقال هذا الثوب على بنجاسته و وجوب الاجتناب عنه حال ملاقاته للماء النجس و لم يعلم زوالها و ان شئت قلت في الفرق بين المقامين ان لنا فيما نحن فيه وراء ما نعلمه بالتفصيل اعنى نجاسة الثوب قبل الغسلتين علما اجماليا بنجاسة مرددة بين كونها بعد الغسلة الاولى أو الثانية و اثره وجوب الاجتناب عن هذا النجس المعلوم بالاجمال و كون الثوب قبل الغسلتين معلوما بالتفصيل نجاسته أجنبي عما يقتضيه هذا العلم من الاثر و هذا بخلاف المثال فان العلم بوصول القطرة إلى احد الثوبين لا يؤثر في حصول العلم بنجاسة ما نعلمها بالتفصيل و كذا ( في المثال ) الذي أوردناه نقضا و هو ما لو علم اجمالا بوصول قطرة بول إلى الثوب النجس قبل غسله أو بعده حيث انه لا يتولد من علمه الاجمالى علم بنجاسة مرددة حتى يجب عليه التحرز عنها لانه يعلم تفصيلا نجاسته قبل الغسل و طهارته بعده و نجاسته بعد الطهارة المتيقنة مشكوكة رأسا غاية الامر ان شكه مسبب عن العلم بحدوث بما يقتضى النجاسة على تقدير صلاحية المحل للانفعال و هي مشكوكة في الفرض هذا و لكن التحقيق ان استصحاب الطهارة الثوب في هذا المثال ايضا يعارضه استصحاب النجاسة المتيقنة حال اصابة القطرة و انما نحكم بطهارته لاجل القاعدة و لذا لا نقول بطهارة من وجد في ثوبه منيا و شك في خروجه قبل الغسل أو بعده مع انه نظير هذا المثال و وجهه انه لا يعتبر في الاستصحاب الا كون المستصحب معلوم الثبوت و مشكوك الارتفاع و لا شبهة في ان هذا الثوب كان عند اصابة القطرة نجسا و لا نعلم بارتفاع هذه النجاسة و كونه في بعض أحواله معلوم النجاسة بالتفصيل ضائر في استصحاب هذه النجاسة المعلومة بالاجمال و لذا لو شك في تأثير الغسل المتيقن في ازالة النجاسة و لم يمكن لنا التشبث باستصحاب النجاسة المعلومة بالتفصيل لابتلائه بالمعارض نتشبث بهذا الاستصحاب في إثبات نجاسته مثلا لو علم اجمالا ببطلان غسل هذا الثوب أو غسل ثوب نجس آخر فاستصحاب النجاسة السابقة المعلومة قبل الغسل معارض بالمثل استصحاب النجاسة المعلومة بالاجمال عند اصابة القطرة سليم عن المعارض و الحاصل ان عدم كون العلم الاجمالى مؤثرا في تنجيز تكليف انما ينفع في جريان الاصل المنافى له في بعض اطراف الشبهة مما هو مورد ابتلاء المكلف لا انه لو شك في بقاء ذلك المعلوم بالاجمال و احتيج إلى استصحابه لم يجر استصحابه فالمانع عن جريانه في المثال كما في ما نحن فيه ليس الا ابتلائه بمعارضة استصحاب الطهارة المتيقنة بعد الغسل و قد يقال فيما نحن فيه ان الثوب بعد الغسل بالمائين المشتبهين محكوم بالنجاسة بدعوى ان نجاسة هذا الثوب عند غسله بالماء الثاني في أول زمان الملاقاة معلومة بالتفصيل و كونها بسبب سابق على الغسل بالماء الثاني معلوم فتأثير هذه الغسلة في زوال النجاسة الثابتة حال الملاقاة معلوم فالأَصل بقائها و فيه ان هذه الدعوي معارضة بان حصول طهارة لهذا الثوب بعد تمام الغسلتين معلوم اجمالا و سبقها على أول زمان الملاقاة معلوم فالأَصل بقائها و لا فرق في المستصحب بين كونه معلوما بالاجمال أو بالتفصيل حتى يصلح فرض النجاسة في أول زمان الغسلة الثانية معلومة بالتفصيل مانعا عن استصحاب الطهارة فلا محيص عن معارضة كل من الاصلين بالاخر و تساقطهما نعم يمكن ان يمنع الاستصحاب راسا في مثل المقام بدعوى انا نعلم تفصيلا بان الغسل بالماء الثاني اثر في المحل اثرا شرعيا ضد ما كان له سابقا و لكنه نشك في انه هل اثر فيه الطهارة أو النجاسة و لا يمكن تعيين ما حدث بالاصل و الشك فيه مسبب عن الشك في طهارة الماء و نجاسته و حيث لا أصل يحرز به شيء من الوصفين للماء كما هو المفروض فلا بد من الرجوع إلى الاصل الجارى في نفس المسبب و هي قاعدة الطهارة لا استصحابها اذ ليس للمحل حالة سابقة متيقنة حتى تستصحب و سيمر عليك في مسألة من تيقن الطهارة و الحدث و شك في المتأخر منهما بعض ماله ربط تام بالمقام فتبصر ( الامر الخامس ) لو لاقى احد المشتبهين جسم طاهر فمقتضى الاصل طهارته هذا إذا لم يكن للاخر ايضا ملاق في عرض هذا الملاقى و الا يجب الاجتناب عن الملاقيين ايضا للعلم الاجمالى بنجاسة أحدهما بملاقاة النجس الواقعي فالأَصل في كل منهما معارض لجريانه في الاخر و كذا يشترط في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقى عدم قيامه مقام الملاقى بالفتح في كونه طرفا للعلم الاجمالى المنجز للتكليف كما لو فقد الماء الملاقى بالفتح قبل حصول العلم الاجمالى و تنجز الخطاب بالاجتناب فانه بعد ان علم ان الماء المفقود الذي لاقاه ثوبه الطاهر مثلا كان طرفا للشبهة يعلم اجمالا بان الطرف الاخر اما نجس أو ثوبه متنجس فيجب الاجتناب عن كليهما لعين ما مر ( ان قلت ) ما الفرق بين وجود الملاقى بالفتح و فقده حتى ألزمت بوجوب الاجتناب عن ملاقيه في الصورة الثانية دون الاولى ( قلت ) إذا علمنا اجمالا ان احد الانائين ماء و الاخر خمر و اشتبها و لاقي أحدهما جسم طاهر و كان المجموع بين أيدينا في محل الابتلاء فلا شبهة في تنجيز الخطاب باجتناب عن الخمر المقتضى الوجوب الاجتناب عن كل من الانائين بحكم العقل دفعا للضرر المحتمل في كل منهما و ليس مقتضى حكم العقل و كذا الادلة السمعية الواردة في هذا الباب الا وجوب ترتيب الاحكام الشرعية التكليفية الثابتة لذات الخمر على كل واحد من الانائين من باب الاحتياط و اما الالتزام بالاثار بالوضعية الثابتة للموضوعات الواقعية فلا فليس على من شرب احد الانائين حد الخمر و لا غسل
(53)
المآء المضاف وحدة
فمه لاجل النجاسة لان استحقاق الحد و كذا وجوب غسل الملاقى انما هو من اثار الخمر الواقعية لا من اثار ما يجب تركه الاحتمال كونه خمرا فتنجز الخطاب باجتنب عن ملاقى الخمر فرع إحراز الملاقاة لها و هي مشكوكة و اما علمه الاجمالى بان الثوب اما ملاق للخمر أو ان ذلك الانآء الاخر خمر فلا اثر له مع وجود الملاقى بالفتح السلامة الاصل في بعض اطرافه و هو الثوب عن المعارض لان الاصل في الانآء لاجل معارضته بالاصل الجارى في الملاقى سقط عن حد المعارضة ( و ان ) شئت قلت انه لا اثر لهذا العلم الاجمالى لخروج بعض اطرافه عن صلاحية خطاب منجز بالاجتناب و هو الانآء الاخر و وجه خروجه عن الصلاحية ثبوت الحكم بالاجتناب عنه بسبب سابق طبعا و رتبة و هو العلم الاجمالى الاول الذي هو سبب لهذا العلم الاجمالى المفروض و ليس الثوب الملاقى في عرض الانآء الذي لاقاه حتى يجعل الاصول الجارية في جميعها من المتعارضات بل الشك في نجاسة الثوب مسبب عن الشك في نجاسة الملاقى و قد تقرر في محله ان الشك السببي و المسببي ليسا في مرتبة فان الاصل السببي حاكم على الاصل المسببي فان جرى السببي لم يجر المسببي و ان لم يجرالسببى بعض العوارض كابتلائه بالمعارض كما فيما نحن فيه يرجع إلى الاصل المسببي و هو استصحاب طهارة الثوب و بهذا ظهر الفرق بين ما نحن فيه و بين ما لو اشتبه إناء ثالث بأحد الانائين أو قسم أحدهما قسمين لان الاصول الجارية في جميعها على هذين التقديرين متعارضة بخلاف ما نحن فيه كما انه ظهر الوجه في التفصيل بين فقد الملاقى قبل تنجز الخطاب أو بعده لخروج الشك السببي بفقده عن مجرى الاصول فيقوم المسبب مقامه في المعارضة بخلاف الصورة الثانية ( فلاحظ ) و تدبر فان هذه التفاصيل و ان كانت مما يستبعدها القاصر في بادى رأيه الا ان الفهم القويم و الطبع المستقيم يشهد عليها بل يرى الوجدان السليم سلوك العقلاء عليها بمقتضى جبلتهم من حيث لا يشعرون و كيف كان فلا يهمنا الاطالة في رفع الاستبعاد عن التفصيل بين فقد الملاقى قبل العلم أو بعده بعد مساعدة الدليل و الله العالم ( الطرف ) الثاني في الماء المضاف و هو كل ماء لا يستحق إطلاق اسم الماء عليه عرفا على الاطلاق و انما يستحق إطلاق اسم الماء عليه بعد اضافته إلى شيء آخر اضافة الفرع إلى اصله أو اضافة الجزء إلى كله لا اضافة المظروف إلى ظرفه اوما يشابهها من الاضافات التي لا ينافيها استحقاق الاطلاق كماء النهر و البحر بل كإضافة الماء الذي اعتصر من جسم محتو عليه اصالة إلى ذلك الجسم كماء العنب و الحصرم و الليمو لا بالعرض كالمعتصر من الصوف أو القطن الذي اصابه الماء أو كإضافته إلى ما يتصعد منه كماء الورد أو إلى ما مزج به مزجا يسلبه إطلاق الاسم كماء الزعفران و الحاكم بصحة السلب و عدمها هو العرف كما عن المشهور فلا عبرة بكمية أحدهما كما عن المبسوط من تحديده بعدم أكثرية المضاف و عن القاضي المنع عن استعماله في التطهير مع التساوى تمسكا بالاحتياط في مقابل تمسك الشيخ بأصالة الجواز و كذا لا عبرة بالتقدير كما عن العلامة بعد موافقة المشهور على اعتبار الصدق العرفي حيث اعتبر في خلط المضاف المسلوب الصفات كمنقطع الرائحة من ماء الورد تقديرها و حكى عنه تقدير الوسط منها دون الصفة الشخصية الموجودة قبل السلب و فيه كسابقيه ما اشرنا اليه من ان المرجع في تشخيص الموضوعات التي ليس لها حقيقة شرعيه هو الصدق العرفي فلا مسرح للتشبث بالاصول و القواعد في مقابله ( نعم ) لو اختفى الصدق العرفي بحيث حصل الشك في اندراج هذا الفرد تحت المطلق أو المضاف يجب الرجوع ] ح [ في تشخيصه إلى ما يقتضيه الاصل الموضوعي ان أمكن تعيين احد الموضوعين بالاصل كما لو شك في اضافة الماء باختلاطه بالمضاف أو شيء من الجوامد من تراب و نحوه شيئا فشيئا أوشك في إطلاق المضاف لامتزاجه بالمطلق شيئا فشيئا على وجه يعد المشكوك بنظر العرف بعد المسامحة العرفية عين الموضوع الذي كان في السابق ماء مطلقا أو مايعا مضافا المرجع ] ح [ استصحاب حالته السابقة دون الاصول الجارية في نفس الاحكام لحكومته عليها ( نعم ) قد يناقش في الاستصحاب الموضوعي في مثل هذه الموارد بتبدل الموضوع و يدفعها مسامحة العرف في بعض الصور و قد تحقق في محله ان المدار في إحراز الموضوع في الاستصحاب على المسامحة العرفية و لذا لا يتاملون في استصحاب القلة و الكرية إذا زيد أو نقص الماء بمقدار معتد به عرفا و كيف كان فان أمكن إحراز شيء من الموضوعين بالاصل فهو و الا يجب الرجوع إلى الاصول الجارية في نفس الاحكام المترتبة عليهما فلو غسل به ثوبا نجسا أو توضأ منه لم يطهر ثوبه و لا يرتفع حدثه لان الاصل بقائهما و هل يحكم بنجاسته بملاقاة النجس لو كان كثيرا وجهان اقويهما الطهارة لقاعدتها و اختار شيخ مشايخنا المرتضى ] ره [ الاول نظرا إلى ان ملاقاة النجس مقتضية لتنجيس ملاقيه و إطلاق الماء ككثرته من قبيل الموانع فلا يلتفت إلى احتمال وجوده بعد إحراز المقتضى ( و فيه ) ما عرفت مرة من عدم كفاية إحراز المقتضى في الحكم بثبوت المقتضى ما لم يحرز عدم المانع كما اعترف به شيخنا ] قده [ في موضع من أصوله نعم قد يتخيل في مثل المقام مما استفيد فيه عموم الاقتضاء من الادلة اللفظية ان الشك في وجود المانع مرجعه إلى الشك في تخصيص تلك العمومات فينفيه اصالة عدم التخصيص التي هى حجة معتمدة عند العرف و العقلاء كما اشار اليه شيخنا ] قده [ في مبحث الماء الجارى و سنوضح تقريبه ] انش [ و فيه انه لو تم فانما هو في الشبهات الحكمية اعنى الشك في مانعية
(54)
عدم ازالة المضاف حدثا ولا خبثا
مفهوم كلى لا في الشك في كون الموضوع الخارجي مصداقا لمانع معلوم لما تقرر في محله من عدم جواز التشبث بالعمومات في الشبهات المصداقية فلو قال اكرم العلماء ثم قال لا تكرم فساقهم و شك في ان زيدا فاسق ام عادل لا يجوز الحكم بوجوب اكرام زيد لاصالة العموم لان اندارجه تحت عنوان الفاسق لا يستلزم تخصيصا زائدا على ما علم حتى ينفيه اصالة العموم أو اصالة عدم التخصيص ثم انه لا فرق بين الماء المضاف و غيره من الاجسام المايعة الطاهرة في جميع الاحكام فلو أريد بالعنوان يعم الجميع و لو بنحو من المسامحة لكان اشمل و هو اى الماء المضاف طاهر لو كان المضاف اليه طاهرا كما هو ظاهر لكن لا يزيل حدثا ] مط [ و لو اضطرارا بلا خلاف كما عن المبسوط و السرائر بل إجماعا كما عن واحد نقله و يدل عليه مضافا إلى الاصل و الاجماع رواية ابى بصير عن ابى عبد الله عليه السلام في الرجل معه اللبن أ يتوضأ منها للصلوة قال لا انما هو الماء و الصعيد و رواية عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال إذا كان الرجل لا يقدر على الماء و هو يقدر على اللبن فلا يتوضأ انما هو الماء و التيمم و ظهورهما في الانحصار لا ينكر ( و يدل ) عليه ايضا الامر بالتيمم مطلقا في الكتاب و السنة عند فقدان الماء ( و ) يؤيده إطلاقات الاخبار الواردة في باب الطهارات و ما دل منها و من الكتاب العزيز على ان الله تعالى خلق الماء طهورا الواردة في مقام الامتنان المشعرة بانحصار المطهر فيه فلا يعارضها خبر محمد بن عيسى عن يونس عن ابى الحسن ( ع ) عن الرجل يغتسل بماء الورد و يتوضأ به للصلوة قال لا بأس به بعد اعراض الاصحاب عنه و موافقته للعامة و ان كان اخص مطلقا و قد افتى الصدوق بمضمونه و لكنه لا يخرجه عن الشذوذ حتى يصلح مستندا للحكم خصوصا مع ضعف سنده قال الشيخ ] ره [ في التهذيب انه خبر شاذ شديد الشذوذ و ان تكرر في الكتب و الاصول فانما اصله يونس عن ابى الحسن عليه السلام و لم يروه غيره و قد اجتمعت العصابة على ترك العمل بظاهره ( انتهى ) و عن الذكرى ان قول الصدوق يدفعه سبق الاجماع و تأخره و معارضته الاقوى انتهى ( و اما ) ما ورى من ان النبي صلى الله عليه و آله توضأ بالنبيذ فهي لو لم تكن تقية محمولة على ما بينه الصادق ( ع ) في رواية الكلبي النسابة حين سئله عن النبيذ فقال ( ع ) حلال فقال انا ننبذ فنطرح فيه العكر و ما سوى ذلك فقال ( ع ) شه شه تلك الخمرة المنتنة قلت جعلت فداك فاى نبيذ تعني فقال ان أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه و اله تغير الماء و فساد طبائعهم فامرهم ان ينبذوا و كان الرجل يأمر خادمه ان ينبذ له فيعمد إلى كف من تمر فيقذف به في الشن فمنه شربه و منه طهوره فقلت و كم كان عدد التمر الذي في الكف قال ما حمل الكف قلت واحدة أو اثنتين فقال ربما كانت واحدة ربما كانت اثنتين فقلت و كم كان يسع الشن ماء فقال ما بين الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت باى الارطال فقال أرطال مكيال العراقي و في رواية اخرى لا بأس بالنبيذ لان النبي صلى الله عليه و آله قد توضأ به و كان ذلك ما اقد نبذت فيه تميرات و كان صافيا فوقها فتوضأ به و معلوم ان هذا المقدار من التمر لا يخرجه عن كونه ماء مطلقا فلا اشكال فيه و عن ظاهر بن ابى عقيل جواز الطهارة بالمضاف عند فقدان الماء و لعل مستنده قاعدة الميسور ( و فيه ) ما عرفت من النص و الاجماع على انحصار الطهور بالماء و الصعيد فعند فقدان الماء يجب التيمم و الله العالم و لا يزيل خبثا على الاظهر عند أكثر اصحابنا كما عن الخلاف بل هو المشهور شهرة كادت تبلغ الاجماع كما في الجواهر بل الظاهر انقراض الخلاف في هذا العصر بل و كذا في اغلب الاعصار السابقة اذ لم ينقل الخلاف في هذه المسألة الا عن السيد و المفيد ( نعم ) ربما يعد المحدث الكاشاني في هذه المسألة من المخالفين و لكنه في محله حيث ان خلافه يتؤل إلى منع كون النجس منجسا بحيث يجب غسل ملاقيه بعد زوال عينه الا فيما ثبت فيه وجوب الغسل بالخصوص كالثوب و البدن فلا يجزى فيه ] ح [ الا الماء قال في محكي المفاتيح يشترط في الازالة إطلاق الماء على المشهور خلافا للسيد و المفيد فجوزا بالمضاف بل جوز السيد تطهير الاجسام الصيقلية بالمسح بحيث تزول العين لزوال العلة و لا يخلو عن قوة اذ غاية ما يستفاد من الشرع وجوب اجتناب اعيان النجاسات اما وجوب غسلها بالماء من كل جسم فلا فكل ما علم زوال النجاسة عنه قطعا حكم بتطهيره الا ما أخرج بدليل حيث اقتضى فيه اشتراط الماء كالثوب و البدن ( و ) من هنا يظهر طهارة البواطن كلها بزوال العين مضافا إلى نفى الحرج و يدل عليه الموثق و كذا اعضاء الحيوان المتنجسة الادمي كما يستفاد من الصحاح ( انتهى ) و هذه العبارة كما تريها مقتضاها عدم انفعال شيء بملاقاة النجس ما عدا الاجسام التي ورد الامر بغسلها بالخصوص و كفى في فسادها مخالفتها للقاعدة المسلمة المغروسة في اذهان المتشرعة خلفا عن سلف من ان ملاقاة النجس برطوبة مسرية سبب لتنجيس ملاقيه كما يرشدك إليها التتبع في الاخبار فانك لا تكاد ترتاب بعد التتبع في ان نجاسة ملاقى البول و الخمر و المنى و غيرها من النجاسات كانت من الامور المفروغ عنها عند السائلين و الائمة عليهم السلام كانوا يأمرونهم بالتجنب عنه و غسله بالماء مرة أو مرتين أو ثلثا مع التعفير و بدونه كيف و لو بني على الاقتصار في حكم كل واحدة واحدة من النجاسات على متابعة النص الوارد فيها بالخصوص و عدم التخطى عن مورده بالنسبة إلى سائر النجاسات و سائر الاجسام الملاقية لها لاستلزم تأسيس فقه جديد و للزوم التفكيك بين اثارها حتى في الثوب و البدن و الاوانى و غيرها من المأكول و المشروب ضرروة انه لم يرد في كل واحدة منها بالنسبة إلى كل واحد
(55)
من هذه الاشياء نص بالخصوص و كيف كان فلا شبهة في فساد ذلك و مخالفته للاجماع و الاخبار الصريحة في ان للبول و غيره من النجاسات تأثيرا في ملاقيه لا يزول بزوال عينه كيف اتفق بل لابد فيه من الغسل و اما نسبة هذا القول إلى السيد فمنشأها بحسب الظاهر الاخذ بمقتضى بعض ما ذكره السيد وجها لما اختاره من جواز الازالة بالمايعات حيث قال عند تعداد الادلة ( و منها ) ان الغرض من الطهارة ازالة عين النجاسة و هو حاصل بالمايعات فتخيل ان السيد يلتزم بطهارة الاجسام الصيقلية بزوال العين لزوال العلة و غفل عن ان السيد لا يلتزم بما يقتضيه هذا الدليل لان مآله حقيقة إلى الالتزام بعدم انفعال شيء بشيء من النجاسات و انما الاحكام الشرعية محمولة على اعيان النجاسات ] مط [ حتى في الثوب و البدن فالثوب المتلطخ بالدم لا تصح الصلوة فيه لوجود الدم فيه لا لا نفعا له بالدم فيكون حكم النجاسات ] ح [ بالنسبة إلى الصلوة حكم فضلات المأكول في دوران الحكم مدار وجود عينها و هذا المعنى لو لم يكن بإطلاقه مخالفا لضرورة المذهب فلا اقل من مخالفته للاجماع و السنة و لذا اجاب المصنف ] ره [ في محكي المعتبر عن هذا الدليل بان نجاسة البول لا تزول عن الجسد بالتراب باتفاق منا و من الخصم فظهر لك ان الخلاف في هذا المقام مع السيد انما هو في ان الثوب المتنجس مثلا الذي ثبت بالنص و الاجماع انه لا يطهر بزوال العين منه كيف اتفق هل يكفى في تطهيره الغسل بالمضاف ام يشترط ان يكون بالماء المطلق ( و يدل ) على المشهور مضافا إلى إطلاقات الاخبار التي لا تتناهى كثرة الآمرة بغسل الثوب و البدن و الاناء و غيرها من المتنجسات بالماء ففى بعضها لا يجزى من البول الا الماء و في فضل الكلب اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء إلى ذلك من الاخبار الخاصة المتمعة فيما عدا مواردها بعدم القول بالفصل استصحاب الاثر الحاصل في الملاقى بملاقاة النجس المتفق عليه بين الكل حتى الاخبار بين بل عن المحدث الاسترابادى عد مثله من ضروريات الدين ( و يدل ) عليه ايضا قوله ( ع ) في حديث كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع الله عليكم بأوسع ما بين السماء و الارض و جعل لكم طهورا و هذه الرواية صريحة في ان البول يؤثر في ملاقيه تأثيرا معنويا لا يرتفع الا برافع شرعي اذ لو كان اثره تابعا لوجود عينه لما احتاج بنوا إسرائيل إلى المقاريض و لما كان لجعل الماء طهورا بالنسبة إلى البول معنى فضلا عن ان يكون فيه الامتنان على العباد فتدل الرواية باتم افادة على ان البول يؤثر في ملاقيه تأثيرا يتوقف ازالته على ما جعله الشارع مطهرا و هو الماء ثم ان قلنا بان قصر الحكم على الماء في مقام الامتنان يدل على انحصار المطهر فيه فهو المطلوب و الا فنقول عدم ثبوت وصف المطهرية لغير الماء كاف في الحكم بالعدم و لو لم نقل باستصحاب النجاسة بل القاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الامور المشروطة بالطهارة ( احتج السيد على ) ما نقل عنه بوجوه منها ما عرفته مع ما فيه ( و منها ) إجماع الفرقة المحقة و فيه ما لا يخفى و لذا اعتذر المصنف ] ره [ عنه حيث قال فيما حكى عنه و اما قول السائل كيف اضاف السيد و المفيد ذلك إلى مذهبنا و لا نص فيه فالجواب اما علم الهدى فانه ذكر في الخلاف انه انما اضاف ذلك إلى مذهبنا لان من اصلنا العمل بالاصل ما لم يثبت الناقل و ليس في الشرع ما يمنع الازالة بغير الماء من المايعات ( ثم ) قال و اما المفيد ] ره [ فانه ادعى في مسائل الخلاف ان ذلك مروى عن الائمة عليهم السلام ( انتهى ) و لا يخفى انه إذا كان دعوى مدعى الاجماع مسببة عن الاصل و الرواية فلا بد من ان ينظر إليهما لا إلى دعواه نقول اما الاصل فلا يعارض شيئا من الادلة المتقدمة مضافا إلى ما عرفت من ان استصحاب النجاسة حاكم عليه ( و اما ) الرواية فلم يصل إلينا الا خبر غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام عن ابيه عن على عليه السلام قال لا بأس ان يغسل الدم بالبصاق و قد اعرض الاصحاب عنه فيجب طرحه أو تأويله بما لا ينافى الادلة المتقدمة ( و منها ) إطلاق الامر بالغسل من النجاسة في كثير من الاخبار من تقييده بالماء ( و فيه ) انها منصرفة إلى ما هو المتعارف و هو الغسل بالماء و قد تفطن السيد ] ره [ إلى هذا الجواب و دفعه فيما حكى عنه بانه لو كان كذلك لوجب المنع عن غسل الثوب بماء الكبريت و النفط و لما جاز ذلك إجماعا علمنا عدم الاشتراط بالعادة و ان المراد ما يتناوله اسمه انتهى و فيه أولا ان ثبوت الحكم لبعض الافراد النادرة الدليل آخر لا يدل على ارادته من المطلق حتى يعم تمام الافراد و ثانيا سلمنا دلالته على ذلك و لكنه لا يستلزم إرادة صرف الطبيعة من المطلق حتى يتسرى الحكم إلى سائر الافراد النادرة خصوصا في مثل المقام المعلوم اشتراك الفرد النادر الداخل مع تمام الافراد الشايعة في جنس قريب اخص من صرف الطبيعة و هو كونه ماء ] مط [ فالعلم بإرادة الغسل بماء الكبريت لا يدل الا على إرادة الغسل بجنس الماء مطلقا لا مطلق الغسل ] مط [ و ثالثا فبالفرق بين الانصرافين فان الانصراف عن ماء النفط و الكبريت ليس الا لندرة هذا القسم من الماء بحسب الوجود و الا فالغسل به متعارف فانصراف الذهن عنه منشأه الغفلة و عدم التفاته اليه تفصيلا و ذلك نظير انصراف ذهن السامع عن الغسل بماء المياه الموجودة في غيره و من المعلوم ان مثل هذه الانصرافات انصرا فات بدوية لا تضر في التمسك بالاطلاقات و اما الغسل بغير الماء كاللبن و الخل و ماء الورد و غيرها فليس لندرة وجودها بل لعدم تعارف الغسل بها بحيث لو فرض وجودها عند السامع لا يلتفت إلى الغسل بها أصلا حتى لو لم يكن عنده الماء و هذا النحو من الانصراف هو المضر في مقام الاستدلال هذا مع ان الاخبار المقيدة كافية في إبطال الاستدلال بالمطلقات ( و دعوى ) ان القيد فيها وارد مورد الغالب المتعارف