دليله أن في الاوامر الالهية التي من باب العبادات لا يكفي الاتيان بالمطلوب بأي وجه كان بل لابد من الاتيان به متقربا اليه فالمأمور به في الحقيقة في أمثال هذه الاوامر ليس الطبيعة مطلقة بل الطبيعة مع قيد الاخلاص و سيجيء الكلام فيه انشاء الله تعالى في مبحث النية و لا شك أن الاتيان بالمطلوب فيما نحن فيه التقرب و لا نسلم أنه يلزم أن يكون المنظور ذلك الطلب بخصوصه لا يقال أن ما ذكرت و إن صح بحسب العرف لكن الشرع ورد بخلافه للرواية التي كادت أن تكون متواترة كما هو المشهور من قوله انما لامرء ما نوى لان في الصورة المذكورة لم ينو إمتثال الجنابة فلم يكن له بدليل الحصر لانا نقول لا نسلم عموم هذه الرواية بل هي اما مجملة لم يعلم المراد منها أو ظاهرة في أن للمرء في أعماله ما قصده من ذلك العمل من التقرب إلى الله تعالى و طلب مرضاته و المثوبات الاخروية أو مطلبا آخر فاسد من المطالب الدنيوية و حاصله أنه لابد في الاعمال من الاخلاص و أن يكون الغرض منها ابتغاء مرضاته حتى يترتب عليها الثواب و قس عليه ما ورد ايضا من أنه لا عمل إلا بنية و إنما الاعمال بالنيات و ليس المراد ان ما لم يقصد في الاعمال لم يحصل للمرء أي شيء كان كما يحكم به الوجدان و على تقدير تسليم العموم ايضا يمكن ؟ ان يقال لا نسلم أنه لم ينو في الغرض المذكور إمتثال أوفر ما عدا الجنابة لان الامتثال كما عرفت انما يحصل بإتيان الفعل مع الاخلاص فعند قصد ذلك الفعل مع الاخلاص انما يقصد الامتثال ايضا ضمنا و إن لم يكن صريحا و لا نسلم ظهور الرواية في القصد الصريح فإن قلت بما تقرر ظهر أن في الصورة المذكورة يحصل الامتثال بمعنى سقوط الذم على الترك و العقاب به و عدم بقاء توجه التكليف اليه فهل يحصل الثواب و الاجر على مثل ذلك الفعل قلت الظاهر على قاعدة القايلين بأن الحسن و القبح عقليان و هو الحق كما بين في موضعه أن يكون له استحقاق مدح أو ثواب على ذلك الفعل اذ على هذه القاعدة لابد أن يكون للفعل في نفسه حسن حتى يأمر به الشارع فلما امر الشارع بذلك الفعل علم أنه حسن في الواقع و حسنه لابد أن لا يكون مشروطا بشيء اذ لو كان مشروطا لامر بذلك الشرط ايضا غاية ما في الباب تسليم اشتراطه بالقربة بناء على دلالة الكتاب و السنة عليه و أما اشتراطه بأن يكون الاتيان لخصوص ذلك الامر فلا إذا قد علمت أنه لا يلزم من نفس الامر بذلك الشيء و لا دليل خارجا ايضا يدل عليه و القربة موجودة في فرضنا هذا فلا بد أن يحصل للمكلف ما يترتب على ذلك الفعل من مدح أو ثواب أو كمال أو ذلك من المنافع الدنيوية و الاخروية نعم لا نأبى ايضا من أن يكون الاتيان بقصد إمتثال ذلك الامر بخصوصه حسنا لحكم العقل به ظاهر أو قد فاته حينئذ ذلك الحسن هذا و لا يخفى عليك جريان ما ذكرنا من تحقق الامتثال في كلا وجهي هذا القسم السابقين لان المكلف إذا كان عالما بأنه إذا اغتسل للجنابة يلزمه الخروج عن عهدة الغسل الآخر ايضا فلا يكون قصد نفيه قصدا حقيقيا بل يكون من باب التخيلات و إن لم يعلم فحينئذ و إن أمكن تحقق ذلك القصد منه خطأ لكن الظاهر أنه ليس بضائر لما علمت من كفاية الاتيان بالفعل في الامتثال عرفا و اشتراطه بالقربة في العبادات شرعا و أما ذلك فلا حتى يثبت بدليل و لا دليل على اشتراط عدم قصد النفي و ما يتخيل من دلالة الرواية المذكورة فقد عرفت ما فيه هذا حال الامتثال و أما الروايات فلانها بإطلاقها دالة على كفاية الغسل الواحد مطلقا هو شامل لهذه الصورة ايضا فيجب الحكم بدخولها تحته لعدم ما يخرجها نعم لو ثبت أن في مثل هذه الصورة لم يتحقق الامتثال للجميع بل الامتثال انما هو للمنوي فقط لكان في دلالة الروايات حينئذ اشكال لوجود المعارض بيانه انه لو لم يتحقق الامتثال للجميع بل للمنوي فقط لكان كفاية الغسل الواحد عنه باعتبار سقوط التكليف عن المنوي اذ مع التكليف لابد في الخروج عن العهدة من الامتثال و هو ظاهر و سقوط التكليف عن المنوي مستلزم لتقييد التكاليف المطلقة به اذ مع بقائها على الاطق لا معنى للسقوط و معنى التقييد هاهنا ان التكليف بغسل الحيض مثلا انما هو مقيد بعدم الغسل للجنابة اذ معه لا يجب غسل الحيض و اذ تقرر هذا فنقول قد تعارض عموم الروايات الدالة على وجوب غسل الحيض مثلا و الروايات الدالة على الكفاية و بينهما عموم من وجه فكما يمكن تقييد روايات الوجوب بعدم غسل الجنابة كذلك يمكن تقييد روايات الكفاية بقصد الجميع لتحقق الامتثال حينئذ و الظاهر ان الثاني أولى لكثرة المعارضات و أرجحية مستندها مع ان الظاهر من رواية الكفاية ايضا بقاء وجوب الاغسال بحالها و كفاية غسل واحد لها لا سقوط بعضها و لا يذهب عليك أن في صورة الشك ايضا في كون هذا الفعل إمتثالا للجميع أو لا يمكن الاتسدلال بروايات الكفاية كما في صورة اليقين بالامتثال اذ لو بقي هذه الروايات على عمومها لم يعلم بتحقق التخصيص في روايات الوجوب لاحتمال الامتثال حينئذ و لو خصص لكان التخصيص متيقنا و لا ريب ان ارتكاب احتمال التخصيص ادنى من ارتكابه يقينا هذا و أما حال وجوب الوضوء مع هذا الغسل و عدمه فعلى ما اخترناه ظاهر و أما على المشهور فالظاهر ايضا أنهم قائلون بعدمه و أنت خبير بأن مع ثبوت الاتفاق لا بحث و أما مع عدم ثبوته فللبحث مجال كما علمت في سابقه نعم لو قيل بأن الكناية هاهنا ليس من جهة الامتثال للجميع بل من جهة سقوط الجنابة لكان عدم الوجوب حينئذ ظاهرا من مناقشة كما لا يخفى و أما الثالث و هو أن ينوي الجنابة ففي الاجزاء حينئذ خلاف فالمحقق في المعتبر و المصنف في الذكرى و هذا الكتاب ذهبا إلى الاجزاء و العلامة ( ره ) في القواعد إلى عدمه و هذا هو لذي حكم المصنف بأنه تحكم و لما كان في كلام القوم هاهنا اشتباه فلا بد أولا من تحرير محل النزاع و توضيحه ثم الاشتغال بأدلة الطرفين فاعلم أولا انهم ذكروا أن هذا الخلاف يتأتى على المشهور من وجوب الوضوء في الجنابة و عدمه فيها و أما على ما ذهب اليه المرتضى ( ره ) من عدم الوجوب فيهما جميعا فلا مجال للخلاف اذ على هذا لا ريب في ألاجزاء و على تقدير الخلاف فكلام العلامة ( ره ) مشتبه في كتبه أن الخلاف فيما ذا فيفهم من بعض كتبه ظاهرا أن الخلاف في ارتفاع حدث الجنابة بذلك الغسل و عدم ارتفاعه مع صحته في نفسه و اجزائه عن الحدث المنوي و من البعض الآخر أن الكلام في صحة هذا الغسل و اجزائه عن الحدث المنوي ايضا لا في اجزائه عن الجنابة فقط و يمكن أن يكون الاشكال في موضعين الاول في صحة هذا الغسل و اجزائه عن المنوي و الثاني في اجزائه عن الجنابة بعد صحته في نفسه و لنفرض الكلام أولا في الموضع الاول فنقول الظاهر صحة هذا الغسل للامر به مطلقا من تقييد فيكون الاتيان به مجزيا و هو معنى الصحة و ما يمكن أن يستدل به على خلافه كما يستنبط من كلام العلامة في كتبه فمدفوع و هو أن حد الجنابة أقوى من غيرها من أسباب الغسل و رفع الادنى لا يستلزم رفع الاقوى و إذا لم يرتفع الجنابة لم يرتفع غيرها ايضا لان مع بقاء الاقوى لا يمكن ارتفاع الاضعف و وجه قوة الجنابة أن مع ارتفاعها يرتفع باقي الاحداث بخلاف ما عداها بدليل وجوب الوضوء بعد غسله دون غسلها و هذه الاستدلال ضعيف و من وجوه أحدها ما علمت سابقا من عدم ثبوت هذه المقدمات التي يدعيها القوم من ثبوت الحدث و غيره مما مر و ثانيها منع قوة الجنابة قولهم في بيانها مع ارتفاعها برافع باقي الاحداث نقول هذا انما يستلزم قوة رافعها لا قوتها و هو ظاهر و فيه كلام آخر ايضا سيجئ في الموضع الثاني كما يستنبط من كلام العلامة في كتبه و القول بأنها إذا لم يكن قوية لم يكن رافعها قويا بل يكون كرافع ما عداها ممنوع و ثالثها قولهم ان رفع الادنى لا يستلزم رفع الاقوى ان أريد به ظاهره من عدم الاستلزام فممنوع لكن عدم الاستلزام لا يستلزم عدم ارتفاع الاقوى مطلقا اذ يجوز ان يرتفع الاقوى بارتفاع الادنى في بعض المواضع و إن لم يكن لازما فحينئذ لا نسلم وضع المقدم في قولهم و إذا لم يترفع الجنابة فإن قيل إذا لم يستلزم رفع الادنى رفع الاقوى يلزم عدم ارتفاع الاقوى فيما نحن بصدده اذ لا بد في ارتفاعه من دليل لانه حكم شرعي لا يرتفع إلا بدليل و لا دليل هاهنا قلنا عدم الدليل ممنوع لان الادلة الدالة على اجزائه عن الجنابة كما سنذكرها انشاء الله تعالى دالة عليه و إن أريد عدم رفعه للاقوى مطلقا أو فيما نحن فيه فممنوع و سنذكر انشاء الله تعالى في الموضع الثاني ما يمكن أن يستدل به على المقدمة ؟ مع جوابه و رابعها منع قولهم مع بقاء الاقوى لا يمكن ارتفاع الاضعف ثم ان العلامة ( ره ) استشكل في المقام بعد أن قرب عدم الاجزاء في صورة انضمام الوضوء إلى ذلك الغسل فان كان فرض كلامه ( ره ) في هذا الموضع فوجه الاستشكال ان هذا الغسل مع الوضوء لما كان مساويا لغسل الجنابة في رفع جميع الاحداث و استباحة الصلوة فيلزم ان يرتفع به الجنابة ايضا كمساويه و مع ارتفاعها لا اشكال في ارتفاع ما عداها ايضا و أن هذا الغسل بنفسه لما لم يرفع الجنابة كما بينا فلم ينفع انضمام الوضوء اليه لانه لا دخل له في ارتفاع الجنابة أصلا بل انما هو لارتفاع الحدث الاصغر و إذا لم يرتفع الجنابة فالحكم باق بحاله و اذ قد علمت الحال في هذا الموضع فلنشرع إلا أن في الموضع الثاني فنقول الظاهر ايضا تحقق التداخل في هذا الموضع اما على ما اخترناه من عدم وجوب الوضوء في الاغسال مطلقا فظاهر أما أولا فلما عرفت من عدم الخلاف على هذا القول و أما ثانيا فلصدق الامتثال و إطلاق الروايات المتقدمة و أما على المشهور فلثاني الوجهين و قد استدل المحقق الشيخ على ( ره ) في شرح القواعد بوجوه أخر ضعيفة يظهر ضعفها بالتأمل فيما ذكرناه و لم نذكرها مخافة التطويل فمن رامها فليراجعها و أما حجة النافين فهي ان غسل الجنابة أكمل من غيره من الاغسال و أقوى و الاضعف لا يقوم مقام الاقوى فلا يكون هذا الغسل مجزيا عنه و أما بيان قوة غسل الجنابة فمن وجهين الاول ان حدث الجنابة أقوى من غيره لما تقدم فيكون الغسل الذي رافعه أقوى من غيره و الثاني ان غسل الجنابة لما رفع جميع الاحداث صغيرها و كبيرها بدليل عدم الاحتياج إلى الوضوء يكون أقوى من غيرها مما لم يرفع الاصغر لاحتياجه إلى الوضوء و فيه نظر من وجوه أحدها عدم ثبوت هذه المعاني كما مر مرارا و ثانيها أنا لا نسلم أن هاهنا قياما لغير غسل الجنابة مقامه لان هذا الغسل غسل الجنابة ايضا لان غسل الجنابة ما يكون بالوجه الخاص بعد الجنابة للقربة و هذه الاوصاف متحققة فيه و أما قصد أنه غسل الجنابة صريحا فلا نسلم لزومه في تحققه و ثالثها منع قوة غسل الجنابة و ما ذكره في بيانه من الوجهين فاسد أما الاول فلمنع قولهم بارتفاعها يرتفع باقي الاحداث بخلاف ما عداها قولهم في بيانه بدليل وجوب الوضوء بعد غسله دون غسلها قلنا هذا لا يستلزم المطلوب لجواز أن لا يكون وجوب الوضوء لارتفاع الحدث الاصغر الباقي بعد ارتفاع الحدث الاكبر بل يكون لقوة هذه الاحداث بحيث لا يكفي في رفعها الغسل فقط بل لابد فيه من الوضوء ايضا بخلاف الجنابة اذ يكفي في رفعها الغسل فقط لضعفها و قد يؤيد قوة الحيض بالنسبة إليها ما رواه الكافي في باب المرأة ترى الدم و هي جنب عن سعيد بن يسار قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) المرأة ترى الدم و هي جنب ا تغتسل من الجنابة أو غسل الجنابة و الحيض واحد فقال قد اتاها ما هو أعظم من ذلك و أما الثاني فلمثل ما ذكرنا ايضا لان الاحتياج إلى الوضوء لا يلزم من أن يكون للحدث الاصغر بل يجوز أن يكون لما تقدم و لو سلم أنه للحدث الاصغر فنقول لم لا يجوز أن يكون الاغسال متساوية في القوة لكن لما كان حدث الجنابة ضعيفا يقوى غسلها على رفعه مع رفع الحدث الاصغر بخلاف باقي الاحداث لانها لقوتها لا يقوى غسلها على رفعها مع رفع الحدث الاصغر بل انما يرفعها فقط و يحتاج إلى الوضوء لرفع الاصغر هذا ما يقال في هذا المقام من باب المناظرة و موافقة القوم و الحق أن أمثال هذه الوجوه و الدلايل ما لا يناسب طريقتنا بل هي مناسبة لطريقة الجمهور و قد يستدل ؟ على عدم الاجزاء بأن الافعال تابعة للقصود و الدواعي فحيث لم يقصد غسل الجنابة و ارتفاعها لم يحصلا و جوابه يظهر مما قدمناه و يستدل ايضا بما رواه التهذيب في الزيادات في باب الحيض في الموثق عن سماعة بن مهران عن ابي عبد الله و أبي الحسن ( عليهما السلام ) قالا في الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة قال غسل الجنابة عليها واجب و فيه بعد الطعن في السند أنه لا يستلزم المدعى لان وجوب غسل الجنابة عليها لا ينافي تداخله مع غسل الحيض اذ مع التداخل لا يرتفع الوجوب كما علمت مما سبق فإن قلت إذا لم يكن غسل الجنابة على حدة لازما و لا نية بخصوصه ايضا كما ذهبتم اليه فأي فائدة في حكمه ( عليه السلام ) بوجوبه قلت لعل فايدته رفع توهم أنه حينئذ تسقط وجوب غسل الجنابة و انما يجب غسل الحيض فقط و فايدة بقاء الوجوب ظاهرا حينئذ لو ترك الغسل بعد الحيض لكان العقاب بترك واجبين و لو أتى به لكان الثواب بفعلهما إلى ذلك و لا ينحصر الفايدة في الافراد و النية هذا ثم انه إذا قيل بصحة هذا الغسل و رفعه للحدث المنوي و عدم رفعه للجنابة فلا بد له من الوضوء بناء على المشهور فمع الوضوء هل يرتفع الجنابة أو لا فقد توقف فيه العلامة ( ره ) في المنتهى و فى القواعد ايضا بناء على أن يكون كلامه في القواعد في الموضع الثاني و قرب الارتفاع في التذكرة و منشأ التوقف كما في المنتهى عموم الاذن في الدخول في الصلوة من الاغتسال من الحيض و النفاس و الوضوء و ذلك يستلزم رفع كل حدث و كون الغسل الاول لم يقع من الجنابة و الوضوء ليس برافع لها و وجه التقريب في التذكرة بوجود المساوي لغسل الجنابة في الرفع و ؟ غنيه عن النظر في هذه الوجوه و إذا قيل بصحته و رفعه للجنابة كما اخترنا فهل يجب الوضوء ام لا قرب المحقق في المعتبر عدم الوجوب و حكم العلامة ره ايضا في المنتهى بعدم الوجوب على ذلك الفرض و قرب المصنف ( ره ) في الذكرى وجوبه لعموم ادلة الوجوب و أنت بما ذكرنا سابقا يمكنك استنباط الحال هاهنا ايضا و أما على ما أخترناه من عدم وجوب الوضوء في الاغسال مطلقا فالأَمر واضح و أما الرابع و هو ما يكفي فيه نية رفع الحدث مطلقا أو الاستباحة فالظاهر ايضا الاجزاء عن الجميع لصدق الامتثال و الروايات و كلام الاصحاب ايضا مما اطلعنا عليه دال على الاجزاء و ذكروا أن نية السبب لا يحتاج إليها في الغسل الواجب لان المطلوب فيه رفع الحدث و الاستباحة كما في الحدث الاصغر إلا أن العلامة ( ره ) استشكل فيه في القواعد و ان كان في الاستشكال ايضا مائلا إلى طرف الاجزاء كما يظهر من عبارته و منشأ الاشكال كما قال شارحه المحقق ( ره ) من أن غسله صالح لكل من الاضعف و الاقوى و الرفع انما يتحقق بانصرافه إلى الاقوى و انصرافه اليه ترجيح من مرجح و من عموم قوله ( عليه السلام ) انما لكل إمرء ما نوى و قد نوى بالاستباحة زوال المانع فيجب أن يحصل له و انما يتحقق برفع حدث الجنابة فيرتفع انتهى ثم قال و قوة هذا الوجه ظاهرة و أنت بما قدمنا لا تحتاج إلى بيان ما في الوجه الاول و أما الوجه الاخير الذي قواه ايضا فهو ضعيف اذ لا دلالة في الخبر على ان جميع ما ينوي المرء يحصل له غايه ما في الباب تسليم دلالتها على أن جميع ما لم يبق لم يحصل له و هذا لا يستلزم الاول لان عكس نقيضه لا ينعكس كليا لايجابه و كلمة ما و إن سلم عمومها لكن في هذا المقام لا يدل على العموم ظاهرا كما يحكم به الوجدان في ملاحظة ما هو بمنزلته من النفي و الاستثناء كما يقال ما عملت الا ما يضرني ما وصل الي من فلان إلا ما لا ينفعني ما اكتسب فلان إلا ما هو وبال عليه إلى ذلك فإنه يفهم من جميعها انتفاء ما عدا مدخول ما لا تحقق جميع افراد مدخولها فالأَولى أن يتمسك فيه بما ذكرنا من الامتثال و الروايات و قد قطع القائلون بالاجزاء حينئذ بعدم الاحتياج إلى الوضوء و أنت خبير بإمكان المناقشة فيه لو لم يتحقق الاجماع كما قدمنا و أما الخامس و هو ما ينوى فيه القربة فقط بدون الرفع أو الاستباحة و هو على وجهين اما أن لا يقصد الوجوب ايضا أو يقصد و الكلام فيه انام يبتني على الكلام في النية فإن لم يشترط فيها نية الرفع و الاستباحة و الوجه بل يكتفي بالقربة كما هو الظاهر على ما سيجئ انشاء الله تعالى فالظاهر حينئذ الاجزاء عن الجميع بكلا وجهيه للامتثال و الروايات و يتوهم فيه ايضا الاشكال الذي نقلنا آنفا من القواعد و إن اشترطا معا أو الاول خاصة فلم يجزء عن شيء أصلا على الوجهين و ان اشترط الثاني خاصة فلم يجزء الاول عن شيء و يجزئ الثاني عن الجميع و الوجه في الكل ظاهر و بما ذكرنا ظهر الحال في الوجوه السابقة بالنسبة إلى نية الوجوب و عدمها و العلامة ( ره ) في النهاية شرط في الغسل نية أحد الامرين من الرفع و الاستباحة ونيه الوجه ثم ذكر في هذا المقام الذي نحن فيه و لو نوى الاغتسال مطلقا احتمل رفع الادنى و عدمه و لا يخفى الاحتمال الاول بناء على أن رفع الادنى هو أقل المراتب و الزيادة لا دليل عليها فالغسل انما يصار اليه و وجه الاحتمال الثاني ظاهر هذا و حال الوضوء في هذه الصورة ايضا بقياس سابقها هذا بيان أحكام ما إذا اجتمعت الاغسال الواجبة و فيها غسل الجنابة و أما إذا لم يوجد فيها غسل الجنابة فالظاهر من كلام القوم إطباقهم على جواز التداخل فيها سواء نوى الجميع أو البعض أو اكتفى برفع الحدث أو الاستباحة و ذكروا في بيان السبب لا يلزم في الغسل الواجب كما نقلنا سابقا و لو اكتفى بالقربة فيبتني على الخلاف في النية كما مر و يدل عليه ايضا صدق الامتثال و بعض الروايات السابقة و حال الوضوء فيه ظاهر اذ على المشهور يجب قطعا على مذهب المرتضى ( ره ) لا يجب و اعلم ان الابحاث التي ترد في خصوصيات بعض هذه الاقسام في تطهيره من الاحداث الاصاغر مثل ما لو نوى البعض و نفى الباقي واردة هاهنا ايضا فلا تظن الاطباق في جميع الشقوق و الحاصل أن هذه الاحداث حالها كحال الاحداث الاصاغر بعينها في هذا الحكم عند الاصحاب فما أورده و فيها جار هاهنا ايضا و أما المقام الثاني أي تداخل الواجبة مع المستحبة فلنذكر أو لا ما هو الظاهر عندنا ثم نورد ما هو مذهب الاصحاب ( ره ) فنقول الظاهر فيه التداخل مطلقا سواء نوى الجميع أم البعض أو لم ينو شيئا منها و سواء كان البعض واجبا أم ندبا لصدق الامتثال و لاطلاق روايتي زرارة و مرسلة جميل السابقة و يؤيده ايضا ما رواه الفقية في كتاب الصوم في باب ما يجب على من افطر أو جامع في شهر رمضان قال و روى في خبر آخر أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان ان عليه أن يغتسل و يقضي صلوته و صومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلوته و صيامه إلى ذلك اليوم و لا يقضي ما بعد ذلك و أما ما يتوهم معارضا فسنذكره في ضمن نقل مذهب الاصحاب مع جوابه و أما الاصحاب فقد ذهب الشيخ ( ره ) إلى الاجزاء عن الجميع إذا نوى الجميع أو الواجب و كذا لو نوى الرفع و لو نوى الندب لم يجزء عن شيء لا من الواجب و لا من الندب أما من الواجب فلعدم نيته و أما من الندب فلان المقصود منه التنظيف و من هو محدث بالحدث الاكبر لم يصح منه التنظيف و كذا لو لم ينو شيئا منهما و فيه نظر اما في الاول فلمنع اشتراط نية الواجب بخصوصه لصدق الامتثال بدونه و أما في الثاني فلان كون المقصود منه التنظيف ممنوع و مع تسليمه لا نسلم توقفه على ارتفاع الحدث الاكبر الا ترى صحة غسل الاحرام من الحائض و أيضا قد عرفت ارتفاع الحدث ايضا لا جزائه عن الواجب كما بينا هذا نسب اليه جمع من علمائنا في الخلاف و المبسوط لكن الظاهر من الخلاف ان في الصورة الثانية لا يقول بالاجزاء عن الجميع بل عن الواجب فقط و عدم الاجزاء عن شيء منهما في الصورة الثالثة كأنه مصرح به في الخلاف و أما عبارته في المبسوط فغير ظاهرة فيه بل لا يبعد إيماؤه إلى عدم الاجزاء عن الواجب فقط و وافقه المحقق ( ره ) في المعتبر في الصورة الاولى و استشكل في الصورة الثانية بناء على اشتراطه نية السبب في الغسل المستحب اذ ليس المقصود منه رفع الحدث بخلاف الواجب و فيه أن اشتراط نية السبب في الغسل المستحب ممنوع و ما ذكر في بيانه تام لان الامر به مطلق من تقييد فيجب أن يكون مجرد الاتيان به كافيا في الامتثال و اشتراطه بشيء آخر لابد له من دليل و لا دليل و المقصود منه أي شيء كان لا يستلزم التقييد سواء كان رفعا أو تنظيفا أو غيرهما كمالا يخفى لكن هذا الاشكال وارد على الشيخ ( ره ) من حيث أنه يشترط في الغسل المندوب نية السبب كما هو الظاهر من كلامه و كأنه ( ره ) مع قوله بالاشتراط نظر هاهنا إلى أن الغسل المندوب لما كان الغرض منه التنظيف فمع رفع الحدث يحصل ذلك الغرض بوجه أكمل فيكون مجزيا عنه و نية السبب انما يشترط فيما لم يرتفع فيه الحدث و استشكل في الصورة ؟ الثالثة أيضا و قال و فيه ايضا اشكال لانه ان نوى الطهارة اجزء عنهما و إن نوى التنظيف دون الطهارة فقد اجزء عن الجمعة اذ ليس المراد من المندوبة رفع الحدث بل يصح أن يجامع الحدث كما يصح غسل الاحرام من الحايض انتهى و فيه ان ما ذكره من انه لو نوى الطهارة اجزأ عنهما لا دخل له بالمقام اذ الكلام فيما نوى غسل الجمعة فقط أما لو نوى الطهارة فيخرج عن المبحث و يدخل في ما نوى رفع الحدث و الشيخ قايل بأنه يجزي عن الجميع كما ذكرنا و أما ما ذكره من الاجزاء عن الجمعة فحسن لما عرفت لكن تقييده الاجزاء بشرط نية التنظيف فاسد اذ لا دليل عليه و لم يقل به ايضا احد كما هو الظاهر إلا أن يكون مراده بنية التنظيف أن لا ينوي الطهارة بل ينوى غسل الجمعة فقط و قد يناقش ايضا في قوله اذ ليس المراد من المندوبة ( آه ) لان الشيخ ( ره ) لم يستعل على عدم الاجزاء بأن المراد منه رفع الحدث حتى يصح هذا في مقابله بل بأن المراد التنظيف و هو لا يحصل مع بقاء الجنابة فالأَولى في الرد ما ذكرنا و وافق الشيخ ( ره ) في الصروة الاخيرة ايضا و وجهه اشتراط الغسل الواجب و المندوب بنية السبب أو الرفع في الواجب خاصة و لم يحصل شيء منهما هاهنا فلا يكون مجزيا و الجواب منع الاشتراط كما اشرنا اليه و سيجيء ايضا زيادة بسط في مبحث النية انشاء الله تعالى و العلامة ( ره ) في التذكرة ذهب إلى أنه لو نوى الواجب و الندب جميعا بطل غسله و لو نوى الجنابة ارتفع حدثه و لم يثبت على غسل الجمعة و إن نوى الجمعة صح عنها و بقي حكم الجنابة اذ لا يراد به رفع الحدث و لهذا يصح للحايض غسل الاحرام و لو لم ينو شيئا منهما بطل و وجه البطلان في الاول كأنه لزوم اجتماع المتضادين لتضاد وجهي الوجوب و الندب بوقوعه لو قلنا عنهما و الترجيح من مرجح إذا قيل بوقوعه عن أحدهما مع أن قصدهما معا كانه لا يمكن ايضا مع الالتفات إلى المنافاة و لا يذهب عليك أن هذا الاشكال لا يختص بصورة ما إذا نوى الجميع بل يجزي فيما إذا نوى الواجب فقط أو الندب فقط ايضا إذا قيل بالجزاء عن الجميع كما اخترناه لكن تقرير الاشكال فيهما بوجه آخر و هو أن يقال لو كان الغسل الواحد مجزيا عن الجميع لكان واجبا و مندوبا و هو محال لتضادهما و جوابه منع استحالته لاختلاف الجمعة فإن هذا الغسل الواحد من حيث أنه فرد لغسل الجمعة و امتثال للامر به مستحب و من حيث أنه فرد لغسل الجنابة و امتثال للامر به واجب و بهذا أظهر إمكان قصدهما ايضا مع ان الشيخ ( ره ) في الخلاف ادعى الاجماع على الاجزاء عن الجميع مع نية الجميع و ما ذكره من عدم الثواب على غسل الجمعة في الصورة الثانية كان وجهه مع ما ذكر اشتراط نية السبب في المندوب و تبعية الفعل للمقصود لقوله تعالى و إن ليس للانسان إلا ما سعى و إنما الاعمال بالنيات و انما لامرء ما نوى إلى ذلك مما هو من هذا القبيل و الكل قاصر عن افادة المرام كما اشرنا إلى بعضها فيما تقدم و يستنبط منه حال البعض الآخر و أما ما ذكره من بقاء حكم الجنابة في الصورة الثالثة و البطلان في الاخيرة فقد عرفت ما فيه و لا حاجة إلى الاعادة و للمصنف ( ره ) في الذكرى بعد ما تكلم في تداخل المندوبة قال هذا كله مع اشتراكها في الندب اما لو جامعها الواجب فيشكل من حيث تضاد وجهي الوجوب و الندب ان نويها معه و وقوع عمل بغير نية ان لم ينوها إلا أن يقال نية الوجوب يستلزم نية الندب لاشتراكهما في ترجيح الفعل و لا يضر اعتقاد منع الترك لانه مؤكد للغاية و مثله الصلوة على جنازتي بالغ وصبي لدون ست بل الصلوة الواجبة انتهى و قد عرفت رفع الاشكال و أما دفعه ( ره ) به ففاسد لظهور التضاد بين الوجوب و الندب بديهة و كون اعتقاد منع الترك مؤكدا للغاية لا معنى له نعم لو كان الندب محض رجحان الفعل لكان كما ذكره و ظاهر كلامه مشعر باختصاص الاشكال بما إذا نوى الجميع و قد عرفت عدمه و الشهيد الثاني ( ره ) قال في شرحه للارشاد في هذا المقام و مع انضمام الواجب يكفي أحد الامرين نية الواجب أو نية الجميع صرح به جماعة و لا يخلو من اشكال لتضاد الوجه و اعتبار نية السبب و يمكن سقوط اعتبار السبب هاهنا دخوله تحت الوجوب كما في الاذكار المندوبة خلال الصلوة الواجبة على جنازتي من زاد على ألست و نقص عنها مع أن بعض مشايخنا المعاصرين مع حكمه بالتداخل مطلقا أسقط اعتبار السبب عملا بظاهر الرواية و لانه حكم شرعي فلا يتوقف على اختيار المكلف فيكون معناه سقوط الاستحباب و زيادة ثواب هذا الغسل على غيره و هو قريب انتهى و ما ذكره من دخول المندوب ان أريد به استلزام نية الوجوب للندب كما قال المصنف ( ره ) ففاسد كما مر و إن أريد عدم الاحتياج الندب إلى النية بل يكفي نية الوجوب ففيه ان مع دلالة الدليل على اعتبار نيه السبب في المندوب مطلقا كما هو رأيكم فما يخصص هذا إلا أن يقال المخصص هو الروايات الدالة على التداخل و هذا انما يصح لو لم يكن دليل اعتبار نية السبب عقليا قابل للتخصيص و أيضا لا يفي هذا برفع الاشكال لان غاية ما يلزم منه ارتفاع الاشكال بحسب النية و أما لزوم كون شيء واحد واجبا و ندبا كما يلزم من القول بالاجزاء عن الجميع فلا يندفع به و ما ذكره اخرا من سقوط الاستحباب فيرد عليه حينئذ أنه يشكل إثبات التداخل في صورة اجتماع الواجب و الندب بيانه ان دليل التداخل اما العقل من حيث حكمه بصدق الامتثال و أما النقل من الروايات المتقدمة بحيث اعترفتم بامتناع اجتماع الوجوب و الندب و سقوط الاستحباب حينئذ فقد اعترفتم بعدم الامتثال لهما فقد بطل الدليل الاول و أما الروايات فما يمكن ان يستدل به على هذا المطلب روايتا زرارة و مرسلة جميل و على هذا القول يلزم معارضتها للاحاديث الكثيرة الدالة على الاستحباب مطلقا فنقول حينئذ على تقدير تسليم صلاحية هذه الثلاثة للمعارضة ليس تقييد الروايات الكثيرة المطلقة بعدم الاجتماع مع الواجب أولى من تأويل هذه الثلاثة بل الاثنان منها و هو رواية زرارة في غسل الميت المجنب و رواية جميل لا يبعد القول فيهما بعدم الاحتياج إلى التأويل لظهورهما في اجتماع الواجبات لتبادر لفظ اللزوم و الحرمة في الوجوب فبم يستدل اذن على ثبوت التداخل بمعنى سقوط الاستحباب إلا أن يقال لما حصل التعارض تساقطا معا و مع سقوط ادلة الاستحباب يسقط الاستحباب اذ الحكم الشرعي لا بد له من دليل لكن يرد أنه بم يعلم حينئذ زيادة الثواب على ذلك الفعل أو يقال ان التأويل في المعارضات أظهر منه في هذه و فيه ان مع تسليم اظهريته معارضته بالكثرة و أظهرة السند فإن قلت بم تأول الرواية الاخرى لزرارة قلت اما قوله ( عليه السلام ) إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر إلى قوله غسل واحد فيمكن أن يحمل على أن المراد ان الغسل بعد الفجر مجز عن هذه الامور بمعنى أن بعد الفجر وقت لهذه الاغسال لا أن غسلا واحدا مجزء عنهما جميعا و بعد تعيين الوقت حكم ( عليه السلام ) بأنه إذا اجتمعت عليك حقوق في هذا الوقت الذي علمت اجزائها عنك غسل واحد و يقيد الحقوق بالحقوق التي من جنس واحد في الوجوب و الندب و هذا التأويل و ان كان بعيدا بالنسبة إلى الجنابة لان تعيين وقته با بعد الفجر لا فايدة له لكن لا يخفى انهم ايضا لا بد أن يأ ولوها بسقوط الاستحباب و ليس هذا بأبعد منه كثيرا و يمكن ايضا ان يحمل على ظاهره من اجزاء الغسل بعد الفجر لها جميعا لكن يقيد بما إذا كان ما سوى غسل الجنابة واجبا ايضا بنذر أو شبهه أو يكون هو ايضا ندبا كما إذا كان قبل الوقت على القول بوجوبه لغيره و أما قوله ( ع ) و كذلك المرأة فيمكن أن يؤول بالاخير و بأنه ليس المراد اجزاء غسل واحد عن الجميع بل يكون بطريق اللف و النشر و يكون المراد اجزاء غسل الجنابة عن الحيض و الاحرام و الجمعة عن العيد و يؤيده اقحام لفظ الغسل بعد جمعها فتأمل فإن قلت كيف تأول رواية الفقية المتقدمة قلت الامر فيها ظاهر لان القضاء انما هو بأمر جديد فلم لا يجوز ان يكون صوم ذلك الرجل فاسدا لكن بشرط وجوب القضاء بعدم غسل الجمعة و إن كان مستحبا و لا يلزم ان يتداخل مع الواجب و يكون عدم القضاء لصحة الصوم و المولى الفاضل الاردبيلي ( ره ) في شرح الارشاد بعد أن ذكر وجهين في دفع هذا الاشكال من عدم وجوب الوجه اما مطلقا أو فيما نحن فيه للاخبار أو باختيار الوجوب و دخول المندوب فيه كما قلنا من الشهيد الثاني ( ره ) قال و الذي أظن أن الاشكال لم يندفع بالكلية بما ذكرناه في نفس الامر إلا أن يقال معنى التداخل حصول ثواب دولين ؟ مثلا لفعل واحد كما قاله في الشرح أو ان ليس حين الاجتماع أسباب بل يصير سببا واحدا فإن الظاهر ان المقصود من غسل الجمعة مثلا غسل هذه الاعضاء على الوجه المعتبر مطلقا سواء تحقق في ضمن الواجب مثل غسل الجنابة أو الحيض أو غيره بنية غسل يوم الجمعة و غيره من التوبة و الزيارة انتهى و لا يخفى ما في قوله أو ان ليس ( آه ) اذ لو أريد بصيرورة الاسباب حينئذ سببا واحدا ان أسباب الاستحباب ايضا صارت أسبابا للوجوب ففساده ظاهر و إن أريد به ؟ سبب الاستحباب عن السببية و بقاء سبب الوجوب فقط فهو بعينه ما نقله أولا من الشرح مع أن الدليل الذي ذكره لا يدل على المعنيين أصلا بل غاية ما يلزم منه أن الامر بغسل يوم الجمعة مثلا لا يستدعي ان يكون إمتثاله بغسل مستحب بل تمثيل بالغسل الواجب ايضا و لا يخفى بقاء الاشكال بحاله لانه إذا امتثل الامر المذكور بالغسل الواجب يلزم اجتماع الوجوب و الندب في شيء لان ما يكون إمتثالا للامر المذكور يكون ندبا قطعا و هو باطل بزعمهم فظهر أن لا محيص الا بما ذكرناه من جواز الاجتماع لاختلاف الجهة و يقرب مما ذكره هذا الفاضل ( ره ) ما قال له صاحب المدارك ( ره ) بعد أن رجح الاجتزاء بالغسل الواحد في هذه الصورة و معنى تداخل الواجب و المستحب ان يكون تأدي احدى الوظيفتين بفعل الاخرى كما يتأدى صلوة التحية بقضاء الفريضة وصوم الايام المسنون صومها بقضاء الواجب و نحو ذلك لظهور تعلق الغرض بمجرد إيجاد المهية على أي وجه اتفق و على هذا فلا يرد أن ذلك ممتنع لتضاد وجهي الوجوب و الندب انتهى و فيه ايضا ان هذا الكلام منه ( ره ) أما لاثبات أن إمتثال امر الندب انما يحصل بفعل الواجب و لا يستدعي الاتيان بفعل ليس واجبا فما ذكره صحيح ظاهر لكن لا يندفع الاشكال المذكور بل هو باق بحاله فلا يصح لتفريع في قوله و على هذا ؟ يرد و أما لدفع الاشكال فحينذ لا يصح ما ذكره لما علمت و أما للقيام الثالث و هو تداخل الاغسال المستحبة فقط فالظاهر تداخلها ايضا مطلقا سواء نوى الجميع أم البعض أم لم ينو شيئا منها لصدق الامتثال و إطلاق الروايات و عدم صلاحية المعارض كما سنذكره و المحقق ( ره ) في المعتبر رجح التداخل مع نية الجميع ثم قال اما لو نوى البعض فالوجه اختصاصه بما نواه لانا بينا أن نية السبب في المندوب مطلوبة اذ لا يراد به رفع الحدث بخلاف الاغسال الواجبة فان المراد بها الطهارة فتكفى نيتها و ان لم ينوى السبب انتهى و جوابه أولا بمنع ان المراد منها ليس رفع الحدث و ما يرى من مجامعتها للحدث كما في غسل الاحرام للحايض لا ينافيه لجواز أن يكون المراد رفع الحدث في موضع يمكن حصوله فيه و أما في غيره فيكون المقصود التنظيف مثلا كالوضوء فإنه يرفع الحدث في بعض المواضع دون بعض و الفرق بينهما بأن الوضوء الرافع الوضوء الغير الرافع بخلاف هذه الاغسال ضعيف لان المغايرة بالنوع في الاول ممنوع و بالشخص في الثاني متحقق نعم يمكن أن يقال مجرد تجويز أن يكون المراد منها رفع الحدث لا ينفع في المقام بل لابد من إثباته و دونه خرط القتاد و ثانيا بتسليمه و القول بأن المراد منها التنظيف فلا يحتاج إلى نية السبب كما ان المراد من الواجب رفع الحدث و لا يحتاج إلى نية السبب و فيه ان يكون المراد منها التنظيف ان كان على سبيل التجويز و احتمال العقل فلا ينفع و إن كان على سبيل الجزم فيحتاج إلى دليل لكن يمكن إلزامه على ظاهر كلامه ( ره ) و كلام الشيخ حيث يفهم منهما ان المقصود منها التنظيف مع أنهما اشترطا ذكر السبب و ثالثا بأنه على تقدير أن لا يكون المقصود رفع الحدث و التنظيف فما السبب في الاحتياج إلى ذكر السبب لان التكليف بالغسل مطلق و ليس فيه التقييد بقصد السبب و ما يتوهم أنه إذا قيل اغتسل في يوم الجمعة يفهم أن الغسل له و لو قيل للجمعة فالأَمر أظهر فلا بد من قصد كونه للجمعة لتحقق الامتثال باطل و سيجيء الكلام فيه انشاء الله تعالى في مبحث النية و التمسك بقوله ( عليه السلام ) انما لامرء ما نوى و انما الاعمال بالنيات و نحوهما قد عرفت حاله و العلامه رحمه الله في التذكرة وافق المعتبر و في المنتهى قرب الاكتفاء بغسل واحد و لم يفصل و في القواعد و الارشاد حكم بعدم التداخل من دون تفصيل ايضا و المصنف ( ره ) في الذكرى وافق المعتبر و التذكرة و ظاهر كلامه في هذا الكتاب القول بعدم التداخل في هذه الصورة مطلقا كما هو ظاهر القواعد و الارشاد و نسب في الذكرى هذا الاطلاق إلى جمع متمسكا باعتبار نية السبب و يفهم من كلامه ظاهرا كون الشيخين منهم ايضا و أنت خبير بأن مرادهم لو كان ما هو الظاهر من الاطلاق اي سواء كان مع ذكر جميع الاسباب أو لا فما تمسكوا به ظاهر الفساد اذ غاية ما يلزم منه عذر التداخل مع عدم نية الاسباب اما مع نيتها فلا نسلم ان كلام الشيخ ( ره ) في المبسوط و الخلاف و النهاية لا يظهر منه هذا الحكم لان في المبسوط و الخلاف انما تعرض لاجتماع الواجب و المندوب و حكم فيه بما فصلنا و لم يتعرض لاجتماع المندوبات و في النهاية لم تعرض لشيء منها إلا أن وجده في موضع آخر و المحقق الشيخ على ( ره ) رجح في شرح القواعد عدم التداخل في هذه الصورة و صرح بأنه سواء مع تعيين الاسباب وعده متمسكا بعدم الدليل الدال على التداخل و لا يخفى ما فيه لما عرفت من الدلايل و ما يقال ايضا أن الاصل عدم التداخل فكلام خال عن التحصيل لان المراد بالاصل ان كان هو الظاهر كما هو في بعض اصطلاحاته و يصير حاصل الدليل ان كلا من هذه الاسباب ؟ مستقل و الظاهر استدعاء كل منهما ؟ فجوابه منع الظهور بل الظاهر اقتضاء كل منها مسمى الغسل و هو متحقق في ضمن فرد واحد و ان كان المراد به الاستصحاب كما يقولون الاصل عدم الحادث ففساده ظاهر و انما الاإشتباه من شيوع ان الاصل العدم بينهم فلم يحققوا معناه و استعملوا في موضعه مع أنه في موضعه ايضا محل كلام ليس هذا موضعه و ان كان المراد الغسل و الكثرة فهو ايضا باطل كما لا يخفى و أيضا مع تسليم ان الاصل عدم التداخل قلنا ما هو المخرج عن ذلك الاصل من الدليل الشهيد الثاني ( ره ) ايضا وافق المعتبر و الفاضل الاردبيلي و صاحب المدارك ( ره ) ذهبا إلى التداخل مطلقا كما هو الظاهر هذا تفصيل القول في المقامات الثلاث و فذلكة ما اخترناه التداخل في جميع المقامات في جميع صورها و الله أعلم لكن مقتضى الاحتياط ان لا يترك ملاحظة خصوص الاسباب واجبها و مندوبها خصوصا المندوبة و لا يكتفي بنية البعض سيما مع نفي الباقي حتى يحصل اليقين أو الظن القريب منه بتحقق الامتثال و ترتب الثواب و الخروج عن عهدة الروايات الدالة على أن لا عمل إلابنية و للمرء ما نوى وفقنا الله للنية الخالصة و القصد الصحيح ثم أن التداخل على تقدير تحققه هل هو رخصة