بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید البول قائما من علة من الجفاء و الاستنجاء باليمين من الجفاء و قد روى أنه لا بأس إذا كانت اليسار معتلة و الجفاء خلاف البر كذا في الصحاح و قال ايضا في الباب المذكور و قال أبو جعفر ( عليه السلام ) إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه و منه يستنبط كراهة الاستبراء باليمين ايضا و أما ما رواه الكافي في باب مقدار الماء الذي يجزي الموضوء و الغسل عن هارون بن حمزة عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال يجزيك من الغسل و الاستنجاء ما بلت يمينك فمحمول على ان المراد باليمين اليد و في نسخة التهذيب ما بللت يدك و حينئذ لا اشكال و اعلم ان الاستعانة باليمين ليس بمكروه كما ذكره القوم لعدم تناول النهي له و للحاجة اليه و الاستعانة مثل صب الماء و نحوه ( و اليسار و فيها خاتم عليه اسم الله تعالى أو نبي أو امام ( عليه السلام ) يدل عليه ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن عمار الساباطي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) انه قال لا يمس الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم الله و لا يستنجي و عليه خاتم فيه اسم الله و لا يجامع و هو عليه و لا يدخل المخرج الخلاء و هو عليه و الظاهر أن ضمير يستنجي و نظائره راجع إلى الرجل المذكور في ضمن الجنب لا الجنب و بهذا يمكن الاستدلال على كراهة الاستصحاب مطلقا في الخلاء كما سيجىء و الرواية و إن كانت مختصة بإسم الله تعالى لكن الاصحاب الحقوا اسماء الانبياء و الائمة و كذا اسم فاطمة ( عليها السلام ) للتعظيم و لا بأس به و ذكروا ان المراد بإسم الانبياء و الائمة ( عليه السلام ) ما كتب بقصد اسمهم اما لو كتب بقصد آخر من دون قصد فلا بأس به و أما اسم الله تعالى فلفظة الجلالة مطلقا حكمها ذلك و كذا الصفات الغالبة و أما غيرها فكأسم الانبياء ( عليهم السلام ) في اشتراط القصد و أيضا ذكروا ان الكراهة انما هو عند عدم التلويث بالنجاسة و أما معه فيحرم بل يكفر فاعله لو فعله بقصد الاهانة هذا و أما ما رواه الشيخ ( ره ) في التهذيب في الباب المذكور عن وهب بن وهب عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال كان نقش خاتم ابي العزة لله جميعا و كان في يسار و يستنجي بها و كان نقش خاتم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الملك لله و كان في يده اليسر و يستنجي بها فلا يعارض ما ذكرناه لا ، وهب بن وهب عامي متروك العمل بما يختص به كما ذكره الشيخ ( ره ) و أيضا يمكن حمله على التقية و أجاب الشيخ بوجه آخر ايضا و هو أنه لا ينافي الكراهة بل انما ينافي التحريم و لم نقل به و هو بعيد لان ظاهر الرواية انهما ( عليه السلام ) يواظبان على هذا الفعل و مواظبتهم عى المكروه لا معنى له بل أصل فعله ايضا لو لم يكن ضرورة و كذا ما رواه ايضا في هذا الباب عن ابي القسم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال قلت له الرجل يريد الخلاء و عليه خاتم فيه اسم الله تعالى فقال ما أحب ذلك قال فيكون اسم محمد ( صلى الله عليه و اله ) قال لا بأس لان من جمله رواته سهل بن زياد و هو ضعيف و أيضا لا دلالة فيه على نفي البأس عن الاستنجاء معه بل على الاستصحاب فلا ينافي ما ذهب اليه مخصصوا الكراهة بالاستنجاء و أيضا يمكن أن يكون المراد بنفي البأس خفة كراهته بالنسبة إلى اسم الله تعالى أو يكون المراد بإسم محمد ما ليس يقصد الرسول ( أو فصه حجر زمزم ) يدل عليه ما رواه التهذيب في زيادات الباب المذكور عن علي بن الحسين بن عبد ربه قال قلت له ما تقول في الفص يتخذ من أحجار زمزم قال لا بأس به و لكن إذا أراد الاستنجاء نزعه و هذه الرواية في الكافي ايضا في باب القول عند دخول الخلاء و في بعض نسخه موضع زمزم زمرد قال المصنف في الذكرى بعد نقل هذه النسخة و سمعناه مذاكرة و أورد على نسخة زمزم اشكالا هو أنه لا يجوز إخراج الحصى من المسجد فكيف يكون هذا واجب تارة بأن هذا خارج بالنصف و تارة بأنه ليس في الخبر جواز هذا بل أنه لو فعل ذلك لكان حكمه هكذا و ليس فيه ايضا تقرير لهذا الفعل و قد يجاب أيضا بأن الحجر المذكور ما يؤخذ من البئر بقصد الاصلاح و هو مما يجوز إخراجه كالقمامة ( و الكلام بغير ذكر الله تعالى و آية الكرسي أو حكاية الاذان على قول ) هاهنا كلامان الاول كراهة الكلام و الثاني استثناء هذه الامور منه اما الاول فقد استدل عليه بما رواه التهذيب في باب المذكور عن صفوان عن ابي الحسن الرضا ( عليه السلام ) انه قال نهى رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) أن يجيب الرجل آخر و هو على الغايط أو يكلمه حتى يفرغ و فيه انه لا يدل على كراهة الكلام مطلقا بل كراهة التكلم مع الغير و يدل عليه ايضا ما سيجئ في البحث الثاني و قال الصدوق ( ره ) في باب ارتياد المكان للحدث و لا يجوز الكلام على الخلاء لنهي النبي ( صلى الله عليه و اله ) عن ذلك و روى أنه من تكلم على الخلاء لم يقض حاجته انتهى و أما الثاني فالذي يدل على استثناء الذكر ما رواه أصول الكافي في باب ما يجب من ذكر الله عز و جل في كل مجلس في الصحيح عن ابي حمزة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال مكتوب في التورية التي لم تغير ان موسى ( عليه السلام ) سئل ربه فقال إلهي انه يأتي على مجالس أعزك و أجلك ان اذكر لك فيها فقال يا موسى ان ذكري حسن على كل حال و روي هذا المضمون في التهذيب و الفقيه ايضا و يمكن أن يناقش فيه بعدم ظهوره في الذكر باللسان إلا أن الاطلاق يكفينا فإن قلت هذه الرواية عامة يدل رواية النهي عن الكلام فلم تخصصها بها بدون العكس قلت أما أولا فلان ما وجدنا مما يدل على النهي في الكلام روايتان احديهما ما تقدم و قد عرفت عدم دلالته على العموم و الثانية ما سيجئ من قوله ( عليه السلام ) لم يرخص في الكنيف انتهى و هي و إن كانت دالة على العموم لكن قد استثنى فيها بحمد الله و لا شك ان الذكر مطلقا تحميد الله فلا يشمل و أما ثانيا فلانه على تقدير أن يكون العموم من الطرفين و يكون بينهما عموم من وجه يحصل التعرض و التساقط وأصل الجواز يبقى بحاله و أيضا الظاهر ان مراد موسى ( عليه السلام ) من المجالس التي ذكرها الخلاء و أمثاله فلا يمكن إخراجه من عموم كل حال لما ثبت في الاصول من عدم جواز اخراج السبب و يستنبط مما ذكر حال رواية الفقية ايضا و يدل ايضا على استثناء الذكر ما رواه الكافي في الباب المذكور عن الحلبي عن ابي عبد الله قال لا بأس بذكر الله و أنت تبول لان ذكر الله عز و جل حسن على كل حال و ما رواه التهذيب في الباب المذكرور في الموثق عن زرارة و محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال قلت الحايض و الجنب يقرآن شيئا قال نعم ما شاء إلا السجدة و يذكر أن الله تعالى على كل حال و الذي يدل على استثناء اية الكرسي ما رواه الفقية في باب ارتياد المكان للحدث في الصحيح قال و سئل عمر بن يزيد ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن التسبيح في المخرج و قراءة القرآن فقال لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي و تحميد الله أو آية الحمد لله رب العالمين و هذه الرواية في التهذيب أيضا في زيادات باب آداب الاحداث من دون الحمد لله رب العالمين و يمكن الحكم باستثناء كل آيه نظرا الى رواية التهذيب لكن مع وجود الزيادة في الفقية لم يحصل الظن بالعموم فإن قلت كيف تجمع بين هذه الرواية و ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن عبد الله بن علي الحلبي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال سئلته ا تقرأ النفساء و الحايض و الجنب و الرجل يتغوط القرآن فقال يقرؤا ما شاءوا قلت يمكن الجمع بحمل رواية الحلبي على نفي الحرمة و أما حملها على التخصيص بآية الكرسي أو آية فبعيد جدا لبعد التخصيص بخروج أكثر الافراد بل امتناعه و الذي يدل على استثناء حكاية الاذان ما رواه الصدوق ( ره ) في كتاب علل الشرايع في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( عليه السلام ) انه قال يا محمد لا تدع ذكر الله على كل حال و لو سمعت المنادي ينادي بالاذان و أنت على الخلاء فاذكر الله عز و جل و قل كما يقول و بهذا يظهر ما في كلام الشهيد الثاني ( ره ) في شرح الارشاد حيث قال و استثنى المصنف ( ره ) ايضا حكاية الاذان و هو حسن في فصل فيه ذكر دون الحيعلات لعدم النص عليه على الخصوص إلا أن يبدل بالحوقلة كما ذكر في حكايته في الصلوة انتهى و هذا الايراد انما أورده صاحب المدارك على جده و يمكن أن يجاب عن قبله ان الرواية المذكورة لا ظهور لها في حكاية الحيعلات إن لم يكن داخلة في الذكر بل يشعر بعدم حكايتها كما ينادي اليه قوله ( عليه السلام ) فاذكر الله عز و جل و قل كما يقول و الوجدان الصحيح يحكم بما ذكرنا نعم لا يبعد القول باشعارها بأن الاذان بتمامه ذكر كما لا يخفى و ليس ببعيد و على هذا يمكن أن يكون نظره إلى هذا حيث حكم بعدم النص عليه على الخصوص و المراد عدم النص على خصوص الحيعلات لا الاذان هذا و قد استثنى اشياء آخر ايضا مثل الكلام لحاجة ان لم يقض بغيره من التصفيق باليد و نحوه ورد السلام و الصلوة على النبي ( صلى الله عليه و اله ) و التحميد عند العطاس و وجه الجميع ظاهرا و استثنى ايضا تسميت العاطس معللا بأنه ذكر ورد بمنع كونه ذكرا و جعل بعضهم تركه أولى ( و البول قائما ) يدل عليه الرواية المتقدمة في الاستنجاء باليمنى عن الفقية و ما رواه التهذيب أيضا في زيادات آداب الاحداث عن رجل عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال قلت له ايبول الرجل و هو قائم قال نعم و لكنه يتخوف عليه أن يلتبس به الشيطان اي يخيله فقلت يبول الرجل في الماء قال نعم و لكن يتخوف عليه من الشيطان و مطمحا بدل عليه ما رواه التهذيب في الزيادات عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) يكره للرجل أو ينهى الرجل ان يطمح ببوله من السطح في الهواء و ما رواه الكافي ايضا في باب المواضع التي يكره ان يتغوط فيها عن السكوني عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال نهى النبي ( صلى الله عليه و آله ) ان يطمح الرجل ببوله من السطح و من الشيء المرتفع في الهواء و قال الصدوق ( ره ) في باب ارتياد المكان و نهى رسول الله ( صلى الله عليه و اله ) أن يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو من الشيء المرتفع و اعلم ان الاطماح بالبول يحتمل وجهين الاول البول إلى فوق و هو مناسب لما ذكره أهل اللغة في الصحاح طمح ببصره إلى الشيء ارتفع و طمح ببوله إذا رماه في الهواء و يناسب ايضا التعليل الذي ذكره العلامة في النهاية و المحقق الثاني في شرح القواعد من خوف الرد عليه لكنه لا يناسب ما ورد من الاطماح من السطح أو من الشيء المرتفع لان هذا المعنى لا دخل فيه لكونه من السطح أو من الشيء المرتفع كما هو الظاهر و الثاني الرمي به في الهواء من موضع مرتفع و هذا و إن لم يكن مناسبا لكلام أهل اللغة و التعليل المذكور لكنه أظهر بالنظر إلى الرواية كما ذكرنا و لا يذهب عليك أنه على التقدير ؟ ؟ الذي هو ظاهر الرواية يرد اشكال و هو أن هذا الحكم مناف لما تقدم من استحباب ارتياد موضع مرتفع للبول و يمكن الجمع بينهما بأن يقال أن المستحب ارتفاع يسير يؤمن معه من النضح والترشيش و المكروه ما يخرج عن هذا الحد و يكون ارتفاعا كثيرا و الله أعلم ثم أنه على هذا التقدير هل البول في البلاليع العميقة هكذا حكمه أم لا لا يبعد القول بالثاني لعدم الظن بدخوله عرفا في الطمح من الشيء المرتفع ( و طول الجلوس ) يدل عليه ما رواه التهذيب في الزيادات عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا جعفر ( عليه السلام ) يقول قال لقمان لابنه طول الجلوس على الخلاء يورث الناسور قال فكتب هذا على باب الحش و قال الفقية في الباب المذكور و قال ( عليه السلام ) طول الجلوس على الخلاء يورث الناسور ( و استصحاب ما عليه اسم الله تعالى ) يدل عليه ما رواه الكافي في باب البول يصيب الثواب أو الجسد عن ابي أيوب قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) ادخل الخلاء و في يدي خاتم فيه اسم من اسماء الله تعالى قال لا و لا تجامع فيه و ما تقدم في الاستنجاء باليسار و فيها خاتم من الخبرين لكن لا يخفى أن هذه الروايات انما تدل على كراهة استصحاب الخاتم فقط لا مطلقا كما ذكره المصنف و تخصيص الحكم هاهنا باسم الله تعالى كأنه بالنظر إلى رواية ابي القاسم ( فتدبر و استصحاب دراهم بيض مصرورة ) أي لا يكون في الصرة يدل عليه ما رواه التهذيب في الزيادات عن غياث عن جعفر عن ابيه ( عليه السلام ) انه كره أن يدخل الخلاء و معه درهم ابيض إلا أن يكون مصرورا و لك أن تقول ان هذا انما يدل على خلاف الحكم السابق لان الظاهر ان الدرهم الابيض يكون
في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضؤ
عليه اسم الله تعالى إلا أن يقال أنه خرج بالنص فبقي الباقي تحت العموم لكن قد عرفت الحال في عدم نص عليه عموما إلا أن يتمسك بعموم رجحان التعظيم أو غيره أو يقال المراد بالكراهة الكراهة الشديدة ( و ليس الاستنجاء شرطا في صحة الوضوء و التيمم و إن روعي في التيمم التضيق ) عدم اشتراط صحة الوضوء بالاستنجاء من الغايط الظاهر أنه لا خلاف فيه و يدل عليه ايضا صدق الامتثال و أصالة برائة الذمة عن وجوب الاعادة و أما ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الموثق عن عمار بن موسى عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في الرجل ينسى أن يغسل دبره بالماء حتى صلى إلا أنه قد تمسح بثلاثة أحجار قال ان كان في وقت تلك الصلوة فليعد الوضوء و ليعد الصلوة و إن كان قد مضى وقت تلك الصلوة التي صلى فقد جازت صلوته و ليتوضأ لما يستقبل من الصلوة فلا يثبت به الاعادة لعدم صحة سنده مع عدم عمل الاصحاب بمضمونه و منافاته ايضا ظاهرا لما ثبت من جواز الاستنجاء بالاحجار و مع ذلك كله الحمل على الاستحباب احتمال ظاهرا كما مر سابقا و أما عدم اشترطها بالاستنجاء من البول فالمشهور بين الاصحاب أنه ايضا كالاستنجاء من الغايط و قال الصدوق ( ره ) في الفقية و من صلى فذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل ذكره و يعيد الوضوء و الصلوة و هو ضعيف لنا الاصل و صدق الامتثال و الروايات الكثيرة ايضا منها صحيحتا عمرو بن ابي نصر و ابن اذينة المتقدمتان في بحث وجوب غسل موضع البول بالماء و منها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن علي بن يقطين عن ابي الحسن موسى ( عليه السلام ) قال سئلته عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلوة فقال يغسل ذكره و لا يعيد وضوئه و قد روى في الكافي ايضا عن علي بن يقطين عن ابي الحسن ( عليه السلام ) مثل هذا المضمون بسند أوضح مما في التهذيب في باب القول عند دخول الخلاء و منها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح ظاهرا عن عمرو بن ابي نصر قال سئلت ابا عبد الله عن الرجل يبول فيسنى ان يغسل ذكره و يتوضأ قال يغسل ذكره و لا يعيد وضوءه و منها ما رواه الكافي في الباب المتقدم في الموثق عن ابن بكير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في الرجل يبول و ينسى أن يغسل ذكره حتى يتوضأ و يصلي قال يغسل ذكره و يعيد الصلوة و لا يعيد الوضوء و يؤيده ايضا صحيحة زرارة المتقدمة في البحث المذكور آنفا من حيث أمره باعاده الصلوة خاصة لترك غسل موضع البول و أما ما يمكن ان يحتج به الصدوق فروايات ايضا منها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن سليمان بن خالد عن ابي جعفر ( عليه السلام ) في الرجل يتوضأ و ينسى غسل ذكره قال يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء و الجواب عنه انه لا يعارض الروايات الكثيرة المتقدمة مع أنه ظاهر في الوجوب فليحمل على الاستحباب و منها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن ابي بصير قال قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) اذا اهرقت الماء و نسيت ان تغسل ذكرك حتى صليت فعليك اعاده الوضوء و غسل ذكرك و الجواب عنه ايضا مثل ما سبق مع أنه نقي السند و الشيخ ( ره ) حمله على ما إذا لم يتوضأ و فيه بعد لا بالفظة الاعادة عنه و منها ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن سماعة قال قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) إذا دخلت الغايط فقضيت الحاجة فقضت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت و نسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الاعادة فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك اعادة الوضوء و الصلوة و غسل ذكرك فإن البول مثل البراز و هذه الرواية في الكافي ايضا في الباب المتقدم و في بعض نسخه ليس مثل البراز و الجواب عنه ايضا مثل سابقة مع أن في متنه ايضا اضطرابا كما لا يخفى و نقل العلامة ( ره ) في المختلف عن ابن ابي عقيل أنه قال الاولى اعادة الوضوء بعد الاستنجاء هذا حكم الوضوء و أما حكم التيمم فالظاهر أنه ايضا كحكم الوضوء مع التوسع فيه لما ذكرنا من صدق الامتثال و أصالة البرائة و أما مع التضيق فقد قال العلامة ( ره ) في القواعد بعدم صحته قبل الاستنجاء لمنافاته التضيق و المصنف ( ره ) حكم بخلافه نظرا إلى أن الاستنجاء ايضا من متعلقات الصلوة كالاذان و الاقامة و نحوهما فكما لا ينافي إيقاع مثل هذه الامور و التضيق فكذا لا ينافيه و أيضا بناء التضيق على العرف و لا عبرة في العرف بهذا القدر اليسير و سيجيء تفصيل القول انشاء الله تعالى في مبحث التيمم ( و يصح الاستنجاء في المخرج إذا اعتيد و لو لم يعتد فهو ازالة نجاسة ) المراد بصحة ألاستنجاء في المخرج جريان احكامه فيه مما يخالف أحكام إزالة البول و الغايط في المخرجين مثل جواز الاستجمار و عدم وجوب الصب مرتين لو قيل به في الاحليل على ما اخترناه و نحو ذلك من طهارة غسالته و الحكم بالصحة نظرا إلى أنه مع الاعتياد حكمه حكم الموضع الطبيعي فيجزي فيه ايضا ما هو جار فيه و يشكل من حيث أن الروايات الواردة في باب الاستنجاء ظاهرها الاختصاص بالموضع الطبيعي للتبادر و التعارف فلو كان عموم في كيفية ازالة البول و الغايط فالظاهر أن يبقى على عمومه و لا يخرج منه الموضع الطبيعي و إن اعتيد نعم لو لم يكن عموم بل ثبت حكم بالاجماع فحينئذ الظاهر أنه لا اشكال في إخراج الموضع المذكور عنه لعدم الاجماع فيه بخصوصه و الاستصحاب و يقين البرائة ايضا قد عرفت حالهما فيما سبق هذا على تقدير تسليم ظهور اختصاص الروايات الواردة في باب الاستنجاء بالموضع الطبيعي و أما على ادعاء ظهور شمولها للمعتاد ايضا فما ذكره المصنف ظاهرا و كذا على تقدير الشك في الشمول و عدمه كما هو الظاهر اذ على تقدير الشك فيه لا يحصل ظن العموم بحيث يشمل الموضع المذكور ايضا من العمومات الواردة على خلاف حكم الاستنجاء و الاصل برائة الذمة فيقتصر على القدر المتيقن أو المظنون هذا و عليك بالتأمل في الروايات الواردة في الطرفين في خصوصيات الاحكام و استنباط الحال منها بعد رعاية الضابطة المذكورة اذ التعرض لكل واحد منها بخصوصه و تفصيل القول فيه يفضي إلى الاطناب جدا ( و لو استعمل نجسا وجب الماء و ان كانت نجاسته مماثلة للخارج ) و احتمل العلامة ( ره ) في المنتهى عدم وجوب الماء في الصورة الاخيرة نظرا إلى أن النجاسة واحدة فلا يزيد بسبب استعمال ذلك النجس بنجاسة أخرى لامتناع اجتماع المثلين و فيه ان هذا لا يجري في الاحكام الشرعية اذ مع ازدياد النجاسة لا يلزم اجتماع المثلين المستحيل اذ لو فرض أنه قال إذا لاقى بدنك هذه النجاسة فاغسله و إذا لا قى مرة أخرى فاغسله و إذا لاقى مرة اخرى فاغسله مرتين فلا فساد فيه فكذا إذا قيل لو تغوطت فاغسل أو امسح و لو لاقى بعد التغوط بغايط آخر فاغسله البتة و وجه ما ذكره المصنف ( ره ) ان الروايات الواردة بالاستجمار ظاهرها الاختصاص بتطهير النجاسة المخصوصة فلو لا لاقى المحل بنجاسة أخرى لكان مندرجا تجب العمومات الواردة في النجاسة المخصوصة فيكون تطهيره بما ورد فيها و اعلم ان هذا انما يتم لو تعدى نجاسة ذلك النجس إلى المحل اما لو لم يتعد كما إذا كانا يابسين فلا كما لا يخفى بل لا يبعد حينئذ تطهيره ايضا للمحل كما اشرنا اليه سابقا و لو تعذر الاستنجاء صلى بحاله مع الجفاف بحسب الامكان ثم يستنجي عند المكنة قد مر منا ما يتعلق بهذا الحكم في بحث ازالة البول بالماء و لو نسيه وصلى أعاد في الوقت و خارجه هذا هو المشهور بين الاصحاب و قال ابن الجنيد ( ره ) إذا ترك غسل البول ناسيا تجب الاعادة في الوقت و تستحب بعد الوقت كذا في المختلف و قال الصدوق ( ره ) في الفقية و من سهى ان يستنجي من الغايط حتى صلى لم يعد الصلوة ثم الظاهر في نسيان الاستنجاء من البول ما هو المشهور و من الغايط و ما ذهب اليه الصدوق ( ره ) اما الاول فلا طلاق صحيحة عمرو بن ابي نصر المتقدمة في بحث وجوب غسل موضع البول بالماء و العجب ان العلامة ( ره ) في المختلف قال بعد الاستدلال بهذه الرواية لا يقال يحتمل ان الترك كان عمدا لا سهوا لانا نقول ترك الاستفصال في حكاية الحال يجري مجرى العموم في المقال انتهى مع أن في الرواية ورد لفظ النسيان صريحا و كذا إطلاق موثقتي سماعة و ابن بكير المتقدمتين ايضا و يؤيده ايضا صحيحة زرارة المتقدمة في البحث المذكور اذ لا يبعد ادعاء ظهور أن زرارة لم يترك غسل الذكر حتى يصلي متعمدا و ما يمكن أن يحتج به لا بن الجنيد ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الصحيح عن علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال سئلته عن رجل ذكر و هو في صلوته انه لم يستنج من الخلاء قال ينصرف و يستنجي من الخلاء و يعيد الصلوة و إن ذكر و قد فرغ من صلوته اجزأه ذلك و فيه انه لابد في تطبيق هذه الرواية على مذهبه من ارتكاب التخصيص فيها و في الروايات السابقة فالأَولى ان يرتكب التخصيص فيها فقط بحملها على الغايط و ترك الروايات السابقة على اطلاقها مع انه لا يبعد ايضا ادعاء تعارف الاستنجاء في عرفهم في الاستنجاء من الغايط نعم لو ذهب احد إلى أن في الوقت ايضا لا يجب القضاء لامكنه الاستدلال بهذه الرواية لكن الظاهر من كلام المختلف في هذا المقام عدم الذهاب اليه اذ نقل الخلاف المذكور من ابن الجنيد و الصدوق فقط و إن كان كلامهم في حيث تطهير الثياب و البدن يشعر بهذا الذهاب ايضا لانهم ذكروا في صورة نسيان النجاسة ثلاثة أقوال أحدها عدم الاعادة مطلقا لا في الوقت و لا خارجه و لم يقيدوا بما سوى محل البول و سيجيء انشاء الله تعالى تتمة لهذا في هذا البحث و ما رواه التهذيب ايضا في الباب المذكور في الحسن عمرو بن ابي نصر قال قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) اني صليت فذكرت اني لم اغسل ذكري بعد ما صليت فأعيد قال لا و فيه انه لا يعارض الروايات السابقة لعدم صحة سنده و اشتهار العمل بخلافه بين الاصحاب و حمله الشيخ ( ره ) على عدم اعادة الوضوء و هو بعيد و ما رواه التهذيب ايضا في الباب المذكور عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في الرجل يتوضأ و ينسى ان يغسل ذكره و قد بال فقال يغسل ذكره و لا يعيد الصلوة و ؟ أنه ضعيف السند اذ من جملة رواته أحمد بن هلال و هو مذموم جدا مع اشتهار خلافه بين الاصحاب و أيضا لا يبعد وقوعه سهوا من الراوي بأن يدل الوضوء بالصلوة اذ ليس في السوأل حديث الصلوة بل الوضوء فالظاهر أن الجواب ايضا متعلق به و الشيخ ( ره ) حمله على عدم وجدان الماء و لا يخلو عن بعد لاباء لفظة النسيان عنه و استدل العلامة ( ره ) في المختلف لا بن الجنيد بما رواه التهذيب في الباب المذكور في الموثق عن عمار بن موسى قال سمعت ابا عبد الله ( عليه السلام ) يقول لو أن رجلا نسي ان يستنجي من الغايط حتى يصلي لم يعد الصلوة و لا يخفى فساده لان كلام ابن الجنيد في البول و هذا في الغايط أللهم إلا أن يكون ( ره ) فهم من موضع آخر أن كلام ابن الجنيد ليس مختصا بالبول هذا و أما الثاني فللاصل و لصحيحة علي بن جعفر المتقدمة آنفا و موثقة عمار بن موسى هذه و حملهما على عدم الاستنجاء بالماء لكن مع الاستنجاء بالاحجار و عمل على خلاف الظاهر جدا من ضرورة و حجة المشهور موثقة سماعة المتقدمة في بحث عدم اشتراط الوضوء بالاستنجاء و فيه انها لا تعارض ما ذكرنا لعدم صحتها و أيضا فيها محمد بن عيسى عن يونس و قد ذكر الصدوق ( ره ) انه لا يعمل بروايته عن يونس مع اضطراب ما في المتن ايضا كما تقدم و موثقة عمار المذكورة في البحث المذكور ايضا و فيه ايضا عدم صلاحيتها للمعارضة مع أنها مخصوصة بالوقت و لا يعم خارجه كما هو مدعاهم و فيها ايضا بعض الامور التي يتطرق الشك إليها كما مر و حمل الروايتين على الاستحباب ظاهر و سيجيء ايضا مزيد بسط لهذا انشاء الله تعالى في بحث نجاسة الثوب و البدن ( و لو جهله فلا ) قد ظهر مما ذكرنا حكم الجاهل في الاستنجاء
في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضؤ
من الغايط بالقياس على الناسي بالطريق الاولى و أما في الاستنجاء من البول فسيجئ انشاء الله تعالى في البحث المذكر و و جاهل الحكم لا يعذر سيجئ هذا ايضا انشاء الله تعالى في البحث المذكور ( درس يجب في الوضوء النية المشتملة على القربة و هي موافقة إرادة الله تعالى و الوجوب و الرفع أو الاستباحة ) النية في اللغة العزم و القصد يقال نواك الله بخير أي قصدك و نويت السفر اى قصدته و عزمت عليه و في الاصطلاح القصد الخاص الذي يختلف بالنسبة إلى الافعال و بالنظر إلى المذاهب كما ستطلع عليه انشاء الله تعالى ثم ان المحقق ( ره ) في المعتبر قال النية شرط في صحة الطهارة وضوء كانت أو غسلا أو تيمما و هو مذهب الثلاثة و اتباعهم و ابن الجنيد و لم أعرف لقدمائنا فيه نصرا على التعيين انتهى لكن الشيخ ( ره ) في الخلاف و العلامة ( ره ) في المختلف نقلا الاجماع على وجوب النية و هو ظاهر المنتهى ايضا و في الذكرى ان ابن الجنيد ( ره ) عطف على المستحب قوله و إن يعتقد عند إرادة طهارته انه يؤدي فرض الله فيها لصلوته و أنت خبير بإمكان توجيهه بحيث لا ينافي كلام الثلاثة بأن يقال مراده استحباب ان يعتقد أنها للصلوة اي قصد الاستباحة بل قصد الوجوب ايضا كما يشعر به قوله فرض الله لا استحباب أصل النية و استدل على الوجوب بما روى عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) انما الاعمال بالنيات و إنما لامرئ ما نوى و عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) لا عمل إلا بنية و عن الرضا ( عليه السلام ) لا قول لا بعمل و لا عمل الا بنية و لا نية إلا بإصابة السنة و الكل لا يخلو عن مناقشة أما الاول و الاخير ان فلانها لما كان يمكن حملها عل الحقيقة لمحذور الكذب فلا بد من ارتكاب تجوز و التجوز فيها بحملها على نفي الصحة ليس أولى منه بحملها على نفي الثواب و لو سلم انه اقرب المجازات إليها نقول ان حملها عليه يستلزم التخصيص لخروج كثير من الاعمال حينئذ من الحكم اتفاقا بخلاف حملها على نفي الثواب فلا أولوية ايضا على هذا التقدير و أما الثاني فلجواز حمله على مثل ما حملناها عليه من أن المراد أن للمرء ما نواه من المثوبات الاخروية أو الاغراض الدنيوية إلا أنه ليس له شيء أصلا مما لم ينوه لكن لا يخفى ان جواز هذا الحمل فيه لا ظهور كما في البواقي فهو أجود الدلايل و استدل ايضا على وجوبها بالادلة التي تدل على تقدير تمامها على وجوب بعض الخصوصيات التي سنفصلها انشاء الله تعالى فلا حاجة في ذكرها هاهنا بل نوردها عند الاستدلال على وجوب الخصوصيات و لنشتغل الآن بذكر الخصوصيات التي يتشخص بها النية مما اتفق على وجوبه أو اختلف و ما يتعلق به من الدلايل و الابحاث و نبدأ أولا بقصد الفعل و أنه هل يجب قصده حتى و لا يعتد بوضوء الغافل مثلا أولا الظاهر الوجوب للاجماع عليه كما ادعاه العلامة ( ره ) في المختلف و يمكن الاستدلال عليه ايضا بالروايات السابقة لان مع عدم القصد إلى الفعل ينتفي جميع القصود فلا نية أصلا فلا عمل و يرد عليه ايضا ما ذكروا ما وجوب قصد القربة فقد ادعى العلامة ( ره ) في المختلف الاتفاق على وجوبه ايضا و الشيخ ( ره ) و إن لم يذكرها في المبسوط لكن كأنه تركها للظهور و استدل عليه ايضا بوجوه منها قوله تعلى و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلوة و يؤتوا الزكوة و ذلك دين القيمة و فيه انه انما يدل على وجوب الاخلاص بمعنى البرائة من الشرك أو البرائة من الرياء و ليس مرادهم بالقربة التي ذكروها هذا القدر بل ازيد منه كما سنذكر نعم لو اكرق ؟ بمجرد وجوب عدم القصد إلى كونه عبادة لغير الله أو عدم الرياء لامكن الاستدلال به مع أن فيه وجوها آخر ايضا من البحث كما سيأتي انشاء الله تعالى في بحث بطلان الوضوء بضم المنافي و منها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصين و فيه ان كون الوضوء عبادة ممنوع و لو سلم فلا نسلم أن معنى الآية لا تعبدوا الله إلا على حال الاخلاص حتى يكون نهيا في الحقيقة عن عدم الاخلاص بأن معناها الامر بالعبادة المقرونة بالاخلاص و الامر لا يدل على الدوام و التكرار و يكفي في الامتثال به به الاتيان بعبادة ما مخلصا إلا أن يتمسك بعدم القول بالفصل و لو سلم ففيه ايضا الايراد المذكور في سابقه و منها قوله تعالى فاعبدوا الله مخلصا و فيه ايضا الايرادات المذكورة مع اختصاصه بالنبي ( صلى الله عليه و آله ) و اشكال إثبات وجوب التأسي و منها قوله تعالى قل الله اعبد مخلصا له ديني و فيه ايضا الايرادات السابقة مع أنه ليس فيه امر بالعبادة مخلصا بل بالقول إلا أن يقال ان التأسي في القول ايضا واجب و وجوب هذا القول علينا يستلزم وجوب العبادة مخلصا ايضا كما لا يخفى ثم أنهم فسروا القربة بوجهين أحدهما ما ذكره المصنف و هو موافقة إرادة الله تعالى اي يكون الاتيان بالوضوء لاجل أنه مراد الله تعالى و موافق رضاه و في حكمه ايضا كونه أهلا للعبادة و كون العبادة شكر النعمة و شبهه و ثانيهما طلب الرفعة عنده و نيل الثواب لديه تشبيها بالقرب المكاني و في حكمه ايضا الخوف من العقاب و شبهه و اختلفوا بعد الاتفاق على صحة الاول و فضيلته لما اشار اليه مولينا و مقتدانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في قوله ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك في صحة الثاني و عدمها فقد نقل المصنف في قواعده عن الاصحاب بطلان العبادة بهاتين الغايتين اي طلب الثواب و الخوف من العقاب و به ايضا قطع السيد رضي الدين بن طاووس ( ره ) محتجا بأن قاصد ذلك انما قصد الرشوة و البرطيل و لم يقصد وجه الرب الجليل و هو دال عل أن عمله سقيم و أنه عبد لئيم و هو الظاهر من كلام المصنف ايضا في هذا الكتاب حيث فسر القربة بالوجه الاول فقط و اختار في قواعده و في الذكرى الصحة قال في الذكرى و الظاهر أن كلا منهما محصل للاخلاص و قد توهم قوم أن قصد الثواب يخرج عنه لانه جعله واسطة بينه و بين الله و ليس بذلك لدلالة الآي و الاخبار عليه و ترغيبات القرآن و السنة مشعرة به و لا نسلم ان قصد الثواب مخرج عن ابتغاء الله بالعمل لان الثواب لما كان من عند الله فمبتغيه مبتغ لوجه الله نعم قصد الطاعة التي هي موافقة الارادة أولى لانه وصول بغير واسطة و لو قصد المكلف في تقربه الطاعة لله أو ابتغاء وجه الله كان كافيا و يكفي عن الجميع قصد الله سبحانه الذي هو غاية كل مقصد انتهى و مراده بالآى مثل قوله تعالى و يدعوننا رغبا و رهبا و قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدوا ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون اي راجين الفلاح أو لكي تفلحوا و الفلاح هو الفوز بالثواب قاله الطبرسي ( ره ) و قال بعض هو الفوز بالامنية و قوله تعالى قد افلح المؤمنون و قوله تعالى إلا انها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته بعد قوله تعالى و يتخذ ما ينفق قربات عند الله كما ذكره في الذكرى و لا يخفي أن دلالة الآيات المذكورة و أن لم يتم على المراد سيما بعضها لكنها مما يصلح للتاييد و كذا الحال في الترغيبات و الترهيبات و يمكن الاستدلال عليه ايضا بما روى عنهم ( عليهم السلام ) في الصحيح عن من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه و إن لم يكن الحديث كما بلغه و كذا ما رواه أصول الكافي في باب العبادة في الحسن بإبراهيم بن هاشم ظاهرا عن هارون بن خارجه عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال العبادة ثلاثة قوم عبد و الله عز و جل خوفا فتلك عبادة العبيد و قوم عبدوا الله تبارك و تعالى طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء و قوم عبدوا الله عز و جل حبا له فتلك عبادة الاحرار و هي افضل العبادة و أيضا تخليص القصد عن النظر إلى الثواب و العقاب امر مشكل جدا يحتاج إلى مجاهدات عظيمة و رياضات شاقة فتكليف عامة الناس به لا يناسب الشريعة السمحة السهلة هذا كله مع أنك قد عرفت أن الدلايل التي استدلوا بها على وجوب القربة انما يدل على تقدير تمامها على وجوب الاخلاص الذي هو اما البرائة من الشرك أو الريا و لا يدل على ازيد من ذلك و ليس ما يدل على وجوب القربة حتى ينظر في معناها و على تقدير وجوده ايضا لما حصل الشك في المعنى القربة فإما يحكم بوجوب القدر المتيقن كما مر مرة خصوصا مع وجود المعارضات و الاجماع الذي نقلوا على وجوبها ايضا على تقدير تحققه ليس بموجود في المعنى الاول فعلى هذا الظاهر صحة المعنى الثاني ايضا و عدم بطلان العبادة به بل لا يبعد القول بصحة العبادة لطلب الاغراض الدنيوية المباحة أيضا عن جنابه سبحانه كما نبه عليه ما ورد أن صلوة الليل تزيد في الرزق و الصدقة ترد البلاء وصلة الرحم تنسي الاجل فإن قلت ما تقول في الاتيان بالعباده لاجل حسنها في الواقع لا لانها امر بها سبحانه و لا لطلب ثواب و خوف عقاب منه أو القرب اليه أو لحبه أو نحو ذلك مما ينظر فيه إلى وجه لله تعالى قلت الظاهر على ما ذكرنا من عدم دليل على الزايد من وجوب نفي الشرك أو الرياء صحة تلك العبادة و كذا الظاهر من كلام المتكلمين لكن لم نقف فيه على نص من الاصحاب و أنه على طريقتهم من وجوب القربة و ابتغاء وجه الله تعالى ما يقولون في مثل هذا لكن لا يذهب عليك ان ما ذكر من الفرض يحتمل وجهين الاول ان يكون الفاعل مستشعرا بأنها عبادة و طاعه لله تعالى و يفعلها لاجل حسنها في الواقع و حينئذ الظاهر انها على طريقة القوم ايضا صحيحة و داخله تحت ابتغاء وجه الله بل هي في اعلى مراتب العبادة و أولى مما يكون لقصد الثواب و الخوف من العقاب و الثاني ان لا يكون مستشعرا بذلك بل قد حصل له العلم اما من العقل و الشرع بأن لوضوء مثلا حسن و انما يفعله لاجل حسنه و حينئذ فيه اشكال على طريقة القوم و لا يخفى عليك أنه يمكن الاستدلال على وجوب القربة بالمعني الذي ذكر بقوله ( عليه السلام ) انما لامرئ ما نوى فتأمل هذا و بما ذكرنا من أن احد اجزاء النية التي ذكرها الاصحاب انما هو القربة بالمعني الذي ذكروا لا شك أنها امر مشكل سيما إذا كانت بالمعني الاول فإنه في نهاية الصعوبة و ليست هي مجرد القصد إلى الفعل ظهر حال ما قاله بعض الفضلاء في تسهيل امر النية و استحسنه بعض من انه كلف الله الصلوة و غيرها من العبادات بغير نية كان تكليف ما لا يطاق لان هذا انما يكون له وجه صحة لو كان المراد من النية مجرد القصد إلى الفعل و أما عدم تعرض القدماء لامرها فكأنه لاجل ان وجوب ما سوى قصد الفعل و القربة من الزيادات التي ذكرها المتأخرون و كذا بعض الشرايط كالمقارنة و الاحكام التي يتفرع على هذه الامور ليست بثابتة كما سنذكره انشاء الله تعالى و الامر الاول من هذين في غاية السهولة و الامر الثاني قد اغناهم كثرة الآيات و الروايات الواردة فيه عن التعرض له و الله تعالى أعلم بحقايق الامور و اما قصد الوجوب فقد اختلف القوم فيه فالشيخ ( ره ) في النهاية و ظاهر المبسوط و المحقق في المعتبر على عدم وجوبه و العلامة في جملة من كتبه و المحقق في الشرايع و ابن إدريس على وجوبه و الاول أظهر لنا أصل البرائة و صدق الامتثال مع عدم المخرج عن الاصل كما سيظهر من جواب دليل المخالفين و يؤيده ايضا امرهم ( عليهم السلام ) بالواجبات و المندوبات بطريق واحد من غير تعرض الموجوب أو الندب و لو كان قصد الوجوب أو الندب شرطا لما كان كذلك و احتج المخالفون بوجهين الاول ان الامتثال في العبادة انما يتحقق بإيقاعها على الوجه المطلوب و لا يتحقق ذلك الوجه في الفعل المأتي به إلا بالنية بدليل انما لكل امرئ ما نوى الثاني ان الفعل لما جاز وقوعه تارة على وجه الوجوب و أخرى على الندب فاشترط تخصيصه بأحدهما حيث يكون ذلك هو المطلوب و التخصيص لا يحصل إلا بالنية و في الوجهين نظر أما الاول فلانه ان أريد بإيقاعها على الوجه المطلوب إيقاعها بشرائطها و أركانها المعتبرة فيها شرعا فمسلم لكن لا نسلم ان من جملتها قصد الوجوب أو الندب و إن أريد به إيقاعها عل قصد وجهه الذي هو الوجوب أو الندب كان مصادرة محضة فإن قلت المراد الاول لكن لا ندعي أن من جملة وجوهها قصد الوجوب أو الندب حتى يكون في معرض المنع بل ندعي ان من جملتها الوجوب أو الندب و هو لا يقبل المنع اذ لا شك ان إمتثال الامر الواجبي انما يكون با الاتيان بالفعل الواجب دون الندب و كذا الحال في الندب و هذا الوجه لا يحصل في الفعل إلا بالنية اذ بدون النية يحتمل الواجب و الندب و لا يصار إلى أحدهما لامتناع الترجيح من مرجح و هذا التوجيه هو ظاهر كلام المستدل حيث قال و لا يتحقق ذلك الوجه انتهى فإندفع النظر قلت هذا بعينه هو الوجه الثاني و يندفع بما ندفعه به و بما قررنا من إمكان إرجاع الوجه الاول إلى الثاني بل ان الظاهر منه هو هذا أظهر ما في كلام الشهيد الثاني ( ره ) في شرحه للارشاد حيث ضعف الوجه الاول و حكم بعدم صلاحية للدلالة و تأسيس حكم شرعي حتى قال انه قيل كلام شعري و مع هذا اعترف بتمامية الوجه الثاني في الوضوء إلا أن يكون إيراد على من ذكر الوجهين معا كابن إدريس في السرائر اذ حينئذ لا يمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر فتأمل و أما الثاني فلانه ان أريد به ان الاوامر لما كانت إيجابية أو ندبية فالفعل الذي يفعل المكلف لو لم يقصد انه واجب أو ندب لم يتعين لكونه إمتثالا لامر اذ صرفه إلى أحدهما دون الآخر ترجيح من مرجح ففيه انا لا نسلم انه لا بد من مخصص يخصص الفعل لا أحد الاوامر انما يكون ذلك فيما لم يجز التداخل و أما مع جوازه فلا اذ الفعل إمتثال للجميع فلا حاجة إلى مخصص و أيضا لا نسلم انحصار المخصص في قصد الوجوب و الندب اذ يجوز أن يخصص شيء آخر كما إذا لاحظ وقت الفعل كونه إمتثالا لبعض الاوامر بخصوصه و إن لم يعلم أنه إيجابي أو ندبي و أيضا هذا انما يتم فيما كان فيه أوأمر مختلفة فلا يثبت الكلية كما هو مذهبهم مع أن فيما نحن بصدده اي الوضوء ليس كذلك اذ لا يجتمع فيه امر إيجابي مع ندبي إذ مع خلو الذمة عن مشروط به لا يجب قطعا و مع شغلها لا يندب و لا يخفى أن هذا الحكم الاخير و إن كان قد ذكره القوم لكنه ليس له وجه ظاهر و سيجيء تفصيله انشاء الله تعالى عن قريب و ان أريد به ان الوضوء لما كان واجبا و ندبا فلا بد في كونه إمتثالا للامر الايجابي ان يكون واجبا اذ الوضوء المندوب لا يكون إمتثالا للامر الايجابي ففيه انه لو أريد توقف الامتثال على الوجوب فممنوع و لو أريد الاستلزام فممنوع فحينئذ نقول لما كان الامر بإيجاد الطبيعة مطلوب فعند الاتيان بها يحصل الامتثال و إذا حصل الامتثال تحقق الوجوب ايضا لان ما يمتثل به الامر الايجابي واجب هذا و خلاصته القول على ما قررنا ان اشتراط نية الوجوب و الندب فيما لم يتعدد الاوامر لا ظهور له فحينئذ لو لم ينو الوجه أصلا أو نوى خلاف الواقع عمدا أو سهوا لكان الفعل صحيحا سواء كان ذلك الامر الواحد معلوم الايجاب أو الندب أو مشكوكهما و لو ردد في صورة الشك بين نية الوجوب و الندب لكان الظاهر ايضا الصحة و ما يقال من أن الترديد في النية ليس بصحيح لا وجه له ظاهر أو كذا الحال فيما تعدد الاوامر الايجابية و الندبية لكن يكون ما يجزي فيه التداخل و أما إذا لم يجز التداخل مثل الامر بنافلة الصبح و فريضتها فحينئذ لا يبعد القول لاشتراط تخصيص الفعل بأحدهما سواء كان يقصد الوجوب و الندب أو بغيره من المخصصات و كذا لا يبعد القول باشتراط التخصيص فيما تعدد الاوامر الايجابية فقط و الندبية فقط و لم يجز التداخل في متعلقاتها إذا ان لوازمها و أحكامها مختلفة و أما إذا لم تكن مختلفة فالظاهر ايضا عدم الاشتراط هذا ثم أعلم ان المتكلمين ذكروا أنه لابد في حسن الفعل من أن يفعل لوجوبه أو ندبه و يمكن ان يكون كلام الاصحاب ايضا ناظرا اليه كما يشعر به الوجه الاول من الوجهين المذكورين لكن هذا القول ايضا مما لم يقيموا عليه دليلا ظاهرا بل الظاهر أنه يندفع بالقربة التي ذكرها الاصحاب لانهم لم يقتصروا على الوجوب و الندب بل عمموا الحكم بأنه لابد من أن يكون الفعل لوجوبه أو ندبه أو لوجههما و فسروا الوجه بالشكر و نحوه و لا ريب أن هذا داخل تحت القربة كما فصلناها سابقا و أما اشتراط أحد الامرين من الرفع أو الاستباحة فقد اختلف فيه فالشيخ في المبسوط و العلامة في جملة من كتبه و المحقق في المعتبر و ابن إدريس قالوا باشتراطه و ادعى ابن إدريس الاجماع عليه و نقلوا عن السيد المرتضى ( ره ) اشتراط خصوص الاستباحة و عن ابي الصلاح و ابن زهرة و ابن البراج و ابن جمزة اشتراطهما معا و الشيخ ( ره ) في النهاية و المحقق في الشرايع ذهبا إلى عدم الاشتراط و قال السيد السعيد جمال الدين ابن طاوس في البشرى لم أعرف نقلا متواترا و لا احادا يقتضي الفضل إلى رفع الحدث و استباحة الصلوة لكن علمنا يقينا انه لابد من نية القربة و الا كان هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه انتهى و الظاهر القول الاخير لاصالة البرائة و صدق الامتثال بدونه و عدم دليل مخرج عن الاصل كما سيظهر احتج المشترطون لاحدهما بقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمت إلى الصلوة الآية وجه الاحتجاج ان المفهوم منه عرفا ان الوضوء لاجل الصلوة كما أن المفهوم من قولهم إذا لقيت الامير فخذ اهبتك و إذا لقيت العدو فخذ سلاحك ان أخذ الاهبة و السلاح لاجل لقاء الامير و العدو و لا معنى لكون الوضوء للصلوة إلا أنه لاستباحتها و الجواب أن كون هذا المعنى مفهوما من الآية بحسب العرف مسلم لكن لا يثبت المطلوب لان كون الوضوء لاجل الصلوة لا يستلزم ان يقصد في الوضوء أنه لاجل الصلوة و هو ظاهر لا يرى ان في المثالين المذكورين لا يلزم من امتثالهما ان يقصد حين أخذ الاهبة و السلاح انه لاجل الامير و العدو و أورد عليه ايضا ان هذا الدليل لو تم لدل على ما نسب إلى المرتضى ( ره ) من اشتراط الاستباحة لاحد الامرين كما هو مدعي المحتجين و أجاب العلامة ( ره ) في المختلف عن الايراد بوجهين أحدهما ان وجوب الاستباحة لا ينافي ما ذكرنا من كونه احد الفردين المخير فيهما لان فرد الواجب المخير ايضا واجب و ثانيهما ان نية رفع الحدث يستلزم الاستباحة لانها نية لازالة المانع من الدخول في الصلوة ليدخل المكلف في الصلوة فإنه الغاية الحقيقية فإن ازالة الحدث ليس غاية ذاتية و انما هو مراد بالعرض لاجل استباحة الصلوة في الوجهين نظر اما في الاول فلان مراد المورد ليس ان وجوب