حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة - مشارق الشموس فی شرح الدروس جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مشارق الشموس فی شرح الدروس - جلد 1

حسین بن جمال الدین محمد خوانساری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


دليلا على حده بل يصير إلى الدليل الاخير بعينه و أما بالاصل فيرجع هذا الدليل إلى الدليل الاول و أيضا حينئذ في كلا شقي بيان التنافي قصور سواء أريد بالاقتضاء في قوله ان الموت اما ان يقتضي النجاسة في هذا النوع الاقتضاء التام أو الاقتضاء في الجملة اما على الاول فإنه على هذا يصير حاصل الكلام في الشق الاول ان الموت إذا كان مقتضيا تاما للنجاسة في هذا النوع يلزم تنجيس ميت ما لا نفس له سائلة مطلقا و هو ينافي طهارته و ان لم يكن مقتضيا تاما فيلزم طهارة المتنازع بناء على الاصل السالم عن معارضة اقتضاء الموت و يرد عليه في الشق الاول انه ليس فيه بيان منافاة بين المتقدمتين المذكورتين بل غاية ما فيه انه يلزم على تقدير اقتضاء التام ما ينافي المقدمة الكلية المذكورة في الشق الثاني ايضا كذلك اذ ليس فيه بيان المنافاة أصلا بل غاية ما يلزم منه ان يكون المطلوب ثابتا على تقدير عدم الاقتضاء التام الا ان يوجه الكلام بأن المراد في بيان المنافاة انه لا يخلو اما ان لا يكون الاقتضاء التام على هذا التقدير أو يكون لا جابر ان لا يكون و الا لانتفى المطلوب و إذا كان فيلزم ما ينافي المقدمة المذكورة و على هذا يخرج الكلام عن عدم الاستقامة و الانتظام لكن لا يخفى ما فيه من الاستدراك التام كما اشرنا اليه لظهور المنافاة بين المطلب و المقدمة المذكورة و لا حاجة إلى إلزام شيء من الاقتضاء التام يكون منافيا لها و هو ظاهر ايضا و أيضا يرد على الشق الاخير انه لا نسلم انه على تقدير عدم الاقتضاء التام ينتفي المطلوب اذ يجوز ان يكون الموت مقتضيا في خصوص بعض المواد كالعقرب مثلا فلا يلزم الانتفاء و لو تمسك في نفى الاقتضاء في خصوص المادة بالاصل فيرجع إلى الدليل الاول و ليس وجها على حدة و أما القول بها في الجملة و حينئذ ايضا المراد بالاقتضاء اما التام أو في الجملة فلو كان المراد الاقتضاء التام و و وجه بيان التنافي على نحو ما وجهنا لكان الكلام منتظما سالما عن الاستدراك اذ حاصلة انه لا يجوز حينئذ ان يكون الاقتضاء التام و الا لم يثبت المطلوب فيكون الاقتضاء التام و يلزم منه ما ينافي المقدمة المذكورة فثبت التنافي بين المطلوب و المقدمة و هذا موجه ليس فيه استدراك لكن يرد عليه المنع المذكور آنفا من أنه لا يلزم على تقدير عدم الاقتضاء التام انتفاء المطلب كما بينا و لو كان الاقتضاء في الجملة و وجه الكلام على نحو ما ذكر فحينئذ ايضا و ان كان سالما عن عدم الانتظام و الاستدراك و كان شقه الاخير سالما ايضا عن المنع ضرورة انه إذا لم يكن الموت مقتضيا أصلا لكان أصل الطهارة السالم عن المعارضة و هو ظاهر لكن يرجع المنع حينئذ إلى شقه الاول اذ على تقدير الاقتضاء في الجملة لا يلزم ما ينافي المقدمة المذكورة كما لا يخفى و أما ثانيا فلان الظاهر ان المراد بالاقتضاء الاقتضاء في الواقع و حينئذ ما ذكره في لا يقال ظاهر البطلان اذ على تقدير اقتضاء الموت التنجيس في الواقع اما تاما أو في الجملة على اي وجه حمل الكلام لا معنى نتحقق النص الدال على طهاره ما لا نفس له سائله و العمل به على خلاف المقتضى المذكور و لا يذهب عليك انه لا يمكن حمل كلامه في لانا نقول على ما ذكرنا لانه بني الكلام على ان التعارض خلاف الاصل و هو ما ذكرنا و لو قيل ان المراد الاقتضاء بحسب دلالة دليل نقلي عليه فيرد عليه ان بناء الكلام في الاستدلال على الواقع فهذا لا دخل له بالمقام و أيضا ما ذكره في لانا نقول لا محصل له أصلا اذ منع دلالة النص على الطهارة معقول بعد ما قرر ان القول بأن طهاره ميت ما لا نفس له سائلة ثابت و غاية توجيه الكلام بعد التكلف التام بحيث يوافق اجزاء و يطابق اطرافه ان يقال حاصل الدليل ان لنا مقدمة اما كلية أو جزئية على الاحتمالين هي طهارة ما لا نفس له سايله و نجاسة ميت العقرب تنافيها اذ لا يخلو اما ان يكون مقدمة كلية أو جزئية على الاحتمالين ايضا دالة على نجاسة الميت من ذي النفس السائلة أو لا و على الثاني لا يكون المطلب متحققا فتعين الاول و يلزم منه ما ينافي في المقدمة المذكورة فثبت المنافاة بين المقدمتين و لما كانت المقدمة الاولى ثابتة انتفت الثانية و حينئذ نقول ان لا يقال كأنه اخذ أولا المقدمة الاولى جزئية و يقول ان لنا مقدمة كلية تدل على نجاسة ميت ذي النفس السائلة مطلقا لكن خرج عنه بعض النص و حاصل لانا نقول انه نمنع ان يكون نص دال على خلاف ما يدل عليه امر آخر و حاصله منع وجود الامر الآخر لا هذا النص فيصير مال الكلام ان لنا امرا دالا على طهارة ميت ما لا نفس له سائلة فلو لم يكن شيء دال على نجاسته مطلقا لانتفى مطلوبكم البتة و وجود شيء كذلك خلاف الاصل لانه يلزم المعارضة بين الدليلين و التعارض خلاف الاصل و هذا بعد كما ترى لا ترى لان المراد بالامر الدال على طهارة ميت ما لا نفس له سائلة انما هو أصل البرائة و الطهارة و الاباحة كما قررنا فيرد عليه انه حينئذ يرجع هذا الدليل إلى الدليل الاول الذي ذكره من الاصل اذ حاصله ان الاصل طهارة ميت ذي النفس السائلة و الاصل ان لا يخرج عنه الا بدليل و لم يثبت و هو بعينه معنى التمسك بالاصل و أما العمومات الدالة على نفس البأس و الافساد عما لا نفس له سائلة مما أوردنا و حينئذ يرجع إلى الدليل الاخير الذي ذكره من التأييد بالروايات اذ حاصله ان لنا روايات دالة على العموم و لا تخصيص الا بدليل و الاصل عدمه حتى يثبت و ليس معنى التمسك بالعمومات ايضا الا هذا و بالجملة يرجع اما إلى الدليل الاول و أما إلى الدليل الاخير و ليس وجها على حدة على اي وجه كان و لقد اطنبنا الكلام تشحيذ الاذهان و رفعا للالتباس بين طرق البرهان هذا و أما استحباب التنزه فلمرسلة الوشاء و رواية ابن مسكان و مضمرة سماعة المتقدمة و ما سنذكره من حجة المخالف باعتبار حمل ما فيه على الكراهة و حجة الشيخ ( ره ) ما رواه التهذيب في باب المياه في الموثق عن سماعة قال سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن جرة وجد فيها خنفساء قد مات قال ألقه و توضأ منه و ان كان عقربا فارق الماء و توضأ من ماء غيره و هذا الخبر في الكافي ايضا في باب الوضوء من سؤر الدواب و في الاستبصار في باب ماء القليل و فيه بعد القدح في السند انه لا ظهور له في الوجوب كما مر مرارا فليحمل على الاستحباب لاجل السمية أو لغيرها و على تقدير الظهور في الوجوب ايضا قد عرفت في نظايرها انه لا يتعين تخصيص العمومات الدالة على خلافه به لم لم يحمل هذا

حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة

على المجاز و لو لم يرجح كثرة العمومات فلا اقل من التساوي و التساقط و الاصل معنا سلمنا حمله على ظاهره من الوجوب لم لا يجوز ان يكون لاجل السمية لا للنجاسة لانه احتمال بعيد بل ظاهر و حينئذ لا يثبت المطلب و ما رواه التهذيب ايضا في الباب المذكور في الموثق عن ابي بصير عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال سئلته عن الخنفساء تقع في الماء أ يتوضأ منه قال نعم لا بأس به قلت فالعقرب قال ارقه و هذا الخبر في الاستبصار ايضا بطريق التهذيب في باب ما ليس له نفس سائلة يقع في الماء و فيه مع ما في سابقه جميعا انه لا يدل على الموت كما هو مطلوب الشيخ ( ره ) نعم يصلح حجة لا بن البراج حيث لم يقيد الحكم بالموت و لو قيل إذا ثبت التنجيس في حال الحيوة ففي الموت بطريق الاولى ففيه ان هذا انما يصبح إذا كان القائل قائلا بالتنجيس حال الحيوة و أما مع عدمه فلا اذ لابد حينئذ من ان يحمل الامر على الاستحباب و على هذا لا يبقى للدلالة وجه غايته انه يدل على استحباب الاراقة حال الموت ايضا بطريق الاولى فإن قلت يمكن ان يقول لما ثبت ان حال الحيوة لا ينجس الماء فلا بد من حمل الكلام على حالة الموت لئلا يلزم خروج الامر عن ظاهره قلت حينئذ يرد انه لابد على هذا من ارتكاب احد خلافي ظاهرين اما التقييد بالميت و أما خروج الامر عن الوجوب و ليس معك ما يرجح الاول على الثاني فلم لم يرتكبه مع انه الراجح لشيوع حمل الامر على الاستحباب جدا في الاحاديث و اعتضاده بالعمومات و لو فرض التساوي فغايته السقوط و الرجوع إلى الاصل و يمكن ان يحتج ايضا بما سبق في بحث البئر من رواية منهال حيث امر باستقاء عشرة دلاء لخروج العقرب من البئر ميته و فيه ايضا القدح في السند و احتمال الحمل على الاستحباب احتمالا ظاهرا أو عدم عمل الاصحاب بمضمونه مع إمكان المناقشة بجواز اختلاف حكم البئر و غيرها لكنها بعيدة فيما نحن فيه و بما ذكرنا ظهر حال ما ذهب اليه ابن البراج ايضا و أما ما ذهب اليه أبو الصلاح فقد مر تفصيل القول فيه في بحث البئر هذا و لا يذهب عليك ان الاحتياط في الاجتناب عما مات فيه العقرب لوقوع الخلاف و للروايات و لكونه مظنة السم و الضرر بل عما خرجت عنه حية ايضا لظاهر خبر ابي بصير و ظاهر كلام ابن البراج و لاحتمال السمية ثم لو فرض استعماله في الصورة الاخيرة فالأَحوط ان لا يترك صب ثلاث أكف منه لحسنة هارون المتقدمة في بحث الفأرة ( و يحرم استعمال الماء النجس و المشتبه به في الطهارة ) و اختلف كلماتهم في معنى الحرمة هاهنا فالعلامة ( ره ) في النهاية صرح بأن المراد بها عدم الاعتداد بالطهارة و عدم اجزائه لا الاثم و المحقق الثاني صرح في شرحه للقواعد بأن المراد المعنى المتعارف و استدل عليه بأن استعمال المكلف الماء النجس في الطهارة و ازالة النجاسة إدخال لما ليس من الشرع فيه فيكون حراما لا محالة و فيه نظر اذ كونه من قبيل الادخال الذي يكون حراما ممنوع لابد له من دليل و يمكن الاستدلال على الحرمة بالمعني المتعارف في استعمال الماء النجس في الطهارة بما ورد كثيرا في الروايات من النهي عن الوضوء و الغسل عن المياه النجسة مثل ما ورد في الماء المتغير بالنجاسة و غيره بحيث يفضي إحصائه إلى تطويل زايد و لا يبعد ان يقال كون مثل هذه النواهي ظاهرة في الحرمة ممنوع بل يجوز ان يكون كناية عن عدم اجزاء الطهارة جوازا مرجوح كما لا يخفى و قد يؤيد ايضا بما نقلنا في بحث البئر من رواية ابن بزيع حيث وقع في السوأل ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلوة و قرره الامام عليه السلام و فيه ايضا بعد تسليم كون ما وقع الامام عليه السلام تقريرا الجميع ما في السوأل لجواز ان يكون تقريرا للتطهير فقط الذي هو الاصل في السوأل انه يجوز ان يكون الحلية بمعنى الاجزاء جوازا مساويا و قال الشهيد الثاني في شرحه للشرايع انه حرام مع اعتقاد شرعيته اما بدونه فلا و فيه بحث قد اومأنا اليه في بحث تثليث الغسلات و حاصله ان الاعتقاد لو حصل من الاجتهاد فينبغي ان لا اثم عليه و لا على الاستعمال المترتب عليه و ان كان خطاء بناء على ما هو معتقدهم من عدم اثم المخطي في الاجتهاد الا ان يقال ليس هذه المسألة مما يجري فيه الاجتهاد بل هي من القطعيات فالخطاء فيها مغتفر و كيف كان الاحتياط في عدم الاستعمال ثم ان الحكم في عدم اجزاء الطهارة وضوء كان أو غسلا بالماء النجس كانه إجماعي و يعلل ايضا بأن الطهارة تقرب إلى الله تعالى و هو لا يحصل بالنجاسة و ضعفه ظاهر و يمكن ان يستدل عليه بصحيحة علي بن مهزيار و موثقة عمار و مرسلة اسحق و سنوردها انشاء الله تعالى في شرح المسألة التالية و بما ذكرنا آنفا من النهي الوارد في الروايات لكن هذا انما يتم إذا ثبت ان النهي في العبادة يستلزم الفساد اذ يجوز ان يكون النواهي للحرمة لا لعدم الاجزاء و مجرد الحرمة لا يكفي في عدم الاجزاء و بالجملة لا شك في أن الاحتياط في عدم التطهر به في أكثر الصور نعم في بعض الصور النادرة كما إذا لم يكن الا الماء النجس و يعلم المكلف ان بعد التطهر به يمكن ان يصل إلى ماء طاهر لكن لا يتسر له الا تطهير اعضائه التي لاقاها الماء النجس لا الطهارة لا يبعد ان يكون الاحتياط في الطهارة بالماء النجس ثم تطهير الاعضاء ثم التيمم خصوصا إذا كان نجاسة الماء بما يختلف فيه لا بالمتفق عليه هذا ما يتعلق بالطهارة بالماء النجس و أما الطهارة بالماء المشتبه به فقد ادعى الشيخ في الخلاف و العلامة في المختلف الاجماع على عدمها و ادعى المحقق ايضا في المعتبر الاتفاق على المنع منها و علل ايضا فيه بأن يقين الطهارة في كل منها معارض بيقين النجاسة و لا رجحان فيتحقق المنع و أورد عليه صاحب المعالم بأن يقين الطهارة في كل واحد بانفراده انما يعارضه الشك في النجاسة لا اليقين و هو جيد و أيضا لو تم المعارضة من دون رجحان فما الوجه في المصير إلى المنع لم لا يصار إلى البرائة و الطهارة و تمسك العلامة في المنتهى تبعا للخلاف بأن الصلوة بالماء النجس حرام فالاقدام على ما لا يؤمن معه ان يكون نجسا اقدام على ما لا يؤمن معه فعل الحرام فيكون حراما و بأنه متيقن لوجوب الصلوة فلا يجوز الا بمثله لصحيحة زرارة من ان اليقين لا ينقض بالشك ابدا و انما ينقضه يقين آخر و يرد على الوجه الاول انه انما يتم لو كان هناك آية أو رواية حاكمة بأن الصلوة بالماء النجس حرام اذ حينئذ لا يبعد ان يقال انا مكلفون بترك الصلوة بالماء النجس و لا بد في الامتثال من تحصيل الظن أو اليقين بالمكلف به و ذلك لا يتم الا بترك استعمال كل من المائين لكن كانها ليست غاية الامر انه علم بالضرورة أو الاجماع أو بحجج اخرى المنع من الصلوة بالنجاسة المتيقنة أو المظنونة على وجه و هذه الوجوه لا يجزي فيما نحن فيه و أيضا لا نسلم انه لا يؤمن عند استعماله من الاقدام على الصلوة بالنجاسة لان كلا من المائين بانفراده طاهر بناء على انه كان متيقن الطهارة و اليقين لا يزول الا باليقين و النجاسة مشكوك فيها فيرجع إلى يقين الطهارة فعند استعماله يكون آمنا من الصلوة بالنجاسة و على الوجه الثاني ان اليقين بوجوب الصلوة يقتضي اليقين بالاتيان باجزائها و شرايطها التي ثبتت بالدليل و قد علمت انه لم يثبت بالدليل سوى اشتراطها بالطهارة بالماء و بعدم التطهر بالمياه النجسة المتيقنة أو المظنونة على وجه و ليس هذا منها سلمنا ثبوت اشتراطها بالطهارة بالماء الطاهر لكن نقول انه طاهر بالوجه الذي قررنا نعم لو حصل يقين بالتكليف بأمر و لم يظهر معنى ذلك الامر بل يكون مترددا بين امور فلا يبعد حينئذ القول بوجوب تلك الامور جميعا ليحصل اليقين بالبرائة و كذا لو قال الامر ان الامر الفلاني مشروط بكذا و لم يعلم أو يظن المراد من كذا فعلى هذا ايضا الظاهر وجوب الاتيان بكل ما يمكن ان يكون كذا حتى يحصل اليقين أو الظن بحصوله و استدل ايضا على المطلوب بما رواه التهذيب في باب المياه في الموثق عن سماعة قال سئلت ابا عبد الله ( ع ) إلى ان قال و عن رجل معه انا آن فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما و يتيمم و هذا الخبر قد كرر في التهذيب في باب تطهير المياه و أورد في الاستبصار ايضا في باب الماء القليل و في الكافي ايضا في باب الوضوء من سؤر الدواب و السباع و بما رواه التهذيب في باب تطهير المياه في الموثق ايضا في حديث طويل عن عمار عن ابي عبد الله ( ع ) في رجل معه انا آن فيهما ماء وقع في أحدهما قذر و لا يدري أيهما هو و ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا و يتيمم و قد كرر هذا الخبر في التهذيب في زيادات كتاب الطهارة باب التيمم و احكامه و الخبر ان و ان لم يكونا صحيحين لكن تلقى الاصحاب لهما بالقبول كأنه يقربهما إلى الصحة قال العلامة في المنتهى و سماعة و عمار و ان كانا ضعيفين الا ان الاصحاب تلقت هذين الحديثين بالقبول و أيضا شهدوا لهما بالثقة و بالجملة لو لا دعوى الاجماع من الشيخ و العلامة و الاتفاق من المحقق و تلقي الاصحاب للروايتين بالقبول لامكن النزاع في الحكم لانا مكلفون بالطهارة بالماء عند وجود الماء و بالتراب عند عدم وجوده و لا شك انه يصدق في هذه الصورة ان الماء موجود و المانع الذي يتوهم من احتمال النجاسة قد عرفت عدم صلاحية للمنع مفصلا لكن مع تلك الدعوي و ذلك التلقي كأنه لا مجال للنزاع و ان كان مع ذلك ايضا العمل بالاحتياط في بعض الصور النادرة اي التي فرضنا عند شرح قول المصنف بخلاف المشتبه بالنجس بأن يتطهر بهذا الماء ثم يتيمم لا يخلو من وجه لان تحقق الاجماع في مثل هذه الصورة و كذا شمول الروايتين لها ظاهر لجواز ان يكون الحكم إجماعا أو رواية في الافراد المتعارفة الشايعة و الله يعلم ثم هاهنا امور أحدهما ان المشتبه بالنجس ما هو أقول ان للاشتباه المراد هاهنا صور الاول ان يكون ماء طاهر و ماء نجس ثم اشتبه أحدهما بالآخر و لم يدر الطاهر من النجس الثاني ان يكون ما آن طاهران و علم بوقوع القذر في أحدهما لكن لم يعلم في أيهما وقع الثالث ان يكون ما آن طاهر و نجس و تلف أحدهما و لم يعلم أيهما التالف فالباقي مشتبه و قد ذكروا للاشتباه صورتين أخريين بناؤهما على تعارض الشهادات و سنذكرهما بعيد هذا ثانيها ان الحكم مخصوص بالانائين أو يشملهما و الزايد عليهما بل و غير الانآء ايضا من الغديرين و القلبيين و نحوهما قد صرح الشيخان و الفاضلان بتعميمه في الزايد على الانائين و نبه بعضهم على ما ذكره صاحب المعالم على التعميم في الانآء ايضا و قد عرفت مما قررنا انه لو ثبت إجماع في صورة فهو المتبع و الا فالحكم ظاهر لان الروايتين المقبولتين مخصوصتان بالانائين فاجراؤهما في غيرهما مشكل و التعليلات الاخرى معتلة فالعدول عن الاصل لا داعي اليه لكن امر الاحتياط واضح ثالثها ان العلامة قال في المنتهى لو كان احد الانائين متيقين الطهارة و الآخر مشكوك النجاسة كما لو انقلب احد المشتبهين ثم اشتبه الباقي بمتيقن الطهارة وجب الاجتناب و فيه منع اذ ظاهرا ان الروايتين لا تشمل هذه الصورة و تحقق الاجماع فيها ايضا ظاهر و لم نر في كلام احد دعواه فيها و التعليلات المذكورة تامة فالظاهر الرجوع إلى الاصل لكن الاحتياط في التجنب في بعض الصور و في الاستعمال في بعضها مع ضم التيمم ثم بعد التمكن من الماء الطاهر يقينا تطهير ما لاقاه ذلك الماء فإن قلت ظاهر في بعض الصور الاحتياط في استعمال ذلك الماء ثم التيمم مثل ما لو أمكن بعد الطهارة به تطهير الاعضاء لا الطهارة لكن إذا لم يمكن تطهير الاعضاء ففي هذه الصورة هل الاحتياط في الاستعمال أو التجنب حذرا عن تنجس الاعضاء قلت الظاهر ان الاحتياط في الاستعمال لان حذر النجاسة ليس له قوة دليل الطهارة و دليل وجوب التطهر به لكن الاحتياط بعد التمكن من التطهير تطهير الاعضاء الملاقية كما اشرنا اليه و لو ضم مع ذلك الاحتياط اعادة الصلوة ايضا لكان احوط و توهم التشريع كأنه لا قوة له رابعها ان هذا الماء المفروض حكمه حكم النجس في خصوص عدم اجزاء استعماله في الطهارة و ازالة النجاسة أو مطلقا حتى إذا لاقى شيئا نجسه صرح العلامة في المنتهى بالثاني حيث قال لو استعمل احد الانائين وصلى به لم يصح صلوته و وجب عليه غسل ما اصابه المشتبه بماء متيقن الطهارة كالنجس و حكى عن بعض العامة انه نفى وجوب الغسل منه معللا بأن المحل طاهر بيقين فلا يزول بالشك في النجاسة و أجاب عنه بأنه لا فرق في المنع بين يقين الطهارة و شكها هنا و ان فرق بينهما في غيره و الظاهر ان لم يكن إجماع هو الاول لما حكى عن بعض العامة و ما اجاب به العلامة تمام لمنع عدم الفرق في المنع بين يقين الطهارة و شكها هنا اذ غاية ما يلزم من الحديثين اهراقهما و وجوب التيمم و أما كونهما بمنزلة الماء النجس في جميع الاحكام فلا و التعليلات قد عرف حالها فما بقي الا الاجماع لو كان و إثباته مشكل و قد قيل في الاحتجاج المختار العلامة هنا ان المفروض كون الاشتباه موجبا للالحاق بالنجس في الاحكام فملاقيه اما نجس أو مشتبه بالنجس و كلاهما موجب للاجتناب و اعترض عليه صاحب المعالم بقوله و فساده ظاهر فان إيجاب الاشتباه للالحاق بالنجس ان كان في جميع الاحكام فهو عين المتنازع و ان كان في الجملة فغير مجد و كون مطلق الاشتباه موجبا للاجتناب في حيز المنع و انما الموجب لذلك على ما هو المفروض اشتباه خاص كما لا يخفى انتهى و أنت خبير بأن منعه الاول لا مدخل له في المقام اذ المستدل لا يدعي الا لحاق بالنجس في جميع الاحكام البتة كيف و لو ادعى ذلك لما احتاج إلى ضم المقدمة الاخرى التي ذكرها اليه و هو ظاهر بل في الجملة اي في الاجتناب فقط و هو مجد له بضم المقدمة الاخرى نعم يرد المنع على تلك المقدمة و قد أورده بقوله و كون مطلق الاشتباه إلى فالأَولى الاكتفاء به و إسقاط ما قبله هذا ثم امر الاحتياط هاهنا ايضا ظاهر خامسها انه هل الاشتباه المراد هاهنا يشمل ما إذا شك احد في وقوع النجاسة في الماء أو وقع الاشتباه في أن الواقع نجاسة أولا الظاهر لا للاصل و لما أورد في الروايات من أن الماء طاهر ما لم يعلم انه قذر و الظاهر ان احدا من الاصحاب ايضا لم يقل به نعم قد وقع الخلاف بينهم فيما إذا حصل الظن بالنجاسة فحكى عن ابي الصلاح انه يحكم بالتنجيس مطلقا و عن ابن البراج انه يحكم بالطهارة مطلقا و قال العلامة في التذكرة ان استند الظن إلى سبب كقول العدل فهو كالمتيقن و الا فلا و قال في المنتهى لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول اما لو شهد عدلان فالأَولى القبول و قال في موضع آخر لو أخبر العدل بنجاسة إنائه فالوجه القبول و لو أخبر الفاسق بنجاسة إنائه فالأَقرب القبول ايضا و حكم في المختلف بقبول شهادة عدلين و نسبه إلى ابن إدريس ايضا و جزم المحقق في المعتبر بعدم القبول في العدل الواحد و جعل القبول في العدلين أظهر و نص بعض الاصحاب على ما ذكره صاحب المعالم على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضي للنجاسة لوقوع الخلاف فيه الا ان يعلم الوفاق فيكتفي بالاطلاق و قيد جماعة الحكم بقبول اخبار الواحد بنجاسة مائه بما إذا وقع الاخبار قبل الاستعمال فلو كان الاخبار بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له فإن ذلك في الحقيقة اخبار بنجاسة الغير فلا يكفي فيه الواحد و ان كان عدلا و لان الماء يخرج بالاستعمال عن ملكه اذ هو في معنى الاتلاف أو نفسه و بهذا التقييد و قد صرح في التذكرة هذا ملخص الاقوال في المسألة و الاقرب بالنظر إلى طريقتهم قول ابن البراج للاصل و عدم وجود دليل مخرج عنه بحيث يصلح للاعتماد كما يظهر عند تزييف ادلة الاقوال الاخرى و حكى عنه الاحتجاج على مذهبه بأن الطهارة معلومة بالاصل و شهادة الشاهدين لا تقيد الا الظن فلا يترك لاجله المعلوم و ظاهره ضعيف الا ان يرجع إلى ما ذكرنا اما أبو الصلاح فقد حكى عنه الاحتجاج بأن الشرعيات كلها ظنية و ان العمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل و ضعفه ظاهر اذ لا نسلم ان الشرعيات كلها ظنية و ان العمل يجب بالظن مطلقا بل انما يجب العمل به لو وجب في مواضع مخصوصة بدلايل خاصة و لا دليل فيما نحن فيه فالتعدي منها اليه مجرد قياس و ما ذكره من بطلان العمل بالمرجوح مع قيام الراجح فإنما يسلم لو سلم فيما إذا كان دليلان على شيء راجح و مرجوح و هاهنا ليس كذلك اذ الراجح هاهنا وصول النجاسة إلى الماء مثلا و المرجوح عدم وصولها اليه و هما ليسا بدليلين و لا دليل راجح على ان ما رجح وصول النجاسة اليه يجب الاجتناب عنه حتى يقال انه يجب العمل بالدليل الراجح فإن قلت الدليل الراجح هو ان هذا الماء وصل اليه النجاسة و كل ماء وصل اليه النجاسة يجب الاجتناب عنه اما الصغرى فبالظن و أما الكبرى فمعلومة من الشرع و الدليل المرجوح هو ان هذا الماء لم يصل اليه النجاسة و كل ماء لم تصل اليه النجاسة لا يجب الاجتناب عنه اما الصغرى فبالوهم و أما الكبرى فكما ذكروا رجحان الاول على الثاني ظاهر لرجحان صغراه على صغراه قلت كبرى القياس الاول ممنوعة اذ المسلم ان ما وصل اليه النجاسة و علم الوصول يجب الاجتناب عنه و أما بدون العلم فلا لابد له من دليل و يمكن الاحتجاج لابي الصلاح من وجه آخر و لعله أمكن إرجاع وجهه الثاني اليه بعناية بل الاول و هو ان يقال انا مكلفون بالطهارة بالماء الطاهر و كذا بالصلوة في الثوب الطاهر مثلا مطلقا و لا شك ان إمتثال الامر المطلق انما يحصل اليقين بالاتيان بما يحصل اليقين ان لم نكتف بالظن أو الظن ايضا ان اكتفينا به بأن المأمور به قد اتى به و لا شك ايضا ان عند الطهارة بالماء المفروض اي الذي ظن وقوع النجاسة فيه أو الصلوة في الثوب الذي لا قاه أو ظن انه لاقى غيره من النجاسات لان كلام ابي الصلاح ليس في خصوص الماء بل كل ما ظن وقوع النجاسة فيه يحكم بوجوب الاجتناب عنه ماء أو غيره لا يحصل الظن بالطهارة بالماء الطاهر و كذا الصلوة في الثوب الطاهر اذ الالفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية و لا يدخل العلم أو الظن فيها فالظاهر هو الطاهر في الواقع و ظاهر انا لا نظن به حينئذ بالطهارة في الواقع بل لو سلم دخول العلم أو الظن فيها فلا يضر ايضا بل ينفع اذ انتفاء العلم أو الظن بالطهارة بالماء المظنون الطهارة أو معلومها أو الصلوة في ثوب كذلك أظهر فيما نحن فيه فلا بد من الاجتناب عما يظن ملاقاة النجاسة له ليحصل الظن المذكور لان مقدمة الواجب المطلق مما لابد منها و لا يخفى ان الاحتجاج على هذا من القوة بمكان و حينئذ فالجواب ان يقال انا لم نجد في الآيات و الروايات على ما يحضرنا الآن ما يكون قابلا بأن تطهروا بالماء الطاهر أو صلوا في الثوب الطاهر مثلا بالمعني المراد هاهنا و قوله تعالى و ثيابك فطهر بظاهره مخصوص بالرسول صلى الله عليه و آله و إثبات تعميمه مشكل مع إمكان المناقشة في ظهور كون الطهارة بالمعني المراد بناء على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية بل الاوامر فيها انما هو بالطهارة بالماء مطلقا و كذا الاوامر بالصلوة ايضا مطلقة من دون تخصيص بالثياب الطاهرة و غاية ما يدل فيها على التقييد هو مثل ما وقع ان الماء إذا تغير مثلا فلا تتوضأ منه أو انه إذا وقع قذر في الانآء فلا يتوضأ منه و أنه إذا وصل البول مثلا أو خصوص شيء آخر من النجاسات إلى الثوب أو البدن فاغسله أو اغسل البول مثلا عن الثوب أو اليدين أو مثل ان الشيء الفلاني إذا كان طاهرا فلا باس بالصلوة فيه الدال بمفهومه على انه إذا لم يكن طاهرا فيتحقق الباس فيه و هكذا في مثل هذه العبارات يتطرق وجهان على ما مر مرة أحدهما ان يقال انه إذا ورد في انه إذا وقع قذر في الانآء فلا يتوضأ منه فالامتثال انما يحصل بان يحصل اليقين أو الظن بأن عند وقوع القذر في الانآء لم يتوضا و الآخر انه لا يلزم ذلك بل الامتثال يحصل بأن يحصل اليقين أو الظن بأن لا يتوضأ من الانآء عند حصول اليقين أو الظن بوقوع القذر فيه و قس عليه الحال في العبارات الاخرى و لعل الظاهر هو الثاني و لو سلم عدم الظهور فلا اقل من التساوي و الاصل مع الثاني فيرجع اليه و كون التكليف اليقيني لابد فيه من البرائة اليقينية مسلم مطلقا بل ان كان ففي بعض الصور ليس هاهنا موضع تفصيله و ما نحن فيه ليس منه فينبغي بناء الكلام على الاحتمال الثاني و التكلم فيه فنقول ان قلنا ان المتبادر الشايع في التكليفات بمثل هذه العبارات انه عند اليقين بوقوع القذر لابد من اليقين أو الظن بعدم التوضي فالأَمر ظاهر اذ اليقين فيما نحن فيه مفقود و ان قلنا انه يكتفي بالظن ايضا فنقول بعد الاغماض عن ان ما نراه من الشيوع و التبادر انما هو في تكاليف العباد بعضهم بعضا فلعل تكاليفه سبحانه للعباد ليس كذلك لما نرى من نهيه عز و جل من اتباع الظن و ذمه عليه انا لو خلينا و هذه الاوامر المذكورة لحكمنا بمثل ما حكم به أبو الصلاح لكن هاهنا امور اخرى يوجب العدول عنه الاول ما ورد في الاخبار من ان الماء كله طاهر حتى يعلم انه قذر و ان كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر و ما لم تعلم انه قذر و ما لم تعلم فليس عليك و ما ورد انه لا يبالي أبول ام ماء فإذا لم يعلم و انه إذا كنت على يقين من طهارتك اي طهارة ثوبك و بدنك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا و ان الفراء و الكيمخت لا بأس به ما لم تعلم انه ميتة و ان الخفاف التي تباع في السوق يشترى و يصلى فيها حتى يعلم انه ميت بعينه و ان الثوب إذا اعير ذمي يعلم انه يأكل الخمر و لحم الخنزير يصلي فيه و لا يغسل من ذلك لانه اعير و هو طاهر و لم يستيقن انه نجسه فلا بأس ان يصلي فيه حتى يستيقن انه نجسة و ان طين المطر لا حاجة إلى غسله إلى ثلاثة أيام مع ان المظنون ملاقاة النجاسة له و من انه لا حاجة إلى غسل الرجل بعد الخروج من الحمام مع ان الظاهر فيه ايضا ملاقاة النجاسة و من ان الوضوء من فضل وضوء المسلمين احب مع الظن المذكور ايضا إلى ذلك من النظاير التي يطول الكلام بذكرها الثاني لزوم الحرج و المشقه المنتفيين في الدين لزوما ظاهرا الثالث ان الادوار و الاعصار متشابهة فالظاهر ان عصر النبي صلى الله عليه و آله و الائمة ( ع ) ايضا مثل عصرنا في كون اسواقه و بيوته مما يظن بملاقاة النجاسة لاكثر أهلها و آلاتها و أسبابها لوانيها و ظروفها بل لعل الامر في عصرهم ( ع ) اشد لقرب الاسلام و اختلاط أهله بالكفار و عدم رسوخ القوانين الاسلامية في طبعهم و قلة الماء و كون مدارهم على الآبار و المياه القليلة مع انه لم ينقل عنهم ( ع ) الاجتناب عن السوق و أهله و الصبيان و الخدام و نحوهم الرابع عمل جل الاصحاب و معظمهم و بما قررنا ظهر حال ما إذا وجد في الاوامر الشرعية امر مطلق بالطهارة بالماء الطاهر أو الصلوة في الثوب الطاهر و نحوهما لجريان هذا الجواب فيه ايضا و لا يخفى ان بعد ما ذكرنا من الوجوه لا يبقى سيرا ؟ إعتداد ؟ بقول إلى الصلاح و لعل الصلاح من حيث الاحتياط ايضا ليس في رعايته اذ في بعض الامور التي مما نحن فيه مثل فضل وضوء المسلمين فقد ورد النص باستحباب استعماله و ترك التنزه عنه فلا وجه للاحتياط فيه و في البعض الآخر فأما ان يراعى الاحتياط فيه جميعا فلا شك انه يؤدي إلى الحرج و المشقة و يمنع عن تحصيل كثير من لكمالات العلمية و العملية و كذا من اكتساب المعيشة الدنيوية و الالتذاذ بطيباتها التي خلقها الله تعالى لعباده و من عليهم بها و ان روعي في بعض دون بعض فمع انه ترجيح بلا مرجح لا يظهر فايدة فيه اذ بعد ملاقاة البدن و الثياب بكثير مما حصل فيه ظن النجاسة اي فايدة في الاجتناب عنه لان رجحان التخفيف و القلة في ملاقاة مثل ذلك مما لا شاهد له يعول عليه نعم لورد في خصوص شيء من هذه الاشياء خبر يدل على استحباب التنزه عنه فحينئذ يجتنب عنه عملا بهذا الخبر فأما فيما سواه فلا مثل ما ورد في الثوب الذي عمله أهل الكتاب ان غسله احب هذا و أما حجة القول بقبول قول شاهدين عدلين فهي ان شهادتهما معتبرة في نظر الشارع قطعا و لهذا لو كان الماء مبيعا فادعى المشتري فيه العيب لكونه نجسا و شهد له عدلان ثبت له جواز الرد و هو مبني على ثبوت العيب و هذا و ان كان يمكن المناقشة فيه بأن اعتبار شهادتهما في نظر الشارع مطلقا بحيث يشمل ما نحن فيه ممنوع و قبول شهادتهما في الصورة المفروضة لا يدل على ازيد من ترتب جواز الرد و أخذ الارش عليه و اما ان يكون حكمه حكم النجس في ساير الاحكام فلا لا بد له من دليل لكن الاولى الاخذ به رعاية للاحتياط مع معاضدته بعمل جمع كثير من الاصحاب اذ هو القول بالمشهور بين المتأخرين و ان كانت الشهرة بينهم ليست بمنزلة الشهرة بين القدماء اذ الشهرة بينهم مظنة وصول نص إليهم أو إطلاع منهم على حال المعصوم و خواصه رضي الله عنهم بخلاف الشهرة بين المتأخرين فإن فيها ليس ذلك المعنى لكن مع ذلك لا يخلو عن تأييد للمطلب و لا اقل من جهة حصول الاعتماد بالرأي لما رأى من موافقته لآرائهم مع كونهم علماء محققين مدققين طالبين للصواب محترزين عن الخطأ و لو فرض المخالفة فحينئذ يضعف الاعتماد على الرأي و لا يبقى قوته فافهم ثم ان التقييد الذي نقلنا عن بعض من تبيين السبب المقتضي للنجاسة فكأنه لا بأس به و وجهه ظاهر و لا يخفى ان رعاية هذا القول اي قبول قول شاهدين عدلين للاحتياط امره واضح في بعض الصور كما إذا وجد ماء غيره و أما إذا لم يوجد فالأَمر فيه مشكل و أما قبول شهادة العدل الواحد فقد وجهه العلامة في النهاية بأن الشهادة في الامور المتعلقة بالعبادة كالرواية و الواحد فيها مقبول فيقبل فيما يشبهها من الشهادة و ضعفه من الظهور بحال لا يحتاج إلى شاهد و اما قبول قول المالك عدلا كان أو فاسقا فلم أظفر له على حجة و قد يؤيد بما رواه التهذيب في زيادات الجزء الاول من كتاب الصلوة باب ما يجوز الصلوة فيه من اللباس و المكان عن اسماعيل بن عيسى قال سئلت ابا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من اسواق الجبل ا يسئل عن زكوته إذا كان البايع مسلما عارف قال عليكم أنتم ان تسئلوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك و إذا رأيتم يصلون فيه فلا تسئلوا عنه وجه التأييد ان ظاهره ان قول المشركين يقبل في أموالهم انها زكية أولا و إلا فلا فائدة للسؤال عنهم و إذا قبل قول المشركين فقول المسلمين بطريق الاولى لكن سند الرواية نفي مع ان في الظهور المذكور تأملا ايضا و لا يبعد ان يؤيد ايضا بما رواه متصلا بهذا الخبر في الصحيح عن احمد بن محمد بن ابي نصر عن الرضا ( ع ) قال سئلته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري ازكى هو ام لا ما تقول في الصلوة فيه و هو لا يدري أ يصلي فيه قال نعم انا اشتري الخف من السوق و يصنع لي و أصلي فيه و ليس عليكم المسألة اذ فيه اشعار ما بأن المسألة اذ فيه اشعار ما بأن المسألة لها نفع و فيه ايضا تأمل و بالجملة إثبات الحكم بهذين الخبرين مشكل و لا يخفى ان في الحكم اربع صور الاخبار بالطهارة من سبق علم بالنجاسة و لا حاجة و لا حاجة حينئذ إلى اخباره لان أصل الطهارة كاف في الحكم بها و الاخبار بها مع سبق العلم بالنجاسة و حكمه مشكل لما عرفت من عدم دليل تام على القبول مع ما ورد من ان اليقين لا ينقضه الا يقين مثله و الاخبار عن النجاسة بدون سبق العلم بالطهارة و الحكم فيه ايضا مشكل لما عرفت من عدم الدليل على القبول مع معارضته لاصل الطهارة و الاخبار بها معه و الحكم فيه اشكل لانضمام أصل الاستصحاب المذكور ايضا مع أصل الطهارة ثم على تقدير القبول التقييد الذي نقلنا عن بعض من وقوع الاخبار قبل الاستعمال فلا يخلو من قوة و قد يؤيد بما ورد في الاخبار من ان رجلا إذا صلى في ثوب رجل ايا ما ثم صاحب الثوب أخبره بأن ثوبه لا يصلي فيه فلا يعيد شيئا من صلوته لكن فيه انه يجوز ان يكون عدم الاعادة للجهل و الخروج الوقت لا لعدم قبول قول صاحب الثوب هذا و المصنف في الذكرى بعد نقل الخلاف في اعتبار ظن اصابة النجس للماء رجح في المستند إلى اخبار عدلين الطهارة ثم حكم باستحباب الاجتناب عند عروض هذا الاشتباه بشرط ان يكون الظن ناشيا عن سبب ظاهر كشهادة العدل و إدمان الخمر و استحسنه صاحب المعالم و قال له وجه و أقله الخروج من خلاف من حكم بالنجاسة في مثله و بما قررنا ظهر عليك حاله و ان الحكم بالاستحباب لا وجه له و الخروج عن الخلاف على فرض كونه صالحا لتعليل الاستحباب به لا يعارض الامور التي ذكرنا و بالجملة ما لم يكن نص في موضع بخصوصه أو مطلقا في مثل تلك الامور يشكل الحكم بالاستحباب جدا و لا يذهب عليك انه على تقدير قبول قول العدل في الشهادة بالنجاسة و الطهارة واحدا أو اثنين إذا حصل التعارض بين البينتين فقد جعله جمع من الاصحاب من صور الاشتباه الذي نحن فيه و قد ذكروا له صورتين و لا بأس ان نذكرهما و نبين حقيقة الحال فيهما الاولى ان يقع التعارض في إناء واحد بأن يشهد احدى البينتين بعروض النجاسة له في وقت معين و يشهد الاخرى بعدمه لا دعائها ملاحظته في ذلك الوقت و القطع بعدم حصول النجاسة له فيه و للاصحاب فيه أقوال أحدها الحاقه حينئذ بالمشتبه بالنجس و هو قول العلامة في التذكرة و القواعد و جعله فخر المحققين في الشرح أولى و قواه الشهيد الثاني ( ره ) في بعض فوايده على ما نقله عنه ابنه ( ره ) و ثانيها العمل ببينة الطهارة لاعتضادها بالاصل حكاه فخر المحققين عن بعض الاصحاب و ثالثها الحكم بتساقط البينتين و الرجوع إلى اصالة الطهارة ذكره المصنف في البيان و قال انه قوى بعد ان استقرب الالحاق بالمشتبه بالنجس و نسبه فخر المحققين إلى الشيخ مع القول الذي قبله و رابعها العمل ببينة النجاسة لانها ناقلة عن حكم الاصل و بينة الطهارة مقررة و الناقل أولى من المقرر و لموافقتها الاحتياط و لانها في معنى الاثبات و الطهارة في معنى النفي و هذا القول ينسب إلى ابن إدريس و مال اليه بعض المتأخرين على ما ذكره صاحب المعالم ( ره ) و الظاهر من الاقوال على طريقتهم المعهودة القول الثالث لظهور التعارض بين البينتين من دون مرجح فيحكم بالتساقط و الرجوع إلى الاصل و أما القول الاول فلا شاهد له لان الاشتباه الذي يحكم بنجاسة الماء بسبب غايته انه يحكم به على تقدير اشتباه خاص هو ان يعلم بوقوع النجاسة في احد الانائين اما بناء على الاجماع أو على الروايتين لما عرفت من ضعف الوجوه الاخرى و فيما عداه الحكم مسلم لعدم تسليم شمول الاجتماع و الروايتين له غاية الامر ان سلمنا قبول قول الشاهد عند عدم التعارض و أما إذا تعارضا و تساقطا فأي وجه حينئذ للحكم باشتباه الماء ثم الحكم بنجاسة بناء عليه فإنا من وراء القدح في المقامين و أما القول الثاني فهو ايضا ضعيف و ان وافقنا في الحكم لكن باعتبار آخر و وجه ضعفه ان القول برجحان قبول احدى البينتين بمثل هذا الوجه مشكل جدا بل لابد في المرجح ان يكون امرا اعتبره الشارع مرجحا أو حكم العقل به قطعا و لاحد ان يرجع هذا القول إلى القول الثالث و حينئذ فلا نزاع و ضعف القول الرابع ايضا ظاهر لان الترجيح بالناقلية و المقرية و الاثبات و النفي كأنه لا شاهد له يصلح للتعويل و الاحتياط ليس مما يقتضي الايجاب و الالزام بل غايته الاولوية و الرجحان مع ان الاحتياط في بعض الصور في خلافه كما لا يخفى الثانية ان يتعارضا في إنائين بأن يشهد احديهما بأن النجس هو هذا بعينه و الاخرى بأنه الآخر فقد ذهب جمع من الاصحاب إلى انه يدخل تحت المشتبه بالنجس و يكون حكمها النجاسة و من ذلك الجمع المحقق في المعتبر و العلامة في التحرير و المصنف ( ره ) في الذكرى و الشيخ علي في شرح القواعد و الشهيد الثاني في بعض فوايده على ما نقل عنه ابنه ( ره ) و قال الشيخ ( ره ) في الخلاف انه يسقط الشهادتان و يبقى الماء على أصل الطهارة و قال العلامة في المختلف لو شهد عدلان بأن النجس احد الانائين و شهد عدلان بأن النجس هو الآخر فإن أمكن العمل بشهادتهما وجب و ان تنافيا طرح الجميع و حكم بأصل الطهارة لكن مال في آخر البحث إلى الحاقه بالمشتبه بالنجس و كلام الشيخ في المبسوط ايضا ناظر إلى ذلك حيث قال لا يجب القبول سواء أمكن الجمع أو لم يمكن و الماء على أصل الطهارة أو النجاسة فأيهما كان معلوما عمل عليه و ان قلنا إذا أمكن الجمع بينهما قبل شهادتهما و حكم بنجاسة الانائين كان قويا لان وجوب قبول شهادة الشاهدين معلوم في الشرع و ليسا متنافيين و حكى في المختلف عن ابن إدريس ( ره ) التفصيل بإمكان الجمع بينهما و عدمه و انه حكم بنجاسة الانائين في الاول و اضطرب في الثاني فتارة أدخله تحت عموم وجوب القرعة في كل مشكل و تارة أخرجه منه و استبعد استعمال القرعة في الاواني و الثياب و لا أولوية للعمل بإحدى الشهادتين دون الاخرى فيطرح الجميع لانه ماء طاهر في الاصل و حصل الشك في النجاسة فيبني على اليقين ثم افنى بعد ذلك كله بنجاسة الانائين و قبول الشهود الاربعة لان ظاهر الشرع يقتضي صحة شهادتهم لان كل شاهدين قد شهدا بإثبات ما نفاه الشاهدان الآخران و عليه انقطع نظره حجة الذاهبين إلى الحاقه بما لو اشتبه الطاهر بالنجس ان الاتفاق حاصل من البينتين على نجاسة احد الانائين و التعارض انما هو في التعيين فيحكم بما لا تعارض فيه و يتوقف في موضع التعارض و احتج الشيخ في الخلاف بأن الماء على أصل الطهارة و ليس على وجوب القبول من الفريقين و لا من واحد منهما دليل فوجب طرحهما و بقي الماء على حكم الاصل و تمسك العلامة في المختلف بأنه مع إمكان الجمع يحصل المقتضي لنجاسة الانائين فيثبت الحكم و مع امتناع الجمع يكون كل واحد من الشهادتين منافية للاخرى و نعلم قطعا كذب احديهما و ليس تكذيب واحدة بعينها أولى من تكذيب الاخرى فيجب طرح الجميع و الرجوع إلى الاصل و هو الطهارة هذا حاصل ما ذكروه و لا يخفى ان سوق حجة المذهب الاول صريح في الاختصاص بصورة عدم إمكان الجمع و كأنهم في صوره إمكان الجمع يحكمون بنجاسة الانائين باعتبار قبول الشهادتين كما هو الظاهر و لعله لظهوره لم يتعرضوا له و كلام الشيخ في الخلاف و ان كان ظاهره عدم الفرق بين صورتي عدم إمكان الجمع و إمكانه لكن الظاهر ان يكون كلامه في صورة عدم إمكان الجمع لبعد الحكم بعدم الفرق بينهما الا ان يكون حكمه في الخلاف بعدم قبول الشهادتين بناء على ما ذهب اليه ابن البراج لا على التعارض و حينئذ عدم الفرق بين الصورتين معقول و بالجملة الراجح هو ما ذهب اليه العلامة في المختلف اما الحكم في صورة إمكان الجمع فظاهر و أما في صورة عدمه فقد أورد عليه صاحب المعالم انه لا مقتضى للاطراح الا التعارض و هو منفي بالنظر إلى احد الانائين من تعيين و انما وقع التعارض في التعيين و الاطراح فيه لا يقتضي الاطراح مطلقا فيبقى معنى الاشتباه موجودا انتهى كلامه و يمكن ان يقال لا نسلم اتفاق الشهود على شيء في هذه الصورة لان احد الانائين الذي يلزم نجاسته من شهادة احدى البينتين هو احدى الانائين الذي تحققه في ضمن الانائين الخاص الذي شهدت تلك البينة على نجاسته واحد الانائين الذي يلزم نجاسته من شهادة البينة الاخرى هو الاحد الذي تحققه في ضمن الانآء الآخر الذي شهدت هذه البينة بنجاسته و على تقدير عدم قبول الشهادة في الخصوصين باعتبار التعارض و التساقط يرتفع قبولها في احد الانائين ايضا لان تحققه كان في ضمن الخصوصين و قد بطلت الشهادة في الخصوصين فبطلت فيه ايضا نعم لو فرض انه يحصل من قول المجموع علم أو ظن و قيل بكافية الظن فيما نحن فيه ان النجاسة وقعت في احد الانائين لكن تعيينه مشتبه فحينئذ يدخل تحت المشتبه لكنه يخرج عن محل النزاع اذ النزاع في انه باعتبار شهادة البينة الحكم ماذا و الحاصل انا لا نسلم ان الدليل الذي تمسكوا به في قبول شهادة البينة في طهارة الماء و نجاسته شامل لمثل هذه الشهادة ايضا فإثبات قبوله محتاج إلى شاهد آخر فإن قلت ليس إذا شهد الشهود الاربعة ان النجاسة وقعت في احد الانائين و لم يقولوا بشيء آخر قبل شهادتهم و حكم بادخالهما تحت الانائين المشتبهين فلم لم يحكم هاهنا بذلك لان هذا المعنى متحقق في كلامهم غايته انهم اختلفوا في أمر آخر هو التعيين و هو لا يضر بالمطلب اذ غايته ان يحكم بالتساقط في التعيين و هو فارح في المقصود قلت قبول شهادتهم حينئذ باعتبار عدم تحقق معارض و احتمال ان يكون شهادة كل من البينتين باعتبار زعمه الوقوع في إناء ما زعم الآخر الوقوع فيه ليس بمانع للقبول اذ غايته احتمال التعارض و الاصل عدمه فلا وجه لعدم قبول الشهادة بناء على احتمال يكون الاصل عدمه و فيما نحن فيه التعارض موجود بالفعل و هو يوجب إسقاط قول كل في خصوص الانآء فيسقط ايضا نجاسة الاحد الا بشرط الذي تحققه في ضمنه الا ترى انه لو شهد البينة بأن إناء خاص نجس فتقبلها مع جواز ان يكون لها معارض لكن ما لم يظهر المعارض تبنى الحكم على اصالة عدمه و أما إذا ظهر المعارض و شهد بطهارته فحينئذ تطرحها و لا تقبلها و لا يعقل حينئذ ان يقال لو فرض انه لم يكن هذا المعارض لكان شهادة البينة الاولى مقبولة فلم لم تسمع حينئذ فكما لا يعقل هذا القول لا يعقل ما قلته ايضا لعدم الفرق بينهما عند التأمل التام فتأمل و بعد التيا و التي يمكن ان يقال ايضا سلمنا قبول شهادتهما على نجاسة احد الانائين لا بعينه لكن ما الدليل على انهما بحكم النجس اذ قد ظهر سابقا ان بناء هذا الحكم على الاتفاق و الروايتين اذ العلل الاخرى معلولة و الاتفاق فيما نحن فيه مفقود و شمول الروايتين له ممنوع و هو ظاهر غاية الامر ان يكون حكم الانائين حينئذ ان يكون استعمالهما جميعا موجبا للتنجس و يكون شربهما معا حراما


/ 74