حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت - مشارق الشموس فی شرح الدروس جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مشارق الشموس فی شرح الدروس - جلد 1

حسین بن جمال الدین محمد خوانساری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الصلوة بحيث لم يبق فصل بينكم و بينها فتوضؤا و لا يخفى ظهور الآية في هذا المعنى و إنكاره مكابرة و حينئذ يقول لا يتحقق القيام بهذا المعنى خارج الوقت فاندفع الايراد لا يقال حمل الآية على القيام الذي لا فصل بينه و بين الصلوة أصلا ممتنع و إلا يلزم أن يكون التكليف بالوضوء بعده تكليفا بما لا يطاق فلا بد من حمله على قيام يتحقق بينه و بين الصلوة فصل ما لا أقل بقدر الوضوء و حينئذ يعود الايراد اذ يجوز تحقق هذا القيام قبل دخول الوقت بمقدار الوضوء و يحتاج إلى تركيب الاجماع المركب مع الدليل ليتم اذ يمكن أن يقال أنه إذا وقت السيد لعبده وقتا لفعل ثم قال إذا قمت لهذا الفعل فافعل كذا فالظاهر منه أن المراد القيام الذي يمكن الاتيان بذلك الفعل عقيبه بلا قصد و يريد العبد إيقاعه بعده إرادة تامة لو لا ذلك الامر الآخر و لا شك أن ذلك القيام لا يمكن الا داخل الوقت الموقت و لا محذور حينئذ أصلا اذ ليس المراد قياما يجب اتصاله بالصلوة حتى يكون تكليفا بما لا يطاق بل قياما يمكن اتصاله بالصلوة و قد مر مثل هذا سابقا فتأمل و قد يستدل ايضا على الوجوب بالغير بصحيحة زرارة المتقدمة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور و الصلوة و يورد عليه اما أولا فبالمنع من حجية المفهوم و هو ضعيف و على تقدير حجيته انما يكون فيما لم تظهر للكلام فائدة اخرى سوى ذلك و فيما نحن فيه ليس كذلك اذ يمكن أن يكون الفائدة فيه الاشعار باشتراط الصلوة بالوضوء بالوجهين المذكورين سابقا و أما منع عموم المفهوم فحاله انما يستنبط من حاله في الدليل السابق فقس عليه و أما ثانيا فيجوز أن يكون المراد وجوب الوضوء و الصلوة معا فعند عدم دخول الوقت يلزم عدم وجوب المجموع و هو كذلك اذ الصلوة قبل الدخول ليست بواجبة فلا يكون المجموع واجبا و لا يخلو عن بعد سواء كان المراد وجوب المجموع من حيث المجموع أو وجوب كل واحد يعني أن عند دخول الوقت يجب كل واحد من الطهور و الصلوة أي يصدق هذه الكلية بخلاف قبل الدخول اذ لا يصدق الكلية لعدم وجوب الصلوة و قد يعترض ايضا بجواز أن يكون المراد بوجوب الطهور وجوبه الغيري و هو ايضا خلاف الظاهر كما لا يخفى و لا يذهب عليك ان هذا الاستدلال على تقدير تمامه انما يدل على ما يدعونه لازما للوجوب الغيري اعني عدم وجوب الوضوء قبل دخول الوقت فلو كان المراد منه الاستدلال على الوجوب الغيري فلا يكاد يتم اذ بمجرد ثبوت اللازم لا يثبت الملزوم إلا إذا ثبت المساواة بينهما و المساواة فيما نحن فيه ممنوع اذ يجوز ان لا يجب الوضوء إلا بعد دخول الوقت و لم يكن الغرض منه الصلوة بل يكون الغرض منه شيئا آخر و هو ظاهر و تظهر الفائدة في الغرض المذكور من بقاء المكلف بعد دخول الوقت بمقدار الوضوء فقط اذ على الاول يجب الوضوء و على الثاني لا يجب و كذا في التضيق اذ على الثاني يجب تضيقه بتضيق وقت الصلوة و على الاول لا يجب فلو أريد إتمام الاستدلال على الوجوب الغيري فأما ان يقال ان عدم وجوب الوضوء إلا بعد دخول وقت الصلوة قرينة على أن وجوبه لها و هو ضعيف و أما ان يتمسك بالاجماع المركب اذ كل من قال بوجوبه بعد دخول الوقت يقول بالوجوب الغيري هذا و اما حجة القول بالوجوب النفسي فالآية الكريمة المتقدمة ايضا لانها بإطلاقها دالة على وجوب الوضوء كلما تحققت الارادة و لان ؟ في تحققها قبل دخول الوقت ايضا فيكون الوضوء قبل دخول الوقت واجبا اذ قد ثبت وجوبه قبل دخول الوقت في الجملة فقد ثبت في جميع أوقات قبل الدخول بعد الحدث و الا يلزم خرق الاجماع فقد ثبت الوجوب النفسي و هذا القلب الذي وعدناك و هو راجح على مقلوبه لان هذا استدلال بعموم المنطوق و ذاك بعموم المفهوم و هو مع ضعفه يستلزم هاهنا التخصيص في عموم المنطوق و لا شك أن عموم مفهوم كلام إذا عارض عموم منطوقه لا عبرة به و يرد عليه أنه لا نسلم أن المراد من الآية الشريفة إذا أردتم القيام حتى يتم ما ذكرتم بل المعنى الذي تقدم و هو لا يتحقق قبل الدخول و أيضا العموم ممنوع و ما يقال أن الاهمال يخرج الكلام عن الفائدة ممنوع و قد مر مرة و مع تسليمه مخصص بالرواية المتقدمة و فيه ضعف اذ تخصيص منطوق الكتاب بمفهوم الخبر مشكل في صورة ألعموم المطلق فكيف بالعموم من وجه كما فيما نحن فيه و قد يستدل عليه ايضا بما رواه الشيخ ( ره ) في التهذيب في باب الاحداث الموجبة للطهارة عن عبد الله بن المغيرة و محمد بن عبد الله قالا سئلنا الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل ينام على دابته فقال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وجه الاستدلال انه علق وجوب الوضوء بذهاب النوم فقط فالظاهر وجوبه عنده بدون اشتراطه بأمر آخر و بما رواه ايضا في هذا الباب عن زرارة قال قلت له الرجل ينام و هو على وضوء يوجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد ينام العين و لا ينام القلب و الاذن فإذا نامت العين و الاذن و القلب فقد وجب الوضوء و وجه الاستدلال ما مر و بما رواه ايضا في هذا الباب عن معمر بن خلاد عن ابي الحسن ( عليه السلام ) في آخر حديث إذا خفى عنه الصوت فقد وجب الوضوء عليه و بما رواه ايضا في هذا الباب عن زيد الشحام عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) في آخر حديث ان عليا ( عليه السلام ) كان يقول من وجد طعم النوم فإنما وجب عليه الوضوء إلى ذلك من الروايات المفيدة لوجوب الوضوء بالحدث من أن يشترط فيها بشيء آخر و هي كثيرة و فيما ذكرناه كفاية و يرد على الجميع ان مثل هذه الاطلاقات جامع فيما إذا علم الاشتراط كالاطلاقات الورادة في وجوب غسل الثياب و الاناء و غير ذلك مع كونها مشروطة بالاتفاق و هاهنا ايضا لما كان اشتراط وجوب الوضوء بالصلوة امرا معلوما شايعا فلذا أطلق تلك الرواية و لم يقيد بالصلوة لعدم الاحتياج اليه و فيه أنه و إن كان الامر كما ذكر فيما علم الاشتراط لكن علم معلومية الاشتراط و تعارفه فيما بينهم فيما نحن بصدده اذ مجرد الاحتمال لا يكفي هاهنا و ان كان المقام مقام المنع اذ الاستدلال بظواهر الاطلاقات و العمومات لا يقدحه احتمال التقييد و التخصيص و الا تبطل أكثر الاستدلالات بالظواهر و الدلايل المتقدمة لا يتم كما عرفت فينبغي حمل الروايات على ظواهرها حتى يظهر خلافها هذا غاية ما يمكن ان يستدل به على الطرفين و ليس في شيء منها ما تسكن النفس و تطمئن اليه لكن اصالة برائة الذمة من الوجوب قبل دخول الوقت و الشهرة بين الاصحاب فإن المتقدمين و إن لم يتعرضوا لذلك المعنى صريحا لكن بعض كلماتهم يشعر بذلك حيث يذكرون أن الوضوء يجب لكذا و كذا و لم يذكروا وجوبه في نفسه أصلا و المتأخرين الذي تعرضوا لهذا المعنى أكثرهم قايلون بالوجوب الغيري و القول بالوجوب النفسي ليس له قايل معلوم سوى ما نقل المصنف ( ره ) في الذكرى مجهولا انما يقوى طرف الوجوب الغيري و أمر ظواهر الروايات سهل لان الاطلاق في مثل هذا المقام لا يثمر ظنا بعدم الاشتراط كما يظهر عند الرجوع إلى الوجدان و تتبع الروايات و لا يخفى عليك ان ما ذكروه في ثمر النزاع من أمر نية الوجوب أو الندب فأمره سهل اذ الظاهر كما سيجئ انشاء الله تعالى عدم الاحتياج إلى تعرض وجه الوجوب و الندب في النية مع أنك قد عرفت أنه على تقدير الوجوب بالغير ايضا لا يبعد صحة نية الوجوب قبل دخول الوقت إلا أن يثبت ما هو لازمه باعتقادهم من عدم الوجوب قبل وجوب غايته و أمر الاحتياط في الفائدة الاخرى واضح اذ عند ظن يتضيق الوفاء بدون شغل الذمة بغايته ينبغي أن يؤتى به حتى يخرج عن عهدة الخلاف هذا ثم أن المفهوم من كلام الاصحاب هاهنا أن الوضوء الذي يجب بعد دخول الوقت على القول بالوجوب بالغير إذا فعل قبل الدخول يكون ندبا و لم ينصوا على أن هذه الوضوء المندوب و خارج عن الاقسام التي يذكرونها للوضوء المستحب كما سيجئ بعد هذا أو داخل و على الاول ما الدليل على استحبابه و على الثاني دخوله في تحت أى قسم من الاقسام المذكورة و سيجيء لهذا زيادة بسط في بيان إباحة الوضوء المندوب للصلوة انشاء الله تعالى و لنذكر الآن ادلة الجانبين في الغسل و نخص الكلام ابتداء بغسل الجنابة لشهرة الخلاف فيه حجة القائلين بالوجوب لغيره امور منها قوله تعالى و إن كنتم جنبا فاطهروا و الاستدلال به و من وجوه الاول ان المفهوم منه عرفا أن الغسل للصلوة كما في قولك إذا أردت الامير فالبس ثيابك فيكون الغرض منه الصلوة فلا يكون واجبا لنفسه و يرد عليه مع ما تقدم في نظيره من الاستدلال على وجوب الوضوء للغير أن عطف و إن كنتم على فاغسلوا ممنوع اذ يجوز أن يكون معطوفا على جملة إذا قمتم فإن قيل العطف بأن دون إذا يأباه قلنا يمكن أن يكون في العطف بأن دون إذا استعار المبالغة في أمر الصلوة و التأكيد فيها حيث اتى في القيام بها بكلمة إذا الدالة على تيقن الوقوع يعني أنه أمر متيقن الوقوع البتة و ليس مما يجوز العقل عدمه و في الجنابة بكلمة أن الموضوعة للشك مع تحقق وقوعها و تيقنها تنبيها على أنها في جنب القيام كأنه امر مشكوك الوقوع و الثاني أن المفهوم من الشرط عدم الوجوب عند عدم القيام إلى الصلوة و يرد عليه ايضا مع ما تقدم في نظيره الا راد المذكورة آنفا الثالث أن عطفه على الوضوء يقتضي وجوبه لغيره كالوضوء لوجوب تشريك المتعاطفين في الحكم و يرد عليه أنه ان كان المراد من عطفه على جملة فاغسلوا فقد عرفت ما فيه و إن كان المراد عطفه على جملة إذا قمتم فلا يتمشى الاستدلال اذ ليس لهذه الجملة حكم الوجوب بالغير حتى يلزم ثبوته للمعطوف عليه و هو ظاهر نعم لا بد من المناسبة بين المتعاطفين و هي حاصلة هنا باعتبار ان أن كلا منهما حكم متعلق برفع الحدث و الصلوة لان الغسل على تقدير الوجوب لنفسه ايضا مما يرفع الحدث و يبيح الصلوة بل واجب للصلوة ايضا لما عرفت من ان الظاهر عدم الخلاف في الوجوب الغيري في الجملة و لا يلزم أن يكون مناسبة تامة من جميع الوجوه مع ان الحال في الوضوء ايضا قد عرفت ما فيه الرابع أن عطف جملة التيمم عليه يقتضي الوجوب لغيره للتشريك و يرد عليه أيضا ان التيمم المذكور بعده ليس مخصوصا بالتيمم الذي بدل من الوضوء بل يعمه و غيره من الذي يدل من الغسل ايضا و التيمم الذي بدل من الغسل لا نسلم وجوبه لغيره بل حكمه حكم مبدله فحينئذ فالتيمم الذي يشمل الصنفين إذا أورد بعد جملتين احديهما يكون الحكم فيها الوجوب لغيره و الثانية الوجوب لنفسه فلا يخفى ما فيه من المناسبة و الملائمة و على تقدير أن يكون التيمم منحصرا في الواجب لغيره ايضا قد عرفت عدم وجوب المناسبة التامة من جميع الوجوه بل يكفي كون كل منهما من متعلقات الحدث و الصلوة مع أن حال التيمم ايضا كحال الوضوء في عدم الجزم بوجوبه لغيره الخامس أن توسيطه بين جملتي الوضوء و التيمم الواجبين بالغير يقتضي وجوبه بالغير ايضا و إلا لم يناسب التوسيط و جوابه ايضا يظهر مما ذكر في سابقيه و منها صحيحة زرارة المتقدمة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) إذا دخل الوقت فقد وجب الطهور و الصلوة و قد ما مر فيه و يزيد هاهنا إيراد آخر لجواز أن يكون المراد بالطهور الوضوء لانه الفرد السابع المتعارف و المتبادر إلى الذهن و منها ما رواه الشيخ ( ره ) في زيادات التهذيب في باب الاغسال و كيفية الغسل من الجنابة عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سئلت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض و هي في المغتسل فتغتسل ام لا قال قد جاء ما يفسد الصلوة فلا تغتسل و وجه الدلالة أنه ( ع ) نفى الغسل معللا بفساد الصلوة في أصل كلامه عليه السلام ان الفرض من الغسل الصلوة و لما جاء ما يفسدها فلا غسل و هذا دلالة ظاهرة على وجوبه لغيره لا لنفسه و يورد عليه اما أولا فبعدم صحة السند لان عبد الله المذكور لم يوثقه احد من الرجاليين بل انما يمدح فقط نعم انما نقلوا عن ابن إدريس ( ره ) انه وصف هذه الرواية بالصحة و هو مما لم يصلح للتعويل بعد عدم توثيق الرجاليين لعدم ظهور مراده من لفظ الصحة لجواز أن يكون مراده الصحة المشهورة بين المتأخرين و أما ما ذكره العلامة ( ره ) في المختلف و المنتهى في هذا المقام من رواية الشيخ ( ره ) في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي فلا يدل على توثيقه اذ يجوز أن يكون مراده أنه صحيح إلى عبد الله و كثيرا ما يجري كلامهم على هذا الاصطلاح و اما ثانيا فمنع دلالتها على المدعى لان انتفاء الغسل عند مجئ ما يفسد الصلوة و يحتمل وجهين أحدهما أن يكون لاجل ان الصلوة غرض من الغسل فعند عدم إمكان الاتيان به لم يكن غسل و ثانيهما أن يكون لاجل أن صحة الغسل موقوفة على عدم تحقق حدث لا يمكن ارتفاعه و قد كنى عنه في الرواية بمجئ ما يفسد الصلوة فعند تحقق الحيض لم يكن غسل لعدم صحته و على هذا فلا يتم الاستدلال بل نقول حمل الرواية على الاحتمال الاخير أظهر لان قوله ( عليه السلام ) فلا تغتسل اما نهي أو نفي و على الاول اما للحرمة أو للكراهة و لا شك في عدم ترتب الحرمة و الكراهة على مجرد كون الغرض من الغسل الصلوة فقط مع عدم وجوب الصلوة كيف و القائلون بوجوبه بالغير و عدم وجوبه ما لم يجب الغير ايضا قائلون باستحبابه قبل وجوب الغير و لا كذلك الاحتمال الاخير لظهور ترتب الحرمة على عدم صحة الغسل اذ العبادة ما لم يكن متلقاة من الشارع لا يجوز الاتيان بها و على الثاني ايضا لما لم يمكن حمله على ظاهره فلا بد من حمله على النهي و يعود ما ذكرنا فعلى الاحتمال الاول لا بد أن يخرج الكلام عن ظاهره و يحمل على نفي الوجوب سواء كان نفيا أو نهيا حتى يستقيم بخلاف الاحتمال الاخير مع أنك تعلم مما سبق ان ترتب نفي الوجوب ايضا على المعنى المذكور محل نظر و تأمل و إن الاستلزام الذي يدعونه ممنوع و يرد ايضا أن حمله على نفي الوجوب ليس بأولى من حمله على نفي التضيق فكان السائل انما سئل عن تضيق الغسل عليها و عدمه فأجاب ( عليه السلام ) بأنه لا تضيق حينئذ اذ ليس وقت صلوة حتى يتضيق و لا يتوهم أن كونه مضيقا بتضيق الصلوة ايضا يدل على المراد اذ قد عرفت أن الخلاف هاهنا ظاهرا في انحصار الوجوب في الغيري و عدمه لا في أصل الوجوب الغيري اذ لا خلاف فيه و هذا المعنى كما يلزم الاول كذلك يلزم الثاني ايضا فلا دلالة له على المراد لا يقال إذا كان الغسل واجبا لنفسه لا وجه لتوقف صحته على انتفاء الحدث المانع من الصلوة نعم انما يعقل ذلك إذا كان واجبا للصلوة اذ لا منافاة بينهما لجواز أن يكون شرع الغسل لتحصيل الحالة التي يستباح معها الصلوة و إن لم يكن استباحة الصلوة غرضا بل يكون تلك الحالة امرا مهما في نفسها أو لغرض آخر فإذا لم يمكن تحصيل تلك الحالة لم يشرع الغسل لفوات الغرض منه فإن قلت قد روى الشيخ ( ره ) في زيادات التهذيب في باب الحيض عن عمار الساباطي عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال سئلته عن المرئة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال أن شائت ان تغتسل فعلت و على هذا لا يمكن حمل قوله ( عليه السلام ) فلا تغتسل في رواية الكاهلي على التحريم مع ان الاحتمال الاخير الذي ذكرت انما يستلزم التحريم كما قررت فعلى تقدير الوجوب لنفسه على ما تحمل الرواية الكاهلي بناء على العمل بهذه الرواية قلت اما أولا فقد عرفت حمله على نفي التضيق مع عدم منافاته للوجوب النفسي و أما ثانيا فنحمل فلا تغتسل على الكراهة و نقول بجواز كون فضيلة الغسل و كماله موقوفة على انتفاء الحدث لا صحته و لا فساده أو نحمله على نفي الوجوب و لا استبعاد في أن يكون الغسل على تقدر وجوبه لنفسه ايضا لا يجب في وقت الحدث و إن كان يصح الاتيان به كما في صورة الوجوب الغيري بعينه و استدل ايضا بجواز تأخيره إلى وقت تضيق الصلوة فلا يكون واجبا لغيرها و ضعفه ظاهر و استدل ايضا بوجوه ضعيفة لا يحسن إيرادها و أما حجة القائلين بالوجوب النفسي فأمور ايضا منها قوله تعالى و إن كنتم جنبا إلى آخره علق الوجوب على الجنابة فقط فلم يكن مشروطا بشيء آخر و فيه أنه موقوف على كونه معطوفا على جملة إذا قمتم و هو ممنوع لجواز عطفه على فاغسلوا و إن كنتم محدثين المقدر في نظم الكلام كما قيل و منها قوله تعالى و لا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وجه الاستدلال أنه تعالى نهى عن قربان الصلوة جنبا بدون الغسل فيكون حراما فيجب تركه و هو يحصل بأمرين ترك القربان مطلقا أو تركه على هذه الصفة و إذ لم يجز الاول فتعين الثاني فإذا فرض أن قبل دخول وقت الصلوة يمكن الغسل و يظن أو يعلم أن وقت الدخول لم يتيسر لفقد الماء مثلا فحينئذ نقول لا شك أن المعنى الثاني الذي بينا وجوبه انما يتوقف على الغسل في هذا الوقت فيكون واجبا بناء على وجوب ما يتوقف عليه الواجب فإذا ثبت الوجوب في بعض أوقات خارج الوقت فقد ثبت في جميعه بشرط الحدث لئلا يلزم خرق الاجماع المركب فثبت الوجوب النفسي أو يقال إذا ثبت الوجوب خارج الوقت في الجملة فقد بطل الوجوب الغيري لانتفاء لازمه حسب ما يعتقدون اعني عدم الوجوب ما لم يدخل الوقت فيكون إلزاما عليهم فإن قلت هذا انما يتم إذا كان المراد بالصلوة حقيقتها و أما إذا كان المراد مواضعها كما مر انه الراجح فلا قلت على هذا ايضا يمكن اجراء الدليل بأن يفرض أنه نذر احد الاستيطان في المسجد في وقت الظهر مثلا و فرض الغرض المذكور فيلزم حينئذ ايضا وجوب الغسل مع عدم وجوب غايته فبطل الوجوب الغيري كما قررنا إلا أن يقال أن مرادهم من نفي الوجوب النفسي أنه لا وجوب نفسيا بحسب أصل الشرع و هذا في الحقيقة داخل في الوجوب بالنذر الذي استثنوه لكن لا يخفى أنه يتحقق وجوب الدخول بأصل الشرع ايضا بدون النذر مثل دخول المسجد الحرام للطواف فإذا فرض هذا الغرض قبل دخول وقت الطواف يلزم الوجوب النفسي بحسب أصل الشرع أو يقال مرادهم نفي الوجوب النفسي بالاصالة و هذا وجوب بالتبعية و فيه بعد أو يمنع وجوب مقدمة الواجب و هذا المنع و إن كان موجها لكن الظاهر أن القائلين بالوجوب الغيري لا يقولون بوجوبه قبل دخول الوقت و لا ببدليته ايضا و لم يكتفوا بالاول فقط لا يقال لا نسلم التوقف على الغسل لانه حكم سبحانه تعالى بعده ببدلية التيمم له لانه تعلق ما بعده به لا ظهور له كما مر سابقا و على تقدير التسليم يفرض الكلام فيما إذا لم يمكن الغسل و التيمم جميعا وقت دخول الوقت فحينئذ يلزم ما ذكرنا و فيه كلام سيجئ عن قريب و لا يخفى جريان مثل هذا الاستدلال في قوله ( عليه السلام ) لا صلوة إلا بطهور بالنسبة إلى جميع الطهارات فتدبر و منها ما رواه الشيخ ( ره ) في التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال سئلته متى يجب الغسل على الرجل و المرأة فقال إذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم و الاستدلال به من وجهين الاول أنه ( عليه السلام ) علق وجوب الغسل على الدخول فقط فلم يكن معلقا على غيره الثاني أنه علق وجوب المهر و الرجم على الادخال و لا خلاف في انهما غيره شرطين بعبادة من العبادات فكذا الغسل قضية للعطف و فيه ضعف ظاهر لان العطف لا يقتضي التساوي في جميع الامور بل التساوي في أن للادخال دخلا في وجوبهما كاف الا يرى اشتراطه كل من المهر و الرجم بشرط خلاف الشرط الآخر بل نقيضيه لان المهر مشروط بالعقد و الرجم بعدمه و الحق أن مثل هذا الاستدلال مما لا يليق بمن له وجدان سليم و منها ما رواه ( ره ) ايضا في هذا الباب في الصحيح عن زرارة عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال جمع عمر بن الخطاب اصحاب النبي ( صلى الله عليه و اله ) فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل فقال الانصار الماء من الماء و قال المهاجرون إذا التقي الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر لعلي ( عليه السلام ) ما تقول يا أبا الحسن فقال علي ( عليه السلام ) أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من الماء إذا التقي الختانان فقد وجب عليه الغسل و الاستدلال به ايضا من وجهين أحدهما من حيث تعليقه ( عليه السلام ) وجوب الغسل على الالتقاء فقط و لم يشترط بشيء آخر و ثانيهما أنه أنكر ( عليه السلام ) إيجاب الحد و الرجم بدون إيجاب الغسل و كان وجهه أن إيجاب الاصعب يقتضي إيجاب الاسهل بطريق الاولى و لا شك أنه يتحقق وجوب الاصعب وقت عدم وجوب الصلوة مثلا فيجب أن يتحقق وجوب الاسهل ايضا و الا يلزم ما أنكره ( عليه السلام ) و فيه ان حمل كلامه ( عليه السلام ) على هذا المعنى يقتضي ظاهر أن يكون من باب القياس الذي تواتر عنهم ( عليه السلام ) منعه و إنكاره اذ لا أولوية في إيجاب اسهل العقوبتين عند إيجاب اصعبهما كما لا يخفى و حينئذ فلا بد أما أن يقال أنه إلزام لهم حيث أنهم كانوا قائلين بالقياس ان جوز البحث الالزامي مع اعتقاد بطلانه لمصلحة مثلا كما ورد في باب القيافة أو يقال أنه ليس بحثا إلزاميا بل انما أنكر ( عليه السلام ) قولهم هذا مع مخالفته لاعتقادهم في أصل كلامه ( عليه السلام ) انه استبعد منهم أولا و قال انكم كيف تقولون بهذا القول مع أنه مخالف لمعتقدكم من صحة القياس ثم بعد ذلك بين الحكم بقوله ( عليه السلام ) إذا التقي الختانان و يؤيده قوله توجبون و لا توجبون و لا يجب و لا يجب فتأمل و على التقديرين لا يبقى الحجية مجالها أو يقال ان استنادا لامور الثلاثة إلى شيء واحد كانه كان امرا معلوما فقال ( عليه السلام ) لم تسندون اثنين منهما اليه دون الآخر لكن يأباه قوله ( عليه السلام ) صاعا من ماء ادنى باء كما يحكم به الوجدان إلا أن يقال التعبير بهذه العبارة كأنه للاشعار بالالزام و على هذا ايضا لا دلالة لجواز معلوميته استناد كل منهما إلى الادخال بشرايط مخصوصة و الله أعلم و منها ما رواه ايضا في هذا الباب عن محمد بن اسماعيل قال سئلت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل و كذا ما رواه ايضا في هذا الباب عن علي بن يقطين قال سئلت ابا الحسن ( عليه السلام ) عن الرجل يصيب الجارية البكر لا يفضي إليها ا عليها غسل فقال إذا وقع الختان على الختان فقد وجب الغسل البكر و غير البكر و كذا ما رواه ايضا عن الحلبي قال سئلت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن المفخذ عليه غسل قال نعم إذا أنزل و الروايات الواردة بهذا المضمون كثيرة و وجه الاستدلال في الجميع واحد و هو تعليق الوجوب على مجرد الالتقاء و الانزال فلا يشترط بشيء آخر و يجاب عن جمسع الاستدلالات التي بهذا الوجه بأن الاشتراط كأنه كان امرا معلوما شايعا فلم يحتاجوا إلى التعرض له كالاطلاقات الواردة في باب الوضوء و غسل الثوب و غير ذلك و قد عرفت ما فيه سابقا في باب الوضوء من أنه ممنوع علم معلومية الاشتراط و شيوعه اذ مجرد الاحتمال كاف و إن كان المقام مقام المنع لما مر و الاستدلالات التي ذكروها على الاشتراط قد عرفت حالها و التمسك بأصالة البرائة ايضا ضعيف بعد وجود الظواهر الدالة على شغلها كيف و لو كان أصل البرائة معارضة للظواهر لما ثبت حكم من الاحكام المظنونة نعم انما يصلح متمسكا عند عدم ظاهر مخرج عن الاصل و هو ظاهر و قد يستدل ايضا على الوجوب النفسي بأن القول بالوجوب الغيري و القول بفساد صوم من اصبح جنبا عامدا مما لا يجتمعان مع انهم قايلون بالثاني فانتفى الاول وجه المنافاة أن الوجوب بالغير انما يلزمه عدم وجوب الغسل ما لم يجب غايته كما يعترفون به ايضا فلم يكن الغسل للصوم واجبا في الليل اذ لم يجب الصوم بعد فلم يكن الصوم المذكور فاسدا و جوابه ما مر في تحريم محل النزاع فتذكر و الشهيد الثاني ( ره ) تخيل أن وجه المنافاة التي ادعاها المستدل هو أن الصوم لما لم يكن مشروطا بالغسل فلم يكن الغسل واجبا له فإذا انحصر الوجوب في الغيري لزم أن لا يفسد صوم من أصبح جنبا عامدا ثم اجاب عنه بأن عدم اشتراط الصوم بالغسل ممنوع بل القايلون بفساد

حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت

الصوم المذكور قايلون باشتراطه بالغسل في الجملة و لا يخفى عليك أن الحق في التوجيه ما ذكرناه لان هذا في غاية السقوط و كلام العلامة ( ره ) في المنتهى ايضا يشير إلى ما ذكرناه و الظاهر ان هذا الاستدلال منه و هو أعرف بمقصود و قد ايد ايضا بما رواه الشيخ ( ره ) في زيادات التهذيب في باب الاغسال في الصحيح عن عبد الرحمن بن ابي عبد الله قال سئلت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يواقع أهله أ ينام على ذلك قال ان الله يتوفى الانفس في منامها و لا يدري ما يطرقه من البلية إذا فرغ فليغتسل وجه التأييد أنه إذا لم يكن واجبا لنفسه فلا وجه لخوف الموت في النوم قبل الغسل اذ الظاهر من الرواية أن احتمال الموت انما يخاف منه لاجل فوات الغسل فقط لا لاجل فوات غايته و الحكم عليه بالتأييد لا لاستدلال الاحتمال أن يكون الامر فيه للندب و يكون ملاقاة الله تعالى متطهرا امرا محبوبا فيستحب الغسل قبل النوم لاحتمال الموت فيه و قوة ذلك المعنى منه احتمالا قريبا و أنت تعلم أن القايلين بالوجوب النفسي ايضا لا يقولون بالتضييق و العصيان بترك الغسل إذا مات في النوم ما لم يظن بالموت فلا بد من حمل كلامه ( عليه السلام ) المشعر بالتضيق و التعجيل ظاهرا على الاستحباب البتة و حينئذ ففي التأييد ايضا نظر لان القايلين بالوجوب الغيري ايضا قايلون بالاستحباب قبل دخول الوقت فتأمل و أيد ايضا بالروايات الدالة على وجوب تغسيل الميت غسل الجنابة إذا مات جنبا مثل ما رواه الشيخ ( ره ) في الزيادات في باب تلقين المحتضرين عن زرارة قال قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) ميت مات و هو جنب كيف يغسل و ما يجزيه من الماء قال يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك للجنابة و لغسل الميت لانهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة و ما رواه ايضا في هذا الباب عن عيص عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال سئلت عن رجل مات و هو جنب قال يغسل غسلة واحدة بماء ثم يغسل بعد ذلك إلى ذلك من الروايات وجه التأييد أنه أوجب غسل الجنابة على من مات جنبا و هو اعم من أن يكون بعد وجوب غايته عليه أو قبله فلو لم يكن الغسل واجبا عليه قبل وجوب غايته حال الحيوة لم يجب عليه ايضا بعد الوفاة و في هذا التأييد ايضا نظر لان الاوامر الواردة في هذا الباب اما للوجوب أو للندب و على الثاني لا تأييد أصلا لان غاية ما يلزم من استحبابه بعد الموت استحبابه حال الحيوة و لا نزاع فيه و على الاول الفرق ظاهر بين الحالين لان احديهما حالة ملاقات الله تعالى و ملائكته فلا بعد في أن يجب عليه الغسل فيها ليكون متطهرا بخلاف الاخرى هذا غاية ما يمكن أن يستدل به من الجانبين و قد عرفت ما في أكثرها من الضعف فالمسألة^^^ موضع اشكال و إن كان النفس إلى الوجوب النفسي أميل أعاذنا الله من ميلها و هواها و وفقنا للامور التي يحبها و يرضاها لاطلاق الروايات التي تقدمت من معارض قوي يصلح للمعارضة كما ذكرنا و الشهرة العظيمة التي في باب الوضوء و الروايات الدالة على وجوبه بالغير التان يرجحان طرف الوجوب الغيري مفقودة هاهنا ايضا لان معتقد القدماء معلوم و إن كان بعض عباراتهم يشعر ادنى اشعار بالوجوب الغيري و المتأخرون المتعرضون لهذا الخلاف ليس أكثرهم ايضا قايلين بالوجوب بالغير ظاهرا و قد عرفت عدم الاطلاع ايضا على الرواية بهذا المعنى فإذن الراجح في النظر ادنى ترجيح خلافه و الله تعالى و رسوله و أهل الذكر ( عليه السلام ) أعلم و أما حال الاغسال الاخر فمما يمكن أن تستنبط بعضا منه من البابين و سيجيء تفصيله انشاء الله تعالى و كذا التيمم يمكن استنباط بعض أحواله من حال مبدليه و سيأتي مشروحا في بابه انشاء الله تعالى تتمة إذا كان الوضوء أو الغسل أو التيمم ممكنا قبل دخول الوقت و يعلم المكلف عدم إمكانه بعد الدخول فهل يتفرع وجوبه حينئذ مضيقا و العصيان بتركه و عدمهما على الخلاف السابق أولا و على التقديرين ما الحال فيه ظاهرا فاعلم اني لم أقف إلى الآن على كلام الاصحاب في هذا الباب سوى النزر و القليل الذي سيذكر في باب التيمم مما له ادنى ارتباط به لكن ما يقتضيه النظر أن الظاهر عدم تفريع التضيق و عدمه في هذا الحال على الخلاف المذكور لان القائلين بالوجوب النفسي لا يقولون بالتضيق بمجرد ذلك الوجوب ما لم يتضيق وقت العمر و لا مدخل لتضيق وقت التطهر لاجل الصلوة و أما القائلون بالوجوب الغيري فظاهر عدم قولهم بالوجوب حينئذ بناء على اعتقادهم من أنه لا يجب ما لم يجب مشروطه و إن الوجوب بالغير مستلزم لهذا المعنى و لو قطع النظر عن ذلك الاعتقاد لعدم ظهور مستند له و قيل بالوجوب بالغير كما يدل عليه في خصوص الوضوء الروايات المتقدمة في صدر الكتاب الدالة على وجوب الوضوء للصلوة فالظاهر أنه يستلزم وجوب الوضوء في الفرض المذكور كما يستلزم التضيق عند تضيق وقت الصلوة بلا تفاوت كما هو الظاهر ويحكم به الوجدان عند التأمل فيما إذا قال السيد لعبده افعل الشيء الفلان بتحصيل الغرض الكذائي في وقت الظهر مثلا على أن يكون الظرف ظرفا للتحصيل لا لافعل بل يكون هو مطلوب ثم علم العبد أنه إذا لم يفعل ذلك الشيء في الصبح مثلا لم يكن فعله بعده إلى الظهر و يفوت بذلك غرض السيد فإنه يحكم حينئذ بتضيق وجوب ذلك الفعل على العبد و باثمه بتركه في وقت الصبح كما يحكم بتضيقه عليه إذا لم يفعله إلى الظهر و يتمكن منه حينئذ و هذا الوجه كما ترى مخصوص بالوضوء لعدم الاطلاع على ما يدل على هذا المعنى في أخويه كما ذكرنا سابقا و لا يذهب عليك أن القايلين بالوجوب النفسي ايضا لا بد أن يقولوا بالوجوب في هذه الصورة بناء على هذا الدليل لان هذا الوجوب انما يتفرع على الوجوب للصلوة فقط لا على انحصار الوجوب فيه و قد عرفت أن الظاهر أنهم قائلون به ايضا و هؤلاء ايضا بالنظر إلى هذا القول يمكن افتراقهم

استحباب الوضؤ للصلوات المندوبة

فرقتين فالخلاف المثمر في هذا الباب الخلاف في الاستلزام المذكور و عدمه فالقائلون بالوجوب الغيري المدعون للاستلزام المذكور و إن لم يقولوا بالوجوب لكن لا يخفى أن محافظة الماء إذا كان ممكنا إلى دخول الوقت يلزم عليهم القول بوجوبها في بعض الصور بالدليل المذكور و على هذا إذا أمكن في الصورة ألمذكورة كل من الوضوء خارجا الوقت و محافظة الماء إلى الوقت كان المكلف مخيرا بين الاتيان بالوضوء وجوبا موسعا على قول و ندبا على الآخر و بين محافظة الماء إلى مجئ الوقت و إن لم يمكن المحافظة بل الوضوء خارج الوقت فقط فيجب الوضوء مضيقا على قول و يستحب على الآخر و إن أمكن المحافظة فقط تعين و لهذا المطلب مسلكان آخران أحدهما التمسك بالروايات الدالة على عدم صحة الصلوة بدون الطهارة مثل لا صلوة إلا بطهور و الصلوة ثلاثة أثلاث وجه الاستدلال أن المكلف مأمور بالصلوة امرا مطلقا و قد دلت الروايتان على أن الصلوة لا يكون إلا بالطهور فالصلوة المأمور بها انما هي الصلوة المقرونة بالطهارة و ذلك يتوقف في الصورة المفروضة على الطهارة قبل الدخول فيكون واجبا بناء على وجوب ما يتوقف عليه الواجب و هذا الاستدلال كما ترى لا يدل على وجوب خصوص الغسل و الوضوء خارج الوقت إذا علم عدم إمكانهما في الوقت لان التيمم ايضا طهور كما مر نعم إذا علم أنه لا يمكن التيمم ايضا في الوقت ففيه تفصيل يعلم بالتأمل و الثاني في التمسك بقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلوة فاغتسلوا الآية وجه الاستدلال أنه امر بالوضوء عند قيام الصلوة أمرا مطلقا و هو في الصورة المفروضة يتوقف على محافظة الماء إلى الوقت فيكون واجبا و قس عليه الاستدلال بصحيحة إذا دخل الوقت و هذا الاستدلال مخصوص بالوضوء و وجوب محافظة الماء للوضوء و لا يدل على وجوب الوضوء خارج الوقت و لا محافظة الماء للغسل و التراب للتيمم لجواز أن لا يكون جملتا الغسل و التيمم معطوفتين على فاغسلوا و قد يناقش في هذا الدليل بأن إطلاق الامر بالوضوء حال القيام إلى الصلوة لجواز أن يكون جملة التيمم معطوفة على فاغسلوا و حينئذ يكون الامر بالوضوء في تلك الحالة مشروطا بوجدان الماء لان قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا يدل على ان الامر بالتيمم في حال عدم وجدان الماء و قرينة المقابلة تدل على أن الامر بالوضوء مشروط بوجدان الماء و على هذا لا يجب محافظة الماء إلى دخول الوقت و لا يخفى ما فيها لا يقال من يقدر على وجدان الماء في تلك الحال و لو تنزل عن دعوى التبادر فلا اقل من عدم التبادر في خلافه فآل الامر إلى الشك فلا يبقى الظن بإطلاق الامر فإن قيل الامر الاول مطلق فيجب حمله على إطلاقه حتى يثبت مخصص و مقيد و القدر الذي يثبت من جملة التيمم على تقدير عدم التبادر في أحدهما تخصيصه بحال عدم القدرة على وجدان الماء فيجب الحكم به في هذه الحال و أما الحال الآخر فيلزم بقائه تحت إطلاق الحكم قيل لا نسلم وجوب حمل المطلق على إطلاقه حتى يثبت التقييد مطلقا بل فيما لا يكون في الكلام الذي فيه المطلق ما يجوز أن يخصصه و نقيده كما فيما نحن فيه و الحاصل أن الكلام انما يتم بآخره فلو كان في الكلام مطلق و لم يجئ بعده شيء يحتمل أن يقيده فيحصل الظن بإطلاقه و يكون معمولا به حتى يظهر خلافه و أما إذا جاء بعده ذلك الشيء فحينئذ لم يحصل الظن بالاطلاق حتى يتبع إلى ظهور الخلاف هذا و لا يذهب عليك أنه على تقدير تمامية الدليل إذا كان المكلف في الفرض المذكور قادرا على محافظة الماء إلى الوقت و الوضوء خارجه يكون مخيرا بين الوضوء و المحافظة و لو كان قادرا على الوضوء فقط دون المحافظة فلا يحكم بالوجوب عليه بناء على هذا الدليل نعم بالدليل الآخر و على تقدير ورود المنع إذا علم التمكن من التراب في الوقت فلا يجب محافظة الماء و إذا علم عدم التمكن فإن كان محافظة التراب ايضا ممكنة إلى الوقت فيتخير بينها و بين محافظة الماء أو الوضوء قبل الوقت ان أمكن بناء على كفايته و إن لم يمكن محافظة التراب بل محافلظة الماء فقط ففيه اشكال ينشأ من أن قوله تعالى فلم تجدوا على تقدير كونه معطوفا على فاغسلوا هل يصير قرينة على اشتراط الوضوء بوجدان الماء في الوقت أو على اشتراطه بعدم وجوب التيمم فعلى الاول لا يجب محافظة الماء حينئذ و على الثاني يجب و على تقدير ظهور أحد الاحتمالين الحكم واضح و على تقدير التساوي فالأَمر كما مر آنفا فتأمل ( و يستحب الوضوء لندبي الصلوة و الطواف ) لا يخفى عليك بعد ما سبق في باب الوجوب ان استحباب الوضوء للصلوة المندوبة ايضا انما يتم بأمرين أحدهما الامر بالوضوء و الثاني الاشعار بأنه للصلوة و يفتقر ايضا إلى أن لا يكون الامر امرا إيجابيا لكونه لازما للامرين الاولين اذ لا يعقل وجوب شيء مع عدم وجوب غايته و ما يتوهم من وجوب الوضوء للصلوة المندوبة بناء على استحقاق العقاب إذا ترك الوضوء و اتى بالصلوة كما يدل عليه بعض الروايات بل الاجماع ايضا ظاهرا ساقط لان استحقاق العقاب حينئذ ليس لترك الوضوء بل لفعل الصلوة بدون الوضوء اذ لو لم يصل لم يكن مستحقا للعقاب نعم الوجوب بمعنى الشرطية كما في بعض الاصطلاحات ثابت للوضوء بالنسبة إليها و لم نقف في الروايات على ما يدل على الامر بالوضوء للصلوة المندوبة مطلقا بل في بعض الصلوات بخصوصه نعم الاشتراط في الجميع يدل عليه الروايات مثل قوله ( عليه لسلام ) لا صلوة إلا بطهور و الصلوة ثلاثة أثلاث فحينئذ اما أن يتمسك في عموم الاستحباب للصلوة المندوبة بعموم الاشتراط بناء على ان شرط المستحب مستحب كما أن شرط الواجب واجب أو بالاجماع كما نقله العلماء

تنبيه في التسامح في أدلة السنن

و أما استحبابه للطواف المندوب و اشتراطه به و عدمه فسيجئ انشاء الله تعالى في كتاب الحج و حمل المصحف لم نقف في الرواية على ما يدل عليه و العلامة ( ره ) في المنتهى و النهاية و المصنف ( ره ) في الذكرى عللاه بالتعظم و لا يخفى ان إثبات الحكم به مشكل لكن لا بأس بالقول به للشهرة بين الاصحاب ( رضوان الله عليهم ) بناء على التسامح في ادلة السنن و هاهنا بحث لابد من التنبيه له لنفعه في إمتثال هذه المواضع و هو أنه قد اشتهر بين العلماء ان الاستحباب انما يكتفي فيه بالادلة الضعيفة و أورد عليه أن الاستحباب ايضا حكم شرعي كالوجوب فلا وجه للفرق بينهما و الاكتفاء فيه بالضعاف و أجيب عنه بأن الحكم بالاستحباب فيما ضعف مستنده ليس في الحقيقة بذلك المستند الضعيف بل بما رواه ثقة الاسلام ( ره ) في أصول الكافي في باب من بلغه ثواب من الله على عمل بطريق حسن بإبراهيم بن هاشم عن هشام بن سالم عن ابي عبد الله ( عليه السلام ) قال من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له و إن لم يكن على ما بلغه و يؤيده ما رواه ايضا في هذا الباب عن محمد بن مروان قال سمعت ابا جعفر ( عليه السلام ) يقول من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه و إن لم يكن كما بلغه و لا ريب أن السند الاول سند معتبر معول عليه سيما مع انضمامه بما يؤيده و يعضده فيكون صالحا للاحتجاج و قد ذكر بعض العلماء ورود هذا المضمون بطريق صحيح ايضا و لم أره في الكتب الاربعة المشهورة لكن رأيته في كتاب المحاسن للبرقي و لعله أراد ذلك و يخدش الجواب بعد تسليم صحة الاحتجاج بأمثال هذه الاسانيد بأن مفاد الروايتين أنه إذا روى ان في العمل الفلاني ثوابا كذا مثلا فعمل احد ذلك العمل رجاء لذلك الثواب فإنما يؤتاه و إن كان ما روى خلاف الواقع لا أنه إذا روى أصل العمل ايضا كان الآتي به مثابا و الفرق بينهما ظاهرا لا أن يقال الاخبار بأن الفعل الفلاني قد امر به يستلزم الاخبار بأن فيه ثوابا اذ الامر يستلزم الثواب فإذا فعل ذلك الامر رجاء للثواب لزم أن يؤتاه به بناء على الروايتين فإن قلت الثواب كما يكون للمستحب كذلك يكون للواجب ايضا فلم خصص الحكم بالمستحب قلت الامر كما ذكرت من شمول سماع الثواب على شيء للواجب و المستحب لكن الروايتين لا يدلان على الوجوب بعد السماع اذ غاية ما يدلان عليه انه إذا فعل أحد بعد السماع يكون مثابا و ذلك انما يستلزم رجحان فعله لا فساد تركه فيكون الفعل مستحبا فعلى هذا إذا روى الامر الوجوبي بشيء بطريق ضعيف لكان فعله مستحبا لما ذكرنا و ما ترى يفعل الاصحاب من حمل الروايات الضعيفة الدالة على الوجوب صريحا ان ظاهرا أو احتمالا مساويا للندب على الاستحباب انما هو بمعنى ان الحكم بالنسبة إلينا الاستحباب لما عرفت لا أنهم يحملون الامر في الرواية على الاستحباب فاعلم هذا ينفعك في بعض المواضع و يخدش ايضا بأن بين الرواتين و بين ما يدل على عدم العمل بقول الفاسق من قوله تعالى ان جائكم فاسق بنبإ الآية عموما من وجه و لا تصريح فيهما بأنه إذا عمل بقول الفاسق ايضا لكان يحصل الثواب لان عدم كون الحديث كما بلغ لا يستلزم أن يكون راويه فاسقا كما لا يخفى و لا ترجيح لحمل الثاني على الاول فلم لم يعكس و يخص سماع الثواب من العدل و يمكن أن يقال الآية دالة على عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبت و العمل به فيما نحن فيه بعد ورود الروايتين ليس عملا بلا تثبت و لا يتوهم تخصيص الروايتين لها حينئذ اذ بهما يخرج بعض الافراد عن عنوان الحكم لا عن الارادة و ليس هذا تخصيصا و قد مر توضيحه في فواتح الكتاب و يخدش ايضا بأن المسألة اي ثبوت الاستحباب بالادلة الضعيفة انما هو من مسائل الاصول على المشهور و جواز الاكتفاء فيه بالظن الحاصل من خبر الواحد محل اشكال و لتحقيق الكلام في هذا المقام موضع آخر و بالجملة الجواب لا يخلو عن شائبة لكن اشتهار العمل بهذه الطريقة بين الاصحاب من نكير ظاهر بل بين العامة ايضا مما يجرء النفس و يشجعها عليه لعل الله يقبل عذرها و لا يؤاخذها به و لا يخفى أن حكم مس المصحف المندوب حكم الحمل في شهرة استحباب الوضوء له بين الاصحاب فلا بأس بالقول به و كان المصنف انما اقتصر على الحمل ليحمل المس عليه بطريق الاولى ( و أفعال الحج الباقية ) سيأتي انشاء الله تعالى في بابه ( و صلوة الجنازة ) هذا الحكم ايضا مشهور بين الاصحاب و الذي يدل على عدم وجوبه من الروايات ما رواه الشيخ ( ره ) في التهذيب في الباب التالي لباب الصلوة على الاموات في الموثق عن يونس بن يعقوب قال سألت ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن الجنازة أصلي عليها على وضوء فقال نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك على وضوء و هذه الرواية في الكافي ايضا في باب من يصلي على الجنازة و هو على وضوء و في الفقية في باب الصلوة على الميت و ما روي في الكافي ايضا في الباب المذكور عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليه السلام ) قال سئلته عن الرجل يفجأه الجنازة و هو على طهر قال فليكبر معهم لكن يمكن حمل هذه الرواية على الاضطراري كما يشعر به لفظ يفجأه و ما يدل على استحبابه ما رواه الشيخ ( ره ) في الباب المذكور عن عبد الحميد بن سعيد قال قلت لابي الحسن ( عليه السلام ) الجنازة يخرج بها و لست على وضوء فإن ذهبت اتوضا فاتتني الصلوة يجزي أن أصلي عليها و أنا على وضوء قال تكون على طهر احب الي و هذه الرواية في الكافي ايضا في الباب المتقدم بأدنى تغيير لكن يمكن أن يقال أن الظاهر من الطهر في كلام الامام ( عليه السلام ) التيمم لان السائل انما سأله ( ع ) عن الحال التي لا يمكن فيه الوضوء فحكمه ( عليه السلام ) فهذه الحال باستحباب الطهر لا بد من حمله على التيمم كما هو الظاهر و بالجملة الامر واضح بعد حصول


/ 74