5 ـ.اللّه عز وجل ليس جسما
هناك جماعة بين المسلمين وغير المسلمين تدعى بالمجسمة , والتي تعتقد بجسمانية اللّه , وتنسب الـيه جميع عوارض الاجسام , وقد نقلت عنهم مطالب مضحكة ومخجلة في نفس الوقت , الى درجة ان الـشـهـرسـتـانـي في كتاب ( الملل والنحل ) ينقل عنهم بانهم يقولون حتى بامكانية لمس اللّه , ومصافحته ومعانقته , من قبل المسلمين الخلص الـقائلين بهذا المذهب , انه قال (( اعفوني من الفرج واللحية واسالوني عما ورا ذلك )) فمعبودي جسم ودم ولحم , وله جوارح واعضا , من يد ورجل , وراس , ولسان , وعينين , واذنين , ومع ذلك فهو جسم لا كالاجسام وليس كمثله شي , ولحم لا كاللحوم وكـذلـك نقل عنه ايضا بانه كان يقول ( انه ((152)) اجوف من اعلاه الى صدره ,مصمت ماسوى ذلك , وان له وفرة سودا((153)) وله شعر قط((154)) ).
ويـذكر ( المحقق الدواني ) عنهم عجائب اخرى فيقول انهم طوائف مختلفة , فبعضهم يقول انه ( عز وجل ) مركب من لحم ودم ويقول البعض الاخرانه نور متلالي كصحيفة بيضا طوله سبعة اشبار من اشباره هو ويقول البعض انه شاب امرد ذو شعر مجعد والبعض يقولون انه بشكل شيخ كبير لون شعر راسه ولحيته سودابيضا ((155)) .
ان هـذا الـكلام الدني يشير بوضوح الى مقدار تورط هذه الطائفة بالانحطاط الفكري , فعبروا عن اللّه تعالى بتعابير لا تصدر حتى من الاطفال الصغار , ولم يخجلوا من ذكر هذه الامور.
طبعا لايمكن التصديق الان بوجود احد من المسلمين او غير المسلمين يحمل مثل هذه الاعتقادات .
وبـما ان كل افراط يتبعه تفريط , فقد ظهر في مقابل هؤلا جماعة احترزواعن التشبيه الى درجة انـهـم كـانـوا يقولون اذا حرك احد يديه اثنا قراة آية (خلقت بيدي ) وجب قطع يده باصبعيه عند قراة هذه الرواية الواردة عن النبي ( (ص ) ) انه قال (( قلب المؤمن بين اصبعين من ((156)). وعـلـى ايـة حال يظهر ان هذه العقائد السخيفة المنحطة بخصوص جسمية اللّه تعالى تنبع من احد امرين
الاول الانـس الـمـفرط بعالم المادة والمحسوسات , الانس المصحوب بالسذاجة والجهل الذي لا يسمح للانسان تقبل شي غير المادة , الانس الذي يؤدي الى مقايسة اللّه عز وجل بالانسان وصفاته .
الثاني التعابير الكنائية والمجازية الملحوظة في القرآن الكريم والروايات الاسلامية , حيث يمكن ان يتوهم السذج منها الجسمية .
ولكن بالالتفات الى نقطة واحدة يتضح بان قبول فكرة الجسمية بالنسبة للّه تعالى يساوي نفي الوهيته , ونفي وجوب وجوده , لان كل جسم يتشكل من اجزا , ولا بد له من لزوم المكان والزمان , وكونه مـعـرضـا للحوادث والتغيرات ويتجه دائما نحو الهلاك والفنا , وتكفي كل واحدة من هذه الصفات لنفي الوهية اللّه ووجوب وجوده .
مـضافا الى ذلك انه لو كان جسما لكان له شبيه ومثيل , ونحن نعلم ان آيات متعددة من القرآن الكريم نفت عن اللّه تعالى اى شبيه او مثيل .
ونختم هذا الكلام بحديث منقول عن الامام الكاظم ( (ع ) ) ((ذكر عنده قوم زعموا ان اللّه تبارك وتـعالى ينزل الى السما الدنيا ؟ فقال ان اللّه لاينزل ولا يحتاج الى ان ينزل , انما منظره في القرب والبعد سوا) , ولم يحتج الى شي بل يحتاج اليه , اماقول الواصفين انه ينزل تبارك وتعالى عن ذلك فانما يقول ذلك من ينسبه الى نقص اوزيادة , وكل متحرك محتاج الى من يحركه او يتحرك به فمن ظن باللّه الظنون فقد هلك واهلك , فاحذروا في صفاته من ان تقفوا له على حد من نقص او زيادة , او تحريك اوتحرك , او زوال او استنزال , او نهوض او قعود فان اللّه عز وجل عن صفة الواصفين ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين )) ((157)) .
وهـنـاك روايـات كـثـيـرة فـي هـذا المجال ولكن وضوح الموضوع يغنينا عن التوغل في البحث ((158)) .
والـعـجـب من اصرار بعض ارباب الملل والنحل على نسب مسالة الاعتقادبجسمانية اللّه تعالى الى الشيعة اتباع مذهب اهل البيت ( (ع ) ) , لكن مطالعة كتب الشيعة تشير بوضوح الى انهم بلغوا القمة فـي تـنـزيـه اللّه تـعـالـى عن الجسمانية , واي صفة من صفات الاجسام وعوارضها , لذا فقد قال الامـام الـرضـا( (ع ) ) (( انـه لـيـس مـنـا مـن زعم ان اللّه عز وجل جسم ونحن منه برا في الدنياوالاخرة )) ((159)) .