1 ـ.اللّه عز وجل فوق المكان والزمان
لـلـفـلاسـفـة بحوث عديدة حول حقيقة ( المكان ) و ( الزمان ) , وبالرغم من ان موضوع المكان والـزمـان مـن الامور التي تلازمنا دائما الا ان معرفة حقيقتهمالاتزال من المشكلات حتى بالنسبة للفلاسفة فـقـد اعتقد جماعة بان المكان ـ والذي يعطي معنى الفضا , او هو بعدخاص تسبح فيه الاجسام , ـ موجود مخلوق قبل الجسم , وكل جسم بحاجة اليه .
وقال آخرون ان الفضا الخالي من كل شي ليس الا وهم وخيال ,وبالاساس , فان عدم وجود الجسم يـعـنـي عـدم وجود المكان , وبتعبير آخر لمكان يوجد بعد الجسم لا قبله , وينتزع من مقايسة جـسـمـيـن مـع بـعـضـهـما ,وكيفية استقرارهما , وليس من المناسب هنا انتقاد هاتين النظريتين الـفـلسفيتين وتحليلهما , بل يجب القول بان المكان باي واحد من هذين المفهومين , محال بالنسبة الى اللّه عز وجل .
لانـه لايـمـكن ان يكون هناك موجود قبل اللّه , وفق التفسير الاول , القائل ان ( المكان موجود يسبق وجود الجسم ).
لاسيما اذا قررنا بان الاجسام تحتاج الى مكان , فهل يمكن ان يحتاج واجب الوجود الغني عن الوجود الى شي آخر؟.
وعـلـيه يتضح استحالة تحقق مفهوم المكان طبق التفسير الاول بخصوص الباري الغني عن كل شي والـمـنـشا لجميع الوجودات , واما وفق التفسير الثاني فهو يستلزم وجود النظير الكفؤ للّه تعالى ليقاس به , وينتزع المكان من قياس هذين الاثنين مع بعضهما , فى حين اننا عرفنا في مباحث التوحيد بانه تعالى ليس له كفؤ ابدا.
ومـن جـهـة اخـرى , لا يـمكن تصور المكان بدون محدودية , لانه ينبغي تصور جسمين بصورة مـنـفصلة عن بعضهما ليتضح مفهوم المكان من مقايستهمامع بعضهما , لذا يقول هؤلا الفلاسفة ان كل العالم ليس له مكان لانه لايوجدشي خارج عنه ليقاس به , اما المكان فلاجزا العالم فقط.
ومـن جـهة ثالثة اذا كان للّه مكانا لاستلزم ان يكون له اعضا واجزا , لان ذرات الجسم ـ بالقياس مع بعضها ـ تمتلك امكنة مختلفة , كان تكون احداها في الاعلى والاخرى في الاسفل , احداها في جهة الـيـمين والاخرى في جهة اليسار , واذا اعتقدنا بتركيب اللّه تعالى فستبرز مسالة حاجته الى هذه الاجزاوالتي لاتتناسب مع وجوب وجوده .
ونـفـس هـذا الـبـحث يرد في مفهوم الزمان , فالذين يعتقدون بان الزمان ظرف مخلوق قبل الاشيا , والاشيا المادية تدخله بعد الخلق والتكون وتحتاج اليه , وبتعبير آخر الزمان حقيقة مستقلة سيالة مـخـلوقة قبل جميع الاشيا المادية , ويمكن ان يكون موجودا حتى بعد فنائها , في هذه الحالة يتضح عدم احاطة الزمان باللّه تعالى , لانه يستلزم الحاجة الى شي وهو الغني عن كل شي .
وان اعـتـقـدنـا , ـ طـبقا لنظرية الفلاسفة المتاخرين , ـ بانه وليد حركة اشياالعالم او الحركة الجوهرية للاشيا , فانه محال بشان الباري , لانه وجود كامل وغير محدود من كل ناحية , ووجود كهذا لايمكن تصور الحركة بشانه ( اي لامفهوم لها ) , اذا لايسعه الزمان .
الدفتر الرابع ـ بيام قرآن .