غالبا ما يطرح هذا السؤال من قبل عامة الناس وهو اذا لم يكن للّه تعالى مكان معين فلماذا ننظر الى السما اثنا الدعا ؟ ونرفع ايدينا نحو السما ؟ فهل هو سبحانه موجود في السما ((والعياذ باللّه )) ؟. وقـد طـرح هذا السؤال في زمان الائمة المعصومين (ع ) ايضا , فقد روى ((هشام بن الحكم )) ان زنديقا دخل على الامام الصادق (ع ) وساله عن آية (الرحمن على العرش استوى ). فـاجـابه الامام (ع ) موضحا (( ونفينا ان يكون العرش او الكرسي حاويا له , وان يكون عز وجل محتاجا الى شي مما خلق , بل خلقه محتاجون اليه )). فقال السائل اذا , لا فرق في ان ترفعوا ايديكم اثنا الدعا الى السما اوتنزلوها الى الارض فقال الامام (ع ) (( ذلك في علمه واحاطته وقدرته سوا , ولكنه عز وجل امراوليائه وعباده برفع ايـديهم الى السما نحو العرش , لانه جعله معدن الرزق , فثبتنا ماثبته القرآن والاخبار عن الرسول (ص ) حيث قال ارفعوا ايديكم الى اللّه عز وجل , وهذا يجمع عليه فرق الامة كلها ))((171)) . ورد فـي الـخـصـال عن الامام امير المؤمنين (ع ) , في حديث آخر انه قال (اذا فرغ احدكم من الـصـلـوة فليرفع يديه ال1 ى السما, ولينصب في الدعا فقال ابن سبا ياامير المؤمنين اليس اللّه عز وجـل فـي كـل مـكان ؟ قال بلى , قال فلم يرفع يديه الى السما ؟ فقال او ماتقرا (وفي السما رزقـكـم ومـاتـوعـدون ) فـمـن ايـن تـطـلب الرزق الامن موضع الرزق وماوعد اللّه عز وجل السما))((172)) . وطـبـقـا لـمـا جا في هذه الروايات فان اغلب ارزاق الناس تنزل من السما ,( فالمطر الذي يحيي الارض الميتة ينزل من السما , ونور الشمس الذي يعدمنبعا للحياة , يشع من السما, والهوا الذي يعد العامل المهم الثالث للحياة ,موجود في السما , فان السما عرفت كمعدن للبركات والارزاق الالهية , وترفع الايدي نحوها عند الدعا طلبا ورجا من خالق ومالك كل تلك الارزاق في حل المعضلات . ويـستنتج من بعض الاخبار ايضا ان هذا المفهوم لاينحصر بالمسلمين فقط, بل كان موجودا في بقية الامم كذلك , كما نقل المرحوم (الفيض الكاشاني ) في كتاب المحجة البيضا عن (مالك بن دينار) انه قـال اصـاب الـنـاس مـن بـنـي اسـرائيـل قحط , فخرجوا مرارا فاوحى اللّه تعالى الى نبيهم ان اخبرهم انما تخرحون الي بابدان نجسه , وترفعون الي اكفا قد سفكتم بها الدما , وملاتم بطونكم من الحرام الان قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني الا بعدا ((173)) . ويـستنتج من بعض الروايات وجود فلسفة اخرى لهذا العمل وهو اظهارالخضوع والتذلل للباري , لان الانسان يرفع يديه حينما يظهر خضوعه واستسلامه لشخص او شي معين . وفـي حـديـث لـلامـام الباقر(ع ) في تفسير آية (فما استكانوا لربهم ومايتضرعون ) فقال (ع ) الاستكانة هو الخضوع , والتضرع هو رفع اليدين والتضرع بهما ((174)) .