2 ـ.الاستنتاج النهائي
على اي حال فهنا توجد مطالب عديدة , جميعها واضحة , ونعتقد بان لامحل للمناقشة فيها. 1 ـ ان اللّه قـادر على احداث امواج صوتية في الفضا , وايصالها الى مسامع انبيائه ورسله لابلاغهم بـهـذه الطريقة , كما ذكر القرآن حول تكليم اللّه موسى بن عمران (ع ) في وادي (ايمن ) , حيث اوجد اللّه في تلك الشجرة المباركة الخاصة اصواتا دعا موسى بواسطتها اليه . 2 ـ (التكلم ) بمعنى التحدث باللسان وعن طريق الاوتار الصوتية , من عوارض الاجسام ولا معنى له بخصوص اللّه المنزه عن الجسمانية , سوى ماذكرناه من ايجاد امواج صوتية في الاجسام . 3 ـ الـقـرآن الكريم الذي في متناول ايدينا هو عين هذه الالفاظ والحروف التي قد تظهر في قالب الكلام احيانا , وفي قالب الكتابة احيانا اخرى , ولا ريب في ان كليهما من الحوادث , وما قاله البعض من كون هذه الالفاظ والحروف قديمة او وجوب الاعتقاد حتى بقدم جلد القرآن وازليته , خرافات لاتستحق ان نبحثها. ويـبـدو ان الـذيـن اعـتقدوا بقدم كلام اللّه , كان منشا اعتقادهم هو ذكر القرآن الكريم (التكلم ) كـاحـدى صـفات اللّه , ومن هنا سمي القرآن بكلام اللّه , هذا من جهة , ومن جهة اخرى هو كون وجود اللّه ازليا , اذا فصفاته يجب ان تكون ازلية ايضا , ومنه استنتجوا بان كلام اللّه ازلي ايضا. ان هـؤلا وبسبب ضعف ادراكهم وقلة معلوماتهم لم يستطيعوا التمييز بين (صفات الذات ) و (صفات الـفـعـل ) , فصفات ذاته ازلية (كالعلم والقدرة ) , اما الصفات التي ينتزعها عقلنا بسبب صدور افعال مـعـيـنة من قبله جل وعلا , فهي امورحادثة , لان هذه الصفات غير قائمة بالذات الالهية , بل هي مفاهيم عقلية منتزعة تحصل من ملاحظة افعاله . وبـتـعبير آخر لاشك من وجود افعال الهية حادثة كخلق السموات والارض , وخلق آدم , ومسالة الرزق , وغفران ذنوب العباد , وارسال الانبياوالرسل , وعندما يشاهد العقل صدور هذه الافعال من جـهـتـه يـنتزع منها صفات للّه سبحانه (كالخالقية والرازقية والغفارية ) , ومن المسلم به ان هذه الصفات لم تكن تصدق على اللّه قبل ان يخلق موجودا او يعطيه رزقا او يشمله بمغفرته ,(طبعا كان قادرا على هذه الامور , لكن الحديث لايدور حول القدرة بل حول صدور عين هذه الافعال ). وبـنـا على هذا فان هذه الصفات التي تدعى (صفات الفعل ) تختلف عن (صفات الذات ) القائمة بالذات الالـهـية المقدسة , بل هي عين ذاته , وعدم فهم هذه الحقيقة من قبل معتقدي قدم كلام اللّه وازليته جرهم الى معتقدات مضحكة كقدم جلد القرآن . 4 ـ اضـطـر جـمـاعة من الاشاعرة , ممن كانوا يدركون هذه المسائل , الى طرح مسالة (الكلام النفسي ) , الكلام الذي يمكن ان يكون قديما وقائما بذات اللّه , وقد تمسك هؤلا لاثبات هذا المطلب بالاية القرآنية التالية التي تتحدث عن جماعة من المنافقين ويقولون في انفسهم لولا يعذبنا اللّه بما نقول )(المجادلة / 8). او بالشعر المعروف عن (الاخطل ) احد شعرا العصر الامويان الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا. جعل اللسان على الفؤاد دليلا. جعل اللسان على الفؤاد دليلا.