يـلاحظ في الاية الثامنة تعبير جديدا ايضا , وهو اقتران مفهومي الخبيروالبصير مع بعضهما , فقد تـحدثت الاية في بدايتها عن الوحي الالهي , وانزال القرآن الكريم بعد الكتب السماوية السابقة له , ثم قال تعالى ( ان اللّه بعبـاده لخبير بصير ). ان هـذه الـجـملة تشير الى ان هذا الكتاب السماوي متناغم مع وضعية البشر واحتياجاته في جميع المجالات , لانه نازل من لدن خبير بكل شي وبصير بكل حوائج الانسان . وقـد فـسرت هذه الاية ايضا بانها رد على اشكال من كانوا يعترضون على انزال القرآن على محمد (ص ) لـكـونـه يـتيما وفقيرا , فقال تعالى بانه الخبيروالبصير بعباده ويعلم ايهم اكثر استعدادا لتحمل عب الرسالة الشريفة (ولا يمكن الاستدلال على هذا المعنى بقرينة الاية التي تلت هذه الاية ) ((61)) . ولا باس بالجمع بين التفسيرين . وذهـب بـعض المفسرين الى ان كلمة خبير هنا كناية عن الاحاطة بالامورالمعنوية والروحية , وبصير كناية عن الاحاطة بالامور الجسمانية , ولهذا السبب تقدمت كلمة الخبير على كلمة البصير . وبـالـرغـم من ان كلمة الخبير المشتقة من الخبر ذات معنى واسع جدايشمل كل احاطة بظواهر الامـور وبواطنها , الا ان اقترانها بصفة البصير يوحي الى كونها كناية عن الاحاطة بباطن الامور (وقد ذكر الراغب في مفرداته بان احدمعاني هذه الكلمة هو العلم بباطن الامور).