ان تاكيد القرآن على وصف الباري تعالى بهاتين الصفتين له آثار تربوية مهمة , فهو يذلل الطريق امام الـمسلمين للوصول الى معرفة اللّه من جهة , ومن جهة اخرى يدعوهم جميعا الى التخلق بهذا الخلق الـكـريـم والـتـشبه بهاتين الصفتين الالهيتين , ومن جهة ثالثة يلقي في قلوب المؤمنين السكينة من حـيث كون يد العناية والحماية الالهية معهم في كال حال , ومن جهة رابعة تحذيرللمؤمنين ليراقبوا اقوالهم واعمالهم لان اللّه محيط بها علما. وقـد اكـدت الـروايات الاسلامية الشريفة ايضا على هذه المسالة التربوية المهمة التي من جملتها مايلي 1 ـ ورد عـن الامام الصادق (ع ) حديث يعض به احد خواصه وهو( اسحاق بن عمار ) قال (ع ) (( يا اسحاق خف اللّه كانك تراه وان كنت لا تراه فانه يراك , فان كنت ترى انه لا يراك فقد كفرت وان كنت تعلم انه يراك ثك يرزم لخ بالمعصية فقد جعلته من اهون الناظرين عليك )) ((67)) . 2 ـ وفي حديث اخر عن الامام الصادق (ع ) في تفسير الاية ( ولمن خـاف مقام ربه جنتـان ) قال ( من علم ان اللّه يراه و يسمع مـا يقول و يعلم مـا يعمل من خير اوشر , فيحجزه ذلك عن القبيح من الا عمـال , فذلك الذي خـاف مقـام ربه ونهى النفس عن الهوى ) ((68)) . 3 ـ وكـذلـك مـاورد في تفسير (علي بن ابراهيم ) عن الامام الصادق (ع ) انه قال ((لما همت به وهـم بها قامت الى صنم في بيتها فالقت فيه ملاة لها فقال لهايوسف ما تعملين ؟ قالت القي على هذا الـصـنـم ثوبا لايرانا فاني استحي منه فقال يوسف فانت تستحين من صنم لا يسمع ولا يبصر ولا استحي انا من ربي ؟ )) ((69)) . 4 ـ ورد فـي تـفسير روح البيان في ذيل الاية ( وافوض امري الى اللّه ان اللّه بصير بالعبـاد ) ( غافر / 44 ). خـرج بـعض الاصحاب ( رضي اللّه عنهم ) الى الصحرا فطبخوا الطعام ,فلما تهياوا للاكل راوا هنالك راعيا يرعى اغناما فدعوه الى الطعام , فقال الراعي كلوا انتم فاني صائم فقالوا له على سبيل الاخـتـبـار كـيف تصوم في مثل هذا اليوم الشديد الحرارة فقال لهم ان نار جهنم اشد حرا منه , فاعجبهم كلامه فقالوا له بع لنا غنما من هذه الاغنام نعطك ثمنه مع حصة من لحمه , فقال لهم ذه الاغنام ليست لي وانما هي لسيدي ومالكي , فكيف ابيع لكم مال الغير ؟فقالوا له قل لسيدك انه اكله الذئب او ضاع فقال اين اللّه ابـن مـسـعـود مـن مالكه مع الاغنام فاعتقه , ووهب الاغنام له , وكان ابن مسعود يقول له في بعض الاحيان بطريقه الملاطفة اين اللّه ((70)) . وهـنـالـك نـمـاذج كثيرة من هذا القبيل , منقولة في التاريخ والروايات الاسلامية , تدل على الاثر الـتـربـوي الـبليغ النابع من الايمان بعلم اللّه وبتواجده في كل مكان , وبكونه سميعا وبصيرا , في الحجز عن المعاصي والذنوب .