لـم يكن اتصاف اللّه تعالى بالحكمة مستنبطا من عشرات الايات القرآنية ,التي وصفته بالحكيم , بل يمكن اثباته بالادلة العقلية ايضا. لانـه وكما اشرنا سابقا فان صفة الحكيم تطلق على من يؤدي افعاله بافضل وجه , واقرب طريق , ويـتـحـرز عن اي عمل غير موزون وغيرصالح وبالحقيقة ان الحكمة تشمل الحالات العملية في الغالب , بينما نجد ان العلم يشمل الحالات النظرية . لذا فان جميع الادلة التي تثبت علم اللّه تعالى , الحالات تثبت حكمته ايضا , ولكن يجدر الالتفات الى الـتـفاوت الموجود بين الباري الحكيم والانسان الحكيم , فالاخير هو من تنسجم اعماله مع قوانين عـالـم الـوجـود , لكن قولنا اللّه حكيم , يعني ايجاده سبحانه قوانين هي مصداق للنظام الاحسن , وبتعبير ادق ن اللّه تعالى هو الذي يقنن القانون ويشرعه ونحن نطبقه . ومن جهة اخرى فان نظرة واحدة الى عالم الوجود ـ من المنظومات الشمسية والكواكب والنجوم , حـتى مكونات الذرة , ومن الكائنات الحية الاحادية الخلية , وحتى الحيوانات العملاقة , والاشجار العظيمة ـ كافية لادراك حكمة الخالق ومؤسس هذا البنا البديع . ان جـميع الكتب التي كتبت حول العلوم الطبيعية , والفيزيا , والكيميا ,والتشريع , وعلم الحيوان , والنبات , وعلم الفلك والنجوم , هي في الاساس تشرح حكمة اللّه تعالى , وكما قال العلما ان جميع هذه العلوم هي في الواقع ورقة واحدة من كتاب اسرار عالم الوجود العظيم . وهذا بحد ذاته افضل دليل على حكمته سبحانه . وبتعبير آخر كما ان برهان النظم يثبت وجود اللّه سبحانه وتعالى , فهويثبت علمه وحكمته ايضا . والـجـدير بالذكر ان روايات كثيرة , ومن جملتها رواية ((توحيد المفضل ))المعروفة , تحتوي على اشارات قيمة كثيرة حول حكمة اللّه تعالى في خلق الانسان , والحيوان , والطيور , والاسماك , والسما , والشمس والقمر والنجوم ,والما والنار , والمعادن , والنباتات , والاشجار , وغيرها , وقد وضحت باجمعها ماقلناه اعلاه .