تحدثت الاية الثالثة عن اثر الارادة الالهية في مصير الاقوام , وانارت بصيص الامل في نفوس الامم الـمـظلومة , قال تعالى ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الا رض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ). ان التعبير بالفعل المضارع ((نريد)) الذي يدل على الاستمرار هو للدلالة على ديمومة وخلود هذه الـسـنـة الالـهـية المتمثلة بتسلط المستضعفين وسيطرتهم على زمام الامور في الارض واندحار الطواغيت المستكبرين . ولـكـن يـجب الالتفات الى ان الاية قد تحدثت عن ((المستضعفين )) لا((الضعفا)) , اي عن الذين يجاهدون ويقاتلون دوما, وقد استضعفوا من قبل اعدائهم لا عن الذين استسلموا للذلة والضعف . وبـضـم هـذه الايـة الـى الايـة الـخامسة بعد المائة من سورة الانبيا ( ان الارض يرثهـا عبـادي الصـالحون ) نستنتج بان المستضعفين هم اولئك الصالحون المؤمنون المجاهدون . ويـجب الالتفات الى ان كلمة (نمن ) مشتقة من اصل (من ) وهو في الاساس بمعنى الوزن الثقيل , ثم اطـلق على النعم ذات الاهمية , واستعمال هذاالتعبير بخصوص الباري عز وجل يدل على اعطائه عـز وجـل لـلـنـعـم الـثـقيلة العظيمة بدون عوض , اما عندما يستعمل بخصوص العباد فهو يعني التذكيربالنعم بقصد المن . وطبعا هنالك بحوث كثيرة حول هذه السنة الالهية , اي حكومة المستضعفين , وسنذكرها في محلها ان شـا اللّه تـعـالـى والجدير بالذكر هنا هو ان للايمان بارادة اللّه التكونية اثرا تربويا عميقا يلهم المؤمنين الصالحين القوة والامل والاقتدار , ويزيدهم في مواجهة الظالمين رسوخا وقوة .