لقد سلكت كل جماعة طريقا خاصا في بحث صفات اللّه الذي يعد من اعقد واصعب مباحث معرفة اللّه فوقعوا في ورطة الافراط والتفريط. فـالـبـعض قد توغلوا في دوامة التعطيل الى درجة انهم قالوا اننا لانفهم شيئا من صفات اللّه تعالى سـوى تـلـك الـمفاهيم السلبية , فمثلا عندما نقول بان اللّه عالم فاننا نفهم من ذلك نفي الجهل عنه , وعندما نقول بانه قادر فاننانفهم منه نزاهته عن العجز , اما ماهية علم اللّه وقدرته فاننا لانفهم عنها شيئا على الاطلاق وهذه العقيدة تدعى بعقيدة التعطيل (اي تعطيل معرفة الصفات ). ومن جهة اخرى فقد توغل آخرون في دوامة التشبيه لدرجة بحيث لم يكتفوا فقط بوصف اللّه تعالى بـصـفـات الـمـاهيات الممكنة فقط , بل جسموه وذكروا له يدا ورجلا ووجها وما شاكل ذلك فقد اوجـدوا فـي مـخـيـلـتـهـم الـهاكالانسان بالضبط بجميع صفاته الظاهرية والباطنية , الها يمكن رؤيـتـه ومـشاهدته , وله مكان محدود وتعترضه حالات مختلفة الشرك . ومـن اجـل ان نـعـلم الى اية درجة سقطت هذه الجماعة في هاوية الكفروالشرك , يكفي ان نسمع المقالة المعروفة للمحقق الدواني بخصوص المشبهة ,حيث قال اعتقد جماعة منهم بان للّه جسما حقا , وهؤلا بذاتهم ينقسمون الى عدة فئات , فئة تقول ان جسمه مركب من لحم ودم , وقالت فئة بانه ـ تعالى ـ نورلامع كسبيكة الفضة البيضا اشبار من اشباره وقـالت جماعة اخرى بانه يشبه الانسان , وهم ينقسمون الى عدة فئات , فئة اعتقدت بانه فتى في ريعان شبابه لم ينبت الشعر في وجهه بعد ,وشعر راسه مجعد قصير والفئة الاخرى اعتقدت بانه رجل كهل ذو لحية بيضاسودا وغيرها من قبيل هذه الخرافات ((8)) . ومـمـا يفهم من الايات القرآنية , فان كلا المعتقدين ـ التعطيل والتشبيه ـباطلان , لان القرآن دعا الـناس الى معرفة اللّه من جهة , وعرف ذاته وصفاته المقدسة في العديد من الايات الشريفة مما يدل على امكانية معرفة اللّه الاجمالية وبطلان معتقد التعطيل . ومـن جـهـة اخـرى فقد نزه القرآن الذات المقدسة من اي شبيه ومثل ونظيروكف , مما يدل على بطلان معتقد التشبيه ايضا. وعـلـيـه فـالـحـق هـو ذلك الطريق الدقيق الواقع بين هذين الاثنين والذي يقول بان معرفة اللّه الاجمالية ليست ممكنة فقط بل لازمة ايضا , اما معرفة اللّه التفصيلية , اي التوصل الى حقيقة وكنه الصفات والذات الالهية المقدسة ,الاحاطة العلمية بها , فهي غير ممكنة .