لقد اشرنا الى الجواب عن ذلك سابقا , ونذكره هنا بشي من التفصيل فنقول ان النقطة الاساسية في نزاهة الذات الالهية المقدسة عن المحدودية من جهة , ومحدودية عقولنا وعلومنا من جهة اخرى . فـاللّه عـز وجـل وجود لا نهاية له من جميع الجهات (كما اثبتنا ذلك في البحوث السابقة ) , فذاته كـصـفـاته غير محدودة وغير متناهية , ومن جهة اخرى فنحن محدودون , وجميع مايتعلق بنا من علمنا وقدرتنا وحياتنا والمكان والزمان الذي نعيش فيه , محدود ايضا. وعـلـى هـذا فـكيف يمكننا مع هذه المحدودية ان نحيط بذلك الوجوداللامحدود وصفاته ؟ وكيف يستطيع علمنا المحدود ان يخبر عن ذلك الوجوداللامحدود ؟. اجـل , انه بامكاننا في عالم الفكر والتفكر ان نلمح شبحا من بعيد , ونشيراجمالا الى ذاته وصفاته , امـا الوصول الى كنه ذاته وصفاته , اي الاحاطة التفصيلية به , فهي غير ممكنة بالنسبة لنا ـ هذا من ناحية . ومن ناحية اخرى فان الوجود اللامتناهي ليس له مثيل او نظير من كل ناحية , وفرد لا كفؤ له , فلو كـان لـه كـفـؤ او نظير لكان كلاهما محدودين (وردتفسير هذا المعنى بصورة كاملة في ابحاث التوحيد في المجلد الثالث من هذاالتفسير) ((9)) . فـكـيف يمكننا ان ندرك وجودا لانعرف له كفؤا ولانظيرا له ابدا ؟ , وكل مانراه من الممكنات هو غيره , وصفاته تتفاوت تماما عن صفات واجب الوجود((10)) . نحن لا نقول باننا نجهل اصل وجوده ـ سبحانه ـ ولانعرف شيئا عن علمه وقدرته وارادته وحياته , بـل نـقـول بـان لدينا معرفة اجمالية عن جميع هذه الامورولا يمكننا ان ندرك كنهها وعمقها بتاتا , وحارت عقول جميع عقلا وحكماـالعالم ـ دون استثنا ـ في هذا الطريق .