مـن الـنـعـم الالهية الاخرى فى الجنة الفرش والارائك المختلفة وهي في منتهى الروعة والجمال والجذابية . قـال تـعالى في الاية 54 الرحمن : (متكئين على فرش بطائنها من استبرق )ومن الطريف ان بطانة هـذه الفرش من افخر الاقمشة في الدنيا اما ظاهرها فهو من اللطافة والجمال والقيمة بحيث يعجز عـنها الوصف وعلى قول بعض المفسرين هي من الامور التي يقول القرآن بصددها (فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين ) السجدة ـ ولـقـد ورد حـديـث عن الرسول (9) قال : (ظواهرهانور يتلالا) ((199)) وفي الاية 16 من سورة الغاشية نجد تعبيرا آخر ضمن توصيف النعم المختلفة في الجنة (وزرابي مبثوثة ). ((زرابـي )) جـمـع (( زربية )) (على وزن شرقية ) وهي على قول بعض ارباب اللغة مشتقة في الاصل من الكلمة الفارسية ((زربفت )) وهو القماش الذي يستعمل في نسيجه الذهب بدلا من القطن والـصـوف وتاتي احيانا بمعنى القماش الغالي الثمن ((200)) (البسط الفاخرة ) , وقال بعض ارباب الـلـغة والمفسرين ان (زربي ) جمع ازربي بكسرالزا و (زربية ) في الاصل بمعنى انواع النباتات الـتـي اخـتلطت فيها الالوان الصفراوالحمرا الخضرا , ولهذا السبب يطلق على الفرش التي تحمل الوانا زاهية متنوعة , ((201)) وقد وصفت هذه الفرش بـ (مبثوثة ) , وهي (المبسوطة المنشورة اوالمفرقة في المجالس ). ونجد في نفس هذه السورة في الاية السابقة عبارة اخرى تصف الوسائدوتقول : (ونمارق مصفوفة ) ((نـمارق )) جمع (نمرقة ) (على وزن غلغلة ) ويقول (صحاح اللغة ) هي وسائد صغيرة يتكا عليها (وقد توضع اثنا الاستراحة والجلوس على الرجلين ويتكئ عليها). وفـي الايـة 76 سورة الرحمن نجد تعبيرا آخر فيما يتعلق بالفرش في الجنة قال تعالى : (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ). رفرف : على قول الراغب في المفردات الاوراق والمناشف ثم اطلق الاقمشة زاهية الالوان , وقال بـعـض ارباب اللغة ان الرفرف : بمعنى اطراف الخيمة التي تهتز بحركة الريح , ورفرفة : بسط جناحي الطائر ((202)) (تحريك الطائر جناحيه ). وقـيـل : ثـياب خضر تبسط على السرير , ويوجد هذا الاحتمال ايضا وهوالبساتين التي ترف من نـضـارتـها , لان رفرف تعني كسر الخبا ونحوه حيث تتحرك حين هبوب الريح ويقول ابو الفتوح الرازي في تفسير (الرفرف ) : المروج الخضر. اما ((عبقرى )) فهو مشتق من ((عبقر)) (على وزن جعفر) ويقول (صحاح اللغة ) و (المفردات ) مـوضـع كـانـت العرب تزعم انه كثير الجن ثم اطلق على كل مايتعجب من كماله وقوته وحذقه , ويطلق على كل شخص عالم ماهر عبقري وجمعه عباقرة ((203)) . عـلـى اية حال , انه يطلق على الاشخاص الذين ليس فوقهم شي وعلى الاشيا الفاخرة النفيسة وفي الاية هو وصف للاقمشة الفاخرة وقيل هو الديباج ,وقيل البسط. وقيل : (عبقر) اسم مدينة مشهورة بحياكة احسن انواع الاقمشة ((204)) . اما فيما يتعلق بالسرر التي يجلس عليها اصحاب الجنة وقد عبر بـ (السرر)جمع (سرير) كما في الاية (15 ـ16) سورة الواقعة فقال : (على سرر موضونة ـمتكئين عليها متقابلين ). ولـقـد تـكـرر هـذا التعبير في خمسة مواضع من القرآن الكريم , فقد وصف هذه السرر في الاية الـسـالـفـة بــ (مـوضونة ) وهي مشتقة من مادة ((وضن )) (على وزن وزن ) وفي الاصل بمعنى (النسج ) واطلاقه على نسج السرر استعارة يراد بها احكام نسجه . ومـن هـنا يمكن ان يكون هذا المعنى اشارة الى ان الاسرة منسوجة بنسج خاص من اللؤلؤ والياقوت والـجـواهـر او مـنـسـوجة من خيوط الذهب والفضة (اومنسوجة بقضبان الذهب مشبكة الدرر والـجواهر) او لانها مرتبة بترتيب خاص على اختلاف ارا المفسرين وقد وصفت في آيات اخرى بـ ((مصفوفة )) مثل (متكئين على سرر مصفوفة ) الطور ـ20 وقال في آيات اخرى ((مرفوعة )) (فـيـهـا سررمرفوعة ) الغاشية ـ13 فلقد اشارت الاية الاولى الى ترتيبها وتقاربها , والثانية الى علوهاوارتفاعه. ويشير ارتفاع سور اهل الجنة الى علو مكانتهم وطهارتهم وقربهم او انهم يشرفون من فوقها على مناظر الجنة المحيطة بهم من كل جانب . عـلـى ايـة حال ان هذه السرر تكون بهيئة مجاميع حتى يبلغ اصحابها انسهم وحسن عشرتهم وصفا بـاطنهم , كما جا ذلك في موضعين من القرآن حيث وردتعبير (على سرر متقابلين ) الحجر ـ47 , الصافات ـ44 اي (يستمتع بعضهم بالنظر الى وجوه بعض ولا يرى بعضهم قفا بعض ). والـجـديـر بالذكر هو ان (سرر) جمع ((سرير) من مادة (سرور) وكان الجلوس على الاسرة عـمـوما وعلى اسرة الجنة خصوصا من عوامل النشاط والارتياح والسرور , اضافة الى انها متعلقة بمجالس الانس والسرور. وفـي مواضع اخرى عبر القرآن الكريم بتعبير آخر (الارائك ) , وورد هذاالتعبير خمس مرات في القرآن فقال في موضع : (متكئين فيها على الارائك ) الكهف 31 ولقد ورد نفس هذا التعبير بشي مـن الاخـتـلاف في الاية 56 سورة يس (في ظلال على الارائك متكئون ) وورد نفس هذا التعبير ايـضـا فـي سورة الانسان الاية 13 , وقال تعالى في آيتين من سورة المطففين (23 , 35) :(على الارائك ينظرون ). ارائك : جـمـع اريـكـة , وعـلى قول الكثير من المفسرين (مثل صاحب مجمع البيان , والقرطبي , والـفـخـر الـرازي , وصاحب روح المعاني ) بمعنى الحجلة اذا كان فيها سرير , وفسرها البعض بالسرير الذي فيه مظلة , الاريكة السرير في الجملة وهي (البيت المزين للعروس ). ويقول الراغب في المفردات : ماخوذة من (اراك ) وهي اسم شجرة معروفة . ويـقول ابو الفتوح الرازي في ذيل الاية 13 سورة الانسان ان ((السرير)) و((الاريكة ))معنيان مختلفان اخدهما فيه مظلة والاخر بدونه. وتدل تعابير القرآن على هذا المعنى , لان الكلام عن السرر طرح في مواردمجالس انس اهل الجنة وهـم مـتـقـابلون ويتسامرون , في حين ان الارائك تختص بجلساتهم الخاصة اي عندما يختلون مع ازواجهم كما ورد ذلك في سورة يس الاية56 (هم وازواجهم في ظلال على الارائك متكئون ). ومـن هنا يمكن ان نستنتج : انه عندما يقول القرآن : (متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمـهـريـرا) الانـسـان ـ13 , فمن الممكن ان تكون الاية قداشارت الى هذا المعنى , وهو ان الشمس تشرق عليهم عندما يجلسون على هذه الاسرة الخاصة , ولو ان هناك تفسيرا آخر قد اشير اليه في حينه . ومـن الـطـريف انه وردت في القرآن خمس آيات حول الاسرة وخمس آيات حول الارائك , ولقد وردت اشارات متساوية عن الحياة العامة والخاصة لاهل الجنة . وهـنـاك كلام طويل حول اوصاف هذه الاسرة والارائك ورد في الاخباروالروايات اعرضنا عن ذكرها لاجل الاختصار.