الطيب من عباده و إمائه بأناتك ( 1 ) و صبرك و حلمك عنهم .
يا محمد من و فى بعهدك فهو من رفقائك في الجنان ، و من نكث فعلى نفسه ينكث و هو من قرناء إبليس اللعين في طبقات النيران .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : يا علي أنت مني بمنزلة السمع و البصر و الرأس من الجسد ، و الروح من البدن ، حببت إلي كالماء البارد إلى ذي الغلة الصادي (2 ) .
ثم قال له : يا أبا حسن تغش ببردتي ، فإذا أتاك الكافرون يخاطبونك ، فان الله يقرن بك توفيقه ، و به تجيبهم .
فلما جاء أبو جهل ، و القوم شاهرون سيوفهم ، قال لهم أبو جهل : لا تقعوا به و هو نائم لا يشعر ، و لكن ارموه بالاحجار لينتبه بها ، ثم اقتلوه ، فرموه بأحجار ثقال صائبة .
فكشف عن رأسه ، فقال : ماذا شأنكم ؟ و عرفوه ، فإذا هو علي عليه السلام .
فقال لهم أبو جهل : أما ترون محمدا كيف أبات هذا و نجا بنفسه لتشتغلوا به و ينجو محمد ، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد ، و إلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه بمنع عنه كما يزعم ؟ فقال علي عليه السلام : ألي ( 3 ) تقول هذا يا أبا جهل ؟ بل الله تعالى قد أعطاني من العقل ما لو قسم على جميع حمقاء الدنيا و مجانينها لصاروا به عقلاء ، و من القوة ما لو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء ، و من الشجاعة ما لو قسم على جميع جبناء الدنيا لصاروا [ به ] شجعانا ، و من الحلم ما لو قسم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء .
و لو لا أن رسول الله صلى الله عليه و آله أمرني أن لا أحدث حدثا حتى ألقاه لكان لي و لكم شأن ، و لا قتلنكم قتلا .
1 ) الاناة : الوقار و الحلم ، الانتظار و التمهل . 2 ) أى الشديد العطش ، و الغلة - بالضم - حرارة العطش . 3 ) " أنى " أ .