لانفسكم و أديانكم ( 1 ) و أموالكم ، باستشهاد الشهود العدول عليكم .
فكذلك قد احتاط على عباده و لهم (2 ) في استشهاد الشهود عليهم فلله عز و جل على كل عبد رقباء من خلقه ، و معقبات من بين يديه ، و من خلفه ، يحفظونه من أمر الله و يحفظون ( 3 ) عليه ما يكون منه : من أعماله ، و أقواله ، و ألفاظه ، و ألحاظه ، فالبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه ، و الليالي و الايام و الشهور شهود عليه أو له ، و ساير عباد الله المؤمنين شهود له أو عليه ، و حفظته الكاتبون أعماله شهود له أو عليه ، فكم يكون يوم القيامة من سعيد بشهادتها له ، و كم يكون يوم القيامة من شقي بشهادتها عليه .
إن الله عز و جل يبعث يوم القيامة عباده أجمعين و إماءه ، فيجمعهم في صعيد واحد فينفذهم ( 4 ) البصر ، و يسمعهم الداعي ، و يحشر الليالي و الايام ، و تستشهد البقاع و الشهور على أعمال العباد ، فمن عمل صالحا شهدت له جوارحه و بقاعه ، و شهوره ، و أعوامه
1 ) " ديونكم " ب ، ط . 2 ) كذا في الاصل ، و فى البحار : لكم . 3 ) " يحيطون " أ ، س . 4 ) قال الجزري في النهاية : 5 / 91 : و فى حديث ابن مسعود " انكم مجموعون في صعيد واحد ، ينفذكم البصر " يقال : نفذنى بصره ، إذا بلغني ، و جاوزنى ، و أنفذت القوم ، إذا خرقتهم ، و مشيت في وسطهم ، فان جزتهم حتى تخلفهم قلت : نفذتهم ، بلا ألف ، و قيل : يقال فيها بالالف . قيل : المراد به ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتى عليهم كلهم . و قيل : أراد ينفذهم بصر الناظر ، لاستواء الصعيد . قال أبو حاتم : أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة ، و انما هو بالمهملة : أى يبلغ أولهم و آخرهم . حتى يراهم كلهم و يستوعبهم ، من نفذ الشيء و أنفدته . و حمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن ، لان الله عز و جل يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده ، و يرون ما يصير اليه . و منه حديث أنس " جمعوا في صردح ينفذهم البصر ، و يسمعهم الصوت " .