تفسیر نور الثقلین

عبد علی بن جمعة العروسی حویزی؛ مصحح: الحاج السید ه‍اش‍م‌ ال‍رس‍ول‍ی‌ ال‍م‍ح‍لات‍ی‌

جلد 4 -صفحه : 635/ 152
نمايش فراداده

أعظم كانت المثوبة و الجزاء أجزل ، ألا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الاولين من لدن آدم إلى آخرين من هذا العالم بأحجار ما تضر و لا تنفع ، و لا تبصر و لا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما .

ثم جعله بأوعر ( 1 ) بقاع الارض حجرا و أقل نتائق الدنيا مدرا ( 2 ) و أضيق بطون الاودية معاشا ، و أغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة و رمال دمثة ( 3 ) و قرى منقطعة و اثر من مواضع قطر السماء داثر ( 4 ) ليس يزكو به خف و لا ظلف و لا حافر ( 5 ) ثم امر آدم و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم و غاية لملقى رحالهم تهوى اليه ثمار الافئدة من مفاوز قفار متصلة و جزائر بحار منقطعة و مهاوى فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا لله حوله و يرملوا على أقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا القنع و السرابيل وراء ظهورهم و حسورا بالشعور حلقا عن رؤوسهم ( 6 ) ابتلاءا عظيما و احتبارا كبيرا و امتحانا شديدا و تمحيصا بليغا و قنوتا

1 - وعر المكان : صلب .

2 - قال الجزري في حديث على ( عليه السلام ) في صفة مكة : و الكعبة أقل نتائق الدنيا مدرا ، النتائق جمع نتيقة ، فعيلة بمعنى مفعولة من النتق و هو ان تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمى به هذا هو الاصل و أراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها و شهرتها في موضعها .

( انتهى ) و قال الشارح المعتزلي : أصل هذه اللفظة من قولهم إمرأة منتاق اى كثيرة الحبل و الولادة ، و يقال : ضيعة منتاق اى كثيره الريع فجعل عليه السلام الضياع ذوات المدر التي تثار للحرث نتائق و قال ان مكة أقلها صلاحا المزرع لان أرضها حجرية .

3 - رما - دمثة : سهلة و كلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن ان ينبت

4 - الاثر : بقية رسم الشيء ، و الدثور : الدروس و هو أن تهب الرياح على المنزل فيغشى رسومه الرمل و يغطيه .

5 - الخف ههنا هو الابل و الحافر الخيل و الحمير ، و الظلف الشاة ( و لا يزكو بها ) اى لا تزيد اى ليس حولها مرعى ترعاه تلك فتسمن .

6 - قوله عليه السلام : ( يثنوا أعطافهم نحوه .

.

.

اه ) الثنى : العطف ، و عطفا الرجل : جابناه اى يقصدوه و يحجوه ، يقال : ثنا عطفه نحوه اى توجه اليه و المثابة : المرجع =