ثم قال الرشيد : بحق آبائك لما اختصرت كلمات جامعة ( 1 ) لما تجاريناه . فقال عليه السلام : نعم . و اتي بدواة و قرطاس فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم جميع أمور الاديان أربعة : أمر لا اختلاف فيه و هو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها ، و الاخبار المجمع عليها و هي الغاية المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة و هو إجماع الامة . و أمر يحتمل الشك و الانكار ، فسبيله استيضاح أهله ( 2 ) لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها ، و سنة مجمع عليها لا اختلاف فيها ، أو قياس تعرف العقول عدله و لا يسع خاصة الامة و عامتها الشك فيه و الانكار له ( 3 ) . و هذان الامران من أمر التوحيد فما دونه و أرش الخدش ( 4 ) فما فوقه . فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عليك صوابه ( 5 ) نفيته . فمن أورد واحدة من هذه الثلاث ( 6 ) فهي الحجة البالغة التي بينها الله في قوله لنبيه : " قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين ( 7 ) " يبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمه العالم بعلمه ، لان الله عدل لا يجور ، يحتج على خلقه
1 - اى اقسمك بحق آبائك أن تبين لنا كلمات جامعة في نهاية الاختصار لامورنا الجارية . و " لما " حرف استثناء و كما تدخل على الجملة الاسمية تدخل على الماضي لفظا لا معنى أيضا نحو أنشدك الله لما فعلت أى ما أسألك الا فعلت . 2 - في بعض النسخ [ استنصاح أهله ] . 3 - و رواه المفيد رحمه الله في الاختصاص و نقله المجلسي - قده - في البحار هكذا " فكتب بسم الله الرحمن الرحيم أمور الاديان أمران : أمر لا اختلاف فيه و هو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها و الاخبار المجتمع عليها ، المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة . و أمر يحتمل الشك و الانكار و سبيل استيضاح أهله الحجة عليه . فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه و آله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الاقرار و الديانة بها و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه و آله لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك هذان الامران . . الخ " 4 - في الاختصاص [ إلى أرش الخدش ] . 5 - في الاختصاص [ و ما غمض عنك ضوؤه ] . 6 - و الظاهر ان المراد بهذه الثلاث : الكتاب و السنة و القياس الذي تعرف العقول عدله . 7 - سورة الانعام آية 150 .