إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك ، و إن كرهته استبدلت به و لم تعذب خلق الله عز و جل و لا قوة إلا بالله و أما حق امك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، و اعطتك " أطعمتك خ ل " من ثمرة قلبها ما لا يعطى " لا يطعم " أحد أحدا ، و وقتك بجميع جوارحها ، و لم تبال أن تجوع و تطعمك و تعطش و تسقيك ، و تعرى و تكسوك و تضحى و تظلك ، و تهجر النوم لاجلك و وقتك الحر و البرد لتكون لها وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله و توفيقه .
و أما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن ، فمهما رايت من نفسك ما يعجبك فاعلم ان اباك أصل النعمة عليك فيه ، فأحمد الله و اشكره على قدر ذلك و لا قوة إلا بالله .
و اما حق ولدك فأن تعلم انه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره وإنك مسؤل عما وليته من حسن الادب و الدلالة على ربه عز و جل ، و المعونة على طاعته ، فاعمل في امره عمل من يعلم انه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الاسائة إليه .
و اما حق اخيك فان تعلم انه يدك و عزك و قوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، و لا عدة للظلم لخلق الله ، و لا تدع نصرته على عدوه و النصيحة له ، فان اطاع الله و إلا فليكن الله اكرم عليك منه ، و لا قوة إلا بالله .
و اما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم انه أنفق فيك ماله ، و اخرجك من ذل الرق و وحشته إلى عز الحرية و انسها فأطلقك من اسر الملكة ، و فك عنك قيد العبودية ، و اخرجك من السجن ، و ملكك نفسك ، و فرغك لعبادة ربك ، و تعلم انه أولى الخلق بك في حياتك و موتك ، و أن نصرته عليك واجبة بنفسك ، و ما احتاج اليه منك ، و لا قوة إلا بالله .
و اما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم ان الله عز و جل جعل عنقك له وسيلة إليه و حجابا لك من النار ، و ان ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافاة لما أنفقت من مالك .
و في الآجل الجنة .