ثالثا: وهو فصل قائم بذاته ومستقل عن باقي موضوعات الملحمة وضعه الشيخ الفرطوسي خصيصا لـتـفـسـيـر الـقـرآن الـكـريـم حيث بلغت الايات المفسرة في هذا الفصل مئة وثلاثا وستين آية شريفة ((513)) .
لـلـمـلـحـمة خصائص وقيم فنية كثيرة , اءشار الى جملة منها السيد محمد باقر الصدر حين قدم الـمـلـحمة قائلا: وجدت الملحمة فريدة في بابها ملات فراغا لم يكن قد ملئ حتى الان في تراثنا الـفـكـري والادبي وقد استطاع الاستاذالمبدع الذي وضع هذه الملحمة اءن يمزج فيها بين جلال الـعـقـيـدة وقـوة البرهان ونصاعة الاستدلال ونزاهة العرض ودقة التصوير من ناحية وبين قوة الابداع وزخم الشعور وروعة الشعر وجمال التصوير من ناحية اخرى ولئن كانت الملحمة تعبيرا عـن اءمـجـاد خـيـر اءمـة اخـرجـت لـلـناس ومفاهيمها العامة وتاريخها العظيم بكل ما يحمل من سـمـات الابداع والبطولة والايمان والتضحية والفداء فهي في نفس الوقت تعبير عن مدى القدرات الهائلة في لغة القرآن التي مكنتها من اءن تصور كل تلك الامجاد وكل ذلك التاريخ الحافل بشعر ملتزم بـكـل ما يفرضه الشعر من التزامات الوزن والقافية ولم يفقد بسبب ذلك روعة الشعر وجماله وهي بـالـتـالي تجسيد لالمعية هذا الشاعر الجليل الذي فجر تلك القدرات بما اءوتي من نبوغ في الشعر وتضلع في اللغة وعمق في الولاء وتفقه في الدين والتاريخ ((514)) .
وللتوسع في الموضوع وتفصيل الكلام في خصوصيات وقيم الملحمة لابد من الحديث عن الميزات الـتـي انـفـردت بهاالملحمة , والجوانب المتعددة التي يمكن من خلالها تقييم الملحمة ونقدها. ومن الخصائص البارزة التي نقف عندهافي هذا الفصل :
عـلـى الرغم من طول الملحمة التي جاوزت الاربعين اءلف بيت , وتعدد مواضيعها وتنوع مضامينها, فاننا نرى اءن الشاعر يلتزم فيها بحرا واحدا وهو الخفيف , وقافية واحدة وهي الهمزة المكسورة .
وقـد اءجـاد الـشاعر في اختياره هذا. فكما هو معروف فان بحر الخفيف ـ كما يتضح من تسميته ـ خفيف يتصف بالهدوء والرزانة , الرزانة الباعثة على الحركة والتواصل لا على السكون والانقطاع .
واءكـثـر مـا اسـتـعمل الخفيف عند القدامى في اءغراض قريبة من مواطن الاداء النفسي كالتاءمل والحكمة والرثاء, كما استعمل لابراز الحوار الداخلي ما بين الشاعر واءعماقه ... ((515)) .
واءمـا الـقـافـية وهي الهمزة المكسورة فانها من اءفضل القوافي التي يمكن استخدامها في القصائد الـمـطـولـة ذات النفس الملحمي المديد, لكثرة مفرداتها وتنوع اشتقاقاتها اللغوية . فلذا كان التنوع الـلـغـوي مشهودا وملحوظا في تمام اءبيات الملحمة . وكما مر سابقا فان الشاعر قد استخدم قافية واحـدة فـقـط لم يحد عنها طوال اءجزاء الملحمة الثمانية . ولعل ذلك يعود الى الاحكام الذي توخاه الـشاعر في نسيج قصيدته , والتناسب الحاصل عادة بين الموسيقى الداخلية والخارجية في مثل هذا النوع من القصائد الموحدة القافية .
وهـذا داءب شـعـراء الـنجف فانهم ينظرون الى وحدة القافية نظرة اعتزاز, ويعدونها اءصلا من اءصول الابداع في القصيدة , ومظهرا من مظاهر اكتمالها الفني , ولا يحيدون عن وحدة القافية رغبة في التخلص منها, بل اتباعا لنماذج من الشعر العربي وفنونه , كالموشح والمزدوجات ((516)) .
حرص الشاعر منذ بداية ملحمته وحتى نهايتها على اءن يدعم كلامه بالمصادر والمراجع المختلفة سواء مصادر اءهل السنة اءو المصادر الشيعية . وقلما نجد موضوعا اءو بحثا في الملحمة دون اسناد اءو توثيق . فلذا امتازت الملحمة بقيمة علمية بالاضافة الى قيمها الدينية والتاريخية والادبية .
وتـتـنوع المصادر بتنوع الموضوعات التي طرقها الشيخ الفرطوسي في موسوعته الشعرية . فقد شملت مصادر في القرآن وتفسيره , والحديث وروايته , وكذلك مصادر في الفقه والاصول , والفلسفة والكلام , والتاريخ والسيرة ,والعلوم والفنون , والشعر والادب , وموضوعات كثيرة اخرى .
ومن اءبرز كتب اءهل السنة التي اعتمد عليها الشاعر في ملحمته يمكن الاشارة الى المصادر التالية : فـي الـتـفـسير: تفسيرالكشاف للزمخشري , وتفسير الفخر الرازي , وتفسير الطبري , وتفسير البيضاوي . وفي التاريخ : تاريخ الطبري ,وتاريخ ابن كثير, وتاريخ الخلفاء للسيوطي . وفي الحديث : صحيح البخاري , وصحيح مسلم , وصحيح الترمذي ,ومسند ابن حنبل , والمستدرك للحاكم , والمعجم الـصـغير للطبراني , وكنز العمال للمتقي الهندي . وفي الرجال : تذكرة الحفاظ للذهبي , واءسد الغابة لابن الاثير, والطبقات الكبرى للشعراني . وفي الكلام : رسالة الاعتقاد لابي بكرالشيرازي , وشرح تجريد الاعتقاد للسيوطي .
اءما المصادر الشيعية فهي كثيرة , ففي التفسير: مجمع البيان للطبرسي , والبرهان في تفسير القرآن لـلسيد هاشم البحراني , والبيان للسيد الخوئي . وفي الحديث : الكافي للشيخ الكليني , والتهذيب للشيخ الـطـوسـي , ومـن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق , وبحار الانوار للعلامة المجلسي . وفي الكلام والاعـتـقـاد: الاحتجاج للطبرسي , واحقاق الحق للسيد نور اللّه المرعشي التستري , وحق اليقين للسيد عبداللّه شبر, وعقائد الامامية للسيد ابراهيم الزنجاني ,والمراجعات للسيد شرف الدين .
من جملة ما يلاحظ على معاني الشاعر في ملحمته اءنها معان واضحة ليس فيها تكلف ولا تصنع , ولا اغراق في الخيال ولا مبالغة في التعبير, ولعل ذلك يعود الى الهدف الذي ارتسمه الشاعر في ملحمته وهـو تـاءريخ حياة وفكراءهل البيت (ع ), والاحداث التي عاصروها لتكون وثيقة تاريخية قبل اءن تكون وثيقة شعرية خالصة اءو اءثرا اءدبيابحتا.
ومـن هـذا الـمنطلق حرص الشاعر على نقل الاحداث والوقائع نقلا اءمينا دون اءن يفرض ارادته الفنية وقبل اءن يستجيب لاحاسيسه وعواطفه . ومن اءجل ذلك كان شعره ـ عدا النزر القليل ـ وثيقة دقـيـقـة لمن اءراد اءن يعرف التاءريخ الاسلامي ويطلع على حياة اءهل البيت (ع ) وعلى اءفكارهم ومعارفهم القيمة .
ويواصل الشاعر تاءدية معانيه بهذه الصورة الواضحة ومن غير تمويه وطلاء. فهو يهدف الى سرد
الـحقائق سرداواقعيا وحسيا دون اعمال الخيال والعاطفة . وان شاب بعض اءشعاره خيال فامعانا في
الـوضـوح وزيادة في الجلاء.ومن هنا نرى الشاعر في كثير من المواضع يظهر ببزة مؤرخ يروي
الاحـداث والـوقائع كما جاءت في المصادرالمعنية لا كما يراها هو. فمثلا عندما يتناول غزوة من
غـزوات الـنبي (ص ) كغزوة بدر مثلا نراه يتابع اءحداثها, ويلقي الضوء على وقائعها بموضوعية
واءمانة تامة :
((517)) وهـكذا دواليك في سائر اءحداث الملحمة وباقي موضوعاتها المختلفة . فالسمة البارزة في اءشعار الملحمة وخاصة الاشعار التاريخية تكمن في وضوح المعاني وشفافية المضامين والموضوعات .
اتـجـه الشاعر في لغته التعبيرية واسلوبه البياني الى اختيار اءلفاظ سهلة ومفردات متداولة يسهل فـهـمها وتتبادر الى الذهن بيسر وسرعة . وقد سار الشاعر في هذا الاتجاه في جميع الموضوعات
الـتي تطرق اليها سواء الموضوعات المعقدة والصعبة اءو المسائل المبسطة واليسيرة . فنلحظ مثلا
عـنـدمـا يتطرق الشاعر الى موضوعات كلامية عويصة كالجبر والتفويض مثلا نجده ينهج المنهج
السابق ويتناول الموضوع بكل بساطة وسهولة . يقول في هذا الشاءن :
((518))
وعـلـى هـذه الـشاكلة يسير الشاعر في لغته الشعرية نحو الالفاظ القريبة الى الذهن والتي يكثر
استعمالها في لغة العرب .فهو حريص اءشد الحرص على اءن يكون بيانه اءسرع تناولا واءيسر فهما
لـلقارئ والمستمع . وبالرغم من ذلك فاننا نجدبعض الالفاظ الغريبة والمفردات النادرة التي تحتاج
الى الايضاح والتبيين من مثل شراسيف
((519)) في قوله يصف النملة :
((520))
و تطامن
((521)) و الطماح
((522)) في هذا البيت :
((523))
و الطبين
((524)) في البيت التالي :
((525))
و الصالقات
((526)) في قوله :
((527)) واسـتعمال مثل هذه المفردات في الملحمة نزر قليل , لا يعمد الناظم الى ذكرها وانما تاءتي عرضا فـي سـيـاق الـكـلام .ومع ذلك فان الشاعر لا يتركها من غير توضيح بل يبين معانيها ويشرحها في الهامش .
ثمة ميزة هامة تجلت في شعر الملحمة بوضوح وساعدت على اطالتها وازدياد اءبياتها, وهي تصوير الـشـاعـر الـدقـيـق الـحاصل من تعميق الفكرة وتوسيع المحتوى والمضمون للاحداث والوقائع التاريخية . وقد وفق الشاعر في هذاالشاءن اءيما توفيق , فقد استطاع اءن يتغلب على الاطالة المملة الـحـاصـلـة مـن التلاعب اللفظي الذي يكثر غالبا في مثل هذه المواضع , باختياره الالفاظ الرشيقة والعبارات الرقيقة التي تنم عن ذوق رفيع وحس مرهف ودقيق امتاز به الشاعر واءجاد استخدامه .
ولـتـبـيـيـن هـذه الفكرة نضرب مثلا قول الشاعر في دخول النبي (ص ) الى مدينة يثرب . فقد
استرسل في نقل هذاالحدث مصورا الفرح الذي غمر الناس , والبهجة التي عمت الطيور والمروج
والروابي احتفاء بمقدم النبي الكريم (ص ):
لم يعمد الشاعر الى وجوه التحسين اللفظي والمعنوي التي تاءتي غالبا لتزيين الكلام وتنميقه . فكما تبين سابقا ومن خلال القراءة الاولى للملحمة اءن الشاعر اءخذ على عاتقه رواية التاءريخ الاسلامي وتـسـجـيل اءحداثه ووقائعه . وفي مثل هذا الموضع لا مجال للمحسنات البديعية ما لم تاءت بصورة عفوية وتلقائية .
ومن هنا نجد في الملحمة بعض تلك المحسنات التي لم يتكلف الشاعر فرضها على نظمه , بل جاءت
مـواكبة لنظام القصيدة دون اءن تحدث خرقا في منهجيتها العامة . ومن هذه المحسنات يمكن الاشارة
الى (الجناس )
((529)) واءنواعه المختلفة كالجناس بين ناظرات بمعنى مبصرات و ناضرات
بمعنى ناعمات في البيت التالي :
((530))
والجناس بين غدير و غزير في هذا البيت :
((531))
ومن المحسنات اءيضا (الطباق )
((532)) . وقد استعمل كثيرا في الملحمة , كالطباق ما بين الليل
و النهار و الموت والحياة و النار و الجنان و عقابا و ثوابا في الابيات التالية :
((533))
ومن المحسنات البديعية (العكس )
((534)) كما يظهر من هذا البيت :
((535))
والى هذه المحسنات البديعية يمكن ضم بعض الاساليب الادبية التي طرقها الشاعر في مواضع عدة
مـن مـلحمته ,كاقتباسه شيئا من القرآن الكريم اءو الحديث النبوي الشريف اءو الكلام الماءثور عن
اءهل البيت (ع ). ومثال ذلك مااقتبسه الشاعر من القرآن الكريم في هذين البيتين :
((536)) وقـد اءراد فـي الـبـيـت الاول الايـة الـشـريـفـة : (انـا نـحـن نـحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم ) ((537)) . وفي البيت الثاني الاية الشريفة : (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ) ((538)) .
ومـن الاسـالـيب الادبية اءيضا تكرار كلمة اءو جملة في صدر اءو عجز عدة اءبيات متتالية . وهو اسلوب يتبعه الشعراءغالبا لجلب الانتباه حول موضوع معين يريد الشاعر التاءكيد عليه والسبر فيه .
كتكرار كلمة من في الابيات التالية :
مـن جـمـلـة الملاحم الشعرية التي حظت بشهرة واسعة في الاوساط الادبية ـ اضافة الى ملحمة الـشـيـخ الفرطوسي آملحمة الشاعر اللبناني بولس سلامة الموسومة بـعيد الغدير ((540)) .
وتـتـناول هذه الملحمة اءهم نواحي التاريخ الاسلامي من الجاهلية الى آخر دولة بني اءمية . ولهذه الملحمة نقاط اشتراك واختلاف مع ملحمة الشيخ الفرطوسي نذكرها للمناسبة .
مـن اءهـم الـمـشـتـركـات التي يمكن الاشارة اليها هنا هو موضوع الملحمتين . فقد تناول كل من الشاعرين بولس وعبدالمنعم التاريخ الاسلامي وما يدور في فلكه من شؤون واءحداث , كل بطريقته الشعرية الخاصة واسلوبه الادبي المتميز. ويبقى الفارق في اءمرين : الاول : الـتوسع الموضوعي الذي اتبعه الشيخ الفرطوسي في ملحمته حيث تناول موضوعات كثيرة مثل العقائدوالسيرة والتاريخ وتفسير القرآن لم يتطرق اليها الشاعر بولس سلامة وذلك لمقتضيات وضرورات منهاجه في ملحمته .
والثاني : هو تعميق الفكرة وتوسيعها من حيث المحتوى والمضمون وهو النهج الذي سار عليه الشيخ الفرطوسي في نظم ملحمته , بينما ذهب الشاعر بولس الى نبذ الاسهاب والتطويل متخذا من الايجاز والاختصار المفيد منهاجالملحمته .
ولـتـبـيـيـن هـذه الـفـكرة ناءخذ مثلا حديث الشاعرين عن اءبي طالب (ع ) عم الرسول (ص ).
فـالـفـرطوسي كداءبه في ملحمته يتجه نحو التوسيع فيبداء كلامه بالحديث عن نصرة اءبي طالب
للاسلام :
((541))
ثم يتناول ايمان اءبي طالب الذي كثر فيه الجدل والنقاش , فيرد على المشككين بالحج والبراهين :
((542))
ومـن ثم ينتقل الى ذكر قول النبي (ص ) واءقوال الائمة (ع ) في اءبي طالب . وقد تجاوزت اءبيات
الفرطوسي في هذاالموضوع المئة . بينما اكتفى الشاعر بولس بنظم سبعة وعشرين بيتا تناول فيها
نشاءة النبي (ص ) في ظل اءبي طالب وسفره مع عمه الى الشام :
((544))
وثـمـة نـقطة اشتراك اخرى بين الملحمتين من حيث الشكل والوزن . فكلا الشاعرين التزما بحر
الـخـفيف ولم يخرجاعنه , الا انهما افترقا من جهة القافية . فالفرطوسي التزم قافية واحدة في تمام
ملحمته وهي قافية الهمزة المكسورة ,بينما آثر الشاعر بولس تنوع القافية فبداء ملحمته بقافية الياء
المفتوحة :
((545))
ثم انتقل الى قافية الميم الساكنة :
((546))
ومن ثم الى الهمزة المكسورة :
((547)) وهـكذا دواليك حتى آخر الملحمة . ويعد هذا الفارق ـ وحدة القافية عند الفرطوسي وتنوعها عند بـولـس سـلامـة ـ من مميزات الشعر النجفي عن الشعر اللبناني . فقد سبقت الاشارة الى اءن شعراء الـنـجف يؤثرون وحدة القافية بغية استحكام القصيدة وانسجامها. بينما يتجه الشعراء اللبنانيون في الغالب الى تنوع القافية وتعددها.
ومـا بين الملحمتين نقطة اشتراك اخرى تستوقفنا وهي جمالية التعبير عند الفرطوسي وسلامة .
وقـبل الدخول في خصائص الجماليتين نضرب مثلا على ذلك لتتبين معالم الجماليتين اءكثر فاءكثر.
ناءخذ على سبيل المثال قول الفرطوسي في مولد الامام علي بن اءبي طالب (ع ):
((548)) فـفـي هذه الابيات الجميلة تتجلى بوضوح جمالية التعبير من خلال نصاعة البيان , وصدق العاطفة , وعـفـويـة الـشعوروالاحساس الى جانب تناسق النغم الشعري وتناسب موسيقاه . وهذه الخصائص تضفي على الشعر هالة من الحسن والبهاء يجد المتلقي فيها متعة ولذة كبيرة .
اما عن جمالية التعبير عند الشاعر بولس سلامة فلنسمعه يقول في مولد الامام (ع ):
((549)) فـالـجـمـالـيـة هـنا تبرز من خلال موضوعية الشاعر وبراعة تصويره , ووصفه الدقيق المزين بالتشبيهات الرقيقة والاستعارات الجميلة بالاضافة الى الايقاع الموسيقي المنسجم للابيات .
ومهما يكن من اءمر الخصائص فان جمالية التعبير تضفي على الملحمتين قيمة فنية اضافة الى قيمها الاخرى بحيث تجعلهما في عداد الاثار الادبية الراقية التي تستحق الدراسة والعناية الفائقة من قبل الباحثين والمعنيين بشؤون الادب العربي .
تبين من خلال البحث ان الشيخ الفرطوسي كان من اءبرز شعراء عصره في تناوله لـقـضايا المجتمع , ومستجدات الاحداث التي كانت تطراء على الساحة سواء المحلية اءو الاقليمية والـعـالـمية . وقد كان في جميع مواقفه واضح الرؤية , صريح الموقف , بعيدا كل البعد عن التعصب والعنصرية , متميزا في تعامله الصادق والمحايد مع الوقائع والاحداث .
وقد تنوعت نشاطات الشيخ في عدة محاور وعلى صعد مختلفة , منها الصعيد السياسي حيث تركزت مـسـاهـمـاته في محورين رئيسيين الاول محور النشاط الوطني حيث مواقف الشيخ المشهودة في مـسـانـدتـه للحركات الوطنية الداعية الى استقلال البلاد من الاحتلال البريطاني , وكذلك مواقفه الـمـناهضة لانظمة الحكم الاستبدادية , ومحاربته للحركات الهدامة والافكار المضللة . والمحور الثاني نشاطه السياسي العام الذي تناول فيه قضايا سياسية مختلفة من مثل القضية الفلسطينية والثورة الجزائرية ونحوها مـن القضايا السياسية الاخـرى .
وعـلـى الـصعيد الاجتماعي فقد تجلت مواقف الشيخ في مواضيع عدة , منها اصلاح النظم الزراعية واسـتـئصـال نـظـام الاقطاع الجائر, مكافحة الجهل والامية وحل مشكلة الدراسة والتعليم , تعليم المراءة وتثقيفها والحث على مشاركتهافي مجالات الحياة , توفير الخدمات الصحية والمطالبة بتعميم العلاج في كافة اءنحاء البلاد, وغير ذلك من شؤون المجتمع وشجونه .
اءما على الصعيد الثقافي فقد مارس الشيخ نشاطات عدة , منها دعوته الاصلاحية الى تطوير المناهج الـدراسـيـة والـتـجـديـد فـي النظم التعليمية , مشاركته الفاعلة والمستمرة في المحافل الادبية والـمـهرجانات الشعرية وخاصة بعدانضمامه الى جمعية الرابطة الادبية , تدريسه للعلوم الدينية والعربية في الحوزة العلمية , ونشاطه الواسع في حقل التاءليف والكتابة .
وخـلاصـة القول ان الشاعر استطاع بنتاجه الشعري الرائع الذي تميز بقوة البناء ومتانة الاسلوب وجـودة الـبـيـان ونصاعة التعبير اءن يحقق اءهدافه السامية ومراميه العليا المتمثلة باحياء التراث الاسلامي والحفاظ على القيم الاجتماعية الرفيعة .
اءخي السيد محمد جمال الدين الهاشمي
((550))
اءخي منعم السيد محمد جمال الدين الهاشمي ((553))
قفا واغمر الحفل آلاما واشجانا وخاطب المربع المهجور اءن به في ذمة الفن آيات يرددها كانت بها حفلات الروح عامرة من اءخرس الوتر المرنان فانبعثت اءين الاولى رفعوا للشعر اءخبية صانت به لغة القرآن رافعة واءرهفت قابليات جرت فشاءت كم في الغري رعاه اللّه محتفلا مدارس الوحي كم ربت عباقرة عجت بها حلبات الشعر باكية فان هوى علم للمجد ترفعه تكرم الشعر في تكريم رفعته حتى نما الوحي افنانا وذاق به اءواه صوح ذاك الحقل وانتثرت اخي منعم هاك الكاءس فاض بها وقد يسوؤك اءن اءغفى النديم ولم فقد تغير لون الحب واختلفت لم يبق للحب كن نستظل به مني السلام على عهد ومجتمع وللقلوب صفاء لا يكدره المجد ما شادت التقوى قواعده على الفقيد سقى الغفران تربته شيخ اءناف على السبعين ما انحرفت جارى الحوادث حتى فاتها فهوت لم يشك من نوب الدنيا ولو عثرت ان الرضا بقضاء اللّه منزلة يقضي النهار وذكر اللّه يعمره يهنيه عمر مضى والخير يصحبه كالفجر زال واءبقى اللطف يعرضه عمر كما شاءه الايمان ما تركت في ذمة الفضل والايمان سيرته صبرا ذويه على ما نابكم فبكم قد اءنزل الصبر قبل اليوم فرقانا
وثر على الوضع طوفانا وبركانا روحا تقمصها التاريخ جثمانا فم الزمان على الاجيال قرآنا بالسحر ما يهتز منها الدهر نشوانا منه الاغاريد اءعوالا وارنانا يرتاح في ظلها الوجدان جذلانا لها كيانا يهز الدهر عنوانا مواهبا خطت التاريخ ميدانا في ذمة الذوق نرعاه ويرعانا يعنو لها الفن اخلاصا وايمانا حينا وباسمة بالشدو اءحيانا شعرا يرفرف تاءبينا وتحنانا وترفع الشعر في ترفيعه شانا وادي الغري من الامتاع افنانا اءزهاره وذوى حسنا واحسانا قلبي كما تشتهي حبا ووجدانا يستقبل السمر السكران سكرانا قيثارة الروح اءوتارا والحانا فقد تبعثر اءكنانا واءوكانا عشنا به في ظلال الحب اخوانا تفاوت الجنس اقدارا واثمانا والنصر ما حازه الايمان اذعانا نثرت دمعي مقاطيعا واءوزانا اءيامه الغر عن نهج الهدى آنا ترجوه لو ترتجى الاحداث غفرانا بالبحر يوما لهاج البحر طوفانا يسمو لها من سما باللّه عرفانا وبالمناجاة يقضي الليل سهرانا والخلد سجله للمجد برهانا للذوق ما شاء اءوصافا واءلوانا به الحوادث اءو ضارا واءدرانا تبقى لترشد اءجيالا واءزمانا قد اءنزل الصبر قبل اليوم فرقانا قد اءنزل الصبر قبل اليوم فرقانا ((554)) يافارس الحمى الشيخ محمد حيدر يافارس الحمى ((555)) الشيخ محمد حيدر ((556))
ضارب العود اءنت في كل نفس قد تعاليت في طباعك حتى عبر قد عبرتها لاهثات نشوة العمر ـ والشباب طري ـ وتعرفت ـ والمعارف شتى ـ اءنت في مطلع السعادة نجم اءلف درس من الحوادث يتلى شعلة الفكر ما تزال تغذي تتحدى الابعاد ـ والنجم غاف ـ لست في ناظريك اءنت مدل لست يافارس الحمى ـ والكفاح ال (فسلاح الايمان اءمضى سلاح ) حلمك العبقري يمتار فينا شاعر اءنت اءي بستان حب بضعت قلبك التجارب حتى لا تقل ـ والضحى وليد اءماني (ان ليلي البهيم من غير نجم لك يافارس الحمى وثبات اءنت الف الضمير عن كل الف وكتاب الحياة اءنت معانيه اءنت بالفكر ـ لا بعينيك ـ فذ كم على الدرب عبقري طموح وعلى اءيكة الهوى كم تغنى ان تعريت من يراع وطرس مكتب النفس ما يضم فؤاد قيم الورد بالعطور ـ ومعنى اللفظ اءنا اءنكر الحقيقة فيما ان للعين في الحياة مجالا فهما ـ ان صدقت ـ نبعا شعور غير ان القضاء وهو حكيم لست في محنة الظلام وحيدا اءلف نفس لم تدر اءين هداها ضارب العود اءنت في كل دور القوافي اللطاف منبت طهر لحظة توقظ المشاعر فيها واعتداد في النفس اءبلغ زاد ان اءضلاع كوخك المتداعي خل عنك العتاب فهو شجون وقليل ما هم اءخلاء صدق وضحايا الوفاء ترمى بعشر زرعوا صبرهم وخاطوا ثيابا ياعريشا قد اعتصرنا زمانا تحت اءغصانه تفياء قلب لغة الروح كم تحدر عنها في سماء الخيال لحظة فكر وكما قلت ـ فالسعادة وهم ـ كيف ترجى سعادة لاناس واذا كنت في خصوبة ذهن واذا قلت في لسان القوافي فعلام البكاء والليل زاه ان قلبا يعيش غر المعاني عش مع الفجر في جناح الاماني واذا اظلم الفضاء بعين لك فالقلب مستهل بشمس
وتر غارق باءحلام عرس قيل بعض الطباع من غير جنس وتقحمت نارها في دمقس اءنت غنيتها بيات قدس (بالخليلين من يراع وطرس ) كيف تشقى وما اءغيم بنحس اءنت اءوجزت محتواها بدرس فحمة الليل بين يومي واءمسي بسناها في كل تيه ولبس انما اءنت بانطلاقة حس مر يضري تجول من غير ترس اءنت فيه على سلامة نفس عاطفات ما بين عود وكاءس ليس فيه لديك اءجمل غرس اءنهلت منه كل رطب ويبس ك ودنياك في مطالع انس : ونهاري المغيم من غير شمس ) وثبات ما بين عرب وفرس وطليق الشعور من غير حبس النشاوى واءنت اءبلغ درس تسبر الحادثات طردا لعكس يتحدى الدنا بقوة حدس عندليب باءلسن لك خرس لا عدمت الشعاع من ام راءس من علوم ـ لا ما يضم بطرس لا اللفظ ـ من بحوثي ودرسي تدعيه ان كنت اءعرف نفسي غير ما للسماع في كل جنس وجناحاه في مجالات حس عادل , منصف , بكل مجس يامدير الكؤوس من غير كاءس وعلى الافق اءلف شمس وشمس مرهف الحس حيث تغدو وتمسي لا اصيب الرجاء منها بياءس هي دنياك عند شيخ وقس في طريق الحياة للمتاءسي دونه القصر من حديد وكلس كل فرد منا مصاب بمس جبل الناس من صخور وجبس حين ترمى ان كنت ترمى بخمس من حنان وعاشرونا باءنس من عناقيده حميا التاءسي حائر ينشد الرجاء بهمس (كل معنى من العواطف سلس ) يبحث السر بين سعد ونحس طالعته العيون من غير لمس بين ناب من الشقاء وضرس (وجنان صلد القوى غير نكس ) (ان يومي بالاجر يفضل اءمسي ) وعلام الرثاء من غير تعس كيف تطوي علاه ظلمة رمس ومع الشهب بابتسامة عرس لك فالقلب مستهل بشمس لك فالقلب مستهل بشمس
البصر والبصيرة د.حازم سليمان الحلي
د.حازم سليمان الحلي د.حازم سليمان الحلي
صائغ اللفظ ان حبسك حبسي اءنت فينا فكر ينير الدياجي اءنت فينا شعر يفيض حماسا كنت في اءحلك الظروف جريئا ياسجينا في المحبسين وقاك اللّه ما عهدناك في الخطوب جزوعا فتفاءل ولا تقولن : (عندي وغريب منك التشاؤم حتى اءو لست الذي تسلحت بالايمان , اءين هذا من ذاك يامن تغنى فاجتماع الضدين ذاك محال اءفتنسى باءن دنياك كانت كن شكورا اذا اءصابك سعد ان ليل الاحزان يفضي لصبح ان هذا الذي تراه غريبا سلبتك الايام اءثمن شي ء كم بصير تراه اءعمى , واءعمى ربما عاش مبصر بشقاء اءو ما تسمع المنادي يناديك (اءنت بالفكر لا بعينيك فذ انما هذه الحياة استقامت اءنت من معدن ثمين كريم فعقيق هذا وذاك رخام كثر الزيف (والوفاء قليل في زمان خال من النبل جبس )
اءنت ما بيننا ولست بمنسي ويراع يجري على كل طرس هو خلو من كل عيب ولبس لم تكن خائفا ولست بنكس من كل ما يجر لياءس اءنت في الحادثات صاحب باءس اءلف باب قد دق بالشؤم جرسي ) لو تنقلت بين حزن وبؤس والصبر قلت درعي وترسي بالقوافي تزهو على كل غرس اءثبتته الاحداث من غير درس وستبقى ما بين سعد ونحس وصبورا اذا ابتليت بتعس وسفين الهموم لابد ترسي وجديدا من صابر متاءسي ثم اءبقت لديك اءرهف حس هو هادي سواه يضحي ويمسي ويبيت الاعمى براحة نفس بصوت شق الدجى لا بهمس تسبر الحادثات طردا لعكس ) لاناس لا يشترون بفلس وسواك الذي يباع ببخس ولجين هذا وذا محض كلس في زمان خال من النبل جبس ) في زمان خال من النبل جبس )