((345))
وبالفعل فقد اءخفقت الثورة وسقطت بانقلاب عسكري قاده عبدالسلام عارف في الثامن من شباط عام
1963م . الا ان الـوضـع لـم يـستقر والامن لم يستتب . فقد عمت الفوضى واستبد الظلم والارهاق
بالشعب . وهاهو الشاعر لا يزال يحمل في فمه اءشعار النهضة والثورة ضد سياسة الحكام الارهابية :
((346)) ز ـ مجابهة الحركات الهدامة والافكار المنحرفة : بـعـد انـهـيـار الـحكم الملكي في العراق وقيام ثورة 1958م , ظهرت موجة عارمة من التكتلات الـسـيـاسـيـة والتجمعات الطائفية ذات الافكار المنحرفة والمبادئ الفاسدة مثل الحزب الشيوعي واءحزاب مماثلة اخرى .
وقـد تـبـنت معظم هذه الاحزاب موقفا مشتركا ـ على الرغم من تفاوتها المبدئي والايديولوجي ـ يـقـضـي بـانـتزاع الهوية الدينية والاسلامية من الشعب وبث الطائفية والعداء المذهبي بين مختلف شرائحه وطبقاته .
وقـد وقف الشاعر وبنباهة وفطنة اءمام هذه التيارات المضللة وقاومها مقاومة شديدة بين اتجاهاتها
المنحرفة واءفكارها الفاسدة . وله في هذا الشاءن قصائد كثيرة , منها قصيدة الشعب حر التي نظمها
عام 1959م ابان تصاعدتلك الحركات :
ويـضـع الـشاعر اصبعه على مواضع الفتن التي كانت تثار من قبل تلك الحركات , ويحذر من تمزق
الشعب وتفرقه اذاما استمرت مثل هذه الاحزاب في العمل دون رادع ومانع :
وقـد داءب الـشيخ الشاعر لدى تحذيره من خطر هذه الحركات في توجيه خطابه الى قادة الامة ,
وحـثهم على التمسك بمبادئ الدين السديدة , والعمل بتعاليم الاسلام الرشيدة التي طالما تجسدت من
خلالها الوحدة والتزر بين كافة شرائح المجتمع :
انصرف الشيخ الفرطوسي في جانب كبير من شعره الى الشؤون الاجتماعية وذلك لارتباطه الوثيق واحتكاكه الدائم والمستمر بشرائح المجتمع المختلفة من قبيل اءصحاب الحرف والمهنيين , والعمال والفلاحين بالاضافة الى المثقفين والمفكرين والادباء والشعراء.
وقـد دفـع هـذا الارتـباط بالشاعر الى الخوض في ميادين الاجتماع من اءجل التعرف على مشاكل الـنـاس ومـعـالجة اءوضاع المجتمع الذي طالما استفحلت فيه المشاكل والمعضلات . وقد ساعدت الـظـروف الاجـتماعية العصيبة التي عصفت بالشاعر طوال حياته على تفهمه لهذا اللون من الشعر واقباله عليه في مناسبات مختلفة .
ولا غـرو فـان الشاعر الذي ذاق في بداية نشاءته اءنواع البؤس والشقاء وواكب الحرمان في شتى اءدوار حـياته لجديرباءن يكثر من الشعر الاجتماعي ويسهب في الحديث عن المسي والاتراح التي حفت باءبناء وطنه واءعاقت شعبه عن الرقي والتقدم .
وقـد حـاول الـشـاعر من خلال تناوله الموضوعات الاجتماعية البحث عن حلول اصلاحية تكفل لمواطنيه حياة طيبة لا يشوبها الفقر والحرمان ولا تجد الرذيلة والمفسدة اليها طريقا ومسلكا.
وتتلخص محاولات الشيخ الاصلاحية التي قام بها من خلال اءشعاره الاجتماعية في الموارد التالية :
قبيل الحكم الجمهوري وفي عهد الاحتلال البريطاني عاش الناس فقرا مدقعا وحياة شظف ونكد لم يـكـن الـفرد يجدلقمة الخبز التي تقيم اءوده وتحفظ رمقه . ولم يكن الفقر آنذاك قاصرا على طبقة دون اخرى بل كان شائعا بين اءوسع طبقات المجتمع بلا استثناء.
وقد تناول الشاعر في كثير من قصائده ماءساة الفقر وما كان يعانيه الشعب من بؤس وحرمان نتيجة
العوز وضيق اليد.ومن هذه القصائد قصيدة اليتيم التي صور فيها جانبا من حياة الفقر والشقاء التي
كان يعيشها الناس في تلك الاونة :
((349)) قد مات والده
فاظلم مكتئبا
اءفق الرجاء عليه مذخبا القمرالى اءن يقول :
((353)) والشاعر نفسه لم يكن بمناءى عن هذه الماءساة , فطالما مر بظروف قاسية يوم كان طالبا دينيا لا يصله من الحقوق الشرعية الا النزر القليل حيث لم يكن يكفيه لسد حاجاته وادارة شؤونه .
وقـد حـاول الشاعر مرارا معالجة هذه الظاهرة الخطيرة في قصائد عديدة من شعره , منها قصيدة
قـادة الـعلم التي اءرسلها صرخة مدوية يستنهض بها همم الولاة والقادة لدرء هذا الخطر المحدق
بحياة الناس وخاصة حياة طلاب العلم :
((354))
وكـان الـشـاعر في كثير من الاحيان يتوجه في محاولاته الاصلاحية لظاهرة الفقر, الى الاغنياء
والموسرين ليستدرعطفهم ويجلب اهتمامهم تجاه الفقراء والمعوزين , على اءمل اءن يحيا الناس حياة
يسيرة لا يشوبها الفقر والعوز:
((355)) وقـد هـالـت الـشـاعـر مـظـاهر الفساد والترف التي خلفتها الطبقية الظالمة نتيجة انعدام العدالة الاجـتـماعية , والفوضى الاقتصادية السائدة آنذاك . ففي الوقت الذي لم يكن عامة الشعب يجد قوت يـومـه كانت الاقلية من المتمولين والاقطاعيين تنعم في قصورها ومسارح لهوها غير آبهة بمعاناة البؤساء وشقاء المعوزين والفقراء.
وقـد عـز على الشاعر اءن يرى هذه الصور الاليمة والمناظر المريعة دون اءن يقف موقفا حاسما
يسدد من خلاله نقداته اللاذعة تجاه الوضع الاجتماعي المتاءزم , والتدهور الاقتصادي المتفاقم :
حـرص الـشـيـخ الفرطوسي على معالجة ظاهرة الامية التي كانت متفشية بين اءصناف مختلفة من الـمـجتمع من خلال دعوته الى بناء المدارس ونشر التعليم والنظر بعين الاعتبار الى تثقيف الناشئة
وصيانتهم من عدوى الجهل والامية :
((357))
وكـثيرا ما كان الشيخ يضيق ذرعا بالجهل المستشري بين عامة الناس , والخمول المطبق على اءبناء
مـجتمعه ممن كان ياءمل بهم رقي البلاد واعتلاء الوطن من خلال اكتسابهم العلوم والفنون , وسعيهم
وراء الثقافة والمعرفة :
((358)) ولـم يـكـن الـتعليم حينئذ بمستوى جيد ومناسب بحيث يعول عليه في تنشاءة الجيل وتربية النش ء.
فالمناهج التعليمية كانت سقيمة وغير صالحة , والمعلمون اءنفسهم كانوا بحاجة الى تعليم وتثقيف .
وقـد تناول الشاعر هذه المشكلة في مواضع مختلفة من شعره , منها قصيدة السعادة حيث اشار الى
هذا الموضوع قائلا:
((359))
ومن هنا تعين على الشاعر اءن يتوجه بخطابه الى رجال التعليم ليذكرهم بواجباتهم تجاه تعليم الجيل
وتثقيفه تثقيفاصحيحا وسليما يستطيع من خلاله بلوغ الكمال ونيل الرقي :
((360))
وثـمـة مـوضـوع هام وحساس في مجال التعليم تناوله الشاعر كثيرا في شعره وهو تعليم المراءة
وتـثـقيفها. فبالرغم من ردود الفعل المتباينة التي صدرت من قبل علماء الدين في النجف بشاءن تعليم
المراءة فان موقف الشيخ كان موقفاواضحا وصريحا في هذا الخصوص :
((361))
وقد تركزت دعوة الشيخ الى تعليم المراءة على اءساس العقيدة الاسلامية الاكيدة والتعاليم الدينية
الصريحة . ففي الوقت الذي حث الشيخ الناس على ارسال فتياتهم الى دور التعليم , دعا الى الفصل بين
الجنسين في المدارس احترازا من الفساد والانحطاط الخلقي الذي قد ينتجه الاختلاط:
لـم تكن الخدمات الصحية في عهد الاحتلال باءحسن حالا من التعليم . فقد كانت هي الاخرى تتخبط فـي جـهـالـة عـمـياء وتنوء تحت التخلف والانعدام . وقد شهد العراق في تلك الفترة شيوع الاوبئة والامـراض الـخطيرة بسبب انعدام الخدمات الصحية المناسبة وعدم توفر الاطباء المعالجين وقلة الادوية المكافحة للامراض .
ومـوضـوع الـصـحة من المواضيع الرئيسية التي تناولها الشاعر في شعره الاجتماعي لارتباطها
الـوثـيق بسلامة المجتمع وسلامة اءفراده . فكان يتاءثر تاءثرا شديدا لتدهور الوضع الصحي العام ,
ويتفجر اءسى واءلما حين يرى اءبناء وطنه يفقدون حياتهم نتيجة الجهل وانعدام العلاج الصحيح :
((365)) واءين مضت يد الاسعاف عنا
فقد غلب القنوط على الرجاء ((366)) ومـن اءجل سلامة الناس واستتباب الخدمات الصحيه في البلاد طالب الشاعر في مواضع كثيرة من شعره برفع مستوى الطب والعلاج في البلاد من خلال تاءسيس معاهد طبية حديثة , وبناء مستشفيات صالحة للعلاج تضمن حياة المريض وسلامته :
يا اسرة الطب الكريمة قدسي ان الطبيب من القداسة راهب الى اءن يقول : يمسي لها العلم الحديث قواما فتزيل هذا الفقر والاوهاما وتجاربا لتنور الافهاما وتجاربا لتنور الافهاما
فن الطبابة ترفعي اكراما متبتل يستعظم الاثاما انا نروم معاهدا طبية تثرى باءجهزة تشق حقائقا ونريد تثقيف الاساة معارفا وتجاربا لتنور الافهاما
لم تبن هذي المنشئات قواعدا لكنها بنيت لاهداف متى قد حققت اءضحت بها اءعلاما
حربية حتى تشاد ضخاما قد حققت اءضحت بها اءعلاما قد حققت اءضحت بها اءعلاما د ـ اصلاح النظام الزراعي :
عـانـى العراق في ظل الحكم الملكي مشكلة الاقطاع الزراعي التى تاءصلت في هذا البلد منذ غابر الازمـان . وقد تجرع الفلاح من غصص الاقطاع ما تجرع . فالارض التى يداءب في حرثها وزرعها وريها وحصادها يسلب نتاجها عنوة من قبل الجباة , فلا يصله منها الا النزر القليل .
وقـد اءشار الشيخ الفرطوسي الى نظام الاقطاع الجائر في قصائد عديدة , منها قصيدة ابن القرية التي خاطب فيهاالفلاح قائلا:
وافى الحصاد اليك فاعقد ماءتما قد كان عندك قبل يوم حصادها واءتتك تزدحم الجباة ولا اءرى الزرع والبقرات قوتك بعتها واءراك اجلد من صفاة بينهم واءرى سواك على الرخاء جزوعا
للحزن واندب قلبك المفجوعا اءمل ترجيه بها فاضيعا لك ما يسد عتوها المدفوعا اثر الشياه ولم تف المجموعا واءرى سواك على الرخاء جزوعا واءرى سواك على الرخاء جزوعا
ماذا بكوخك من حطام يرتجى فاخرج من الكوخ الحقير الى العرا فعسى يفي بقيا الضريبة منهما اءشبالك الغرثى بطونا روعوا ضجوا وقد فزعوا اليك من الطوى اءتراهم يتهافتون على النوى واذا هوت كسر الرغيف تدافعوا سود الجسوم عراتها فكاءنما نسجت لهم كف الهجير دروعا
من اءجله تتجشم التقريعا واخلع لديهم ثوبك المرقوعا ثمن يصون جبينك المصفوعا قلب العفرنى بالبكاء فريعا هل في عيابك ما يسد الجوعا شبه الفراش اذا اءحس سطوعا وتسابقوا طربا لها وولوعا نسجت لهم كف الهجير دروعا نسجت لهم كف الهجير دروعا ((370)) وقـد صـور الـشـاعـر في كثير من قصائده حال الفلاح وهو يرزح تحت وطاءة الاقطاعيين دون رحـمـة , فـي مـحـاولـة منه لاصلاح النظام الزراعي , وتحسين وضع الفلاح الذي طالما عانى من الاقطاع ونظامه التعسفي . ومن هذه القصائدقصيدة بنت الريف التي نظمها عام 1945م حيث صور فيها جانبا من معاناة الفلاح في الريف وهي صور منبثقة من واقع الحياة آنذاك :
وهناك شمر كادح عن ساعد يضرى على التعب الممض كاءنه ليث اءهيج وحقله كغريف
كحسامه ما ضي الغرار رهيف ليث اءهيج وحقله كغريف ليث اءهيج وحقله كغريف
ويخف بالعب ء الثقيل سنامه ويصارع الالام منه بمهجة فتكت بها الالام ذات قروف
متجلدا والعب ء غير خفيف فتكت بها الالام ذات قروف فتكت بها الالام ذات قروف
يروي الحقول بمقلة تسقى بها عن مدمع شبه العهاد وكوف
عن مدمع شبه العهاد وكوف عن مدمع شبه العهاد وكوف
وباءختها يرعى فراخا جوعا يتضورون ويكتفون قناعة ويعللون نفوسهم في بارق اءن سوف نشبع حين ينضج زرعنا وسنكتسي بنسيج هذا الصوف
جردا كاءنهم غصون خريف ان اطعموا في كسرة ورغيف من خلب شبه السراب خطوف وسنكتسي بنسيج هذا الصوف وسنكتسي بنسيج هذا الصوف 3 ـ الشعر الولائي :
يـشـكل شعر الولاء لاهل البيت (ع ) محورا هاما في الابداع الادبي للشيخ الفرطوسي . فقد عرف الشيخ بشاعر اءهل البيت لكثرة ما نظم في مناقبهم وسجاياهم الكريمة . ومرد هذا الحب والولاء انما يعود الى عمق تمسك الشاعربالدين الاسلامي القويم , وتفانيه في محبة اءهل البيت (ع ) باعتبار ذلك معلما من معالم التقرب الى اللّه تعالى , ومنجاة في يوم الحشر العظيم .
لـقـد كـان الـشـيخ الفرطوسي الانسان الذي عاش الاسلام , فاكتشف عظمة اءهل البيت من خلال الاسـلام وراءى مـن خـلال خـطهم الفكري والروحي والعملي .. غنى الفكر الاسلامي وروحيته ومـشاريع الاسلام للانسان والحياة .. فالتزم بهم خط ولاء ومحبة لا يقترب من الغلو, بل يتوازن في القاعدة الاسلامية المثلى , لما هو الحب للاشخاص على اءساس اءفكارهم واءعمالهم , لا على اءساس اءشخاصهم , والتزم بنهجهم لانه راءى فيه النهج الذي يستمد كل ملامح الفكر والشريعة والاسلوب من كتاب اللّه وسنة نبية من اءقرب طريق ((375)) .
ولـشـدة ولائه وفرط تعلقه بل البيت (ع ) داءب الشاعر في اءن يفتتح ديوانه بقصائد في مدح النبي (ص ) واءهـل بـيـته (ع ). وقد اتخذ من قصيدة الباب الذهبي التي مدح فيها الامام اءمير المؤمنين علي بن اءبي طالب (ع ) مطلعا لديوانه ,حيث قال في اءبياتها الاولى :
نشيدي واءنت له مطلع وقدرك اءرفع ان الثناء ومجدك جاوز اءفق الخلود فقصر عنه رفيف الطموح واءرجع بالياءس رواده واءنى يطاول نجم علي ومجد الامامة وتر يضم لمجد النبوة اذ يشفع
من الشمس يعنو له مطلع وان جل قدرا به يرفع سموا ونفسك لا تقنع وكادت قوادمه تنزع وفي مثل مجدك من يطمع ختام الخلود به يشرع لمجد النبوة اذ يشفع لمجد النبوة اذ يشفع ((376)) واءبـيات الاهداء التي قدم بها الشاعر ديوانه الى الامام اءمير المؤمنين علي (ع ) تفصح هي الاخرى عن مدى اهتمام الشيخ الفرطوسي بشعر الولاء لاهل البيت (ع ):
اءمير اللغى منك بدء البيان ومهد العدالة حيث الحقوق اله العواطف ان الشعور وبقيا فؤادي وبقيا الفؤاد شفعت بها اءدمعي والزفير فكانت نشيد الهنا والاسى وها اءنا اءرفع اءلواحها اليك ملونة من دمي
وفي غير نهجك لم يختم بغير قضائك لم تحتم تفجر بركانه من فمي جروح تشق من البلسم وما رف منها على مبسمي يوقع في العرس والماءتم اليك ملونة من دمي اليك ملونة من دمي ((377)) ولـم يـترك الشيخ الفرطوسي مناسبة لتكريم اءهل البيت (ع ) الا وشارك فيهامشاركة فعالة رغبة منه في احياء ذكرهم (ع ) والاشادة بفضلهم وعلمهم , والابانة عن مواقفهم الرسالية الخالدة .
ومـا يزال النجفيون يحفظون روائع الشيخ الولائية , ويرددونها في مختلف المناسبات الدينية . ومن اءشـهـر تـلك الروائع قصيدة مولد الانوار التي نظمها الفرطوسي عام 1963م , في ذكرى مولد الامام الحسين (ع ) حيث قال في مطلعها:
قرآن فضلك فيه يفتتح الفم وباءفق مهدك من جهادك اءشرقت اءنت الحسين ودون مجدك في العلا فلقد ولدت مطهرا في بردة ولقد قتلت بمصرع يسمو به والحق من عينيك ينبع نوره وضحى جبينك وهو فرقان الهدى الى اءن يقول : اءفق تموج بصفحتيه الانجم في القلب يطبعها الولاء فترسم في مهدها برؤى الامامة تحلم حر على شفتيك قبله الفم منها على عينيك ظل معتم شمما يثور وعزة تتقحم بالسهم في صفحات قلبك ترقم في نحرها الدامي يحز المخذم وعريش مهدك يوم خلقك ماءتم وعريش مهدك يوم خلقك ماءتم
حمدا وبالاخلاص ذكرك يختم للفتح آيات بوجهك ترسم مجد المسيح ودون امك مريم من طهر فاطمة تحاك وتلحم مجد الممات على الحياة ويعظم والصدق في شفتيك جمر مضرم بدم الشهادة والسعادة يوسم يا مولد الانوار مهدك للهدى مثلت شخصك صورة قدسية وجلوت طلعتها واءنت خواطر فتحرقت شفتاي وقدا من دم ولمحت في شفق الجبين غمامة ولمست من روح البطولة والابى وقراءت للفتح المبارك سورة فخضبت ناصيتي بمذبح جثة وعلمت انك هدي آل محمد وعريش مهدك يوم خلقك ماءتم ((378)) ومـن رائع شـعر الفرطوسي في اءهل البيت (ع ) قصيدة مولد الزكي التي نظمها في مولد الامام الحسن المجتبى (ع )وهي من اءجمل قصائده الولائية واءروعها ديباجة وبيانا. يقول في مطلعها:
سموت بفكري فالتقطت الدراريا وقطعت اءوتار الفؤاد نوابضا واءسرجت من روحي ذبال عواطف هنالك بعثرت الدراري فتارة وطورا اءزف العاطفات عرائسا ورحت لهاتيك الاغاريد من فمي اءوقعها لحنا من القلب خالصا واءنثرها في مولد السبط بهجة اءزف بها للمرتضى خالص الولا واءحمل للزهراء فيها التهانيا
ونسقتها في سلك شعري قوافيا ولطفتها حتى استحالت اءغانيا اءطلت على الدنيا شموعا زواهيا اءرصع ثغر الدهر فيها اءمانيا واءجعلها باسم الولاء نثاريا وقد عطرته من شذاها غواليا واسكبها خمرا من الحب صافيا لالي اءفراح تنير اللياليا واءحمل للزهراء فيها التهانيا واءحمل للزهراء فيها التهانيا ثم يحلق الشاعر في عالم خياله وسماء فكره ليواصل تسجيل عواطفه الجياشية , وتخليد اءحاسيسه الفياضة في هذه المناسبة العطرة :
تفتحت الاكمام عن كل مبسم واءشرقت الاضواء من كل بسمة ورفرفت الامال فوق خمائل واءسفرت الاستار عن كل جلوة وساد الهنا حتى اكتسى افق السما واءزهرت الدنيا بنور مبارك تلالا في بيت النبوة مشرقا امام الهدى من ذروة العرش نوره تنزل كالقرآن بالحق هاديا
يعطر بالانفاس حتى الاقاحيا تلاطف بالبشرى الضحى المتهاديا من النفس اءضحت للاماني مراعيا لبكر من الاشعار تسبي الغوانيا ووجه الثرى بردا من اللطف ضافيا اءطل عليها بالبشائر زاهيا من الحسن الزاكي ينير الدياجيا تنزل كالقرآن بالحق هاديا تنزل كالقرآن بالحق هاديا ((379)) ولم يكتف الشيخ الفرطوسي بالمدح وذكر المناقب فقط, بل كان يتحدى الجاحدين لفضل اءهل البيت (ع ) وينبري للرد عليهم بجلائل الادلة والبراهين . من ذلك قصيدته علي والامامة التي نظمها عام 1937م , وفيها رد على المعاندين الذين اءنكروا امامة الامام علي (ع ) :
قل للمعاند قد ضللت جهالة اءعماك غيك اءن ترى نور الهدى اءمن العدالة اءن يؤخر سابق هذي فضائله وذي آثاره فتصفح التاءريخ فهي بوجهه ينبئك من واسى النبي محمدا وفداه عند مبيته بفراشه ومن الذي اءردى الوليد وشيبة وبيوم احد من طغت عزماته من فرق الاحزاب حين تجمعت ورمى على وجه الثرى اءصنامها وبكفه حصن اليهود قد اغتدى ومن الذي ردت له شمس الضحى وفضائل ليست تعد و(هل اءتى ) عميت عيون لاترى شمس الضحى عند استقامة كل ظل مائل
سفها لعقلك من عنود جاهل فتسير في نهج البصير العاقل ويقدم المفضول دون الفاضل سطعت بفاق الهدى كمشاعل غرر صباح نظمت كسلاسل بمواقف مشهودة وغوائل في نفسه فوقاه شر الباطل في يوم بدر بالحمام العاجل فرست جبالا في الزحام الهائل فرقا وما في القوم غير الناكل لما رقى من فوق اءشرف كاهل متلاطما كالموج فوق الساحل لما اشار لها ارجعي في (بابل ) و(النجم ) و(النباء العظيم ) دلائلي عند استقامة كل ظل مائل عند استقامة كل ظل مائل ((380)) وقـد اشتهر الشيخ الفرطوسي ـ بالاضافة الى مديحه الولائي ـ برثاء اءهل البيت (ع ) وخاصة رثاء الامـام الحسين (ع )ومن استشهد معه في وقعة الطف بكربلاء. ولشعر الفرطوسي في هذا الحدث الاليم وقع مميز وجاذبية خاصة اءقبل عليه خطباء المنابر الحسينية يرددونه في مجالسهم لما فيه من تاءثير شديد ووقع عظيم في قلوب الناس والمستمعين :
اءفدي حسينا حين خف مودعا وافى الى توديعه وفؤاده وغدا يبث له زفير شجونه يا جد حسبي ما اءكابد من عنا فاءجابه صبرا بني على الاذى ولقد حباك اللّه اءمرا لم يكن وكاءنني بك يا بني بكربلا ولقد رآه بمشهد من زينب ملقى برمضاء الهجير على الثرى في مصرع سفكت عليه دماؤه اءفدي بنفسي منه ذاك المصرعا
قبرا به ثقل النبوة اءودعا بمدى الفراق يكاد اءن يتقطعا بشكاته والطرف يذري الادمعا في هذه الدنيا يقض المضجعا حتى تنال بذا المقام الارفعا بسوى الشهادة ظهره لك طيعا تمسي ذبيحا بالسيوف مبضعا هو والوصي واءمه الزهرا معا تطاء السنابك صدره والاضلعا اءفدي بنفسي منه ذاك المصرعا اءفدي بنفسي منه ذاك المصرعا ((381)) وهـكـذا يـسـيـر الشاعر في اشعاره الولائية بروح مفعمة بحب اءهل البيت (ع ) مشيرا بفضائلهم الـكـريـمـة , وتـضحياتهم الجسيمة من اءجل اعلاء الاسلام والدفاع عنه والذود عن قيمه العالية وتعاليمه العظيمة .
الاغراض الشعرية عند الفرطوسي
1 ـ شعر المديح :
لـم يـعـد المديح في عصر الشيخ الفرطوسي اءداة فخر وتفاضل , اءو وسيلة كسب ومنالة كما كان سـائدا فـي العصورة السابقة . فقد طراءت عليه تغييرات حديثة ـ كما هو الحال في سائر اءغراض الشعر ـ اءخرجته من ماضيه المقيدوالمحدود الى حاضره الفاعل والمتجدد.
فشعر المديح الذي كان يعج سابقا بالصفات الشخصية الزائفة والالفاظ المتملقة الكاذبة اءصبح اليوم مـتـحليا بصدق الشعور والعاطفة , قريبا الى سمع المتلقي , بعيدا عن الغلو والمبالغة , حافلا بمواهب الممدوح الكريمة ذات الصلة بماضي الامة المجيد, وتاريخها المشرق والعريق .
ومـن هـنا اءصبح للمديح قيما موضوعية جديدة , اضافة الى قيمه الفنية الموروثة , من خلال تناوله شؤونا انسانية رفيعة , وموضوعات اجتماعية هامة تتصل بواقع الانسان وبتراثه الحضاري الاصيل .
وقـد داءب الـشيخ الفرطوسي في ادخال العناصر الحضارية في شعر المديح رغبة منه في توظيف هذا اللون من الشعرلصالح الوضع العام والواقع المعاش . فهو يدخل في مديحه مواضيع اساسية ترتب ط بواقع الامة الحالي ليجعل منه ضربا من الشعر الملتزم الذي يتوخى منه هدفا واضحا ومعينا.
فـها هو يشيد بالمشاعر القومية والاحاسيس الوطنية لدى ترحيبه بالدكتور زكي مبارك الذي زار الـنـجف عام1937 م , في الوقت الذي اءمست الامة بحاجة ماسة الى رص الصفوف ولم الشمل تجاه غزو المعتدين واءطماع المستعمرين والمحتلين :
يا نجل مصر ومن في كل مفخرة هذا العراق الى مصر تحيته فقل لمصر بما يطوي العراق ثقي ما فرقت بيننا للاجنبي يد اني ليحزنني والحر يحزنه كل البلاد بها ساد الوئام سوى اءخذت عليها سياسات منوعة وعاقها عن مناها اءنها منعت يا اءمة العرب هبي للوفاق معي لتصلحي كل امر منك منشعب قولي معي بفم الاخلاص هاتفة بوحدة الصف تحيا اءمة العرب
اليه تنسب كاءس السبق والغلب تزف محفوفة بالشوق والعتب من صبوة بسوى الاخلاص لم تثب لو كان قد جمعتنا وحدة العرب اءن العروبة ما لاقت سوى النصب جزيرة العرب لم تهداء بلا شغب قد جرعتها كؤوس الضيم والعطب اءن تقتفي اءي مجرى سائغ عذب واستقبلي زمر الامال والارب بالاتفاق بلا جهد ولا تعب بوحدة الصف تحيا اءمة العرب بوحدة الصف تحيا اءمة العرب ((382)) وكثيرا ما تتجلى الصور الحضارية والرسوم التراثية في مدائح الفرطوسي , وخاصة المدائح العامة الـتـي لا تقتصر على شخص معين . فنلاحظ ذلك مثلا في قصيدة الشاعر التي نظمها تكريما للوفد العلمي المصري الذي زار النجف في21 /2/1943م , حيث قال في مطلعها:
اءقصر يراعي لست بالخل الوفي وجفوت حدك ان نبوت فلم تجد هذا ربيع الفضل قد اءهدى الى فانشق عبير الفضل منها واقتطف وانشر لواء الفضل خفاقا على الى اءن يقول مخاطبا الوفد: اءضحت بها زمر العواطف تحتفي ما فيه من اءثر يروق المقتفي قام (الخورنق ) كاليفاع المشرف بمثر بسوى العلى لم توصف لسوى الفخار عيونها لم تطرف تختال بين محلق ومرفرف منها ومن وادي الغري الاشرف قبسا يضي ء شعاعه للمسدف موسى الكليم هوى لهول الموقف منه ومن عرفانه المستطرف منه ومن عرفانه المستطرف
ان لم تعبر عن هواي بما يفي تكريم من وافى وانت به حفي واديك من نفحاته ما يصطفي منه ثمار العلم حتى تكتفي هذي النفوس وبالحياة لها اهتف يا سادة غمروا النفوس بروعة طوفوا على (وادي الحمى ) وتصفحوا فبهذه الربوات اءو اءخواتها وهنا (المناذرة ) المخلد ذكرهم عقدوا بنود النصر فوق اءجادل فغدت بهم دنيا المفاخر والعلى هذي بقايا مجدكم فتزودوا ومتى نفوسكم به قد آنست فقعوا هنالك خاشعين فقبلكم فهنا الامام المرتضى فتزودوا منه ومن عرفانه المستطرف ((383)) ومـن قـصـائد الـشـاعر التي سلك فيها المسلك ذاته قصيدة وفد المعارف التي اءلقاها في جمعية الـرابـطـة الادبية في النجف احتفاء بوفد المعارف المؤلف من الاستاذ جوهر ورفقائه من الاساتذة المصريين وذلك عام 1943م :