وإنّما قلنا إنّ التكليف باقٍ على الاَولياء لاَجل النصرة والدفاع والمعونة .
والجواب الآخر : إنَّ التكليف وإن كان ثابتاً عليهم ، فيجوز أنهم لايختارون التوبة ، لاَنا قد بيّنا أنّ الرجعة غير ملجئةٍ إلى قول القبيح وفعل الواجب وإنّ الدواعي متردّدة ، ويكون وجه القطع على أنهم لا يختارون ذلك ممّا علمنا وقطعنا عليه من أنهم مخلدون لا محالة في النار (1)، قال تعالى : ( وعَدَ اللهُ المنافِقِينَ والمنُافِقاتِ والكُفارِ نَارَ جَهَنَمَ ) (2)، وقال تعالى : ( وَليستِ التَوبةُ للَّذينَ يَعملُونَ السَيئاتِ حتى إذا حَضَرَ أحدَهُمُ المَوتُ قالَ إني تُبتُ الآنَ ولا الَّذينَ يموتُونَ وهُم كُفارٌ ) (3).
قال أبو القاسم البلخي : لا تجوز الرجعة مع الاِعلام بها ، لاَنَّ فيها إغراء بالمعاصي من جهة الاتكال على التوبة في الكرة الثانية .
الجواب : إنَّ من يقول بالرجعة لا يذهب إلى أنّ الناس كلهم يرجعون ، فيصير إغراء بأنّ يقع الاتكال على التوبة فيها ، بل لا أحد من المكلفين إلاّ ويجوز أن لا يرجع ، وذلك يكفي في باب الزجر (4).
كيف يعود كفار الملة بعد الموت إلى طغيانهم ، وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ ، وتيقنوا بذلك أنهم مبطلون .
قال الشيخ المفيد قدس سره : ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في البرزخ ما يحلَّ بهم من العذاب ويعلمونه ضرورة بعد المدافعة لهم
____________
(1) رسائل الشريف المرتضى 3 : 137 الدمشقيات . (2) سورة التوبة 9 : 68 . (3) سورة النساء 4 : 18 . (4) مجمع البيان ، للطبرسي 1 : 242 .